دستور لا يؤسس للمساءلة والرقابة

شاع منذ اعلان لجنة الخمسين لمشروع الدستور الجديد نبرة احتفالية وواثقة عن االإنجاز الذي قامت به من حيث ترسيخ الديموقراطية وحمايه سيادة الدولة المصرية. ونظرا للسياق شديد التعقيد الذي عملت لجنة الخمسين في إطاره، انصب النقاش على مشروع الدستور كأساس ضروري لإطلاق مرحلة إنتقال ديموقراطي أكثر قدرة على احترام التعددية ودولة القانون, وتم إغفال مناقشة المواد المكونة للدستور الجديد لصالح الاستقطاب الكلي إما معه وإما ضده والتعبئة لصالح التصويت بنعم حماية للوطن ودعما للاستقرار.

وإزاء الغياب النسبي لنقاش دستوري متعقل، حاول باحثان هنا التركيز على نقطة مشتركه لتقييم النص المعروض وأختارا زاوية " آليات المساءلة" كمعيار مشترك لقياس الى أي حد يسمح  مشروع الدستور بتمكين الإرادة الشعبية من رقابة ومساءلة ومحاسبة أجهزة الدولة المختلفة سواء عبر الممثلين التشريعيين المنتخبين أو مبدأ الرقابة المتبادلة بين مؤسسات الدولة و عبر الحشد الشعبي في الميادين. فجاء المقال الأول ليغطي النقاط المفتقدة في النص المطروح للإستفتاء فيما يتعلق بالقدرة على مساءلة ورقابة مؤسستي القوات المسلحة والشرطة المصرية وأهتم المقال الثاني بمناقشة الآثار المترتبة على تبني مشروع الدستور مفهوم "إستقلال القضاء" عوضا عن الاهتمام بحيدته وشفافية تعييناته و معايير فعاليته كنظام مؤسسي مسؤول عن إقرار وتنفيذ العدل لكافة المواطنين.

هنا،‫ تهتم مبادرة الإصلاح العربي بطرح سؤال محوري غاب عن معظم السجالات المتعلقة بالدستور الجديد و هو إلى أي حد يمكن ان يؤسس النص الدستوري لمسار ديموقراطي يصون حق المواطنين وممثليهم ومنظماتهم المدنية في المساءلة و المراقبة  وعبر اي نوع من الآليات؟‬

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.