العشوائيات في سوريا: أي مقاربة بعد الصراع؟ وحقوق مَن ستحظى بالحماية؟

سكّان سوريون يعودون إلى مخيم اليرموك الذي تم الاستيلاء عليه مؤخرًا للبحث عن منازلهم وممتلكاتهم في جنوب دمشق ، سوريا 24 أيار 2018 . ونقلاً عن اخبار إعلامية، احتفل حشد كبير من الناس في ، ساحة النجمة في منطقة الحجر المجاورة. - حي اسواد. © EPA-EFE/YOUSSEF BADAWI

(باريس/بيروت/تونس، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2021) – أطلقت اليوم "مبادرة الإصلاح العربي" سلسلة من مُخرَجاتها التي تتناول حقوق سكان العشوائيات في سوريا. وتسعى تلك الدراسات إلى فهم الأطُر القانونية وممارسات التخطيط العمراني في سوريا فيما يتعلق بالعشوائيات، وإلى استكشاف الدروس من التجارب الأخرى في المنطقة العربية، حيث حَشدَت المجتمعات المقيمة في العشوائيات من أجل المطالبة بحقوقهم.

تعيش نسبة كبيرة من سكان سوريا في عشوائيات، وتشير التقديرات إلى أنها كانت تمثّل 30-40% من إجمالي المساكن قبل اندلاع انتفاضة 2011. وكان هذا النمط من المساكن سائداً تحديداً في المناطق شبه الحضرية التي عانت من معظم حالات الدمار والنزوح خلال الصراع الذي أعقب الثورة. وعلى الرغم من انتشار العشوائيات، لم تحظَ هي وحقوق سكانها بالاهتمام الكافي في نقاشات السياسات التي دارت حول إعادة إعمار سوريا.

وقال نديم حوري، محرّر المجموعة والمدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي، إن "أي نقاش حول إعادة الإعمار بحاجة إلى أن يأخذ بعين الاعتبار واقع العشوائيات في سوريا، حيث كان يعيش معظم النازحين". وأضاف أن "إحدى أبرز النتائج التي توصلنا إليها هي أن الحكومة السورية وجدت في واقع العشوائيات الهائل المحيط بالمدن السورية -الذي سبق نشوب الصراع- ثغرةً يمكنها من خلالها تعزيز مصالح بعض حلفائها على حساب حقوق السكان المحليين".

وتشمل مجموعة المخرجات ما يلي:

  • تقرير بحثي كتبه كلٌّ من أحمد سُكّر وسوسن أبو زين الدين وهاني فاكهاني، يرسم ويحلّل نهج الحكومة السورية تجاه المساكن العشوائية. ويبدأ التقرير بتقديم خلفية تاريخية لما قبل 2011 حول الترابط بين ظهور العشوائيات في سوريا وبين نهج الحكومة تجاه توفير المساكن وإدارة الأراضي. ويقدم التقرير أيضاً قراءة نقدية لتطور الأطُر القانونية، قائلاً إن العشوائيات نتيجة طبيعية لفشل الحكومة المزمن والمنهجي في التعامل مع تزايد الحاجة إلى الإسكان. ثم يتناول التقرير تطور النهج الحكومي تجاه العشوائيات في مرحلة ما بعد 2011، وذلك من خلال تحديد معالم سلسلة من مشاريع إعادة الإعمار، سواء المخطط لها أو الجارية، عبر مدن مختلفة في سوريا، مع المراقبة عن كثب للأسس القانونية خلف كل حالة منها والسرديات الرسمية حولها وإجراءات التنفيذ والتقدم المُحرَز وتأثير هذه المشاريع على السكان. ويعمّق البحث هذا التحليل من خلال دراستَي حالة مفصّلتَين، هما حي القابون في ريف دمشق وحي الحيدريّة في شرق حلب.
  • جدول زمني تفاعلي يقدم لمحة عامة عن أبرز القوانين واللوائح والتوصيات الرئاسية والسياسات والبرامج والأنشطة المتصلة بالعشوائيات في سوريا في مرحلة ما قبل 2011. ويسعى هذا الجدول إلى الإسهام في فهم نهج السلطات الحكومية تجاه العشوائيات، وذلك للوصول إلى فهم أوسع للقضايا الحالية التي تواجه العشوائيات.
  • ببليوغرافيا مُنسَّقة لأهم الأوراق البحثية والوثائق والمخرجات حول العشوائيات في سوريا، صادرة باللغتين الإنجليزية والعربية.

تضمّنت المخرجات أيضاً دراسات حالة تسلط الضوء على الدروس التي يمكن أن تستفيدها سوريا من التجارب الأخرى في المنطقة العربية، حيث تعاون كلٌّ من النشطاء والمحامين والعاملين في التخطيط الحضري مع المجتمعات المحلية، في محاولة لاقتراح بدائل للخطط التي كانت تُنفّذ تنازلياً، من أعلى إلى أسفل، وكانت مدفوعة في الغالب بنهج نيوليبرالي و/أو نهج أمني. ومع أن السياقات بين سوريا وسائر المنطقة العربية متفاوتة، إلا أن للعديد من الديناميات الدافعة للنهج الذي تتبعه سوريا تجاه العشوائيات صدىً في النهج الأمني ​​المعتمد في بلدان أخرى في المنطقة. تشمل المخرجات تحديداً ما يلي:

  • دراسة حالة تتناول دور المجتمع المحلي في التعبئة من أجل المطالبة بحقوقهم، وذلك في سياق عملية إعادة إعمار مخيم نهر البارد للاجئين في لبنان، وقد كتب الدراسة إسماعيل شيخ حسن. وتتناول الورقة دور المجتمع المحلي والناشطين المحليين في مواجهة الرؤى الأمنية للدولة والجيش اللبناني لإعادة إعمار المخيم الذي دُمِّر عام 2007 بعد معارك بين الجيش اللبناني وجماعة إسلامية مسلحة. وتسلط الورقة أيضاً الضوء على دور التنظيمات المحلية، والعناصر الأخرى التي أحرزت بعض النجاحات في معارضة الخطط الأولية، وتُبرِز أيضاً أهم القيود التي تمكنت هذه المنظمات المحلية من التغلب عليها.
  • دراسة حالة تستكشف التنظيم المجتمعي في مقاومة تهجير سكان حي رملة بولاق بالقاهرة، وكتبتها أمنية خليل. وتستكشف هذه الورقة التعبئة التي حدثت بين عامي 2012 و2015 حين تعاون عددٌ من النشطاء والمحامين مع المجتمع المحلي في حي رملة بولاق في القاهرة، لاتباع نموذج لتصميم المجتمع التشاركي من أجل الارتقاء بالحي الذي صُنّف منطقةً عشوائية، والذي أراد مطورون من القطاع الخاص والدولة إزالته وبناء أبراج جديدة بدلاً منه. وتناقش الورقة فرص التعبئة المحلية في تطوير حلول بديلة، مع التعليق على أسباب الفشل النهائي للنهج التشاركي الذي اعتمده التنظيم المحلي في حي رملة بولاق بالقاهرة.

يأتي تمويل هذا البحث من "المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي" (المعروفة اختصاراً بـ GIZ)، بوصفه جزءاً من مشروعهم لتأمين حقوق اللاجئين والنازحين داخل سوريا في السكن والأرض والتملُّك.

وكما لاحظ حوري، فإن "معالجة أوضاع أولئك الذين اعتادوا العيش في عشوائيات لا تتعلق فقط بمجرد الاعتراف ببعض أشكال حقوق الحيازة غير الرسمية في الأطُر القانونية الحالية؛ بل تتطلب أن نعيد صياغة فهمنا للسمة غير الرسمية، بما يتجاوز مجرد تمظهُرَها في شكل قانوني أو غير قانوني للحيازة والتملُّك، وتتطلب منّا أيضاً معالجة بعض سياسات الأرض والإسكان الأساسية المعمول بها. إن التمسك بمنظور حقوقي وعادل اجتماعياً، لاحتضان السمة غير الرسمية وحقوق أولئك الذين يعيشون في العشوائيات، هو الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق لتلبية الاحتياجات المُلحّة في سوريا التي مزقتها الحرب".

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.