مقياس الديمقراطية العربي 4

© ويكيبيديا

"على الرغم من الاضطراب وانعدام الأمن، غير أن الخبر السار أن براعم الديمقراطية تنمو في المنطقة العربية. هناك مؤشرات مبنية على أسس موضوعية تكشف أن بذور التغيير قد انتشرت. والأكثر إثارة للانتباه هو أن السلطات الحاكمة في بعض البلدان بدأت تستجيب لبعض مطالب الشعوب كي تحافظ على كراسيها."
بسمة قضماني، المدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي 

يصدر مقياس الديمقراطية العربي الرابع  وهو الأول منذ قيام ثورات الربيع العربي 2011،  ليعطينا دلالات واضحة على وجود تقدم  نحو الديمقراطية في هذه الدول والتي تم قياس وتيرة التقدم الديمقراطي فيها. يقوم المقياس برصد وقياس 9 دول عربية في المنطقة وهي: تونس، مصر، البحرين، الجزائر، المغرب، الأردن، الكويت، لبنان، فلسطين.

المقياس يعطي نتائج واضحة عن وجود تقدم في مجال الممارسات الديمقراطية، والحريات وحرية التعبير واحترام حرية المواطن. وأيضا في مجال تطبيق القانون، وشفافية عمل المؤسسات الحكومية.

يضع المقياس الدول في ثلاث محاور وهي: البلدان التي عاشت ثورة او انتفاضة شعبية، والبلدان التي تأثرت بالانتفاضات  في الدول المجاورة، والبلدان التي اتخذت نهج الإصلاح التدريجي.

لقد حازت المغرب على  المرتبة الأولى بالرغم من تخلفها  عما كانت عليه سابقا في بعض المجالات بسبب تقدم دول أخرى، كتلك التي قامت فيها ثورات مثل تونس ومصر. غير أن المغرب بنهجها الإصلاحي في تطور مستمر نحو الديمقراطية وهو يحول دون ظهور انعكاسات سلبية كفقدان الأمن والموارد الاقتصادية. كما جاءت الأردن في المرتبة الثانية والجزائر في المرتبة الثالثة.

النتيجة المفاجئة هي ان تونس ومصر (الدولة الرابعة والسادسة حسب الترتيب)، واللتان عاشتا ثورة شعبية، لم تسجلا تقدماً يذكر. إلا ان التقدم في حال تونس يظهر من خلال المؤشرات التفصيلية والتي تدل على تحسن  كبير في احترام الحقوق والحريات الأساسية، خاصة في الكف عن إعاقة أنشطة الأحزاب السياسية، وانخفاض الاعتقال الأمني من قبل قطاع الأمن. كما أن حقبة مابعد الثورة عرضت تحسن  في التشريعات حول حرية الأحزاب السياسية وحرية الصحافة. وكان للمرأة دور أكثر وضوحا وحضورا.

 تم اختيار هذه الدول بناء على البيانات المتاحة التي تسمح ببناء المؤشرات، والمكونة من أربعين مؤشر. واستطاعت المبادرة بناء هذه المؤشرات من خلال جمع بيانات عن طريق مؤسسات عديدة. غير أنه تم اسثناء بعض الدول، كسوريا والسعودية واليمن، من عملية التراتبية من أجل مقارنتها بالدول الأخرى وذلك بسبب تعذر الحصول على المعلومات الكاملة وعليه كانت عملية تحليل المعلومات المتاحة بالنسبة لهذه الدول كيفية وليست كمية.

يختلف مقياس الديمقراطية العربي عن بقية التقارير الدولية التي يتم إصدراها حول الإصلاح في العالم العربي كونه عمل جماعي لمجموعة من مراكز البحث وخبراء علم الاجتماع في المنطقة العربية. والجدير بالذكر أن جميع الباحثيين ومحللي البيانات هم من المنطقة أو مقيمين فيها. كما أن لديهم قدرة خاصة للوصول الى المعلومات المطلوبة. كما أن أهمية المقياس وخصوصيته تكمن في أنه يقيس نوعين من المؤشرات وهما: مؤشرات الوسائل كالنصوص والقوانين ومؤشرات الممارسات ومنها الانتخابات النزيهة ومعاملة المعتقلين على سبيل المثال.

يخلص المقياس إلى نتائج هامة وفيها أنه بالرغم من التقدم البطيء نحو الديمقراطية إلا أن هناك تقدم مستمر وملحوظ في عملية الإصلاح الديمقراطي في المنطقة. وثانياً أن  آلية الاحتجاج الشعبي أكثر فاعلية وتأثيراً على الحكام مقارنة بجميع وسائل الضغط الأخرى  لتحقيق الإصلاح. فالضغط الشعبي هو الذي قاد الحكومات الى إجراء إصلاحات سريعة،حتى وإن لم تكن دائماً تغييرات سياسية، وذلك في الحقوق المدنية وقوانين الطوارئ  أحياناً او منح مكاسب  اقتصادية واجتماعية لإسكات المطالب السياسية.

يقدم المقياس عدة توصيات عامة ومجموعة من التوصيات الخاصة لكل بلد من أجل دعم الديمقراطية والاصلاحات الدستورية والشفافية. وتتنوع التوصيات الخاصة بين  منح مزيد من حرية التعبير في الجزائر، وتوفير الحماية القانونية لأولئك الذين يدينون الفساد في لبنان والسماح بانشاء أحزاب وجمعيات سياسية في الكويت وتعديل قانون التظاهر في مصر.

الخلاصة: لقد أدركت النخب العربية الحاكمة أنه لا مفر من الإصلاحات من أجل البقاء في الحكم وأن  إسكات المطالب الشعبية من خلال الاستراتيجيات القديمة لم يعد يجدي نفعا من دون  إصلاحات جادة باتجاه الديمقراطية.

لمزيد من المعلومات:
للاطلاع على الملخص بالانجليزية يرجى الضغط هنا

يصدر مقياس الديمقراطية العربي كل سنتين من قبل مبادرة الإصلاح العربي والمركز الفلسطيني للدراسات  السياسية والمسحية.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.