انطلاقا من الادراك بان الإصلاح الدستوري هو عملية أساسية في الفترة الانتقالية، حيث يكون التأطير الفعلي للدولة خلالها في طور التشكيل، شكلت مبادرة الاصلاح العربي مصدرا للمعلومات حول الفقرات الدستورية المتعلقة بالمسائل الحساسة كالدور الاجتماعي للدولة، دور الجيش، وإدارة التنوع. من خلال المشروع الذي جرى العمل عليه بين اعوام 2012- 2014، عقدت المبادرة مناقشات بين محامين ودستوريين وعلماء اجتماع واقتصاديين وعلماء سياسة وخبراء في حل النزاعات وكذلك مع خبراء في القانون الدستوري المقارن، بهدف مناقشة الإصلاح الدستوري وطرائقه. وكان هدف البرنامج ليس فقط الترويج لمبدأ الدسترة، إنما أيضاً العملية الديناميكية التي تتطلب ان تبقى مستمرة بعد تطبيق الدستور للمساعدة للربط بين النص والممارسة اليومية لعملية المواطنة.
ركَز المشروع على مسار كتابة الدستور في تونس ومصر في ظل التحولات فيهما، وتولى القيام ببحث وتحليل مقارن في عملية صنع الدستور في دول عربية (تونس، مصر، المغرب وسوريا)، وفي دول أخرى (الهند، البرتغال واسبانيا). ومن خلال المشروع، قامت المبادرة بمراقبة وتوثيق وإدارة سلسلة من المقابلات حول العملية الدستورية في مصر خلال المرحلة الأولى من العملية الانتقالية بحيث غطت تجربتين فاشلتين جرتا بعد سقوط نظام مبارك وكذلك المرحلة المبكرة من المحاولة الثالثة في 2014، مشيرة إلى تكرار نفس الأخطاء في العملية نفسها. وبالمثل، وفيما يتعلق بتونس، قامت المبادرة بالاتصال مباشرة مع الشخصيات الرئيسية التي كانت تقود العملية الدستورية.
بالإضافة إلى ذلك، وبهدف استكشاف مختلف المسارات الدستورية التي نحتها مصر وتونس منذ ثورات الربيع العربي الأولى في كانون أول/ ديسمبر 2010 وكانون الثاني/يناير 2011، نظمت المبادرة في تونس في أيار/ مايو2014 طاولة مستديرة لمناقشة السياسات على مستوى المنطقة تحت عنوان "التجربة الدستورية في مصر وتونس". وركزت المناقشات على ثلاث نقاط: عمليات كتابة الدستور، دور مختلف اللاعبين من داخل وخارج المجالس الدستورية، ومزايا الدساتير الجديدة. وكان من بين المشاركين باحثون، فاعلون سياسيون، وناشطون من المجتمع المدني من مصر وتونس – بما فيهم اعضاء من المجلس التأسيسي التونسي – وكذلك من لبنان وسوريا وليبيا.
في ختام المشروع، اصدرت المبادرة كتابا الكترونيا بالإنكليزية وبالعربية بعنوان الإصلاح الدستوري في المرحلة الانتقالية. يبرز الكتاب عشرة مقالات تعالج تحديات الإصلاح الدستوري أثناء مرحلة الانتقال السياسي. ويتضمن تحليلا ثاقبا للعمليات الانتقالية في الدول العربية وغير العربية، وتعالج المقالات كلا من العملية التحويلية للدستور الذي يجري اعداده والصعوبات عند تصميمه: كيف يمكن للدستور وعملية تطويره ان يؤثرا على الجهود الرامية إلى توفيق مصالح مجموعات مختلفة في دول متباينة؟ كيف يجب ان تكون المحاولة لتغير دستور ما؟ إلى اي مدى يجب ان تكون شاملة عند التصدي لمسائل اقتصادية واجتماعية؟ هل بامكان دستور ما ان يحل مسائل العلاقات العسكرية-المدنية؟
أعقب عرض الكتاب نقاش في المجلس التأسيسي التونسي في شهر حزيران / يونيو 2014 بحضور أعضاء منه وكذلك ناشطين من المجتمع المدني ممن شاركوا في العملية الدستورية التونسية.
وأدارت المشروع بسمة قضماني، المديرة التنفيذية.