1تشرين الأول/ أكتوبر
2018
حو شباب تونسي منخرط سياسيا:  مقاربات جديدة للعمل السياسي

- © EPA-EFE - Mohamed Messara

نظّمت مبادرة الإصلاح العربي، من ضمن برنامجها البحثي الواسع "الشباب العربي كفاعل سياسي"، في 3 حزيران/يونيو 2018 في تونس العاصمة بتونس، اجتماعًا حواريا سياسيا، ضمّ 18 ممثلاً عن مجموعات من الناشطين الشباب، جنبا إلى جنب مع ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية التقليدية. وكان الهدف من وراء هذا الحوار مناقشة نماذج التحرك والفعل والأشكال الجديدة لمشاركة الشباب التونسي بوصفها ممارسات بديلة في العمل السياسي، كما هدف الحوار إلى معالجة مسألة محدّدة، وهي القطيعة العميقة ما بين الشباب الناشط والحقل السياسي التقليدي. وقد اتفق المشاركون في هذا الاجتماع، سواء أكانوا من الناشطين الشباب أنفسهم أم من ممثلي البنى السياسية التقليدية ومن مكونات المجتمع المدني، على الأهمية الحاسمة لفهم أسباب هذه القطيعة وضرورة إيجاد السبل التي تعزّز الأشكال الجديدة من مشاركة الشباب. بيد أن إيجاد مخرج للمضيّ قدما كان وما يزال موضع جدل ساخن. وقد تألّف الحوار السياسي في تونس من أربع عروض قدمها ناشطون شباب، تبعتها جلستا نقاش أدارهما الباحث الرئيسي لبرنامج تونس في المشروع، الدكتور منير السعيداني.

العروض

  • مالك صغيري، مانيش مسامح

ركّز مالك صغيري، الناشط الشبابي الذي يعمل بحماس في حملة "مانيش مسامح"، خلال عرضه على مسألة فقر التمثيل السياسي للعديد من القطاعات الاجتماعية، التي وجدت نفسها بعيدة عن متناول كلّ من الاتحاد العام التونسي للشغل – الذي لا يزال راسخًا في الطبقة المتوسطة – والأحزاب السياسة على الرغم من الارتفاع الكبير في عدد هذه الأحزاب وشدّة تنوعها منذ عام 2011. ومع ذلك، فإن هذه القطّاعات، كما بيّن صغيري، هي القاعدة الطبيعية للأحزاب الليبرالية واليسارية. ومن هنا جاء دور "مانيش مسامح" لتوحيد هذه القطاعات الاجتماعية المتنوّعة والممثلة تمثيلاً ناقصاً من جهة، وانتقادا للطابع الهرمي للأحزاب السياسية التونسية وللعلاقة التسلّطية التي تقيمها مع الفئات الأقلّ تمثيلا من خلال طريقة تنظيمها نفسها. وبهذا المعنى، تقدّم "مانيش مسامح" أسلوبا في التنظّم والتواصل يمكن اعتباره شكلا جديدا لتحقيق التمثيل السياسي يعالج النقص الذي يعتري تمثيلية الأحزاب السياسية التونسية ورسوخها الجماهيري ويمس كذلك الأطراف التقليدية الفاعلة في المجتمع المدني.

  • هندة الشنّاوي، صحفية

قدّمت هندة الشنّاوي، الصحفية المتخصّصة في تغطية الحركات الاحتجاجية والمطلبية التونسية والأشكال الجديدة للنشاط الجماعي، عرضا ركّزت فيه على الأشكال التنظيمية التي تعتمد في تلك التحركات والمعضلات التي تواجه الشباب في جهودهم لتحقيق تأثير سياسي ذي مغزى. والسؤال الأساسي، كما تحدّده الشنّاوي، هو: كيف يمكن للشباب أن يحافظوا على أشكالهم الحالية من التفاعل ويكونون في نفس الوقت أكثر كفاءة ويحققون الاستمرارية؟ ترى الشناوي أن المبادرات الشبابية تتميز بالابتكار على مستوى التنظيم والانتشار، وأنها تعزّز مبدأ الأفقية في الحوكمة وآلية صنع القرار، وتستخدم اللهجة المحكية في الخطاب السياسي وتجهد لتجنب المأسسة أو التحول إلى منظمة مجتمع مدني تقليدية. بيد أن هذه الأشكال أثبتت أنها أقلّ فاعلية من الأشكال التقليدية لعمل المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وهي مهدّدة حاليا بخسارة كوادرها بل ولاحقا بالحلّ نهائيا. ولذلك ترى الشناوي أن مسألة رفع الكفاءة وزيادة المتانة من الناحية التنظيمية يمثّلان تحديين حاسمين لنشاط الشباب التونسي في هذه المرحلة.

  • سمر التليلي، ناشطة

ركزت سمر التليلي، وهي ناشطة تساهم في العديد من الحملات والمجموعات، على الركود الذي انتهت إليه الهياكل ذات البنية الأفقية والتي تراعي الحوكمة الذاتية ضمن آلية اتخاذ القرار داخل مجموعات الشباب، مستشهدة بمهارة السلطات في استيعاب نشاطها في الشارع ومحاصرته أو حتى وأده. ولكنها ركزت، إلى ذلك، على قضية أخرى وهي تغيّر رسالة مجموعات الشباب نفسها، حيث استُبدِلت كَرْهًا جهود النضال من أجل إنهاء معاناة الفئات الأكثر هشاشة وتحقيق مطالب 2011 في العدالة الاجتماعية بجهود الناشطين لتحرير المعتقلين من رفقائهم أثناء الاحتجاجات وغيرها من حالات التعبئة. وفي معرض تحليلها استشهدت التليلي بسلسلة من المعارك الصغيرة التي خاضتها الحركات والحملات وغالبا ما فاز فيها أصحاب السلطة في مواجهة مجموعات الشباب وشرحت الطريقة التي نجحت بها التغطية الإعلامية في تشويه صورة نشاط الشباب من خلال التركيز على الصراعات الداخلية التي تشقه وعلى الصور السلبية التي اعترت بعض هذه الحركات الاجتماعية. وردّا على ذلك، راحت مجموعات الشباب تصرف طاقتها على إعادة تأهيل صورتها العامة بدلاً من تحقيق أهدافها الاجتماعية والاقتصادية الأوسع. ولعلّ إحدى المعضلات الرئيسية التي تواجه مجموعات الشباب، على هذا النحو، هي النقاش حول ما إذا كان يجب التركيز على الأهداف قصيرة المدى المرتبطة بالمجموعات نفسها، أو على الأهداف طويلة الأجل المرتبطة بعمليات أوسع نطاقاً للتغيير الاجتماعي والسياسي. وتوضح التليلي أن حالة النشاط الشبابي في تونس تزايد ضعفها بفعل استقطاب قادة المجتمع المدني التقليدي لقيادات الناشطين الشباب وعمل السلطات على ترسيم الحيز المادي للحراك الشعبي والحد منه وإعادة تأسيس النظام المكاني للمعارضة والحركة الاحتجاجية. وقد ترافق هذا الانخفاض في الحيز المادي الجغرافي للنشاط الشبابي مع تزايد قدرة السلطات على تحديد مسار الغضب الشعبي وإعادة توجيهه، مما قلّل من أعداد الجمهور المحتمل للحركات الشبابية. وتدرك التليلي حاجة الناشطين الشباب للخروج من هذه المؤامرات وإيجاد طرق جديدة لإعادة توجيه طاقاتهم من أجل تحقيق الهدف الأوسع المتمثل في العدالة الاجتماعية، ولكنها تعترف مع ذلك بتعقد المسألة وبعدم وجود إجماع داخلي للقيام بذلك أساسا.

  • خيرالدين دبيه، ناشط بيئي

في العرض الذي قدمه خيرالدين دبيه، وهو ناشط بيئي في مدينة قابس، الواقعة في الجنوب الشرقي للبلاد التونسية، في إحدى المناطق الجنوبية المهملة، أشار إلى أن طريقة النشاط الشبابي في الانخراط في الفعل السياسي في مرحلة ما بعد 2011 قد أسفرت عن ظهور أسلوب جديد من "ممارسة السياسة" تجاوز قدرات القوى السياسية التقليدية. وكما يفصّل دبيه، كان التحركات الاحتجاجية والمطلبية ونشاط المجتمع المدني متقدمين على الأحزاب السياسية منذ عام 2011 من حيث فهم المخاطر السياسية والمظالم الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية المسلطة على الفئات المهمشّة، وكانت مجموعات الشباب، على وجه الخصوص، قادرة من خلال عملها على اكتساب معرفة تفصيلية وخبرات في القضايا البارزة التي تؤثر في الفئات الأشدّ فقرا في البلاد. غير أن نقص التنسيق بين المبادرات سرعان ما أدّى إلى خفض نجاحها. أما الآن فإن المجموعات الشبابية تتعرض حسب دبيه إلى خطر استقطاب شرعيتها الشعبية من قبل الأحزاب السياسية أو من قبل جهات فاعلة تقليدية أخرى مثل الاتحاد العام التونسي للشغل.

النقاشات

  • الجلسة الأولى

ركّز النقاش الذي أعقب تقديم المداخلات-العروض على العديد من القضايا العريضة، بما في ذلك الطريقة التي أثّرت بها (أم لم تؤثّر) أنماط التعبئة والتفاعل في تونس في المجال السياسي، والقدرات التي يتمتع بها الشباب والخيارات المتاحة أمامهم لتحويل أنماط مشاركتهم الحالية إلى أشكال من التنظيم السياسي أكثر استدامة وفعالية مما كانت عليه إلى حد الآن.

وعرض أحد المشاركين التغيّرات العميقة الحادثة في حقل العمل السياسي ليس فقط في تونس وإنما في جميع أنحاء المعمورة منذ عام 2011، والجهود المبذولة لتحويل التمثيل السياسي من الهياكل رأسية التشكيل إلى بنى ذات طبيعة أفقية، واستمرار الركود في العالم العربي، رغم ذلك، في الحركة الاجتماعية وانعدام القدرة على تحويل التحركات الاحتجاجية والمطلبية إلى قوى سياسية قابلة للحياة. ورداً على ذلك، طرح مشارك آخر مشكلة الكفاءة السياسية المتوفرة لدى هذه الحركات، مذكّرا بأن عمليات تنظّمها الخاصة لم تبدأ إلا في عام 2014، أي بعد انقضاء سنوات عدّة على الزخم الأوليّ للانتفاضات العربية، وبعد أن بدأ رد الفعل السلطوي العنيف ضد الحركة الثورية يلوح بشكل جدي. وعند هذه النقطة، كشف عدد من المشاركين في الحوار عن الهوّة القائمة بين أولئك الذين يرغبون في التغيير وأولئك الذين لديهم القدرة الفعلية على تحقيق ذلك. ويتجلّى ذلك اليوم في معسكرين متمايزين في مجال السياسة وما يكتنفه من جدل: أولئك الذين يدفعون من أجل إصلاح النظام القائم وأولئك الذين يسعون إلى تغييره بالكامل. وكشفت المناقشات أن المعسكر الإصلاحي يتمتع، في الوقت الحالي، بتأثير أكبر في مجال العملية السياسية، ورأى بعض المشاركين أن ذلك يعود إلى حد كبير إلى أن القوى الثورية افتقرت منذ 2011 إلى قائد رؤيوي قادر على تعبئة الجمهور. وبالفعل كان العام 2014، كما يشير المشاركون في النقاش، لحظة هبوط حرجة في العملية الانتقالية، حيث تمّ استبدال الجهد المبذول من أجل إحداث تغيير سياسي شامل بممارسة سياسة تشتغل على اليومي من دون رؤية استراتيجية استشرافية. ويقترن ذلك بنقص في الوضوح الفكري-السياسي-الإيديولوجي، وهو ما قلّل من إمكانية التأثير السياسي للحركات الاجتماعية.

أما فيما يتعلق بالأحزاب السياسية، فقد خلّف العام 2011 والأشكال الجديدة من المشاركة على امتداد الساحة السياسية في تونس تأثيرا هاما في أشكالها التنظيمية وبرامجها السياسية، حيث قامت العديد من الأطراف بتجريب أساليب جديدة فيما يتعلق ببرامجها ومواقعها الأيديولوجية، خاصة في الفترة 2011-2014. بيد أن السياق السياسي الواسع والذي تميز بالاضطراب القانوني والدستوري الذي عمّ البلاد منع التجارب الجديدة التي خاضتها بعض هذه الأحزاب السياسية من تحقيق تأثير ملموس في السياسات، بحيث ظل الكثير الغالب من الأحزاب يعمل بالهرمية الراسية، ولا تتمتع آلية اتخاذ القرار فيها بالشفافية، كما لا يزال التغيّب الجماهيري الواسع عن المناسبات التشريعية الرسمية عائقا أمام تحقيق الأهداف المرسومة لتغيير أنماط الفعل السياسي. ومع ذلك، كما يقول أحد المشاركين في النقاش، يتعيّن علينا أن ننظر إلى النتائج المخيبة للآمال التي حققتها الأحزاب السياسية حتى الآن في ضوء الفترة الزمنية المنقضية وهي قصيرة، علما أن عملية التحوّل الديمقراطي وتغيير أساليب العمل السياسي هي عملية طويلة وأن الأحزاب السياسية التونسية لا تزال في مهدها. وبالمثل، لم يكن نشطاء المجتمع المدني قبل عام 2011 يتمتعون بخبرة كبيرة في مجال الاحتجاجات السياسية والتعبئة، وبالتالي يمكن فهم الصعوبة التي واجهوها في اعتماد سبل التنظّم الجديدة والهيكليات الأفقية الأكثر كفاءة في التحول إلى قوى سياسية أكثر ديمومة باعتبارها جزءًا طبيعيًا من عملية التعلم والتطوير.

على أن النقاش كان مدخلا لجدل أكبر وأكثر أهمية حول الإبداع في المؤسسات وما إذا كان على الحركات الاجتماعية الشبابية أن تعيد تنظيم نفسها على هيئة أحزاب سياسية أم لا لكي يكون تأثيرها أكثر أهمية في السياسات العامة وعلى طريق تحقيق العدالة الاجتماعية. فمن ناحية، قد تعني عملية إعادة التنظيم على هيئة حزب سياسي تضحية في مجال الحرّيات والديمقراطية والأفقية والتشاركية في سبيل مشاركة سياسية ذات طابع حزبي، ولكنها مع ذلك، وإذا ما اقترنت بهياكل أكثر حبكة وهرمية، قد تؤدي إلى كفاءة أكبر وفعالية سياسية أوضح. ومن ناحية أخرى، وفي الوقت عينه، لا تزال الرغبة في البقاء بعيدا عن الأحزاب السياسية تلقى صدى لدى العديد من الناشطين الشباب، بسبب خيبات آمالهم من السياسة التقليدية، كما لا يزال لديهم طموح لإيجاد طريقة للتنظيم السياسي تختلف عن أسلوب الأحزاب السياسية، على طريق إبداع أنموذج تنظيمي لا يعيد إنتاج نماذج الماضي.

وتطرّق النقاش إلى شرح أسباب الانقسام الحاصل بين الأحزاب السياسية والمجال السياسي التقليدي التمثيلي عموما من جهة والنشطاء الشباب من جهة أخرى، وتأثير ذلك في الأشكال الجديدة لمشاركة الشباب السياسية وفعلهم. وبيّن أحد المشاركين كيف يمكن للأحزاب السياسية إشراك النشطاء الشباب من خلال استخدام قوائم مستقلّة أثناء العمليات الانتخابية، وما يستتبع ذلك من إعادة إنتاج للهرمية في إطار الحركات الاجتماعية. وفي مثل هذه الحالات، يؤدّي عدم وضوح الناشطين الشباب فيما يتعلق بالخبرة بكيفية اشتغال النظام السياسي وكيفية موضعة أنفسهم فيه، ونقص كفاءتهم من حيث التنظيم السياسي بشكل أعم، إلى عدم قدرتهم على إنتاج أنموذج سياسي جديد. ولم يبيّن النقاش، كما هو الحال في واقع الممارسة السياسية في تونس، وجود إجماع حول ما إذا كانت الأحزاب السياسية تستطيع أن تكون حليفاً لمبادرات الشباب أم أن ذلك من واجباتها الأكيدة. غير أن مشاركا آخر يعتقد أن مشكلة الانقسام بين الطبقة السياسية التقليدية والشباب وآثارها السلبية في إشراك الشباب ليست خطأ الأحزاب السياسية فحسب، بل إن مجموعات الشباب تحمل أيضا جزءا من المسؤولية، بسبب الانقسامات الداخلية التي تخترقها والتي تجب معالجتها.

وعلى الرغم من الإحباط العام وخيبة الأمل في غياب التجديد السياسي سواء على مستوى الأحزاب أم ضمن أشكال المشاركة الشبابية الجديدة، فإن المشاركين أقرّوا بتحقق بعض الإنجازات. فقد تمّ تعميم الكفاح من أجل المواطنة بين السكان، مما يدلّ على تنامي الوعي بالحقوق وعلى تغير العلاقة بين الفرد والدولة؛ غير أن المشكلة لا تزال في انعدام وجود استراتيجية ملموسة لتحويل هذا الإحساس الجديد بالمواطنة إلى أهداف سياسية وتشريعية يتم النضال من أجلها.

  • الجلسة الثانية

دارت المناقشة خلال الجلسة الثانية من الحوار السياسي حول موضوعة التجديد السياسي بشكل عامٍّ. وتمّ عرض مسألة الكفاءة أي القدرة على تحقيق الأهداف السياسية ووضع الرؤية السياسية موضع تحقيق فعلي، باعتبارهما العنصرين الذين ينبغي إيلاؤهما الأولوية القصوى ويتعيّن على أية قوة سياسية أن تسعى إليهما. ومع ذلك، فإن طرق تحقيق هذه الكفاءة ليست واضحة. وتمّ الاستشهاد أثناء النقاش بوسائط الإعلام بكافة أشكالها في تونس بوصفها عائقا رئيسيا، نظراً لطبيعتها الفاسدة وقدرتها على التأثير في الرأي العام. على نطاق أوسع، اعتُبر المشهد السياسي الحالي في تونس عقبة هو أيضًا، نظراً للتهديدات التي تواجه عملية الانتقال الديمقراطي من بعض التشريعات مثل "قانون المصالحة" الذي يمنح العفو للمسؤولين الحكوميين في عهد بن علي.

ولكن، وبغض الطرف عن هذه العقبات، يتساءل المشاركون أيضًا عن الاستراتيجية التي ينبغي أن تتّبعها حركاتهم لتحقيق الكفاءة المرجوّة. هل ينبغي عليهم مثلا أن يحصروا نشاطاتهم في قضيتين أو ثلاث من القضايا السياسية الرئيسية من أجل تركيز طاقاتهم؟ وكيف يمكن لمجموعة من الحركات التي تناضل على امتداد البلاد، وبشكل مستقلّ عن بعضها البعض، جغرافيا وقطّاعيا، أن تتّحد سويّةً من أجل زيادة جماهيرية قواعدها المؤيدة. وقد بينت المناقشات أن هذه قضايا مهمة يجب على مبادرات الشباب أن تعالجها من أجل محاربة الركود الحالي واستمرار إسهامها في التجديد السياسي في تونس. فالبلاد لديها مؤسسات متينة نسبياً، وهي نقطة في صالح أهمية الفعل السياسي ورسوخه، بيد أن هذه المؤسسات لا تعالج بالضرورة المطالب الشعبية الواسعة للتمثيل والعدالة الاجتماعية. وبالتالي، ومثلما بين النقاش، فإن إحدى القضايا الرئيسية الأخرى تتمثل في الدور الذي يمكن أن يُسهم به النشطاء الشباب في البلاد، وهم الذين يعبرون حاليا عن سخطهم العميق عن المجال السياسي التقليدي، على المستوى المؤسسي والقانوني لتجديد تونس سياسيا، وبطريقة تلبي مطالب معركة 2011 من أجل العدالة الاجتماعية والمساواة.