مسارات التصعيد لحرب أبريل وديناميات الاقتصاد السياسي في السودان

في دولة السودان الواقعة في شرق إفريقيا، تستمر الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع (HDK) منذ 15 أبريل 2023، في مناطق مختلفة من البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم. وقد قامت وكالة الأناضول (AA) بتوثيق الاشتباكات في العاصمة الخرطوم وخطوط الجبهة. ونتيجة للاشتباكات، تصاعدت الدخان في بعض الأماكن. (c) عثمان باكير - الأناضول

الملخص التنفيذي

تتناول هذه الورقة تحليل العمليات التصعيدية التي قادت إلى اندلاع حرب نيسان/أبريل 2023 في السودان، بالاستناد إلى إطار نظرية "عمليات التصعيد" لولفرام لاتشر. تركز الورقة على تتبع المسارات التصعيدية التي سبقت الحرب، مع تحليل التداخل المعقد بين العوامل الهيكلية والسياسية والاقتصادية، وتأثير الاقتصاد السياسي على ديناميات الصراع وتصعيده إلى مرحلة الحرب الشاملة.

تُبرز الورقة القيمة التحليلية في توثيق وفهم التسلسل الزمني للأحداث والقرارات السياسية والأمنية التي شكلت مسارات التصعيد، وتظهر كيف أن الانتقال من النزاع السياسي إلى الحرب المسلحة لم يكن نتيجة حدث مفاجئ، بل تتويج لسلسلة من العمليات التصعيدية المتتابعة. كما تُبرز مفهوم "اعتماد المسار" (path dependence)، إذ إن القرارات المتخذة في وقت مبكر من الصراع، أسهمت في تكوين سلسلة من الأحداث التصعيدية التي أصبح من الصعب عكسها، حتى وإن تغيرت الأهداف الأصلية للصراع. تتناول الورقة الكيفية التي قادت عبرها التفاعلات بين قيادة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى زيادة حدة التوتر، بدءًا من محاولات المناورة السياسية والاستقطاب، وصولًا إلى استخدام العنف كأداة لتحقيق الأهداف السياسية.

تُقدم الورقة إضافة مهمة عبر الربط بين نظرية التصعيد التدريجي لولفرام لاتشر وبين العوامل المركبة التي ساهمت في دعم هذا المسار التصعيدي. يكشف التحليل أن الاقتصاد السياسي للحرب لم يكن فقط عاملاً مساعدًا في استمرار الصراع، بل كان أيضًا جزءًا من دوافع التصعيد. فقد أسهمت السيطرة على الموارد الاقتصادية في تشكيل قرارات الأطراف المتصارعة وتعزيز حساباتها للاستفادة القصوى من الحرب، حتى عندما ارتفعت تكاليفها الإنسانية والسياسية.

تُركز الورقة على كيفية تأثير المكاسب الاقتصادية المتوقعة للأطراف المتصارعة على قراراتها بالاستمرار في التصعيد. كما تُظهر كيف أن الدعم الخارجي وتقاطعات المصالح الإقليمية تفاعلت بشكل مباشر مع مسارات التصعيد، ما ساهم في تقليل فرص التهدئة وإطالة أمد الحرب.

تُضيف الورقة أيضًا بُعدًا تحليليًا مهمًا من خلال فهم ديناميات الاقتصاد السياسي للحرب في السودان، وتوضح كيف أن التحالفات الخارجية، لم تكن مجرد عوامل مساعدة، بل أصبحت عناصرَ مؤثرة في عمليات التصعيد، ما زاد من تعقيد الصراع وصعوبة تحقيق السلام. كما تُبرز كيف أن النهب والسلب أصبحا حافزين اقتصاديين للمقاتلين والأطراف المتقاتلة، ما ساعد في إطالة أمد الحرب وتعزيز اقتصاد الحرب غير الرسمي.

في الختام، تقدم الورقة إطارًا تحليليًا مركبًا يساعد على فهم كيف يمكن للتفاعلات بين الاقتصاد السياسي والنزاع على السلطة أن تؤدي إلى ديناميات تصعيدية متتالية، تنتهي بحرب شاملة. يدعو هذا الإطار التحليلي صناع القرار والباحثين إلى النظر بعمق في أسباب اندلاع الحرب في السودان، ما يساعد على فهم أعمق للأزمة السودانية من خلال النظر إلى الديناميات الاقتصادية والاجتماعية والجيوسياسية المعقدة والمتشابكة. يدعم هذا التحليل صناع القرار والباحثين في تبني مقاربة أكثر شمولية وواقعية لفهم أسباب الحرب وآليات استمرارها، بما يسهم في تطوير سياسات تهدف إلى تحقيق الاستقرار والسلام في السودان على المدى الطويل.

 

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.