التحديات التي تواجه التعبئة الاجتماعية في مصر

نشرت مبادرة الإصلاح العربي سلسلةً من الدراسات تحت عنوان “مصر الثّائرة: التعبئة الاجتماعية وإرث 2011 المنقطع”. بالإضافة إلى الصورة الغنية والحية التي تقدها عن المجتمع المدني المصري، تعكس هذه الدراسات روحَ التجمُّعات التي شهدها مَيدان التحرير عام 2011 وأشكالَ التعبئة الاجتماعية التي ازدهرت مع انفِتاح تلك المرحلة.

Arab Reform Initiative - Effervescent Egypt: Venues of Mobilization and the Interrupted Legacy of 2011
هرم الأزمة © منير الصّايغ. التشكيل الفني هناء الدغام © Munir Sayegh. Art by Hanaa El Degham

نص الحوار (باللغة العربية) مع كلير تالون باحثة رئيسية في مبادرة الإصلاح العربي وأحدى المؤلفين المشاركين بدارسة:

في مصر اليوم، هل لا يزال هناك مجال للتنظيم السياسي؟

يمكننا القول بشكل معقول أنه لا توجد مساحة متبقية لأي نوع من التنظيم السياسي في مصر. لقد تصاعدت وثيرة القمع إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ 2013. حيث تم إلقاء القبض على جميع المرشحين المحتملين لرئاسة، أو ملاحقتهم قضائياً. إلى جانب هذا، أرسلت الحرب ضد المعارضة ومنظمات غير حكومية رسالة واضحة للمجتمع المدني بأكمله مفادها أن ليس هناك أي تسامح من قبل الرئيس مع أي تنظيم سياسي في مصر.

هذه الحالة لا تعني أنه لا توجد هناك عملية تعبئة مستمرة او انه لم يكن هناك تطور للحركات الاجتماعية. فقد شهدنا في غضون العامين الماضيين عمليات تعبئة صغيرة عفوية ومتعددة يقف وراءها مواطنون بسطاء لإعلاء قضايا مثل الإسكان والصحة والتعليم.

لذا فعلى الرغم من أن مجال التنظيم السياسي اليوم لا يرقى إلى أي شيء يذكر، تهدف العديد من المبادرات إلى تغيير الممارسات والقواعد السياسية. ومن الضروري أن نضع في اعتبارنا أن الديناميكيات التي تحرك التغيير الاجتماعي والسياسي هي في واقع الحال أكثر تعقيداً بكثير من مجرد مسألة التنظيم. فقد كان غياب القيادة والإيديولوجيا والهيكل التنظيمي ركيزة أساسية لنهوض ثورات الربيع العربي، كما ظهر على سبيل المثال من أعمال آصف بيات الذي أظهر وطور فكرة أن «اللاحركات الاجتماعية» قادرة على تعزيز الإصلاحات الاجتماعية والسياسية.

في رأيك ما الذي أدى الى انكماش أو إيقاف حركات التعبئة الاجتماعية في مصر؟

يشير البحث الذي نشرته مبادرة الإصلاح العربي إلى أن القضية الرئيسية في بناء المنصات ذات الدوافع السياسية أو تشكيل أنماط تنظيمية من خلال حركات اجتماعية غير متجانسة لم يتم عن طريق الوقوف أمام ومقاومة الجهود الدؤوبة التي تبذلها الدولة لتقويض الاستراتيجيات السياسية. بل تم للحفاظ على أو إنشاء علاقات مستدامة بين منظمات المجتمع المدني والقواعد الشعبية التي تسعى لتمثيلها.

يكمن السبب في تمزق المجتمع المدني المصري في مقاربات مجزأة، وتفضيل الشبكات الفضفاضة، والنقص المستمر في شرعية منظمات المجتمع المدني.

أبدت الدراسات التي أعدتها المبادرة قضية تكررت عبر العديد من الحالات، ألا وهي الحاجة الملحة إلى تعزيز الروابط بين المنظمات العاملة في السياسة العامة، والتي ترى نفسها كدخيلات ، وأولئك الذين يعملون على أرض الواقع، وإلى بناء "قوة تكميلية" بين الطرفين.

ما هي الدروس التي يمكن تعلمها؟

أوضحت الدراسة التي أجرتها المبادرة ثلاثة عناصر مهمة لفهم جوانب وعموم عملية التعبئة الاجتماعية في مصر:

  1.  الدور الحاسم الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية في التنسيق بين مختلف المجالات والجهات الفاعلة.
  2.  الحاجة إلى تطوير القاعدة الاجتماعية لمنظمات المجتمع المدني؛ مما عني أهمية إنشاء مجموعات محلية مُمثّلة،  وتوثيق الاحتياجات المحلية من أجل التعبير  عنها من خلال استراتيجيات سياسية.
  3. الدور الهام للتقاضي الاستراتيجي كعامل تماسك قوي للقطاعات المجتمع المدني المشتتة.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.