الشباب العراقي في تغيّر مستمرّ: استطلاع ميداني حول تصوراتهم ومساراتهم بعد صراع 2014 مع داعش

يقف إيفان بين أنقاض منزل قديم يف المركز التاريخي لمدينة أربيل يف إقليم كردستان، العراق. ©Levi Clancy Meir/Unsplash

بيان صحفي

(باريس/تونس/بيروت، 13 أيلول/سبتمبر 2022) - تُصدر "مبادرة الإصلاح العربي" اليوم تقريراً يبحث في كيفية تأثر الشباب العراقي بصراع عام 2014 في العراق.

يستند التقرير الذي يحمل عنوان "تصورات ومسارات الشباب في بغداد والبصرة والموصل بعد الصراع مع داعش في 2014" إلى مسح  ميداني مكثف وفقاً للقاءات مباشرة مع 676 شاباً وشابة (تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً). وقد أُجري المسح في صيف 2021 في مدن الصراع الثلاث الكبرى في العراق، وهو يسعى إلى فهم كيف تأثرت الآراء السياسية لدى الشباب العراقي بالصراع، وانعكاس ذلك على مشاركتهم السياسية، وانخراطهم في العمل المدني، وجهودهم المتجهة نحو بناء السلام. كما يغوص التقرير في استخلاص مدى تأثير الصراع على مدركات الشباب للمفاهيم والقيم الأساسية مثل المواطنة والعدالة الاجتماعية والسلام. ويبحث أيضاً في كيفية تمكن الشباب – باعتبارهم مجموعة اجتماعية بعيدة كل البعد عن التجانس – من اقتناص فرص لكسب العيش واستراتيجيات للبقاء والرفاه الاجتماعي وسط سياق الصراع وما بعده.

تسد هذه الدراسة فجوة معرفية مهمة حول المسارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للشباب العراقي الذي مُني بشهود هذا الصراع. وقالت فرح الشامي - الزميلة لباحثة في "مبادرة الإصلاح العربي" ومؤلفة هذه الدراسة – أن التقرير يوفر بيانات أساسية من شأنها أن تساعد صانعي السياسات والمراقبين لتطورات العراق على فهم الحقائق المعيشية وتطلعات وطموحات الشباب العراقي بشكل أفضل؛ وأضافت "أن الحاجة إلى فهم الشباب وواقع معيشتهم وتطلعاتهم ضرورية اليوم لحماية التماسك الاجتماعي في البلاد، في الوقت الذي يسوق فيه السياسيون العراقيون البلاد إلى حافة الهاوية مرة أخرى".

 

 

تتعمق الدراسة أيضاً في الحياة الشخصية للشباب العراقي وتسعى جاهدة لفهم مساراتهم فيما يتعلق بالزواج والصحة النفسية و أوقات الفراغ ونوع الأنشطة التي يمارسونها، فضلاً عن قبول الأعراف الاجتماعية وكيفية تأثر ذلك بالصراع. وأخيراً، تهدف الدراسة إلى فهم تطلعات الشباب وأولوياتهم التي حددوها لأنفسهم ولبلدهم، كما وإلى تقييم فعالية استجابات مؤسسات الدولة وغيرها من المؤسسات الخارجية، لا سيما فيما يتعلق بسياسات وبرامج الشباب التي تقدمها المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة والحكومة والسلطات المحلية العراقية.

المسح والتقرير المكمّل له هما جزء من مشروع "مبادرة الإصلاح العربي" الأوسع نطاقاً حول كيفية اجتياز الشباب في العراق والدول العربية الأخرى للنزاعات المسلحة في العقد الماضي.

وتبين سارة آن-رينيك - نائبة مدير "مبادرة الإصلاح العربي"، والتي تدير هذا المشروع - "أن هذه الدراسة الاستقصائية هي إحدى الطرق الرئيسية للخروج عن الخطابات السائدة المحيطة بالشباب في سياقات الصراع وما بعد الصراع، والتي تهدف إلى التركيز على الشباب باعتبارهم إما استثمارات تنموية أو تهديدات للأمن أو سواعد للمستقبل. وأضافت أن مثل هذه الخطابات غالباً ما تؤدي إلى اتخاذ مختلف الجهات الفاعلة مواقف أبوية وتُنتِج تدخلات تركز على المستقبل ومنفصلة عن حقائق وتوقعات وتطلعات الشباب الحالية؛ "كما تقدم الدراسة لمحة واضحة عن كيفية تشكيل تجارب الشباب الحالية لقدراتهم ومعارفهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم وسط عدد لا يحصى من التحديات، وهذا النهج ضروري لوضع السياسات والبرامج المناسبة".

أظهر الشباب الذين شملهم الاستطلاع لامبالاة تجاه المشاركة السياسة الرسمية، وخوفاً من الانخراط في العمل السياسي أو التعبير عن الآراء/الانتماءات السياسية بسبب مخاوف أمنية. 39٪ منهم أكدوا أن الصراع جعلهم يمتنعون عن المشاركة في أي شكل من أشكال المشاركة السياسية. ومع ذلك، يعتقد 78٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أن العمل الجماعي مهم/مهم للغاية؛ وهناك 82٪ ممن شملهم الاستطلاع لا يدعمون/لا يؤيدون الجماعات المسلحة/العسكرية باعتبارها شكلاً من أشكال العمل الجماعي؛ ويعتقد 78٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أن الصراع جعل جميع المجموعات العرقية والطائفية في وضع أسوأ وليس فقط جماعتهم. وهناك 34٪ ممن شملهم الاستطلاع لا يؤمنون بنزاهة الانتخابات في العراق و43٪ منهم لا يؤمنون بقدرة الانتخابات (القادمة) على إحداث تغيير إيجابي. كما أن 60٪ ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون علمنة العراق، فيما يؤيد القليل منهم الطائفية. ويعكس هذا الاستعراض السريع للنتائج وجود جيل ذي صبغة تقدمية من الشباب في العراق، ويتطلع هذا الجيل إلى شكل من أشكال التجديد الوطني وإعادة التفكير في أسس الدولة القومية.

علاوة على ذلك، وجدت الدراسة أن الصراع كان له تأثير سلبي كبير على تعليم وتوظيف الشباب العراقي. ويتضح هذا التأثير بشكل أكبر في التعليم مقارنة بالتوظيف، ويرجع سببه الرئيسي إلى الصعوبات الاقتصادية التي نتجت عن الصراع، وبشكل أقل إلى المخاوف الأمنية المباشرة. وبالإضافة إلى الخسائر الاجتماعية والاقتصادية الفادحة التي سببها الصراع للشباب العراقي، يعتقد 7٪ منهم فقط أن الصراع كان فرصة لكسب الدخل أو الحصول على دعم مادي، وذكر 50٪ من هؤلاء أن "فرصة كسب الدخل أتت من خلال فرص العمل الاضافية الناتجة عن توسع أنشطة المنظمات غير الحكومية"، وذكر 25٪ منهم "تلقي الدعم المادي عبر برامج المساعدة الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي التي تقدمها الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية [معاً]"، كما ذكر 2٪ منهم فقط الحصول على دعم للدخل "من خلال الانضمام إلى الجماعات المسلحة/المشاركة في الصراع".

لقد شكَّل هذا التأثير الاجتماعي والاقتصادي إلى حد كبير الحياة الشخصية للشباب العراقي، وأثَّر على خياراتهم وتفاعلهم مع الأعراف الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، شهد حوالي 25٪ من الشباب تغيراً في وضعهم الاجتماعي لناحية الزواج بسبب الصراع؛ والذي غالباً ما جاء على شكل زواج متأخر أو زيجة لم تتم.

يمكن الاطلاع على مجموعة البيانات والبيانات الوصفية وكتاب الأكواد والرموز المرفقة بها وكذلك إطار وقواعد أخذ العينات والمذكرة المنهجية كما واستبيان الدراسة الاستقصائية الأساسية من خلال الدخول إلى  هذا الرابط1عند اقتباس البيانات أو استخدامها، يرجى الإشارة إليها على النحو التالي" "فرح الشامي. 2022. تصورات ومسارات الشباب في بغداد والبصرة والموصل بعد الصراع مع داعش في 2014: نتائج استطلاع ميداني. مبادرة الإصلاح العربي". .

 

عن مبادرة الإصلاح العربي:

مبادرة الإصلاح العربي مؤسسة بحثية رائدة للبحوث الفكرية المستقلة، تقوم، وبالشراكة مع خبراء من المنطقة العربية وخارجها، باقتراح برامج واقعية ومنبثقة عن المنطقة من أجل السعي الى تحقيق التغيير الديمقراطي والعدالة الاجتماعية. تلتزم المبادرة في عملها بمبادئ الحرية والتعددية وهي تقوم بالأبحاث السياسية، وتحليل السياسات، وتقدم منبراً للأصوات المتميّزة.

للاستفسار عن الدراسة الاستقصائية يرجى التواصل مع فرح الشامي (f.alshami@arab-reform.net)

Endnotes

Endnotes
1 عند اقتباس البيانات أو استخدامها، يرجى الإشارة إليها على النحو التالي" "فرح الشامي. 2022. تصورات ومسارات الشباب في بغداد والبصرة والموصل بعد الصراع مع داعش في 2014: نتائج استطلاع ميداني. مبادرة الإصلاح العربي".

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.