تصورات ومسارات الشباب في بغداد والبصرة والموصل بعد الصراع مع داعش في 2014

يقف إيفان بين أنقاض منزل قديم يف المركز التاريخي لمدينة أربيل يف إقليم كردستان، العراق. ©Levi Clancy Meir/Unsplash

بإمكانك تحميل الورقة كاملةً من الرابط الموجود في يسار الصفحة “حمّل PDF”

يمكن الاطلاع على مجموعة البيانات والبيانات الوصفية وكتاب الأكواد والرموز المرفقة بها وكذلك إطار وقواعد أخذ العينات والمذكرة المنهجية كما واستبيان الدراسة الاستقصائية الأساسية من خلال الدخول إلى  هذا الرابط1 .

الملخص التنفيذي

يتناول التقرير القائم على الرسوم البيانية (إنفوجرافيك) بالتحليل والتفسير البيانات الكمية التي جمعتها "مبادرة الإصلاح العربي" في صيف 2021 باستخدام مسح شخصي/وجهًا لوجه استهدف 676 شاباً (تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً) في ثلاث مدن عراقية (بغداد والبصرة ونينوى-الموصل). ومن خلال هذه العملية، يهدف التقرير إلى تقييم تأثير صراع 2014 مع داعش في العراق على التصورات والتطلعات والمسارات الفعلية للشباب الذين يعيشون في هذه المدن الثلاث، ويركز تحديداً على مسارات التعليم والتوظيف وسبل العيش والمشاركة السياسية والممارسات المدنية وبناء السلام، وكذلك اختيارات الحياة الشخصية. يمثل المسح جزءاً من العمل الأوسع نطاقاً لمبادرة الإصلاح العربي حول كيفية اجتياز الشباب في العراق والدول العربية الأخرى النزاعات المسلحة في العقد الماضي.

وجدنا أن الصراع كان له تأثير سلبي كبير على تعليم وتوظيف الشباب العراقي، وأن هذا التأثير اتضح بشكل أكبر في التعليم مقارنة بالتوظيف. تشكل هذا التأثير -بشكل رئيسي- من رافد الضائقة الاقتصادية و-بدرجة أقل- رافد الخوف وعدم اليقين والمخاوف المتعلقة بالأمن. وقد شكل هذا التأثير أيضًا إلى حد كبير خيارات الشباب الذين شملهم الاستطلاع وحياتهم الشخصية. علاوة على ذلك، أعرب الشباب الذين شملهم الاستطلاع عن عدم اكتراثهم بالسياسة الرسمية وخوفهم من الانخراط في السياسة أو التعبير عن وجهات نظرهم/انتماءاتهم/دعمهم السياسي بسبب المخاوف الأمنية. كان لنزاع عام 2014 تأثير سلبي على المشاركة السياسية للشباب العراقي أكثر من تأثيره على ممارساتهم المدنية.

على الرغم من أن بياناتنا تظهر أن التأثير الإجمالي للنزاع على هذه الأبعاد المختلفة كبيرٌ، إلا أن حجم هذا التأثير أقل بكثير مما قد يتوقعه المرء. فقد وجدنا أن التأثير السلبي للصراع له وقع أكبر على الوضع الراهن للشباب العراقي مقارنة بتطلعاتهم وتصوراتهم لأثره الفعلي. فعلى سبيل المثال، عند طرح أسئلة عامة حول العوامل التي تؤثر على مساراتهم، لم يذكر الشباب العراقي "الصراع العراقي مع داعش" أو نادراً ما أشاروا إليه، بينما عندما سُئلوا مباشرة عن تأثير هذا الصراع على مساراتهم، أظهرت إجاباتهم أثراً أكبر للصراع. في تقريرنا، نقدم أسباباً مختلفة تشرح هذه الملاحظات والمفارقات، بعضها ناتج مباشرة من بياناتنا، بينما ثمة أسباب أخرى عززها فهمنا للسياق العراقي. تشمل هذه الأسباب ما يلي:

  • يمكن أن يُعزى جزء من الظروف التي تحمَّلها الشباب العراقي في أعقاب صراع 2014 إلى الظروف السياسية والاقتصادية التي سبقت الصراع وربما تكون ناتجة عن صراعات/أزمات سابقة أو متداخلة (مثل: صراع 2003، وأزمة تسمم المياه عام 2014). من المحتمل أن آثار هذه الأزمات قد حدّت من التصورات المتعلقة بتأثير صراع 2014.
  • العينة التي أجرينا عليها المسح صغيرة نسبياً وتنحصر في المدن الثلاث، حيث كانت البصرة وبغداد -بدرجة أقل- أقل تأثراً بالصراع مقارنة بنينوى-الموصل. قد يكون لطبيعة العينة أثر في تقليل حجم تأثير الصراع في المجمل.
  • يستهدف المسح عينة من الشباب بمتوسط ​​عمر 23 سنة، ونظراً لأن قابليتهم للتوظيف محدودة وغير مرنة خلال الفترة المدروسة (2014-2021)؛ فمن الوارد أن يكون هذا قد قلل من تأثير الصراع على التوظيف.
  • يظهر بحثنا النوعي أن الشباب العراقي يتمسك بأهدافه التعليمية قدر الإمكان، بغض النظر عن الظروف. قد يكون هذا قد قلل من تأثير الصراع على تطلعات الشباب المتعلقة بالتعليم التي شملها المسح.
  • يمكن للطريقة التي طرحت بها أسئلة الاستطلاع في بعض الأحيان أن تلتمس تصورات الأشخاص الذين شملهم المسح للعوامل المباشرة التي تؤثر على مسارات الشباب -على الرغم من أن هذه العوامل قد تكون نتيجة للصراع- وفي بعض الأحيان تلتمس تصوراتهم عن تأثير الصراع العراقي نفسه بشكل غير مباشر.
  • خلال الصراع، كانت وسائل الإعلام مشبعة بالحديث عن التدخلات الدولية ضد داعش على أعلى مستوى، وقد بينت إجابات الشباب الذين شملهم الاستطلاع عن السؤال المتعلق بهذه الحيثية أن هناك مستوى لائق نسبياً من الثقة في وسائل الإعلام. ربما جعلهم هذا يعتقدون أن داعش ستكون ظاهرة ستختفي سريعاً، وربما أبقت تفاؤلهم مرتفعاً رغم الأزمة، وهو ما قلل من تأثير الصراع على تطلعاتهم، وبطريقة ما على تصوراتهم.

يمكن تلخيص النقاط الرئيسية لهذا التقرير المسحي على النحو التالي:

مسارات التعليم والتوظيف والمعيشة

  • يعتقد 29.29٪ من الذين شملهم الاستطلاع أن الصراع العراقي قد أثر على مسار تعليمهم "بشكل سيء للغاية" ويعتقد 14.05٪ منهم أن الصراع العراقي قد أثر على مسار تعليمهم "بشكل سيء".
  • عند السؤال عن العوامل التي أثر من خلالها الصراع على مسارهم التعليمي، أجاب 31.12٪ بأن الأثر تمثل في "مخاوف أمنية"، وأجاب 21.45٪ أنه "الفقر"، و18.13٪ أجابوا بـ "الخوف من المستقبل".
  • يعتقد 21.3٪ ممن شملهم الاستطلاع -77٪ منهم ذكور- أن الصراع قد أثر على مسار حياتهم المهنية.
  • عند السؤال عن الطريقة التي أثر بها الصراع على مسار حياتهم المهنية، أجاب 35.66٪ منهم بأن "الأثر السلبي تمثل في خسارة الأموال/الفرص"، وأجاب 18.88٪ "لقد غيرتُ مسار حياتي المهنية"، وأجاب 18.18٪ منهم "خسرت وظيفتي المفضلة"، وأجاب 12.59٪ "تركت دراستي أثناء الصراع، أو تأخرت في الحصول على وظيفة جيدة".
  • 72٪ من الذين شملهم الاستطلاع عملوا لأول مرة في حياتهم لكسب المال لمساعدة أسرهم أو لتغطية نفقاتهم الخاصة.
  • 15٪ ممن شملهم الاستطلاع الذين كانوا يعملون قبل أو في بداية الصراع خسروا وظائفهم منذ ذلك الحين وظلوا بلا عمل. 67٪ ممن لم يكونوا يعملون قبل أو في بداية الصراع ظلوا بلا عمل حتى وقت إجراء الاستطلاع.
  • لم تتغير ظروف العمل بشكل ملحوظ لدى من شملهم الاستطلاع ممن عملوا في أعقاب الصراع مع داعش مقارنة بما قبل أو بداية الصراع، وتحديداً لم يتغير وضعهم واستقرارهم الوظيفي، والقطاع الذي يعملون فيه، ونوع نشاطهم الاقتصادي.
  • لم يحصل أي من العاملين الذين شملهم الاستطلاع على وظيفته بمساعدة منظمة غير حكومية من المؤسسات التي كانت تساعد في تخفيف حدة الصراع. فقط 3.5٪ منهم حصلوا على وظائفهم من خلال مكتب التوظيف الحكومي بعد الصراع. وأما الغالبية العظمى منهم، فوجدوا وظائفهم بأنفسهم أو بمساعدة أفراد الأسرة والأصدقاء.
  • توزيع الشباب العراقي عبر مجموعات الدخل الصافي الشهرية المختلفة يصور اتجاهات مماثلة قبل أو في بداية الصراع، وبعد الصراع، وفي وقت المسح. ومع ذلك، فقد انخفض صافي الدخل الإجمالي الشهري للشباب العراقي، ووصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في الفترة التي أعقبت الصراع مباشرة، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين كان صافي أرباحهم الشهرية في الحد الأدنى، أي أولئك الذين يكسبون أقل من مليون دينار عراقي. (ما يعادل 700 دولار أميركي).
  • يعتقد 7.25٪ فقط ممن شملهم الاستطلاع أن الصراع كان فرصة لكسب الدخل أو الحصول على دعم للدخل، وذكر 50٪ منهم أن ذلك جاء "من خلال الحصول على مزيد من فرص العمل بفضل اتساع مشاركة المنظمات غير الحكومية"، و 2.08٪ ذكروا أن هذا جاء من خلال "الانضمام إلى الجماعات المسلحة/المشاركة في الصراع".

الحياة الشخصية

  • يبدو أن الصراع يؤدي إلى تفاقم الطريقة التي تُعمّق بها الأعرافُ والتقاليد الاجتماعية عدمَ المساواة بين الجنسين، وتعزز الصور النمطية فيما يتعلق بدور الرجل مقابل دور المرأة، وكذلك التمييز بين مجالات المشاركة المقبولة لكلا الجنسين (المجال العام مقابل المجال الخاص).
  • 94.53٪ ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن على المرأة أن تواصل التعليم بشكل عام، في حين أن 62.87٪ يعتقدون أن على المرأة أن تستمر في التعليم وسط الصراع.
  • يعتقد 88.61٪ ممن شملهم الاستطلاع أن المرأة يجب أن تزاول مهنة بشكل عام (81٪ منهم ذكور)، بينما يعتقد 53.99٪ منهم أنه يجب على النساء الاستمرار في العمل وسط الصراع (60٪ منهم ذكور).
  • كان للصراع العراقي تأثير كبير على الحالة الاجتماعية للشباب العراقي، حيث شهد 25٪ من الشباب تغيراً في حالتهم الزوجية بسبب الصراع، وغالبًا ما تمثل ذلك في شكل زواج متأخر أو زواج لم يتم.
  • إن تطلعات الشباب العراقي في حقبة ما بعد الصراع الحالية تتعلق في الغالب بالتعليم والوظيفة.

المشاركة السياسية والممارسات المدنية وبناء السلام

  • تغيرت الآراء والانتماءات السياسية لـ 15.68٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع في أعقاب الصراع العراقي.
  • أكد 38.16٪ ممن شملهم الاستطلاع أن الصراع جعلهم يمتنعون عن المشاركة في أي شكل من أشكال المشاركة السياسية، أو أنهم ببساطة أصبحوا أقل انخراطاً في العمل السياسي والمدني. كان التأثير السلبي للصراع على الممارسات المدنية أقل من تأثيره على المشاركة السياسية. ومع ذلك، يعتقد 77.81٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أن العمل الجماعي مهم أو مهم للغاية.
  • تعتقد الغالبية العظمى ممن شملهم الاستطلاع أن الصراع جعل مجموعتهم العرقية أو طائفتهم في وضع أسوأ. وقد بلغت هذه النسبة 78.34٪ بين الشباب العربي، و88.89٪ بين الشباب الكردي، و100٪ بين الشباب التركماني. ومن ثم يمكننا ملاحظة أن هذه النسبة تزداد كلما كانت المجموعة العرقية أصغر أو أضعف. بشكل عام، يعتقد 77.66٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع أن الصراع جعل جميع المجموعات العرقية والطائفية أسوأ حالًا، وليس المجموعات التي ينتمون إليها فقط.
  • في حين أن 65.24٪ من الشباب لا يعتقدون أن الصراع العراقي قد أثر على صحتهم النفسية (أو كانوا يخجلون من قول غير ذلك)، أفاد الباقون في الغالب بوجود تأثير سلبي للصراع على حالتهم النفسية، لا سيما من خلال التأكيد على أن الصراع جعلهم مكتئبين وأكثر تشاؤماً وأقل إنتاجية (29٪ ممن شملهم الاستطلاع).
  • 59.32٪ ممن شملهم الاستطلاع يؤيدون العلمانية في العراق، وقليل منهم يؤيد الطائفية. قال 22.49٪ من المستجيبين إنهم ليسوا مع العلمانية ولا مع الطائفية، صرح 9.21٪ من هؤلاء على وجه التحديد بأنهم يرغبون في رؤية "عراق موحد".
  • عرف غالب من شملهم الاستطلاع المواطنة بأنها "تعني الانتماء إلى هوية عراقية فقط" و"الشعور بالانتماء إلى العراق والقيام بشيء ما لصالح البلد أو المجتمع". التعريفات الأكثر شيوعًا للعدالة الاجتماعية هي "المساواة بين جميع المواطنين العراقيين والمقيمين في العراق" و"القضاء على الفقر". التعريفات الأكثر شيوعًا للعدالة هي "معاقبة مرتكبي الجرائم ومن استخدموا العنف ضد المواطنين" و"سيادة القانون القوية، وفقًا لإطار قانوني يقوم على الإنصاف والعدل". التعريفات الأكثر شيوعًا للسلام هي "نزع سلاح الميليشيات، والقضاء على العنف" و"تطبيق العدالة والإنصاف". بالنسبة لتعريف العنف، يعتقد الشباب الذين شملهم الاستطلاع أنه "نزاعٌ مسلح" و"قمع وتقليص حرية التعبير". أخيراً، فيما يتعلق بالحرية، فقد عرّفوها بأنها "القدرة على اتخاذ خياراتهم الخاصة والعيش بالطريقة التي يريدون أن يعيشوا بها" و"القدرة على ممارسة دينهم والعيش بهويتهم دون خوف من العنف".
  • 81.95٪ ممن شملهم الاستطلاع لا يؤيدون ولا يشجعون الجماعات المسلحة كشكل من أشكال العمل الجماعي. 6.8٪ فقط ممن شملهم الاستطلاع اختاروا أو التحقوا بالفعل بالخدمة العسكرية الاختيارية، أو الحشد الشعبي، أو الجيش، أو الشرطة، أو قوات الأمن.
  • على الرغم من مستوى سبل العيش، إلا أن منظمات المجتمع المدني لم تُظهر أداءً جيداً في الاستجابة للصراع في نظر الشباب الذين شملهم الاستطلاع، إلا أن 65.98٪ ممن شملهم الاستطلاع يعتبرون منظمات المجتمع المدني تلك مفيدة وتقدم يد العون بشكل عام، أو مفيدة وتقدم يد العون على مستوى المشاركة السياسية والممارسة المدنية وبناء السلام.
  • 33.58٪ ممن شملهم الاستطلاع لا يؤمنون بنزاهة الانتخابات في العراق و42.9٪ منهم لا يؤمنون بقدرة الانتخابات على إحداث تغيير إيجابي. هذا يدل على عدم الثقة في نظام الحكم بأكمله.
  • فقط 2.66٪ من الشباب الذين شملهم الاستطلاع يريدون الهجرة.
  • يتوقع 33.58٪ ممن شملهم الاستطلاع من المنظمات غير الحكومية والجهات المانحة والجهات الفاعلة غير الحكومية الأخرى توفير فرص عمل أو معالجة البطالة، و23.67٪ منهم يتوقعون تنفيذ برامج توعية للشباب.
  • تطلعات أولئك الذين شملهم الاستطلاع لمستقبل العراق تشمل بشكل رئيسي "الازدهار الاقتصادي والقضاء على الفقر" (28.85٪) و"الإطاحة بالطبقة الحاكمة والاستعاضة عنها بطبقة أخرى أفضل وأكثر توافقية" (25.3٪). ومع ذلك، فإن 47.04٪ ممن شملهم الاستطلاع لا يعتقدون أن التغيير الجذري أو الهيكلي الإيجابي ممكن في العراق في المستقبل القريب.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.