نجحت الجاليات السورية في المهجر في مجالات متعدِّدة وبقيَت مع ذلك على تواصل دائم مع الداخل السوري. في السنوات الأخيرة، أخذت العلاقة تتفاعل كنتيجة للصراع الدائر منذ 2011، لتتجاوَز المساهماتِ الاقتِصادية والثقافية المرتَقبة تجاه البلد الأم. اليوم، تبدو الهويّة الوطنية ومصيرُ الدولة في خطر. وفي ظلّ تدهْور المؤسّسات وازدياد التطرف، ثمّة حاجة مُلحّة اليوم لتمكين الشتات السوري من إيجاد السبل لزيادة الدعم على المستوى الإنسانيّ، والاجتماعيّ والسياسيِّ والاقتِصادي والفكري. ويغدو استِنهاض الشتات أكثرَ إلحاحاً وضرورةً حين يُبَدّى الاستقرار والأمن على حقوق الإنسان.

ممّا يتطلّب وضعَ استراتيجيّة على مستوى عالٍ من التنسيق والتعاوُن بين أطيافٍ متبايِنة في الشتات السوري، أعلى بكثير من الذي كانَت عليه قبل اندِلاع الأزمة.

تعتبر مبادرة الإصلاح العربي أنَّ نجاح الجالِية السوريّة في المهجر يُعطيها مهاراتٍ وخبراتٍ وكفاءاتٍ تؤهّلها لأن تلعب دوراً وازناً في الأزمة السورية. يَطمح المشروع الذي امتدَّ على مدار 2016-2018 إلى تقديمِ تجارب شتات متنوِّعة تشكِّل دعائمَ متينةً يؤسَّس عليها لتجربة سوريّة فريدة. فبالإضافة إلى ضرورة استِشرافٍ لخارطة الشتات السوري حولَ العالم وما آلت إليه منذ 2011، لا بدَّ من مقاربة مع تجارب شتات عَرفتها المنطقة (الشتات اللبنانيّ، الفلسطينيّ، الأرمني) ولعبت دوراً محورِيّاً في علاقاتها مع المجتمعات الأم. من خلالِ استكشاف تجاربِه الخاصّة والمقارنة مع تجاربَ أخرى، يُمكن للشتات السوريّ أن يقدِّم مساهمةً إيجابيّة في حياة السوريّين، داخلَ سوريا وخارجَها، وذلك على مختلف الأصعدةِ السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة.

ينقسم مشروع " كلُّ سوريا" إلى شقّين: شقٌّ علميٌّ لتغطية تجاربِ الشتات السوريِّ وتجاربَ مقارنةٍ حول العالم، وشقٌّ عمَلي تقوم فيه مبادرة الإصلاح العربي بجمع شخصيّات بارزة من الشتات السوريّ من أجلِ تأسيس شبكة من الخبراء يشكِّلون نواةً لفريق دعم لسوريا. المقاربة بين هذَين الشقّين، ستُلقي الضوء على ما يُمكن للجالية السوريّة في المهجر أن تقوم به في الأزمة الراهنة. سيتمُّ حينها وضعُ توصِيات توجَّه لصنّاع القرار حوْل العالم وللسوريّين في الخارج لطرحِ آليّاتٍ عمليّة يتمُّ من خلالِها دعمُ خبراتِ وطاقاتِ الشتات السوريّ للتخفيف من حدّة الأزمة في الداخل السوري.

ستقدَّم نتائج المشروع في باريس في 12-13 نيسان/أبريل 2018 المقبلين

  • اليوم الأوَّل (ّ12-04-2018) بالتعاون مع كرسي تاريخ العالم العربي المعاصر في الكوليج دو فرانس. وهو عبارة عن ورشة عمل علميّة يطرح فيه الباحثون المساهِمون في المشروع نتائجَ أعمالهم.
  • اليوم الثاني (13-04-2018) في مَعهد العالم العربي، يتمُّ تنظيم مؤتمرٍ يجمع شخصيّات سورية بارزة في العالم، وصناع قرار، بالإضافة إلى وسائل إعلام عالمية. يتخلَّل هذا المؤتمر معرضَ صوَر عن سوريا، ويَهدف إلى استِصدار ميثاق شرف يشكِّل ركيزةً لنداء يوجَّه إلى الشتات السوريّ للمساهمة بإعادة بناء مكوِّنات البلد الأمّ على أسُسٍ تَحترم مبادئ التعدُّدية الفكريّة وحرية المعتقَد والعدالة الاجتِماعيّة.

يدير مشروع "كلّ سوريا" بسمة قضماني مديرة مبادرة الإصلاح العربي، وهناء جابر باحثة رئيسية.  يساعدُهما في إتمامِه نفيسة السوري، وسعيد حدادي. وتُشرف على استراتيجيّته العامّة لجنةٌ استِشارية مكوَّنة من شمسي سركيس وأنطوان دوبوسك وصوفي غينييه.

مموِّل المشروع