إعلامية الشتات العربي: فهم دور الإعلام العابر للحدود في تشكيل العمل السياسي في الشتات

 

مُقدّمة

سارة ان رانك

التقرير الكامل على هذا الرابط

شهدت أوروبا على مدى العقد الماضي موجة هامة من الهجرة القادمة من المنطقة العربية، والتي بلغت ذروتها عام 2015. وكثيراً ما كانت تدفقات الهجرة هذه وما تلاها من عمليات تشتت المهاجرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المناطق الأوروبية، نتيجة لتدهور الأوضاع في أوطانهم الأصلية، بما في ذلك الصراعات المستعصية والقمع وتعاقب الحكم الاستبدادي والانهيار الاقتصادي بل وحتى انهيار الدول. بيد أن هذا التوسع والتنوّع في مجتمعات الشتات من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أوروبا صاحبه مزيجاً من العداء الشعبي والسياسي المتزايد في البلدان المُستَضيفة للمهاجرين وملتمسي اللجوء، بالإضافة إلى إتاحة فرص جديدة لتنظيم الشتات وتعبئته. وقد ظهرت مواقع في أوروبا - مدن ومنتديات افتراضية وشبكات عابرة للحدود - بوصفها مساحات تتشكل فيها الهويات السياسية وأنماط جديدة للنشاط السياسي بين مجتمعات الشتات العربي. ومن الأبعاد بالغة الأهمية في عمليات تشتت المهاجرين وتشكيل الهوية وإعادة تشكيلها والتعبئة السياسية، تنوّع وسائل الإعلام وتوسع نطاق الوصول الذي تقدمه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. بالفعل، سلسلة مترابطة من وسائل الإعلام.

منذ عام 2020، تعكف "مبادرة الإصلاح العربي" على دراسة التحولات في مجتمعات الشتات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأنماط المشاركة السياسية والتعبئة الاجتماعية الناجمة عن ديناميات ما بعد عام 2011. وكجزء من هذا العمل، استضافت "مبادرة الإصلاح العربي" سلسلة جلسات حوارية عبر الإنترنت في الفترة بين عامي 2020-2021، بعنوان "الشتات العربي الجديد"، تضمنت منظورات بحثية وآراء النشطاء بشأن الدور الحالي والمحتمل للشتات من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بوصفهم فاعلين سياسيين يرصدون التطورات في بلدانهم الأصلية ويتفاعلون معها. فقد سعت هذه السلسلة إلى استكشاف جهود الشتات وكيفية الاستفادة منها للمساهمة في عمليات بناء السلام وإعادة الإعمار والمصالحة والعدالة الانتقالية في أوطانهم. وكجزء من هذه السلسلة، شاركت "مبادرة الإصلاح العربي" وجامعة كوبنهاغن في استضافة جلسة حوارية بعنوان "الشتات العربي في أوروبا: مساحات تشكيل الذاتية السياسية ومشاركة النشطاء" في 21 كانون الثاني/يناير 2021.

تناولت الجلسة الحوارية كيف أن استخدام وسائل الإعلام في المجال الاجتماعي العابر للحدود ينير السبيل أمام العمل السياسي وتشكيل الهوية، بالاعتماد على الحالات التجريبية لمجتمعات الشتات السورية والتونسية والبحرينية والمصرية في أوروبا، والبحوث التي أجريت في إطار مشروع "الشتات الوسيط: السياسات الخلافية بين مستخدمي وسائل الإعلام العرب في أوروبا". واستعرضت الجلسة الحوارية أيضاً مبادرات جديدة محددة يضطلع بها النشطاء ومساحات المشاركة السياسية الناشئة، وركزت بشكل خاص على الكيفية التي يعمل بها أعضاء الشتات العربي في النرويج على إنشاء مساحة عابرة للحدود للشتات للمشاركة السياسية، وكيف يوسع المنفون في برلين نطاق تضامنهم وأفكارهم حول ماهية النضال على أرض الواقع، وكيف يستخدم نشطاء الشتات اللبناني مساحة لا مركزية للانتقال من المساعدات الإنسانية إلى المشاركة السياسية.

تركز هذه المجموعة من البحوث، التي تمثل النتائج البحثية لمشروع "إعلامية الشتات"، على الممارسات الإعلامية لمختلف مجتمعات الشتات العربي في أوروبا، وبشكل أدق العلاقة بين وسائل الإعلام والديناميات السياسية المتغيرة في البلدان الأصلية منذ عام 2011. ومن منظور التواصل السياسي والحوار بين الثقافات، تناقش البحوث عمليات التفاعل العابرة للحدود للشتات العربي في أوروبا. وهذا يتضمن الكيفية التي تعمل بها وسائل الإعلام في الشتات، باعتبارها قوى فاعلة سياسية عابرة للحدود، كوسيلة للنقد السياسي والمعارضة في مصر ما بعد الثورة؛ والأدوار المختلفة التي تؤديها وسائل الإعلام في النضال وتشكيل الهوية بين المجتمعات البحرينية في الشتات في لندن والدنمارك؛ والممارسات الإعلامية المتعددة الأبعاد والتي تعمل على المستوى المحلي في أكثر من منطقة، وكيف يمكن لهذه الممارسات أن تعزز الشعور بالانتماء ومستويات النشاط السياسي بين المجتمعات السورية؛ والآثار الاجتماعية - السياسية والعابرة للحدود التي تخلفها وسائل الإعلام على الشتات التونسي.

تساهم "مبادرة الإصلاح العربي" وجامعة كوبنهاغن من خلال نشر هذه المجموعة بمعارف جديدة حول النشاط السياسي للشتات العربي في أوروبا منذ عام 2011، والطرق التي تقوم من خلالها وسائل الإعلام الجديدة بتمهيد العلاقات مع الوطن الأم والبلد المضيف وإعادة تشكيل تعبئة الشتات.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.