مقدمة
عرفت فترة ما بعد مرحلة كورونا، إطلاق المغرب لعدة برامج ترمي إلى تمويل مشاريع المقاولات وإيجاد حل لأزمة البطالة المستفحلة في صفوف الشباب، والمساهمة في النمو الاقتصادي، والتخفيف من تأثيرات سنوات الجفاف. ففي سنة 2020، أُطلق برنامج "انطلاقة"، الذي ظل يتجدد سنة بعد أخرى. تلاها إطلاق برنامج فرصة خلال سنتي 2022 و2023. علما أن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والمهارات (أنابيك)، أطلقت "رؤيتها في أفق 2020، منذ 2015، لتوسيع نطاق تغطية الوكالة ليشمل أيضاً الباحثين عن عمل غير ذوي الكفاءات، إذ أطلقت الوكالة ثلاثة برامج عمل نشطة: برنامج إدماج (تقديم دعم مالي للأجور لصاحب العمل، من أجل اكتساب العاطلين الخبرة)، وبرنامج تأهيل (لتدريب الشباب)، وبرنامج مقاولتي (لتعزيز ريادة الأعمال من خلال التدريب والمساعدة المالية)". فقد سبق للبنك الدولي أن قدم توصياته في تقريره حول "سوق الشغل بالمغرب: الفرص والتحديات"، "بتهيئة بيئة داعمة (استقرار الاقتصاد الكلي، وسهولة ممارسة الأعمال، وسيادة القانون) حتى يتسنَّى لمنشآت الأعمال أن تنمو وتخلق فرص العمل" . لكن الوكالة ومنذ نشأتها سنة 2000، وهي تركز اشتغالها أكثر على العاطلين من أصحاب الشهادات وشباب التكوين المهني.
وبالموازاة مع سياق مرحلة ما بعد كورونا، سيتم اعتماد صندوق محمد السادس للاستثمار منذ 2020، وهو شركة مساهمة، يبلغ رأسمالها 15 مليار درهم مملوكة للدولة، يؤطرها القانون رقم 20.76. يهدف الصندوق من بين أهداف أخرى، إلى المساهمة في تنمية المقاولات الصغرى والمتوسطة وخلق فرص الشغل. هذا فضلاً عن المصادقة على قانون الاستثمار الجديد، في كانون الأول/دجنبر 2022. وهي مبادرات وبرامج أصبحت معتمدة لحل مشكلة البطالة في المغرب.
لكنها برامج ومبادرات، لا تختلف من حيث المبادئ والأسس والنتائج، في عدم القدرة على خلق فرص شغل مستدامة وقارّة للشباب، وتعيد إنتاج اللامساواة واللاعدالة المجالية والاقتصادية والاجتماعية. بالنظر إلى سيادة اقتصاد ريعي، يعود أصله إلى السنوات الأولى للاستقلال، وعجز المقاولات الصغيرة والمتوسطة عن النمو وخلق فرص الشغل بالشكل المطلوب، ضعفت ثقافة المقاولة في البرامج التعليمية. وهو الأمر الذي يكشفه استمرار ارتفاع معدلات البطالة في المغرب بالرغم من هذه المبادرات. فرغم تحسن مشاركة رواد الأعمال من المجال القروي والمدن الصغيرة، بنسبة وصلت 60 في المائة، إلا أن برنامج "فرصة" مثلاً، لم يخفِ اللامساواة واللاعدالة الجغرافية في توزيع المستفيدين جهوياً، حيث ضمت جهات الدار البيضاء سطات والرباط سلا القنيطرة ومراكش أسفي، أعلى المحظوظين، مقارنة مع جهات أخرى، تعرف بنسبة بطالتها المرتفعة، كجهة درعة تافيلالت وجهة الشرق.
ولكون إغلاق العديد من المقاولات الصغيرة والمتوسطة الناشئة ما زال يهيمن بشكل كبير على نشاط هذه المبادرات، خاصة في ظل غياب ثقافة المقاولة لدى هؤلاء الشباب المقاول، فإنه في المقابل تصبح هذه البرامج لدى العديد من الشباب فرصة للاستفادة من ريع الدعم المقاولاتي، لاسيما بعد إتقانهم مهارات وتقنيات صياغة وتقديم مشاريع المقاولات لبرامج ومبادرات الدعم. بناء على ذلك، تقدم هذه الورقة، لمحة عامة عن تطور برامج تمويل المقاولات الشبابية، الهادفة إلى الحد من مشكل البطالة. وتحاجج على أن سيادة الاقتصاد الريعي ومناخ الأعمال المضطرب، ثم غياب التنشئة المقاولاتية، تهدد نجاح برامج تمويل مشاريع ريادة الأعمال، وتفشل مبادرات إيجاد حل لمشكل بطالة الشباب المستدامة في المغرب.
التطور التاريخي للسياسات الموجهة لتمويل مشاريع المقاولات الشبابية والحد من البطالة.
بدأت الدولة المغربية تنسحب من دورها كفاعل أساسي في سياسات التشغيل، منذ انطلاق برنامج التقويم الهيكلي سنة 1983، وأدى ذلك إلى تفاقم البطالة بشكل عام، وفي صفوف فئة الشباب حاملي الشهادات بشكل خاص. في المقابل، أُطلق برنامج المنعشين الشباب سنة 1987 (القانون 36.87)، من أجل منح قروض تساهم فيها الدولة بـ65% والأبناك بـ25% بنسبة فائدة تتراوح بين 7% و8% حسب المدة، فيما حددت المساهمة الذاتية للمقاولين بـ10%، بهدف تحفيز تأسيس المقاولات. لكنه وعلى الرغم من كل التسهيلات والتعديلات التي ضمتها شروط القروض، فإن النتائج إلى غاية سنة 2000 كانت مخيبة للآمال، باستفادة 10613 مقاولاً من التمويل وخلق 41330 منصب شغل فقط، بين سنتي 1988 و2000، إذ كان من المنتظر خلق ما بين 2000 و3000 منصب كل سنة، بمعدل 3 أو 4 مناصب شغل في كل مقاولة. ومنذ هاته الفترة، أصبح يظهر أن المستهدف من هذه البرامج، هو شباب التعليم العالي والمهني.
استمر تشجيع المقاولات حديثة النشأة، ما بين سنوات 2000 و2004 عبر إعفاءات جزئية للمقاولات من رسوم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي على الأجور المدفوعة للشباب الجدد في هاته المقاولات، والمساهمة في إعداد البنيات التحتية الخاصة والوعاء العقاري لإنشاء المقاولات، تم اعتماد القانون الخاص بإحداث وإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة، واعتماد قانون الشغل وزيادة أهمية الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات. وهو ما ساهم في تراجع معدل البطالة خلال هاته الفترة من نسبة 13% إلى نسبة %10,8، غير أن نسبة بطالة خريجي التعليم العالي ظلت مرتفعة، واستمرت العراقيل والصعوبات في الولوج إلى النظام البنكي قائمة الذات. علما أن برنامج دعم التشغيل الذاتي خلال الفترة المتراوحة بين 2001 و2004، مكن من إحداث 750 مقاولة صغيرة و2185 منصب شغل.
وفي سنة 2005، دخل برنامج "مقاولتي" حيز التنفيذ، وهو برنامج يهدف إلى دعم الشباب ذوي الحس المقاولاتي. إلا أن نتائج البرنامج كانت بدورها خجولة، حيث تأسست فقط 5000 مقاولة بدلاً من 30000 التي كانت معلنة في أفق 2009، في حين أنهى 3746 مترشحاً التكوين، وتم تمويل 836 مشروعاً وإحداث 603 مقاولات، خلقت 2650 منصب شغل. ويبرر هذا الفشل الحاصل في برنامج "مقاولتي"، في العديد من الصعوبات والعراقيل؛ كضعف التنسيق وتحديد المسؤوليات والأهداف بين المتدخلين المؤسساتيين وتدخلهم حسب الظرفية وعدم تفعيل اللجان الجهوية، وغياب المواكبة والتتبع الفعلي لحاملي المشاريع كل على حدة، قبل وبعد إحداث المقاولة، وذلك نتيجة عجز الخبرات في بعض المناطق، وأخيراً، تراجعت البنوك عن التمويل، وبرزت المخاطر لدى المقاولات الصغيرة، كما غابت التفضيلات من ناحية سعر الفائدة، زيادة على الصعوبات المرتبطة بالعقار والولوج إلى المحلات المعدة للأنشطة الاقتصادية.
لكن يبقى العامل الأساسي في فشل برنامج "مقاولتي" هو ضعف الفكر المقاولاتي، سواء لدى المكونين والمؤطرين، الذين برز ضعف كفاءتهم ومستوى تنسيقهم وقلة تجربتهم المعلوماتية في معالجة البيانات، وتسيير شبابيك "مقاولتي"، لاسيما في إعداد ملفات القروض ومرحلة التمويل أو لدى أصحاب المشاريع، الذين اعتبر كثير منهم أن البرنامج نوع من الدعم الاجتماعي. وهو ما يفسر انتهاء العديد من المستفيدين من برنامج "مقاولتي"، بين السجن والانتحار والديون. فبرنامج "مقاولتي، لم يوفر تكويناً جيداً للمستفيدين، ولا مواكبة بعدية، ولا نسبة فائدة ميسرة، إذ تم تطبيق نسبة فائدة كما تطبق على أي مقاول. وتم توجيه المستفيدين إلى إنشاء شركات sarl(شركات ذات مسؤولية محدودة) دون الاستفادة من تكوين في المحاسبة والجوانب القانونية لهذا النوع من الشركات. حيث ركز التكوين الذي كانت مدته 5 أسابيع على خلق المقاولة وتهييئ الملف المالي ووضعه في البنك من أجل دراسته وإمكانية تمويله، وسلمت شهادة التكوين في هذا البرنامج لكل من تتبع جميع مراحل التكوين.
بعد برنامج "مقاولتي"، ستعرف برامج التشغيل الذاتي ودعم المقاولاتية، متدخلاً وإشرافاً قطاعياً جديداً. حيث أتى الدور هذه المرة على وكالة التنمية الاجتماعية، التي طورت برنامج دعم الأنشطة المقاولاتية، منذ سنة 2008، رفقة مجموعة من الشركاء المؤسساتيين، كالقطاع الخاص والجماعات الترابية، والوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، ومراكز الاستثمار الجهوية ومكاتب التكوين المهني. يتمثل هذا البرنامج في ما أطلق عليه، برنامج "مغرب مبادرات"، الهادف إلى الدعم المالي وتكوين ومواكبة حاملي المشاريع، بدعم ومواكبة تقنية من طرف شبكة فرنسا مبادرة، في سياق عام، ميزته ارتفاع معدل البطالة إلى 10.5%. أي إعادة إنتاج وتكرار نفس البرنامج الموجود بفرنسا. ويرمي هذا البرنامج، إلى إحداث فضاء لاستقبال ودعم حاملي المشاريع، وتقديم دعم مالي على شكل قرض شرف مستحق للاسترجاع بدون فائدة وبدون ضمانة، وإدماج الشباب في عالم الأعمال من خلال نشر لثقافة وحس المقاولة القائمة على الإبداع والابتكار والاستقلالية وتحمل المسؤولية، تم أخيراً العمل على المواكبة التقنية والبعدية لحاملي المشاريع.
إلا أن برنامج مغرب المبادرات، كغيره من برامج دعم التشغيل الذاتي السابقة واللاحقة، لم يخفِ اللامساوة المجالية، فقد سيطرت جهة سوس ماسة وجهة على أغلب المشاريع الممولة بـ599 مشروعاً تليها جهة العيون الساقية الحمراء بـ212 مشروعاً، وهذا راجع لكون أول جمعية مبادرات في هذا البرنامج أنشئت بجهة سوس ماسة، مقارنة بالجمعيات الحديثة في جهات أخرى كجمعية واد نون مبادرة، التي مولت 25 مشروعاً فقط. هذا إلى جانب مجموعة من العراقيل والصعوبات التي واجهت الشباب حاملي المشاريع في برنامج مغرب المبادرات، كصعوبة الولوج إلى مصادر التمويل والبنوك، التي تفرض شروطاً تعجيزية، واعتبار الشباب المقاول أن الدعم المالي أكثر أهمية من باقي العناصر؛ كالمواكبة والاحتضان والتكوين. كما برز ضعف مشاركة النساء في البرنامج، اللواتي انخرطن في البرنامج فقط في مرحلة تطوير المشروع والاستفادة من الخبراء أكثر من مرحلة بلورته، بحيث تفضل النساء الاشتغال على مشاريعهنّ وفق إمكانياتهنّ الخاصة أو بمساعدة محيطهنّ الأسري.
تتعدد برامج دعم المقاولات الناشئة بالمغرب الهادفة لتشغيل الشباب، سواء تلك التي تطلقها قطاعات حكومية أو تشرف عليها برامج التعاون الدولي. ولقد أفضى هذا الوضع، إلى ضمان فرص شغل عديدة للكثير من الشباب العاطل، رغم تواضعها واحتشامها وانزياحها عن عدد المناصب المعلن عنه في بداية هذه البرامج. لكنه في نفس الوقت، أفرز سلوك غير سوي من قبل بعض الشباب الذين استغلوا البرنامج للحصول على الدعم والتمويل، بما يشبه الاستفادة من ريع مقاولاتي.
وهي برامج لا يمكن عزلها عن أجندة التنمية الاقتصادية الأوسع، إذ تولت وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي مسؤولية الإشراف على سياسة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطوير وتنفيذ استراتيجيتين للتنمية الصناعية: الميثاق الوطني للنشوء الصناعي (PNEI) للفترة 2009-2015؛ وخطة التسريع الصناعي للفترة 2014-2020، وهي الإطار الاستراتيجي الحالي الذي كان يقود السياسة الصناعية، بما في ذلك سياسة الشركات الصغيرة والمتوسطة. وهدفت هذه الخطة إلى زيادة القدرة التنافسية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم وتعزير ريادة الأعمال ذات التأثير الكبير، وتعزيز تنافسيتها الوطنية من أجل استيعاب الباحثين عن عمل، من خلال تطوير الأنشطة الصناعية، وإدماج المقاولات الصغيرة في خطة الصناعة . وتجدر الإشارة إلى أنه خلال هذه المرحلة، تم إطلاق العديد من البرامج المرافقة، كبرنامج "مقاولتي" في نسخة ثانية، وبرامج "انفتاح" و"امتياز" و"مساندة" و"رواج" و"ضمان إكسبريس".
وفي هذا السياق أيضاً، سيدخل نظام المقاول الذاتي سنة 2015، من أجل معالجة التشغيل الذاتي غير النظامي، وهو من بين أهم المبادرات في السنوات الأخيرة، التي تسهل العمل الحر وانتقال العاملين من القطاع غير المهيكل إلى القطاع المهيكل، مع الاستفادة من خدمات الضمان الاجتماعي وحوافز ضريبية. كما أتاح هذا النظام الذي يتميز بسهولة المساطر والإجراءات القانونية، إمكانية التقديم على برامج ريادة الأعمال، كبرنامج فرصة فيما بعد. لكن أنشطة غالبية المقاولين الذاتيين، تركزت في أنشطة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، التي تتوقف أغلبها على دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في أنشطة القطاع الفلاحي والخدمات، هذا فضلاً عن الأشخاص الذين ينشطون في الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا والمجالات الابتكارية. أي في أنشطة ضعيفة الإنتاجية اقتصادياً في المغرب، وهي أنشطة غالبيتها مؤقتة ويومية. فقد واجه العديد من المقاولين الشباب صعوبات في تسديد مستحقات الضمان الاجتماعي، وسارع العديد منهم إلى شطب المقاول الذاتي.
وإذا كانت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقت سنة 2005، قد اهتمت بالبرامج المدرّة للدخل، لاسيما التي تدخل في إطار الاقتصاد التضامني والاجتماعي. فإن مرحلتها الثالثة 2019-2023، في المحور الخاص بتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، رصدت له ميزانية تقدر بـ4 مليارات درهم لمشاريع ريادة الأعمال الشبابية. والهدف هو الرفع من فرص التشغيل لدى الشباب وتطوير كفاءاتهم المهنية وملاءمتها مع متطلبات سوق الشغل وتسهيل ولوجها إلى موارد التمويل، وضمان استدامة المشاريع. إذ تتم عملية تنفيذ برنامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وزارة الداخلية، وتتبعه من قبل العمالات والأقاليم، من خلال ما يعرف اليوم بمنصة الشباب الخاصة بالمرافقة والتوجيه[29] والتمويل. والحصيلة هي إنجاز 4867 مشروعاً ونشاطاً، رصدت لها 741 مليون درهم.
علاوة على ذلك، تم إطلاق صندوق دعم المبادرة المقاولاتية والمعروف بـ"انطلاقة"، سنة 2020، التي أشرفت عليها وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بشراكة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب. إذ يستهدف بشكل رئيسي المقاولات الصغرى والمتوسطة والشباب الحاملين للمشاريع، من خلال منح قروض بنكية بنسب فائدة ضئيلة، تبلغ 2%، حيث تمثل هذه النسبة أدنى معدل سيتم تطبيقه على نظام الفوائد في المغرب.
بلغت القروض الممنوحة في إطار هذا البرنامج، في نهاية نيسان/أبريل 2022، 6 مليارات درهم بعدد إجمالي من القروض بلغ 44695 لفائدة 28665 شركة، أي 94% من الهدف المحدد (13500 سنوياً) والمساهمة في خلق 97.000 فرصة عمل مباشرة . كما بلغت المساهمات، في نهاية عام 2021، 4 مليارات درهم موزعة بين الدولة (2 مليارا درهم) والبنوك (2 مليارا درهم)، إضافة إلى مساهمات صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تم اللجوء إليها حسب طلبات البنوك، والتي بلغت 613 مليون درهم . وقد ظل برنامج انطلاقة يتجدد، ففي سنة 2023، تم تخصيص مبلغ إضافي قدره 3.3 مليارات درهم، من ميزانية الدولة، للاستثمار في مشاريع صناعية مختلفة[33].
وأخيراً، تم إطلاق برنامج "فرصة"، خلال آذار/مارس 2022، والنسخة الثانية منه خلال شباط/فبراير 2023. إذ تشرف على هذا البرنامج وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني. ويهدف إلى مساعدة الشباب الحاملين مشاريع المقاولات الصغيرة، على الوصول إلى مصادر التمويل والمواكبة والتكوين، إذ خصصت للنسخة الأولى كذلك 1,25 مليار درهم، لدعم وتمويل 10000 من حاملي المشاريع، ونفس الشيء بالنسبة للنسخة الثانية. أتى برنامج فرصة سياق وإكراهات سوق الشغل ما بعد أزمة كورونا، واستمرار تأثير التغيرات المناخية والجفاف على المغرب الفلاحي بطبعه، والتحولات الجيو ــ سياسية العالمية، التي أثرت على الاقتصاد المغربي وسوق الشغل. فقد مولت فرصة بنسختيها حوالي 21 ألفاً و200 حامل مشروع، موفرة بذلك 40 ألف فرصة شغل، مع زيادة مشاركة النساء في البرنامج، إذ وصلت نسبتهن 45 في المائة، مرتفعة بذلك بنسبة 20 في المائة عن النسخة الأولى. في حين جذب برنامج فرصة أكثر من 300 ألف طلب في النسختين، في ظل أزمة البطالة الخانقة التي يعرفها المغرب. لكن برنامج فرصة، أتى بالمقابل في سياق عام، ميزته رفع بنك المغرب من سعر الفائدة إلى 3 في المائة، في ظل أزمة التضخم، وهو ما كان ينذر بركود اقتصادي، من شأنه أن يهدد أصحاب المشاريع المقاولاتية والمقاولات الصغيرة والناشئة، بالفشل والإغلاق.
تتميز فكرة برنامج "فرصة" عن غيره من برامج دعم الشباب المقاول السابقة بالمغرب، بسلاسة طلب القرض وتقديم المشروع وبساطة الإجراءات الرقمية المفتوحة أمام جميع من يفوق عمرهم 18 سنة. وتوفيره قرض دعم بقيمة 100.000 درهم، عبارة عن قروض صغرى، يتكفل المستفيدون بإرجاعها على مدى 10 سنوات، وتتكفل الدولة بدفع الفائدة على القروض. بالإضافة إلى تكوين مجاني عن بعد في الفكر المقاولاتي على شكل فيديوات قصيرة، عبر منصة Forsa Academy، المفتوحة أمام جميع الفئات، والمكونة من عشر وحدات تبسط ريادة الأعمال، يستفيد منها أصحاب الملفات المنتقاة، لاسيما في اختيار الصيغة القانونية الملائمة للمشاريع، إذ استفاد 54 ألفاً من هذا التكوين عن بعد، في مدة سنتين من برنامج فرصة، وهو تكوين مرفق باختبار نهائي إشهادي. جرت أخيرا،ً مواكبة واحتضان المرشحين الناجحين في التكوين عن بعد، على إنجاز طلب الحصول وإقناع لجنة التمويل، لمدة تصل إلى شهرين ونصف. وأخيراً يوفر البرنامج، إمكانية تتبع إنجاز وتنفيذ المشاريع لمدة سنتين.
إن الملاحظ على مجمل برامج دعم إنشاء المقاولات، التي سعت إلى معالجة مشكل البطالة، منذ سنوات الثمانينيات، إلى الآن، أنها لم تحقق في الواقع النتائج المرجوة منها، إذ لا تزال معدلات البطالة في ارتفاع، خاصة لدى الشباب حاملي الشهادات. وفي نفس الوقت تغيب عنها الالتقائية من ناحية الإشراف، والتنفيذ، فكلما ارتفعت نسب البطالة، خرج برنامج جديد، وهو ما يجعلها في كثير من الأحيان ريعاً مقاولاتياً، يحصل بموجبه المقاولون على الدعم المالي. وتبرز من جانب آخر، الحاجة إلى ضرورة استمرار الدولة في خلق مناصب شغل عمومية التي أصبحت جد محدودة، خاصة في ظل غياب الفكر المقاولاتي وريادة الأعمال لدى الشباب العاطل، بالنظر إلى النظام التعليمي الذي تغيب عنه برامج تعليمية من شأنها أن تنمي هاته الروح، واستمرار الصور النمطية المجتمعية التي تعتبر دائماً أن الاشتغال في القطاعات الحكومية العمومية، هو الخيار الأمثل.
كيف فشلت برامج دعم وتمويل المقاولات بالمغرب في حل أزمة البطالة؟
تتميز تجربة تمويل المقاولات الهادفة إلى حل مشكل البطالة في صفوف الشباب، بعدة صعوبات وعراقيل تعترض المقاولين الناشئين. كصعوبة الوصول إلى المعلومات بخصوص البرامج، وغياب الشفافية، وغياب العدالة في توزيع المستفيدين، وصعوبة ولوج النساء إلى برامج الدعم. ويرتبط ذلك، بعوامل بنيوية، تعيق تطوير التشغيل الذاتي، كضعف مشاركة المرأة في مجالات التشغيل الذاتي مقابل تواجدها في برامج الاقتصاد التضامني والاجتماعي، كما أن جهات محدودة فقط واكبت مبادرات التشغيل الذاتي، حيث يؤثر وسط الإقامة بين القروي والحضري على فرص الولوج إلى برامج التشغيل الذاتي. ومن جهة ثانية، يغيب عن هذه المبادرات والبرامج نظام لتقييم تأثيرها وفعاليتها في تحقيق مراميها، كما أنها تركز ضمن أهدافها، على العاطلين من أصحاب الشهادات العليا، دون الأخذ بالاعتبار مجمل الشباب غير النشطين اقتصادياً. بالإضافة إلى صعوبة تقييم مدى إدماج هذه المبادرات والبرامج للشباب، في نظام شغل كريم وفق شروط الحماية الاجتماعية الكاملة، من شأنه أن يحسن شروط عيش هذه الفئة وإنقاذها من براثن الفقر والهشاشة، واللامساواة الاجتماعية والترابية. فالمقاولات الصغيرة والمتوسطة، تخلق عدداً قليلاً من الوظائف مقارنة مع الشركات الكبيرة والقديمة والصناعات التحويلية ذات المهارات المنخفضة، وتتركز أغلب الوظائف في الدار البيضاء، على نحو نصف الوظائف.
إن سوق الشغل المغربي جامد، يتميز بضعف إدماجه للشباب والنساء في المقاولات، وضعفه في خلق فرص الشغل جيدة، لاسيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة العاجزة عن النمو، نظراً للقيود التي تواجهها، كالفساد وقلة اليد العاملة ذات المهارات ومرتفعة التكاليف، وعدم القدرة على منافسة المقاولات القديمة والقطاع غير الرسمي. ولعل ما يثبت ذلك، استمرار ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الفئات النشيطة، رغم اعتماد هذه البرامج منذ سنوات الثمانينيات. فالبطالة لا تزال ظاهرة منتشرة في صفوف الشباب، فقد كانت تبلغ سنة 1999 نسبة 13.8%، ولا تزال تبلغ 13.5% سنة 2023، حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط. ومن المرجح أن ترتفع نسبة البطالة إلى 15% في ظل الحكومة الحالية.
بيان(1): معدلات البطالة بالمغرب في صفوف الساكنة الناشطة بين 1999 و2022.
المصدر: المندوبية السامية للتخطيط
إضافة إلى ذلك، فبرامج دعم المقاولات، تعيد إنتاج نفس الهشاشة السائدة في سوق الشغل المغربي، من حيث المناطق الموجهة لها، والقطاعات التي تركز عليها ومدى مساهمتها في الإنتاجية، إذ لا يزال أغلب المشاريع المدعمة في القطاع الفلاحي، مقابل الصناعة (بما فيها الصناعة التقليدية) وقطاع الخدمات، وهو ما يجعلها ضعيفة الإنتاجية ولا تساهم بشكل كبير في النمو واستيعاب اليد العاملة وخلق فرص شغل. إذ يتميز القطاع الفلاحي، بضعف مستوى الأجور والاعتماد على العمل اليومي وغياب أدنى شروط الحماية الاجتماعية. فيما تعترض أغلب المشاريع الممولة صعوبات أخرى، تتعلق بصعوبة إرجاع الديون والدخول في المنازعات، واستمرار العراقيل الإدارية والبيروقراطية، ثم صعوبة ولوج بعض الفئات إلى برامج الدعم، كالشباب غير المتعلم.
وتواجه المقاولات الناشئة نفس الصعوبات التي تعرقل المقاولات في المغرب. إذ يعتبر الفساد وضعف تدريب اليد العاملة وقوة القطاع غير الرسمي، مشكلاً جوهرياً يواجه المقاولات في المغرب، أكثر من عدم الاستقرار السياسي، الذي تعاني منه بعض دول منطقة المينا. كما أن برامج ريادة الأعمال لا تتطلب التمويل فحسب، وإنما أيضا التتبع والزيارات والتدريب الكافي والتوجيه والاستشارة، وربط العلاقات مع خدمات القطاع الخاص الموجودة، كالغرف المهنية. ولربما ما تخفيه برامج ريادة الأعمال وتتغاضى الخوض فيه، هو المخاطر والصعوبات التي يمكن أن تواجه الشباب حاملي المشاريع، وتكتفي فقط بعرض ميزات وحسنات البرامج. فالمقاولاتية هي اكتشاف الأفراد أو التنظيمات لفرص الأعمال المتاحة واستغلالها من خلال الإبداع والابتكار وإنتاج منتوج ذي قيمة يسهم في خلق الثروة وفرص الشغل، مع القدرة على تحمل المخاطر المحتملة للمغامرة.
الجدول 1: توزيع برامج دعم ريادة الأعمال حسب الإشراف والهدف والعراقيل
| البرنامج
المتعلق بريادة الأعمال |
السنة |
الإشراف |
المستهدفون |
العراقيل |
| برنامج المنعشين الشباب (القانون36.87) |
من 1987 إلى سنة 2000 |
البنوك: البنك الشعبي والبنك المغربي للتجارة الخارجية والصندوق الوطني للقرض الفلاحي |
شباب التعليم العالي والمهني الذين تتراوح أعمارهم بين 21 و40 سنة، وفيما بعد تم تعديل البرنامج ليشمل الشباب حتى 45 سنة وعدم اشتراط تطابق التكوين مع طبيعة المشروع. |
1. صعوبة إرجاع المستحقات للبنوك، التي مولت 80% من المشاريع، فـ32 % من هذه المشاريع كان موضوع نزاعات . |
| برنامج إنشاء مشاتل المقاولات |
من 2000 إلى 2004 |
ضمن استراتيجية وطنية حكومية، قادتها وزارة الصناعة والتجارة والصناعة التقليدية (مسمى القطاع سنة 2000) وتكفلت الجماعات المحلية بتوفير الوعاء العقاري |
المنعشون الشباب الذين لا يتوفرون على مقر عمل |
1. صعوبة ولوج الشباب المقاول إلى النظام البنكي؛
2. ضعف الإرشاد خلال مرحلة إنشاء المقاولة والسنوات الأولى من النشاط؛
3. ضعف رعاية الجمعيات المهنية لرواد الأعمال الشباب . |
| برنامج مقاولتي |
من 2005 إلى 2009 |
السياسة الوطنية للتشغيل |
الشباب ذوو الحس المقاولاتي، لاسيما خريجي ومتدربي التكوين المهني، والشباب حاملي مشروع لا يقل إجماله عن 50000 درهم ولا يتجاوز 250000 |
1. مشاكل في المواكبة والتكوين وضعف كفاءة المكونين؛
2. ضعف التنسيق والمعالجة المعلوماتية للبيانات؛
3. قلة تجربة مؤطري شبابيك "مقاولتي"، في إعداد ملفات القروض والتمويل من طرف البنوك؛
4. نقص المعلومات حول البرنامج لدى الوكالات البنكية؛
5. غياب المواكبة والتتبع الفعلي لحاملي المشاريع كل على حدة، قبل وبعد إحداث المقاولة، وذلك نتيجة عجز الخبرات في بعض المناطق، وأخيراَ؛
6. تراجع البنوك عن التمويل، وبروز المخاطر لدى المقاولات الصغيرة، كما غابت التفضيلات من ناحية سعر الفائدة؛
7. زيادة على الصعوبات المرتبطة بالعقار والولوج إلى المحلات المعدة للأنشطة الاقتصادية. |
| برنامج مغرب مبادرات |
من 2008 إلى الان |
وكالة التنمية الاجتماعية ويدبر البرنامج من طرف جمعيات تضم ممثلين من القطاع العام ومقاولين خواص متطوعين. |
الشباب حاملو أفكار مشاريع في وضعية هشاشة |
1. صعوبة الولوج إلى مصادر التمويل والبنوك، التي تفرض شروطاً تعجيزية؛
2. واعتبار الشباب المقاول أن الدعم المالي أكثر أهمية من باقي العناصر؛ كالمواكبة والاحتضان والتكوين |
| برنامج دعم القدرات المقاولاتية للشباب في وضعية هشة بالقطاع غير المهيكل |
2013 -2017 |
الحكومة المغربية بشراكة مع البنك الدولي |
5000 شاب (18-30 سنة) في وضعية هشة بالقطاع غير المهيكل من أجل تقوية قدراتهم ومهارتهم ودعم مؤهلاتهم التكوينية لمدة سنة ونصف قبل إحداث المقاولة، كما أنه برنامج يستهدف أيضاً الشباب الذين لديهم مشاريع متقدمة |
|
| نظام المقاول الذاتي |
2015
إلى الان |
القانون رقم 114.13
البنوك |
الأشخاص الذاتيين الذين يزاولون أنشطة فردية؛ سواء كانت صناعية أو تجارية أو حرفية أو خدمات، لا تتجاوز رقم الإعمال السنوية المحصل عليها 500000 درهم للأنشطة الصناعية والتجارية والحرفية و200000 درهم للأنشطة تقديم الخدمات |
1. عدم قدرة العديد من أصحاب بطاقة المقاول الذاتي على تسديد مستحقات الضمان الاجتماعي
|
| بتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب |
2019- 2023 |
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
تحت إدارة وزارة الداخلية، وعبر العمالات والأقاليم |
الرفع من فرص التشغيل لدى الشباب وتطوير كفاءاتهم المهنية وملاءمتها مع متطلبات سوق الشغل وتسهيل ولوجها إلى موارد التمويل، وضمان استدامة المشاريع |
1. أغلب الأنشطة تدخل ضمن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، لا تتيح إمكانية نمو هذه المشاريع وخلق فرص شغل جديدة |
| برنامج انطلاقة |
2020 إلى الان |
وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بشراكة مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبنك المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب |
المقاولات الصغرى والمتوسطة والشباب الحاملين للمشاريع |
1. تعقد مساطر الحصول على القرض وصعوبة جمع الوثائق اللازمة
2. عجز في أداء القروض فـ 18 بالمائة من المقاولات المستفيدة من قروض البنوك في إطار برنامج "انطلاقة" لم تتمكن من تسديد ديونها. |
| برنامج فرصة |
2022-2023 |
وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني |
الشباب الحاملين لمشاريع المقاولات الصغيرة |
1. صعوبة التعامل مع الحاضنات، التي لم تقدم وقتاً كافياً للمستفيدين لتأسيس مقاولتهم،
2. فرض عقود الكراء وتأسيس الإطار القانوني، رغم عدم التيقن من الاستفادة من التمويل. |
تبرز من خلال الجدول الصعوبات التي تعترض تمويل مشاريع ريادة الأعمال الشبابية، فإلى جانب أنها برامج حسب الظرفية المرتبطة بارتفاع معدل البطالة، فإنها تختلف كل مرة على مستويات الإشراف والتدبير، بين القطاعات الحكومية والمجتمع المدني وبرامج التعاون الدولي. إذ يجمل تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2016، هذه الصعوبات، في ضعف التأطير والمواكبة، صعوبة الحصول على التمويل في ظل غياب الضمانات، ضعف التدبير المحاسبي بين الحساب الشخصي وحساب المقاولة، عدم الحصول على تكوين كافٍ ومستمر لمسايرة التحولات، قلة الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، صعوبة توفير شروط عمل لائق بأجر منتظم وتغطية وضمان صحي وتقاعد، ضعف التنافسية، ثم غلاء العقار وصعوبة الاستفادة من العقار العمومي. إلا أن العراقيل والمعيقات الجوهرية في فشل برامج تمويل مشاريع ريادة الأعمال الشبابية، ترجع إلى عوامل بنيوية، كسيادة اقتصاد الريع في المغرب، وطغيان مناخ الأعمال الهش والضبابي، تم غياب ثقافة المقاولة وريادة الأعمال في البرامج التعليمية، وهو ما يتم التغاضي عنه في كثير من الأحيان.
اقتصاد ريعي يدمر آمال المقاولين الشباب
يتميز الاقتصاد المغربي بطبيعته الريعية، حيث تسيطر على الاقتصاد فئات قريبة من السلطة، وهو ما يضع مقاولات الشباب أمام تحدي الاستمرارية والمنافسة الحرة. إذ يقوم الاقتصاد الريعي على منح امتيازات وخدمات وفرص عمل لصالح فئات معينة من دون مراعاة أي اعتبارات للمنافسة والكفاءة الاقتصادية، إذ تكمن خطورته في أنه يكتسي طابعاً قانونيا.ً وترجع جذور الاقتصاد الريعي، الذي لا يسمح بتكون سوق اقتصادي تنافسي، من شأنه أن يساعد في إنجاح مشاريع مقاولاتية وريادية في المغرب، إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، في سياق الصراع المحتدم على السلطة، لما عملت السلطة الحديثة آنذاك على التقرب من الأعيان والنخب الاقتصادية والسياسية، وكسب ولائهم من خلال منحهم عدة امتيازات، لاسيما الأراضي الزراعية، التي شكلت أساس الفئة التي سيطرت على القطاع الفلاحي. وفيما بعد أصبح يشمل الاقتصاد الريعي في المغرب، قطاعات أخرى، كمأذونات شركات النقل ومقالع الرمال والمساعدات الحكومية النقدية والقروض المدعومة من الأموال العامة والإعفاءات الضريبية، لبعض المشاريع الخاصة في إطار سياسة تشجيع الاستثمار، في قطاعات كالصناعة والزراعة والسياحة، دون تقييم صارم وتوزيع شفاف للمستفيدين.
وعلى الرغم من المحاولات التي بدلت من قبل الدولة للتخلص من هذا النوع من الاقتصاد الضعيف الإنتاجية، والانتقال إلى اقتصاد مبني على قواعد السوق الحر والمنافسة والمبادرة الحرة، منذ سياسة الخصخصة ، إلا أنها فشلت في ذلك، وظلت سطوة واحتكار النخب الاقتصادية الريعية على العديد من المجالات، حيث انتهت سياسة الخصخصة إلى تحويل العديد من القطاعات العمومية إلى أيادي هذه النخب الريعية، واستمرت استفادتها من السياسات العمومية بشكل منتظم، حيث منحت لها تراخيص الاستيراد والإعفاءات الضريبية الجزئية والكلية، إضافة إلى حصولها على الدعم من خلال برامج تشجيع الاستثمار. وهو ما يعبر عنه في أدبيات الاقتصاد السياسي، برأسمالية المحاسيب والمزاوجة بين القطاع العام والخاص.
ينتج عن هذا الوضع، سلسلة من الصعوبات والعراقيل تجعل من استمرارية المقاولات والشركات الناشئة، في ظل صلابة هذا الاقتصاد الريعي وغياب ضمانات مؤسسية تحقق التنافسية وشفافية الأسواق ضرباً من ضروب الخيال، بما فيها تلك المقاولات الناشئة التي تحظى بدعم وتمويل برامج مقاولات الشباب كبرنامج فرصة وانطلاقة. لهذا، يعتبر القطع مع هذا النوع من الاقتصاد الريعي، ضرورة ملحة من أجل نجاح برامج دعم المقاولات والشركات الناشئة التي يقودها الشباب العاطل، وذلك من خلال تفعيل آليات مجلس المنافسة المغيبة. وعلى الرغم من مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي محدودة في حوالي 20% فقط، فهي حسب تقرير البنك الدولي، ليست لديها إمكانيات أكبر لخلق فرص العمل، حيث يصعب عليها الوصول إلى التمويل، لاسيما المقاولات من خارج الرباط والدار البيضاء، فيما ظل دعم القطاع العام موجهاً نحو ريادة الأعمال الصغيرة المدرة للدخل والتي تكون غير رسمية في الغالب .
ضمن هذا الصدد تظهر أهمية ضرورة تسريع وتيرة العدالة الضريبية، والقطع مع الممارسات المشينة للنخب الاقتصادية الريعية، التي تستفيد من الإعفاءات الضريبية، أو تتميز ممارستها بالتهرب الضريبي، لاسيما في ظل مناخ الأعمال الهش. على الرغم من أن برامج دعم مشاريع ريادة الأعمال الشباب، والتي قد يتفق المجتمع على مشروعيتها كنوع من التضامن الاجتماعي، قد تصبح نفسها وبشكل مفارق، ريعاً يستفيد منه الشباب العاطل.
مناخ أعمال هش
ترجع أسباب فشل برامج دعم وتمويل المقاولات الشبابية في المغرب أيضاً إلى صعوبة مناخ الأعمال بالمغرب. إذ يتطلب الأمر، ضرورة إصلاح كلي وشامل للاقتصاد يتأسس على النمو الاقتصادي، يرافقة اعتماد نظام حماية اجتماعية، يمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية الشاملة، ترتكز على توفير فرص الكسب وحركية اجتماعية للجميع، وليس فقط برامج تخفف من حدة الفقر في أوقات الأزمات (أزمة بطالة الشباب مثلاً)، والتي تبقى فقط مجرد مبادرات تكميلية في مثل هذه الأوقات، وهي مسؤولية من الدولة أولا والأطراف الفاعلة غير الحكومية في مقام ثانٍ. حيث يسود في المغرب مناخ اقتصادي ضبابي منعدم الضمانات، يتميز بضعف حماية الملكية الخاصة، وعجز الدولة عن تطبيق قوانين التنافسية والسوق، وتقوية التحرير الاقتصادي ومحاربة الفساد ونفوذ اللوبيات، وسيادة البيروقراطية. وهو ما يستوجب إصلاح مناخ الأعمال بالمغرب، من خلال تعزيز الحرية الاقتصادية وضمان المنافسة الحرة، والحوكمة الرشيدة بما في ذلك إصلاح الإدارة والمؤسسات، وحماية حقوق الملكية، وقيام المؤسسات الدستورية (مجلس المنافسة، القضاء الإداري، المراكز الجهوية للاستثمار) بدورها من أجل تحقيق اقتصاد تنافسي مبني على العدالة الضريبية، إضافة إلى تطبيق القانون 99.06 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. فمناخ الأعمال غير مواتٍ بالقدر الكافي، في ظل استمرار تعقد المساطر الإدارية، والفساد وعلاقات القوة غير المتوازنة، وانعدام التنافسية على مستوى الصفقات العمومية. وهو ما يهدد بقاء المقاولات الميكرو والصغيرة جداً والمتوسطة، ويزيد من مخاطر فشل المشاريع الشبابية الممولة.
فرغم النمو الاقتصادي الذي تكشفه العديد من التقارير، فإنها تبقى مجرد أرقام، لا تعكس المساهمة الفعلية في خلق فرص الشغل وإدماج للشباب العاطل. فاللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال للمقاولات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، من خلال إصدار التقارير التي تقترح الإصلاحات التنظيمية والتبسيط الإداري، وهي إصلاحات كانت تهدف إلى تحسين أداء الدولة في مؤشر Doing Business. حيث تم القيام بالعديد من الإصلاحات في هذا الإطار، كتبسيط إجراءات تأسيس الشركات، بإلغاء الحد الأدنى لرأس المال وتبسيط الوثائق وخفض التكاليف، والسير نحو إنشاء نظام يسمح بتأسيس الشركات عبر الإنترنت، ثم الاشتغال بالتعريف الواحد (الرقم الضريبي والرقم التجاري ورقم الضمات الاجتماعي)، الذي سيتيح إمكانية إحصاء الشركات الصغيرة والمتوسطة. وهو ما مكّن المغرب من تحسين مرتبته في مؤشر ممارسة الأعمال العالمي (دوين بيزنس)، من الرتبة 130 سنة 2009 إلى 53 سنة 2020، إلا أن المغرب لم يعرف تحسناً اقتصادياً كبيراً خلال نفس الفترة، بتسجيل متوسط نمو لم يتجاوز 3.3%، في الفترة الممتدة ما بين 2010و2020، كما أن النقاش حول مناخ الأعمال في المغرب توقف بعد نشر البنك الدولي تقرير" ممارسة الأعمال" في سبتمبر 2021، وتوقف معه تقارير اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، بعد تحسن المؤشر. ،
برامج ريادة الأعمال بدون ثقافة مقاولات
ركزت بعض برامج دعم ريادة الأعمال على توفير تكوين في المقاولات قبل تقديم الدعم المالي، لكنها تكوينات تميزت إما بضعف المكونين وقصر المدة (5 أسابيع) وتركيزه فقط على طرق تقديم ملف الدعم المالي، كما هو الشأن في برنامج" مقاولتي"، أو تكوين عن بعد كما هو الشأن في برنامج "فرصة". إذ تعتبر ثقافة المقاولة، من بين الآليات الأساسية التي يحتاجها المقاول من أجل إنجاح مشروعه، إذ لا يكفي فقط توفير الشروط المالية لإنشاء المقاولة، أو التعرف على الآليات القانونية الضرورية لتأسيس المقاولة، بقدر ما تتطلب معرفة مسبقة باستراتيجية السوق واضطراباته وعراقيله ومستقبله وتنافسيته، بما في ذلك طبيعة الاقتصاد الريعية، من أجل الصمود أمام الإكراهات المحتملة. وهو ما يتطلب ضرورة تشبع المقاول ومعرفته الجيدة بقيم وثقافة المقاولة أو امتلاك تجربة مسبقة في المقاولات ومعرفة طرق التدبير عن قرب، من أجل إمكانية إنجاح مقاولته أو شركته الناشئة.
ففي الواقع، فالشباب المغربي غير متشبع بثقافة المقاولة، خاصة وأن برامج التربية والتكوين تغيب عنها ثقافة ريادة الأعمال ولا تشجع على الحس المقاولاتي. على الرغم من الرؤية الاستراتيجية تشجع على ريادة الإعمال في التعليم الثانوي العالي وإشراك الشركات في الدورات التدريبية التقنية والمهنية، ونفس الأمر ينطبق على الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني 2021، التي تمت المصادقة عليها سنة 2015، زيادة على العديد من برامج ريادة الإعمال التي يرعاها التعاون الدولي وجمعيات المجتمع المدني والبنوك والشركات والفاعلين الاقتصاديين. إذ يبقى الحصول على وظيفة في القطاع العام أولوية لدى الشباب أكثر من الرغبة في تأسيس مقاولات أو شركات، فـ 8.4% من العاملين، يشتغلون في القطاع العام، و42 %منهم ذوو تعليم عالٍ، الذي لا يزال جذاباً من ناحية الاستقرار الوظيفي، مقارنة مع القطاع الخاص غير القادر على استعاب خريجي التعليم العالي، على الرغم من أن القطاع الخاص كان أكثر دينامية في خلق فرص الشغل من القطاع العام، بين سنتي 2005 و2015.
إن التشغيل الذاتي لا يجذب أصحاب الشهادات العليا والكفاءات المتميزة، نظرا لمناخ الأعمال غير المشجع، والتباعد بين مناهج التعليم الجامعي وحاجات المقاولات لاسيما في استعمال التكنولوجيات الحديثة. وهو ما أكده أيضاً رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحمد رضا الشامي، من خلال دعوته إلى ترسيخ روح المقاولة لدى الشباب والطلبة في المغرب. على الرغم من أن الرؤية الاستراتيجية لإصلاح النظام التعليمي، تدعو إلى ضرورة تدريب ريادة الأعمال وتشجيع مشاركة الشركات في دورات التدريب المهني، وقد اعتمد هذه الرؤية المجلس الأعلى للتعليم والتدريب والبحث العلمي، والهيئة الدستورية الممثلة لجميع أصحاب المصلحة، وبالمثل فإن الاستراتيجية الوطنية للتدريب المهني 2021 التي اعتمدها المجلس الحكومي في عام 2015 تسلط الضوء على تعزيز وتطوير التعليم الريادي والمالي.
وبالتالي، تعتبر مسألة إذكاء ريادة الأعمال في البرامج التعليمية بالمغرب، ضرورة أساسية من أجل إنجاح برامج دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة الناشئة. نشير إلى أن الدول التي تعتمد هذا النوع من السياسات العمومية من أجل حل مشكل البطالة، تبرز عندها أهمية ثقافة المقاولة وريادة الأعمال وتجد صدى لها في البرامج التعليمية، لذلك فلا غرابة إذا وجدنا نجاح مثل هاته المبادرات مرتفع بشكل كبير داخل هذه الدول. وهو ما يمنع المغرب من الاستفادة الكاملة من النعمة الديمغرافية للشباب، الذين يمكن أن يشكلوا فرصاً حقيقية للبلد لخلق النمو والثروة، فرغم تطور المستوى التعليمي لهذه الفئة، إلا أنها تحولت إلى تحدٍّ وعائق سلبي أكثر منها فرصاً. فضعف المستوى التعليمي، يؤثر مباشرة على سوق الشغل، وتحول دون تحقيق تغيير هيكلي كبير، ناهيك عن ارتفاع نسبة الشباب بدون عمل وبدون تعليم (NEET)، ب 27,9 %، ما يمثل نحو 1.73 مليون مغربي.
الخلاصة والتوصيات
راكم المغرب تجربة تصل إلى 40 سنة من برامج دعم برامج ريادة الأعمال الهادفة إلى حل مشكل بطالة الشباب، من برنامج "المنعشين الشباب"، سنة 1987، وصولاً إلى برنامج "فرصة"، بنسختيه 2022و2023. تميزت هذا البرامج باختلاف المشرفين عليها، بين قطاعات حكومية مختلفة، ومنظمات غير حكومية وبنوك، واحتكامها للظرفية الاقتصادية، فكلما ارتفعت نسب البطالة في صفوف الشباب، خرجت برامج تدعم إدماجهم عبر التشغيل الذاتي وريادة الأعمال. لكن الشيء الذي ظل ثابتاً، هو عجزها عن امتصاص واستيعاب بطالة الشباب. ومن جهة ثانية، ظل تأثير هذه البرامج ضئيلاً، لاسيما على مستوى خلق فرص للنساء والشباب العاطل في مختلف مناطق المغرب، فقد تركز معظم المستفيدين في مناطق المركز كالرباط والدار البيضاء وطنجة، إذ أعادت إنتاج نفس الثنائية السائدة بين المركز والهامش، ولا عدالة مجالية واجتماعية. هذا فضلاً، على أن كونها برامج حسب ظرفية الأزمة المرتبطة بالبطالة، فإنها تضع في حسبانها خلق فرص عمل مستدامة، تراعي شروط العمل اللائق وما يستتبعه من توفير شروط الرفاه والحماية الاجتماعية الشاملة من ضمان اجتماعي وتقاعد وغيرها. خاصة وأنها برامج لا يوازيها نظام رصد وتقييم لمدى نجاعتها، إذ تتكرر نفس الأخطاء الماضية على مستوى التمويل والمواكبة والتتبع، دون الاستفادة الفعالة من البرامج السابقة.
في الواقع، تعجز مشاريع ريادة الأعمال الشبابية عن استيعاب كل العاطلين، نظراً لعجزها على إنتاج النمو وخلق فرص شغل. إذ ينتهي الأمر بكثير منها إلى الإفلاس وإغراق الشباب المقاول في المديونية وما يترتب عنها من أمراض نفسية ومتابعات ونزاعات قانونية. ويرجع ذلك، إلى صعوبة منافسة الشركات الكبيرة والقطاع غير الرسمي، ثم الفساد والبيروقراطية وقلة اليد العاملة ذات المهارات الجيدة. في حين يغلب على أنشطة ريادة الأعمال الشبابية، مشاريع في قطاعات غير منتجة للنمو وفرص الشغل الجيدة، كالمشاريع التي تدخل ضمن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والقطاع الفلاحي، الذي لا يزال النشاط الاقتصادي الذي يشغل العديد من اليد العاملة ذات المهارات المنخفضة، حيث يسود العمل اليومي بدون أدنى شروط الحماية الاجتماعية. وما تخفيه برامج ريادة الأعمال وتتغاضى الخوض فيه، هو المخاطر والصعوبات التي يمكن أن تواجه الشباب حاملي والمشاريع، وتكتفي فقط بعرض ميزات وحسنات البرامج.
لكن العراقيل والمعيقات الجوهرية في فشل برامج تمويل مشاريع ريادة الأعمال الشبابية، ترجع إلى عوامل بنيوية، كسيادة اقتصاد الريع في المغرب، وطغيان مناخ الأعمال الهش والضبابي، ثم غياب ثقافة المقاولة وريادة الأعمال في البرامج التعليمية. فالاقتصاد الريعي يدمر كل آمال المقاولين الشباب، لأنه لا يتيح تأسيس سوق اقتصادي تنافسي وقواعد السوق الحر والمبادرة الحرة وشفافية الأسواق. وما يزيد الطين بلة، هو مناخ الأعمال غير المواتي بالشكل الكافي لمشاريع ريادة الأعمال، رغم الإصلاحات التي تم القيام بها على مستوى تبسيط المساطر الإدارية، وإصلاح الإدارة والمؤسسات وحماية الملكية الخاصة، إلا أن الدولة لا تزال عاجزة عن ضمان سيادة قانون التنافسية وقواعد السوق الحر. وهذا ما يؤدي إلى تحويل الشباب من نعمة ديمغرافية من شأنها أن تساهم في النمو الاقتصادي والتقدم، إلى تحدٍّ ومشكل، خاصة وأن ثقافة المقاولة لا تجد لها صدى في البرامج التعليمية بالشكل الكافي، بشكل يوازي برامج دعم ريادة الأعمال. وإن كان الأمر لا يقتصر فقط على إصلاح البرامج التعليمية ومناخ الأعمال، وإنما وبشكل أساسي إصلاح هيكلي على المستوى الكلي، بالموازاة مع إصلاح شامل على مستوى الحماية الاجتماعية، وهي خيارات يمكن أن تحقق العدالة الاجتماعية والمجالية؛ بما فيها حق الجميع في الشغل اللائق.
لأجل كل هذا تقترح هذه الورقة التوصيات الآتية:
- توحيد برامج دعم ريادة الأعمال في قطاع حكومي أو مؤسسة عمومية واحدة: وهو ما يمكن من مواكبة مشاريع ريادة الأعمال فيما بعد التمويل، وبناء نظام تقييم ورصد لهذه البرامج، كما يتيح لهذه المقاولات الناشئة إمكانية الحصول على تمويل جديد يساعدها على النمو واستيعاب الباحثين عن عمل، أي أن تتحول برامج التشغيل الذاتي فيما بعد إلى مقاولات صغيرة ومتوسطة وكبيرة تشغل أفراد آخرين. ومن جهة ثانية يمنع ويقلص هذا الخيار من إمكانية تحول برامج دعم مشاريع ريادة الأعمال إلى برامج ريعية.
- اعتماد سياسة للإصلاح الاقتصادي هيكلياً وكلياً، من أجل القضاء على اقتصاد الريع ومناخ الأعمال غير الملائم لبرامج ريادة الأعمال، من خلال زيادة حجم الإصلاحات المؤسساتية، التي تدعم المنافسة الحرة والسوق الحر والمبادرة الحرة. ومن جهة ثانية من أجل أن تصبح هذه البرامج كخيارات في وقت الأزمات وليس هي الحل الاستراتيجي والاستعجالي الدائم لمشكل بطالة الشباب. مع العمل على أن يرافق هذا الإصلاح برنامج إصلاح للحماية الاجتماعية بشكل يضمن العدالتين الاجتماعية والمجالية.
- تركيز برامج دعم ريادة الأعمال أكثر على المشاريع القطاع الصناعي والتكنولوجي، الذي يتيح إمكانية خلق الثروة والنمو الاقتصادي وفرص الشغل اللائق (ضمان اجتماعي، تقاعد، تعويضات عن المرض...) وزيادة تنافسية الاقتصاد الوطني.
- إصلاح البرامج التعليمية، وجعلها تنمي روح ريادة الأعمال، بشكل يوازي هذه الرغبة في جعل برامج دعم المقاولاتية كحل في تشغيل الشباب. ولا تزال الحاجة ملحة إلى ضرورة استمرار الدولة في خلق مناصب شغل عمومية التي أصبحت جد محدودة، خاصة في ظل غياب الفكر المقاولاتي وريادة الأعمال لدى الشباب العاطل.
كما أقر تقرير لمؤسسة "أنفوريسك"، عن إفلاس 14 ألفاً و245 مقاولة، خلال سنة 2023، بزيادة وصلت إلى 15 في المائة، مقارنة بـ 2022.
تم الاطلاع عليه في 27/03/2024 في https://thevoice.ma/إفلاس-14-ألف-مقاولة-يجر-السكوري-إلى-المس/
أنظر في ذلك:
Mouhallab, Sofia and Jianguo, Wei, Small and Medium Enterprises in Morocco : Definition's Issues and Challenges (August 15, 2016).pp 3-5. Accessed 22/11/2023 Available at SSRN: https://ssrn.com/abstract=2834604 or http://dx.doi.org/10.2139/ssrn.2834604
رشيد ابريمو، "تعزيز القدرات المقاولاتية للشباب حاملي المشاريع المستفيدين من خدمات برنامج مغرب مبادرات- وكالة التنمية الاجتماعية نموذجاً"، مجلة الاقتصاد والمجتمع، المجلد الأول، العدد الثالث، أكتوبر/دجنبر 2022، ص 9. تم الاطلاع عليه في 29/04/2024 في https://journals.sms-institute.com/wp-content/uploads/2022/10/1.-رشيد-ابريمو.pdf
[47] رشيد ابريمو، "تعزيز القدرات المقاولاتية للشباب حاملي المشاريع المستفيدين من خدمات برنامج مغرب مبادرات- وكالة التنمية الاجتماعية نموذجاً"، مجلة الاقتصاد والمجتمع، المجلد الأول، العدد الثالث، أكتوبر/دجنبر 2022، ص15. تم الاطلاع عليه في 29/04/2024 في https://journals.sms-institute.com/wp-content/uploads/2022/10/1.-رشيد-ابريمو.pdf
[47] رشيد ابريمو، "تعزيز القدرات المقاولاتية للشباب حاملي المشاريع المستفيدين من خدمات برنامج مغرب مبادرات- وكالة التنمية الاجتماعية نموذجا"، مجلة الاقتصاد والمجتمع، المجلد الأول، العدد الثالث، أكتوبر/دجنبر 2022، ص15. تم الاطلاع عليه في 29/04/2024 في https://journals.sms-institute.com/wp-content/uploads/2022/10/1.-رشيد-ابريمو.pdf (لماذا الهامش 47 مكرر 3 مرات؟؟؟؟؟
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.
