قطاع الطاقة في تونس: فهم وتحليل من منظور الانتقال العادل

CC BY SA-[[User:Dyolf77]] © 

في الوقت الذي تصدر فيه التحول نحو الطاقة منخفضة الكربون مقدمة أولويات جداول أعمال السياسات العالمية، عززت الدول تدريجياً التزاماتها للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. وبالإضافة إلى التطلعات التقنية والطموحات نحو الطاقة النظيفة، تنطوي التحولات الرامية إلى إزالة الكربون على إجراء تغييرات هيكلية عميقة عبر الأنظمة والتي لها آثار اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق.1Newell, P., & Mulvaney, D. 2013. The political economy of the ‘just transition’. The Geographical Journal179(2), 132-140. ،2Geels, F. W. 2014. Regime resistance against low-carbon transitions: introducing politics and power into the multi-level perspective. Theory, culture & society31(5), 21-40. والأهم من ذلك، أن المسارات التي تتبعها بعض الدول في إزالة الكربون تعيد إنتاج أنماط من الظلم العالمي؛ مثل نزع الملكية، والتوزيع غير المتكافئ للفوائد والأعباء، واختفاء الكثير من الوظائف وظهور نوعية أخرى منها وتغير بعضها الآخر، وعدم وجود عملية شاملة لصنع القرار، وتفاقم أوجه الضعف القائمة.3Sovacool, B.K., Martiskainen, M., Hook, A. and Baker, L., 2019. Decarbonization and its discontents: a critical energy justice perspective on four low-carbon transitions. Climatic Change155(4), pp.581-619.

بيد أنه عند إدارة التحولات في مجال الطاقة بعناية، فإنها قد تشكل أيضاً أدوات تحويلية قوية لخلق اقتصادات متطورة وتحقيق فوائد اجتماعية شاملة.4Mundaca, L., Busch, H. and Schwer, S., 2018. ‘Successful ‘low-carbon energy transitions at the community level? An energy justice perspective. Applied Energy218, pp.292-303. وتُعرف مثل هذه التحولات بأنها انتقالات عادلة، أو تلك التحولات التي ينشأ عنها "اقتصادات مزدهرة توفر سبل عيش كريمة ومنتجة ومستدامة بيئياً، وتؤدي إلى الحكم الديمقراطي والمرونة البيئية".5Climate Justice Alliance. 2018. Just Transition a Framework for Change يتسم الانتقال العادل بأنه متداخل ومتعدد الجوانب في جوهره إلى حد كبير، إذ إنه يعالج القضايا الحالية والتاريخية المرتبطة بالجنس، والعرق، والطبقات الاجتماعية، وغير ذلك من أشكال القمع. فضلاً عن أنه يجسد الأبعاد الرئيسية للعدالة، وهي أبعاد إجرائية، وتنطوي على إعادة التوزيع، ورؤية تجديدية، مع تضمين التفاعلات والديناميات بين المستويات المحلية والوطنية والدولية. ولذلك، فإن معالجة البعد المتعلق بالعدالة في الاقتصاد السياسي الأوسع لعمليات الانتقال أمر أساسي لضمان أن تكون شاملة ومنصفة، ولا تستثني أحداً.

ولعل تونس من الأمثلة الواضحة على ذلك، إذ إنها دولة تتمتع بإمكانات كبيرة للتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، حيث تعمل وجهات النظر المتعددة والمتعارضة على صياغة القرارات بشأن كيفية تطور التحول في مجال الطاقة في الدولة. وكما هو الحال في الدول الأخرى، سوف يترتب على عملية التحول في تونس تغييرات هيكلية كبيرة عبر الأنظمة، ناجمة عن المصالح المتنافسة والقوية للجهات الفاعلة الرئيسية في مجال الطاقة.6Newell, P., & Mulvaney, D. 2013. The political economy of the ‘just transition’. The Geographical Journal179(2), 132-140. وسيكون صنع القرار في هذا السياق أمراً بالغ الأهمية، لا سيما بالنظر إلى ديناميات السلطة الحالية والصراعات التي تشكل هذا القطاع. ثمة نقاشان رئيسيان يؤثران في الوقت الراهن على عمليات صنع القرار في قطاع الطاقة. يعتمد الخطاب المهيمن الأول على الممارسات الليبرالية الجديدة للنمط الاستخراجيّ الأخضر، حيث تُستغل الموارد الطبيعية لأغراض التصدير، في حين يدعو الخطاب المعارض الثاني إلى العدالة، والديمقراطية، والملكية المجتمعية لمشاريع الطاقة. يتناول هذا المقال النقاشات المتعارضة للتحول في قطاع الطاقة في تونس لقياس مدى تقدم البلاد في مبادئ الانتقال العادل.

كيف يعيق مشهد الحكم في تونس الديمقراطية في مجال الطاقة

يبدو أن تونس تنزلق مجدداً نحو الحكم الاستبدادي. فقد تدهور المشهد السياسي غير المستقر بالفعل في البلاد في تموز/يوليو 2021 عندما علَّق الرئيس قيس سعيّد أعمال البرلمان، ثم مدد هذا التعليق حتى الانتخابات المقبلة في كانون الأول/ديسمبر 2022. فضلاً عن أن الدستور الجديد، الذي اقترحه سعيّد، ينطوي أيضاً على ممارسات غير ديمقراطية إلى حد كبير.7Yerkes, S & Alhomoud, M. 2022. One Year Later, Tunisia’s President Has Reversed Nearly a Decade of Democratic Gains. Available from: https://carnegieendowment.org/

أثَّر التغير في المشهد السياسي وبعده عن الديمقراطية تأثيراً مباشراً على التحول في قطاع الطاقة في البلاد. ويتمثل أحد الركائز الأساسية للانتقال العادل للطاقة في مفهوم "الديمقراطية في مجال الطاقة"، الذي ينظر إلى الطاقة والبيئة بوصفهما منافع عامة ويعزز سيادة الشعوب والمجتمعات عليهما. وسوف تعني الممارسات الاستبدادية تضاؤل المشاركة العامة في مشاريع الطاقة، فضلاً عن الإخفاقات في أساليب الملكية العامة، وبالتالي الابتعاد عن مبادئ الديمقراطية في مجال الطاقة.

علاوة على ذلك، على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز اللامركزية السياسية في تونس، فإن هذه العملية لم تنعكس في قطاع الطاقة في البلاد، الذي لا يزال يتسم بدرجة عالية من المركزية في ظل احتكار "الشركة التونسية للكهرباء والغاز" (STEG)، التي تسيطر على القطاع تماماً منذ استقلال تونس.

في مطلع الألفية، وبدافع من نضوب احتياطيات البلاد من الوقود الأحفوري، دخلت مشاريع الطاقة المتجددة مرحلة وضع السياسات من خلال برنامجين شجعا على تركيب سخانات المياه والألواح الشمسية الكهروضوئية: برنامج "النهوض بالتسخين الشمسي الجماعي" (ProSol) (الذي بدأ العمل به في عام 2005) وبرنامج "النهوض بالمباني الشمسية" (Prosol Elec) (الذي بدأ العمل به في عام 2009).8النهوض بالمباني الشمسية هو برنامج صغير الحجم حيث تقوم الجهات الفاعلة المحلية بتوليد الطاقة من خلال الطاقة المتجددة ، وقد تم ربطه بخطة مالية قائمة على القروض المدعومة التي يمكن أن يسددها العملاء من خلال فواتير الكهرباء الخاصة بهم. انظر:Rocher, L. and Verdeil, É., 2019. Dynamics, tensions, resistance in solar energy development in Tunisia. Energy Research & Social Science54, pp.236-244. وكذلك تم تشجيع الجهات الفاعلة المحلية على إنتاج طاقتها وبيع الفائض إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز من خلال صافي القياس (نظام صافي العداد). وبالتوازي مع ذلك، ركزت البرامج على خلق فرص العمل، إذ أدى برنامج "النهوض بالمباني الشمسية" إلى إنشاء سوق لموردي الطاقة الشمسية والمصنعين وشركات التركيب. وطوال تنفيذ هذه البرامج، ظلت الشركة التونسية للكهرباء والغاز في مركز قوة.

غيرت ثورة الياسمين ميزان القوى في قطاع الطاقة.7 فقد ظهرت مساحة جديدة للحوار سمحت بانتقاد أداء الشركة التونسية للكهرباء والغاز وسياساتها من جانب الجهات الفاعلة الأخرى، وخاصة الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة.9Rocher., L. & Verdeil., E. 2013. Energy transition and revolution in Tunisia: politics and spatiality. The Arab World Geographer. 16 (3), 277. ومكّن هذا التغير أيضاً من تشكيل تحالفات جديدة بين الجهات الفاعلة لدعم مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الوكالة الوطنية لكفاءة الطاقة التي تدعمها الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.7 والأمر البالغ الأهمية هو أن هذه الجهات الفاعلة كانت تدعو أيضاً إلى إدخال مشاركين جدد إلى السوق، لا سيما القطاع الخاص. وفي حزيران/يونيو 2011، نظمت الوكالة الألمانية للتعاون الدولي أول ندوة حول الإنتاج الذاتي من مصادر الطاقة المتجددة، تجسدت من خلالها لأول مرة الانتقادات الموجهة إلى الإطار التنظيمي للشركة التونسية للكهرباء والغاز. وأسفرت المفاوضات الطويلة التي تلت ذلك بين الشركة التونسية للكهرباء والغاز والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة والوكالة الألمانية للتعاون الدولي عن خطة انتقالية في مجال الطاقة فتحت السوق أمام المستثمرين من القطاع الخاص: الخطة التونسية للطاقة الشمسية، التي هدفت إلى إنتاج 30% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.10 IRENA. 2021. Renewable readiness assessment. Available from: https://irena.org/ وسينظم القانون عدد 12 لسنة 2015، 11تم وضع هذا القانون لتنظيم (1) التنظيم الذاتي / الاستهلاك ؛ (2) إنتاج طاقة مستقلة للاستهلاك المحلي (امتياز للمشاريع التي يزيد حجمها عن 10 ميغاواط وترخيص لمن هم أقل من 10 ميغاواط) و (3) إنتاج مستقل للطاقة للتصدير المتعلق بإنتاج وبيع الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة، تنفيذ الخطة.

عارضت الشركة التونسية للكهرباء والغاز هذه الخطط على أساس أنها مقدمة لخصخصة توليد الكهرباء في جميع أنحاء البلاد. وتُعزى معارضة مشاركة القطاع الخاص بشكل أساسي إلى إحدى النقابات داخل الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وهي "الاتحاد العام للنفط والغاز"، التي لطالما عارضت المشاريع التي تنطوي على استثمارات من القطاع الخاص، لا سيما منذ تحديث القانون عدد 12 لسنة 2015. وفي الوقت نفسه، واجهت الجهات الفاعلة من القطاع الخاص تحديات متزايدة في إنتاج الطاقة المتجددة. ورغم أن المنتجين المستقلين ملزمون بالبيع حصرياً للشركة التونسية للكهرباء والغاز، فإنهم لم يمنحوا القدرة على الاتصال بالشبكة الوطنية.12WMC and TAP. 2022. Renewable energy: Electricity producers call for connection to the STEG grid. Available from: https://www.webmanagercenter.com/

تُشكل مشاركة القطاع الخاص في مشاريع الطاقة المتجددة في تونس مسألة بالغة التعقيد. فمن ناحية، تعزز مقاومة هذا التدخل احتكار الشركة التونسية للكهرباء والغاز لقطاع الطاقة. ومن ناحية أخرى، فإن مشاركة القطاع الخاص غير المنظمة يمكن أن تقيد حقوق السكان المحليين في السيادة على الطاقة، مما يترتب عليها عواقب اجتماعية واقتصادية غير مقصودة بالنسبة للبلاد (انظر القسم المتعلق بمشاريع الطاقة المتجددة المتنازع عليها والانتقال العادل). وتجدر الإشارة إلى أن الاستثمارات الخاصة في مشاريع الطاقة المتجددة كانت حتى الآن لصالح الشركات الأجنبية، على الرغم من وجود جهات فاعلة وطنية قادرة على المشاركة. ومن بين 22 مشروعاً للطاقة المتجددة منذ عام 2015، نصفها فقط يضم قادة مشاريع تونسيين، وأربعة منها فقط تديرها شركات تونسية حصرياً.13Ben Rouine, C & Roche, F. 2022. ‘Renewable’ energy in Tunisia: an unjust transition. Available from: https://longreads.tni.org/ ولذا، يبدو أن مشاركة القطاع الخاص تتم حتى الآن على حساب المشاركة المحلية والتنمية.

ومن شأن الانخراط في هذه المناقشة انطلاقاً من إطار الانتقال العادل أن ينطوي على مشاركة فعالة من جانب أصحاب المصلحة المعنيين، وإجراء حوار ثلاثي وطني يشمل المجتمعات المحلية والقطاعين العام والخاص على حد سواء.14ILO. 2013. Just transition principles. يقوم الانتقال العادل للجميع على مبادئ تعزز العمل اللائق، والاندماج الاجتماعي والعدالة، والاستدامة البيئية، ولكن لا يوجد مخطط لما قد يترتب على مثل هذا الانتقال على وجه التحديد. في المقابل، ينبغي تعريف المقصود بكلمة "العدالة" على الصعيدين الوطني والمحلي، مع إيلاء اهتمام وثيق لمسألة "من يحدد ما هو عادل ولمن".

ومع ذلك، لا تجري حوارات وطنية حول التحول في قطاع الطاقة في تونس. ولا يوجد تواصل بين مختلف أصحاب المصلحة، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى سياسات معينة تؤدي إلى تقويض الحوار. إذ يمنع المنشور عدد 20 الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، الوزارات من التفاوض مع النقابات دون موافقة مسبقة من رئاسة الحكومة. وفي حين تُجري الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل، مفاوضات حالياً بشأن هذا المنشور، فمن المرجح أن يؤدي التحول المستمر نحو مشهد أكثر استبدادية إلى تقويض مثل هذا الحوار ما لم يتم تناوله بصراحة.

قطاع الطاقة التونسي عند نقطة تحول

يواجه قطاع الطاقة التونسي نقصاً متزايداً منذ عام 2000 15Moisseron, J.Y., Guesmi, K. and Gerin-Jean, M., 2018. Assessing EU–Mediterranean Policies in the Fields of Energy from a Bottom-up Perspective: The Case of Tunisia (No. 33). MEDRESET Working Papers. بسبب زيادة الطلب المحلي واستنفاد الاحتياطيات، حيث بلغ العجز ما يقرب من 5.9 مليون طن نفط مكافئ عام 2019. وفرضت إعانات دعم النفط والغاز، التي تشكل ما يقرب من 94% من مجموع مصادر الطاقة، ضغوطاً كبيرة على الميزانيات الحكومية التي بلغت أكثر من 150 مليار يورو في عام 2015. 16World Bank. 2019. Project Appraisal Document on a Proposed Loan in The Amount Of 1 Million To STEG for an Energy Sector Improvement Project. وفي عام 2021، شكلت مصادر الطاقة المتجددة 3 إلى 4% فقط من مجموع مصادر الطاقة في البلاد، وهي أقل من نسبة 12% المستهدفة لها في عام 2020. ولا يزال إنتاج الكهرباء في تونس يعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي، الذي يشكل 97% من قدرة القطاع، ومعظمه مستورد من الجزائر، أو يتم تلقيه في صورة عائدات. ويشكل انخفاض إنتاج الغاز المحلي حالياً 38% فقط من مجموع مصادر إنتاج الكهرباء.

قبل مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرون للتغير المناخي، وضعت تونس طموحات جريئة تهدف إلى خفض كثافة الانبعاثات الكربونية بنسبة 45% بحلول عام 2030، وتطلعات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050. ووضعت تونس قطاع الطاقة في صميم مساهماتها المحدثة المحددة وطنياً، حيث كان من المخطط اتباع مجموعة من تدابير كفاءة الطاقة وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة، مما يؤدي إلى خفض الغازات الدفيئة بنسبة 73%. بيد أن نتائج مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرون للتغير المناخي لم تحفز أهداف تونس لإنتاج 30% من احتياجاتها من الطاقة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.17Republic of Tunisia. 2021. Updated Nationally Determined Contribution Tunisia. Available from: https://unfccc.int/

الشكل 1. إنتاج الكهرباء حسب المصدر في تونس.18Electricite. 2021. Tunisia: Lower subsidies for solar energy equipment upsets sector players. Available from: https://www.agenceecofin.com/.

الشكل 2. مجموع مصادر الطاقة المتجددة في تونس.19Nouicer, A. 2022. What a Green Transition Means for Tunisia. Available from: https://www.ispionline.it/.

في ظل هذه الأوضاع، أدت جائحة كورونا إلى تراجع استخدام الطاقة المتجددة في تونس. ونتيجة لهذه الجائحة، انخفضت الإعانات المقدمة للطاقة المتجددة التي بدأ العمل بها عام 2017 من 429 دولار/كيلو واط إلى 179 دولار/كيلو واط فقط للقدرة المُثبتة التي تزيد عن 1.5 كيلو واط.19 وعلى الرغم من أن تونس أدركت أن التحول في قطاع الطاقة يُشكل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة وخلق فرص العمل، فإنها ما زالت تواجه صعوبات جمة من أجل ترجمة السياسات والاستراتيجيات إلى إجراءات فعلية على أرض الواقع. وطوال فترة الجائحة، لم تُتخذ أي خطوات ملموسة لدفع هذا التحول قدماً.

لم تلوح الإصلاحات في الأفق مجدداً حتى كانون الأول/ديسمبر 2021، فقد وضعت مقترحات ملموسة لتسريع الخطة التونسية للطاقة الشمسية واستخدام الطاقة المتجددة على نحو شامل. وطرحت وزارة الصناعة والمناجم والطاقات المتجددة برنامجاً للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقوة 1500 ميغاواط كان من المقرر إطلاقه في كانون الثاني/يناير 2022، وإصدار مرسوم بإلغاء حظر خمسة مشاريع امتياز للطاقة الشمسية بطاقة إجمالية تبلغ 500 ميغاواط. وبالإضافة إلى ذلك، وضعت خطط للتعجيل بتقديم العطاءات والتراخيص، وتقصير المهل المحددة للمنح إلى أربعة أشهر، ومعالجة طلبات الترخيص في غضون ثلاثة أشهر.20Renewables Now. 2022. Tunisia approves 500 MW of solar projects. Available from: https://renewablesnow.com/

أصبحت أزمة الغاز العالمية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا وجائحة كورونا دافعاً آخر لاستخدام الطاقة المتجددة في تونس. فقد دفعت الأزمة البلاد إلى زيادة الاستفادة من احتياطاتها الاستراتيجية لتلبية الطلب المحلي، بعد أن رفعت أسعار الوقود ثلاث مرات خلال العام الماضي، وأسعار الكهرباء بنسبة 12%. وفي حزيران/يونيو 2022، أطلقت الحكومة بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي برنامجاً جديداً يهدف إلى إنتاج 35% من احتياجاتها من الطاقة من خلال الطاقة المتجددة، من عام 2022 إلى عام 2025.21AEP. 2022. Tunisia, Britain Sign MoU for Renewable Energy Development. Available from: https://africa-energy-portal.org/ وأعقب ذلك مذكرة تفاهم بين تونس والمملكة المتحدة بشأن الدعم التقني والمالي لتطوير قطاع الطاقة المتجددة، مع تطلع بريطانيا أن تصبح أكبر مستثمر أجنبي في هذا القطاع في تونس.

يتطلب التخطيط لتحقيق الأمن في قطاع الطاقة في ظل عالم غير مستقر بشكل متزايد، وفي الوقت نفسه التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وضع استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار التأثيرات الشاملة المترتبة على مثل هذه التحولات. فبعد مرحلة انتقالية يمكن وصفها بأنها راكدة، أصبح قطاع الطاقة الآن عند نقطة تحول، ويتطلب إجراء إصلاحات إستراتيجية ومحددة، بينما يجتاز وجهتي نظر متعارضتين رئيسيتين حول اتجاه ومسار انتقال الطاقة في تونس.

وجهات نظر متعارضة حول التحول في مجال الطاقة

يتأثر الانتقال نحو الطاقة النظيفة في تونس ويعتمد على خطابين متعارضين رئيسيين. الأول وهو الخطاب النيوليبرالي المهيمن، الذي يتجلى من خلال النمط الاستخراجيّ (الاستخراجيّة): وهو نمط رأسمالي قائم على التراكم يُمارَس في الشمال العالمي بهدف استخراج الموارد الطبيعية من مناطق أخرى بشكل أساسي من خلال التصدير. أما الخطاب الثاني فتقوده في الأساس الحركات الشعبية التي تقاوم المشاريع الاستخراجيّة، فضلاً عن مشاريع الطاقة المتجددة الواسعة النطاق، والتي غالباً ما تصاحبها عواقب اجتماعية غير مقصودة. وتدعو هذه الحركة، التي تتمحور حول مبادئ الانتقال العادل، إلى التوزيع المتساوي لمزايا وعائدات إدارة الموارد واستخراجها.

النمط الاستخراجيّ الأخضر

الاستخراجيّة هي نمط لتراكم الموارد الطبيعية، المخصصة بشكل خاص لأغراض التصدير والتي يمكن إرجاعها إلى القرن الخامس عشر مع تقدم الغزو الاستعماري في الأمريكتين وأفريقيا وآسيا.22Acosta, A., 2013. Extractivism and neoextractivism: two sides of the same curse. Beyond development: alternative visions from Latin America1, pp.61-86. واليوم، لا تزال الممارسات الاستخراجيّة سمة أساسية من سمات الرأسمالية العالمية، وشكلت إلى حد كبير هيكلة العديد من القطاعات الاقتصادية في بلدان الجنوب العالمي.23Ye, J., J. D. van der Ploeg, S. Schneider, and T. Shanin. 2020. “The Incursions of Extractivism: Moving from Dispersed Places to Global Capitalism.” Journal of Peasant Studies 47 (1): 155–183. doi:10. 1080/03066150.2018.1559834. غالباً ما تنطوي النماذج الموجهة نحو السوق والنيوليبرالية على أنماط استخراجيّة، وقد حدد الباحثون انتشار هذه الظاهرة في تونس بشكل أساسي في مشاريع استخراج النفط والغاز الكبيرة وتعدين الفوسفات. على سبيل المثال، يمكن للشركات عبر الوطنية في تونس امتلاك 100% من امتيازات النفط والغاز، مثلما هو الحال مع شركة "شل" التي تمتلك بالكامل حق امتياز حقل غاز "ميسكار"، وهو أكبر حقل غاز في البلاد.24Hamouchene, H. 2019. Extractivism and Resistance in North Africa

وبعد الاستخراج، تشرع الشركة متعددة الجنسيات في إعادة بيع الغاز إلى الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالعملة الصعبة كما لو كان سلعة مستوردة.25AEP. 2022. Tunisia, Britain Sign MoU for Renewable Energy Development. Available from: https://africa-energy-portal.org/ وعلى نحو مماثل، فإن صناعة تعدين الفوسفات ذات الاستهلاك المرتفع من المياه، الذي يستهدف التصدير في المقام الأول، قد حرم المجتمعات المحلية والمزارعين من موارد المياه، ومن ثم حرمانهم من فرص العمل المحلية. وقد سهلت الدولة التونسية عادةً عمليات هذه الشركات متعددة الجنسيات في قطاعات اقتصادية متعددة، من خلال إدخال سياسات ليبرالية جديدة تؤيد الممارسات الاستخراجيّة. وعلى الرغم من إدخال الفصل 13 في دستور تونس لعام 2014 الذي ينص على ملكية الشعب التونسي للموارد الطبيعية، فإن تنفيذها بعيد كل البعد عن التطبيق على أرض الواقع.

يمكن أيضاً تحديد أنماط التراكم نفسها عن طريق نزع الملكية في مشاريع الطاقة المتجددة ومسارات الكربون المنخفض، وهي عملية أصبحت تُعرف باسم "النمط الاستخراجيّ الأخضر".26Bruna, N., 2022. A climate-smart world and the rise of Green Extractivism. The Journal of Peasant Studies, pp.1-26. ويعطي هذا النهج المؤسسي إزاء المشاريع الإنمائية والبيئية الأولوية لتعدين وتصدير رؤوس الأموال الاستخراجيّة إلى الأسواق الدولية مع إحداث عواقب (غير) مقصودة في بلدان الجنوب العالمي. وتشمل هذه العواقب التبعية الاقتصادية، وإبعاد أولويات التنمية الوطنية والمحلية، وتهميش الفئات الضعيفة وتهجير السكان المحليين، والتوزيع غير المتكافئ لفوائد المشاريع ونمو الدخل، وانتزاع ملكية الموارد والأراضي.16

ومن الأمثلة البارزة على النمط الاستخراجيّ الأخضر في تونس مشروع "تونور"، وهو مشروع واسع النطاق للطاقة الشمسية المركزة يغطي أكثر من 3.5 مليون كيلومتر مربع من الأراضي في الصحراء الكبرى في جنوب البلاد.27Hamouchene, H. 2017. TuNur in Tunisia: Another case of energy colonialism. Available from: https://www.cadtm.org/ كان الهدف من مشروع الطاقة الشمسية المركزة الذي تبلغ سعته 4.5 غيغاواط يقتصر على التصدير إلى أوروبا من خلال الكابلات البحرية، وتحديداً إلى إيطاليا ومالطا وفرنسا. وسرعان ما أصبح مشروع "تونور" معروف في تونس باسم مشروع "الاستيلاء الأخضر"، وقد أثار الاستياء المحلي نظراً إلى أنه ينطوي أساساً على الاستيلاء على الأراضي والموارد تحت ستار الأهداف البيئية. فبالإضافة إلى سيطرة المشروع على مساحات شاسعة من الأراضي، سيتطلب قدراً كبيراً من استخدام المياه لصيانة الألواح في منطقة قاحلة، مما يثير مزيد من الجدل بالنسبة لتونس التي تعاني من ندرة المياه.17

ويبرز هذا المشروع الضخم طبيعة النمط الاستخراجيّ من خلال تعزيز تصدير الموارد المحلية إلى بلدان الشمال العالمي، وزيادة اختلال هيكلة الاقتصاد التونسي من خلال تركيز الثروة في أيدي قلة من الأشخاص وإعادة توزيع الدخل بشكل غير متكافئ.28Acosta, A., 2013. Extractivism and neoextractivism: two sides of the same curse. Beyond development: alternative visions from Latin America1, pp.61-86. وقد عارض السكان المحليون في جميع أنحاء البلاد هذا المشروع لأن خطته فشلت في إعطاء الأولوية للتنمية المحلية وخلق فرص العمل، مما أدى إلى توقف تنفيذ مشروع "تونور". وفي عام 2020، أُعلن أن المشروع سيمضي قدماً، ومن المقرر أن يبدأ تشغيل خط النقل إلى إيطاليا بحلول عام 2028. ويتسم هذا المشروع بطابع استخراجيّ إلى حد كبير، إذ يعزز تدفق الموارد الطبيعية في شكل طاقة متجددة، من تونس إلى الدول في الشمال العالمي، مع تحقيق الحد الأدنى من الفوائد المحلية.

ثمة مسار آخر لإزالة الكربون تشجعه الجهات الفاعلة الدولية في تونس، وهو صناعة الهيدروجين الأخضر الموجهة نحو التصدير. فمنذ عام 2020، ركزت الدول الأوروبية على منطقة شمال أفريقيا "الغنية بالطاقة الشمسية" باعتبارها مركزاً لإنتاج الهيدروجين الأخضر، لتنويع مصادر الطاقة لديها. وقد كانت أوكرانيا من بين البلدان المستهدفة الأخرى،29European Commission. 2020. A hydrogen strategy for a climate neutral Europe. Available from: https://ec.europa.eu/ إلا أنه مع الغزو الروسي وما تلاه من اضطراب في سوق الغاز العالمي، حظيت بلدان شمال أفريقيا بقدر أكبر من الاهتمام، نظراً إلى أن أوروبا تسعى إلى الحد من اعتمادها على الغاز الروسي. وباستخدام الطاقة المتجددة لتشغيل عملية التحليل الكهربائي، ستنتج دول شمال أفريقيا الهيدروجين الأخضر وتصدره إلى أوروبا للاستهلاك المحلي، بما يتماشى مع مسارات إزالة الكربون المتصورة.

وانطلاقاً من "الصّفقة الأوروبيّة الخضراء" في الأساس، ومؤخراً من بيان خطة "REPowerEU" التي تهدف إلى تقليل الاعتماد بسرعة على الوقود الأحفوري الروسي وتسريع الانتقال الأخضر، لجأت دول الاتحاد الأوروبي إلى منطقة شمال أفريقيا "الوفيرة بالطاقة الشمسية" بوصفها مصدراً محتملاً للإمداد بالهيدروجين الأخضر. فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، ضاعفت دول الاتحاد الأوروبي أهدافها من الهيدروجين الأخضر المستورد إلى 10 ملايين طن سنوياً بحلول عام 2030.30European Commission. 2022. REPowerEU: Joint European Action for more affordable, secure and sustainable energy. Available from: https://eur-lex.europa.eu/ وفي تونس، قادت ألمانيا التوجه نحو الهيدروجين الأخضر بشكل رئيسي. وبالفعل، وقَّعت وزارة الصناعة والمناجم والطاقات المتجددة التونسية في كانون الأول/ديسمبر 2020 مذكرة تفاهم بقيمة 31 مليون يورو مع وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر.31Energy Central. 2020. Germany grants Tunisia €30 million to develop green hydrogen market. Available from: https://energycentral.com/ وفي حزيران/يونيو 2022، بدأت تونس أولى الخطوات نحو تطوير هذه القطاع، من خلال إطلاق مشروع "H2VertTun"، بتفويض من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، ونفذته الوكالة الألمانية للتعاون الدولي.32GIZ. 2022. Promoting a green hydrogen economy in Tunisia. Retrieved from: https://www.giz.de/ ويهدف هذا المشروع إلى تطوير النهج الاستراتيجي التونسي للهيدروجين الأخضر، من حيث الدعم التقني، وخلق الأسواق والبحث والابتكار من خلال إنشاء مركز تكنولوجيا تونسي بافاري.

إن هذا النموذج – في الواقع – ذو طبيعة استخراجية إلى حد كبير، على الرغم من رسم صورة له تظهر أنه وضع مربح للطرفين في كلتا المنطقتين. ففي بلد مثل تونس التي تعاني من شح المياه وانعدام الأمن الطاقوي؛ لا يمكن اعتبار استغلال الموارد المائية المحلية والأراضي لأغراض التصدير فقط إلا صورة أخرى من صور التراكم عن طريق نزع الملكية. وفي ردهم على هذا النقد، أكد مؤيدو الهيدروجين الأخضر أن المياه الناتجة عن عملية التحلية ستستخدم بشكل أساسي في إنتاجه، رغم ذلك فإن هذه العملية تستهلك الكثير من الطاقة. كما أن تدشين مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر بحاجة إلى استثمارات رأسمالية كبيرة في البنية التحتية، بداية من قدرة المحلل الكهربائي وحتى خطوط الأنابيب، وهو ما قد يترتب عليه زيادة عبء الديون على تونس، والاعتماد على المؤسسات المالية التنموية ورأس المال الأجنبي. وفي دراسة حديثة33Barnard, M. 2022. Assessing EU plans to import hydrogen from North Africa: The cases of Morocco, Algeria and Egypt. Retrieved from: https://www.tni.org/ ، طُرح السؤال حول جدوى هذه الاستراتيجيات بناءً على دراسات حالة في مصر والجزائر والمغرب. وحاجج كاتب تلك الدراسة بأن تكلفة الإنتاج والنقل (عن طريق الشحن أو خطوط الأنابيب) لا يمكن تحملها، إذ "من المتوقع أن تكلف ما يقرب من 11 ضعف سعر الغاز الطبيعي لكل وحدة من أسعار الطاقة، وذلك قبل اندلاع أزمة الطاقة الشتوية وغزو أوكرانيا، وحتى قبل التخزين والنقل"5 . بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن تكون عملية نقل الهيدروجين إلى أوروبا عملية مكلفة، لأن معدل كثافة استخدام الطاقة فيها سيكون مرتفعاً، وإن دول شمال أفريقيا ستستفيد أكثر من استخدام هذه الطاقة المتجددة لتلبية احتياجاتها المحلية.

مصادر الطاقة المتجددة المتنازع عليها على نطاق واسع والانتقال العادل

إن بقاء عملية نزع الكربون في تونس تحت القبضة المحكمة للشركة التونسية للكهرباء والغاز لم يمنع هذه العملية من أن تسلك في البداية مسارات تنزع أكثر نحو  اللامركزية. فقد أُدرجت مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق تدريجياً على أجندة الانتقال العادل للطاقة، بيد أنها غالباً ما قوبلت بمقاومة مجتمعية. وعلى غرار احتجاجات تعدين الفوسفات عام 2008 في قفصة، أصبحت مشاريع الطاقة ساحة للاضطرابات الاجتماعية. ورغم أن المجتمعات المختلفة في جميع أنحاء البلاد عادة ما تدعم الممارسات المستدامة، إلا أن هناك حركة مشتركة تعارض مشاريع الطاقة واسعة النطاق على طريقة "NIMBY" أي ليس في عقر داري34Rocher, L. and Verdeil, É., 2013. Energy transition and revolution in Tunisia: politics and spatiality. the Arab world geographer16(3), pp.267-288. . سيركز هذا القسم على الكشف عن هذه الحركات التي تتزايد في أجزاء مختلفة من البلاد، ويميط اللثام عن ارتباطها بظهور سردية جديدة حول الانتقال العادل.

قوبل إنشاء مزارع الرياح في ولاية بنزرت في عام 2010 بمعارضة شديدة من المجتمعات المحلية، وذلك بسبب الاضطرابات الناجمة عن أعمال البناء، وعدم إيجاد فرص عمل، وضعف التنمية المحلية الناتجة من المشروع. تحولت تلك المعارضة لاحقاً إلى عدة هجمات على المنشآت في المنطقة، وهو ما تسبب في توقف الإنتاج لأكثر من ستة أشهر. في هذا الصدد، فشلت الشركة التونسية للكهرباء والغاز في استشارة المجتمعات المتأثرة حول مشاريع الطاقة المتجددة، واستبعدت المواطنين والتنمية المحلية من حلول الطاقة.

مثالٌ آخر على مشاريع الطاقة المتجددة المتنازع عليها هو توربينات الرياح في برج الصالحي35Delpuech, A., & Poletti, A. 2021. Borj Essalhi: The High Costs of Wind Turbines. Available from: https://inkyfada.com/ . أنشئ هذا المشروع في عهد نظام بن علي على أرض الأجداد الزراعية في برج الصالحي، وهو ما نتج عنه نزاع بين القرويين المحليين والشركة التونسية للكهرباء والغاز منذ الثورة، كما توقف السكان تدريجياً عن دفع فواتير الكهرباء احتجاجاً منهم على انتزاع الأرض، إذ زعم القرويون أنهم "هُجّروا بالقوة" في ظل نظام بن علي الاستبدادي، في حين كان عليهم إبرام عقد مع الشركة التونسية للكهرباء والغاز وتأجير أراضيهم لمدة 30 عاماً. بُنيت التوربينات بالفعل على أراضٍ ذات ملكية جماعية وقيمة ثقافية وإنتاجية لسكان برج الصالحي. وقد حد هذا من قدرتهم على استخدام أراضيهم بالكامل للأغراض الزراعية، وفي المقابل لم يُمنحوا تعويضاً مثل الوصول المستمر إلى الكهرباء لدعم سبل عيشهم. ومنذ اندلاع الثورة، ورفض الأهالي دفع فواتير الكهرباء احتجاجاً، تواجه القرية فترات انقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة.

في ولاية قفصة، يعارض أهالي قرية السقدود حالياً مشروعاً ضخماً للطاقة الشمسية بقدرة 120 ميغاوات، تديره شركة "إنجي" الفرنسية متعددة الجنسيات، بالتعاون مع شركة الطاقة المغربية "ناريفا|Nareva".36 Delpuech, A., & Poletti, A. 2022. “It’s our sun”: in Segdoud, the struggle for energy sovereignty. Available from: https://inkyfada.com/ وباعتباره جزءاً من امتيازات الطاقة الشمسية الجديدة التي وافقت عليها الحكومة مؤخراً، أجج هذا المشروع مطالبات السكان المحليين بخلق فرص العمل وتعزيز التنمية المحلية مقابل استخدام أراضيهم الزراعية ذات الملكية الجماعية، واعتبرت الطاقة الشمسية "منفعة عامة". من المقرر إنشاء وحدة الطاقة الشمسية في نهاية عام 2022 بتكلفة تتجاوز 90 مليون يورو. وقد تعرضت قرية السقدود - مثل باقي أنحاء البلاد - لفترات طويلة من الجفاف، مما عرّض سبل عيش المزارعين للخطر. ولكن نظراً لأن المنطقة تعاني بالفعل من معدلات بطالة عالية نتيجة إغلاق المناجم أثناء الجائحة، ومستويات التنمية السيئة جداً بشكل عام، فقد تساءلت المجتمعات المحلية عن فوائد هذا المشروع الذي من المقرر تنفيذه على 400 هكتار من الأراضي الزراعية التي يديرها حالياً مجلس الأراضي الجماعية في الرديف. إن التهميش الاجتماعي والاقتصادي الذي تعرضت له هذه المنطقة ليس سوى نموذج لنمط الحكم التونسي الذي لطالما ركز على المراكز الحضرية على حساب أطراف البلاد.

وبالمثل، فإن محطتي الطاقة الشمسية المبنيتين في واحة توزر بالقرب من الصحراء الكبرى تثير سخطاً واسعاً وسط المجتمع الزراعي المحلي.37Depluech, A. 2022. Debt-stricken Tunisian farmers ‘ignored’ as government rolls out solar megaproject. Available from: https://www.climatechangenews.com/ فمنذ تنفيذ المشروع في عام 2020، شهد مزارعو الواحات في المنطقة ارتفاع فواتير الكهرباء لديهم، حيث تراكمت ديونهم لتصل إلى 6 مليون دولار أميركي. بل فوق ذلك، خُصصت نسبة من الموارد المائية في الواحة لصيانة وتشغيل المحطات. وإلى جانب فترات الجفاف التي ازداد معدل تكرارها، كان على مزارعي الواحات الذين لم يستفيدوا من الكهرباء المولدة من مزرعة الطاقة الشمسية الاعتماد بشكل كبير على ضخ المياه الجوفية لري محاصيلهم، وهي عملية تستهلك الكثير من الطاقة. ففي تونس التي تعاني من ندرة المياه، يعد الحصول على المياه مشكلة شائعة يواجهها المزارعون، وقد تفاقمت بسبب مشاريع توزر. في الوقت الحالي، تهدد الشركة التونسية للكهرباء والغاز بقطع التيار الكهربائي عن المزارعين ما لم يسددوا ديونهم المتصاعدة. كان الهدف من مزارع الطاقة الشمسية تزويد أكثر من 40 ألف منزل بالطاقة، ومما يؤسف له أن الفئات السكانية الأكثر فقراً وضعفاً في المنطقة قد استُبعِدوا، ولم تسمع أصواتهم. تصور حالة توزر بدقة اتجاه الانتقال العادل في تونس، والذي يركز بشدة على تقليص نطاقه، مع استبعاد السكان المهمشين والأكثر تأثراً بتغير المناخ. وينعكس هذا الاتجاه أيضاً في ميزانية المناخ في الدولة، حيث تُخصّص 20٪ فقط لإجراءات التكيّف.

ثمة مشروع آخر للطاقة المتجددة متنازع عليه، وهو المشروع الذي دشَّنه في مدينة تطاوين تحالف من مجموعة شركات بقيادة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية (ETAP) وشركة "إني" الإيطالية للنفط والغاز متعددة الجنسيات. يعد المشروع أكبر مزرعة شمسية خاصة في تونس، ويستخدم تقنية نظام تتبع الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء ثم بيعها للشركة التونسية للكهرباء والغاز مقابل 24 دولار أميريكي/ميجاوات ساعة، وهو أدنى سعر مُسجّل في أفريقيا. اكتمل المشروع في كانون الأول/ديسمبر 2019، إلا أنه لا يزال غير متصل بالشبكة الوطنية بسبب معارضة الجامعة العامة للكهرباء والغاز. ولكن في تموز/يوليو 2022 مُنحت المحطة إذن الاتصال بالشبكة الوطنية ومن المزمع تشغيلها قريباً.

من المحتمل أن تتسبب امتيازات الطاقة الشمسية ذات النطاق الواسع التي وافقت عليها الحكومة مؤخراً في تأجيج معارضة اجتماعية وسياسية مماثلة؛ إذ إن تلك المشاريع التي بدأها الاستثمار الأجنبي الخاص من الممكن أن تلقى المصير نفسه الذي واجهته وحدات الطاقة في توزر وتطاوين، ما لم يُعتمد منهج مختلف طوال مراحل تطورها. من المقرر أن تنتج هذه المشاريع 500 ميغاوات من الطاقة المتجددة، وهي الآن تحت إدارة العديد من الجهات الدولية. فمثلاً؛ ستضطلع شركة "سكاتيك سولار |Scatec Solar" النرويجية ببناء ثلاث مزارع في سيدي بوزيد وتوزر وتطاوين، بطاقة إجمالية 300 ميغاوات. بينما ستتولى مجموعة TBEA الصينية بالشراكة مع شركة Amea - ومقرها دبي - الامتياز الثاني في قرية المتبسطة بالقرب من القيروان بطاقة 100 ميغاوات. أما امتياز الطاقة الشمسية الثالث في قفصة فكان من نصيب "إنجي ناريفا |Engie-Nareva"، وقد أصبح بالفعل مصدر توتر كما سبق بيانه.

بسبب ما تثيره من المعارضة السياسية والعواقب الاجتماعية غير المقصودة، يمكن أن تتسبب مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق في تعطيل الانتقال العادل للطاقة في تونس، وتتركه قابعاً في نفق الركود المظلم الذي مكث فيه خلال السنوات الماضية. إن الجهات الفاعلة الرئيسية في قطاع الطاقة بحاجة إلى تطوير منهج أكثر شمولاً ويعطي الأولوية للمواطنين والتنمية المحلية، مع تكثيف الحوار مع أصحاب المصلحة لضمان قبول جميع الجهات الفاعلة للحلول الخضراء. تعرض رد فعل المجتمعات المحلية الذي اتبعوا فيه طريقة "نيمبي" لانتقادات كثيرة، بيد أن تلك الانتقادات لم تفلح في الوقوف على السبب الجذري لهذه الظاهرة. إن المقاومة تحدث بالفعل عندما تُجرَّد المجتمعات من أراضيها، ولا تستفيد حتى من مشاريع الطاقة المقامة على أراضيها المنتزعة. وهذا الاتجاه شائع للغاية في تونس، حيث تتوسع التنمية الحضرية في كثير من الأحيان على حساب المناطق الطرفية في البلاد. في حقبة ما بعد الجائحة - حيث ارتفعت مستويات البطالة وتعمقت التفاوتات الإقليمية - أصبح الطلب على خلق فرص العمل والتنمية المحلية أكثر وضوحاً. وبسبب عدم تدخل الحكومة أو لامبالاتها بهذه القضايا، اشتدت وطأة مظالم المجتمعات التي تعرضت للتجاهل ولم تلق نداءاتها آذاناً صاغية. والنتيجة صعود حركة متنامية تدعو إلى العدالة في مشاريع الطاقة. ورغم أنهم لم يشيروا إلى مصطلح "الانتقال العادل"، فقد كان المواطنون في تونس يدافعون عن مبادئه في جميع أنحاء البلاد.

وأيضاً من الأمثلة المعروفة لمقاومة مشاريع استخراج الطاقة حركة الكامور. بدأت هذه الحركة في عام 2017 بقيادة شباب المنطقة الجنوبية بتطاوين، مطالبين بالتوزيع العادل لعائدات مشاريع النفط والغاز في تلك المنطقة. من الجدير بالذكر أن حقول الغاز والنفط في تطاوين تساهم بنسبة 20% و40٪ على الترتيب من إنتاج الدولة، ومع ذلك تواجه المنطقة تحديات اجتماعية واقتصادية، وتعاني من بنية تحتية شديدة التدهور، والسبب هو أن إيرادات مشاريع الطاقة هناك لا يعاد استثمارها في هذه المنطقة عن طريق البلديات المحلية، بل تذهب بدلاً من ذلك إلى الحكومة المركزية. على مدار السنوات الماضية، اندلعت احتجاجات دورية في تطاوين للمطالبة بتوفير فرص عمل محلية والتنمية المحلية، تُوّجت في النهاية باتفاق في عام 2017 بين السكان المحليين وشركات النفط والغاز الأجنبية.38Sherif, Y. 2017. The Kamour Movement and Civic Protests in Tunisia. Available from: https://carnegieendowment.org/ طُلب من الشركات العاملة في المنطقة توفير فرص عمل للسكان المحليين، بينما كُلّفت الحكومة بإنشاء صندوق تنمية بقيمة 29 مليون دولار أميركي للمنطقة. وبحلول عام 2020 وطوال فترة الجائحة، لم يستوفى من المتطلبات التي حددتها الاتفاقية سوى النزر اليسير. على صعيد آخر، أدت إجراءات الإغلاق المقترنة بإغلاق الحدود الليبية إلى انهيار اقتصادي حاد في المنطقة، فتكررت اعتصامات 2017 حيث احتل المتظاهرون محطة الضخ في الكامور - وهي نقطة عبور أساسية للشركات - لأسابيع، مما أدى إلى توقف الإنتاج. في الوقت الحاضر، يستعيد المحتجون المشهد لأن مطالبهم لم تتحقق بعد.39Ferichichi, K. 2021. Un an après l’accord d’El Kamour : Les sit-inneurs reviennent à la charge. Available from: https://lapresse.tn/ وُجّهت أحد الانتقادات الرئيسية إلى هيكل صندوق التنمية، الذي يعمل فقط كذراع مساعدة تكميلية لقدرة التمويل الذاتي الحالية لرواد الأعمال الشباب في المنطقة. ومن ثم؛ وفرت هذه الحركة منبراً لإعادة التفكير وإعادة هيكلة تمويل التنمية الإقليمية، بطريقة تعود بالنفع على كل من المناطق المركزية والمناطق الطرفية في تونس.

على غرار اعتصامات الكامور، لوحظ صعود حركة "مقاومة التراكم" في إطار مشاريع الطاقة المتجددة أيضاً، حيث ظهر خطاب جديد يروج للطاقة المتجددة باعتبارها مشروعاً له منافع عامة من خلال مفهوم "سيادة الطاقة". يشير هذا المفهوم إلى قدرة البلدان والمجتمعات على اتخاذ قرارات مستقلة حول هياكل ومصادر إمدادات الطاقة الخاصة بها، على مستوى التوليد والتوزيع والاستهلاك40Thaler, P. and Hofmann, B., 2022. The impossible energy trinity: Energy security, sustainability, and sovereignty in cross-border electricity systems. Political Geography94, p.102579. ، وقد كان منبر البدائل التونسي أحد الفاعلين الرئيسيين في قيادة هذا الخطاب. وبالتعاون مع الاتحاد العام التونسي للشغل، بدأوا في تنظيم اللقاءات المجتمعية لمناقشة حق الشعب في الطاقة وإنشاء تعاونيات للطاقة. أنشئت هذه الجمعية في نهاية عام 2019 وتضم مجموعات عمل متعددة، تتناول إحداها ديمقراطية الطاقة وتهدف بشكل عام إلى توفير منصة للتفكير في نموذج اقتصادي جديد لتونس. يقدم هذا النموذج بديلاً للشراكات بين القطاعين العام والخاص في تونس التي تعيد إنتاج أنماط استخراج واستغلال الموارد على حساب المجتمعات المحلية. كما أنها توفر طرقاً بديلة بعيداً عن احتكار الشركة التونسية للكهرباء والغاز لهذا القطاع. استطاعت تلك الحركة أن تكتسب تأييداً واسعاً خصوصاً في الأجزاء الجنوبية من البلاد، حيث انتشر الاستيلاء على الأراضي والافتقار إلى فرص العمل وضعف التنمية المحلية. من برج الصالحي وتوزر إلى قرية السقدود مؤخراً، من المرجح أن تقوى شوكة أعمال المعارضة تلك، وهو ما سيجعلها تتطلب مزيداً من الاهتمام من الدولة. بيد أن الحركة لا تزال في مراحلها الأولى وتتطلب وضع تصور أعمق لتوضيح مصادر التمويل المحتملة وتحديد دور الدولة وخطط تنظيم التعاونيات.

التوصيات والمسارات المستقبلية

يمكن أن يتخذ الانتقال العادل للطاقة في تونس مسارات متعددة. إذا ظل الوضع كما هو؛ ستستمر المشاريع الكبيرة - التي تهيمن عليها بشكل كبير الشركات الأجنبية الخاصة - في السيطرة على مشهد الطاقة المتجددة. من جانب آخر ستتضاعف مقاومة العمال النقابيين والمجتمعات المحلية، وهو ما سيعيق الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة. ومع تقلب سوق الغاز وأزمة الطاقة التي تحدث في أوروبا، قد يصبح الغاز الجزائري مصدراً غير مؤكد لإمدادات الطاقة. ومن أجل ضمان أمن الطاقة وسيادتها، تحتاج الدولة التونسية إلى تعزيز وتثبيت مسارها نحو التحول الأخضر، مع وضع العدالة في قلب حوارها مع الأطراف المعنية. ولتعزيز الخطاب حول الانتقال العادل، يجب أن تكون هناك إعادة هيكلة وطنية لاستراتيجية الطاقة في الدولة، وذلك لتعزيز الأنظمة اللامركزية حيثما أمكن، لا سيما في المناطق الريفية، ومن أجل الموازنة بين مصالح الجهات الفاعلة المختلفة لضمان الشمولية.

حتى يومنا هذا، لا يوجد مخطط لتحقيق انتقال عادل، ولا يوجد نموذج ناجح جرى تنفيذه أو التفاوض بشأنه. إن التخطيط لانتقال عادل هو تمرين سياقي يجب أن يبدأ على المستوى الوطني. إنها عملية معقدة ومتعددة المقاييس ومتنوعة، يجب أن تتمحور حول الحركات الاجتماعية، ولا يمكنها استبعاد الجهات الفاعلة المؤثرة مثل الدولة والقطاع الخاص. كما يجب أن تقوم الحكومة بمحاولة تطوير إستراتيجية انتقالية عادلة من خلال المشاورات المكثفة لضمان تحديد المقصود بالعدالة على المستوى المحلي وحشد التأييد والموافقة عليها من قِبل المجتمعات المحلية والجهات الفاعلة الأخرى. لقد جُرّد مفهوم الانتقال العادل من طابعه الراديكالي فور أن أصبح شائعاً في المنظمات الدولية وبنوك التنمية متعددة الجنسيات. علاوة على ذلك، فإن الخطابات السائدة حول الانتقال العادل تنشأ بشكل أساسي من الأبحاث والممارسات التي تجري في شمال الكرة الأرضية، والتي تتعامل مع تحديات مختلفة جذرياً عن تلك التي تواجه الجنوب العالمي.41Alarcón, P., Diaz, N.C.C., Schwab, J. and Peters, S., Rethinking ‘Just Transition’: Critical Reflections for the Global South. في الوقت الحالي، ركزت خطابات الانتقال العادل السائدة في البلدان النامية  - في الغالب - على التخلص التدريجي من الفحم بالإضافة إلى الوظائف والقوى العاملة، كما في حالة جنوب أفريقيا،42Chassidy, C. 2022. The Just Energy Transition Partnership with South Africa will hinge on domestic reform. Available from: https://www.atlanticcouncil.org/ ومؤخراً في إندونيسيا.43UK Government. 2020. Indonesia Just Energy Transition Partnership Launched at G20. Available from: https://www.gov.uk/ ومن ثم هناك حاجة أكثر إلحاحاً لتأطير الانتقال العادل في سياق تفكيك الاستعمار، والنزعة الاستخراجية [استخراج الموارد الطبيعية لأغراض التصدير بأقل قدر من المعالجة]، وسيادة الموارد الطبيعية.

يعد التخطيط للانتقال العادل عملية طويلة ومعقدة؛ ولكن من خلال اتباع مقاربة استباقية، يمكن للحكومة التونسية ضمان انتقال سريع وناجح نحو مصادر الطاقة النظيفة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال الإجراءات التالية:

  • تعزيز خطاب الانتقال العادل من خلال تحديد المبادئ التي تحمي حقوق المواطنين مع دمج مصالح الجهات الفاعلة الأخرى مثل الدولة والقطاع الخاص.
  • التعاون مع الأكاديميين والنقابات العمالية والمجتمع المدني والمجتمعات والممارسين والقطاع الخاص والمسؤولين الحكوميين لوضع استراتيجية للانتقال العادل. ويشمل ذلك تحديد معنى العدالة، وتحديد القطاعات والمجتمعات والجهات الفاعلة المتأثرة بإمكانية إزالة الكربون في البلاد، وتحديد المتضررين والمنتفعين من وراء هذا الانتقال، وتحقيق التوازن بين عمليات الانتقال العادل ونتائجها.
  • إنشاء حوار اجتماعي وطني في سياق مشاريع الطاقة المتجددة، ذلك الحوار الذي يأخذ في الاعتبار مصلحة جميع الجهات الفاعلة، ولا سيما المزارعين والمجتمعات المحلية الذين لم تُسمع أصواتهم حتى الآن في هذا النقاش. ومن خلال تعزيز العدالة الإجرائية وإشراك المجتمعات في عملية صنع القرار في مجال الطاقة، ستقل احتمالية مقاومة السكان المحليين للمشاريع. يعد هذا الحوار أمراً بالغ الأهمية إذا أريد تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة واسعة النطاق بنجاح.
  • تعزيز اللامركزية في مصادر الطاقة المتجددة لمنح المجتمعات مزيد من الملكية والسيادة على المشاريع وزيادة درجة قبولها. تعتبر اللامركزية في المشاريع والإصلاحات الضريبية المحلية ضرورية للتنمية الإقليمية للمناطق الطرفية والأكثر تهميشاً في تونس، لأنها ستمكن السلطات المحلية من تحصيل مزيد من الإيرادات.
  • تطوير برامج إقليمية، وهياكل مؤسسية، ونماذج أعمال لدعم عملية اللامركزية وتعزيز مفهوم تعاونيات الطاقة. يجب أن يكون هذا أيضاً مصحوباً بإصلاحات قانونية تؤسس لشرعية نماذج الأعمال الجديدة وتحمي حقوق المواطنين.
  • إنشاء حوار وطني حول القانون 2015/12 لضمان قبول وتعاون جميع أصحاب المصلحة في تنفيذ هذا القانون، وهو أمر حاسم لمشاركة القطاع الخاص في مشاريع مصادر الطاقة المتجددة على نطاق واسع.

Endnotes

Endnotes
1 Newell, P., & Mulvaney, D. 2013. The political economy of the ‘just transition’. The Geographical Journal179(2), 132-140.
2 Geels, F. W. 2014. Regime resistance against low-carbon transitions: introducing politics and power into the multi-level perspective. Theory, culture & society31(5), 21-40.
3 Sovacool, B.K., Martiskainen, M., Hook, A. and Baker, L., 2019. Decarbonization and its discontents: a critical energy justice perspective on four low-carbon transitions. Climatic Change155(4), pp.581-619.
4 Mundaca, L., Busch, H. and Schwer, S., 2018. ‘Successful ‘low-carbon energy transitions at the community level? An energy justice perspective. Applied Energy218, pp.292-303.
5 Climate Justice Alliance. 2018. Just Transition a Framework for Change
6 Newell, P., & Mulvaney, D. 2013. The political economy of the ‘just transition’. The Geographical Journal179(2), 132-140.
7 Yerkes, S & Alhomoud, M. 2022. One Year Later, Tunisia’s President Has Reversed Nearly a Decade of Democratic Gains. Available from: https://carnegieendowment.org/
8 النهوض بالمباني الشمسية هو برنامج صغير الحجم حيث تقوم الجهات الفاعلة المحلية بتوليد الطاقة من خلال الطاقة المتجددة ، وقد تم ربطه بخطة مالية قائمة على القروض المدعومة التي يمكن أن يسددها العملاء من خلال فواتير الكهرباء الخاصة بهم. انظر:Rocher, L. and Verdeil, É., 2019. Dynamics, tensions, resistance in solar energy development in Tunisia. Energy Research & Social Science54, pp.236-244.
9 Rocher., L. & Verdeil., E. 2013. Energy transition and revolution in Tunisia: politics and spatiality. The Arab World Geographer. 16 (3), 277.
10  IRENA. 2021. Renewable readiness assessment. Available from: https://irena.org/
11 تم وضع هذا القانون لتنظيم (1) التنظيم الذاتي / الاستهلاك ؛ (2) إنتاج طاقة مستقلة للاستهلاك المحلي (امتياز للمشاريع التي يزيد حجمها عن 10 ميغاواط وترخيص لمن هم أقل من 10 ميغاواط) و (3) إنتاج مستقل للطاقة للتصدير
12 WMC and TAP. 2022. Renewable energy: Electricity producers call for connection to the STEG grid. Available from: https://www.webmanagercenter.com/
13 Ben Rouine, C & Roche, F. 2022. ‘Renewable’ energy in Tunisia: an unjust transition. Available from: https://longreads.tni.org/
14 ILO. 2013. Just transition principles.
15 Moisseron, J.Y., Guesmi, K. and Gerin-Jean, M., 2018. Assessing EU–Mediterranean Policies in the Fields of Energy from a Bottom-up Perspective: The Case of Tunisia (No. 33). MEDRESET Working Papers.
16 World Bank. 2019. Project Appraisal Document on a Proposed Loan in The Amount Of 1 Million To STEG for an Energy Sector Improvement Project.
17 Republic of Tunisia. 2021. Updated Nationally Determined Contribution Tunisia. Available from: https://unfccc.int/
18 Electricite. 2021. Tunisia: Lower subsidies for solar energy equipment upsets sector players. Available from: https://www.agenceecofin.com/.
19 Nouicer, A. 2022. What a Green Transition Means for Tunisia. Available from: https://www.ispionline.it/.
20 Renewables Now. 2022. Tunisia approves 500 MW of solar projects. Available from: https://renewablesnow.com/
21 AEP. 2022. Tunisia, Britain Sign MoU for Renewable Energy Development. Available from: https://africa-energy-portal.org/
22 Acosta, A., 2013. Extractivism and neoextractivism: two sides of the same curse. Beyond development: alternative visions from Latin America1, pp.61-86.
23 Ye, J., J. D. van der Ploeg, S. Schneider, and T. Shanin. 2020. “The Incursions of Extractivism: Moving from Dispersed Places to Global Capitalism.” Journal of Peasant Studies 47 (1): 155–183. doi:10. 1080/03066150.2018.1559834.
24 Hamouchene, H. 2019. Extractivism and Resistance in North Africa
25 AEP. 2022. Tunisia, Britain Sign MoU for Renewable Energy Development. Available from: https://africa-energy-portal.org/
26 Bruna, N., 2022. A climate-smart world and the rise of Green Extractivism. The Journal of Peasant Studies, pp.1-26.
27 Hamouchene, H. 2017. TuNur in Tunisia: Another case of energy colonialism. Available from: https://www.cadtm.org/
28 Acosta, A., 2013. Extractivism and neoextractivism: two sides of the same curse. Beyond development: alternative visions from Latin America1, pp.61-86.
29 European Commission. 2020. A hydrogen strategy for a climate neutral Europe. Available from: https://ec.europa.eu/
30 European Commission. 2022. REPowerEU: Joint European Action for more affordable, secure and sustainable energy. Available from: https://eur-lex.europa.eu/
31 Energy Central. 2020. Germany grants Tunisia €30 million to develop green hydrogen market. Available from: https://energycentral.com/
32 GIZ. 2022. Promoting a green hydrogen economy in Tunisia. Retrieved from: https://www.giz.de/
33 Barnard, M. 2022. Assessing EU plans to import hydrogen from North Africa: The cases of Morocco, Algeria and Egypt. Retrieved from: https://www.tni.org/
34 Rocher, L. and Verdeil, É., 2013. Energy transition and revolution in Tunisia: politics and spatiality. the Arab world geographer16(3), pp.267-288.
35 Delpuech, A., & Poletti, A. 2021. Borj Essalhi: The High Costs of Wind Turbines. Available from: https://inkyfada.com/
36  Delpuech, A., & Poletti, A. 2022. “It’s our sun”: in Segdoud, the struggle for energy sovereignty. Available from: https://inkyfada.com/
37 Depluech, A. 2022. Debt-stricken Tunisian farmers ‘ignored’ as government rolls out solar megaproject. Available from: https://www.climatechangenews.com/
38 Sherif, Y. 2017. The Kamour Movement and Civic Protests in Tunisia. Available from: https://carnegieendowment.org/
39 Ferichichi, K. 2021. Un an après l’accord d’El Kamour : Les sit-inneurs reviennent à la charge. Available from: https://lapresse.tn/
40 Thaler, P. and Hofmann, B., 2022. The impossible energy trinity: Energy security, sustainability, and sovereignty in cross-border electricity systems. Political Geography94, p.102579.
41 Alarcón, P., Diaz, N.C.C., Schwab, J. and Peters, S., Rethinking ‘Just Transition’: Critical Reflections for the Global South.
42 Chassidy, C. 2022. The Just Energy Transition Partnership with South Africa will hinge on domestic reform. Available from: https://www.atlanticcouncil.org/
43 UK Government. 2020. Indonesia Just Energy Transition Partnership Launched at G20. Available from: https://www.gov.uk/

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.