مقدمة
تعتبر معركة غزة الأخيرة واتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين حماس وإسرائيل – بعد 470 يوما من القصف والقتل والدمار والتهجير – نقطة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية ومستقبل الشعب الفلسطيني الحالم بتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء معاناته المستمرة منذ قرن من الزمن.
في هذه اللحظة، تبدو مسألة الاستثمار الوطني في حرب غزة ونتائجها التحدي الأبرز أمام كافة الأطراف الفلسطينية. ورغم أن وقف إطلاق النار يمنح فترة هدنة مؤقتة لسكان غزة، إلا أن غياب توافق الآراء حول حكم وإدارة غزة بعد الحرب، إلى جانب تعقيدات إعادة الإعمار والتدخلات الأجنبية المحتملة، يلقي بظلال من الشك والغموض على مستقبل المنطقة. هذا خصوصا أن إسرائيل سعت – ولا تزال – إلى تحويل المعركة الأخيرة إلى فرصة لتصحيح "الخطأ التاريخي" الذي ارتكبته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بعدم استكمال طرد ومحو الوجود الفلسطيني من أرض فلسطين التاريخية. ويعود ذلك إلى أن الميزان الديمغرافي القائم على أرض فلسطين التاريخية يميل لصالح الفلسطينيين، مما يهدد استقرار المشروع الصهيوني ونموه، وفقا لتحذيرات الباحثون الإسرائيليون في مراكز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي على مدى العقدين الماضيين. هذا التهديد الديمغرافي يفسر السلوك الإسرائيلي الوحشي والفاشي الذي يسعى إلى جعل قطاع غزة بيئة طاردة للحياة، وتهيئة المناخات الحياتية لجعل التهجير مسألة وقت لا أكثر في حياة الفلسطيني. وقد استهدفت إسرائيل بشكل مباشر ومنهجي كافة المنشآت المدنية الحيوية، خاصة المستشفيات والمدارس، وشبكات الطرق والمواصلات، والبنية التحتية، لدفع الفلسطيني نحو التفكير والسعي الجاد للخلاص الفردي بفعل الوقائع التي تفرضها إسرائيل على الأرض.
يقف الفلسطينيون في موقف المتلقي لكل ما يطرح حول مسألة اليوم التالي لحرب غزة، تتنازعهم نعرات الانقسام الذي ساهم في إضعاف الموقف الفلسطيني الجمعي، خاصة مع تآكل ثلاثة مسائل جوهرية قبل الحرب الدائرة وخلالها. الأولى هي مسألة التمثيل الفلسطيني، والذي بات يعاني من ازدواجية واضحة، حيث يتفاوض العالم في مسألة الرهائن ووقف إطلاق النار مع حركة حماس، بينما يتفاوض مع السلطة الفلسطينية في مسألة الترتيبات السياسية في قطاع غزة. أما المسألة الثانية، فهي المرتبطة بالكيانية الفلسطينية، حيث ترفض إسرائيل توحيد الأراضي الفلسطينية بأي شكل من الأشكال عقب الحرب الحالية. وتتعلق المسألة الثالثة بالحركة الوطنية الفلسطينية، التي تعرضت لهزة عنيفة في العقل الجمعي الفلسطيني. فقد فشلت في تقديم نموذج حقيقي لتعزيز صمود المواطنين في قطاع غزة، وتحقيق اللحمة الوطنية بين التجمعات الفلسطينية على مدار أكثر من 15 شهرا من الحرب.
يراقب المواطن الفلسطيني في غزة بتشاؤم كبير ما يحدث معه وحوله، وقد فقدَ تقريبا الثقة في قدرة الطبقة السياسية الفلسطينية والجهات الفاعلة الأجنبية على العبور به إلى بوابة الخلاص الوطني الناجز، وتحقيق الاستقلال الوطني. وبات التشاؤم سمة أساسية من سمات التفكير لدى المواطن الذي يعيش حياة بائسة وقاسية، أفقدته القدرة على التوازن الانفعالي في النظر إلى مستقبله الوطني.
ورغم تعدد الآراء حول مستقبل إدارة وحكم غزة بعد الحرب، والتدخلات المتوقعة من القوى الأجنبية، بما في ذلك إسرائيل، تهدف هذه الورقة إلى تحليل رؤية المواطن الفلسطيني في قطاع غزة لمستقبله السياسي في ضوء إفرازات وتداعيات الحرب الأخيرة. وتستعرض الورقة مختلف الآراء السياسية المتعلقة بتصورات الحكم في الأراضي الفلسطينية، ومدى نجاعة أو قدرة الفلسطينيين على تحويل المحنة الحالية إلى فرصة حقيقة لتحقيق الإنجاز الوطني المأمول والمتمثل في الاستقلال الكامل.
تستند الورقة على مراجعة شاملة للأدبيات والقراءات السابقة حول المستقبل الفلسطيني، بالإضافة إلى مقابلات معمقة مع نخب وكتاب ومفكرين لاستطلاع آرائهم حول هذا المستقبل.
خلفية عامة: الحوكمة في غزة، القضية المهملة
عمّق الدمار الناتج عن الحرب الأخيرة على قطاع غزة من الأزمات القائمة، مما أدى إلى تصدعات كبيرة في البنية التحتية والنسيج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وجعل المستقبل يبدو أكثر ضبابية وتعقيدًا وغير مهتم بالغزيين. وبينما تقف غزة على مفترق طرق استراتيجي، يواجه سكانها شعورًا متزايدًا بالعجز والإحباط نتيجة استبعادهم من أي دور فعلي في صياغة مستقبلهم، الذي يبدو أنه يُخطط له في دوائر خارجية بعيدة عنهم. تشير نتائج استطلاع أجرته مؤسسة "الباروميتر العربي" عام 2023 إلى أن أكثر من 75% من سكان القطاع يعتقدون أن المجتمع الدولي فشل في تقديم الدعم اللازم لتحسين أوضاعهم نتيجة غياب الجهود الحقيقية لحل الأزمة، واستمرار الحصار المفروض منذ أكثر من عقد ونصف.
سياسيا، تزداد العزلة بين السكان والقيادات المحلية والدولية. فالمشهد الداخلي في غزة يعاني من انقسام حاد بين الفصائل الفلسطينية، حيث يشعر السكان أنهم رهائن لهذا الانقسام الذي يعوق أي محاولات جادة للتغيير. وفي الوقت نفسه، يفتقد الغزيّون إلى أي إشراك حقيقي في القرارات السياسية المتعلقة بمستقبلهم؛ يشعر الكثيرون بأن أصواتهم لا تُسمع، وأن القضايا التي تهمهم تُهمّش لصالح أجندات خارجية تهدف إلى تحقيق الاستقرار الأمني فقط دون اعتبار احتياجاتهم الإنسانية والاقتصادية.
اقتصاديا، تسببت الحرب في انهيار شامل للواقع الاقتصادي في القطاع. حيث وصلت معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تجاوزت 80% بين الشباب، وفقًا لتقارير، بينما باتت فرص العمل شبه معدومة. هذه الأزمة الاقتصادية تعكس أيضًا مشاعر الإحباط والعجز بين السكان الذين يجدون أنفسهم عالقين في دائرة من الفقر والاعتماد الكلي على المساعدات الإنسانية.
بالإضافة إلى تداعيات الحرب الجارية على غزة، لا بد من التأكيد على وجود أزمة ثقة بين المواطن الفلسطيني ونظامه السياسي. هذه الأزمة تلقي بظلالها على رؤية الفلسطينيين وتصوراتهم لمستقبل غزة، وتتعدد أسبابها، ومنها:
- التاريخ السياسي المضطرب: منذ الانقسام الفلسطيني في عام 2007، شهدت فلسطين مرحلة غير مسبوقة من التشرذم الجغرافي والمؤسسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة. لم يكن هذا الانقسام مجرد انشقاق سياسي عابر، بل تحول إلى حالة هيكلية مستدامة أضعفت النظام السياسي الفلسطيني وأثرت بعمق على كافة جوانب الحياة اليومية. أصبحت غزة كيانًا منعزلًا تمامًا، مما أفسح المجال لظهور سلطتين منفصلتين، لكل منهما أجندتها السياسية والإدارية. انعكس هذا الانقسام على الثقة الشعبية، حيث شعر الفلسطينيون بأن القيادات السياسية ركزت على صراعاتها الداخلية بدلاً من التصدي للتحديات الوطنية الكبرى. مع مرور الوقت، تحولت هذه الحالة إلى واقع مأساوي يعزز الشكوك الشعبية في قدرة القيادة على إعادة الوحدة الوطنية وتحقيق الأهداف المشتركة.
- تآكل الشرعية السياسية: شكل غياب الانتخابات الفلسطينية منذ عام 2006 ضربة عميقة لمفهوم الشرعية السياسية في الأراضي الفلسطينية. في ظل غياب أي عملية انتخابية تعكس إرادة الشعب، ترسخ شعور واسع النطاق بين الفلسطينيين بأن القيادة السياسية لم تعد تمثلهم. أدى ذلك إلى إحباط كبير بين المواطنين الذين يرون أن النظام السياسي قد تحول إلى وسيلة لتكريس المصالح الفصائلية بدلاً من خدمة المصلحة الوطنية. وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة الباروميتر العربي الثامن لعام 2024، أعرب 60% من سكان غزة عن عدم ثقتهم بالقيادة السياسية. هذه النسبة العالية تعكس حالة من الإحباط الجماعي والتراجع الحاد في الثقة بقدرة النظام على تلبية تطلعات الشعب.
- الواقع الاقتصادي والاجتماعي: أدى الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من عقدين، والحروب المتكررة، إلى خلق بيئة اقتصادية واجتماعية خانقة في غزة. يعيش سكان القطاع في ظروف قاسية، حيث ترتفع معدلات البطالة بشكل غير مسبوق، لتصل إلى أكثر من 47% لعام 2023 بين الشباب ووصلت الآن لعام 2024 إلى%80. أدت هذه الأزمة الاقتصادية إلى تغيير الأولويات اليومية للسكان، حيث بات التركيز منصبًا على تأمين الاحتياجات الأساسية، مثل الغذاء والماء والمسكن، للبقاء على قيد الحياة. في هذا السياق، تراجعت المشاركة السياسية والاجتماعية، حيث شعر الكثيرون بعدم جدوى الانخراط في نظام سياسي يرونه عاجزًا عن تحسين واقعهم. علاوة على ذلك، تفاقمت الفجوة بين المجتمع والقيادة مع استمرار تدهور الخدمات.
تصورات الفلسطينيين لمستقبل غزة عقب الحرب
ماهي ملامح اليوم التالي لمستقبل غزة؟ السؤال هنا لا يدور حول مسائل إجرائية أو عملياتية، بقدر ما هو سؤال سياسي بامتياز، يحاول استنباط الفرص المتاحة أمام الفلسطينيين لحكم أنفسهم في قطاع غزة، حيث لم يعد الفلسطيني وحده هو المقرر. ولا يُقصد بذلك التسليم بالرغبات الإسرائيلية باعتبارها قدرٌ لا مفر منه، بل التأكيد على ضرورة الانتباه إلى العوامل والمحددات التي يمكنها أن تُنجح خياراً وتفشل آخر.
أولا، يجب الانتباه إلى أنه بعد أكثر من خمسة عشر شهراً من الإبادة الجماعية، وما تمارسه إسرائيل من تشويه متعمد وممنهج لبنية الوعي الجمعي الفلسطيني، أوصلت الكثير من الجمهور الفلسطيني إلى ضرورة وقف الحرب والإبادة بأي ثمن. وبالتالي أصبح الحديث عن شكل الحكم واليوم التالي يبدو عند الكثير من الجمهور الفلسطيني مسألة ترف لا وقت لها. ثانيا، يجب الانتباه إلى أن مستقبل الحكم حتى اللحظة محاط بتحديات وفرص متعددة الاتجاهات، ولذلك ستعمل الورقة على دمج التصورات وفق ثلاثة محاور جوهرية:
- الاتجاه المتفائل: يرى هذا الاتجاه في الحرب الأخيرة وما تلاها من اتفاق لوقف إطلاق النار فرصة واعدة للاستثمار الوطني الفلسطيني والعمل على إلزام إسرائيل بالاستجابة للحقوق الفلسطينية المشروعة كما أقرتها قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة و القرارات التاريخية لمؤسسات القانون الدولي الإنساني. فالحرب قد أعادت تشكيل الرأي العام الدولي بشأن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تتنامى أصوات المعارضين للسياسات الإسرائيلية في العديد من دول العالم، وتتزايد التوجهات الأوربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبالتالي أصبحت الظروف، في رأي هذا الاتجاه، مهيأة أكثر لعزل إسرائيل دوليا ودفعها من أجل الاستجابة للأصوات الدولية المناهضة لاستمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية، بما يعني أن تذهب الأمور في نهاية المطاف لصالح الاستجابة للمطالب الفلسطينية بالاستقلال الوطني وتكون فرصة لاستعادة بناء رؤية فلسطينية موحدة تنهي حالة الانقسام، خاصة وأن حماس أصبحت تقبل بحل الدولتين كأساس لحل الصراع الفلسطيني، بعد أن كانت تختلف مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية حول موقفها من حل الصراع.
- الاتجاه التشاؤمي: يرى أصحاب هذا الاتجاه في الحرب الأخيرة فرصة إسرائيلية بامتياز لتصحيح أخطاء استراتيجية سابقة واستكمال عمليات الطرد والمحو والإزالة للفلسطينيين ومعالجة اختلال الميزان الديموغرافي مع الفلسطينيين داخل فلسطين التاريخية وحسم الصراع من أجل استقرار النظام الاستعماري الاستيطاني. لذلك تسعى إسرائيل إلى فرض وقائع وبيئات طاردة لجعل حياة الفلسطينيين، غير صالحة للعيش، وضرب النظام والأمن الشخصي والجمعي. هذا النهج يؤدي في النهاية إلى تحقيق سيناريو "الترانسفير" للفلسطينيين، ولكن بشكل طوعي وليس عنفي. وفي هذا الإطار، تسعى إسرائيل إلى تحويل قطاع غزة من نموذج "السجن الكبير" الذي كان سائدا لسنوات إلى نموذج "الجزر والفقاعات" السكانية المتهالكة، وجعل نتائج الحرب وصفة لفصل القطاع عن الضفة الغربية، وإخراجه من السياق الوطني. تقوم إسرائيل بعملية تدمير ممنهجة تهدف إلى القضاء على أي قدرة لقطاع غزة على أن يكون داعماً بالمعنى الوطني، مما سيمكنها لاحقا من الاستفراد بالضفة الغربية، وتحويلها لمعازل وكانتونات، وحسم مسألتي الضم والاستيطان فيها، بما يعني تبديد الحلم الفلسطيني. فلا بقاء لحكم حماس في المشهد الغزي، ولا عودة لحكم السلطة الفلسطينية مرة أخرى لبسط سيادتها وسلطتها على القطاع. بدأت إسرائيل منذ السنة الماضية في الترويج لأشكال جديدة لحكم غزة من خلال عدة نماذج، منها نموذج الهيئات المحلية، ونموذج القوة العربية الدولية المشتركة، ونموذج الاحتلال العسكري الإسرائيلي طويل الأمد.
- الاتجاه التوفيقي: هذا الاتجاه ينظر للوقائع على الأرض ويحاول ربطها بأفق سياسية في المستقبل. ويرى أصحابه أن وقف الحرب هو الأولوية، يليه الانطلاق نحو ضرورة إجراء تعديلات وإصلاحات في بنية النظام السياسي الفلسطيني، واستعادة شرعية المؤسسات الوطنية الجامعة، وخصوصا منظمة التحرير الفلسطينية، والمجلس التشريعي، ومؤسسة الرئاسة عبر صندوق الانتخابات. وإلى حين تحقيق ذلك، يمكن أن تتقدم دولة فلسطين بطلب لجامعة الدول العربية لفرض وصايتها على قطاع غزة، وإعادة إعماره وتأهيله، على أن تتزامن هذه الخطوة مع اتخاذ السلطة الفلسطينية إجراءات إصلاح سياسي حقيقي، يعكس جدارتها في استعادة توحيد الأراضي الفلسطينية. في هذا السياق، يمكن الاستفادة من الدور السعودي، ورغبة إسرائيل في التطبيع مع السعودية، والذي يجب أن يقابل بثمن سياسي مرتبط بالحل السياسي العادل والشامل للقضية الفلسطينية، خاصة وأن السعودية تقود تحالفا دوليا لدعم حل الدولتين. ومن خلال الوصاية العربية والإصلاحات السياسية، يمكن أن يستعيد حل الدولتين رونقه ويفرض نفسه في سياق الصراع، مما يلجم إسرائيل عن المضي في سياساتها الانفصالية تجاه قطاع غزة.
تطلعات سكان قطاع غزة لليوم التالي للحرب وكيف يمكن تحقيقها
سكان قطاع غزة يعيشون تحت وطأة الحروب المستمرة، حيث تدمّر الحروب المتلاحقة كل شيء، من البنية التحتية إلى الأرواح، ويصبح يوم بعد يوم مرهونًا بآمال كبيرة في غد أفضل. ومع نهاية كل حرب، يعبر سكان غزة عن تطلعاتهم لليوم التالي، يوم يمكنهم فيه العودة إلى حياتهم الطبيعية. إلا أن هذه التطلعات محاطة بالكثير من التحديات التي تفرضها الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية. في هذا السياق، يمكن تلخيص تطلعات السكان في خمسة مجالات رئيسية:
- سرعة إعادة بناء البنية التحتية وتعافي الاقتصاد المحلي:
يعد الدمار الواسع الذي يطال البنية التحتية في قطاع غزة أحد أبرز التحديات التي يواجهها سكانه بعد كل حرب. ووفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، أسفر العدوان الأخير على قطاع غزة في عام 2023 عن تدمير أكثر من 50,000 وحدة سكنية، وتضررت أكثر من 30,000 منشأة تجارية وصناعية. هذا الدمار الهائل يعوق قدرة القطاع على العودة إلى نشاطه الاقتصادي الطبيعي. لذلك، يطمح سكان غزة إلى إعادة بناء هذه المنشآت في أسرع وقت ممكن، مع التركيز على المشاريع التي توفر فرص عمل وتحسن مستوى الحياة المعيشية.
وهنا تبرز الحاجة إلى تقديم دعم دولي من خلال المساعدات الإنسانية والتمويل لإعادة الإعمار. أظهرت الدراسات أن استثمار 1 دولار في مشاريع إعادة الإعمار يمكن أن يولد حوالي 1.6 دولار في الاقتصاد المحلي، من خلال توفير فرص العمل وتحريك القطاعات الاقتصادية المختلفة. ومع ذلك، يبقى الحصار المفروض على غزة أحد العوائق الكبرى التي تحد من قدرة السكان على تحقيق هذه التطلعات.
من أجل بناء إعادة بناء البنية التحتية وتعافي الاقتصاد المحلي، يجب:
- الاستثمار في إعادة الإعمار المستدام: يحتاج قطاع غزة إلى استثمار كبير في البنية التحتية لتوفير فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية. يمكن للمجتمع الدولي تمويل مشاريع لإعادة بناء المنازل والمرافق العامة، مع التركيز على استخدام تقنيات البناء المستدامة والصديقة للبيئة، مثل بناء المنازل باستخدام مواد محلية منخفضة التكلفة. أوصى تقرير البنك الدولي في 2021 بتخصيص 2 مليار دولار لإعادة بناء البنية التحتية في غزة، مع التركيز على قطاعي الصحة والتعليم.
- إطلاق برامج لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة: يمكن للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية دعم ريادة الأعمال من خلال توفير تمويل ميسر وتدريب مهني للمواطنين. في تجارب مشابهة، أظهرت برامج تمويل المشاريع الصغيرة في المناطق المتضررة، مثل فلسطين، أن كل دولار يُستثمر في دعم المشاريع الصغيرة يمكن أن يولد أكثر من 3 دولارات في الناتج المحلي الإجمالي.
- تسريع دخول المواد الأساسية عبر المعابر: من الضروري العمل على تسهيل الإجراءات الأمنية والجمركية لتمكين وصول المواد الأساسية، مثل الإسمنت والحديد، بسرعة أكبر إلى قطاع غزة. وقد أظهرت الدراسات أن تسريع هذه العمليات يساهم بشكل مباشر في تقليص التكاليف وزيادة الكفاءة في إعادة البناء.
- إصلاح النظام السياسي الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية:
يتطلع سكان قطاع غزة إلى اليوم التالي للحرب بآمال كبيرة في أن يكون نقطة انطلاق لإصلاح النظام السياسي الفلسطيني، الذي يعاني من انقسامات حادة بين مختلف الفصائل السياسية. تشير العديد من الدراسات إلى أن تآكل الثقة في المؤسسات السياسية الفلسطينية على مدى العقود الماضية أدى إلى تراجع ملحوظ في مشاركة المواطنين في العملية السياسية. في استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في عام 2023، أفاد حوالي 72% من المشاركين في غزة بأنهم فقدوا الثقة في النظام السياسي الفلسطيني بسبب الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس".
لذلك، يطمح الفلسطينيون في غزة إلى بناء نظام سياسي أكثر شفافية وديمقراطية، يتيح لكافة الفصائل والمكونات المجتمعية المشاركة في عملية صنع القرار. يتطلع السكان إلى إجراء عملية انتخابية شاملة تضمن تمثيل جميع الفئات الفلسطينية، بما في ذلك النساء والشباب، في المؤسسات السياسية. بالإضافة إلى ذلك، تُعد إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية لتمثيل جميع الفلسطينيين، سواء في الداخل أو الشتات، أولوية قصوى.
من أجل إصلاح النظام الفلسطيني وتعزيز الوحدة الوطنية، يجب:
- مؤتمر وطني شامل: من الضروري عقد مؤتمر فلسطيني شامل يتم فيه بحث قضايا المصالحة الوطنية وإصلاح النظام السياسي. يشمل ذلك مناقشة سبل توحيد الفصائل الفلسطينية تحت مظلة واحدة، مع مراعاة التنوع السياسي والفكري. ومن الأمثلة على ذلك عملية المصالحة بين "فتح" و"حماس" التي شهدت بعض التقدم في اتفاق القاهرة 2017، رغم التحديات.
- إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية: يجب إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية لتشمل جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، بهدف خلق هيكل سياسي أكثر تمثيلًا. تشير الدراسات إلى أن التمثيل الواسع لكل الفصائل يمكن أن يعزز الثقة في النظام السياسي الفلسطيني ويزيد من فعالية الخطاب السياسي.
- إجراء انتخابات ديمقراطية شفافة: يجب العمل على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تعكس إرادة الشعب الفلسطيني. في هذا السياق، من الضروري تأمين بيئة انتخابية آمنة ومستقلة. وفقًا لمؤشر الديمقراطية العالمي الصادر عن "The Economist Intelligence Unit" 2016، فإن الانتخابات الحرة تساهم في تعزيز المشاركة السياسية وترسيخ مبادئ الشفافية.
- تحقيق الاستقرار الأمني والسلام الاجتماعي:
بعد كل حرب، يعيش سكان غزة في حالة من القلق المستمر بشأن أمنهم الشخصي وأمن أسرهم. فإلى جانب التهديدات العسكرية، يواجه السكان مشاكل أمنية داخلية نتيجة للفراغ الأمني الناتج عن الحروب. وتشير التقارير إلى أن معظم سكان غزة يفتقرون إلى الأمن الشخصي بسبب انتشار الأسلحة غير المشروعة والصراعات الداخلية بين الفصائل. وفقًا لدراسة نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية في عام 2022، يشعر 56% من سكان غزة بعدم الأمان نتيجة للصراعات الداخلية والانقسام بين الفصائل.
لذلك، يسعى الفلسطينيون إلى تعزيز الأمن الاجتماعي من خلال إنشاء مؤسسات أمنية مستقلة وفعالة، تضمن الاستقرار الداخلي وتقلل من الفوضى والانفلات الأمني. ويشمل ذلك تعزيز قدرة السلطات المحلية على إدارة الشؤون الأمنية، ومكافحة الجريمة، وتوفير بيئة آمنة لعودة الحياة الطبيعية.
من أجل تحقيق تعزيز الاستقرار الأمني والسلام الاجتماعي، يجب:
- تعزيز المؤسسات الأمنية المستقلة: يجب العمل على بناء وإعادة هيكلة المؤسسات الأمنية الفلسطينية لتكون أكثر استقلالية وفعالية في الحفاظ على النظام العام. يشمل ذلك توفير التدريب للمسؤولين الأمنيين وضمان تنفيذ القوانين بفعالية. تشير دراسة للبنك الدولي إلى أن بناء مؤسسات أمنية قوية يشكل أساس الاستقرار السياسي والاجتماعي.
- إطلاق مبادرات مصالحة داخلية: يجب تشجيع الحوار بين الفصائل الفلسطينية من خلال جلسات مصالحة وطنية تهدف إلى تقليل التوترات الداخلية وتوجيه الأنظار إلى الأولويات الوطنية المشتركة، مثل إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الاجتماعية. هذا يمكن أن يساهم في تقليل الصراع الداخلي وتعزيز ثقافة السلام بين مختلف فئات المجتمع.
- دعم الشرطة المجتمعية: يُعدّ إنشاء الشرطة المجتمعية، التي تعمل على تعزيز الثقة بين الأجهزة الأمنية والمجتمع المحلي، من الحلول الفعالة. الشرطة المجتمعية في قطاع غزة ستساعد في تعزيز أمن المواطنين وحمايتهم من الفوضى والانفلات الأمني.
- التعافي النفسي والاجتماعي:
تتجلى التطلعات الأكثر إنسانية لسكان غزة في الرغبة في التعافي النفسي والاجتماعي بعد الصدمات النفسية العميقة التي خلفتها الحروب المتعددة. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية (WHO) في 2023، يعاني حوالي 60% من سكان غزة من اضطرابات نفسية حادة نتيجة للظروف المعيشية الصعبة والعنف المستمر، وتشمل هذه الاضطرابات القلق والاكتئاب وPTSD (اضطراب ما بعد الصدمة). الأطفال والشباب هم الفئة الأكثر تضررًا، حيث يواجهون تحديات كبيرة في التكيف النفسي والاجتماعي بعد كل حرب.
لذلك، يطمح سكان غزة إلى الحصول على دعم نفسي اجتماعي مستمر من خلال برامج التأهيل النفسي الموجهة للأطفال والبالغين على حد سواء. تعزز هذه البرامج قدرة السكان على التعامل مع الصدمات النفسية التي مروا بها، وتساهم في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وصمودًا.
من أجل تحقيق التعافي النفسي والاجتماعي لسكان غزة، يجب:
- إطلاق برامج دعم نفسي شامل: يجب توفير الدعم النفسي لجميع الفئات، خصوصًا الأطفال والنساء، من خلال برامج موجهة تهدف إلى معالجة صدمات الحرب. تشير الدراسات إلى أن الدعم النفسي للأطفال يمكن أن يساهم في تحسين تحصيلهم الدراسي وتقليل معدلات العنف الأسري.
- تدريب مختصين في العلاج النفسي: من الضروري تعزيز قدرة المجتمع الفلسطيني على التعامل مع الصدمات النفسية من خلال تدريب المختصين المحليين في مجال الصحة النفسية. هذا يمكن أن يكون له تأثير كبير على تحسين رفاهية السكان وتقليل الاعتماد على الدعم الخارجي.
- إشراك المجتمع في الأنشطة الاجتماعية الترفيهية: يمكن لإنشاء مراكز دعم اجتماعي وترفيهي أن يعزز من قدرة المجتمع على التعافي. في تجارب مشابهة في مناطق الصراع، مثل العراق، أظهرت البرامج الاجتماعية الترفيهية تحسنًا في الحالة النفسية للأفراد.
- توفير العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص:
يطمح سكان قطاع غزة إلى بناء مجتمع يعزز العدالة الاجتماعية ويوفر فرصًا متساوية للجميع. فالحصار المستمر والنزاع الطويل قد أسهما في تفشي الفقر والبطالة، خاصة بين الفئات الشابة. وفقًا لتقرير البنك الدولي في 2022، بلغ معدل البطالة في قطاع غزة نحو 50%، بينما سجلت نسبة البطالة بين الشباب 70%. هذا الواقع أدى إلى شعور بالإحباط في صفوف الشباب الذين يعبرون عن رغبتهم في خلق فرص عمل وتطوير مهاراتهم بما يساهم في بناء مجتمع فلسطيني مزدهر.
في هذا السياق، يسعى السكان إلى تعزيز دور الشباب في المجتمع من خلال المبادرات المجتمعية والمشاريع التنموية التي تتيح لهم المشاركة في إعادة البناء والتعافي. يشمل ذلك تحسين مستوى التعليم، وتوفير فرص التدريب المهني والتقني، وإنشاء مؤسسات تعليمية وفنية تساهم في تمكين الشباب وتحسين آفاقهم المستقبلية.
من أجل تحقيق تعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة في الفرص، يجب:
- دعم ريادة الأعمال وتدريب الشباب: يجب على المؤسسات المحلية والدولية توفير برامج تدريبية موجهة للشباب، مع منحهم الفرص للانخراط في سوق العمل من خلال المشاريع الصغيرة والمتوسطة. أظهرت دراسة للبنك الدولي أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة يمكن أن يوفر أكثر من 10,000 فرصة عمل في غزة في غضون خمس سنوات.
- إعادة هيكلة التعليم المهني والتقني: ينبغي تعزيز التعليم المهني والتقني في غزة، حيث يمكن توفير برامج تدريبية في مجالات البناء، الصحة، والطاقة المتجددة، التي تساهم في تزويد الشباب بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل.
- إنشاء صناديق دعم اجتماعي للمحتاجين: يجب توفير الدعم المالي للمواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر، خاصة في المناطق الريفية والفقيرة. يمكن تمويل هذه الصناديق من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمؤسسات الإنسانية الدولية.
استنتاج
ربما يرهن الاحتلال الإسرائيلي مستقبل غزة وفق منظوره الاستعماري الرامي إلى تصحيح الخطأ التاريخي لحكومات إسرائيل السابقة في عدم استكمال عمليات الطرد والمحو والإزالة لسكان القطاع. يفسر هذا المنظور الاستعماري سبب ذهاب إسرائيل إلى إعدام كافة مقومات الحياة في قطاع غزة، وتحويله إلى بيئة طاردة لسكانه، وتحويل مسار التهجير القسري الذي كانت تسعى إليه في بداية الحرب، لتهجير طوعي مبني على فكرة الخلاص الفردي لسكان القطاع، الذين تعرضوا لعملية كي وعي ممنهج فيما يتعلق ببقائهم على الأرض بعد أن تخلت كافة القوى والفصائل عن أي دور لتعزيز صمودهم على الأرض طوال فترة الإبادة الإسرائيلية.
في إطار محاولتها لتحقيق هذا الهدف، ستعمل إسرائيل على تسيس ملف المساعدات، وإعادة الإعمار لإطالة أزمة المواطن الغزي، وجعل حياته بائسة للسنوات والعقود القادمة.
إلا أن الترتيب الإسرائيلي هذا قد يواجه تعارض مع التوجهات الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، والذي يسعى إلى استكمال مشواره السابق في ترتيب الشرق الأوسط على أسس تفاهمات أبراهام، والتطبيع الكامل بين الدول العربية وإسرائيل، وخصوصا المملكة العربية السعودية التي تعتبر الثمرة الكبرى في هذا الترتيب، والتي ينظر إليها ترامب باعتبارها منجم الذهب الذي يرغب في الهيمنة والاستحواذ عليه، وبالتالي، قطع الطريق أمام التقدم الصيني والروسي في الإقليم عامة، ومنافسته على السعودية خاصة.
ترى السعودية أن المدخل لموافقتها على الذهاب نحو الحلف الإبراهيمي يجب أن يستند على حل عادل للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، والذي أسست من أجله تحالف دولي يضم 66 دولة من أجل حل الدولتين. ويتعارض هذا الحل مع توجهات اليمين المتطرف في إسرائيل.
هنا يمكن القول أننا سنكون أمام صراع بين قوى إقليمية لكل منها رؤية مختلفة تجاه المستقبل الفلسطيني، مما يعني أن مستقبل الحل لم يعد شأنا فلسطينيا خالصا، وإنما تداخلت فيه عوامل أخرى غير فلسطينية. يقابل ذلك في الوقت نفسه ضعف فلسطيني داخلي وإنهاك شديد ناتج عن الانقسام الداخلي، وحرب الإبادة في غزة، إضافة إلى الحرب الصامتة التي يشنها المستوطنون في الضفة الغربية تحت جماية الجيش الإسرائيلي.
خلال كتابة هذا الاستنتاج دخلت الهدنة حيز التنفيذ في قطاع غزة، وبدأت مؤشرات اليوم التالي تتضح من خلال عدد من الإجراءات الميدانية، من أبرزها إدارة معبر رفح، الأمر الذي أعاد جزئيا وبشكل إداري فقط السلطة الفلسطينية في رام الله لإدارة المعبر مع البعثة الأوروبية، مع استمرار السيطرة الكاملة لإسرائيل في تحديد من يسمح له بالخروج أو العودة لقطاع غزة. كما تم استقدام شركات أمنية أمريكية لتفتيش النازحين العائدين إلى مدينة غزة وشمالها من جنوب القطاع. تلك التطورات تشير إلى أن القادم لمستقبل القطاع لن يعيد القطاع للفلسطينيين لإدارة أنفسهم بأنفسهم كما كان الحال قبل السابع من أكتوبر. بمعنى أن إدارة القطاع ستتجه في مراحلها الأولى نحو قبول وجود قوات دولية مشتركة، سواء كانت رسمية أو عبر شركات أمنية خاصة، بهدف خلق منطقة عازلة بين المواطنين وقوات الاحتلال. ومن المرجح أن تقوم إسرائيل بتركيز وجودها العسكري على طول حدود القطاع، مع اقتطاع مساحاته ما لا يقل عن 60كم كمناطق عازلة تحت مبررات أمنية.
سيرافق هذا التواجد للقوات الدولية أو الشركات الأمنية، وجود هيئة محلية لإدارة قطاع غزة، بموافقة السلطة الفلسطينية على غرار ما حدث في معبر رفح، على أن تقدم السلطة الفلسطينية أوراق اعتمادها وصلاحياتها لإدارة القطاع لاحقا من خلال جملة من الإصلاحات السياسية. وقد تشمل هذه الإصلاحات نقل كافة صلاحيات مؤسسة الرئاسة لصالح مجلس الوزراء، وإنشاء جهاز شرطي جديد لا يعادي إسرائيل وينسق معها، إضافة إلى إصلاحات أخرى مرتبطة بقطاع التعليم وتغيير المناهج الفلسطينية.
واضح أن تغيب حماس من مشهد الحكم بات قرارا دوليا وإقليميا وليس إسرائيليا فقط. وينظر إلى حماس كعقبة أمام تحقيق رؤية الشرق الأوسط الجديد التي طرحها دونالد ترامب، وهو ما يتطلب إنهاء أي دور مستقبلي لها وتحجيم تأثيرها في الشارع الفلسطيني، باعتبارها المسئولة المباشرة عن الكارثة التي لحقت بقطاع غزة.
ختاما، يمكن القول إن المستقبل المنظور لغزة لن يكون فلسطينيا خالصا. فالقطاع يواجه الآن عملية ترويض تهدف إلى عقلنة مواقفه وقبوله بما يُطرح في أروقة السياسية الدولية، دون أن يكون له تأثير فيها. وفي الأغلب، سيتم استخدام ملفات المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار كأدوات مساومة لاستكمال الأهداف التي بدأتها إسرائيل في حرب الإبادة.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.