مشاركة الشباب في الانتخابات في تونس: بين الموجود والمنشود

لا تعد ظاهرة عزوف الشباب التونسي عن المشاركة في الحياة السياسية وليدة الساعة، بل إنها تعود إلى ما قبل ثورة كانون الثاني/يناير (جانفي) ٢٠١١. شكّلت الانتخابات الأخيرة مثالاً واضحاً عن غياب الشباب كناخبين/ات ومرشحين/ات. تعالج هذه الورقة أسباب عدم مشاركة الشباب، وتقدم عدة خطوات ممكنة لتحقيق مشاركة شاملة للشباب التونسي.

ملجس النواب التونسي ©Wikimedia/Moumou82

لا تعد ظاهرة عزوف الشباب التونسي عن المشاركة في الحياة السياسية وليدة الساعة، بل انها تتجذر في حقبة تعود إلى ما قبل ثورة جانفي 2011.  وبالرغم من أن الشباب التونسي قد لعب دورا رئيسيا كمحرك لقاطرة ثورة التي كان شعارها الأساسي " الحرية والكرامة و شغل" ، إلا أنه ونتيجة عوامل عدة، فإنه عاد إلى مربع الاستنكاف السياسي والعزوف عن المشاركة في الشأن العام. وكان للصراعات الحزبية وتدهور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية دورا سلبيا في مزيد توسيع الفجوة بين الشباب التونسي وتطلّعاته المستقبلية والتوجّهات والخيارات التي اعتمدها السياسيون طيلة العشرية الأولى لمرحلة الانتقال الديمقراطي.

لقد شكّلت المواعيد الانتخابية الفارطة مثالا واضحا تجلى من خلالها عدم مشاركة الشباب، وقد عكست النسب المتدنية لمشاركتهم سواء كناخبين أو مترشحين هذه الظاهرة، إن كان حقيقة من الصحيح توصيفها على هذا النحو.

  • لقد أبرزت بالاستشارة الوطنية حول الشباب المنجزة سنة 2008، أن 83%من الشباب التونسي غير مهتم بالحياة السياسية وأن 64% من الشباب غير معنيين بالمشاركة في الانتخابات أوالانخراط في الجمعيات.
  • أثبتت دراسة أجرتها "شبكة مراقبون" المختصة في ملاحظة الانتخابات سنة 2018، أن 47% من الشباب التونسي غير مهتم بالحياة السياسية والشأن المحلي.
  • تأكد من النتائج التي انتهت إليها انتخابات المجلس التأسيسي سنة 2011، أن تواجد الشريحة العمرية بين 23 و40 سنة، لم يشكّل إلا نسبة 10% من مجموع النواب المنتخبين، بالرغم من أن هذه الفئة العمرية تمثّل52% من السكان حسب التعداد السكني لسنة 2010
  • لقد كانت التمثيلية الشبابية بمجلس نواب الشعب خلال انتخابات سنة 2014، في حدود 28 نائبا دون سن 35 سنة من بينهم 28 امرأة.
  • خلال الانتخابات البلدية لسنة 2018، مثّلت نسبة المترشحين من الشباب من الفئة من 18 إلى 35 سنة 52% ومن الفئة من 36 سنة إلى 45 سنة، 24 %. وقد شكّلت نسبة الشباب من هاتين الفئتين التي فازت في الانتخابات البلدية 35 %من جملة المترشحين
  • بلغت نسبة الشباب المسجّلين الجدد في سنة 2019 بسجل الناخبين، تحضيرا للانتخابات التشريعية والرئاسية 56%، في حين لم يشارك الشباب كناخبين في الانتخابات الرئاسية لتلك السنة إلا في حدود 6،17%
  • جاء بالإحصائيات المقدمة من وزارة تكنولوجيا الاتصال والاقتصاد الرقمي أن عدد المشاركين في الاستشارة الوطنية على المنصة الرقمية التي أعدت للغرض عن الفترة الممتدة من شهر جانفي إلى 20 مارس 2022، 534915 مشاركا، عن مجموع 7.065.628 ناخبا مسجلا بالسجل الانتخابي و2.946.628 ناخبا مشاركا في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019. وأنّ ّنسبة المشاركين في الاستشارة ممن سنهم بين 30 و50 سنة 46،3%. مع العلم أن المشاركة في الاستشارة كانت مفتوحة للشباب بداية من سن 16 سنة.

أما في الجانب التشريعي، فقد نص الفصل 133من الدستور أنه تضمن الدولة تمثيلية النساء والشباب في المجالس المنتخبة. كما تضمن القانون الانتخابي التونسي عدد 76 لسنة 2019، في الفصل 19، أن الترشّح لمجلس نواب الشعب يحق لكل ناخبة أو ناخب تونسي:

  • الجنسية منذ عشر سنوات على الأقل،
  • بالغ من العمر ثلاثاً وعشرين سنة كاملة على الأقل في تاريخ الترشح،
  • غير مشمول بأي صورة من صور الحرمان القانونية

كما نص الفصل 25 أنه يتعين على كل قائمة مترشحة في دائرة يساوي عدد المقاعد فيها أو يفوق أربعة أن تضم من بين الأربعة الأوائل فيها مترشحاً أو مترشحة لا يزيد سنّه عن خمس وثلاثين سنة. وفي حالة عدم احترام هذا الشرط تُحرم القائمة من نصف القيمة الجُملية لمنحة التمويل العمومي.

وأضاف الفصل 40 أنه يحق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الإسلام الترشّح لمنصب رئيس الجمهورية. وأنه يشترط في المترشّح يوم تقديم ترشّحه أن يكون بالغا من العمر خمساً وثلاثين سنة على الأقل. وإذا كان حاملا لجنسية غير الجنسية التونسية فإنه يقدم ضمن ملف ترشّحه تعهّدا بالتخلي عن الجنسية الأخرى عند التصريح بانتخابه رئيسا للجمهورية.

وقد تضمن الفصل 49 مكرر من القانون الانتخابي عقوبة إسقاط القائمات المترشحة للانتخابات البلدية التي لا تحترم تواجد شاب من بين المترشحين 3 الأول وفي كل مجموع 6 مترشحين. كما أعطى الفصل 117 حلا قانونيا، عند انتخاب رئيس البلدية وتساوي الأصوات، يتمثل في ترجيح المترشّح الشاب.

وفي هذا الإطار، وعلى سبيل المقارنة فقد حدّدت لائحة النظام الانتخابي الفلسطيني سن الترشح للانتخابات الرئاسية ب 40 سنة (الفقرة 2 من المادة 12) و28 سنة بالنسبة للترشح للبرلمان (الفقرة 2 من الفصل 15)

كما تضمّنت اللوائح الانتخابية العامة والاستفتاءات بالمغرب تسجيل الشباب تلقائيا وذلك بإدراجهم مباشرة بالسجل الانتخابي بمجرد الحصول على بطاقة الهوية. وعلى خلاف ذلك، فقد قامت الهيئة المستقلة للانتخابات بتونس بحملات محدودة في الزمن خلال انتخابات 2014 و2018 و2019، قصد تمكين الشباب من التلاميذ من التسجيل مباشرة بعد الحصول على بطاقات تعريفهم الوطنية وذلك من خلال تنقل فرق تابعة لها إلى المعاهد، لتسجيل التلاميذ المؤهلين لاجتياز امتحان الباكالوريا.

ويتأكد بذلك أن ظاهرة عزوف الشباب عن الانتخابات لا تعد ظاهرة معزولة. حتى أن عديد الدول ممن ترسخت لديهم الممارسة الديمقراطية تشهد بدورها هذه الظاهرة وبحدّة.

و يمكن الوقوف على عدة أسباب لتفسيرها منها ما هو تاريخي واجتماعي وكذلك اقتصادي . وتشكّل هذه الدوافع عوامل أساسية تعيق انخراطا فعليا للشباب في الحياة العامة والحياة السياسية على وجه الخصوص.

لقد أثبتت الممارسة، أن بعض المنظمات والجمعيات لم تلعب إبان الثورة التونسية، في عديد المواقع دورا ناجعا لتأهيل وتوعية الشباب للمشاركة في الانتخابات. وتجدر الإشارة في هذا خصوص أنه وعلى عكس ما أطلقته بعض الجمعيات المغربية من حملة تحفيزية للشباب في الانتخابات البرلمانية الأخير تحت عنوان "تعال انّخب" والتي أرفقتها بتحركات وأنشطة توعوية ميدانية، فإن الجمعيات الناشطة في هذا المجال بتونس لم تطلق حملة صريحة في هذا الخصوص واقتصرت جل أعمالها على حملات توعوية تتسّم بالشمولية. ولئن انفردت بعض الجمعيات التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة بحملات موجّهة ولكن ظلت بدورها محدودة الاشعاع والنطاق.

ومن جهة أخرى، تضاف إلى ذلك أسباب ذاتية يتقاسمها عدد كبير من الشباب وتتجسّد في اعتقادهم بأن ما تقدّمه الحياة السياسية من تصورات وبرامج لا يمثّلهم ولا ينمّ عن خياراتهم ومشاغلهم ويواجهونها بالرفض. وهو ما يمكن أن يفسّر في عديد الجوانب عزوفهم عن   المشاركة في الانتخابات باعتبارها الآلية المعتمدة لإرساء هذه المنظومة. كما أن انتفاء التحفيز العائلي وفتح مجالات للنقاش السياسي قصد إبراز أهمية المشاركة في الانتخابات، يعد كذلك أحد الأسباب التي لا يمكن تجاهلها.  وتتأكد هذه الأسباب بعدم وجود فضاءات للحوار الدوري مع الشباب سواء بصفة مباشرة عبر المنابر والمنتديات أو حتى باستعمال محامل الكترونية اتصالية ذات اقبال من الشباب و وجود منظومة تعليمية وثقافية لا تستجيب إلى مقومات التحديث سواء من الناحية التقنية أو المعرفية مع عدم فتح مجالات حقيقية للحوار والمشاركة المدنية صلبها وافتقار مضامينها لمفاهيم نظرية وتطبيقية للديمقراطية والانتخابات والشأن العام والانخراط في الجمعيات...

ويبقى السلوك السلبي والمنفّر والانتهازي لبعض السياسيين وأصحاب القرار في الشأن العام واللذين يحتلون مراكز مسؤولية في الدولة. وكذلك انعدام الثقة في الأحزاب ز مسيريها لأسباب عديدة ومركّبة من بينها على وجه الخصوص عدم تجديد النخب الحزبية وغياب الديمقراطية داخل تلك الأحزاب في تسييرها وتجديد هياكلها القيادية مما يجعل الشباب يعزف عن الانتماء الحزبي.

لكن يبدو أنه توجد ظاهرة ملموسة لعدم تقاسم الشباب داخل تونس وفي المهجر نفس المشاغل والاهتمامات، وعدم تخصيص المترشحين للانتخابات خطابات تأخذ بعين الاعتبار هذه الاختلافات، مما جعل عزوف شباب المهجر عن المشاركة في الانتخابات كناخبين ومترشحين أكثر حدة لإحساسهم بعدم وجود اهتمام فعلي بمشاغلهم.

أما من الناحية الاتصالية، فإنه من الثابت أنه لا يتم إعطاء فرصة لمشاركة الشباب في المنابر الحوارية التلفزية وغيرها أثناء الفترة الانتخابية واختيار القنوات الإعلامية إحضار الفاعلين السياسيين من الوجوه المعروفة لضمان حدّ أوفر من متابعة المشاهدين والمستمعين. ولا توجد كذلك دراسات ميدانية تشمل المناطق الأقل مشاركة في الانتخابات: الوقوف على الأسباب وتحليلها وبيان خصوصياتها وكيفية معالجتها. كما   لم يقع تكريس آليات ناجعة لتحفيز لتشجيع مشاركة الشباب في العمل الحزبي. ولا يتم تخصيص ميزانيات لتدعيم مساهمة الشباب في الحياة العامة وفي أعمال المجالس المنتخبة سواء كأعضاء بها أو كمجتمع مدني فاعل بالاقتراح وبالمشاركة في التفكير وتنفيذ المشاريع

وعلى جانب آخر، تبدو العملية الانتخابية ككل شديدة التعقيد وخاصة القواعد المنظّمة للحملة الانتخابية من أنشطة وتمويل عمومي واحتساب سقف التمويل... وهي مسائل تتطلّب حدا من الالتزام والمتابعة إذ يمكن أن ينجر عن إهمال أو عدم فهم بعض الجوانب تعرّض المترشح للمساءلة الجزائية   وعقوبات مالية. وكذلك تبدو طريقة الاقتراع المعمول بها والتي ولئن تشترط التناصف العمودي والأفقي ووجود عدد من الشباب في ترتيب المترشحين صلب القوائم وهو ما يعرف بنظام " الكوتا". إلا أنه ومن الناحية الواقعية فإنه لم يضمن بصفة فعلية تواجد لا المرأة ولا الشباب في المجالس المنتخبة: "كوتا" على الترشح وليس على المقاعد المخصّصة بالمجلس.

وتجدر الإشارة في هذا الخصوص، إلى  أن نظام "الكوتا" ولئن كان يبدو للبعض ضامنا لتواجد شريحة من المجتمع ممثلة بعدد معين بالمجالس المنتخبة، إلا أن عديد التجارب قد أثبتت أن هذه الطريقة تظل محدودة النتائج، إن تمت بمعزل عن تدابير قانونية وميدانية أخرى. ولعل ما أنتجته التجربة المغربية في هذا الخصوص، لخير دليل. فقد تم منح الشباب الذي تتوفر فيه صفة الناخب دون 40 سنة 30 مقعدا من مجموع 395 مقعدا نيابيا بمجلس النواب. إلا أنه تم تعديل تلك اللائحة لاحقا وإضافة المقاعد المخصّصة للشباب لتعزيز تمثيلية النساء لترتفع إلى "كوتا" ب 90 مقعدا تحتلّها المرأة. وقد جاء في تبرير هذا التمشي أن تخصيص الشباب بنظام "كوتا" لم يحقّق النتائج المرجوة منه والرامية إلى مزيد تشريك الشباب في المجالس المنتخبة، بل على العكس فقد بدت مسألة توزيع المقاعد على بعض الشباب بمثابة تقديم هدايا. كما أن نسبة الناخبين من فئة الشباب لم ترتفع باعتماد نظام "الكوتا" الموجّه لهم.  وقد جاء ببعض التحاليل لذوي الاختصاص من مختصين في القانون و الصحافة: " أن اللائحة الوطنية للشباب قدمت شبابًا غير قادر على إبداع بشكل جديد لتحقيق التمثيل السياسي ومن التفاعل، وإيجاد طرق جديدة لإعادة توجيه طاقاتهم من أجل تحقيق الهدف الأوسع وإدراك أن عملية تكريس الديمقراطية هي عملية طويلة وشاقة، تفرض على الشباب الحزبي عوض المطالبة بالريع، العمل على خلق حراك حزبي داخل تنظيماتهم الحزبية، عبر المطالبة باعتماد طرق التنظّيم الجديدة والهيكليات الأفقية التي من شأنها جعل الشباب الحزبية الأكثر كفاءة في التحول الديمقراطي السليم." (جريدة القدس العربي، 18 جانفي 2021)

وفي هذا الإطار فإن عدم وجود مـأسسة لمشاركة الشباب عبر افتقاد استراتيجية وطنية تشاركية للشباب في مجالات ذات صلة بالحياة العامة والانتخابات، يعد من الحلول الأساسية التي يمكن اعتمادها لتحقيق النجاعة اللازمة قصد تحفيز مشاركة الشباب في الانتخابات. ويتّجه كذلك إيجاد آليات وبرامج لمساعدة الشباب قصد تغيير رؤيته للصورة النمطية للمشاركة في الحياة السياسية وذلك   لدحض اعتبار أن تلك المشاركة تعتمد على عامل السنّ بدعوى أن العمل السياسي مخوّل فقط   للكهول. ويمكن أن تساهم الدولة في ذلك عبر وضع برامج تأهيل وإعداد للحياة العامة عن طريق وضع مناهج تعليمية ذات مقاربات نظرية وتطبيقية أو التشارك مع الوزارات التي يمكن أن تعنى بهذا البرنامج مثل وزارة التربية ووزارة الثقافة ووزارة تكنولوجيا الاتصال ووزارة الداخلية باعتبارها مكلفة حاليا بالجماعات المحلية.

و من الحلول التي يمكن العمل على إقرارها  كذلك،  تغيير النظام الانتخابي لإتاحة تمثيلية أكبر للشباب وذلك باعتماد نظام اقتراع يعطي إمكانية حقيقية   لتواجد الشباب في المجالس المنتخبة وليس على مستوى القوائم المترشحة فقط، وذلك بدمج طريقتين أو أكثر من الاقتراع (مثلا على القوائم وعلى الأشخاص في نفس الوقت مع اشتراط أن يكون العدد الأدنى للمترشحين من الشباب اللذين يتم الاختيار عليهم في حدود مناسبة لتحقيق تمثيلية واسعة بالمقاعد المتحصل عليها في الانتخابات) . ويتم ذلك عبر اعتماد التشاريع المناسبة للغرض والتي من المتجه أن يتوفر فيها حد كاف من التشاركية مع الجمعيات المختصة في المجال الانتخابي عموما والشبابي على وجه الخصوص.

ويمكن أيضا مراعاة لخصوصية التواصل مع الشباب، اعتماد أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة. وقد كانت للهيئة العليا المستقلة في مختلف المواعيد الانتخابية منذ سنة 2011 حملات تواصل على مختلف المحامل الاشهارية وصفحات التواصل الاجتماعي، لكن لم يتم إعداد دراسات وتحاليل تبين مدى ولوج الشباب إليها، وهل أن المسألة ارتبطت بالفترة الانتخابية أو خارجها. وتجدر الإشارة في هذا الخصوص أن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري قد أنتجت بعض الدراسات تعلقت بحضور المرأة بالمنابر الحوارية أثناء الفترات الانتخابية.

ولا يفوتنا التنويه بأهمية العمل على مساعدة الشباب للخروج من المشاركة الاحتجاجية من وراء الأجهزة الرقمية إلى المشاركة المواطنية الميدانية. إذ بالرغم من أن أغلب التحركات الميدانية التي حصلت إبان الثورة وخلال الردهات الأولى من الانتقال الديمقراطي قد حملها وأعلاها الشباب، إلا أنه لم تتحقق الاستمرارية في تلك التحركات بنفس الوتيرة والعدد.  وأصبحت تحركات الشباب المتعلقة بالشأن العام مرتبطة بوقوع أحداث بعينها وغلب عليها الطابع الاجتماعي.

ويتّجه كذلك العمل على تشجيع الشباب على المشاركة في الجمعيات التي تشرف على مراقبة الانتخابات لأنه من شأن ذلك أن يجعل تقديراتهم ومواقفهم بالنسبة إلى الانتخابات أقرب إلى الواقع مقارنة بغيرهم من الشباب.

مع ضرورة أن تلعب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات دورا أكثر فعالية بتخصيص برامج عمل وتكوين وتوعية وعمليات بيضاء موجّهة للشباب قصد تعريفهم بالنظام الانتخابي    وكيفية إدارة الحملة الانتخابية...

ومن  الحلول التي يكون من المفيد  العمل عليها كذلك، إيجاد أطر قانونية محفّزة للأحزاب كي تستقطب في هياكلها القاعدية الشباب الذي يتبنى مبادئها وخياراتها، لتأهيله قصد الانخراط الفعلي في العمل السياسي. وتكوين رصيد من المعرفة في هذا المجال. وإعطاء مزيد من الاشعاع والفاعلية لبرلمان الطفل عبر تغيير طريقة الاقتراع الخاصة به وتمكينه من صلاحيات تجعله قوة اقتراح في مجالات عدة كالطفولة والبيئة...

إن اختلاف التجارب الانتخابية على المستوى الدولي وتنوّع النظم المعتمدة وتشعّبها في بعض الأحيان لضمان تواجد فعلي وفاعل للشباب في الحياة العامة وعلى وجه الخصوص في المشاركة في الانتخابات كناخبين وكمرشحين، لا يمثّل معادلة ثابتة من حيث نقطة بدايتها وما ستؤول إليه من نتائج. فبعض النظم اعتمدت نظام "الكوتا" بالانتخاب وغيرها بالاختيار، و البعض الآخر اعتمد على نظام التحفيز عبر تقديم امتيازات مالية من خلال مخصصات التمويل العمومي و سعت نظم أخرى إيجاد آليات يشترك فيها كل المترشحين دون تفضيل بدعوى تكريس تساوي الحظوظ التي ينطلق بها كافة المترشحين للانتخابات. و من المؤكد أن كل هذه الخيارات التشريعية على اختلافها لا يمكن أن تشكّل لوحدها تجارب ناجحة من شأنها أن تحقق أفضل تمثيلية للشباب طالما لم تكن مصحوبة بعمل منهجي و تشاركي مكتمل الأبعاد تكون الدولة بمؤسستها الرسمية و للأحزاب و المنظمات و الجمعيات شركاء فاعلين فيه.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.