- هل يمكنك التعريف بنفسِك وبعلاقتك بالحراك النوبي في مصر؟
أنا نوبية ولدتُ لأبٍ من قرية أبريم وأمٍّ من قرية توشكي شرق ، خليط من قبيلة الفاجيكا، إحدى القبائل النوبية الرئيسية. ما زلت أذكر أمي وهي تنظف البيت بالمكنسة وأنا أرقص خلفها على أنغام فنان إفريقيا الأول الراحل محمد وردي. أتذكر أهلي والتجمعات، وأتذكر جدتي فاطمة أوش الله وحديثها الجميل بالنوبية والعربية الضعيفة جدًّا. أتذكر حكاياتها التي تبدأ بالصلاة على النبي وتسترسل بالنوبية، التي لم أكن أفهمها أنا وأخوتي وبنات خالي، إلا أننا كنا ننتظرها على كلّ حال للاستمتاع بصوتها العذب. ولكن للأسف، لم يهتم أي فرد من عائلتي القريبة أو الممتدة بتعليمي اللغة النوبية، لهذا أعتبر نفسي خرساء لا أتحدث لغتي الأم.
من ذكرياتي الكثيرة تبرز ذكرى عمي الأستاذ عباس عندما أعطاني رواية "الشمندورة" للراحل محمد خليل قاسم، أبو الأدب النوبي. لم أنهِ الرواية، لكن استقر في وعيي مصطلحا "التهجير" و"الأرض". رسمت هذه الذكريات طريقي المستقبلي كناشطة في الحراك النوبي. من الأغاني والرقص والحكايات، أدركت أن ثمة تاريخاً وتراثاً يجب أن أخلّدهما. لم أدرك عمق القضية إلّا عندما التحقت بالجامعة لدراسة السياسة وقضاياها. وعندما أدركت القضية، كان أول ما اهتممت به هو التمييز والعنصرية، لأنهما يشكّلان عائقاً يومياً بالنسبة لي.
- كيف كان واقع الحراك النوبي قبيل ثورة 25 يناير وما هي أبرز القضايا أو المحطات التي مرّ بها؟
دعوني أذكر لكم بعض الحقائق عن التاريخ النوبي الحديث. في عام 1898، قُسّمت النوبة لأول مرة إلى نوبة مصرية ونوبة سودانية عند خط عرض 22 درجة شمالاً بموجب اتفاقية بين البريطانيين والمصريين. كان واضحاً أثر المستعمر الإنجليزي في تقسيم النوبة إلى آخر نقطة وصلتها الثورة المهدية . استمر تأثير المستعمر في بداية إنشاء خزانات في النوبة المصرية في عام 1902 لتوفير أقصى كمية مياه لزراعة القطن. بدأ الإنجليز بإنشاء خزان أسوان في عام 1902، وتعلية الخزان الأولى في عام 1912، وأخيراً التعلية الثانية في عام 1933. مع كل بناء أو تعلية للخزان، هُجِّر النوبيون إلى أعلى نقطة لمنسوب النيل. لم تساعد الحكومة المصرية النوبيين في مواجهة تهجيرهم آنذاك، بل وجد النوبيون أنفسهم غرقى في منازلهم واضطروا جبرًا أن يتركوها.
أما المحطة الفاصلة في تهجير النوبيين فتزامنت مع بناء السد العالي، أحد أكبر مشاريع مصر الحديثة. كان بناء السد يتطلب إنشاء بحيرة ناصر، ما أدّى إلى غمر العديد من القرى النوبية التي تقع على ضفاف النيل. الأمر الذي أدّى إلى تهجير النوبيّين خلال الفترة من تشرين الأول/أكتوبر 1963 إلى حزيران/يونيو 1964. نظّمت الحكومة المصرية التهجير ونقلت غالبية القرى المُهجرة إلى صحراء كوم أمبو، ما قصم ظهر النوبيين. لم تُستكمل غالبية المنازل، ومات عدد كبير من كبار السن والأطفال نتيجة الظروف القاسية للتهجير ونقص الرعاية الصحية. كانت الهجرة إلى كوم أمبو صعبة للبعض ونافذة أمل للبعض الآخر، إلّا أن النوبيين لم يكفّوا عن افتقاد "البلد القديمة". كان الفقد والتشرد في بلاد الله وفقر نوبة التهجير إلى كوم أمبو مقارنة بالبلد القديمة هو المحرك الرئيسي لحراك النوبيين.
- كيف كان واقع الحراك النوبي أثناء ثورة 25 يناير: كيف بدأت مشاركة النوبيين في الثورة؟ ما هي المنظمات الفاعلة آنذاك وما خصائصها من حيث الطبقة، العمر، الجنس، والجغرافيا؟
في آخر أيام ثورة يناير، يوم التنحي، كنت في شارع محمد محمود ورأيت تظاهرة صغيرة قادمة من عابدين، معقل النوبيين في القاهرة. كان المتظاهرون يحملون لافتة كتب عليها "دافي دافي ووه مبارك" أي "ارحل ارحل يا مبارك". كانت تظاهرة صغيرة الحجم، لكنها كانت بالنسبة لي خير تطبيق لمبدأ المواطنة. نحن مواطنون لنا كل الحقوق وعلينا كل الواجبات، ولنا خصوصية من الواجب مراعاتها. أثلجت صدري هذه التظاهرة واتجهت إلى التحرير حيث ذابت وسط الجموع وتركت أثراً كبيراً في قلبي وعقلي. بعدها بشهر، اشتركت في اتحاد شباب النوبة الديموقراطي وكانت واحدة من التجارب التي أفتخر بها. نشأت عدة كيانات شبابية بعد الثورة، بعضها اهتم بالثقافة واللغة والتراث، وبعضها الآخر كان مسيّساً. كان الاتحاد مسيّساً واختلفت الانتماءات الإيديولوجية بين الأعضاء، إلّا أن هذا لم يعرقل عمل الاتحاد. ما أحببته كنسوية هو وجود النساء في الاتحاد خارج الدور النمطي للنساء في الكيانات النوبية، حيث شاركن في اتخاذ القرار بدلاً من حصر دورهن بصنع الشاي وتقديم الضيافة كما هو سائد في الأشكال التنظيمية الأخرى.
كانت ثورة يناير فرصة للتعبير عما يجول في خاطر جيلنا. اشتبكنا مع الواقع السياسي واستطعنا أن نغيره. أتذكر في خضم الانتخابات الرئاسية، تصريح أحد قادة الإخوان المسلمين بأن الملوك النوبيين الذين حكموا مصر في مصر القديمة كانوا غزاة، وأن النوبيين جالية في مصر، ما استفزنا كشباب نوبي. اتفقنا كأعضاء في الاتحاد على أن نعتصم أمام النادي النوبي العام، واشترك معنا شباب جمعية بلانة، وهي جمعية نوبية أخرى تعمل على الحفاظ على التراث الثقافي واللغوي للنوبة. بالفعل، نجحنا بمنع زيارة الإخوان للنادي النوبي مقر كل النوبيين ولم نقبل اعتذارهم عما بدر منهم.
يتسم العمل السياسي النوبي بعدة صفات بعضها إيجابي وبعضها سلبي. من أولى خصائص الحراك النوبي أنه منظم بين القاهرة والإسكندرية والسويس وقرى التهجير. وتوجد بنى تنظيمية مثل لجان المتابعة وجمعية المحامين النوبيين وكذلك جمعيات القرى في مدن الهجرة. إلّا أن التحدّي الأساسي هو أن العمل النوبي بقي موسمياً، فلم يتم وضع خطة واضحة او استراتيجيات. انحصر عمل النوبيين على ردود الفعل بوجه النظام، في ظل غياب أي استباق أو توقع لخطوات الحكومة. على صعيدٍ آخر، من أهم ما يتصف به الحراك النوبي بأنه جماعي، ليس مقتصراً على مدينة وقبيلة وقرية، بل يتحرك النوبيون ككتلة واحدة ويسعون إلى أهداف مشتركة، حتى لو كانت ردود فعل. أعتقد أيضاً أن ضعف العلاقات بين الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية يشكّل عقبة، حيث لا ينسق النوبيون إلّا أوقات الأزمات. أعتقد أن النوبيين المنخرطين في الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية يتحملون مسؤولية هذا الخطأ، فهم بإمكانهم أن يلعبوا دور حلقة الوصل بين الطرفين. أخيراً، وهو أسوأ ما تتسم به النشاطية النوبية، هو بعد الشباب والنساء عن دوائر صنع القرار. تنخرط النساء عادةً في البنى التنظيمية لتقوم بأدوار تقليدية، إما اجتماعية أو تراثية، في حين أن عدد النساء في الدوائر السياسية قليل جداً. كذلك الشباب، فهم وقود الحركة والفاعل الأساسي فيها، إلا أنهم ليسوا صناع قرار. أعتقد أن هذا هو السبب وراء استخدام الشباب وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن رأيهم وبناء هياكل تعبّر عن أفكارهم.
- نظراً للمشاركة الفاعلة للشباب والنساء النوبيين في ثورة 25 يناير، هل غيّر ذلك بشكل التنظيم النوبي وفعالية الشباب والنساء وتأثيرهم في الحراك؟
أحدثت الثورة تغييراً ملموساً في تمثيل الشباب والنساء في تنظيمات المجتمع النوبي. أصبح من المعتاد أن تجد مؤسسات أو تجمعات شبابية، واندمجت النساء وتم تمثيلهن في كيانات شابة أو تقليدية. على سبيل المثال، تكونت مجموعة "نبض النوبة" بعيداً عن المركز في الإسكندرية، وتلتها أو تزامنت معها حركات نسائية أخرى. على الرغم من أن الكيانات التقليدية فتحت مساحة للشباب والنساء، إلّا أن وجودهم في كيانات جديدة كان ملحوظاً. كذلك تفاعلت هذه الكيانات الجديدة مع غيرها من الكيانات الشابة وليدة الثورة.
- كيف كانت العلاقة بين التنظيمات التقليدية النوبية مثل النادي النوبي العام والتنظيمات الحديثة أو الشبابية التي أُنشئت خلال الثورة؟
اشتبكت الحركات الحديثة أحياناً مع الكيانات التقليدية، كما شاركت في أنشطة ترعاها هذه الكيانات. أتذكر يوم رفض الشباب زيارة عصام العريان، قيادي الإخوان المسلمين، الذي أراد أن يعتذر من عموم النوبيين بعد أن وصفهم بأنهم غير مصريين و"غزاة". تحرّكت أكثر من حركة شبابية ورفضت زيارة العريان، بينما وافق ورحب ممثلو الكيانات القديمة ودافعوا عن الإخوان. أتفهم أن هناك جدلاً حول الإخوان وغيرهم من الفاعلين السياسيين في مصر، إلا أن أقصى حدة للخلاف بين الشباب والكيانات التقليدية ظهرت في هذه الحادثة.
- حدثينا عن تجربتك في الفريق الشبابي المساعد لحجاج أدول، ممثل النوبيين في اللجنة الدستورية: ما هي المطالب الأساسية للنوبيين آنذاك؟ ما الذي تم تبنّيه في الدستور؟
الزخم والشغف الذي أحدثته الثورة كان ملموساً. شارك النوبيون بكفاءة في الاستحقاقات الوطنية مثل الانتخابات وتشكيل لجان صياغة الدستور. في 2012، اختيرت الأستاذة منال الطيبي كشخصية عامة في لجنة الدستور الأولى تحت حكم الإخوان المسلمين، لكنها لم تحقق نجاحاً يُذكر بسبب التعنت الواضح من الإخوان ورفضهم مقترحاتها. في عام 2013، تولى حجاج أدول مهمة تمثيل النوبة في الدستور واشترط على النوبيين تكوين فريق مساعد يعينه في مهمته. بالفعل، تقدّمت مجموعة من الشباب لمساعدة أدول، وافتخر بأنني كنت من ضمنهم. عمل ممثل النوبة ولجنته المساعدة على إقرار عدة حقوق في الوثيقة الدستورية. كان البند الأهم هو مطلب العودة إلى ضفاف بحيرة النوبة وتنمية المنطقة بحلول عام 2024. وأضيفت إليها سلّة من المطالب المكمّلة مثل الاحتفاء بالهوية النوبية والحفاظ عليها. إلّا أن هذا الاقتراح أثار حفيظة العروبيين لأن النوبيين اقترحوا تدريس اللغة النوبية في مدارس قرى التهجير وفي الجامعات كلغة مصرية إفريقية. ومن الاقتراحات الأخرى، الحفاظ والاعتراف بكل روافد الثقافة المصرية والانتماء إلى إفريقيا، إضافة العرق واللون والمنشأ الجغرافي إلى مادة عدم التمييز في الدستور. ولجعل هذا الاقتراح أكثر متانةً، أضيف بند يطالب باعتبار الاتفاقيات الدولية جزءاً من التشريع المصري في حال تصديق مصر عليها.
- برأيك، ما هي العناصر التي شجّعت نجاح المساعي في تبني المطالب النوبية في دستور 2014؟
كانت العملية السياسية من 2013 إلى 2014 ناجحة رغم وقوف الإخوان لفترة بوجه إصدار دستور مصري يعكس آمال وطموحات المصريين. فنجحت الكيانات المدنية بالضغط على لجنة الخمسين للوصول إلى اتفاق وإصدار الوثيقة الدستورية التي اعتُبرت متوافقة مع التوقعات والمطالب. لعب النوبيون دوراً واضحاً في الضغط على اللجنة منذ بدء أعمالها، من خلال إبراز أهم المطالب ورفع سقف التوقعات منها. كما شاركت اللجنة المساعدة لأدول في الاستماع إلى النوبيين والاستجابة لمطالبهم وإيصالها إلى كافة أعضاء اللجنة.
- هل تحقّقت أي من الإصلاحات التي تبنتها الوثيقة في 2014؟ ما هي القرارات الجمهورية بعد 2014 التي أثرت على حقوق النوبيين؟
لم يتحقق أي شيء يُذكر من الإصلاحات. اللغة مازالت مهددة بالاندثار، والقائمون على تعليمها يعملون بمجهود فردي من دون أي دعم حكومي، والثقافة مازالت تقدّم بشكل فولكلوري من دون الحفاظ عليها بأي شكلٍ من الأشكال. ما زلنا ننتظر تطبيق المادة 236 الخاصة بالعودة خلال عشر سنوات، لكن المشكلة ليست فقط في تطبيق المادة، بل ازداد التمييز وأصدر الرئيس قرارات جمهورية عقّدت الموقف وانتهكت حقوق النوبيين كسكان أصليين للأرض في النوبة القديمة، مثل القرارين 444 و355. كما أنه لم تُنشأ مفوضية التمييز التي كان من مهامها التحقيق في دعاوى التمييز والعنصرية ضد النوبيين أو غيرهم من المواطنين المصريين.
للأسف، لم تكن سنة 2014 سنة جميلة نحتفل فيها بإقرار حقوق النوبيين في القانون الأعلى للوطن. صدر القرار 444 الذي يعتبر أراضي 17 قرية من قرى العودة حدوداً عسكرية لا يجوز فيها السكن أو التنقل، ما يعني اقتطاع 17 قرية من إجمالي 44 من أراضي العودة. وفي عام 2016، صدر القرار الجمهوري 355 الذي يقضي بتخصيص أراضٍ مملوكة للدولة لصالح المستثمرين، منها في توشكي وفورقندي التي تُعد جزءاً من أرض العودة. أقام الشباب النوبي اعتصاماً في أراضي العودة اعتراضاً على القرار الجمهوري، ولم يتم إلغاء أي من القرارين، سواء 444 و355، اللذين ينتهكان قدسية أراضي العودة وحق النوبيين الدستوري في العودة والتنمية.
النوبيون يُعتبرون أقلية ثقافية وعرقية، إلا أنهم أيضاً سكان أصليون مرتبطون بأراضيهم بشكل تاريخي وجماعي.
- كيف كانت ردود فعل النوبيين على هذه القرارات؟
كانت ردود فعل غاضبة لم تتعدَّ الفضاء السيبراني. قامت الجمعية المصرية للمحامين النوبيين برفع قضية ضد هذه القرارات. تحرك النوبيون في 2016 و2017، إلا أنهم لم يتمكنوا من بناء حراك دائم أو حركة ضغط شعبية. منذ معتقلي الدفوف، لم تقم أي حركة أو احتجاج منظم من النوبيين على الرغم من استمرار الانتهاكات. على سبيل المثال، انتهت الفترة الانتقالية للمادة 236 أو مادة العودة في 2024، إلا أن ردة فعل النوبيين بقيت رمزية.
اختار نوبيو أسوان، وخاصة من الاتحاد النوبي العام، إقامة وقفة احتجاجية في يوم تعامد الشمس على وجه تمثال رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل عام 2016، احتجاجاً على القرار 444. أكدت هذه الوقفة عدم مركزية النضال النوبي وعدم اقتصاره على العاصمة، بل شمل كل النوبيين "النشطين" سواء في قرى التهجير أو المدن الكبرى.
في 2017، نظم النوبيون مسيرة الدفوف في مدينة أسوان، واعتقل منهم 24 شخصاً، ومات في السجن رجل الأعمال الراحل جمال سرور. لا لشيء إلا لأنهم يعبرون عن ثقافتهم ورفضهم لانتهاكات الدولة بحقهم. انتهى الحراك النوبي حتى حينه، ولا أنكر أن بعض النوبيين تحمسوا قليلاً للدفاع عن المسجونين، إلا أن الحراك بقي بطيئاً واتّسم بعدم الشمولية، حيث لم يتجمع الكثيرون حول أهالي الضحايا والناشطين الذين يتولون إنجاز هذه المهمة.
- شهدنا مؤخراً حملات عنصرية في مصر تدّعي أن المصريين "الأصليين" ليسوا أصحاب بشرة سوداء أو أفارقة، كيف يختبر النوبيون ذلك؟ وما هي ديناميات العلاقة مع باقي المجتمع في مصر؟
للأسف، تفشت العنصرية ومعاداة الأجانب في مصر، ما يثير قلق بعض النوبيين، لأن البعض يعتقد أن النوبيين جزء من الجالية المهاجرة أو اللاجئة. في عام 2014، قامت الرسامة فاطمة حسن بنشر سلسلة من الرسومات الكاريكاتورية التي تسيء إلى السود. شن النوبيون حملة ضدها على وسائل التواصل الاجتماعي حتى اعتذرت، وكان لهذه الحملة دور كبير في توعية الكثير من المصريين بأن العنصرية مرفوضة، وقد تضامن الكثيرون مع الحملة.
نجحت هذه الحملة بإشراك الكثير من النوبيين غير المسيسين، إذ انضم العديد منهم إلى المنظمين. بشكل شخصي كنت أتمنى أن يُفتح النقاش حول مفهوم العنصرية في مصر، لأن البعض ينكر وجودها ويدّعي أنها مرتبطة فقط بالرجل الأبيض، بينما أعلم علم اليقين أن العنصرية كراهية توجد في أي مجتمع.
- كيف يتفاعل النوبيون المغتربون مع الحراك النوبي من خارج مصر؟ وهل هناك أي تحركات تحصل في الخارج؟
الحراك النوبي خارج مصر غير منظم وذو طابع فردي. على الرغم من وجود تنظيمات للنوبيين، إلا أن الحراك يتصدره أفراد. قد يكون هؤلاء الأفراد قادرين على تنشيط النوبيين، لكن الحراك لا يتخذ شكلاً مؤسسياً.
- ما هو أملك للمستقبل؟ هل برأيك هناك مداخل لإعادة تحريك النضال يمكن للنوبيين استغلالها؟
للأسف، المعادلة الحالية للقوى في مصر تقتل أي أمل، لكن يجب أن نأمل الخير في المستقبل حتى نستطيع أن نحيا. كما ذكرت سابقاً، النوبيون منظمون اجتماعياً، ما يسهل تنشيط الحراك السياسي. وما زال الشباب مشحونين بأمل العودة، وهناك محاولات لتعليم اللغة مثل تطبيق "نوبي" على الهواتف ومدارس اللغة النوبية في جمعيات البلدات النوبية. أشعر دوماً أن الحلم في حد ذاته قوة، وأحلم بوطن يحترم فئاته وثقافتهم وتراثهم ليس على الورق فحسب، بل في التطبيق.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.