هل "الإصلاح" مستحيل للقطاع الأمني؟ نقابات، منظمات دولية وتجمّعات مناضلة حول المسألة الأمنية

الشرطة تتدخل في احتجاج على استفتاء 25 تموز/يوليو على الدستور الجديد، أمام وزارة الداخلية. تونس العاصمة، 22 تموز/يوليو 2022 ©Yassine Gaidi/Agence Anadolu

يوم 29 أوت الماضي، أعلن وزير الداخلية توفيق شرف الدين في منشور داخلي، تعليق العمل بخصم الاشتراكات لجميع النقابات الأمنية، كما أعلن بعد بضعة أيام في ندوة صحفية عن عدم شرعية الاقتطاعات النقابية من الأجور والمقدّرة بمبلغ أربعين مليون دينار سنويا. وإن دلّ هذان الإعلانان على دخول العلاقة بين السلطة السياسية والنقابات  الأمنية منعرجا جديدا، فإنهما كذلك يعيدان طرح مسألة الرقابة على الجهاز الأمني والمحاسبة.

على اعتبار مسؤولية الجهاز الأمني عن تعذيب المعارضين وقمع الحركات الاجتماعية، ورقابته لتسيّس المنشقين، الا انه كان يلعب دورا أساسيا في الحفاظ على نظام بن علي، لذلك، ومنذ شهر جانفي 2011 صارت ضرورة " التغيير" داخل قطاع الأمن رهانا عاما، وكان حل "البوليس" السياسي في قلب المطالب الشعبية. ويبدو أنّ "إصلاح القطاع الأمني" فرض نفسه في الفضاء العام كشعار مهيمن، أدخلته المنظمات الدولية إلى تونس  وتبناه  الخطاب الرسمي والمؤسساتي.

ولكن تم فرضه كشعار مبهم أكثر منه كمفهوم واضح، بحيث يمكن أن يتضمن ممارسات متناقضة بدءا ببرامج " شرطة الجوار" وضعها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، ووصولا إلى المحاولات غير المثمرة لوضع مجلّة أخلاقيات المهنة، مرورا بالمطالبة بالحق النقابي الأمني. وقد كثفت  النقابات الأمنية في إطار استراتيجيتها للتخلّص من السيطرة  السياسية، في خطاب بلاغي حول "الأمن الجمهوري"، بمعنى خضوع قوات الأمن للجمهورية وليس للنظام الحاكم. وإضافة إلى ذلك طورت النقابات الأمنية خطابا بلاغيا ثانيا حول مقاومة الإرهاب وتقديم الأمنيين المتوفيّين أثناء عملهم كشهداء، وتوظيف هذا الخطاب آليا أثناء النقاشات حول العمل الأمني. ورغم هذه الفوضى الإصلاحية، فقد بقيت آمال التغيير في الممارسة الأمنية حبرا على ورق. ويهتم هذا المقال بالأعمال الحاصلة باسم التغيير داخل المؤسسة الأمنية مع التركيز على بيان ميزان القوى بين مختلف المجموعات الاجتماعية الفاعلة.

نقابات الأمن وتمكين قطاع الأمن

تعود بداية التعبئة الأمنية لتكوين نقابة إلى يوم 15 جانفي 2011، أي غداة هروب بن علي (1). في مناخ يتسم بملاحقة أعوان الأمن من طرف السكان، وجهت وزارة الداخلية التي كان يديرها الجيش، الأمر إلى الأعوان بتسليم السلاح إلى العسكريين. وكردّ فعل، عقد أعوان قوات الأمن الداخلي (بكلّ أصنافهم) تجمّعا في ثكنة صفاقس وقرّروا تكوين نقابات ونظموا انتخابات لممثليهم. وامتدت التعبئة  الأمنية إلى كلّ الجهات وإلى العاصمة. وقد استغلّ أعوان الأمن العام (2) رجالا ونساء، خاصّة غياب رؤسائهم المباشرين، للتنظم والتجمّع أمام وزارة الداخلية. ومنذ شهر فيفري  2011، يتم تنظيم انتخابات الممثلين النقابيين داخل الثكنات في عدّة جهات (صفاقس، قفصةّ، قابس)،ويتم اختيار مكاتب تنفيذية جهوية تتركب من تسعة أعضاء. وانطلقت في نفس الوقت مفاوضات لتقنين النقابات الأمنية وصياغة المطالبات الأولى لها.

كان المسؤولون والمسؤولات النقابيون المنتخبين والمنتخبات أو المعينين والمعينات حديثا (وهم في أغلبهم ضباط مساعدون وضابطات مساعدات أو أعوان أمن)، يلتقون بالمديرين العامّين لوزارة الداخلية ويتفاوضون معهم حول الحق النقابي، بحيث أنّ تكوين النقابات تمّ في مناخ صراع مع جزء من إدارة الأمن التي طوّرت عدّة استراتجيات لوضع اليد على النقاباتّ: تعاون، تقسيم النقابات أو متابعة أمام القضاء للمسؤولين النقابيين الأمنيين.

على المستوى الوطني كانت النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي (SNFSI)هي النقابة الأولى التي تمّ تكوينها في شهر أفريل 2011(3)، ثمّ تمّ الاعتراف القانوني بها إثر تنقيح القانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي، وتظم  هذه النقابة عدّة أسلاك  ووحدات تابعة لوزارة الداخلية وقوات مسلّحة: حرس وطني، أعوان أمن، حماية مدنية، أعوان  سجون. وكان أوّل من انسحب منها أعوان وحدات التدخل وهي إدارة تابعة لوزارة الداخلية مكلّفة بحفظ النظام (وحدات النظام العام)، وأعوان وحدات حماية المنشآت الديبلوماسية وأعوان القوات الخاصّة ووحدات مقاومة الإرهاب وفرقة الأنياب  وأعوان السجون...إلخ. ونظموا جميعهم يوم 03 جويلية 2011 انتخاب المكتب التنفيذي لنقابتهم الخاصة: نقابة موظفي الإدارة العامة لوحات التدخل(SFDGUI). وفي النهاية استقلّ كل بنقابته، فإلى جانب النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي التي تضمّ مجمل القوات الحاملة للسلاح باستثناء الجيش والديوانة وإلى جانب أعوان الأسلاك المدنية ، فإنّ نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل شرعت منذ سنة 2012 في ربط تحالفات أوّلا مع نقابة الحرس الوطني ثمّ عقدت اتفاقيات مع منظمات نقابية أخرى: السجون والديوانة وقتيا، والأمن العمومي وحرس الحدود، ومنذ شهر جويلية 2020 مع أمن الجولان.  وأصبحت تقدّم نفسها باسم "الجبهة النقابية" وتقول أنها تضمّ قرابة 36000 منخرط ومنخرطة، وهو رقم أقلّ مما تقدّمه النقابة المنافسة، النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي المقدّر بـ 62000. وفي غياب الشفافية بخصوص إجراءات الانخراط في مختلف النقابات، تبقى هذه الأرقام المقدّمة من الأمنيين النقابيين أنفسهم (4) محلّ الأخذ بعين الحذر.

جدول يلخص أهم النقابات الأمنية

إسم النقابة النموذج عدد المنخرطين المصرّح به تاريخ التكوين العلاقة بالسياسة وبالإدارة الشعار
النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي وتسمّى أيضا "الوطنية"

 

تجمع كل الأسلاك (حرس وطني، شرطة، حماية مدنية، أعوان سجون) 62.000 (حسب تصريحات نقابيين في 2021) 04 جوان 2011 علاقة صراع خاصّة في الفترة 2012-2014 مواقف ضدّ الاسلاميين (النهضة ثمّ ائتلاف الكرامة .معلنة لبعض ممثليها( كرامة-وطنية-استقلالية
نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل وتسمّى أيضا:  " "البوب" نموذج مصلحي مهني كانت المبادرة للتحالف المسمّى: الجبهة النقابية لنقابات قوات الأمن مع عدد آخر من النقابات المهنية (حرس وطني، أمن عمومي، حماية مدنية،أعوان  سجون وديوانة) تقريبا 36000 03 جويلية 2011 نموذج التصرّف المشترك تنحو نحو التعاون مع الإدارة الأمنية (صياغة مشاريع إصلاح للقوانين الأساسية، مخططات لزيادة الأجور على خمس سنوات ممضى سنة 2016 . ويعرف هذا النموذج بعض الحدود خاصّة في أوقات تعطيل المفاوضات حين تدعو إلى التظاهر)  

نضال- استقلالية-عمل- مسارنا ثابت

يجد ضعف الإطار التشريعي للوظيفة النقابية الأمنية، والذي هو اليوم في قلب الخلاف الحالي والصراعات بين النقابات والوزارة، جذوره في لحظة تكوين هذه النقابات،  فقد مكنها المرسوم المنقح للقانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي من حق التعبير في الإعلام. وهو الحق الذي وظفته للدفاع عن أجنداتها، وهذا يندرج في ديناميكية استقلاليتها اتجاه السلط العامة (5). وإذا كان المرسوم المذكور يجبر هذه النقابات على الاستقلالية عن المركزيات النقابية الأخرى، وعلى إيداع قوانينها الأساسية لدى وزارة الداخلية، ويمنع عنها حق الإضراب، فإنه بالمقابل لا يحدّد وظيفة للمنظمات النقابية المعنية، ولا إطار علاقاتها مع الإدارة، ولا طرق تعيين ممثليها وإجراءات اقتطاع معاليم الانخراط فيها من الأجور. وقد استمدت النقابات طرق عملها وتسييرها من أنظمتها الداخلية التي يتم التصويت عليها في مؤتمراتها. وقد تمّ القيام ببعض المحاولات لتنظيم النشاط النقابي الأمني ولكن دون جدوى (6).

تميل هذه النقابات إلى إتباع نفس طرق وأساليب مجالس العمال داخل شركات (comité d’entreprises) : التفاوض على أثمان مخفضة لفائدة منخرطيها لخدمات متنوعة، بدءا من التخفيضات على  الباقات الهاتفية إلى غاية العمرة، مرورا بالدروس الخصوصية لأطفالهم. تحت نظام بن علي ، كانت أساليب التأطير وإخضاع ضباط الصف ترتكز على الأجور المنخفضة وظروف العمل الصعبة بشكل خاص، فّإنّ هؤلاء وخاصّة الأقل رتبة فيهم تلقوا بكلّ ترحاب قدوم النقابات التي من بين وظائفها التفاوض حول  ساعات العمل والترفيع في الأجور ومطالب النقل والترقيات. وبتموقعها كوسيط بين القواعد والقيادات، تميل النقابات أحيانا نحو تدمير  النظام الهرمي.

"إنّ النقابة تقيم التوازن. و اختصاصها هو السياسة الأمنية، هي تقيم التوازن، فالقائد، المسؤول الأمني عليه دائما العمل مع النقابة. لم يعد ممكنا أن تحصل على السلطة وتفعل ما تريد [ ... ]

أنظر، لكي تكون نقابيا، يجب أن تحسن الحديث. يجب أن تحدث توازنا بين الإدارة والمنخرطين. حين يكون المنخرطون معك يجب أن تكون على أحسن ما يرام، يجب الاستماع إلى الطرفين وإحداث التوازن " (7)

وقد سمح هذا التوازن الذي تلعب فيه النقابة دور حلقة الوصل بين القواعد والمسؤولين، بتمكين الفاعلين النقابيين الأمنيين من احتلال مواقع متقدّمة في التفاوض على مصالحهم. وفعلا فقد عرف عدد منهم ارتقاء مهنيا باهرا دون إتباع مراحل التكوين، ولا النجاح في مناظرات التدرج المهني. وإثر إبرام اتفاقيات بين النقابيين والحكومة، والتي سميّت تنظيما للمسار المهني ارتقى قرابة 13000 ضابط مساعد عدّة درجات مهنية بين 2013 و2015.

مشروع قانون زجر الإعتداءات على القوات المسلّحة أو صكّ على بياض من المشرّع إلى الأمني.

في شهر نوفمبر 2017، عندما تمّ طعن عوني أمن أثناء العمل ممّا تسبب في وفاة أحدهما، نادت النقابات الأمنية من جديد بإصدار ما يسمّونه "قانون حماية أعوان الأمن". وكان مشروعا مثيرا للجدل بصفة خاصة ويعود إلى سنة 2015، وقد تمت صياغته من طرف مصالح الشؤون القانونية لوزارة الداخلية وأعضاء من ديوان وزير الداخلية (التابعين لحركة النهضة) علي العريض في ذلك الوقت، وقد عابته عدّة جمعيات ومنظمات دفاع على حقوق الإنسان، بسبب توجهه المعادي للحريات (11). فهو يوسّع خاصّة حق استعمال القوة إلى حماية المنشآت العمومية، مع ضمان عدم التتبع ضدّ الأعوان. ويعاقب"الاعتداءات والتهديدات " ضدّ الأعوان وكذلك ضدّ عائلاتهم ...إلخ. وبينما كان مشروع القانون بصدد الدراسة في مجلس نواب الشعب، نشرت نقابة موظفي الإدارة العامّة لوحدات التدخل صحبة نقابات أخرى (نقابتا الأمن العمومي والحرس الوطني) بلاغا تدعو فيه إلى إصدار القانون، وإلاّ فسوف تدعو وحدات التدخل إلى الكف عن حماية الشخصيات السياسية (12). ودفع هذا اللجوء إلى "الغضب والتهديد"  (13) الأمني، إلى إعادة إدراج النصّ في جدول أعمال مجلس نواب الشعب قبل أن يتمّ سحبه مع وعد من وزير الداخلية، في ذلك الوقت لطفي براهم، بإيداع نسخة منقحة.  ومنذ شهر مارس 2020 بقي مشروع القانون في طور المراجعة في لجنة التشريع العام في المجلس كما ، استمع النواب إلى عدد كبير من أعضاء النقابات الأمنية وممثلي جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان. فتم الاستماع إلى أعضاء نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل في ماي 2020 وبالذات للناطق الرسمي باسمها، الذي دافع عن ضرورة حماية أعوان الأمن في نفس الوقت الذي وجّه فيه نقدا خفيفا لمشروع القانون، وقد كان موقفه مشابها لممثل النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي الذي تمّ الاستماع إليه في شهر مارس.

كانت استشارة النقابات ضعيفة عند صياغة نص مشروع القانون الذي رغبت فيه بكلّ قوّة، ولكنه كان محكوما "بعدم المرور"، طالما كان عدد من فصوله خارقا للحقوق والحريات المضمونة بدستور 2014 (14). وفي الأخير، صادقت لجنة التشريع العام على نسخة منقحة تمّت إحالتها إلى النقاش والتصويت في الجلسة العامة منذ تاريخ 06 أكتوبر 2020 (15). وساندت جميع النقابات الأمنية هذا المشروع، وتدخّل لفائدته الناطقون الرسميون في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، ونادوا بقوة للمصادقة عليه. ووظفوا حجة مقاومة الإرهاب كدافع رئيسي لتبرير الحاجة إلى هذا الإطار القانوني حتى تتحقق، حسم ذكرهم، "حماية" الأعوان. وتزامنت هذه الحملة الإعلامية مع استراتيجية مزدوجة أكثر هجومية وغير قانونية، عبر وسائط التواصل الاجتماعي نحو المعارضين لهذا القانون. فشاهد بعض المناضلين والمناضلات صورهم ومعطياتهم الشخصية منشورة على صفحات عامة تابعة للنقابات الأمنية، وصفحات خاصة تابعة لنقابيين أمنيين. وقدّم الفرع الجهوي بصفاقس التابع للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي شكوى ضدّ إحدى المناضلات بسبب تدوينة منشورة على الفايسبوك. كما تمّ استدعاء ثمانية مناضلين ومناضلات (من أحزاب يسارية وجمعيات نسوية ومدافعة عن حقوق الإنسان وأشخاص من مجتمع الميم-عين و آخرين،  إلى منطقة الأمن تبعا لشكاية رفعتها ضدّهم  نقابة الأمن العمومي وإدارة الأمن بباردو (16).

كما نظّم نفس الفرع الجهوي مظاهرة في شهر مارس 2021 اتهم خلالها كاتبها العام عددا من المناضلات والمناضلين ضدّ العنف البوليسي بالردّة وهدّدهم بالانتقام(17). وقد مكنتهم هذه الإستراتجية من إسقاط الدعاوى المرفوعة ضدّهم من طرف عدد من المواطنين والمواطنات وحتى من إدانة هؤلاء، وذلك بقلب المواقع بتحويل الأمنيين من متهمين إلى ضحايا(18). كما وظفوا بقوّة منذ بعض السنوات الفصل 125 من المجلّة الجزائية، والذي يعود إلى سنة 1913 أي إلى الفترة الاستعمارية، والذي يعاقب بسنة سجنا و 120 دينارا خطية ل"هضم" جانب موظف عمومي  او  شبهه بالقول أو الإشارة أو التهديد حال مباشرته لوظيفته أو بمناسبة مباشرتها.

وزيادة على توظيف القانون، استعملت نقابات الأمن وسائل أقلّ قانونية في الدفاع عن منظوريها المورّطين في أعمال عنف، وارتفعت تقنيات التخويف  بنسب كبيرة في شهر فيفري 2018،حين تظاهر أعضاء من نقابة موظفي الإدارة العامة للأمن العمومي ( النقابة الحليفة لنقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل)، مسلّحين أمام محكمة بن عروس، واقتحموا حرم المحكمة في ردة فعل على إصدار بطاقة إيداع في حق ثلاثة من زملائهم المتهمين بتعذيب أحد الموقوفين. وكان هذا الأخير قد صرّح أمام أعضاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، أنه تعرّض إلى التعنيف، وتمّ رشه بالغاز المسيل للدموع وتعريته تحت المطر، أمّا النقابات فقد لجأت إلى الخطاب البلاغي المعتاد غير البعيد عن الخطاب الرسمي للوزارة، والهادف إلى تجريم الضحية في وسائل الإعلام، وتقديمها كشخص عنيف وقادر على القيام بأعمال إرهابية (19). ونشرت نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل بلاغا دعت فيه الأعوان إلى مقاطعة حماية المحكمة ما دام زملائهم في حالة إيقاف، وإلى عدم المثول أمام المحاكم في القضايا التي تتعلّق بممارستهم لمهنتهم. وهكذا يتبيّن ان عملية تكريس العدالة على الأعوان الذين يلجؤون إلى الاستعمال المفرط للعنف، يقوم حاجزا أوّليا في قضايا العنف البوليسي. وقد حصل نفس الشيء في قضايا العدالة الانتقالية حيث لم يتم تنفيذ أي بطاقة جلب من قرابة الستين بطاقة الصادرة ضدّ موظفين أمنيين.

الحركات ضدّ العنف البوليسي: النضال ضدّ الإفلات من العقاب كأولويّة:

أمام تهديدات وقمع النقابات الأمنية، تكوّنت تجمّعات مواطنية ضدّ إفلات الأمنيين من العقاب في قضايا القتل المرتكبة من طرفهم. وانطلقت في 2015 على وسائل التواصل الاجتماعي حملة "حاسبهم"، بمبادرة من مجموعات مناضلين ومناضلات نسوية ومدافعة على حقوق الإنسان، والتي ترمي أساسا إلى إبراز المعارضة لمشروع القانون عدد 25/2015. وبين 2015 وأكتوبر 2020 كان هذا الائتلاف يدعو دوريا إلى التحرّك ضدّ نص مشروع القانون، خاصّة حين كان هذا النص بصدد المناقشة من طرف النواب تحت ضغط النقابات الأمنية.

كما يتم دوريا تكوين لجان مساندة حول عائلات الضحايا، يلعب فيها المحامون والمحاميات دورا هاما في التشهير بالإيقافات في الإعلام، وخاصّة فيما يتعلق بالخروقات القانونية التي تتم في هذه القضايا. وتجدر الملاحظة أنّ قضية عمر العبيدي (22) كانت مناسبة لتكوين تجمّع لعدّة ناشطين في المجتمع المدني من أجل النضال ضدّ العنف البوليسي والإفلات من العقاب. كما تمّ الإعلان عن التحاق عدد من مناضلي ومناضلات حقوق الإنسان وبعض مكونات المجتمع المدني، مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى  حملة  " تعلم عوم" يوم 17 جانفي الماضي في مقرّ نقابة الصحفيين. ويهدفون جميعا إلى تحقيق  العدالة في قضية عمر،  ومقاومة العنف البوليسي بصفة عامّة. وتمّ تنظيم تحرّك أمام المحكمة يوم الجلسة، ضمّ مجموعات أنصار وجمعيات من المجتمع المدني (خاصة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ونقابة الصحفيين). وإلى جانب التحركات الميدانية، يتخذ النضال ضدّ العنف البوليسي أشكالا أخرى مثل التكفل القانوني بالمحتفظ بهم، والذي تحملت به خاصة منظمة محامون بدون حدود والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، اللذان يوفران المحامين للدفاع عن الموقوفين (23). وتنخرط هاتان المنظمتان بصفة خاصة في التحسيس بالقانون عدد 5/2016 الذي يضمن حضور المحامي أو المحامية أثناء الاحتفاظ، ويحدّد مدّته بـ48 ساعة. كما وضعت المنظمة العالمية ضدّ التعذيب برنامج "سند" منذ 2013، والذي يوفّر بدوره المساعدة القانونية والنفسية والصحيّة (24) لضحايا التعذيب وعائلاتهم. وتوجد إلى جانب ذلك مبادرات خاصة، كمبادرة الحزب التونسي الذي أسّسته مريم منور، والذي يتكفّل كذلك بالمصاريف القانونية لعائلات ضحايا العنف البوليسي. وتواجه هذه المجهودات صعوبة التوثيق والتقييم بفعل جسامة وطبيعة العنف البوليسي(25)،كما يعقّد انقسام الحركات والجمعيات والمنظمات التي تشتغل على مسألة العنف البوليسي الاتفاق على المعطيات المتعلّقة باللجوء المفرط للقوة من طرف أعوان الأمن. إن تكاثر الجرحى والجريحات والمقتولين والمقتولات بفعل الأمن، يدفع إلى الاعتقاد أننا أمام ظاهرة اجتماعية وعنف منهجي. وأمام خطاب "الثمرة الفاسدة" والتجاوز الفردي، الذي يؤدي إلى عدم محاسبة العمل الأمني في مجمله، يبدو أننا في حاجة ماسّة أكثر من أيّ وقت مضى، إلى أداة إحصائية حول العنف البوليسي، غير أن شبه استحالة الحصول على المعطيات من طرف الوزارة، تقف حاجزا رئيسيا أمام توثيق العمل الأمني بصفة عامّة وانحرافاته على وجه الخصوص. وتواجه محاولات الحصول على معلومات حول مآل الملفات لدى إدارة الوزارة بالرفض، ولا توفّر التفقدية العامّة لوزارة الداخلية أية معطيات حول التتبعات الإدارية ومآلاتها، وتتولّى آليا رفض جميع مطالب النفاذ إلى المعلومة المقدّمة لها.

المنظمات الدولية و"إصلاح قطاع الأمن"

تلاقي برامج الإصلاحات المقدّمة في شكل "حزمة دمقرطة قوات الأمن"، عددا من الاحترازات من طرف الفاعلين في الوزارة، وتتميّز هذه الحزمة بخصوصية الجمع في نفس الوقت بين جوانب متعلقة "بدمقرطة" قوات الأمن (26) وجوانب تقنية عبر التكوين والتبرع بالمواد والأجهزة. وكان برنامج دعم وإصلاح وتعصير القطاع الأمني (PARMSS)   موضوع اتفاقية ممضاة بين وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة والمفوضية الأوروبية سنة 2015 بمبلغ ثلاثة وعشرين مليون أورو (27). وترمي الإتفاقية إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية: "الدعم" التقني لمراقبة الحدود، والإصلاح التشريعي لقطاع الاستخبارات، وملائمة العمل الأمني للمعايير الدولية لحقوق الإنسان (هنا المقصود المحاسبة). ودون مفاجأة، فقد كان الهدف الأخير هو الذي تعرّض إلى الاحترازات والعراقيل لوضعه حيز التنفيذ. وقد كان من بين عناصره إنشاء لجنة أخلاقيات ترتكز في نشاطها على مدونة سلوك لقوات الأمن الداخلي. كما أقرّت الاتفاقية أيضا مشاركة "منظمات من المجتمع المدني" وتمكين لجنة الأخلاقيات المستقلّة عن الوزارة من معالجة شكايات المواطنين والمواطنات. وبعد ثماني سنوات من إمضاء الاتفاقية، تمّ تنفيذ الجوانب التقنية من برنامج الدعم، ولكن لا لجنة الأخلاقيات ولا مدونة قواعد السلوك رأيا النور. وتتأتى العراقيل في نفس الوقت من خارج المؤسسة الأمنية عبر النقابات، ولكن أيضا من داخل إطارات الوزارة أنفسهم. كما أنّ عدم استقرار هذه الاطارات، المرتبط بدوره بالهشاشة الخاصّة لموقع الوزير منذ سنة 2011، يخلق توجها نحو عرقلة المبادرات الهادفة إلى اصلاح الهياكل وممارسات الجهاز الأمني. كما فشل برنامج شرطة الجوار المقدّم من طرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ، في إدراج جزء يتعلق بأخلاقيات القوى الأمنية. وقد كان هذا البرنامج ثمرة لنقاشات واجتماعات بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة الداخلية التونسية سنة 2011، وتمّ الانطلاق فيه سنة 2013. وقد حصل على تمويلات نرويجية وبلجيكية ويابانية وانقيلزية وكندية ومن الولايات المتحدة الأمريكية. ووصلت ميزانيته إلى أربعة عشر مليون دولار للفترة الممتدة بين 2013 و2022. وهو من الناحية المالية ثاني أكبر مشروع لدمقراطة قوات الأمن من حيث الأهمية (29). وحسب الكتيبات الموزعة من طرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  ووزارة الداخلية، يفترض أن يوفر المشروع "استجابة للحاجة في المساهمة في بروز أمن أقرب إلى المواطن  يحترم  دولة القانون والقيم الديمقراطية ويحاسب على أفعاله ". ولكنومن بين هذه الحاجيات، يبدو أن إرادة "القرب" بين الأمن والمواطنين هي التي حظيت بالأولوية لدى السلط العمومية في الوضع حيز التنفيذ للمشروع على المستوى المحلّي. ويتم تسيير المشروع كما يلي: تشهد مناطق الأمن المعينة تقسيما بين قسم إداري (استخراج بطاقات السوابق العدلية ووثائق التعريف...إلخ) وقسم عدلي. ويلقى الأعوان تكوينا في الاتصال مع المواطنين، ويتم إنشاء لجان محليّة للأمن. تتكوّن هذه اللّجان من أعوان الأمن في المنطقة وممثلين عن السلط المحليّة وممثلين عن الجمعيات (الهلال الأحمر، جمعيات تنمية محلية...إلخ). وتتلافى الأنشطة المقامة في إطار المشروع التعرّض إلى العنف البوليسي، وتنحو إلى التركيز على تحسين صورة المؤسسة الأمنية عبر حملات تحسيس ضدّ استعمال المخدرات، وضدّ العنف المسلط على النساء والجولان بالطرقات...إلخ. وهنا كذلك يتم التهرّب من جوانب المشروع الرامية إلى إدخال تحويرات في العمل الأمني وإجراءات المحاسبة في حالة الانحراف الأمني. وقد تمت صياغة مدونة سلوك من طرف فرق عمل المشروع بعد عدّة موائد مستديرة ضمّت إطارات وزارية ونقابات أمنية، ثمّ تمّ عرضه لاستشارة عمومية (30)، وتمّت صياغته النهائية في بداية 2017،  ولكن هذه المدونة لم تر النور إلى حدّ اليوم.

منذ 25 جويلية 2021: منعطف في الرقابة السياسية على القوات الأمنية:

سيكون من لطيف القول أن ننعت موقف الأوساط النقابية الأمنية بالموقف المرحب، في البداية، باستيلاء قيس سعيد على السلطة، بل هو موقف  متحمس. وفي قلب هذا الحماس، قرار إقالة عدّة إطارات أمنية موسومة بشبهة بارتباطات مع حزب النهضة، ومن بينهم لزهر اللّونقو المسؤول السابق عن الاستخبارات، والمشهّر به في الاوساط النقابية (31). إن القبضة الخانقة على القضاء من جانب السلطة التنفيذية يمكن إدراك الترحيب بها جيدا من قبل بعض النقابيين الأمنيين الذين يميلون إلى انتقاد القضاء على تساهله(32) .

لكن الأمر الأكثر مفاجأة، هو عدم اعتراض النقابات الأمنية على إعلانات قيس سعيد الرامية إلى التوحيد المستقبلي للمنظّمات النقابية الأمنية. بل أن هذه الإعلانات استثارت من جديد التنافس بين النقابتين الرئيسيتين (النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي ونقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل)، وكل منهما تؤكد على شرعيتها في تمثيل مصالح الأمنيين.

وقد بدأت الخلافات تظهر بين النقابات والوزارة في شهر ماي الماضي، حين لم تستجب الوزارة لمطالب الترقية في الدرجة لعدد من منخرطيها(33). غير ان خروج هذه الخلافات الى العلن، بعد أن كانت خافتة، حصل في شهر أوت الماضي أثناء عرض الكوميدي لطفي العبدلي، حين صعد أعوان أمن إلى خشبة المسرح، إثر عبارات ساخرة تجاه  الأمنيين. وقد دعا بعد ذلك أعضاء النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي إلى عدم تأمين عروض الكوميدي لطفي العبدلي لاحقا، ممّا أثار ردة فعل لدى وزير الداخلية ولدى قيس سعيد، الذي ذكر بمنع حق الاضراب على قوات الأمن الداخلي، وتمّ في نفس الوقت فتح تتبعات إدارية وجزائية.

بينما كان الإنقسام النقابي يساهم في الحفاظ على ديناميكية تنافسية بين القطبين النقابيين، خاصّة حول الانخراطات، يبدو الآن أنهما يقفان في جبهة واحدة. وقد تمّ إيقاف ثمانية نقابيين من النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي في صفاقس بقرار من المحكمة العسكرية ،واتهامهم بالإعتداء على الأمن العام. وكان هؤلاء النقابيون قد أقامو خياما ونظموا اعتصاما في ردّة فعل على إعلان تعليق إقتطاع الإنخراطات من الأجور من طرف الوزارة.

وانتهى تدخل أعوان الأمن لإزالة الخيام التي أقامها زملاؤهم بمواجهات تمّ فيها استعمال الغاز المسيل للدموع. وفي 28 سبتمبر المنقضي، تظاهر عدّة مئات من أعضاء النقابيين جنبا الى جنب أمام منطقة الأمن بصفاقس، وهي سابقة منذ سنة 2011. كما تمّ اتخاذ تدابير أمنية كبرى لتنفيذ قرار القضاء بإخلاء مقرّ النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي (35)، وهو مقرّ كان موضوع نزاع مع المالك الأصلي منذ سنة 2012 وصدرت فيه أحكام قضائية منذ سنة 2014، حسب محامية المالك. فإن توقيت تنفيذ الحكم القضائي من طرف وزارة الداخلية لا يترك مجالا كبيرا للشكّ في توظيفه كأداة في الصراع بين الإدارة والنقابات.

و ماذا بعد؟

إنّ إعادة وضع يد السلطة السياسية على نقابات الأمن مازال غير ثابت، ولكن من شأنه أن يقلب بالتأكيد ميزان القوى الذي كان يميل لفائدة النقابات. وإن كان من المبكّر الحكم على تأثير هذه الطريقة في تدجين العمل النقابي، فإنها في كل الأحوال تحدث قطيعة في العلاقة بين النقابات الأمنية والسلطة السياسية.

ففي المبادرة التي تمّت تحت مسمى  "اصلاح القطاع الأمني"، تمّ وضع تحسين صورة الأمني في التمثل الشعبي كأولوية على حساب إعادة تأسيس الإطار القانوني المنظم للنشاط الأمني وتنظيمه النقابي، وعلى حساب الإنفتاح الحقيقي وشفافية المؤسسة الأمنية، وعلى حساب معاقبة أعمال العنف أثناء العمل وخارجه. وتواصل الوزارة في العديد من النواحي الاشتغال كصندوق أسود، إذ انّ الهيكل التنظيمي والأنشطة بقيت في أغلبها سريّة، والنفاذ إلى مراكز الإيقاف من طرف الهيئات المخولة غير مضمون، بحيث يبقى المزيد من الشفافية في أساليب العمل، إحدى الرهانات المؤدية سواء إلى نهاية الإفلات من العقاب أو تهدئة العلاقة بين المواطنين والمواطنات وأعوان الأمن. وفي قضايا العنف البوليسي، فإنّ السؤال الملح يتمحور حول العلاقة بين القطاع الأمني والعدالة، ومسألة أولويّة الأوّل على الثاني. فبينما يعمل ضباط الامن حسب النصوص القانونية، تحت رقابة وكيل الجمهورية، يتكرّر بكثرة تداخل وزارة الداخلية في الأبحاث. وكان عدد من المناضلين والمناضلات ضدّ العنف البوليسي قد اقترحوا وضع الضابطة العدلية تحت اشراف وزارة العدل، بينما اقترح تقرير هيئة الحقيقة والكرامة اجراءات تسمح بتعزيز رقابة وكلاء الجمهورية على الضباط العدليين. كما أن غياب البرلمان حاليا، يثير صعوبة المراقبة، باعتبار أنّ اللجان البرلمانية كانت قادرة على لعب دور الرقابة على القطاع الأمني عن طريق جلسات الاستماع. يبقى انّ الغموض الحالي حول تشكّل البرلمان المقبل (ميزانيته وصلاحياته)، والتتبعات القضائية المتزايدة ضدّ المناضلين والمناضلات، وسيطرة الرئاسة على المجلس الأعلى للقضاء، وانخرام التوازن بين السلط لفائدة السلطة التنفيذية، كلّ ذلك يقيم عراقيل أمام بروز مشاركة مواطنيّة في المسائل المتعلّقة بالأمن وعدم إفلات الأمنيين من العقاب.

الحواشي:

  1. تمّ استخلاص العناصر الوصفية اللاحقة من قرابة ثلاثين حوارا تمّ إجراؤها مع أمنين نقابيين من النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي ونقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخّل في تونس وصفاقس وقفصة بين شهري أكتوبر 2017 وجوان 2022.
  2. يستعمل هذا التقرير قواعد الكتابة الإدماجية (écriture inclusive) مع بعض الاستثناءات حين يتعلق الأمر بمجموعات ذكورية في غالبها. والتوضيح مهم بهذا الخصوص بإعتبار انّ النساء لا يتمتعن بمواقع قرار مهمّة داخل النقابات الأمنية، وإن كانت هذه الأخيرة تضعهنّ في المقدّمة اثناء بعض التحرّكات.
  3. يأتي هذا المرسوم بعد الترخيص في العمل النقابي بواسطة منشور داخلي أصدره فرحات الراجحي يوم 24 فيفري 2011، في انتظار تنقيح القانون الأساسي لقوات الأمن الداخلي. وصدر الترخيص في حدّ ذاته بعد صراعات شديدة بين الإطارات الوزارية والأعوان المعبّئين من أجل إنشاء نقابتهم. المرسوم عدد 42-2011 بتاريخ 25 ماي 2011 المنقح والمكمّل للقانون عدد 70-82 المؤرّخ في 06 اوت 1982 المتعلّق بالقانون الأساسي العام لقوات الامن الداخلي. يمكن الاطلاع عليه في الرابط التالي: https://legislation-securite.tn/fr/law/43565
  4. نعتقد أنّ الأرقام المقدّمة موثوقة اكثر: لقد تمكّنا من مراجعة دفاتر الانخراطات في شهر جوان 2020 والتي كانت تنصّ حينها على 30342 منخرط ومنخرطة في النقابة. وتحصل الآن حملة تحيين للإنخراطات تدوم إلى شهر ديسمبر، ومن المفروض ان تسمح بمزيد من الشفافية في خصوص نسبيّة الانخراط النقابي في الأمن والحرس الوطني.
  5. بعض الأمنيين يبرزون في الإعلام ويدافعون على مواقف نقدية إزاء العمل الحكومي. وقد تأهلت النقابات الأمنية مهنيا في هذا الخصوص ببعث خلايا مسؤولة على الاتصال والعلاقة بالإعلام. ويتولّى مختصون في الاتصال الاشراف على صفحة الفايس بوك وخلق المحتوى الاعلامي السمعي البصري.
  6. منشور غير معلن بتاريخ 04 جوان 2012 نظّم العمل النقابي وخاصّة إجبارية الحضور في العمل، تراتيب الوضعية الإدارية والمحاسابتية ومنع استعمال شعار الجمهورية...إلخ.
  7. حوار مع عضو المكتب التنفيذي لنقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل في صفاقس فيفري 2020.
  8. حوار مع ضباط من الحرس الوطني. تونس 2019.ا نظر ايضا الأمر عدد 3632-2014 المؤرّخ في 30 سبتمبر 2014 يتعلّق بالمصادقة على قائمات الترقية المنجزة وفقا لمقاييس المسار المهني لأعوان سلك الأمن الوطني والشرطة الوطنية وسلك الحرس الوطني وسلك الحماية المدنية بعنوان سنة 2014. موجود على الرابط التالي: : https://legislation-securite.tn/fr/law/44772
  9. انظر الرابط التالي: https://www.turess.com/assabah/1143797
  10. مشروع القانون موجود على الرابط التالي: : https://legislation-securite.tn/fr/node/54196
  11. للاطلاع على ملخص للأحكام المعادية للحريات في هذا المشروع ولمواقف المعارضين والمساندين له، يمكن الاطلاع على الرابط التالي: https://inkyfada.com/fr/2015/06/09/projet-de-loi-repression-des-atteintes-aux-forces-armees/
  12. بلاغ متوفر على الرابط التالي: https://www.businessnews.com.tn/les-syndicats-securitaires-menacent-les-deputes,520,75799,3
  13. انظر مقال جوبار فابيان « Colères policières »,Esprit,vol.-a,no.3-4, 2016,pp. 64-73.
  14. يرى بعض النقابيين أنّ هناك إرادة متعمّدة من السلطة السياسية في إقحام فصول معادية للحريات في مشروع القانون، حتى لا تتم المصادقة عليه. كما يرفضون عبارة "زجر" في مشروع القانون ويفضلون تعويضها بعبارة "حماية". حوارات مع نقابيين أعضاء في النقابتين.  تونس 2019-2020.
  15. لا تغيّر هذه التنقيحات كثيرا في نطاق النص وهي تهمّ خاصّة الفصل 18 المتعلّق برفع المسؤولية عن العون: يخضع الى ضرورة "التناسب" حين يقوم في إطار عمله بالضرب والجرح.
  16. https://www.letemps.news/2022/10/11/nouveau-face-a-face-judiciaire-entre-jeunes-activistes-et-syndicats-securitaires/?fbclid=IwAR2uGiqsZd0tDGQt67h3OOsiqG6_1NWc_vficYUnMC3AekvYH7U4Oi_RCgU
  17. العبارات الدقيقة هي "شيوعيون، كفار، عملاء أمريكيا" "الملاحدة والشواذ، أعداء الله، كلاب، لقد جئناكم، يساريون، أوباش جاءتكم الرجال" فيديو موجود على الرابط التالي: http://kapitalis.com/tunisie/2021/02/01/grave-derapage-du-syndicat-de-police-a-sfax-les-agents-insultent-les-militants-de-gauche-et-les-qualifient-de-koffar-video/
  18. كانت عقوبة المواطنين في غالبية الأحيان 120د خطية، ولكن الشكاوى المرفوعة ضدّ الأعوان يتمّ اعتبارها غير قانونيةومنذ العام الماضي صدرت عدّة أحكام تتضمّن عقوبات أشدّ ضدّ المناضلات والمناضلين تراوحت بين ثلاثة وستة أشهر سجنا نافذا.
  19.  في حالة وفاة الضحية، تعوّد الاتصال الرسمي للوزارة على إرجاع سبب الوفاة إلى أخذ الضحية لجرعات زائدة من المخدّرات. ويعتبر تجريم الضحايا في قضايا العنف البوليسي استراتيجية إعلامية شبه آلية في تونس كما في غيرها من البلدان، كما يبين ذلك كاداسيوني، فانيّسا في: الدفاع الشرعي القتل الأمني، الجرائم العنصرية والعنف البوليسي 2018 باريس منشورات CNRS
  20. حوار مع محام مدير مساعد سابقا في هيئة الحقيقة والكرامة.
  21. عادة ما يكون هؤلاء المحامون منتمين إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أو الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.
  22. عمر العبيدي، من أنصار جمعية النادي الإفريقي، توفي أثناء مطاردة أمنية إثر مقابلة رياضية في ملعب رادس، فقد حاصرته دورية أمنية على ضفاف أحد الوديان الجارية، وعند إعلامه للأعوان أنّه لا يحسن السباحة، أجابه أحدهم حسب شهود حاضرين "تعلّم عوم"، قفز عمر في الماء ،ومن الغد تمّ العثور على جثته. تمت إحالة 14 عونا من أجل القتل على وجه الخطأ وعدم نجدة شخص في حالة خطر.
  23. خلال السنتين الأخيرتين تمّ توفير قرابة مائة إعانة عدلية على أساس برنامج: "حماية حقوق الأشخاص المحتفظ بهم".المرجع: الكتاب الأبيض."دعم التزام المجتمع المدني" وبرنامج "البديل" (ASF, ATL MST SIDA).
  24. تكفّل هذا البرنامج بـ410 ضحية مباشرة للتعذيب بين 2013 و2021. ويظهر تقرير المنظمة الدولية لمناهضة التعذيب أنّ أغلب الإعتداءات تمّت من طرف أعوان أمن وحرس وطني. المرجع: التقرير السنوي لبرنامج سند المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب 2022.
  25. تمت مبادرة أولى في هذا الخصوص من طرف جمعية إنكفاضة INKYFADA في موقعها الإلكتروني، وتضمّنت احصائيات للأشخاص الذين قتلتهم الشرطة منذ 2011 وتبعاتها العدلية. انظر الرابط:https://inkyfada.com/fr/webdoc/tue%C2%B7es-par-la-police-depuis-2011-les-violences-policieres-en-chiffres/
  26. المقصود "بالدمقرطة" بالنسبة للمنظمات الدولية في هذه الحالة، هو تقديم آليات الرقابة على العمل الأمني (بجرعات ضئيلة في الغالب)، وتكوين قوات الأمن الدالخلي في مادة حقوق الإنسان، وكذلك الترويج للشفافية داخل المؤسسة الأمنية (البيانات المفتوحة ،الوضوح حول هيكلة وتنظيم الجهاز الأمني، وضع استراتجيات اتصال...إلخ.)
  27. تمّ تخصيص الجزء الأكبر من هذه الميزانية (قرابة 15 مليون أورو) لإعادة تأهيل مراكز القيادة الحدودية (شراء مواد وتكوين وأشغال بنية تحتية...إلخ) وتمّ تخصيص ما يزيد قليلا عن مليون ونصف أورو لمشروع لجنة الأخلاقيات. وانتهى المشروع في آخر سنة 2020.  ومازال مشروع برنامجالإتحاد الأوروبي لإصلاح قطاع الأمن PARMSS في مستوى التفاوض.
  28. كتيّب أصدره برنامج الأمم المتحدة للتنمية حول هذا المشروع.
  29. وتتعلّق أغلب المصاريف بتنظيم ندوات التكوين (إقامة، استشارات) إعادة تأهيل مراكز امن (شراء أجهزة إعلامية ،سيارات) تكليف مؤسسات خاصّة بإجراء المراقبة المحاسباتية...إلخ وتمّ تمديد برنامج أمن القرب سنة 2020 ومازال مستمرّا إلى اليوم.
  30. حوار مع المسؤول عن مشروع برنامج الأمم المنتحدة للتنمية. جانفي 2018 . يوجد مشروع المدونة على الرابط التالي:   https://legislation-securite.tn/fr/law/54718
  31. وهي إدّعاءات لا يمكن لنا تأكيد صحّتها، نلاحظ فقط أنّ هذه القضيّة شهدت تداولا إعلاميا هذا الصيف بعد إعلان وضعه تحت الإقامة الإجبارية وإصدار بطاقة جلب في حقّه حين كان هاربا في الجزائر. وكان تعيين لزهر لونقو في قلب خلاف سياسي بين قيس سعيد ورئيس الحكومة السابق هشام المشيشي. وكان هذه الأخير قد أقال توفيق شرف الدين في جانفي 2021 بعد قرار طرد لزهر لونقو (الذي كان ملحقا امنيا في باريس). وحين عاد هشام المشيشي وزير للداخلية بالنيابة، قام بعد بضعة أشهر بتسمية لزهر لونقو كمدير عام للاستعلامات.
  32. حوار مع نقابي من النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي. تونس.  فيفري 2021
  33. تطالب نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل بصفة خاصّة، بالإعتراف بالشهائد الجامعية للحصول على الترقيات. بيان للنقابة المذكورة 18 ماي 2022
  34. يعود التهديد بصفة دورية بالإنسحاب الأمني من طرف النقابات خاصّة من المنابر الثقافية. في جويلية 2013، هدّدت النقابات كذلك بعدم تأمين عروض مغني الراب ولد الكانز، وكان هذا الأخير قد ألّف أغنية "البوليسية كلاب".
  35. كان هذا المحلّ مشغولا من طرف وزارة الداخلية إلى حدود 2011، ثمّ سلمته إلى النقابات في فيفري 2011. حوارات مع أعضاء من النقابات الوطنية لقوات الأمن الداخلي مارس 2019.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.