بعد أربع سنوات من حراك 22 فبراير 2019 في الجزائر: بين القمع القضائي وتعزيز الحكم الاستبدادي

قوات الأمن تحاصر موقعا يتجمع فيه الطلاب والمواطنون للتظاهر بعد دعوة الحراك ضد الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 12 حزيران/يونيو – الجزائر العاصمة، الجزائر، 16 آذار/مارس2021. © مصعب الرويبي/وكالة الأناضول 

بعد أربع سنوات على انطلاقة أولى مسيرات الحراك، التي شهدت خروج ملايين الجزائريين، اعتباراً من 22 شباط/فبراير 2019، التي كانت تجوب الشوارع للاحتجاج سلمياً ضد الولاية الخامسة للرئيس بوتفليقة، والمطالبة بـ"تغيير جذري للنظام"، عاد الصمت والركود من جديد ليعُم الشارع الجزائري. ولا يزال قمع الحريات مستمراً، قبل فترة وجيزة، في كانون الأول/ديسمبر 2022، تم إغلاق إحدى منابر المعارضة الأخيرة على الإنترنت، راديو M  1كريم عمروش، "آخر فضاء إعلامي حر في الجزائر، تم تشميع مقر راديو M"، لوموند، 25 ديسمبر 2022. ، وتشميع مقرها ووضع رئيسها، إحسان القاضي، رهن الحبس الاحتياطي2"في الجزائر، وُضِع إحسان القاضي، مدير راديو M وموقع Maghreb Emergent، رهن الحبس الاحتياطي"، لوموند ووكالة فرانس برس، 29 ديسمبر. 2022. . وقبل ذلك بقليل، أعلن المعارض رشيد نكاز في كانون الثاني/يناير 2023، بعد أن صدرت ضده عدة أحكام بالسجن، انسحابه من الحياة السياسية3رياض حمادي، "رشيد نكاز يعلن أنه" يوقف نشاطه السياسي "، موقع TSA، 2 يناير 2023. ، في حين، أبلغت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH) بخبر حلها، الذي تم قبل ستة أشهر4" السلطات في الجزائر تحل المنظمة غير الحكومية الرئيسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، لوموند ووكالة فرانس برس، 23 يناير 2023. دون أن تكون على علم بذلك. وقبل أيام قليلة فقط، في شباط/فبراير 2023، فرّت أميرة بوراوي، إحدى قيادات "حركة بركات"5حركة سياسية معارضة للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة والناشطة في صفوف الحراك، خارج الجزائر، منتهكة بذلك قرار حظر مغادرة التراب الوطني الصادر ضدها6مجيد زروقي، "المعارِضة الفرنسية الجزائرية أميرة بوراوي، بعد لجوئها في تونس، تنتقل إلى فرنسا بعد نجاتها من عملية ترحيل إلى الجزائر"، لوموند، 6 فبراير. 2023. .  يأتي هذا التعزيز للحكم الاستبدادي، كنتيجة مباشرة لموجة القمع الشامل الذي باشرته أجهزة الأمن المختلفة، منذ حزيران/يونيو 2019 وسانده في ذلك، تحريك التشريعات المفرطة في قمع الحريات، فضلاً عن عملية مراجعة الدستور، التي فاقمت من صلاحيات السلطة التنفيذية، في إطار سياسة قضائية تهدف في أول الأمر إلى احتواء الحراك، ثم القضاء عليه نهائياً.

بعد استقالة الرئيس بوتفليقة في 2 نيسان/ أبريل 2019، واصل الشارع الجزائري تعبئته، رافضاً الفترة الرئاسية المؤقتة التي ينص عليها الدستور، والتي تقضي بانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال 90 يومًا (المادة 102، الفقرة 6، لعام 2016)، خشية أن يؤدي هذا المسار إلى انتخاب رئيس يتمتع بالصلاحيات الواسعة نفسها التي كان يتمتع بها الرئيس المستقيل، ومن ثم يعيد تكريس النظام السياسي القائم نفسه7للحصول على تقرير شامل وتحليلي حول المعوقات المؤسسية لعام 2019 في الجزائر: انظر مولود بومغار، "القفاز الدستوري القابل للانعكاس: إكسسوار للزي العسكري. نظرة نقدية على الأزمة الدستورية الجزائرية لعام 2019 "، سنة المغرب العربي، 21 | 2019، ص. 69-88؛ محمد بوسومح ، "الأثر الارتدادي لترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة" ، RASJEP، الجزء  58 ، عدد 4، ص. 438-466 ؛ ماسنسن شربي، "الآليات الدستورية للسلطوية الجزائرية في مواجهة الحراك"، الحركات الجماهرية، الجزء. 102، عدد 2، ينويو حزيران 2020، ص. 166-176. . وتعبيراً عن رفضهم استنساخ منظومة الحكم السابق، رفع المتظاهرون لافتات، تشير إلى المادتين 7 و8 من الدستور، المتعلقتين بالسيادة الشعبية، وضد المادة 102 المتعلقة بالانتقال الرئاسي، لكن رغم حرص المتظاهرين، ظل قائد أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، اللواء أحمد قايد صالح، متمسكاً بصرامة، ومصراً على تنظيم انتخابات رئاسية، الأمر الذي دفع المتظاهرين إلى تأكيد مطالبهم بإقامة "دولة مدنية، وليست عسكرية"، خاصة اعتبارًا من تاريخ 10 أيار/مايو 2019.8انظر ماسنسن شربي، "الجيش الجزائري في مواجهة مطلب ' دولة مدنية غير عسكرية '، مجلة Confluences Méditerranée ، الجزء 122 ، عدد 3 ، ص. 77-98.

استمر التجاذب، مع إعلان قائد أركان الجيش، في 18 حزيران/يونيو، رفضه لأي انتقال ديمقراطي، بحجة خطر حدوث "فراغ دستوري"،9"قايد صلاح يحذر من الأهداف" الغامضة " للأطراف التي تريد تجميد الدستور"، وكالة الأنباء الجزائرية، 18 حزيران / يونيو 2019. وفي اليوم التالي، 19 حزيران/يونيو، انطلقت حملات القمع، لتطال حاملي الراية الأمازيغية10"قايد صلاح يحذر كل من رايات غير العلم الوطني"، وكالة الأنباء الجزائرية، 19 حزيران / يونيو 2019. ، تنفيذاً لسياسة فرق تسد. لكن سرعان ما انتشرت رقعة القمع لتشمل الحراك بكافة أطيافه. وتنفيذاً لهذه الخطة، اعتمدت السلطات على ترسانة قمعية مكتملة، في ظل غياب التحوّل الديمقراطي، وقد شملت هذه الترسانة أحكام تعود إلى عهد الحزب الواحد، من جملتها تجريم المساس بالوحدة الوطنية (القانون الجنائي، المادة 79) أو المساس بالمصلحة الوطنية (القانون الجنائي، المادة 96) المنبثقة عن قانون العقوبات لعام 1966، في صيغته المعدَّلة في 1975، إلى جانب أحكام موروثة عن العشرية الدامية، التي تفرض الحصول على إذن مسبق لكل من يريد التظاهر، عملاً بالقانون رقم 91-19 المؤرخ 2 كانون الأول/ديسمبر 1991، وأحكام تجرم الإرهاب، سارية المفعول بموجب المرسوم التشريعي رقم 92-03 المؤرخ في 30 أيلول/سبتمبر، 1992 (قانون العقوبات، المادة 87) وكذلك التضييق على التعددية الحزبية، منذ إصدار المرسوم رقم 97-09 بتاريخ 6 آذار/مارس 1997؛ وأخيرًا الأحكام الناتجة عن الربيع العربي، ولا سيما من خلال تقييد حرية تكوين الجمعيات، بموجب القانون رقم 12-06 الصادر في 12 كانون الثاني/يناير 2012.

في ظل هذه الأجواء القمعية، استطاع النظام في نهاية المطاف تنظيم الانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ديسمبر 2019، والتي تميزت بنسبة مقاطعة غير مسبوقة، بلغت قرابة 60٪11الإعلان رقم 03 / P.CC / 19 الصادر في 16 ديسمبر. 2019 الخاص بالنتائج النهائية لانتخاب رئيس الجمهورية، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 78 بتاريخ 18 ديسمبر. 2019، ص. 16-19. أثارت هذه النسبة جدلا وتشكيكا: نبيلة أمير، "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية RCD يعتبر عن استيائه من تصرفات السلطات:" نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات الرئاسية لم تتجاوز 8٪ "، جريدة الوطن، 15 كانون الأول (ديسمبر). 2019. ، وأصبح خلالها عبد المجيد تبون، الوزير عدة مرات في حكم الرئيس بوتفليقة، رئيسًا للجمهورية. ابتداء من 11 كانون الثاني/يناير 2020، باشر الرئيس عملية مراجعة الدستور، لكن ليس عن طريق الدعوة إلى انعقاد جمعية تأسيسية، وإنما من خلال اجتماع لجنة خبراء، كان هو مَن عيَّن جميع أعضائها12المرسوم الرئاسي رقم 20-03 المؤرخ 11 يناير 2020 الخاص بتشكيل لجنة خبراء مكلفة بصياغة المقترحات الخاصة بمراجعة الدستور، الجريدة الرسمية (JORA) رقم 02 بتاريخ 15 يناير 2020، ص. 7. ، تمخض هذا الاجتماع عن مسودة أولية، تم توزيعها في 7 أيار/مايو 2020. تلقت لجنة الخبراء على إثر ذلك 5018 اقتراحًا13لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور، مقترحات مقدمة في إطار المناقشة العامة حول مشروع مراجعة الدستور، 5 سبتمبر 2020، 1231 ص. ، معظمها صادرة عن هيئات أو شخصيات مقربة من السلطات. وقد ساهمت هذه الاقتراحات في ديباجة مشروع جديد، نُشر في 5 أيلول/سبتمبر التالي، قبل اعتماده من قِبل مجلس الوزراء، ثم من قِبل غرفتي البرلمان، الذين انتُخِب معظم أعضائه أو عُينوا في عهد الرئيس السابق بوتفليقة. وبعد ذلك، تم تنظيم الاستفتاء في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، تميز بدوره بنسبة مقاطعة قياسية، بلغت قرابة 76٪14الإعلان رقم 01 / P.CC / 20 بتاريخ 12 نوفمبر 2020 الخاص بالنتائج النهائية لاستفتاء 1 نوفمبر 2020 حول مشروع مراجعة الدستور، الجريدة الرسمية عدد 72 بتاريخ 3 ديسمبر. 2020، ص. 4-5 ، واعتُمد التعديل الدستوري في 30 كانون الأول/ديسمبر التالي15المرسوم الرئاسي رقم 20-442 الصادر في 30 ديسمبر. 2020 المتعلق بالإعلان في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عن المراجعة الدستورية، المعتمدة في استفتاء 1 نوفمبر 2020، الجريدة الرسمية عدد 82 بتاريخ 30 ديسمبر 2020. 2020، ص. 2-49. انظر ماسنسن شربي، "المراجعة الدستورية لعام 2020 في الجزائر: نظام رئاسي عسكري بصلاحيات مفرطة، بحكم القانون"، ISSRA، أبريل 2021، 9 ص. . ويعلن الجيش الآن الضامن "للمصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد" (الفقرة 4 من المادة 30)، في حين أصبح من الممكن الآن الانتقاص من الحقوق والحريات الدستورية، بموجب القانون، من أجل الحفاظ على النظام العام والأمن والثوابت الوطنية (الفقرة 2 من المادة 34).

في تلك الأثناء، أجبرت جائحة كوفيد-19 متظاهري الحراك على تعليق مسيراتهم، وفي سياق الحجر الصحي، صدر قانونان قمعيان جديدان في 28 نيسان/أبريل 2020، يدرجان على وجه الخصوص جريمة "الأخبار الكاذبة" في قانون العقوبات (قانون العقوبات، المادة 196 مكرر) و"جريمة التضامن" (قانون العقوبات، مادة 95 مكرر). حتى وإن استطاع المتظاهرون العودة إلى المسيرات ابتداء من شباط/فبراير 2021، إلا أن السلطات وضعت حداً لها، قبل أسابيع قليلة من موعد الانتخابات التشريعية في 12 حزيران/يونيو 16عرفت هذه الانتخابات مرة أخرى نسبة مقاطعة رسمية غير مسبوقة: " الانتخابات التشريعية: بلغت نسبة المشاركة 23٪”، وكالة الأنباء الجزائرية، 23 يونيو 2021 2021، مع تذكير السلطات الأمنية في 20 أيار/مايو الماضي، بضرورة الحصول على إذن مسبق للتظاهر، وعقب ذلك، أصدر الرئيس المرسوم رقم 21-08 المؤرخ 8 حزيران/يونيو 2021، حيث وسّع بموجبه توصيف جريمة الإرهاب، لتشمل أي عمل يهدف إلى "الوصول إلى السلطة أو [...] تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية" (قانون العقوبات، المادة 87 مكرر 14).

ثمة سؤال يطرح نفسه، إلى أي مدى سمحت هذه الأحكام، الدستورية والتشريعية، إلى جانب القمع القضائي الذي نتج عنها، بتفكيك الحراك وفض مسيراته وتعزيز النظام الاستبدادي؟

لقد سمحت الأحكام التشريعية المطبقة ضد الحركة الشعبية (الحراك) بمنع تنظيم صفوفها، وقمع سبل التعبير عن نفسها في آن واحد (1)، في حين مكّنت المراجعة الدستورية لعام 2020 ليس فقط في إضفاء الشرعية على هذه الأحكام، بل نجحت أيضاً في التفاعل مع المشاكل المؤسسية لسنة 2019 لصالح السلطات الحاكمة (2).

1- القمع القضائي للحراك: عاملٌ حاسم في فض الحركة الجماهيرية

أدى القمع القضائي إلى جعل أي تنظيم لحركة الجماهير أمراً مستحيلاً، بسبب القيود المفروضة على الحريات الجماعية (أ) والحريات الفردية (ب) على حد سواء.

أ. استحالة تنظيم حركة الجماهير: القيود الصارمة على حرية التظاهر وتكوين الجمعيات والتعددية الحزبية.

رغم استمرار مسيرات يوم الجمعة وقبولها كأمر واقع، منذ شباط/فبراير 2019، ظلت مع ذلك غير قانونية. بالفعل، منذ إضراب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (FIS) في أيار/مايو وحزيران/يونيو 1991، لم يعُد الحق في التظاهر يتطلب فقط تصريحًا مسبقًا بل أصبح يستوجب الحصول على إذن مسبق، بمقتضى القانون رقم 91-19 المؤرخ 2 كانون الأول/ديسمبر 199117القانون رقم 91-19 المؤرخ في 2 ديسمبر. 1991 المعدل والمتمم للقانون 89-28 المؤرخ في 31/ديسمبر 1989 المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العامة، الجريدة الرسمية عدد 62 المؤرخ في 4 ديسمبر 1991، ص. 1946-1948. (المادة 15، الفقرة 2)، وإلا عرّض المتظاهرون أنفسهم للمتابعة القضائية بتهمة التجمع غير المسلح (قانون العقوبات، مادة 98) والتحريض المباشر على التجمع غير المسلح (قانون العقوبات، مادة رقم 100). بعد أن شكلت هذه الأحكام الأساس المستخدم لقمع المسيرات في غير يوم الجمعة، أو حتى مسيرات الطلبة يوم الثلاثاء، اتسعت رقعة المنع لاحقاً، في أعقاب نشر السلطات، في 20 أيار/مايو 2021، بعد عودة المسيرات منذ شباط/فبراير السابق، بيانًا تذكِّر فيه بضرورة الحصول على إذن مسبق للسماح بالتظاهر، بما في ذلك يوم الجمعة18"مسيرة الجمعة: وزارة الداخلية تنفي تلقيها طلب ترخيص"، وكالة الأنباء الجزائرية، 20 مايو 2021 ، ومنذ ذلك الحين، لم تشهد لا العاصمة ولا أي مدينة من المدن، في جميع أنحاء التراب الوطني، أي مسيرات أخرى. وفي هذا السياق تحديداً، أصدرت محكمة الجزائر العاصمة، في 22 آذار/مارس 2022، ضد منسق الحركة الديمقراطية والاجتماعية (MDS)، فتحي غارس، حكماً بالسجن لمدة عام، منها ستة أشهر غير نافذة، جزئياً بتهمة التحريض المباشر على التجمهر غير المسلح، فقط لأنه دعا إلى استمرار الحراك19محكمة الجزائر العاصمة، فتحي غراس، 22 مارس 2022، رقم 22/00967 .

أما بالنسبة للمجتمع المدني، فقد ورث شبكة من الجمعيات بالغة الوهن، بسبب القيود المفروضة عليها بموجب القانون رقم 12-06 بتاريخ 12 كانون الثاني/يناير 201220قانون رقم 12-06 مؤرخ في 12 كانون الثاني 2012 الخاص بالجمعيات، الجريدة الرسمية عدد 2 بتاريخ 15 كانون الثاني 2012، ص. 28-34. ، الصادر بهدف منع انتقال "العدوى" الناجمة عن الربيع العربي، مما أفضى إلى تقليص عدد الجمعيات إلى النصف21مجيد مقضي، "قانون الجمعيات: منظمات غير حكومية تريد وضع حد للتعسف"، جريدة الوطن، 6 أكتوبر 2018. . وفي سياق الحراك، استخدمت المحكمة الإدارية للجزائر العاصمة هذا القانون، كأساس لحلِها بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2021 جمعية "تجمع – عمل – شبيبة" أو "راج" (RAJ)، التي تأسست عام 1992، لا لشيء سوى أنها استقبلت في مقرها الرئيسي مناضلين تونسيين ينشطون في مجال حقوق الإنسان دون إذن مسبق من السلطات المختصة (المادة 23)22محكمة العاصمة، جمعية وطنية "تجمع – عمل – شبيبة" أو "راج 13 أكتوبر 2021، رقم 2101798." ، واستخدمت أيضاً هذا القانون لحلِ في 29 حزيران/يونيو 2022 الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (LADDH)، وهي جمعية معتمدة قانونياً منذ عام 1989، وقد بررت السلطات سبب حل الرابطة بعدم تبليغ السلطات المختصة ببعض الإجراءات الإدارية (المادتان 18 و19) وكذلك لقيامها بأنشطة أخرى غير المنصوص عليها في قوانينها الداخلية، ولا سيما منشوراتها على الشبكات الاجتماعية، تندد فيها  بقمع مسيرات الحراك أو دفاعها عن الأقلية الدينية الإباضية، (المادة 43)23محكمة العاصمة، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، 29 يونيو 2022، رقم 22/01423 . وعلى مستوى غير مباشر، صدر بحق العديد من قيادات الجمعيات المنخرطة في الحراك أحكاماً بالسجن النافذ، من جملتهم، رئيس جمعية "SOS باب الواد"، ناصر مغنين24محكمة الجزائر العاصمة، ناصر مغنين، كمال سليماني، عبد الرحمن موسى، زهير بوزيد، 14 نوفمبر 2021، رقم 21/13231. ، والأمين العام الفخري لجمعية "راج"، حكيم عداد25محكمة سيدي مْحمد، حكيم محمد عداد، 8 يوليو. 2021، رقم 20/04884 ، وحتى رئيسها الحالي عبد الوهاب فرساوي26محكمة الجزائر العاصمة، عبد الوهاب فرساوي، 17 مايو 2020، رقم 20/05630. .

لم يجد الحراك أيضاً دعمًا من الأحزاب السياسية، والسبب أن الذين اعترضوا من هذه الأحزاب على مختلف الاقتراعات التي نظمتها السلطات، منذ تلك التي تمت يوم 12 كانون الأول/ديسمبر 2019، تعرضوا لمتابعات قضائية أو عمليات تضييق وترهيب. وتنفيذاً لهذه الخطة، لجأت السلطات إلى القانون المتعلق بالأحزاب السياسية، والذي يعود تاريخه إلى المرسوم رقم 97-09 المؤرخ 6 آذار/مارس 27المرسوم رقم 97-09 المؤرخ في 6 مارس 1997 الخاص بالقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، الجريدة الرسمية عدد 12 بتاريخ 6 مارس 1997، ص. 24-28. 1997، بصيغته المعدلة بموجب القانون العضوي رقم 12-04 المؤرخ 12 كانون الأول/يناير 28القانون العضوي عدد 12-04 المؤرخ في 12 كانون الثاني / يناير 2012 المتعلق بالأحزاب السياسية، الجريدة الرسمية عدد 2 بتاريخ 15 كانون الثاني / يناير 2012 ص. 9-15. 2012، الذي كان أصلاً مفرطاً في تقييد نظام التعددية الحزبية، بغية منع عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ المنحلة عام 1992، من خلال إدخال شروط تعجيزية لتكوين الأحزاب السياسية والتضييق على ممارساتها. عملاً بهذا القانون، علّق مجلس الدولة، في 20 كانون الثاني/يناير 2022، أنشطة حزب العمال الاشتراكي (PST)، لعدم تجديد هيئاته التمثيلية في الصيغ والمواعيد المحددة29حزب العمال الاشتراكي، 20 يناير 2022، رقم 200353 . أما التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (RCD)، الذي تأسس في عام 1989، فقد تلقى إنذاراً رسميًا في 5 كانون الثاني/يناير 2022، لتنظيمه في الشهر السابق في مقر الحزب، لقاء يدعو لإنشاء جبهة ضد القمع30عرب شيح، "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية يرد على الإنذار من وزارة الداخلية:" اختارت السلطات خط الأسوأ "، جريدة ليبرتي، 8 يناير 2022 . بالإضافة إلى ذلك، وعلى مستوى غير مباشر، حُكم على العديد من القادة السياسيين بالسجن لأسباب مختلفة، نذكر من بين المعنيين: رئيس الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي (UDS)، كريم طابو31محكمة الجزائر العاصمة، كريم طابو، 24 مارس 2020، رقم 20/05075 ، ورئيس حركة الشباب والتغيير (MJC)، رشيد نكاز32أنيا بومعزة، "5 سنوات سجنا نافذة ضد رشيد نكاز"، Algérie 360°، 3 يوليو. 2022. ، علماً أن كلا الحزبين لم يحصل على الاعتماد الرسمي، مروراً بمُنسِق حركة الديمقراطية الاجتماعية MDS، فتحي غارس، وهو حزب معتمد من قِبل السلطة.

ب- تجريم التعبير عن الرأي ومطالب الحراك: من المساس بوحدة التراب الوطني إلى الإرهاب السلمي

تم استخدام الراية الأمازيغية، المعبرة عن الثقافة البربرية، في بداية الأمر ذريعةً لقمع المتظاهرين، بينما كانت هذه الراية ترفع خلال المسيرات باعتبارها رمزاً للهوية الثقافية، متمماً للعلم الوطني الجزائري وليس مناهضًا له33أنظر. محند تيلماتين، "حظر استخدام الرايات الأمازيغية واحتلال الفضاءات الرمزية: الأمازيغية ضد الجزأرة؟ "، فعليات سنة المغرب العربي 21 | 2019، ص. 149-164. ، لكن، رغم ذلك تسببت في إصدار الإدانات الأولى، اعتبارًا من يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2019، من قِبل محكمة سيدي محمد، وأحكام بعقوبة السجن 6 أشهر، وغرامة قدرها 30 ألف دينار34محكمة سيدي مْحمد، مصطفى حسين عويسي، مقرن شلال، سميرة مسوسي، الهادي كيشو، 11 نوفمبر 2019، رقم 19/05422. . لإصدار هذه الأحكام استند القاضي بشكل خاص إلى قاعدة دسترة العلم الجزائري، منذ عام 2008 (2016/2020، المادة 6)، باعتبار أن العلم الوطني واحداً فقط، وبالتالي يشكل رفع الراية الأمازيغية مساساً بسلامة الوحدة الوطنية (قانون العقوبات، مادة 79)35المرجع نفسه . لكن بمجرد وفاة قائد أركان الجيش، بدأت محكمة الجزائر العاصمة في التراجع عن هذا القرار، وفي 18 آذار/مارس 2020، باشرت في إطلاق سراح العديد ممن رفعوا الراية الأمازيغية، مستندة في ذلك على وجه الخصوص، إلى دسترة اللغة الأمازيغية (2016 /2020، المادة 4) وعلى مبدأ قانونية الأمازيغية (2016، مادة 160، الفقرة 1 و2020، مادة 167)، في إشارة إلى غياب أي سند لتجريم هذه الراية36محكمة الجزائر العاصمة، بلال باشا، جابر عيبيش، مسعود لفتيسي، 18 مارس 2020، رقم 19/19254. أكدت المحكمة العليا لاحقًا هذه الأحكام القضائية، مشيرة أيضًا إلى عدم قانونية تجريم الراية الأمازيغية: المحكمة العليا، بلال باشا، جابر أيبيشي، مسعود لفتيسي، 13 أكتوبر 2022، رقم 1479164. . في المقابل، تم على نطاق أوسع استخدام تهمة المساس بسلامة الوحدة الوطنية كأساس لتبرير جميع أشكال عمليات القمع. وعلى هذا الأساس جزئياً، حكمت محكمة الجزائر العاصمة على الصحفي خالد دراريني بالسجن لمدة عامين، في 15 أيلول/سبتمبر 2020، لنشره تعليقات تشكك في الشرعية الانتخابية لرئيس الجمهورية، بينما ينص الدستور على أن الرئيس "يجسد وحدة الأمة "(2016 /2020، المادة 84، الفقرة 1)37محكمة الجزائر العاصمة، سمير بلعربي، خالد محمد دراريني، محمد سليمان حميتوش، 15 سبتمبر 2020، رقم 20/09758. القرار أكدته محكمة النقض، لكن تم تخفيضه إلى ستة أشهر مع وقف التنفيذ: محكمة الجزائر العاصمة، خالد محمد دراريني، 3 مارس 2022، رقم 21/09933. ، في حين حُكِم على المعارض السياسي كريم طابو بالسجن لمدة سنة نافذة، على الأساس نفسه ومن قِبل المحكمة نفسها، في 24 آذار/مارس 2020، لتمييزه بين كبار قادة الجيش أصحاب الامتيازات الواسعة والجنود البسطاء الذين ليس لديهم أي سلطة، ومن ثم اتُهِم بالسعي إلى تقسيم الجيش38محكمة الجزائر العاصمة، كريم طابو، مرجع سابق .

تم استخدام أحكام أخرى أيضاً، مثل الإضرار بالمصلحة الوطنية (قانون العقوبات، المادة 96). في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 حكمت محكمة الجزائر العاصمة على ناصر مغنين بالسجن سنة، جزئياً بناءً على هذه الأحكام بعد أن عُثر بمقر جمعيته على لافتات، تندد بالتعذيب والاعتقالات التعسفية، ما اعتبره القضاة مساساً بصورة وسمعة الجزائر وتشجيعاً للتدخل الأجنبي39محكمة الجزائر العاصمة، ناصر مغنين، كمال سليماني، عبد الرحمن موسى، زاهير بوزيد، مرجع سابق. . ولجأ القضاء أيضاً إلى استخدام تهمة إهانة والتعدي على هيئات نظامية (قانون العقوبات، مادة 144 مكرر و146)، وتطبيق هذه التهمة في 7 أيار/مايو 2020، من قِبل محكمة بير مراد رايس، ضد لخضر بورقعة، المجاهد والقائد السابق للولاية الرابعة (الجزائر العاصمة) إبان حرب التحرير الوطني، وحُكم عليه بغرامة قدرها 100 ألف دينار، على تصريحه في حزيران/يونيو 2019، قال فيه إن الجيش الوطني الشعبي (ANP) ليس وريثًا لجيش التحرير (ALN)، الذي كان عضوًا فيه، مما تسبب في وضعه رهن الحبس الاحتياطي لمدة ستة أشهر، عن عمر يناهز 86 عامًا.40محكمة بير مراد رايس، لخضر بورقعة، 7 مايو 2020، رقم 20/00004.

أما بالنسبة لحرية الصحافة، فقد تعرضت للعديد من القيود. ومن أجل تجاوز أحكام الدستور والتنصل منها والتي تقضي بعدم جواز الحرمان من الحرية في الجرائم الصحفية (2016، مادة 50، الفقرة 4 و2020، مادة 54، الفقرة 5)، لجأ القضاة إلى تقنيتين. أثناء المحاكمة، في قضية خالد دراريني، أشار القضاء إلى أن للاستفادة من هذه الحماية، يحيل الدستور إلى القانون (2016، مادة 50، الفقرة 3 و2020، مادة 54، الفقرة 2، البند 6) وأن القانون العضوي رقم 12-05 المؤرخ 12 كانون الأول/يناير 2012 41القانون العضوي عدد 12-05 المؤرخ في 12 كانون الثاني (يناير) 2012 المتعلق بالإعلام، الجريدة الرسمية، عدد 02 بتاريخ 15 كانون الثاني (يناير) 2012، ص. 18-27. يتوّجب على المعني، لكي يُعتَرف له بصفة الصحفي المحترف، امتلاكه بطاقة صحفية (المادة 76) وعقداً مكتوباً (مادة 80)، وهو ما لا يستطيع العديد من الصحفيين الجزائريين الحصول عليه42محكمة الجزائر العاصمة، سمير بلعربي، خالد محمد دراريني، محمد سليمان حميتوش، مرجع سابق. . وفي محاكمة أخرى، تتعلق بقضية رابح كاريش، لم ينف القضاء صفة الصحفي عن المتهم، لكن بغية إدانته، ميّز القاضي بين مقالاته المنشورة في الصحافة، بصفته تلك، وهي بالتالي غير عرضة للسجن، وبين مشاركته هذه المقالات نفسها على شبكات التواصل الاجتماعي، وهذه المرة بصفته الشخصية، أي أنه معرضٌ للسجن43محكمة تمنراست، رابح كاريش، 12 أغسطس 2021، رقم 21/01221. .

أخيرًا، كي يتناغم التشريع الجنائي المعمول به مع الظروف الخاصة الناجمة عن قمع الحراك، تم تعديل قانون العقوبات عدة مرات. صدر القانونان رقم 20-05 44القانون رقم 20-05 المؤرخ في 28 أبريل 2020 المتعلق بمنع ومكافحة التمييز وخطاب الكراهية، الجريدة الرسمية، عدد 25 بتاريخ 29 أبريل 2020، ص. 4-9 و20-0645القانون رقم 20-06 المؤرخ 28 أبريل 2020 المعدل والمكمل للمرسوم رقم 66-156 المؤرخ 8 يونيو 1966 الخاص بقانون العقوبات، الجريدة الرسمية رقم 25 بتاريخ 29 أبريل 2020، ص. 10-12. بتاريخ 28 نيسان/أبريل 2020 لأول مرة في ذروة انتشار جائحة كوفيد، بهدف قمع خطاب الكراهية46بشأن "كل من حرض علانية على ارتكاب الجرائم المذكورة في هذه المادة، أو نظم أو يمجد أو يقوم بأعمال دعائية لهذا الغرض" وتجريم نشر "الأخبار الكاذبة" (قانون العقوبات، المادة 196 مكرر)47بشأن "كل من ينشر مداً أو يروّج بأية وسيلة بين الناس، المعلومات أو الأخبار الكاذبة أو افترائية، من شأنها المساس بالأمن أو النظام العام". ، وقد تم توظيف هذه الانتهاكات من أجل زيادة تقييد حرية التعبير، في حين تتيح "جريمة التضامن" (قانون العقوبات، المادة 95 مكرر)48بشأن "أي شخص يتلقى أموالًا أو هبة أو امتيازات، بأي وسيلة، من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عامة أو خاصة أخرى أو من طرف أي شخص اعتباري أو طبيعي، داخل البلد أو خارجه، لأداء أو التحريض على القيام بأعمال من شأنها المساس بأمن الدولة، واستقرار مؤسساتها وعملها الطبيعي، والوحدة الوطنية، وسلامة الأراضي، أو المصالح الأساسية للجزائر أو الأمن والنظام العامين ". الآن إمكانية قمع أي شكل من أشكال الدعم للحراك.

شكَّل المرسوم رقم 21-08 المؤرخ 8 حزيران/يونيو 2021 49المرسوم رقم 21-08 المؤرخ 8 يونيو 2021 المعدل والمتمم للمرسوم رقم 66-156 المؤرخ 8 يونيو 1966 بشأن قانون العقوبات، الجريدة الرسمية، رقم 45 المؤرخ 9 يونيو 2021، ص. 6-7. انظر أيضًا المرسوم التنفيذي رقم 21-384 المؤرخ 7 أكتوبر 2021 الذي يحدد إجراءات التسجيل والشطب من القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية والآثار الناتجة عنها، الجريدة الرسمية رقم 78 بتاريخ 13 أكتوبر 2021، ص. 6-10 ذروة هذه السياسة القمعية، لأنه يسمح بتصنيف أي عمل يهدف إلى "الوصول إلى السلطة أو [...] تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية" من الآن فصاعداً، عملاً إرهابياً، (قانون العقوبات، مادة 87 مكرر 14). ومثل هذا الحكم يتيح للسلطات القضائية تجريم مطلب الانتقال الديمقراطي خارج الدستور الاستبدادي، أي المطلب الذي رفعه الحراك ابتداء من نيسان/أبريل 2019، أو تجريم حتى المطالبة بجمعية تأسيسية، في الوقت الذي تظل مبادرة المطالبة بمراجعة الدستور، منذ 1976، بين يدي الرئيس حصرياً50وبهذا المعنى، اعتبر المقررون الخاصون للأمم المتحدة أن "هذه العبارة ["الوسائل غير الدستورية "] يمكن بالفعل استخدامها ضد النشطاء والمتظاهرين غير العنيفين الذين يسعون إلى تعزيز حركتهم ومطالبهم من خلال قنوات غير تلك المقترحة من طرف الإطار المؤسسي الذي أنشأته السلطات " المرجع/ OL DZA 12/2021، 27 ديسمبر 2021، ص. 4-5. . لجأت السلطات إلى هذه التهمة ("الإرهاب السلمي")، بما أن هذا التجريم لا يتطلب اقتراف عملاً من أعمال العنف، وتم استعمالها في المقال الأول ضد المناضلين والمتعاطفين، الحقيقيين أو المفترضين، مع حركة تقرير المصير في منطقة القبائل (MAK) أو حركة رشاد (الإسلام السياسي)51وبذلك تم إدراج هاتين الحركتين، بالإضافة إلى ستة عشر شخصًا، في "القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية"، دون محاكمة مسبقة: مرسوم 6 فبراير 2022 القاضي بإدراج في القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية، الجريدة الرسمية عدد 11 بتاريخ 13 شباط / فبراير. 2022، ص. 24-26. ، وهي منظمات بالغت السلطات عن قصد في تعظيم حضورها52بعد تأسيسها في عام 2001، في أعقاب الربيع الأسود في منطقة القبائل، الذي خلف ما يقرب من 130 قتيل، تطرفت الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة القبائل (MAK)، لتتحول إلى حركة لتقرير المصير في منطقة القبائل (MAK) ابتداء من عام 2013، مستغلة في ذلك الفراغ السياسي في المنطقة، بسبب فقدان الثقة وتشويه سمعة الأحزاب السياسية التقليدية وقدرا من الجمود السياسي النسبي على المستوى الوطني، طوال الفترات الرئاسية الأربعة للرئيس بوتفليقة. وعلى عكس هذا الوضع، أثار 22 فبراير 2019 "انتعاشا وحماسة" لصالح التغيير الديمقراطي في الجزائر التعددية حيث امتزج العلم الوطني والراية الأمازيغية، بالنسبة للأشخاص كانوا حتى ذلك الحين، ميالين لخطاب حركة MAK. وهكذا شكّل بروز الحراك كابحا أمام توسع هذه الحركة، في حين أتاحت لها حملات السلطات القمعية دعاية لا مثيل لها حتى ذلك الحين. من أجل تشويه سمعة الحراك. في الحقيقة حظيت تهمة تجريم الإرهاب، التي أُدخلت ضمن القانون الجنائي الجزائري خلال العشرية الدامية، بموجب المرسوم التشريعي رقم 92-03 المؤرخ في 30 أيلول/سبتمبر 53المرسوم التشريعي رقم 92-03 المؤرخ في 30 سبتمبر 1992 بشأن مكافحة التخريب والإرهاب، الجريدة الرسمية رقم 70 في 1 أكتوبر 1992، ص. 1490-1493. انظر مولود بومغار، "فرضية" الحرب على الإرهاب "في الجزائر: عندما يصبح الاستثناء هو القاعدة أو تحوّل القانون العام والعلاقات بين السلطات المدنية والعسكرية تحت تأثير إجراءات تقييدية واستثنائية"، المرجع: جولي أليكس وأوليفييه كان، فرضية الحرب ضد الإرهاب، باريس، دالوز، 2017، ص. 15-28. 1992، قبل تفنينه بالمرسوم رقم 95-11 المؤرخ 25 شباط/فبراير 199554المرسوم عدد 66-156 المؤرخ في 8 يونيو / حزيران 1966 والمتعلق بقانون العقوبات، الجريدة الرسمية، عدد 11 بتاريخ 1 مارس / آذار 1995، ص. 7-8. (قانون العقوبات، مادة 87 مكرر)، برضا السلطات واستعمالها على نطاق واسع، اعتبارًا من عام 2021. ورغم أن هذه الأحكام تبدو غير مألوفة تماماً55"انظر V. OL DZA 12/2021، مرجع سابق.  14 ص. ، نظرًا لطبيعتها غير الواضحة وغير الدقيقة والقيود غير المتناسبة التي تفرضها على حرية التعبير، مع ذلك، سمحت المراجعة الدستورية لعام 2020 بإضفاء شرعية جديدة عليها.

2- المراجعة الدستورية لعام 2020: تعزيز النظام الدستوري الاستبدادي

هذا التعديل للدستور يتيح الآن إمكانية عدم التقيد بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور، من أجل الحفاظ على المبادئ الغامضة لمفهوم النظام العام والأمن والثوابت الوطنية (أ). بالإضافة إلى ذلك، ولتجاوز الحواجز المؤسساتية التي شهدتها سنة 2019 بشكل أفضل، تم تكليف الجيش الآن بمهمة ضمان "المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد" (ب).

أ- دَسْتَرة القمع: إمكانية عدم التقيّد بالحقوق والحريات باسم النظام العام والأمن والثوابت الوطنية

فيما يتعلق بالحقوق والحريات، تمت المراجعة الدستورية لعام 2020 لتفادي عواقب الوقوع في حالة عدم الدستورية، التي تم استنساخها في عام 2016 وفق نموذج 'الأولوية للدستورية الفرنسية' (QPC)، وذلك من خلال توفير إمكانية التنصل من "الحقوق والحريات والضمانات"، بموجب قانون، "لأسباب تتعلق بالحفاظ على النظام العام والأمن وحماية الثوابت الوطنية" (المادة 34، الفقرة 2)، وهذا دون النص على وضع ضمانات الضرورة وقاعدة التناسب في مجتمع ديمقراطي، والاكتفاء في أحسن الأحوال، بالإشارة إلى استحالة التعدي على "جوهر هذه الحقوق والحريات" (المادة 34، الفقرة 3). بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد أي حكم دستوري يحدد بوضوح "الثوابت الوطنية"56يمكن أن تستخدم أيضا هذه "الثوابت" كأساس دستوري لقانون الأسرة لعام 1984، بما في ذلك بعد تعديلات 2005، من حيث أنها لا تزال يحتفظ بأحكام تمييزية ضد المرأة، لا سيما في مسائل الميراث، على الرغم من النص الدستوري الذي ينص حظر التمييز على أساس الجنس  (المادة 37). ، مما يترك مجالاً واسعاً للمناورة أمام القضاة العدليين والإداريين وكذلك لأعضاء المحكمة الدستورية الجديدة57بمعنى "تخضع إجراءات التقييد لشروط الشرعية وضرورة التناسب وعدم التمييز. يجب أن تتضمن الأحكام القانونية التي تنص على مثل هذه القيود، طبيعة الحق محل التقييد، وطبيعة ومدى القيد، والعلاقة بين التقييد والغرض منه، وتبيان سبب ضرورة تقييد ممارسة الحق بدلاً من واستخدام وسيلة أقل تقييدًا لتحقيق الغرض. يجب تعديل المادة 34 لتعكس هذه العناصر، وكذلك لإزالة مسألة حماية "أساسيات الأمة" المستعملة كأساس للحد من ممارسة حقوق الإنسان"، لجنة الحقوقيين الدولية، معيبة وغير مناسبة. عملية التعديل الدستوري الجزائري. مقالة مختصرة، جنيف، أكتوبر / تشرين الأول. 2020، ص. 24. تجدر الإشارة أن المجلس الدستوري الجزائري، كان قد أكد، في قراره الأول، أن الحق الدستوري الذي تُحال شروط ممارسته إلى القانون "لا يمكن أن يخضع إلا للقيود الضرورية فقط، في مجتمع ديمقراطي، لحماية الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور ولضمان فعاليتها التامة": القرار رقم 1-D-L-CC 89 المؤرخ 20 آب / أغسطس 1989 المتعلق بقانون الانتخابات، الجريدة الرسمية، العدد 36،  871-874. . وقد طبق المجلس الدستوري هذا الحكم بسرعة، في قراره رقم 24/د.ك/ 21 بتاريخ 7 حزيران/يونيو 58القرار رقم 24 / د.ك / 21 بتاريخ 7 يونيو 2021 المتعلق بمراقبة دستورية المرسوم المتعلق بحماية المعلومات والوثائق الإدارية، الجريدة الرسمية، العدد 45 بتاريخ 9 يونيو 2021، ص. 7-9 2021. وبالفعل، رغم ملاحظته بأن الأمر المقدم إليه يمكن أن "يقيد ممارسة بعض الحقوق والحريات"، اكتفى المجلس بفرض إضافة المادة 34 الجديدة بين الأحكام الواردة، دون ممارسة أي رقابة على مسألة التناسب.

عرفت أحكام دستورية أخرى تحرراً واضحاً، مثل حرية التظاهر وتكوين الجمعيات، التي تتطلب الآن تقديم "تصريحًا مسبقًا فحسب" ولم تعُد تستدعي الحصول على إذن مسبق (على التوالي، المادة 53، الفقرة 1 والمادة 52، الفقرة 2)، وينطبق هذا الأمر حتى على الحق في إنشاء الأحزاب السياسية، التي "يجب على "الإدارة أن تمتنع عن كل ممارسة تحول بطبيعتها عن ممارسة هذا الحق" (المادة 57، الفقرة 8)، في حين يرِد في القانون العضوي المتعلق بإنشائها "يجب ألا يتضمن أحكامًا من شأنها المساس بحرية إنشائها" (المادة 57، الفقرة 10). إلى جانب ذلك يجب ألا ترتبط هذه الأحكام بالمادة 34 الجديدة فحسب، بل يجب أن ترتبط أيضًا بالنص الذي بموجبه "يستمر سريان مفعول القوانين التي يستوجـب تعديلها أو إلغاؤها وفق أحكام هذا الدستور إلى غاية إعداد قوانين جديدة أو تعديلها في أجل معقول" (المادة 225)، غير أن هذا الأجل المعقول، لم يُحدد، بينما القوانين العضوية المنصوص عليها في دستور عام 1996، بشأن المحكمة العليا للدولة أو حالة الحصار وحالة الطوارئ، لم تصدُر حتى الآن، بعد مرور أكثر من ربع قرن. وفي هذا الأجل "المعقول" تحديداً، تم إعادة تفعيل، في 20 أيار/مايو 2021، مسألة الإذن المسبق المنصوص عليه في القانون رقم 91-19 المتعلق بمسيرات الجمعة. وتجدر الإشارة أن هذا الأمر يتعلق بالحق في "إنشاء" جمعيات أو أحزاب سياسية، وليس بالحق في ممارسة هذه الحقوق، وهو ما يحافظ على توافق الأحكام التشريعية المهولة التي تسمح بتعليق نشاط هذه الأحزاب والجمعيات أو حلّها مع الدستور. في هذا السياق بالذات، تم حل جمعية "راج" و"الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" (LADDH) خلال الأجل المعقول المذكور أعلاه. فضلاً عن ذلك، تم الحفاظ على الأسس القانونية التي سمحت بحلها، والتي تتعلق بممارسة الحياة الجمعوية وليس بتكوين الجمعيات، في مشروع القانون المتعلق بالجمعيات، أو حتى تعزيز الأسس (المادتان 26 و56).59وزارة الداخلية، مشروع قانون عضوي رقم ... لـ ... المقابل لـ ... المتعلق بالجمعيات.

كما ألغى التعديل الدستوري لعام 2020 الحكم الذي ينص على أن "الدفاع الفردي أو عن طريق الجمعية عن حقوق الأساسية للإنسان وعن الحريات الفردية والجماعية مضمون" (2016، المادة 39). وبذلك، فقد سهّل إلغاء مثل هذا الحكم من فرصة محاكمة المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل زكريا حناش، المعروف بمتابعة أحوال وأخبار سجناء الرأي في الحراك، مما تسبب له في المتابعة القضائية منذ شباط/فبراير 2022، بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن (قانون العقوبات، مادة 79)، والإضرار بالمصلحة الوطنية (قانون العقوبات، مادة 96)، ونشر "الأخبار الكاذبة" (قانون العقوبات، المادة 196 مكرر) و"جنحة التضامن" (قانون العقوبات، المادة 95 مكرر) وتمجيد الإرهاب (قانون العقوبات، المادة 87 مكرر 4)60AL DZA 5/2022 ، ولايات المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب ، 15 سبتمبر 2022. . أما حرية الضمير، أو حرية الاعتقاد في النص العربي، بمفهومه الأكثر تضييقاً، فقد اختفت أيضًا من مواد دستور عام 2020، على الرغم من ورودها منذ عام 197661بالفعل "حرية ممارسة العبادات" (المادة 51، الفقرة 2)، المعلن عنها الآن بصيغة الجمع، لا تزال مضمونة، لكنها لا تزال تقع ضمن مفهوم "احترام القانون" الغامض (المادة 51، الفقرة 2). وأيضا مرتبطة باحترام الثوابت الوطنية (المادة 34، الفقرة 2)، أي بالمرسوم رقم 06-03، بالغ التمييز والتقييد لهذه الحرية: المرسوم رقم 06-03 المؤرخ 28 شباط / فبراير 2006 المحدد لشروط وقواعد ممارسة الأديان الأخرى غير الدين الإسلامي، الجريدة الرسمية العدد 12 بتاريخ 1 آذار / مارس 2006، ص. 23-24. انظر زهرة أزيادي زمرلي، الوضع القانوني لغير المسلمين في الجزائر. مثال الإنجيليين والأحمديين، باريس، Le Harmattan ،2020، ص. 203-244. . وفي هذا السياق، أصدرت محكمة سيدي محمد، في 22 نيسان/أبريل 2021، ضد مؤسس "ملتقى الأنوار للفكر الحر" في الجزائر، سعيد جاب الخير، حكماً بالحبس ثلاث سنوات وغرامة قدرها 50 ألف دينار بتهمة "ازدراء عقيدة أو تعاليم الإسلام" (قانون العقوبات، المادة 144 مكرر 2)، بسبب منشورات نشرها على شبكات التواصل الاجتماعي، انتقد فيها تفسيرات معينة للدين الإسلامي62محكمة سيدي مْحمد، سعيد جاب الخير، 22 أبريل 2021، رقم 21/00483 . حتى وإن أطلِق سراح العالم الإسلامي، جاب الخير، بعد استئناف الحكم63"إخلاء سبيل الباحث في الدين الإسلامي سعيد جاب الخير بعد نقض الحكم"، موقع TSA  1 فبراير / شباط 2023. ، لقد كان واضحاً مدى استخدام الدين، أثناء محاكمته الابتدائية، خاصة وأن المنتسبين للطرف المدني، كانوا من أنصار الجنرال الراحل قايد صالح و"الدولة العسكرية"64عبد الغني عيشون، "تظاهروا يوم محاكمة جاب الخير:" البديسية النوفمبرية "بين" الفينيقية "و" الدولة العسكرية "، جريدة الوطن، 5 أبريل 2021. ، المناهضين للدولة المدنية التي يطالب بها الحراك.

ب. الدسْترة بحكم الأمر الواقع لعام 2019: الإعلان عن الجيش بصفته وصياً على "المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد"

تمثل جوهر التعديل الدستوري في اعتبار الجيش الضامن "للمصالح الحيوية والاستراتيجية للبلاد طبقاً لأحكام الدستور" (المادة 30، الفقرة 4)65انظر. ماسنسن شربي، "هل الجيش الجزائري هو حامي الدستور؟ من دور درع الثورة الاشتراكية إلى دور ضامن المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلد "، RFDC، الجزء 128، رقم 4 ، ديسمبر 2021، ص. 47-75. ، عملاً باقتراح من وزارة الدفاع الوطني (رقم 1317) وهو ما يشكل ثورة قانونية حقيقية، بالنظر إلى ما عاشه الجيش بمناسبة دستور عام 198966نظر مريم آيت عودية، " انسحاب الجيش من السياسة ونهاية نظام الحزب الواحد في الجزائر عام 1989. العودة إلى حالة غير مفكر فيها"، المرجع: الجيوش في الثورات العربية: المواقف والأدوار، رين، فرنسا، PUR، 2015، ص. 33-46 ومريم آيت عودية ، التجربة الديمقراطية في الجزائر (1988-1992). التعلم السياسي وتغيير النظام، باريس، وصحافة العلوم السياسية، 2015، ص. 114-124. ، عند انسحابه بمقتضى الدستور من الشؤون السياسة؛ فما هي إذن هذه "المصالح الحيوية والاستراتيجية"؟ يمكن أن تتعلق هذه المصالح بالقضايا العسكرية وكذلك القضايا الدولية أو الداخلية أو الاقتصادية أو الثقافية أو حتى الدينية67بمعنى "بمثل هذه الأحكام الواسعة لديها القدرة على تشجيع وتسهيل تدخل الجيش في الشؤون المدنية والسياسية": لجنة الحقوقيين الدولية، مصدر سبق ذكره، ص. 10. ، وإذا كانت هذه المادة قد أشارت إلى أن الأمر يتم "طبقاً للأحكام الدستورية"، فإنها لا تحدد أي من هذه الأحكام. وبما أن الرئيس هو "القائد الأعلى للقوات المسلحة" (مادة 91، الفقرة 1، 1)، فماذا سيحدث في حالة انتهاكه حكمًا دستوريًا آخراً اعتبره الجيش أنه مشمول في "المصالح الحيوية والاستراتيجية؟"، فأي من الحكمين يجب تطبيقه في هذه الحالة؟ إن أساس هذا الحكم الغامض كفيل بأن يسلط الأضواء على مدى أهميته.

لقد كان تدخل الجيش في وقف المسار الانتخابي في 12 كانون الثاني/يناير 1992، الذي كان يسير في اتجاه فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مناسبة لتقديم اقتراحات من قِبل لجنتين من الخبراء في 1993 و1996، لجعل الجيش حامياً للدستور68محمد بوسومح، وثائق دستورية وسياسية. 1919-2018، المجلد الثاني، الجزائر العاصمة، مكتب المنشورات الجامعي  ،2019  ص. 185 و 347. ، وهو ما رفضته السلطات حينذاك. وبناء عليه، لم يكن تدخل الجيش في 2019 لدفع الرئيس بوتفليقة إلى الاستقالة قائماً على أي أساس قانوني69ماسنسن شربي، "هل الجيش الجزائري هو حامي الدستور؟ من دور درع الثورة الاشتراكية إلى دور ضامن المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلد "، "مرجع سابق. ص. 61-64. ، ولم تكن هناك سلطة دستورية موازنة قادرة على إجباره على الاستقالة70لا مسؤولية سياسية ولا عزل، في حين أن حالة العزل بسبب المرض الخطير والدائم كانت غير قابلة للتفعيل: ماسنسن شربي، "الآليات الدستورية للحكم السلطوي الجزائري في مواجهة الحراك"، مرجع سابق. ص. 167-169. . ومن ثم، مثل هذا الحكم يُمَكِّن من إضفاء الشرعية بأثر رجعي، على هذا التدخل، أو حتى على التدخلات المستقبلية، وفي "كل الحالات، التي يكون فيها الرئيس خارج السيطرة؛ [...] لن يكون في استطاعة الجيش تفادي القيام بانقلاب؛ ويكون إعلان الجيش استيلائه على السلطة وحده قادراً على تسوية الخلاف"71فتيحة بن عبو كيران، "طبيعة النظام السياسي الجزائري"، RASJEP، الجزء44 ، عدد 1 ، 2007 ، ص. 60 . كما كانت مراجعة الدستور المصري لعام 2019 قد عهِدت إلى الجيش مهمة "الحفاظ على الدستور والديمقراطية وأسس الدولة المدنية، وكذلك على مكتسبات الشعب وحقوقه وحرياته" (المادة 200، فقرة 1) ومن ثم قد أضفت الشرعية على انقلابه ضد الرئيس مرسي في عام 2013 وفي الوقت نفسه، منعت أي عودة للإخوان المسلمين إلى السلطة.72ناثالي برنار موحيرون ، "التعديلات الدستورية لعام 2019 في مصر: تكريس الانجراف نحو الحكم الاستبدادي للنظام" ، RFDC ، الجزء 121 ، العدد 1 ، 2020 ، ص. 16-17. انظر أيضا ماسنسن شلربي، "مكانة الجيش في دساتير شمال إفريقيا: دراسة القانون المقارن بين الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس"، مؤسسة روزا لوكسمبورغ، يناير 2023، 25 ص.

في الجزائر، يمكن أن ينطبق مثل هذا الحكم أيضًا على أي رئيس أو برلمان، بما في ذلك البرلمان المنبثق عن الحراك، خاصة وأن الدستور أصبح يميز بين "الحراك الشعبي الأصيل" (التمهيد، الفقرة 10) والحراك الذي طالب "بتغيير جذري في النظام" "و" دولة مدنية غير عسكرية"73شعار تعرض لشيطنة من قبل السلطات العسكرية: انظر. "قايد صالح: موقف الجيش الوطني الشعبي ينطلق من قناعته بضرورة الحفاظ على أمن واستقرار الجزائر"، وكالة الأنباء الجزائرية، 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2019، وغاجاتي، "الويل لخونة الوطن"، مجلة الجيش، عدد. 682، مايو 2020 . يُستعمل هذا الحكم في المقام الأول كخط أحمر لا يُسمَح بتجاوزه، رغم كونه غير محدد. في هذا السياق، أجرى المرسوم الرئاسي رقم 21-539 المؤرخ 26 كانون الأول/ديسمبر 2021 74المرسوم الرئاسي رقم 21-539 المؤرخ 26 ديسمبر 2021 الخاص بتكوين وتنظيم وعمل المجلس الأعلى للأمن، الجريدة الرسمية رقم 99 بتاريخ 29 ديسمبر. 2021، ص. 9-10. تعديلًا للمجلس الأعلى للأمن (HCS)، من خلال تعزيز مكوّنه العسكري، الذي أصبح يشكل الآن الأغلبية (المادة 2)، ومن خلال تمديد مهامه، لتشمل حتى "مشاورات الاستفتاء حول مسائل ذات طبيعة أساسية" (المادة 3، البند 3). وفي ضوء ذلك، تبدو هذه الأحكام الجديدة متعارضة بشكل واضح مع الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات ونُظُم الحوْكمة لعام 2007، الذي صدَّقت عليه الجزائر75المرسوم الرئاسي رقم 16-255 المؤرخ 27 سبتمبر 2016 المتعلق بالتصديق على الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحوكمة الذي اعتمده رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، في أديس أبابا (إثيوبيا) 30 يناير 2007، الجريدة الرسمية العدد  59 بتاريخ 9 أكتوبر 2016 ، ص. 4-12. ، بما أن هذا الميثاق ينص على أن "الدول الأطراف يجب أن تعزز وتضفي الطابع المؤسسي على تحكم السلطة المدنية الدستورية في القوات المسلحة وقوات الأمن لأغراض توطيد الديمقراطية والنظام الدستوري" (المادة 14، الفقرة 1).

الخلاصة: دولة تستند إلى قانون استبدادي ناجع لتفكيك الحراك قضائياً

بعد مرور أربع سنوات على أولى مسيرات الحراك، أصبح من الممكن تصنيف الدعوى إلى انتقال ديمقراطي خارج الدستور الاستبدادي، ضمن "الإرهاب السلمي" (قانون العقوبات، المادة 87 مكرر 14)، واعتبار الدعوة إلى استمرار الحراك، تحريضاً مباشراً على التجمهر غير المسلح (قانون العقوبات، المادة 100)، ويمكن إدراج التنديد بالقمع ضمن تهم المساس بالمصلحة الوطنية (قانون العقوبات، المادة 96)، أو حتى "الأخبار الكاذبة" (قانون العقوبات، المادة 196 مكرر)، في حين يمكن لأي انتقاد لرئيس الجمهورية أو الجيش، أن يُشكل مساساً بالوحدة الوطنية (قانون العقوبات، المادة 79)، أو حتى ازدراء هيئات نظامية (قانون العقوبات، المادة 144 مكرر و146). أما بالنسبة لمسيرات الجمعة، ففي حالة عدم حصولها على إذن مسبق، لم يعد ممكناً تنظيمها، خشية إدراجها ضمن التجمهر غير المسلح (قانون العقوبات، المادة 98)، كما أن أعمال التضامن مع الحراك والمتظاهرين قد يدخل في إطار المساس بأمن الدولة أو تقويض المصالح الأساسية للجزائر (قانون العقوبات، المادة 95 مكرر)، في حين قد تتعرض الجمعيات والأحزاب السياسية المنخرطة في الحراك، لتعليق نشاطاتها، بل وحلّها، بسبب إدانتها واستنكارها القمع أو مقاطعة الانتخابات. مثل هذا القمع المُعمّم على المستوى الوطني، سواء أكان ضحاياه نشطاء حقوق الإنسان أم من المعارضة غير العنيفة، هو أمر غير مسبوق، لم يشهد له مثيلاً منذ الانفتاح الديمقراطي عام 1989 وتوقيف المسار الانتخابي في عام 1992، بالنظر إلى الطبيعة السلمية للحراك ومطالبه الديمقراطية، التي تتباين تماماً مع المعارضة المسلحة في التسعينيات، وهذا ما يطرح تساؤلات مُلِحة، حول شرعية السلطات القائمة، التي كان قد طالبها الحراك في إحدى شعاراته، بالرحيل جميعاً، بالصيغة الشائعة "يتنحاو قاع".76إيدير نادر، "أطلقه شاب من العاصمة على قناة عربية" يتناحاو قاع! " هذا الشعار الذي ألهب حماسة الجماهير"، صحيفة الوطن، 31/12/2008. 2019

تطبيق هذه الأحكام القمعية، وتعميق مفعولها من خلال إصدار قوانين جديدة مُكيفة، إلى جانب تشريعات تبدو متجاهلة إلى حد كبير لمبدأ التفسير الصارم لقانون العقوبات ومبدأ قانونية الجرائم والعقوبات - مما يزيد من التساؤل حول استقلالية القضاء77أبقى التعديل الدستوري لعام 2020 على رئيس الجمهورية على رأس المجلس الأعلى للقضاء (المادة 180، الفقرة 1)، وهي وظيفة يمكنه على أكثر تقدير، تفويضها إلى أول رئيس للمحكمة العليا. (مادة 180 ، الفقرة 3) ، المعين من الرئيس نفسه (مادة 92 ، الفقرة1 ، 4). بالإضافة إلى ذلك، إذا كان قاضي الجلسة غير قابل للعزل من حيث المبدأ (المادة 172، الفقرة 1) ، "لا يمكن فصله ، ولا يمكن أن يكون محل تعليق لمهامه أو توقيف مهامه أو إنهائها، ولا تعريضه لعقوبة تأديبية ، في ممارسة مهامه أو أثناء ممارستها، إلا في الحالات التي ينص عليها القانون ووفقًا للضمانات التي يمنحها له القانون وبقرار مؤسَس من المجلس الأعلى للقضاء "(المادة 172 (2). في حين، بانتظار "الأجل المناسب" للتبديل التشريعي (المادة 225)، فإن القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ 6 أيلول / سبتمبر 2004 بشأن وضع القضاء لا يضمن "الحق في الاستقرار" فيما يتعلق بالقضاة الشباب، إلا في نهاية فترة عشر سنوات (المادة 26 ، الفقرة1) وحتى عندما يتحقق ذلك، وتكتمل هذه الفترة ، يمكن نقل قضاة المجلس "إذا كانت المصالح والسير الحسن لمصلحة العدالة تتطلب ذلك "(المادة 26 ، الفقرة 2): الجريدة الرسمية، العدد 57 بتاريخ 8 سبتمبر / أيلول 2004 ، ص. 11-20. – كل ذلك ساهم في فض الحراك وتفكيكه، إلى درجة فقدانه جميع أشكال التعبير العلني، ابتداء من أيار/مايو وحزيران/يونيو 2021، أي منذ أن أصبح الحصول على الإذن المسبق للتظاهر يوم الجمعة شرطاً لا مناص منه، ومنذ أن تم توسيع مفهوم جريمة الإرهاب، ليشمل مطالب الحراك. وقد وجدت السياسة القمعية أيضًا دعمًا من خلال حملات الدعاية التي تهدف إلى عزل قطاعات مختلفة من المواطنين وإبعادهم عن الحراك، عن طريق تشويه سمعة عناصره، وتقديمهم على أنهم عملاء يعملون على زعزعة استقرار البلاد، أو انفصاليون من منطقة القبائل، أو مسيؤون للإسلام ومعتقداته، أو متطرفون إسلاميون، أي إرهابيون في نهاية المطاف، بمعنى آخر، جعل سجناء الرأي والأشخاص المتابَعين في سياق حملات القمع، أشخاصاً منبوذين. هذه الأحكام القمعية تجد أيضًا أساسًا جديدًا في الدستور، الذي فضلاً عن إحالته الغامضة إلى القانون، أصبح يُمَكِّن من تجاوز الحقوق والحريات، بموجب القانون، من أجل الحفاظ على المبادئ الغامضة للنظام العام والأمن والثوابت الوطنية (المادة 34، الفقرة 2). ورغم انتهاكها الواضح للاتفاقيات الدولية التي صدَّقت عليها الجزائر78اعترفت الجزائر بالفعل، منذ 1989، بأولوية المعاهدات المصدق عليها على قوانينها الداخلية (2020، المادة 154). ، تنسجم هذه الأحكام التشريعية والدستورية، على المستوى الداخلي البحت، انسجاماً تاماً مع دولة القانون المستبد، أي في دولة تتجاهل سيادة القانون.

على صعيد تنظيم السلطات العامة، يأتي إصدار تشريع "الإرهاب السلمي"، لمجرد الرغبة في "تغيير نظام الحكم بوسائل غير دستورية" (قانون العقوبات، المادة 87 مكرر، 14)، ليصد الأبواب تماماً أمام أي عمل يصبو إلى "تغيير جذري للنظام"، ويحصر المنافسة السياسية عبر بوابة واحدة، الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في عام 2024. بالفعل، لا يمكن للبرلمان مراجعة الدستور من تلقاء نفسه، مع العلم أن شروط الترشح للرئاسة تعتبر من بين شروط الانتخابات الأكثر تمييزًا في العالم (الدستور، المادة 87)، فضلاً على أن الإشراف على هذه الانتخابات يُعهد به إلى "الهيئة الوطنية العليا المستقلة للانتخابات"، التي يتم تعيين جميع أعضائها من قِبل رئيس الجمهورية (الدستور، مادة 201، الفقرة 1)، أي ما يُهدد بخطر انتخاب رئيس بصلاحيات مفرطة، تحت الإشراف الحصري لجيشٍ أصبح الوصي على "المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلد" (المادة 30، الفقرة 4)، باختصار، ثمة مخاطرة بالتجديد مرة أخرى للنظام السياسي القائم، بعيداً عن الحروب العشائرية التي تدفعه.

 

Endnotes

Endnotes
1 كريم عمروش، "آخر فضاء إعلامي حر في الجزائر، تم تشميع مقر راديو M"، لوموند، 25 ديسمبر 2022.
2 "في الجزائر، وُضِع إحسان القاضي، مدير راديو M وموقع Maghreb Emergent، رهن الحبس الاحتياطي"، لوموند ووكالة فرانس برس، 29 ديسمبر. 2022.
3 رياض حمادي، "رشيد نكاز يعلن أنه" يوقف نشاطه السياسي "، موقع TSA، 2 يناير 2023.
4 " السلطات في الجزائر تحل المنظمة غير الحكومية الرئيسية للدفاع عن حقوق الإنسان"، لوموند ووكالة فرانس برس، 23 يناير 2023.
5 حركة سياسية معارضة للعهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة
6 مجيد زروقي، "المعارِضة الفرنسية الجزائرية أميرة بوراوي، بعد لجوئها في تونس، تنتقل إلى فرنسا بعد نجاتها من عملية ترحيل إلى الجزائر"، لوموند، 6 فبراير. 2023.
7 للحصول على تقرير شامل وتحليلي حول المعوقات المؤسسية لعام 2019 في الجزائر: انظر مولود بومغار، "القفاز الدستوري القابل للانعكاس: إكسسوار للزي العسكري. نظرة نقدية على الأزمة الدستورية الجزائرية لعام 2019 "، سنة المغرب العربي، 21 | 2019، ص. 69-88؛ محمد بوسومح ، "الأثر الارتدادي لترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة" ، RASJEP، الجزء  58 ، عدد 4، ص. 438-466 ؛ ماسنسن شربي، "الآليات الدستورية للسلطوية الجزائرية في مواجهة الحراك"، الحركات الجماهرية، الجزء. 102، عدد 2، ينويو حزيران 2020، ص. 166-176.
8 انظر ماسنسن شربي، "الجيش الجزائري في مواجهة مطلب ' دولة مدنية غير عسكرية '، مجلة Confluences Méditerranée ، الجزء 122 ، عدد 3 ، ص. 77-98.
9 "قايد صلاح يحذر من الأهداف" الغامضة " للأطراف التي تريد تجميد الدستور"، وكالة الأنباء الجزائرية، 18 حزيران / يونيو 2019.
10 "قايد صلاح يحذر كل من رايات غير العلم الوطني"، وكالة الأنباء الجزائرية، 19 حزيران / يونيو 2019.
11 الإعلان رقم 03 / P.CC / 19 الصادر في 16 ديسمبر. 2019 الخاص بالنتائج النهائية لانتخاب رئيس الجمهورية، الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية عدد 78 بتاريخ 18 ديسمبر. 2019، ص. 16-19. أثارت هذه النسبة جدلا وتشكيكا: نبيلة أمير، "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية RCD يعتبر عن استيائه من تصرفات السلطات:" نسبة المشاركة الحقيقية في الانتخابات الرئاسية لم تتجاوز 8٪ "، جريدة الوطن، 15 كانون الأول (ديسمبر). 2019.
12 المرسوم الرئاسي رقم 20-03 المؤرخ 11 يناير 2020 الخاص بتشكيل لجنة خبراء مكلفة بصياغة المقترحات الخاصة بمراجعة الدستور، الجريدة الرسمية (JORA) رقم 02 بتاريخ 15 يناير 2020، ص. 7.
13 لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور، مقترحات مقدمة في إطار المناقشة العامة حول مشروع مراجعة الدستور، 5 سبتمبر 2020، 1231 ص.
14 الإعلان رقم 01 / P.CC / 20 بتاريخ 12 نوفمبر 2020 الخاص بالنتائج النهائية لاستفتاء 1 نوفمبر 2020 حول مشروع مراجعة الدستور، الجريدة الرسمية عدد 72 بتاريخ 3 ديسمبر. 2020، ص. 4-5
15 المرسوم الرئاسي رقم 20-442 الصادر في 30 ديسمبر. 2020 المتعلق بالإعلان في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عن المراجعة الدستورية، المعتمدة في استفتاء 1 نوفمبر 2020، الجريدة الرسمية عدد 82 بتاريخ 30 ديسمبر 2020. 2020، ص. 2-49. انظر ماسنسن شربي، "المراجعة الدستورية لعام 2020 في الجزائر: نظام رئاسي عسكري بصلاحيات مفرطة، بحكم القانون"، ISSRA، أبريل 2021، 9 ص.
16 عرفت هذه الانتخابات مرة أخرى نسبة مقاطعة رسمية غير مسبوقة: " الانتخابات التشريعية: بلغت نسبة المشاركة 23٪”، وكالة الأنباء الجزائرية، 23 يونيو 2021
17 القانون رقم 91-19 المؤرخ في 2 ديسمبر. 1991 المعدل والمتمم للقانون 89-28 المؤرخ في 31/ديسمبر 1989 المتعلق بالاجتماعات والمظاهرات العامة، الجريدة الرسمية عدد 62 المؤرخ في 4 ديسمبر 1991، ص. 1946-1948.
18 "مسيرة الجمعة: وزارة الداخلية تنفي تلقيها طلب ترخيص"، وكالة الأنباء الجزائرية، 20 مايو 2021
19 محكمة الجزائر العاصمة، فتحي غراس، 22 مارس 2022، رقم 22/00967
20 قانون رقم 12-06 مؤرخ في 12 كانون الثاني 2012 الخاص بالجمعيات، الجريدة الرسمية عدد 2 بتاريخ 15 كانون الثاني 2012، ص. 28-34.
21 مجيد مقضي، "قانون الجمعيات: منظمات غير حكومية تريد وضع حد للتعسف"، جريدة الوطن، 6 أكتوبر 2018.
22 محكمة العاصمة، جمعية وطنية "تجمع – عمل – شبيبة" أو "راج 13 أكتوبر 2021، رقم 2101798."
23 محكمة العاصمة، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، 29 يونيو 2022، رقم 22/01423
24 محكمة الجزائر العاصمة، ناصر مغنين، كمال سليماني، عبد الرحمن موسى، زهير بوزيد، 14 نوفمبر 2021، رقم 21/13231.
25 محكمة سيدي مْحمد، حكيم محمد عداد، 8 يوليو. 2021، رقم 20/04884
26 محكمة الجزائر العاصمة، عبد الوهاب فرساوي، 17 مايو 2020، رقم 20/05630.
27 المرسوم رقم 97-09 المؤرخ في 6 مارس 1997 الخاص بالقانون العضوي المتعلق بالأحزاب السياسية، الجريدة الرسمية عدد 12 بتاريخ 6 مارس 1997، ص. 24-28.
28 القانون العضوي عدد 12-04 المؤرخ في 12 كانون الثاني / يناير 2012 المتعلق بالأحزاب السياسية، الجريدة الرسمية عدد 2 بتاريخ 15 كانون الثاني / يناير 2012 ص. 9-15.
29 حزب العمال الاشتراكي، 20 يناير 2022، رقم 200353
30 عرب شيح، "التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية يرد على الإنذار من وزارة الداخلية:" اختارت السلطات خط الأسوأ "، جريدة ليبرتي، 8 يناير 2022
31 محكمة الجزائر العاصمة، كريم طابو، 24 مارس 2020، رقم 20/05075
32 أنيا بومعزة، "5 سنوات سجنا نافذة ضد رشيد نكاز"، Algérie 360°، 3 يوليو. 2022.
33 أنظر. محند تيلماتين، "حظر استخدام الرايات الأمازيغية واحتلال الفضاءات الرمزية: الأمازيغية ضد الجزأرة؟ "، فعليات سنة المغرب العربي 21 | 2019، ص. 149-164.
34 محكمة سيدي مْحمد، مصطفى حسين عويسي، مقرن شلال، سميرة مسوسي، الهادي كيشو، 11 نوفمبر 2019، رقم 19/05422.
35 المرجع نفسه
36 محكمة الجزائر العاصمة، بلال باشا، جابر عيبيش، مسعود لفتيسي، 18 مارس 2020، رقم 19/19254. أكدت المحكمة العليا لاحقًا هذه الأحكام القضائية، مشيرة أيضًا إلى عدم قانونية تجريم الراية الأمازيغية: المحكمة العليا، بلال باشا، جابر أيبيشي، مسعود لفتيسي، 13 أكتوبر 2022، رقم 1479164.
37 محكمة الجزائر العاصمة، سمير بلعربي، خالد محمد دراريني، محمد سليمان حميتوش، 15 سبتمبر 2020، رقم 20/09758. القرار أكدته محكمة النقض، لكن تم تخفيضه إلى ستة أشهر مع وقف التنفيذ: محكمة الجزائر العاصمة، خالد محمد دراريني، 3 مارس 2022، رقم 21/09933.
38 محكمة الجزائر العاصمة، كريم طابو، مرجع سابق
39 محكمة الجزائر العاصمة، ناصر مغنين، كمال سليماني، عبد الرحمن موسى، زاهير بوزيد، مرجع سابق.
40 محكمة بير مراد رايس، لخضر بورقعة، 7 مايو 2020، رقم 20/00004.
41 القانون العضوي عدد 12-05 المؤرخ في 12 كانون الثاني (يناير) 2012 المتعلق بالإعلام، الجريدة الرسمية، عدد 02 بتاريخ 15 كانون الثاني (يناير) 2012، ص. 18-27.
42 محكمة الجزائر العاصمة، سمير بلعربي، خالد محمد دراريني، محمد سليمان حميتوش، مرجع سابق.
43 محكمة تمنراست، رابح كاريش، 12 أغسطس 2021، رقم 21/01221.
44 القانون رقم 20-05 المؤرخ في 28 أبريل 2020 المتعلق بمنع ومكافحة التمييز وخطاب الكراهية، الجريدة الرسمية، عدد 25 بتاريخ 29 أبريل 2020، ص. 4-9
45 القانون رقم 20-06 المؤرخ 28 أبريل 2020 المعدل والمكمل للمرسوم رقم 66-156 المؤرخ 8 يونيو 1966 الخاص بقانون العقوبات، الجريدة الرسمية رقم 25 بتاريخ 29 أبريل 2020، ص. 10-12.
46 بشأن "كل من حرض علانية على ارتكاب الجرائم المذكورة في هذه المادة، أو نظم أو يمجد أو يقوم بأعمال دعائية لهذا الغرض"
47 بشأن "كل من ينشر مداً أو يروّج بأية وسيلة بين الناس، المعلومات أو الأخبار الكاذبة أو افترائية، من شأنها المساس بالأمن أو النظام العام".
48 بشأن "أي شخص يتلقى أموالًا أو هبة أو امتيازات، بأي وسيلة، من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عامة أو خاصة أخرى أو من طرف أي شخص اعتباري أو طبيعي، داخل البلد أو خارجه، لأداء أو التحريض على القيام بأعمال من شأنها المساس بأمن الدولة، واستقرار مؤسساتها وعملها الطبيعي، والوحدة الوطنية، وسلامة الأراضي، أو المصالح الأساسية للجزائر أو الأمن والنظام العامين ".
49 المرسوم رقم 21-08 المؤرخ 8 يونيو 2021 المعدل والمتمم للمرسوم رقم 66-156 المؤرخ 8 يونيو 1966 بشأن قانون العقوبات، الجريدة الرسمية، رقم 45 المؤرخ 9 يونيو 2021، ص. 6-7. انظر أيضًا المرسوم التنفيذي رقم 21-384 المؤرخ 7 أكتوبر 2021 الذي يحدد إجراءات التسجيل والشطب من القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية والآثار الناتجة عنها، الجريدة الرسمية رقم 78 بتاريخ 13 أكتوبر 2021، ص. 6-10
50 وبهذا المعنى، اعتبر المقررون الخاصون للأمم المتحدة أن "هذه العبارة ["الوسائل غير الدستورية "] يمكن بالفعل استخدامها ضد النشطاء والمتظاهرين غير العنيفين الذين يسعون إلى تعزيز حركتهم ومطالبهم من خلال قنوات غير تلك المقترحة من طرف الإطار المؤسسي الذي أنشأته السلطات " المرجع/ OL DZA 12/2021، 27 ديسمبر 2021، ص. 4-5.
51 وبذلك تم إدراج هاتين الحركتين، بالإضافة إلى ستة عشر شخصًا، في "القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية"، دون محاكمة مسبقة: مرسوم 6 فبراير 2022 القاضي بإدراج في القائمة الوطنية للأشخاص والكيانات الإرهابية، الجريدة الرسمية عدد 11 بتاريخ 13 شباط / فبراير. 2022، ص. 24-26.
52 بعد تأسيسها في عام 2001، في أعقاب الربيع الأسود في منطقة القبائل، الذي خلف ما يقرب من 130 قتيل، تطرفت الحركة من أجل الحكم الذاتي لمنطقة القبائل (MAK)، لتتحول إلى حركة لتقرير المصير في منطقة القبائل (MAK) ابتداء من عام 2013، مستغلة في ذلك الفراغ السياسي في المنطقة، بسبب فقدان الثقة وتشويه سمعة الأحزاب السياسية التقليدية وقدرا من الجمود السياسي النسبي على المستوى الوطني، طوال الفترات الرئاسية الأربعة للرئيس بوتفليقة. وعلى عكس هذا الوضع، أثار 22 فبراير 2019 "انتعاشا وحماسة" لصالح التغيير الديمقراطي في الجزائر التعددية حيث امتزج العلم الوطني والراية الأمازيغية، بالنسبة للأشخاص كانوا حتى ذلك الحين، ميالين لخطاب حركة MAK. وهكذا شكّل بروز الحراك كابحا أمام توسع هذه الحركة، في حين أتاحت لها حملات السلطات القمعية دعاية لا مثيل لها حتى ذلك الحين.
53 المرسوم التشريعي رقم 92-03 المؤرخ في 30 سبتمبر 1992 بشأن مكافحة التخريب والإرهاب، الجريدة الرسمية رقم 70 في 1 أكتوبر 1992، ص. 1490-1493. انظر مولود بومغار، "فرضية" الحرب على الإرهاب "في الجزائر: عندما يصبح الاستثناء هو القاعدة أو تحوّل القانون العام والعلاقات بين السلطات المدنية والعسكرية تحت تأثير إجراءات تقييدية واستثنائية"، المرجع: جولي أليكس وأوليفييه كان، فرضية الحرب ضد الإرهاب، باريس، دالوز، 2017، ص. 15-28.
54 المرسوم عدد 66-156 المؤرخ في 8 يونيو / حزيران 1966 والمتعلق بقانون العقوبات، الجريدة الرسمية، عدد 11 بتاريخ 1 مارس / آذار 1995، ص. 7-8.
55 "انظر V. OL DZA 12/2021، مرجع سابق.  14 ص.
56 يمكن أن تستخدم أيضا هذه "الثوابت" كأساس دستوري لقانون الأسرة لعام 1984، بما في ذلك بعد تعديلات 2005، من حيث أنها لا تزال يحتفظ بأحكام تمييزية ضد المرأة، لا سيما في مسائل الميراث، على الرغم من النص الدستوري الذي ينص حظر التمييز على أساس الجنس  (المادة 37).
57 بمعنى "تخضع إجراءات التقييد لشروط الشرعية وضرورة التناسب وعدم التمييز. يجب أن تتضمن الأحكام القانونية التي تنص على مثل هذه القيود، طبيعة الحق محل التقييد، وطبيعة ومدى القيد، والعلاقة بين التقييد والغرض منه، وتبيان سبب ضرورة تقييد ممارسة الحق بدلاً من واستخدام وسيلة أقل تقييدًا لتحقيق الغرض. يجب تعديل المادة 34 لتعكس هذه العناصر، وكذلك لإزالة مسألة حماية "أساسيات الأمة" المستعملة كأساس للحد من ممارسة حقوق الإنسان"، لجنة الحقوقيين الدولية، معيبة وغير مناسبة. عملية التعديل الدستوري الجزائري. مقالة مختصرة، جنيف، أكتوبر / تشرين الأول. 2020، ص. 24. تجدر الإشارة أن المجلس الدستوري الجزائري، كان قد أكد، في قراره الأول، أن الحق الدستوري الذي تُحال شروط ممارسته إلى القانون "لا يمكن أن يخضع إلا للقيود الضرورية فقط، في مجتمع ديمقراطي، لحماية الحريات والحقوق المنصوص عليها في الدستور ولضمان فعاليتها التامة": القرار رقم 1-D-L-CC 89 المؤرخ 20 آب / أغسطس 1989 المتعلق بقانون الانتخابات، الجريدة الرسمية، العدد 36،  871-874.
58 القرار رقم 24 / د.ك / 21 بتاريخ 7 يونيو 2021 المتعلق بمراقبة دستورية المرسوم المتعلق بحماية المعلومات والوثائق الإدارية، الجريدة الرسمية، العدد 45 بتاريخ 9 يونيو 2021، ص. 7-9
59 وزارة الداخلية، مشروع قانون عضوي رقم ... لـ ... المقابل لـ ... المتعلق بالجمعيات.
60 AL DZA 5/2022 ، ولايات المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب ، 15 سبتمبر 2022.
61 بالفعل "حرية ممارسة العبادات" (المادة 51، الفقرة 2)، المعلن عنها الآن بصيغة الجمع، لا تزال مضمونة، لكنها لا تزال تقع ضمن مفهوم "احترام القانون" الغامض (المادة 51، الفقرة 2). وأيضا مرتبطة باحترام الثوابت الوطنية (المادة 34، الفقرة 2)، أي بالمرسوم رقم 06-03، بالغ التمييز والتقييد لهذه الحرية: المرسوم رقم 06-03 المؤرخ 28 شباط / فبراير 2006 المحدد لشروط وقواعد ممارسة الأديان الأخرى غير الدين الإسلامي، الجريدة الرسمية العدد 12 بتاريخ 1 آذار / مارس 2006، ص. 23-24. انظر زهرة أزيادي زمرلي، الوضع القانوني لغير المسلمين في الجزائر. مثال الإنجيليين والأحمديين، باريس، Le Harmattan ،2020، ص. 203-244.
62 محكمة سيدي مْحمد، سعيد جاب الخير، 22 أبريل 2021، رقم 21/00483
63 "إخلاء سبيل الباحث في الدين الإسلامي سعيد جاب الخير بعد نقض الحكم"، موقع TSA  1 فبراير / شباط 2023.
64 عبد الغني عيشون، "تظاهروا يوم محاكمة جاب الخير:" البديسية النوفمبرية "بين" الفينيقية "و" الدولة العسكرية "، جريدة الوطن، 5 أبريل 2021.
65 انظر. ماسنسن شربي، "هل الجيش الجزائري هو حامي الدستور؟ من دور درع الثورة الاشتراكية إلى دور ضامن المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلد "، RFDC، الجزء 128، رقم 4 ، ديسمبر 2021، ص. 47-75.
66 نظر مريم آيت عودية، " انسحاب الجيش من السياسة ونهاية نظام الحزب الواحد في الجزائر عام 1989. العودة إلى حالة غير مفكر فيها"، المرجع: الجيوش في الثورات العربية: المواقف والأدوار، رين، فرنسا، PUR، 2015، ص. 33-46 ومريم آيت عودية ، التجربة الديمقراطية في الجزائر (1988-1992). التعلم السياسي وتغيير النظام، باريس، وصحافة العلوم السياسية، 2015، ص. 114-124.
67 بمعنى "بمثل هذه الأحكام الواسعة لديها القدرة على تشجيع وتسهيل تدخل الجيش في الشؤون المدنية والسياسية": لجنة الحقوقيين الدولية، مصدر سبق ذكره، ص. 10.
68 محمد بوسومح، وثائق دستورية وسياسية. 1919-2018، المجلد الثاني، الجزائر العاصمة، مكتب المنشورات الجامعي  ،2019  ص. 185 و 347.
69 ماسنسن شربي، "هل الجيش الجزائري هو حامي الدستور؟ من دور درع الثورة الاشتراكية إلى دور ضامن المصالح الحيوية والاستراتيجية للبلد "، "مرجع سابق. ص. 61-64.
70 لا مسؤولية سياسية ولا عزل، في حين أن حالة العزل بسبب المرض الخطير والدائم كانت غير قابلة للتفعيل: ماسنسن شربي، "الآليات الدستورية للحكم السلطوي الجزائري في مواجهة الحراك"، مرجع سابق. ص. 167-169.
71 فتيحة بن عبو كيران، "طبيعة النظام السياسي الجزائري"، RASJEP، الجزء44 ، عدد 1 ، 2007 ، ص. 60
72 ناثالي برنار موحيرون ، "التعديلات الدستورية لعام 2019 في مصر: تكريس الانجراف نحو الحكم الاستبدادي للنظام" ، RFDC ، الجزء 121 ، العدد 1 ، 2020 ، ص. 16-17. انظر أيضا ماسنسن شلربي، "مكانة الجيش في دساتير شمال إفريقيا: دراسة القانون المقارن بين الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس"، مؤسسة روزا لوكسمبورغ، يناير 2023، 25 ص.
73 شعار تعرض لشيطنة من قبل السلطات العسكرية: انظر. "قايد صالح: موقف الجيش الوطني الشعبي ينطلق من قناعته بضرورة الحفاظ على أمن واستقرار الجزائر"، وكالة الأنباء الجزائرية، 7 تشرين الثاني / نوفمبر 2019، وغاجاتي، "الويل لخونة الوطن"، مجلة الجيش، عدد. 682، مايو 2020
74 المرسوم الرئاسي رقم 21-539 المؤرخ 26 ديسمبر 2021 الخاص بتكوين وتنظيم وعمل المجلس الأعلى للأمن، الجريدة الرسمية رقم 99 بتاريخ 29 ديسمبر. 2021، ص. 9-10.
75 المرسوم الرئاسي رقم 16-255 المؤرخ 27 سبتمبر 2016 المتعلق بالتصديق على الميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحوكمة الذي اعتمده رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي، في أديس أبابا (إثيوبيا) 30 يناير 2007، الجريدة الرسمية العدد  59 بتاريخ 9 أكتوبر 2016 ، ص. 4-12.
76 إيدير نادر، "أطلقه شاب من العاصمة على قناة عربية" يتناحاو قاع! " هذا الشعار الذي ألهب حماسة الجماهير"، صحيفة الوطن، 31/12/2008. 2019
77 أبقى التعديل الدستوري لعام 2020 على رئيس الجمهورية على رأس المجلس الأعلى للقضاء (المادة 180، الفقرة 1)، وهي وظيفة يمكنه على أكثر تقدير، تفويضها إلى أول رئيس للمحكمة العليا. (مادة 180 ، الفقرة 3) ، المعين من الرئيس نفسه (مادة 92 ، الفقرة1 ، 4). بالإضافة إلى ذلك، إذا كان قاضي الجلسة غير قابل للعزل من حيث المبدأ (المادة 172، الفقرة 1) ، "لا يمكن فصله ، ولا يمكن أن يكون محل تعليق لمهامه أو توقيف مهامه أو إنهائها، ولا تعريضه لعقوبة تأديبية ، في ممارسة مهامه أو أثناء ممارستها، إلا في الحالات التي ينص عليها القانون ووفقًا للضمانات التي يمنحها له القانون وبقرار مؤسَس من المجلس الأعلى للقضاء "(المادة 172 (2). في حين، بانتظار "الأجل المناسب" للتبديل التشريعي (المادة 225)، فإن القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ 6 أيلول / سبتمبر 2004 بشأن وضع القضاء لا يضمن "الحق في الاستقرار" فيما يتعلق بالقضاة الشباب، إلا في نهاية فترة عشر سنوات (المادة 26 ، الفقرة1) وحتى عندما يتحقق ذلك، وتكتمل هذه الفترة ، يمكن نقل قضاة المجلس "إذا كانت المصالح والسير الحسن لمصلحة العدالة تتطلب ذلك "(المادة 26 ، الفقرة 2): الجريدة الرسمية، العدد 57 بتاريخ 8 سبتمبر / أيلول 2004 ، ص. 11-20.
78 اعترفت الجزائر بالفعل، منذ 1989، بأولوية المعاهدات المصدق عليها على قوانينها الداخلية (2020، المادة 154).

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.