ورش الحماية الاجتماعية: هل يتغلب المغرب على التحديات المطروحة؟

تمهيد

خلّفت سياسات التقويم الهيكلي التي تبنتها الحكومات المغربية خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي هشاشةً بنيويةً بين صفوف أوسع شرائح المجتمع المغربي. وما زالت مخلّفات هذه السياسات، وآثارها السلبية على الناس، تترك عدداً كبيراً من المغاربة على الهامش، من دون تعليم جيد ولا تغطية وخدمات صحية جيدة، ولا سكن لائق ولا عمل كريم. بقي تعاطي الدولة مع المعضلة الاجتماعية خلال العقود الماضية متأرجحاً بين سياسات انتقائية تبتغي تصحيح التفاوتات الاجتماعية والمجالية، الناجمة عن سوء توزيع الثروات والخدمات،1Larbi Jaidi. “Economic and Social Change in Morocco: Civil Society’s Contributions and Limits”, in Senén Florensa (ed.), The Arab Transitions in a Changing World: Building Democracies in Light of International Experiences. Barcelona: Institut Europeu de la Medditerrània, 2016, p.145. وبين سياسات استدراكية، للتخفيف من الآثار السلبية لبرنامج التقويم الهيكلي الذي عَمل على تقليص الاستثمار الحكومي في القطاعات الاجتماعية، مثل الصحة والتعليم. إذ برزت جلياً ضرورة القطع مع سياسات التخلي التي مَكَّنت ربما من التحكّم نسبياً في التوازنات الماكرو-اقتصادية، إلاّ أنها أثرت سلباً على التماسك الاجتماعي وشبكات الحماية الاجتماعية للسكان.2Mohamed Mouaquit, “droits économiques et sociaux”, in Développement démocratique et action associative au Maroc, Rabat : Espace associatif, 2004, p.86.

وحاولت الحكومات المتعاقبة لاحقاً إيجاد حلول لهذه المعضلات، التي كلّفت المغرب وما زالت، ثمناً باهظاً جعلته يحتل المراتب الأخيرة ضمن مؤشر التنمية البشرية (فاحتل المرتبة 123، ضمن هذا المؤشر في رسم عام 2022).3تقرير التنمية البشرية لسنة 2022، متاح على https://hdr.undp.org/system/files/documents/global-report-document/hdr2021-22pdf_1.pdf كان على هذه الحكومات التفكير في برامج ذات بعد اقتصادي واجتماعي تكون قادرة على الخروج بالمغرب من آثار سياسات التقويم الهيكلي القاسية، وتحويل الاقتصاد المغربي من اقتصاد تابع يعتمد أساساً على تصدير المواد الزراعية والمواد الأولية فقط، إلى اقتصادٍ منتج لصناعات ذات قيمة مضافة عالية، قادرة على إدماج جيوش العاطلين عن العمل ضمن دائرة الإنتاج الاقتصادي، وبالتالي تمتّعهم بحقوقهم في الحماية الاجتماعية الكاملة. إلاّ أن هذه الحكومات لجأت إلى حلولٍ ترقيعية مرتجلة، غلب عليها البعد الإسعافي والإحساني، من دون أن تساهم في انتشال الفئات الهشّة والفقيرة من دوائر الإقصاء والتهميش. فكلّ البرامج التي وُضِعت في هذا السياق لم تخرج عن الخلفية النيوليبرالية لهذه الحكومات التي أولت الأهمية كثيراً لاقتصاد السوق، وللتوازنات المالية والماكرو-اقتصادية، على حساب فقر وبؤس فئات واسعة من المجتمع. لذلك، جاءت برامج المساعدات الاجتماعية لذرّ الرماد في العيون وتكريس الفوارق بين المغاربة، في ظل غياب سياسات اجتماعية واقتصادية تروم العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات. هذه البرامج كانت محطّ انتقادات وتقييم سلبي من كل أطراف الدولة، بما فيهم الملك الذي أقرّ بأن هذه البرامج يطبعها التشتت بين القطاعات الوزارية وضعف التناسق في ما بينها وعدم القدرة على استهداف الفئات التي تستحقها، وعلى الاستجابة بفعالية لحاجات المواطنين الذين لا يكادون يلمسون أثرها.4خطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى جلوسه على العرش 28 تموز/يوليو 2018، متاح على https://cutt.us/zP2RH

ثم عمّقت جائحة كوفيد-19 الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية لغالبية فئات المجتمع المغربي، وفضحت بشكلٍ واضح محدودية هذه البرامج وضعفها في صيانة كرامتهم، في ظلّ غياب منظومة فعّالة ومنصفة للحماية الاجتماعية، ما عجّل في اقتناع الملك والطبقة السياسية بضرورة التسريع في مراجعة أسس هذه المنظومة، والعمل على تعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة قبل حلول عام 2025.

من جهةٍ أخرى، تزامن انتشار الجائحة مع تقييم المغرب ومراجعته لنموذجه التنموي، الذي أخفق في إدماج كلّ المغاربة في دينامية التنمية، التي ما تزال تستهدف التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية والبشرية. وبدأ بذلك التفكير في نموذج تنموي جديد يقطع مع السيرورة، التي آلت إلى الاختلالات البنيوية التي شُخصّت في بلادنا على مستوى التربية والتكوين والصحة والسكن والتشغيل والخدمات العمومية والحماية الاجتماعية.5حوار الاقتصادي نورالدين العوفي مع موقع "لكم"، متاح على https://lakome2.com/interview/175988//

ورش تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب: بين الوعي بعجز المنظومة الحالية وتنفيذ الالتزامات الدولية للدولة

في مناسبتين متقاربتين، أعلن الملك محمد السادس عن فشل النموذج التنموي في المغرب6خطاب الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر2017، متاح على https://cutt.us/BSBhg الذي كان من نتائجه إقصاء فئات عريضة من المغاربة عن الاستفادة من خيرات التنمية الاقتصادية، مع ما يرتبط بذلك من ضعفٍ وهشاشةٍ في منظومة الحماية الاجتماعية وتغطيتها للمواطنين. وتقاطع والتقى هذا الإعلان مع ما كانت ترافع من أجله النقابات العمالية والمنظمات الحقوقية، وهو ضرورة إرساء عدالة اجتماعية ترتكز على مبدأ التضامن والتوزيع العادل للثروات. فذكر رئيس الدولة في خطابه أمام البرلمان،7خطاب الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2017، مرجع مذكور. عجز منظومة الحماية الاجتماعية في المغرب وحجم الخصاص الاجتماعي وسبل تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية التي كانت، بحسب كلمته، من أهم الأسباب التي دفعت إلى الدعوة لتجديـد النموذج التنموي، كما دعا الحكومة وجميع الفاعلين المعنيين إلى القيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية، وإلى اعتماد مقاربة تشاركية والتعجيل في تنفيذ هذه البرامج.

وبعد دعوة الملك، بدأ التحضير لانطلاق ورش مراجعة منظومة الحماية الاجتماعية لتوسيع وتعميم الحماية على جميع المغاربة وفي أسرع فترةٍ زمنيةٍ عبر رُزنامة حدّدها الملك، تنتهي بحلول 2025. إذ استُحدِث بمقتضى مرسوم8المرسوم رقم 2.21.532 المتعلق بإحداث اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، الجريدة الرسمية عدد 7043 لـ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة، لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، تضم في عضويتها ست سلطات حكومية ذات صلة بورش الحماية الاجتماعية.

ومن ضمن سياقات تنفيذ "ورش" توسيع وتقوية الحماية الاجتماعية في المغرب، يمكن أن نذكر كذلك ما أقرّه الدستور المغربي 2011، الذي كرّس في فصله الـ31 الحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وتنفيذ الدولة المغربية التزاماتها الدولية في مجال الحماية الاجتماعية، خصوصاً العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الاتفاقية رقم 102 بشأن المعايير الدنيا للتضامن الاجتماعي الصادرة عن منظمة العمل الدولية، والتوصية رقم 202 بشأن الأرضيات الوطنية للحماية الاجتماعية الصادرة عن المنظمة، وخطة الأمم المتحدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق عام 2030، التي جعلت من الحماية الاجتماعية واحدة من بين أهم غاياتها الأساسية، وضمّنتها صراحةً في الهدف الأول. إذ تشكّل الرفاهية والصحة الجيدة أحد أهم العناصر التي اعتمدتها أهداف التنمية المستدامة، على اعتبار أن ضمان حياة صحية وتعزيز العيش الكريم لجميع الفئات العمرية أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة. كما أكدت منظمة الأمم المتحدة أهمية الصحة في المنظومة الدولية، من خلال الإشارة إليها في عناصر شعارها: "السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة".

منظومة حماية اجتماعية معطوبة تترك ملايين الناس على الهامش

أجمعت التقارير المُنجزة من مختلف المؤسسات الرسمية الوطنية والدولية في تقييمها لمنظومة الحماية الاجتماعية الحالية في المغرب على أنها تعاني من تعدّد وكثرة البرامج الحكومية المتّخِذة لشكل المساعدة الاجتماعية، وتشتتها وضعف الحوكمة وغياب التنسيق في ما بينها، وانحصار فعاليتها ومحدودية أثرها على توفير الضمان الاجتماعي وفق المعايير الدولية.9حسن بويخف، أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف، متاح على : https://mipa.institute/9158 يضاف إلى ذلك الإنفاق الكبير من المال العام على هذه البرامج من دون تحقيق النتائج المرجوة. بينما أحصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، في دراسة مَسحية نشرتها عام 2018،10Ministère de l’économie, des finances et de la réforme de l’administration, ‘’Politique publique Intégrée de protection sociale 2020-2030 ‘’, (2019), https://uni.cf/3sYnwRs 140 برنامجاً اجتماعياً يشرف عليه 50 متدخلاً مؤسساتياً في المغرب. ووصل البنك الإفريقي للتنمية إلى الخلاصة نفسها ضمن تقريرٍ له عام 2016.11Banque Africaine de Développement, « Maroc programme d’appui à la gouvernance de la protection sociale (PAGPS) » (2016) https://bit.ly/36lxqFg, p15 إذ تفاقمت تأثيرات هذا التشرذم مع ضعف التنسيق بين الفاعلين في مجال الحماية الاجتماعية، وضعف الشفافية في ما يتعلق باختصاصاتهم.

بنيوية الهشاشة في منظومة الحماية الاجتماعية الحالية: حالة الصحة والتقاعد

  1. وضع التغطية الصحية

للوقوف على حجم هشاشة البرامج الكثيرة والمتعددة للحماية الاجتماعية في المغرب، ومحدودية أثرها على توفير التغطية الصحية الكافية وضمان الكرامة لعموم المغاربة، يكفي أن نذكر أن العدد الحالي للسكان الذين يستفيدون من تغطية صحية لا يتعدى 11,17 مليون مستفيد من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من مجموع سكان المغرب البالغ عددهم 38 مليون نسمة. المستفيدون إذاً هم أجراء القطاعين العام والخاص. وإذا أضفنا إلى هذا العدد 11 مليون مستفيد من نظام المساعدة الطبية، الذي وضعته الدولة للفقراء والمعوزين الذين لا يعملون أو دخلهم قارّ!، ويتوجهون عادةً إلى المستشفيات العامة التي لا توفر لهم غالباً الحد الأدنى من العلاجات، لا يتعدى مجموع المشمولين بالتغطية الصحية الأساسية 60% من مجموع السكان. ولا يزال المغرب في انتظار تعميم التأمين الإجباري عن المرض على الفئة المتبقية، ما كان يُفتَرض أن يتمّ قبل نهاية عام 2022، ويشمل 1 مليون مستفيد إضافي، هم المهنيون المستقلون، الذين لم يكونوا يستفيدون من أي تغطية صحية.

الشكل 1 : الجدولة الزمنية لتعميم التغطية الصحية12الجدولة الزمنية لتعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة - من عرض وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، شباط/ فبراير 2021 بالبرلمان، لتقديم مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية   .https://www.finances.gov.ma/Publication/cabinet/2021/Expose_M.%20Ministre_Parlement.pdf

ولعلّ أبرز مظاهر هشاشة المنظومة الصحية في المغرب، كون الأسر المغربية تتحمل العبء الثقيل لنفقات العلاجات الصحية. إذ تساهم بما يزيد على نسبة 50% في تمويل المنظومة الصحية، وهي نسبة كبيرة جداً إذا قُورنت بنسبة %18 في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ويضاف إلى ذلك التفاوت غير العادل - بين الطبقات الاجتماعية وبين المناطق الجغرافية للبلد - في الوصول إلى الخدمات الصحية بشكلٍ منصف وجودة عالية. إذ يصعب على سكان المدن والأرياف البعيدة عن المدن الكبرى الحصول على العلاجات الضرورية من دون الذهاب إلى هذه المدن حيث تتمركز المستشفيات الرئيسية، خصوصاً التابعة للقطاع الخاص، الذي نما وتطور بشكل سريع خلال العقد الأخير. فأصبح القطاع العام غير قادر على مواجهة الطلب المتزايد للسكان، خصوصاً ذوي المداخيل المحدودة وسكان الأرياف، الذين لا يحصلون على تغطية صحية كفيلة بتوفير العلاجات الأساسية والضرورية. إذ بدأ عدد الأطباء العاملين في القطاع الخاص في المغرب يفوق عدد العاملين في القطاع العام (13.625 طبيباً/ة في القطاع الخاص مقابل 12.454 طبيباً/ة في القطاع العام). ويبقى معدّل تغطية الأطباء لعدد السكان في المغرب من أضعف المعدلات في بلدان شمال إفريقيا، فيبلغ 7,1 طبيب/ة لكل 10.000 نسمة، مقابل 12 طبيباً/ة في كل من الجزائر وتونس، على سبيل المثال.

ويعاني نظام المساعدة الطبية الذي وُضع عام 2005 لفائدة ذوي الدخل المحدود من عدة اختلالات، لأنه تأسّس على فرضيات أصبحت متجاوَزة، خصوصاً في ما يتعلق بانتقاء المستفيدين، فالفئة الهشّة التي كانت مُستهدفة تجاوزت العدد المرتقب بنسبة الضعف، لتنتقل من 8,5 ملايين إلى 16,4 مليوناً. ما يعني أن نسبة الفقر والهشاشة بين صفوف المغاربة اتّسعت بشكلٍ متسارع خلال السنوات العشر الماضية، وشهد تمويل هذا النظام عدة مشاكل من جهة عدم ضمان استمرارية الموارد، وتضارب الاختصاصات في التدبير المالي بين وزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي. كما أن تقسيم المستفيدين من هذا النظام حسب الفقر والهشاشة، لم يعد موضوعاً مهماً، بسبب ارتفاع نسبة الفقر إلى أكثر من %82، ما جعل، حسب دراسة إكتوارية أُنجِزت عام 2013، المعدل السنوي للتكاليف ينتقل من 343 درهماً إلى 650 درهماً، بارتفاعٍ بلغ 90% مقابل زيادة طفيفة في الموارد، التي ظلت غير متكافئة مقارنة مع النفقات، ما أحدث عجزاً كبيراً لدى المستشفيات والمراكز الاستشفائية الجامعية، وجعلها غير قادرة على أداء مهامها العلاجية.13تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية بالبرلمان المغربي المكلفة بالمنظومة الصحية، متاح على https://cutt.us/yeYGu

أمّا في ما يتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، فيعاني بدوره من عدة اختلالات أبرزها تعدد الهيئات المدبّرة لهذا النظام (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، التعاضديات، وشركات التأمين الخاصة). والأدهى من ذلك، تعدد الأنظمة حتى داخل الهيئة نفسها أو الصندوق المدبّر، مع عدم التنسيق في ما بين هذه الأنظمة، سواء تعلّق الأمر بسلّة العلاجات أو نسبة الاشتراك أو الاسترداد. ويعاني هذا النظام أيضاً من غلاء الأدوية مقارنةً مع بلدان الجوار، أو حتى مع بعض البلدان الغنية كفرنسا وإسبانيا وإيطاليا. ونتيجةً لهذا الغلاء، تحمّل الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي وحده ما يفوق 292 مليون درهم خلال عام 2019. إذ تشكل الأدوية العبء الأكبر لهذا النظام، فتمثل من 34% إلى 40% من نفقات صناديق التأمين الصحي، بينما انتقلت ميزانيتها من 522 مليون درهم إلى 2,5 ملياري درهم للمستشفيات. ولا تساعد اللوبيات المتحكّمة بصناعة وتسويق الأدوية في تسهيل وصول الدواء الجنيس منخفض الثمن إلى السوق الوطنية، فلا تتجاوز نسبة تداوله الـ30%. مقابل ذلك، تتوسع لائحة الأدوية المبتكرة ومرتفعة الثمن، المعوّض عنها على الرغم من وجود أدوية أقلّ ثمناً وبفعالية مماثلة (في شكل الأدوية الجنيسة)، ما يهدد التوازنات المالية للصناديق المدبّرة للتأمين الصحي. وتفاقم الوضع خصوصاً بالنسبة إلى أدوية الأمراض المزمنة المكلفة التي يعاني منها من 6% إلى11% من المؤمّنين، وتكلّف نصف نفقات التأمين الصحي، إذ انتقل عدد الأدوية المعوض عنها من 1001 دواء عام 2006 إلى 4430 دواء عام 2018. وينعكس كلّ ذلك على النسبة المئوية التي يتحملها المؤمَّن، التي تبقى مرتفعة جداً، فتراوح بين %31.3 بالنسبة خدمات القطاع العام، و39,9% بالنسبة إلى خدمات القطاع الخاص عام 2016، ما يجعل أثر هذا النظام محدوداً على حماية المؤمّنين ومساعدتهم على مواجهة الظروف المادية الصعبة خلال فترة علاجهم.14تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية بالبرلمان المغربي المكلفة بالمنظومة الصحية: نفس المرجع.

ونبّهت "الشبكة المغربية للدفاع عن الحقّ في الصحّة والحقّ في الحياة "15بيان أصدرته الشبكة تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة، 7 نيسان/أبريل 2021. الحكومة المغربية إلى الوضع الصحي "المقلق" في المغرب، ليس فقط بسبب جائحة كورونا، بل بسبب ضعف التغطية الصحية التي لم تتجاوز حتى اليوم 46% من السكان، فضلاً عن تدني الإنفاق في مجال الرعاية الصحية الذي لم يتجاوز 45% طيلة السنوات العشر الأخيرة، ونسبة هذا الإنفاق الضئيلة من الناتج الوطني الإجمالي، وضعف الاستثمار في القطاع الصحي. وأفادت الشبكة أن ذلك أدّى إلى ارتفاع مستوى إنفاق الأسر المغربية من جيوبها في ظل جائحة كوفيد-19 "لتظل تتحمل الأعباء الصحية والكلفة الإجمالية للصحة، فضلاً عن ضعف جودة الخدمات الصحية وارتفاع معدل الوفيات داخل المستشفيات ومستعجلاتها". وأضافت الشبكة في أحد بياناتها الأخيرة، في مناسبة اليوم العالمي للصحة أن المغرب صُنِّف ضمن أسوأ عشرين دولة في التمتع بالرعاية الصحية والرفاه، وفق مؤشر " إنديغو ويلنس"، بسبب تدني جودة الخدمات الصحية وعدم رضى المواطنين عن مستوى الخدمات الصحية المقدمة بنسبة تفوق 80%. وسجّلت الشبكة أن هذا "الواقع المزري" لقطاع الصحة يدفع غالبية المواطنين إلى التوجه نحو القطاع الخاص، فضلاً عن اقتناء الأدوية بأثمان مضاعفة مقارنةً مع دولٍ أخرى. ولتجاوز هذا الوضع، دعت الشبكة الحكومة المغربية إلى وضع العدالة الصحية على رأس أولوياتها، مع ضرورة مراجعة جذرية لمنظومة الصحة وإحداث نقلة نوعية في مجال الرعاية الصحية، لتواكب التحوّل في تعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة، بمفهوم العدالة الصحية.

من جهتها، لم يفُت على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي واحدة من أكبر المنظمات الحقوقية في المغرب، التنبيه ضمن البيان العام لمؤتمرها الوطني، المنعقد خلال شهر يونيو/حزيران من عام 2022، إلى الوضع الصحي المزري في المغرب وتأثيره على تمتّع المغاربة بحقهم في الصحة، الذي تفسّره الجمعية بالنقص في الموارد المالية والبشرية وهشاشة البنى التحتية والنقص في الأدوية والتجهيزات وسوء التسيير والتدبير، وتخلّي الدولة عن مسؤوليتها الأساسية في ضمان الحقّ في الصحة للجميع. ويظهر ذلك في ضعف الميزانية المرصودة والصفقات المشبوهة للحكومة، خصوصاً إبّان انتشار وباء كورونا وضعف نظام التأمين الإجباري عن المرض (AMO) وعجز نظام المساعدة الطبية عن المرض للمعوزين "الراميد" عن إعطاء الحلول المنتظرة بعد سنوات من تطبيقه، وضعف مراقبة الدولة للمرافق الصحية التابعة للقطاع الخاص؛ ما جعل المواطنات والمواطنين عرضة للمضاربات التي تستنزفهم مادياً، وأدى إلى الإهمال الشديد للمرضى المصابين بأمراض عقلية ونفسية، وإلى ضعف البنيات الاستشفائية والنقص الحاد في الأطر الطبية المختصة في هذا المجال.

ولم ينجح نظام التغطية الصحية حتى الآن في إدماج عدد كبير من طلبة الجامعات، على الرغم من إصدار القانون المتعلّق بتعميم التأمين الإجباري عن المرض لفائدة طلبة الجامعات ومؤسسات التكوين المهني.16القانون رقم 116.12 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة. ولم يتعدّ َ عدد الطلبة المستفيدين من التغطية الصحيّة الإجبارية حتى عام 2020 مجموع 300 ألف طالب، من ضمن 1.170.836 طالباً وطالبة، وفق إحصائيات صادرة عن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي. والسبب وراء ذلك هو ضعف حملات الدعوة والتحفيز بين صفوف الطلبة لحثّهم على الانخراط في نظام التغطية الصحية، وإن كان معظم الطلبة يفضلون أن تتم هذه التغطية من دون الحاجة إلى دفع ذلك المبلغ الزهيد للانخراط (100 درهم، أي نحو 10 دولارات).

  1. وضع منظومة المعاشات

تشـكّل خدمـات التقاعـد مكوّنـاً رئيسـياً فـي نظـام الحمايـة الاجتماعية. فهي أيضاً تجسّـد حقاً إنسـانياً أساسـياً كرّسـه الإعلان العالمـي لحقـوق الإنسان، الـذي تبنّتـه الأمم المتحـدة عام 1948، والعهـد الدولـي الخـاص بالحقـوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافيـة (عام 1966). وترتكـز هـذه الخدمـات علـى مبـدأ الضـرورة، الـذي ذكـره عام 2001 قـرار المؤتمـر الدولـي للعمـل (منظمـة العمـل الدوليـة(، عندمـا أكـد أن "جميـع المجتمعـات تواجه اليـوم إشكالاً مفـاده أنـه لا يمكـن لأحـد أن يوفـر احتياجاتـه طيلـة مراحـل حياتـه عـن طريـق عملـه الشـخصي. فالمـرض والعجـز والبطالـة وتعليـم الأبناء والشـيخوخة، جميعها أمثلـة لفتـرات تتقلـص فيهـا القـدرة علـى الكسـب، لذلـك ينبغـي علـى كلّ المجتمعـات إرسـاء نظـام لمسـاعدة الأشخاص الذيـن يُحرَمـون مـن القـدرة علـى الكسـب".

وفي حالة المغرب، يعاني نظــام التقاعــد من ضعــف نســبة تغطيتــه للســكان النشــطين: فنحو 60% مــن الأشخاص النشــطين العاملين ، أي 2,6 مليــوني نســمة، غيــر مشــمولين بــأي نظــام للتقاعد، سواء للمعاشات أو تعويضات عن نهاية الخدمة، إذ تقتصـر أنظمـة التقاعـد الإجبارية علـى موظفـي وأجـراء القطاعيـن العـام والخـاص، فلا يتعدّى عدد المتقاعدين المصرّح عنهم 1.805.224 شخصاً في رسم عام 2018،17تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الحماية الاجتماعية في المغرب، متاح على https://cutt.us/Gr74f في ظل انتظار تطبيق القانـون رقـم 15.99 المتعلّق بإحـداث نظـام للمعاشـات لفائـدة المهنيّيـن والعمّـال المسـتقلّين والأشخاص غيـر الأجراء الذيـن يزاولـون نشـاطاً خاصّـاً، بحلول عام 2025، كما هو مسطّر في الجدول الزمني لتعميم الحماية الاجتماعية الذي أعدته الحكومة المغربية.

الشكل 2 : الجدولة الزمنية لتعميم الحماية الاجتماعية18الجدولة الزمنية لتعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة - من عرض وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، شباط/ فبراير 2021 بالبرلمان، لتقديم مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية .https://www.finances.gov.ma/Publication/cabinet/2021/Expose_M.%20Ministre_Parlement.pdf

وعلى الرغم من حملات المراقبة التي يقوم بها الصنـدوق الوطنـي للضمـان الاجتماعي لعمليات التصريــح عن الأجراء، التــي مكّنــت مــن رفــع نســبة تغطيــة أجــراء القطــاع الخــاص مــن 72% عام 2011 إلـى 82% عام 2016، فـإن عـدداً مهمّـاً مـن النشـطين ما زالوا غيـر مصـرح عنهـم لـدى الصنـدوق، أو مصـرّح عنهـم بشـكلٍ ناقـص. وما زال الحقّ في الاستفادة من معاشات التقاعد في المغرب موصوماً باللامساواة والتمييز السلبي ضد النساء. فهنّ أقـلّ اسـتفادة مـن التغطيـة في نظـام التقاعـد، بسبب ارتفاع نسبة البطالة بين صفوفهنّ. ومن نتائج ذلك أن نسبة النسـاء لا تتعدى حاليـاً 16% مــن عــدد المتقاعديـن، ويبلــغ متوســط مبلــغ المعـاش الـذي يتقاضينـه 865,1 درهمـاً، مقابـل 935,1 درهمـاً بالنسـبة إلى الذكـور. وكما تشـكل النسـاء 97% مـن مجمـوع المسـتفيدين مـن تحويـل معـاش التقاعـد، بمتوسـط معـاش يبلـغ 839 درهمـاً، مقابـل 894 درهمـاً للذكـور.19الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تقرير الأنشطة في رسم سنة 2016: النظام العام والوحدات الطبية، متاح على https://cutt.us/02IbQ

ومن أهم الاختلالات التي تعيق منظومة الحماية الاجتماعية، تلك المتعلقة بالحماية من مخاطر الشيخوخة في المغرب، كون الأنظمة المتعددة والمشتتة أو المجزّأة تساهم في تكريس الفوارق وغياب المساواة بين المغاربة بحسب نظام التقاعد الذي ينتسبون إليه. فالمعاش الذي يحصل عليه الأجير في القطاع العام أعلى من معدل المعاشات التي يحصل عليها العاملون في القطاع الخاص، الذي تبلغ نسبة معاشات المتقاعدين فيه 26%، فلا تتعدى الـ1000 درهم (100 دولار أميركي) شهرياً، و57% منهم لا تتعدى معاشاتهم 1500 درهم (أي 150 دولاراً أميركياً)، ما يساهم في تدنـّـي مســتوى معيشــة متقاعــدي القطـاع الخـاص الذين يُعتبرون من بين الفئات التي تتحمل العبء المالي الباهظ للعلاجات، والإنفاق على الصحة، كما تمت الإشارة إليه أعلاه، ما يجعلهم من الفئات الأكثر هشاشة والأكثر فقراً في المغرب.

تحديات تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب

يتم توصيف مشروع تعميم الحماية الاجتماعية على جميع المواطنين في المغرب من طرف الفرقاء الاجتماعيين والسياسيين على أنه أحد أكبر القرارات السياسية والاجتماعية تحت حكم الملك محمد السادس، وربما واحد من أهم القرارات منذ استقلال المغرب، كونه، وللمرة الأولى، سيُنصف فئات واسعة من الفقراء والمهددين بالهشاشة، وسيتمتعون بالحد الأدنى من الحقوق الاجتماعية، وقد يساعدهم ذلك على مواجهة شظف العيش وتكاليف الحياة الباهظة. كما يعوّلون على أنه قد ينصف شريحةً أخرى من المواطنين الذين يزاولون مهناً منتظمة، ومع ذلك، محرومون من حقهم في الحماية الاجتماعية كما هو شأن مهنٍ أخرى (أطباء، مهندسون، محامون، موثّقون، محاسبون...). ولا يفوت نفس الفرقاء الاجتماعيين والسياسيين التعبير عن انشغالهم بالتحديات والصعوبات التي ستواجه تنزيل هذا المشروع الاجتماعي الضخم، ومن بين هذه التحديات:

  1. المعدل المرتفع للبطالة

المدخل الرئيسي لتحقيق الدولة الاجتماعية الحقيقية يتطلب توفير صحّة جيدة وتعليماً جيداً وسكناً لائقاً، وفي الأساس عمل قار يضمن الكرامة والحد الأدنى من الأجر، لمواجهة عوائد الزمن. ولا شك أن واحداً من التحديات التي ستواجه منظومة الحماية الاجتماعية هو قلة فرص العمل، وما تولّده من عددٍ كبيرٍ من العاطلين أو شبه العاطلين عن العمل، والعاملين في اقتصاد الظل، والقطاع غير المهيكل. فلم تتوفر لدى الحكومات المتعاقبة الجدارة الكافية لابتكار الحلول لتوفير العمل لملايين العاطلين الموجودين على الهامش عبر سنوات طويلة. ويكفي أن نذكّر بالأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية مغربية للإحصائيات)، أن الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً يصل عددهم إلى 5,9 ملايين شخص، من بينهم %15،4 نشطون عاملون (905.000) فقط، و7,4% عاطلون عن العمل (439 .000)، في حين أن 77,2% منهم خارج سوق العمل (4.600.000).20المندوبية السامية للتخطيط، مذكرة إخبارية حول المميزات الأساسية للسكان النشيطين المشتغلين خلال سنة 2022. ويعد الرقم الأخير كبيراً جداً، ربما يشكّل تحدياً واختباراً لمنظومة الحماية الاجتماعية بالنظر إلى أن العاطلين لا يحصلون على دخلٍ قارّ يمكّنهم من الوصول إلى الخدمات الصحية بالجودة الكافية، التي ستضمن لهم حقهم في الحد الأدنى من العلاجات الطبية، والحصول على حدّ أدنى من المدخول والانخراط في نظام للمعاشات لمواجهة مخاطر الشيخوخة لاحقاً.

  1. الاقتصاد غير المنظّم

من التحديات التي ستواجه ورش تعميم التغطية الاجتماعية، التحدي المرتبط بعدد العاملين في الاقتصاد غيــر المنظــم (غير المهيكل)، بمعنــاه الواســع، وهو ظاهــرة مســتعصية فــي المنظومــة الاقتصادية المغربيــة َ ومصـدر قلـق. إذ يصـل حجمه بحسـب معطيـات بنـك المغـرب عام 2018 إلـى نحـو 30% مـن الناتـج الداخلـي الإجمالي. وتذهـب تقديـرات المؤسسـات الوطنيـة الدوليـة، إلـى أن نسـبة تـراوح بيـن 60% و80% مـن السـكان النشـطين في المغـرب يـزاولون أعمالاً تنـدرج ضمـن الاقتصاد غيـر المنظـّم،21رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: مقربة مندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المهيكل، متاح على https://www.cese.ma/media/2021/12/ebook-Avis-economie-informelle-VA-1.pdf وهو تحدٍّ تستحضره مراكز القرار المكلَّفة بتعميـم التغطيـة الاجتماعية لتسـريع وصول هـذه الفئـات إلـى نظام الضمان الاجتماعي الشامل، وإن كان ذلك يطرح تحدياً ثانياً أيضاً يتعلق بنظام الاستهداف.

  1. نظام الاستهداف

إن نظام استهداف العاملين في القطاع غير المهيكل والعاطلين عن العمل والمعوزين والمسنين من دون دخل، ضعيف وغير فعال. فهناك صعوبة في تحديد وضبط الفئات المؤهلة للاستفادة من نظام المساعدة الطبية وبقية برامج منظومة الحماية الاجتماعية، خصوصاً مع تنامي القطاع غير المهيكل، واعتماد النظام التصريحي لتقدير مستوى الدخل، الذي ينطوي على الكثير من المغالطات نتيجة التصريحات المخفضة وغير الدقيقة. كما أن اعتماد قواعد معقدة لتحديد الأهلية بشكلٍ تصعب معه دراسة طلبات الاستفادة أو تفعيل المراقبة البعدية للنظام والتأخر في تنزيل نظام الاستهداف، المكوّن من سجلّين كما وضعهما القانون22قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، متاح على https://cutt.us/JRe67 ، هما السجل الوطني للسكان (يستهدف الأشخاص) والسجل الاجتماعي الموحد (يستهدف الأسر)، من عامين إلى ثلاثة أعوام بعد تعميم التغطية الصحية، جميعها أمور تترك عدداً كبيراً من المعنيين على الهامش إلى أن تُدرج أسماؤهم ضمن قوائم المسجلين الذين سيستفيدون من الحماية الاجتماعية. وقد يسجل السجل الاجتماعي الموحد "تحايلاً" لتجاوز فكرة الدولة الاجتماعية، فيتم حصر الدعم العمومي ضمن تدابير تقنية وبيروقراطية، قد ينجم عنها تضييق عدد المستفيدين من البرامج الاجتماعية.23عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية: تأسيس لدولة الرعاية أم تكريس لسياسة التخلي؟ متاح على https://mipa.institute/8856  (عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية )

  1. ديمومة تمويل الحماية الاجتماعية

بحسب المخطط الذي قدمته الحكومة المغربية، 24عرض وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، شباط/فبراير 2021 في البرلمان، لتقديم مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، متاح على https://www.finances.gov.ma/Publication/cabinet/2021/Expose_M.%20Ministre_Parlement.pdf تبلغ الكلفة السنوية لتعميم الاستفادة من أنظمة الحماية الاجتماعية 51 مليار درهم، موزعة بين 28 مليار درهم تتأتّى من آلية الاشتراك بالنسبة إلى الأشخاص الذين تتوفر لديهم القدرة على المساهمة، و23 مليار درهم يتم تحصيلها في إطار تضامني لتغطية الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم هذه القدرة.25تقرير لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب" مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الدورة الاستثنائية في رسم السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة 2021، ص. 5. يعني ذلك أن نحو 45% من الوعاء المالي لورش تعميم الحماية الاجتماعية سيأتي من مصادر تضامنية،ستطرح طبيعة هذا التمويل تداعيات عديدة حول استدامة الإطار المالي لأنظمة الحماية الاجتماعية، وحول الآفاق المستقبلية لموقع الدولة في تدبير السياسات الاجتماعية في انتظار إصلاح النظام الضريبي المغربي للوصول إلى عدالة ضريبية تساعد على تمويل برامج الحماية الاجتماعية وضمان ديمومتها وتعميمها على الجميع.

وهناك تخوفات من أن تفضي مراجعة أدوار صندوق المقاصّة المغربي، الذي تعتزم الحكومة توجيه مخصصاته التي بلغت خلال شهر شباط/فبراير 2022 نحو 5 مليارات درهم مغربي نحو آليات مندمجة للحماية الاجتماعية، والسجل الاجتماعي الموحّد وبشكلٍ خاص لتمويل تكاليف الصحة.26 عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856  ما يعني تخصيص الموارد الناتجة عن الرفع التدريجي لدعم الدولة للمواد الغذائية والطاقة لتمويل تدابير الحماية الاجتماعية، وبالتالي المسّ بالقدرة الشرائية لبعض الناس في المغرب، ولا سيما من هم من الطبقة الوسطى. فهذه الأخيرة مهددة بالهشاشة، ومستثناة إلى حدٍ كبير من التغطية الاجتماعية الكافية، إثر ضعف نظام الاستهداف والمشاكل في تركيبة السجلات المعتمدة. وبالتالي لن تقدر هذه الطبقة على مواجهة غلاء أسعار عدد من المواد المدعومة من قبل صندوق المقاصّة من دون أن يكون لها إمكانية الاستفادة من أي دعم أو استهداف في الوقت نفسه. ما قد يؤدي إلى تدحرج هذه الطبقة المنسية نحو عتبة الفقر. فربما تفضي هذه النظرة التجزيئية إلى مسألة تمويل الحماية الاجتماعية إلى حماية فئات مقابل إفقار أخرى، وقد تكون مشجّعة لتبرير الدولة انسحابها من المجال الاجتماعي، وتكريس سياسات التخلي عبر مدخل إصلاح صندوق المقاصة.27عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856 ولعل هذا ما يفسر دعم البنك الدولي لهذا الإصلاح، إذ التزم بتخصيص 400 مليون دولار لدعم الحكومة في القيام بالإصلاحات "المنهجية" لنظام الحماية الاجتماعية، عبر وضع السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وإرساء الوكالة الوطنية للسجلات،28 عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856  ما يطرح توجّسات حول الآثار الجانبية لهذا المشروع، في ضوء مصير بعض التجارب التي واكبها البنك الدولي في بلدانٍ أخرى، باتخاذ تعميم الحماية الاجتماعية كمدخل ناعم لتوجيه الميزانية العامة لخدمة شروط الاستدانة على حساب الأولويات الاجتماعية كما حصل في المكسيك. وهذا ما بدأت تظهر بعض تطبيقاته في التجربة المغربية، في ظل ضعف إعمال التدابير المواكبة للحيلولة دون إضرار بعض الإصلاحات بالقدرة الشرائية للمواطنين، كما هو الحال مع برنامج "تيسير" الموجّه إلى تشجيع التمدرس، الذي تُغطى ميزانيته من الموارد الناجمة عن رفع الدعم عن المواد الغذائية والطاقة، ما يجعله لا يخدم فقط توسيع تغطية الحماية الاجتماعية في كل البلاد، بل إن نتائجه قد تخدم في المقام الأول تحقيق توازن الميزانية.29عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856

  1. العدالة المجالية

ومن بين التحديات الأبرز، أيضاً، التي ستواجه تعميم التغطية الصحية، غياب العدالة المجالية بين جهات ومناطق المغرب، بسبب التوزيع غير المتكافئ للمنشآت الطبية، ومعها الأطر العاملة على التراب الوطني، والغياب شبه التام للمستشفيات في عدد كبير من المناطق النائية والبعيدة عن المركز. ومن شأن ذلك أن يترك الآلاف من سكان هذه المناطق خارج التغطية الصحية، وقد لا يفيدهم في شيء تعميم التغطية الصحية، ما داموا غير قادرين على التنقل بعيداً للبحث عن هذه العلاجات. ومعظم المستشفيات الكبرى والمصحات الخاصة، ونصف عدد الأطباء في المغرب متمركزون في المدن الكبرى، لا سيما في محور "الجديدة - الدار البيضاء - الرباط – القنيطرة"، كما أن ثلثي المهنيين الصحيين يتمركزون في أربع جهات من المملكة، في حين يتوزع الثلث الباقي على ثماني جهات أخرى (يضم المغرب 12 جهة، وكل جهة تضم محافظات وأقاليم).

  1. عجز منظومة الصحة العمومية

يحتل المغرب أواخر ترتيب دول شمال إفريقيا في ما يتعلق بعدد الأسرّة المتوفرة في المستشفيات العامة، فلا تتجاوز نسبته 11 سريراً لكل 10.000 نسمة، مقابل 19سريراً في الجزائر، و22 في تونس. وتتعمّق مشاكل المستشفيات العامة في الخصاص الكبير الذي تعانيه في الموارد البشرية، إذ سبق لوزير الصحة أن صرّح بهذا الخصاص (الجد مهول؟) بأن المغرب يحتاج إلى أكثر من 97.566 من العاملين في القطاع الصحي (32.522 طبيباً(ة)، و65.044 ممرضاً(ة)، ويعود ذلك في الدرجة الأولى إلى الظروف المزرية التي تعاني منها غالبية المستشفيات، إذ تفتقر إلى المعدات والأجهزة الطبية التي تضمن علاجات بجودة عالية، وبسبب الأجور الهزيلة التي يتلقاها العاملون في قطاع الصحة العامة، ما يدفع العشرات من الأطباء، سواء المتمرسين أو الخريجين الجدد، إلى اختيار الهجرة إلى الخارج، حيث ظروف العمل أفضل.

  1. الموارد البشرية

تحصل مؤسسات الحماية الاجتماعية على ضعف نسبة الموارد البشرية المغربية التي تفضل الهجرة إلى الخارج، مقارنةً بقطاع الصحة العامة بحسب وزير التعليم العالي المغربي. وصرّح الأخير بأن عدد الأطباء الذين يتخرجون سنوياً في المغرب يصل إلى 1400 طبيب، "نصفهم يهاجر إلى أوروبا"،30حسن الأشرف، هجرة الأطباء من المغرب أزمة متفاقمة تستدعي حلًّا، متاح على https://www.independentarabia.com/node/344331/h وكشفت أرقام وصفها كثيرون بالصادمة، تضمنها تقرير حديث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة وطنية رسمية)، أنه مقابل 23 ألف طبيب مغربي يمارسون مهنتهم في البلاد، يوجد بين عشرة آلاف و14 ألف منهم يمارسونها في الخارج، خصوصاً في الدول الأوروبية. فواحد من كل ثلاثة أطباء مغربيين تقريباً يمارس مهنته خارج البلد، على الرغم من الحاجة الملحة في المغرب إلى كل أطبائه وإلى المزيد منهم. لذا، تدق هذه المعطيات والأرقام ناقوس الخطر بشأن هجرة الأطباء أو الطلبة المتخرجين من كليات الطب والصيدلة في دول الغرب، ما يتطلب من الحكومة المغربية تدارك تداعيات هذا النزيف، التي قد تؤثر سلباً على فعالية ونجاعة منظومة التغطية الصحية في شكلها ومضمونها الجديدين، باعتماد قرارات وإجراءات تهدف إلى تحسين وضع الطبيب المغربي، حتى لا يختار الهجرة إلى الخارج.

  1. تزايد نسبة الشيخوخة

من بين التحديات الكبيرة التي يجب معالجتها بالجدية المطلوبة وبالروح التضامنية، التي يجب أن تؤطر جميع السياسات العمومية للدولة الاجتماعية، التحدي المرتبط بتزايد نسبة الشيخوخة في الهرم السكاني المغربي. فتوقعت تقارير رسمية ارتفاع أعداد المسنين في المجتمع المغربي في أفق عام 2050، إذ تشير التوقعات الإحصائية للمندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة الإحصاء الرسمية)، إلى أن عدد الأشخاص المسنين سيرتفع من 4,5 ملايين حالياً، إلى 10 ملايين نسمة في أفق عام 2050. وبذلك، سيصل الوزن الديموغرافي للأشخاص المسنين إلى 23,2% مقابل 12,2% عام 2022.31مذكرة إخبارية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، متاح على   https://www.hcp.ma/attachment/2363555/  ومن المعلوم أن فترة الشيخوخة ترتبط بالأمراض المزمنة، ما يزيد من الطلب على الرعاية الصحية والمزيد من نفقات التأمين الإجباري عن المرض، مع ما يصاحب ذلك من تأثير سلبي على استدامة أنظمة الحماية الاجتماعية، خصوصاً صناديق التقاعد والتغطية الصحية، ما سيؤدي بالضرورة إلى تحمّل الأجيال المقبلة ارتفاع العبء المالي لأنظمة التقاعد. ومن أهم العقبات التي سيواجهها المسنون الفقراء، وذوو الدخل المحدود، أن المعاشات أو المساعدات الاجتماعية التي سيتسلمونها بعد وضع آليات الاستهداف، لن تكفيهم لمواجهة تكاليف الحياة، لا سيما كلفة علاجات الأمراض المزمنة باهظة الثمن، إذ سيتحملون ما يزيد عن 50% أو أكثر من النفقات من ميزانياتهم الخاصة، على الرغم من الاشتراكات الشهرية التي يدفعونها، لأن الاشتراكات والمعاشات لا تُعَدَّل وفقاً لمعدّل التضخم المالي في البلاد.

خلاصة

يعدّ تعميم الحماية الاجتماعية في المغرب تحولاً نوعياً في النموذج الاجتماعي للنظام السياسي القائم. قد يكون هذا التعميم لُبنة مركزية في تأسيس الدولة الاجتماعية المبنية على التضامن والإنصاف والعدالة الاجتماعية، وربما يساهم نجاح ورش الحماية الاجتماعية في إعادة ثقة الناس في مؤسسات بلدهم. لكن ذلك لا يمنع من التذكير بأن هذه الورش تواجهها أيضاً ومنذ نشأتها، عدة تحديات قد تعطل أهدافها وتطلعاتها في الأفق المنظور، خصوصاً إذا لم يصاحب عملية تنفيذها عدد من الاحترازات المرتبطة بنمط الحوكمة المرتقبة لتدبيرها، ومواجهة التحديات التي من شأنها أن تحول دون تحقيق أهدافها كما سطّرتها الحكومة المغربية للعموم، وكما تم تشريعها ضمن القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية.32القانون - الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، متاح على https://cutt.us/tftZn

لذلك، وجب على القائمين على منظومة الحماية الاجتماعية في المغرب، التفكير بروح وبمقاربة تضامنية بين الأجيال وبين الطبقات الاجتماعية، لإصلاح أنظمة التغطية الصحية وأنظمة التقاعد وغيرها، كما ديمومة تلك الأنظمة حتى لا تنهار الآمال المعلقة على ورش تعميم الحماية الاجتماعية من قبل الملايين من المغاربة لإخراجهم من دائرة البؤس والحاجة، وتمكينهم من العيش بكرامة وثقة في وطنهم.

 

Endnotes

Endnotes
1 Larbi Jaidi. “Economic and Social Change in Morocco: Civil Society’s Contributions and Limits”, in Senén Florensa (ed.), The Arab Transitions in a Changing World: Building Democracies in Light of International Experiences. Barcelona: Institut Europeu de la Medditerrània, 2016, p.145.
2 Mohamed Mouaquit, “droits économiques et sociaux”, in Développement démocratique et action associative au Maroc, Rabat : Espace associatif, 2004, p.86.
3 تقرير التنمية البشرية لسنة 2022، متاح على https://hdr.undp.org/system/files/documents/global-report-document/hdr2021-22pdf_1.pdf
4 خطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى جلوسه على العرش 28 تموز/يوليو 2018، متاح على https://cutt.us/zP2RH
5 حوار الاقتصادي نورالدين العوفي مع موقع "لكم"، متاح على https://lakome2.com/interview/175988//
6 خطاب الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر2017، متاح على https://cutt.us/BSBhg
7 خطاب الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر 2017، مرجع مذكور.
8 المرسوم رقم 2.21.532 المتعلق بإحداث اللجنة الوزارية لقيادة إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، الجريدة الرسمية عدد 7043 لـ 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.
9 حسن بويخف، أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف، متاح على : https://mipa.institute/9158
10 Ministère de l’économie, des finances et de la réforme de l’administration, ‘’Politique publique Intégrée de protection sociale 2020-2030 ‘’, (2019), https://uni.cf/3sYnwRs
11 Banque Africaine de Développement, « Maroc programme d’appui à la gouvernance de la protection sociale (PAGPS) » (2016) https://bit.ly/36lxqFg, p15
12 الجدولة الزمنية لتعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة - من عرض وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، شباط/ فبراير 2021 بالبرلمان، لتقديم مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية   .https://www.finances.gov.ma/Publication/cabinet/2021/Expose_M.%20Ministre_Parlement.pdf
13 تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية بالبرلمان المغربي المكلفة بالمنظومة الصحية، متاح على https://cutt.us/yeYGu
14 تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية بالبرلمان المغربي المكلفة بالمنظومة الصحية: نفس المرجع.
15 بيان أصدرته الشبكة تزامناً مع الاحتفال باليوم العالمي للصحة، 7 نيسان/أبريل 2021.
16 القانون رقم 116.12 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة.
17 تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول الحماية الاجتماعية في المغرب، متاح على https://cutt.us/Gr74f
18 الجدولة الزمنية لتعميم التغطية الصحية على جميع المغاربة - من عرض وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، شباط/ فبراير 2021 بالبرلمان، لتقديم مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية .https://www.finances.gov.ma/Publication/cabinet/2021/Expose_M.%20Ministre_Parlement.pdf
19 الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تقرير الأنشطة في رسم سنة 2016: النظام العام والوحدات الطبية، متاح على https://cutt.us/02IbQ
20 المندوبية السامية للتخطيط، مذكرة إخبارية حول المميزات الأساسية للسكان النشيطين المشتغلين خلال سنة 2022.
21 رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي: مقربة مندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المهيكل، متاح على https://www.cese.ma/media/2021/12/ebook-Avis-economie-informelle-VA-1.pdf
22 قانون رقم 72.18 يتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، متاح على https://cutt.us/JRe67
23 عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية: تأسيس لدولة الرعاية أم تكريس لسياسة التخلي؟ متاح على https://mipa.institute/8856  (عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية
24 عرض وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، شباط/فبراير 2021 في البرلمان، لتقديم مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، متاح على https://www.finances.gov.ma/Publication/cabinet/2021/Expose_M.%20Ministre_Parlement.pdf
25 تقرير لجنة القطاعات الاجتماعية في مجلس النواب" مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الدورة الاستثنائية في رسم السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة 2021، ص. 5.
26  عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856
27 عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856
28  عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856
29 عبد الرفيع زعنون: تعميم الحماية الاجتماعية، متاح على https://mipa.institute/8856
30 حسن الأشرف، هجرة الأطباء من المغرب أزمة متفاقمة تستدعي حلًّا، متاح على https://www.independentarabia.com/node/344331/h
31 مذكرة إخبارية صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، متاح على   https://www.hcp.ma/attachment/2363555/
32 القانون - الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، متاح على https://cutt.us/tftZn

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.