ظلال الحرب المديدة: ديناميات تعبئة الشتات اليمني منذ عام 2011

مقدمة

في أعقاب الانتفاضة التي اندلعت عام 2011 وما تبعها من تردّي في هوة سحيقة من الصراع الممتد، ظهرت موجة جديدة من الهجرة اليمنية، اتسمت بخصائص اجتماعية وسياسية مختلفة مقارنةً بموجات الهجرة السابقة، وتميزت بتغيُّر وجهات الهجرة. ونتيجة لذلك، شهدت مجتمعات الشتات اليمنية الموجودة في بلدان مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة تغيرات هامة في التركيبة الاقتصادية والسياسية لأفرادها من المهاجرين، في حين ظهرت مجتمعات شتات جديدة في بلدان لم تكن موجودة ضمن وجهات الهجرة اليمنية. ومن المهم أيضاً إدراك أن هذه التحولات التي طرأت على الهجرة اليمنية هي انعكاس لديناميات الصراع التي تُشكل الوجهة التي يقصدها المهاجرون، وللعلاقات داخل مجتمعات الشتات وديناميات تعبئتهم تجاه اليمن. تتسم هذه الموجة الأخيرة من الهجرة الناجمة عن الصراع بعدد النخب الفكرية والسياسية الكبير؛ بيد أن ذلك لم يُسفر بالضرورة عن زيادة المشاركة أو التعبئة السياسية المستدامة في سبيل بناء السلام أو إعادة الإعمار. تكشف دراسة مجتمعات الشتات اليمنية في ثلاثة دول مستضيفة -المملكة المتحدة ومصر وتركيا- عن كيفية تأثير مساحة حرية التنظيم التي توفرها كل دولة، فضلاً عن ديناميات الصراع في الوطن الأم، على طبيعة المجتمع قيد البحث وموقفه، وتُحدد أشكال وإمكانيات جهود تعبئة الشتات.

تُقيِّم هذه الورقة بناءً على إجراء أكثر من عشرين مقابلة واستعراض أنشطة أكثر من اثنتي عشرة منظمة يمنية في الشتات تعمل في المملكة المتحدة ومصر وتركيا، الأدوار السياسية والثقافية والاجتماعية التي يحاول المغتربون اليمنيون الضلوع بها سواء تجاه مجتمع الشتات نفسه أو تجاه اليمن، وكيف تأثرت هذه الأدوار بظلال الصراع اليمني المديدة. بالرغم من أن المغتربين في المملكة المتحدة يشاركون في جهود التعبئة السياسية، فإن هذا التوجه يتميز بنزعات الاستقطاب والتدخل الخارجي لأطراف الصراع التي تسعى إلى حشد الدعم لقضاياها من خلال جالياتها في الشتات. وفي الوقت نفسه، بالنسبة إلى مجتمعات الشتات اليمنية الموجودة في تركيا ومصر، فإن القيود المفروضة على الحيز المدني والخوف من تفاقم الاحتكاكات الداخلية التي تعكس مثيلتها في الوطن الأم، جعلت جهود التعبئة موجهة نحو توفير الخدمات الاجتماعية والأنشطة الثقافية بدلاً من التأثير على السياسات في اليمن. من ثم، ففي حين أن التنظيم السياسي في الشتات من أجل دعم إيجاد حل للصراع يمكن أن يتحقق نظرياً، فإن خصائص مجتمعات الشتات هذه، علاوة على هياكل الفرص السياسية للمجتمعات المُضيفة، قد أدت إلى انخفاض القدرة العامة على التعبئة السياسية بهدف بناء السلام.

اليمن: تاريخ من الهجرة والاغتراب

شهد تاريخ اليمن ثلاث موجات كبيرة من الهجرة. حدثت الموجة الأولى في أعقاب انهيار سد مأرب خلال القرن الخامس، مما تسبب في انهيار الحضارة اليمنية القديمة، وأسفرت عنها هجرة إلى مناطق مختلفة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام وشمال أفريقيا. أما الموجة الثانية، التي حدثت بعد ظهور الإسلام خلال القرن الثامن، فقد أفضت إلى الهجرة إلى جنوب شرق آسيا وشمال أفريقيا وإسبانيا (الأندلس) نظراً إلى أن بعض اليمنيين الذين سافروا شاركوا بكثافة في الجيوش الإسلامية التي غزت تلك المناطق. في حين شهدت الموجة الثالثة الكبرى، وهي الهجرة الحديثة، انتقال اليمنيين بأعداد كبيرة إلى دول الخليج، بدايةً من منتصف القرن العشرين وبلغت ذروتها خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات. وبسبب الضرورات الاقتصادية وجاذبية الوظائف ذات الأجور الأعلى بكثير في دول الجوار، اختلفت هذه الموجة من الهجرة بتلك الأعداد الغفيرة عن الموجات السابقة في أنها لم تكن إعادة توطين دائمة وإنما نزوح للعمال الذين كان من المتوقع أن يعودوا إلى وطنهم الأم. وتميزت هذه الهجرة الحديثة بظهور التحويلات الاقتصادية التي أصبحت دعامة للاقتصاد اليمني. وتشير التقديرات الحالية إلى أن أكثر من 10 ملايين يمني قد استقروا في نحو 40 دولة في مختلف أنحاء آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا الشمالية، مما يوفر 3.4 مليار دولار أميركي سنوياً من التحويلات المالية داخل اليمن.

الهجرة الحديثة لليمنيين نتجت أيضاً عن شتى الصراعات الأهلية التي شهدتها اليمن خلال الـ 60 عاماً الأخيرة أو نحو ذلك؛ بيد أن ذلك لم يُسفر عن وجود نخبة سياسية كبيرة في الشتات. فقد أدت ثورة الجمهوريين (ثورة 26 سبتمبر) عام 1962 التي اندلعت في شمال اليمن إلى نفي العائلة الملكية فقط. ومن ناحية أخرى، أدى استقلال جنوب اليمن عام 1967، الذي أفضى إلى تأسيس نظام شيوعي عام 1968، إلى هجرة أصحاب الأعمال التجارية (إلى جانب الغربيين وغيرهم من الأجانب) من مدينة عدن، بالإضافة إلى عشرات السلاطين وشيوخ القبائل وعائلاتهم. لكن الأمر الأكثر أهمية هو أن أغلب هذه النخبة لم تكن نشطة سياسياً ولم تحاول معارضة الأنظمة القائمة، بغض النظر عن أماكن استقرارهم. ونظراً إلى أن تقسيم اليمن حدث وفقاً لمعسكرات الحرب الباردة، احتضن شمال اليمن شبه الرأسمالي شخصيات المعارضة من الجنوب الشيوعي والعكس صحيح. وعلى نحو مماثل، بعد إعادة توحيد شطري اليمن عام 1990 أتيحت مساحة معينة للمعارضة السياسية داخل اليمن، تميزت بتزايد الأحزاب السياسية. وفي أعقاب الحرب الأهلية عام 1994، غادرت الشخصيات البارزة في الحزب الاشتراكي اليمن، وهاجرت إلى الإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية وعمان والمملكة المتحدة. ولكن حتى في ذلك الوقت، ومع ترك مجال للحرية، كانت المعارضة السياسية مُمكنة من خلال الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام.

الواقع أن بداية دوامة جديدة من الصراع عام 2011، التي أعقبها اندلاع الحرب الأهلية والإقليمية في 2015، وما ترتب على ذلك من خصائص ديموغرافية في الشتات وأشكال السياسات العابرة للحدود الوطنية التي نتجت عن ذلك، تُشكل في هذا السياق تطوراً جديداً إلى حد كبير في تاريخ الشتات اليمني الطويل. وعلى الرغم من أن معظم اليمنيين هاجروا طوال القرن العشرين لأسباب اقتصادية، فقد ظهر عاملاً سياسياً جديداً نتيجة الحرب الحالية في أعقاب الانتفاضة الشعبية التي اندلعت عام 2011. وقد أدى ذلك إلى تغيير طبيعة الشتات اليمني، ليس فقط من خلال زيادة تدفقات المهاجرين الجدد لأسباب اقتصادية، بل أيضاً من خلال تشكل شتات سياسي أثر بحيوية على السياسات في الوطن الأم. في واقع الأمر، يبدو أن ظاهرة النخب السياسية والناشطين في الشتات الذين يشاركون بفعالية في جهود التعبئة السياسية هي ظاهرة جديدة تماماً في السياق اليمني. ومع ذلك، لا تتسم هذه الظاهرة بطبيعة متجانسة: ذلك أن وجهة المهاجرين اليمنيين تتأثر بالأيديولوجية السياسية والانتماء السياسي، فضلاً عن أنها تُمثل عاملاً وسيطاً هاماً في أشكال تعبئة وتنظيم الشتات. تكشف دراسة مجموعات الشتات اليمني في المملكة المتحدة ومصر وتركيا عن تشكيل التجمعات الديموغرافية في الشتات، وكيفية تأثير هياكل الفرص السياسية المختلفة في الدول المُضيفة على جهود التعبئة العابرة للحدود الوطنية.

اليمنيون في المملكة المتحدة: جهود التعبئة المُتغيّرة باستمرار

في حين يُقدر عدد الجالية اليمنية في المملكة المتحدة ما بين 70-80 ألف شخص بحسب تعداد عام 2001، وتُمثل واحدة من أقدم الجاليات المسلمة في البلاد، فإن أولئك الذين يضطلعون في الوقت الراهن بفاعلية في جهود التعبئة، سواء بهدف إدماج الشتات أو التأثير على سياسة الحكومة البريطانية تجاه اليمن، هم أبناء الجيل الأول من المهاجرين. ومع زيادة صعوبة زيارة اليمن بسبب الصراع الحالي، أصبحت الروابط مع اليمن ضعيفة أو مفقودة كلياً. فقد اصبح الشعور السائد بين العديد من أبناء الجيل الثاني، على حد قولهم خلال المقابلات والمحادثات غير الرسمية، هو أنهم بريطانيون أكثر من كونهم يمنيين. هذا بالإضافة إلى اتفاق في الآراء على أن اليمن، في ظل هذه الحرب، أصبح بلد لا أمل موجو منه. وقد أدت هذه العوامل إلى الحد من اهتمام أبناء الشتات بالشأن اليمني. ولكن على نفس القدر من الأهمية، أدت الحرب إلى تقسيم الشتات اليمني في المملكة المتحدة على نحو لم يسبق له مثيل وخلقت شعوراً بخيبة الأمل بين معظمهم. وفي حين ما يزال النشاط السياسي للشتات اليمني قائماً في المملكة المتحدة، فإنه لا يحظى بقدر كبير من الحماس، لا سيما بين أبناء شمال اليمن.

يعود تاريخ الشتات اليمني في المملكة المتحدة إلى عام 1860 في مدينة ساوث شيلدز الساحلية، وتألف من البحارة الذين هاجروا من المستعمرة البريطانية في مدينة عدن. ففي أعقاب الحرب العالمية الثانية، ومع احتياج بريطانيا إلى العمال، هاجر مئات اليمنيين للعمل في المصانع البريطانية واستقروا في المناطق الصناعية مثل شفيلد وبرمنغهام وليفربول ومانشستر. وعندما تراجع الاقتصاد الصناعي في نهاية السبعينيات، بعد النهضة الاقتصادية التي شهدتها دول جنوب شرق آسيا، انخفضت الهجرة اليمنية، بل وعاد البعض إلى اليمن أو هاجر من جديد إلى دول الخليج. وحتى الثمانينيات، هاجر عدد قليل من اليمنيين برفقة أسرهم؛ بيد أن هذا التوجه بدأ يتغير في السبعينيات عندما استقر الجنوب آسيويين الذين عملوا مع المؤسسة الاستعمارية البريطانية في أفريقيا وآسيا في المملكة المتحدة مع أسرهم في نهاية السبعينيات، الأمر الذي شجع اليمنيين على أن يحذوا حذوهم.1مقابلة أجراها المؤلف، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2020. ويعزو أيضاً هذا التوجه نحو هجرة العائلات الكاملة إلى انخفاض المرتبات وارتفاع تكاليف المعيشة في المملكة المتحدة.2مقابلة أجراها المؤلف، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

أدى هذا التحول في طبيعة الهجرة من مجرد رجال يعيشون بمفردهم بصفتهم عمال غير دائمين إلى أسر تسعى إلى إعادة توطينهم بصورة دائمة أكثر، إلى حدوث تغييرات كبيرة في شواغل وأولويات اليمنيين في الشتات. فقد تأسست أول منظمة يمنية، وهي "الجمعية العلوية"، في أواخر حقبة الثلاثينيات على يد الشيخ عبد الله علي الحكيمي، وهي جمعية دينية صوفية تهدف إلى تقديم الخدمات الاجتماعية للمجتمع اليمني، وتوفير أماكن للتجمع واللقاءات. تراجعت أهمية الجمعية العلوية مع تصاعد النضال السياسي في اليمن، وخاصة مع اندلاع ثورة 26 سبتمبر عام 1962 في شمال اليمن التي أطاحت بالإمامة، وبداية حرب العصابات ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب. خلال هذه الفترة، انخرط أفراد الشتات اليمني في المملكة المتحدة بنشاط في السياسة، وانضموا إلى الحركات القومية واليسارية العربية التي تمخضت عن اتحاد العمال العرب الذي تأسس عام 1961. وتضمنت الأنشطة الرئيسية للاتحاد، التي تركزت بصفة أساسية في برمنغهام، جمع التبرعات لمشاريع التنمية في الوطن الأم، وتنظيم حملات سياسية في المملكة المتحدة، وعقد اجتماعات تضم الجالية اليمنية، وتنظيم دروس محو أمية لأفراد الشتات وغيرها من الأنشطة.3Fred Halliday, “Yemeni Workers’ Organizations in Britain”, Race and Class, Vol.33 No.4, 1992.

لكن في نهاية السبعينيات ومع التوجه المتزايد نحو هجرة العائلات، تراجع هذا النشاط السياسي لأن المهاجرين أصبحوا أكثر أهتماماً بالحفاظ على هويتهم وعاداتهم. تزامن هذا التحول الديموغرافي أيضاً مع تحول سياسي مهم تدور رحاه في كافة أرجاء العالم العربي. إذ شهدت تلك الفترة تحولاً صوب قضايا الهوية، مع انحسار حركات التحرر والاستقلال السياسي، وصعود حركات الإسلام السياسي. ومثلما أوضح أحد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلات، أصبح الناس أكثر انشغالاً بقضاياهم الشخصية ونأوا بأنفسهم عن السياسة.4مقابلة أجراها المؤلف، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

أدت تلك التحولات السياسية والديموغرافية إلى إحداث تغييرات أيضاً في الهيئات التمثيلية اليمنية في المملكة المتحدة. ففي عام 1986، تأسس أول فرع لجمعية الجالية اليمنية في مدينة شفيلد، ليتبعه بعد ذلك فروع أخرى في كثير من المدن البريطانية التي استضافت المهاجرين اليمنيين مثل برمنغهام وليفربول ومانشستر.5مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020. لكن وخلافاً للتنظيمات السابقة لم تهتم تلك الجمعيات بالسياسات في الوطن، بل انصب اهتمامها في المقابل على توفير الخدمات الاجتماعية اللازمة لإدماج الجالية اليمنية في المجتمع البريطاني، من قبيل المشورة القانونية وتعليم اللغة الإنجليزية للمهاجرين من كبار السن وتعليم اللغة العربية للأطفال وبناء المساجد. وقد انتخب المهاجرين اليمنيين أعضاء تلك الجمعيات التي تلقت معظم تمويلها من الحكومة البريطانية، ولم تسهم الحكومة اليمنية سوى بنسبة ضئيلة للغاية في تمويلها.

في السنوات الأخيرة وتحديداً عام 2010، حدث هذا التحول في اهتمام المهاجرين من الشأن اليمني إلى الأوضاع في المملكة المتحدة نتيجة حدوث تغيير في الارتباطات داخل الشتات وفي قيود التمويل المُقدم في المملكة المتحدة. فمن جهة، تراجعت أهمية تلك الجمعيات لأن الأجيال الجديدة كانت أقل ارتباطاً بالوطن الأم، لكن في الوقت ذاته، كان لا بد من صرف الاهتمام بعيداً عن اليمن لاجتذاب التمويل اللازم للإبقاء على تلك الجمعيات. وكما أخبرنا أحد الأشخاص الذي أجرينا معهم مقابلات، اُتخذ قرار تغيير اسم جمعيتهم في شيفيلد إلى "معاً نتطلع للمجتمع" (Aspiring Community Together) لأن ربط اسمها باليمن حال دون حصولهم على تمويلٍ أكبر. لكنه واصل حديثه موضحاً، "لا ينبغي أن تقتصر أنشطتنا على الوطن، وعلينا أن نكون أكثر نشاطاً وانخراطاً في الشؤون السياسية والاقتصادية البريطانية، هذا الأمر تحديداً يمكن أن يساهم في تطوير الجالية وأن يجعلها أكثر اندماجاً في المجتمع البريطاني".6مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

جهود التعبئة السياسية التي بذلها أبناء اليمن الجنوبي

خلفت الحرب الأهلية اليمنية التي دارت رحاها عام 1994 بين الحزب الاشتراكي في الجنوب والحكومة في صنعاء صدعاً بين الجالية اليمنية في المملكة المتحدة، وأعادت الحيوية للنشاط السياسي في الشتات. يعزى هذا جزئياً على الأقل إلى الاتجاهات الجديدة في الهجرة الناتجة عن الحرب: فقد فضل معظم المهاجرين اليمنيين الجنوبيين الذهاب إلى المملكة المتحدة لتكون قاعدة معارضتهم في المنفى بسبب التاريخ الاستعماري في جنوب اليمن والجالية الجنوبية الموجودة بالفعل في المملكة المتحدة،7مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وهو ما يجعلها وجهة يمكن بلوغها لمعظم الجنوبيين. وبعد ذلك، ستثمر جهود التعبئة السياسية التي زرع بذورها أبناء الشتات اليمني الجنوبي خلال السنوات اللاحقة.

وفي عام 1997، تشكلت أول معارضة سياسية يمنية من المنفى منذ الستينيات. تأسست حركة الجبهة الوطنية للمعارضة الجنوبية، برئاسة عبد الرحمن الجفري وبتمويل من الحكومة السعودية حتى عام 2000، في جمع بعض مكونات الشتات الجنوبي للعمل من أجل تأسيس دولة مستقلة، أو على أقل تقدير إصلاح مسار وحدة اليمن. كان من أهدافها توحيد الجنوبيين وإذكاء الوعي حول قضية الجنوب ومحاولة الضغط والتأثير على الحكومة البريطانية. لكن هذه المبادرة لم تدم طويلاً، وتوقف عملها نهائياً في 2002 بسبب انقطاع التمويل السعودي.

في عام 2003، تأسس تنظيم معارض جنوبي آخر في المملكة المتحدة وهي التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج). حظي هذا التنظيم بشعبية وسط الجنوبيين في المملكة المتحدة إذ تزامن تأسيسه مع وقت بزوغ الحركة الانفصالية الجديدة في جنوب اليمن.8مقابلة أجراها المؤلف، 16 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وبعد مضي 5 سنوات، في عام 2009، تشكل تنظيم آخر، هو "المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب"، برئاسة حيدر أبو بكر العطاس، أول رئيس وزراء لأول حكومة بعد تحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية. عمل هذا المجلس لصالح القضية الجنوبية، مستهدفاً الاشتراكيين بشكل أساسي، ودعى إلى تصحيح مسار الوحدة اليمنية بدلاً من الانفصال. لكن تلك المجموعة تحديداً الدعوات -التي تركز على تصحيح مسار الوحدة وليس الانفصال- لاقت شعبية أقل من مثيلتها التي أطلقها التجمع الديمقراطي الجنوبي.

مرحلة ما بعد عام 2011: تزايد التعبئة السياسية والاستقطاب

في عام 2011، مع اندلاع الانتفاضة الشعبية، أصبح الشتات اليمني نشطاً بصورة لم يسبق لها مثيل. وأطلق اليمنيون الشماليون مظاهرات وحملات ضغط لدعم الاحتجاجات، وهي حملات سهلتها الأجواء المنفتحة لهذه المظاهرات نظراً للاهتمام والانتباه الكبيرين للغاية اللذين أولتهما الحكومة ووسائل الإعلام البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. لكن تلك التعبئة التي اضطلع بها المهاجرون من أجل الانتفاضة الشعبية لم تكن تمثل كافة أفراد الشتات، بل على النقيض، تسبب الحراك في انقسام آخر بين اليمنيين الشماليين في المملكة المتحدة، خاصة برمنغهام، حيث انحاز بعضهم لنظام علي عبد الله صالح. وفقاً للمقابلات التي أجريناها، يعكس هذا الانقسام جزئياً الانتماءات الحزبية السياسية المختلفة، تحديداً الانقسام بين من يؤيدون حزب المؤتمر الشعبي الحاكم ومن ينتمون أيديولوجياً لحزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين.9مقابلة أجراها المؤلف، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

وفي حين تعاطف بعض الجنوبيين مع الاحتجاجات وشاركوا في فعاليات كبيرة لتقديم الدعم، إلا أن موافقهم من الوحدة مع الشمال أثرت على غالبيتهم بشدة ، وباتوا متشككين في إمكانية إجراء إصلاح جذري لِمسار الوحدة اليمنية الذي تغيّر جوهرياً. 10مقابلة أجراها المؤلف، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020. لكن مع ذلك، في السنوات الأولى التي أعقبت عام 2011، ساهم أمل اليمنيين في المستقبل والأجواء التفاؤلية إلى حدٍ كبير في تخفيف حدة تلك الانقسامات.

بيد أن اندلاع الحرب في اليمن عام 2015 أحدثت صدعاً جديداً بين الجالية اليمنية في المملكة المتحدة، فضلاً عن انتشار قدر من اللامبالاة السياسية. تزايد الانقسام بين المهاجرين الشماليين والجنوبيين، الذين استاءوا كثيراً من الغزو الحوثي لمنطقتهم، ونشطوا في تنظيم التظاهرات لدعم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات حتى انسحاب القوات الحوثية من الجنوب في تموز/يوليو 2015.11مقابلة أجراها المؤلف، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020. في المقابل انقسم الشماليون حسب موقفهم من تحالف علي عبد الله صالح مع الحوثيين، فقد ساد إحساس بخيبة الأمل لدى غالبيتهم: كان معظم الشماليين معارضين للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات إضافة إلى الحوثيين أيضاً. أسفر ذلك عن فتور سياسي بين الشماليين، الذين أحجموا بالتالي عن اتخاذ أيّ خطوة يمكن أن تساعد ولو من دون قصد في تعزيز أيّ طرف من أطراف الصراع.12مقابلة أجراها المؤلف، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020. لكن تلك اللامبالاة السياسية نتجت أيضاً عن تراجع اهتمام الحكومة ووسائل الإعلام البريطانية بالشأن اليمني، خلافاً لما حدث في 2011.

أدى الإعلان عن تأسيس "المجلس الانتقالي الجنوبي" في 2017 إلى تعبئة هائلة من قبل الجنوبيين في الشتات، بما في ذلك تنظيم التظاهرات للإعراب عن دعمهم للمجلس والدعاية له. من المهم الإشارة هنا إلى أن المجلس هو من شجع جهود التعبئة هذه في الشتات. وباعتباره أول هيكل تنظيمي مهم يحاول تمثيل الجنوب، أسس المجلس مكتباً في لندن عام 2019 عقب زيارة رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، إلى المملكة المتحدة والتي  نظم خلالها لقاءاً واسعاً مع أبناء الجالية اليمنية في مدينة شيفيلد.13مقابلة أجراها المؤلف، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020. بيد أنه بمرور الوقت، تقلصت جهود التعبئة الجنوبية تلك، وبدأ بعض الجنوبيين في معارضة المجلس الانتقالي، لأنهم اعتبروه غير حازم بما فيه الكفاية في معارضته للحكومة المعترف بها. إلى جانب ذلك، ظهر انقسام جديد بين أبناء الشتات الجنوبي في المملكة المتحدة عقب الاشتباكات التي حدثت في آب/أغسطس 2019،14Helen Lackner and Raiman Al- Hamdani, Raiman, “War and Pieces: Political Divides in Southern Yemen”, European Council on Foreign Relations, January 2020, available at https://ecfr.eu/publication/war_and_pieces_political_divides_in_southern_yemen/. فقد شهدت ديناميات الصراع في الجنوب بزوغ فصائل موالية للمجلس الانتقالي وأخرى مناهضة له، إلا أن المجلس الانتقالي واصل جهوده الرامية إلى التأثير على تعبئة الشتات. بعد افتتاح مكتب المجلس الانتقالي الجنوبي في لندن، تشكلت مجموعة "أصدقاء جنوب اليمن" بهدف التأثير على سياسة الحكومة البريطانية تجاه الجنوب من أجل تأسيس دولة مستقلة في جنوب اليمن تختلف سياستها جزئياً عن سياسات المجلس الانتقالي الجنوبي. تأسست مجموعة أخرى باسم "مجموعة أصدقاء اليمن في حزب العمال" ولكن جزء منهم شماليين فإنها ليست ضمن الانقسام الجنوبي-الجنوبي.

ومن المثير للاهتمام أن هذا الاستقطاب المتزايد قد اتخذ أيضاً بُعداً يتجاوز الشتات اليمني. إذ تتواصل الجالية اليمنية مع الجاليات الأخرى المتعاطفة معها ويتلقون الدعم على هيئة أشكال مختلفة من التضامن، بما في ذلك المشاركة في التظاهرات اليمنية أو مساعدتهم في الوصول إلى وسائل الإعلام البريطانية أو صناع القرار. وتُعد الصلات التي تربطهم بأنصار الحوثيين من جانب والمعارضة البحرينية والجالية العراقية الشيعية من جانب آخر أفضل مثال على ذلك. ومن جهة أخرى، يتلقى الجنوبيون دعماً مماثلاً من أبناء الجاليات الأخرى مثل الأكراد وسنة العراق وأبناء أرض الصومال الذين يشاركوا في التظاهرات والفعاليات التي تنظمها الجالية اليمنية.

العمل الخيري والثقافي علامات باقية على وحدة الشتات

على الرغم من الانقسامات السياسية، من الجدير بالذكر أن جميع من التقيتهم اتفقوا على أن تلك الانقسامات المتعددة ليس لها تأثير كبير على العلاقات الاجتماعية في أوساط الشتات اليمني. فقد أكد جميع من أجريت معهم مقابلات أن العلاقات الاجتماعية بين اليمنيين في الشتات داخل المملكة المتحدة لم تتأثر بالانقسامات السياسية، على عكس المجتمعات العربية الأخرى. فما زالوا يتجمعون، إلى يومنا هذا، بشكل معتاد في المناسبات الاجتماعية كالزواج والعزاء، مع اتفاقهم جميعاً على أن معاني الوحدة والتناغم كانت أفضل في الماضي. وقد أشاروا إلى أن منع القات في المملكة المتحدة منذ ست سنوات مضت كان أحد العوامل الأساسية التي أثرت سلباً على الشتات. فقد كانت جلسات مضغ القات تعد من الفرص الرئيسية لعقد لقاءات اجتماعية منتظمة؛ والأهم من ذلك أنها كانت تعَد منتديات غير رسمية يتم فيها تبادُل الآراء السياسية وطرحها بحرية. وبالتالي أتاحت تلك الأماكن لأبناء الشتات أن يظلوا على اتصال بالرغم من الاختلافات السياسية، وأن يصبحوا أكثر وعياً بوجهات نظر بعضهم البعض. لكن التجمعات اليمنية لم تعد تجري بانتظام اليوم، وهناك غياب ملحوظ للنقاش، مما أدى إلى بعض سوء الفهم وتعميق الخلافات.

مع ذلك، ما يزال تنظيم الشتات اليمني في المجال الثقافي اليوم، مثلما كان في الماضي، حقلاً خصباً للعمل الجماعي. على سبيل المثال، فإن "الجمعية البريطانية اليمنية"، التي أسستها في عام 1993 مجموعة من السياسيين والمثقفين اليمنيين البارزين مع أكاديميين وسفراء بريطانيين، هي منظمة خيرية تمولها الحكومة البريطانية ورجال أعمال يمنيون. تنشر الجمعية مجلة أكاديمية سنوية حول اليمن، وأصدرت كتاباً عن اليمن بعنوان "أهمية اليمن " (Why Yemen Matters)، وما تزال نشطة إلى اليوم. وبالمثل، بينما تراجع الاهتمام بالأنشطة الفكرية في السنوات الأخيرة، نظراً لحالة الحرب، فقد تواصَل إنشاء وتأسيس بعض منظمات الشتات العاملة على القضايا الثقافية، ومنها "تمدُّن للإعلام والتنمية الثقافية" التي تأسست عام 2017 وتسعى إلى إثارة قضايا تتعلق بالثقافة العربية وتستهدف الشتات اليمني.

على نحو مماثل، وبالرغم من زيادة التشظّي السياسي، تبقى جهود العمل الخيري من المجالات التي ما يزال الشتات اليمني في بريطانيا قادراً فيها على العمل سويّاً. على سبيل المثال، يرسل المجتمع اليمني في شفيلد تبرعاته، التي تصل إلى 200 ألف جنيه إسترليني، بانتظام إلى اليمن.15مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020. وتُجمَع التبرعات أيضاً بانتظام من قِبَل مختلِف منظمات الشتات اليمني في المملكة المتحدة، وأبرزها "منظمة الرحمة للإغاثة" (ميرسي ريليف Mercy Relief) و"هيئة سبأ الإغاثية" (صَبا ريليف Saba Relief) أو حتى من الجمعيات المحلية (فعلى سبيل المثال، تقوم سبأ ريليف بجمع التبرعات في الغالب من مجتمعات إسلامية أخرى كالمجتمع الجنوب آسيوي في المملكة المتحدة، ويصل حجم ما تجمعه إلى 2.2 مليون جنيه إسترليني). توزَّع تلك التبرعات في جميع أنحاء اليمن دون تفرقة بين المناطق. إضافة إلى تبرعاتهم، يواصل اليمنيون في المملكة المتحدة القيام بالتحويلات المالية إلى أسرهم في داخل الوطن. إلا أنه مع تلك الجهود، يظل التأثير محدوداً بسبب العديد من العقبات التي تعترض سبل الوصول التي يفرضها التحالف السعودي-الإماراتي والحوثيون، إضافة إلى القيود على السفر التي تعيق متابعة ومراقبة عملية توزيع التبرعات.16مقابلة أجراها المؤلف، 25 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

 تعبئة جهود الشتات اليمني في مصر: حدود النطاق والحجم

كانت مصر منذ أمد بعيد وجهة مفضلة للإقامة (وإن كانت هناك حالات قليلة تبحث عن اللجوء السياسي)، وعن فرص الدراسة، وفي بعض الحالات بحثاً عن العمل التجاري في الخارج، وقد استمر هذا الاتجاه منذ اندلاع الصراع الجاري اليوم في اليمن. منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وبفضل اللغة المشتركة وسهولة الوصول، كانت مصر الوجهة المفضلة للحصول على التعليم العالي بالنسبة إلى الطبقة العليا من اليمنيين، وهو توجه ازداد أكثر في ستينيات القرن ذاته في أعقاب التدخل العسكري المصري في اليمن الشمالي. في الواقع، كان الشتات اليمني في مصر دائماً ذا حجم معتبر ومندمج نسبيّاً في المجتمع المصري. يتميز أيضاً بالتنوع، فيضم الطلاب ورجال الأعمال والمثقفين والسياسيين وملايين السياح والباحثين عن الرعاية الطبية وغيرها من الأغراض. والواقع أنه بحلول الثمانينيات من القرن العشرين كان هناك يمنيون في مصر يمتلكون بعض الشركات الكبرى في البلاد، ومنها شركة كوكاكولا وبعض مصانع المنتجات الغذائية.

في أعقاب اندلاع حرب 2015، استقبلت مصر موجة هائلة من المهاجرين اليمنيين. يقدَّر اليوم تعدادهم في مصر بين نصف مليون إلى 700 ألف، إضافة إلى آلاف الزوار الآخرين سنوياً، مع أن 9,200 فقط من اليمنيين بمصر مسجلين كلاجئين في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.17مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020. يمثل هذا الأمر زيادة معتبرة، نظراً إلى أن عدد المقيمين اليمنيين في مصر قبل الحرب لم يتجاوز 70 ألفاً.18قبول العَبسي، "الكفاح بعيداً عن الوطن: اللاجئون اليمنيون في القاهرة"، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، كانون الأول/ديسمبر 2020. تم الوصول عبر هذا الرابط: https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/12316. عند بدء الحرب، فرضت مصر قيوداً على التأشيرات للمرة الأولى، الأمر الذي مثّل قطيعة كبيرة مع الماضي حين كان اليمنيون يستطيعون زيارة مصر والعيش فيها دون الحاجة إلى تصريح إقامة. ولكن بعد شهور قلائل، قامت الحكومة بتغيير المسار إلى العكس، فسهّلت إجراءات الحصول على التأشيرات من خلال تقديم تقرير طبي يثبت الحاجة إلى تلقّي الرعاية الطبية في مصر – وهو ما يمثل مصدراً مهماً للدخل بالنسبة إلى قطاع الرعاية الصحية المصري. يمكن الحصول على هذه التقارير بسهولة في اليمن، بغضّ النظر عن الحالة الصحية، ونتيجة لذلك صارت مصر من جديد هي أكثر بلد يمكن لليمنيين الوصول إليها، وخصوصاً أولئك الذين يعيشون في داخل اليمن (فما تزال إجراءات الحصول على التأشيرة إلى مصر صعبة لليمنيين الذين يعيشون خارج اليمن). علاوة على هذا، صارت إجراءات الإقامة أيسر وأكثر منهجية، ولا تتطلب التجديد إلا كل ستة أشهر أو حتى سنوياً. نتيجة لذلك، صارت مصر هي المقر الدائم لآلاف اليمنيين الفارّين من الحرب أو القمع الحوثي، وخصوصاً بالنسبة إلى السياسيين والمثقفين والصحفيين.

غير أنه بالرغم من هذا التاريخ الطويل للشتات اليمني في مصر، كانت جهود التعبئة وتنظيم الشتات ضئيلة نسبياً. الاستثناء الأبرز من بينها هو "اتحاد الطلاب اليمنيين" في مصر الذي نشط سياسياً في أعقاب الثورة المصرية عام 1952، بل لعب دوراً مهماً في المعارضة اليمنية ضد نظام الإمامة في الشمال والاحتلال البريطاني في الجنوب،19صادق محمد الصفواني، "تأسيس البعثات الطلابية اليمنية في مصر في ثلاثينيات القرن العشرين"، مجلة Arabian Humanities [الإنسانيات العربية]، المجلد 12، 2019. تم الوصول عبر هذا الرابط: https://journals.openedition.org/cy/5314. فعقَد أنشطة من قبيل تنظيم المظاهرات وزيادة الوعي بالقضية اليمنية في الإعلام المصري وعقد اللقاءات مع المسؤولين المصريين لدعم الحركة اليمنية في الشمال والجنوب. على الرغم من ذلك، لم يتم إنشاء رابطة للجالية اليمنية إلا في عام 2006، وإن لم يكن هدفها موجَّهاً إلى الوطن الأم بقدر ما كان نحو توفير الخدمات الاجتماعية لأفراد الشتات. غير أنه مع مستهل الحرب، والمشكلات التي تعرّض لها اليمنيون الذين يعيشون في مصر، ظهرت أشكال أخرى من تعبئة الشتات. فمع اندلاع الحرب في 26 آذار/مارس 2015، وتعليق الرحلات الجوية من وإلى اليمن، انقطعت السبل بآلاف اليمنيين في مصر الذين لا يملكون الأموال اللازمة للعيش في مصر. . استمرت هذه الأزمة شهرين لم تستطع خلالهما السفارة اليمنية أو الحكومة المصرية العثور على حل.، بينما استطاع مجموعة من الطلاب اليمنيين في الشتات بمصر وبمجهود تطوعي جمع التبرعات من رجال الأعمال اليمنيين، وأسهموا في تقديم المعونات الشهرية للعالقين والمحتاجين.

من خلال تلك التعبئة المدنية العفوية والموجهة نحو المجتمع، ظهرت أشكال أخرى لتعبئة الشتات. على سبيل المثال، تقدِّم منظمة "مبادرة" -التي تأسست خلال أزمة كورونا- الخدمات للاجئين اليمنيين، ومنها التدريب للحصول على وظيفة والدعم النفسي والاجتماعي. وبالمثل، زادت دار أروقة للنشر اليمنية، التي تأسست في عام 2010 بالقاهرة، من أنشطتها وإصداراتها، وصارت أكثر تركيزاً على اليمن، مستفيدة من زيادة حضور المثقفين اليمنيين في الشتات بمصر.20يعتقد مالك دار النشر أن الأجواء الفكرية/الثقافية في مصر تدهورت منذ عام 2013، نتيجة الشعور بالخوف والإحباط. وهذا يأتي على النقيض من الأوضاع بين عامَي 2011 و2013 حين سادت مشاعر التفاؤل والحرية. مقابلة أجراها المؤلف، 23 أيلول/سبتمبر 2020. وعلى نحو مماثل، أنشئت مؤسسة ثقافية يمنية أخرى في مصر في أعقاب الحرب، تدعى "مؤسسة سبأ للثقافة والفنون"، فقامت منذ عام 2015 بإنشاء مكتبة متخصصة الكتب اليمنية، إضافة إلى رعاية ودعم الفنانين والحرفيين اليمنيين  الذين إستقروا في مصر منذ عام 2015.21مقابلة أجراها المؤلف، 30 أيلول/سبتمبر 2020.

يوضح هذا العدد الضئيل من المنظمات اليمنية في الجالية، ونطاقها المحدود للغاية، القيودَ  المفروضة على الحيز المدني في البيئة المصرية. فعلى سبيل المثال، تعمل منظمة "مبادرة" بدون إذن رسمي نتيجة ارتفاع تكاليف التسجيل، ولكنها تمارس أنشطتها تحت غطاء منظمة "أحلام" السودانية أو المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.22مقابلة أجراها المؤلف، 23 أيلول/سبتمبر 2020. والواقع أن العمل تحت غطاء المنظمات الأخرى هو استراتيجية جيدة للتحايل تستغلها الجمعيات اليمنية نظراً إلى صعوبة الحصول على إذن لممارسة أنشطتها المدنية. أما المنظمات الأخرى، مثل موقع "المشهد اليمني" وشبكة "أصوات السلام النسوية"، فقد أوجدت لنفسها مكاناً على الساحة من خلال الحصول على تصاريح من الحكومة اليمنية للعمل في الخارج، وإن كانت هذه المنظمات ما تزال تواجه قيوداً فيما يتعلق بالقدرة التشغيلية.

لعل الشتات اليمني في مصر، تماماً كما هو الحال في المملكة المتحدة، يواجه انقسامات إقليمية وسياسية تُعيق قدرته على التنظيم والتعبئة مع فارق غياب هامش الحرية الذي يسمح بإدارة هذه الانقسامات. وكمثال على ذلك، واجه "اتحاد الطلاب اليمنيين" الكثير من العقبات ولم تُجرَ انتخابات الاتحاد منذ عام 2011،23مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020. خوفاً من إثارة الخلافات الداخلية نتيجة لاختلاف المواقف السياسية أو الأيديولوجية فيما يتعلق بالصراع.

الشتات اليمني الجديد في تركيا: التماسك الأيديولوجي ومحدودية التنظيم

في حين لم يحصل سوى عدد قليل من الطلاب اليمنيين قبل عام 2015 على منح للدراسة في تركيا، أصبحت البلاد منذ اندلاع الحرب وجهة هامة للهجرة. فخلال فترة وجيزة، استقبلت تركيا آلاف اليمنيين الفارين من الصراع والقمع الحوثي. من بين هؤلاء رجال أعمال يمنيون وأشخاص عاديون كانوا يعيشون سابقاً في دول الخليج ولكنهم فضلوا في نهاية المطاف الاستقرار في تركيا، في ظل القيود الأخيرة المفروضة على المستثمرين اليمنيين والمهاجرين في دول مجلس التعاون الخليجي. نتيجة لذلك، أصبحت تركيا الآن موطناً لما لا يقل عن 30 ألف يمني، من بينهم 4500 طالب جامعي.24مقابلة أجراها المؤلف، 30 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

اقترن هذا التوطين السريع لليمنيين في تركيا بظهور قنوات إعلامية وهياكل تنظيمية جديدة. إذ يوجد حالياً ثلاث قنوات تلفزيونية يمنية تبث من إسطنبول، تتلقى تمويلها بصفة رئيسية من قطر. تأسست أقدم هذه القنوات، وهي "قناة بلقيس" الفضائية، التي تملكها الناشطة اليمنية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل للسلام، في آب/أغسطس 2014، وقد كان مركز بثها الرئيسي في صنعاء. إلا أن الضغوط التي مارسها الحوثيون دفعت القناة إلى نقل معظم موظفيها إلى إسطنبول في شباط/فبراير 2015، وبحلول آذار/مارس من ذلك العام أُغلِق مكتب القناة في العاصمة اليمنية عنوة. وقد حصلت القناة على إذن رسمي للعمل من الحكومة التركية، لكونها تدفع الضرائب وتوظف المواطنين الأتراك، والأهم من ذلك أنها لا تتدخل في سياسة الحكومة التركية.25مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

علاوة على ذلك، تأسست منذ عام 2015 جمعيتان يمنيتان مهمتان هما: "جمعية الجالية اليمنية" التي تنظم اجتماعات لليمنيين وتقدم الخدمات الاجتماعية للمقيمين اليمنيين، وجمعية "اتحاد الطلاب اليمنيين" التي يوجد مقرها الرئيسي في إسطنبول وفروعها الثمانية في مدن متعددة والتي تأسست بعد اندلاع الحرب والزيادة السريعة التي طرأت على حجم الكيان الطلابي اليمني، وهي تشارك مشاركة فعالة في تنظيم المناسبات الثقافية والاجتماعية وتقديم الخدمات للطلاب اليمنيين. وفيما يخص التمويل، تعتمد كلتا الجمعيتين على اشتراكات الأعضاء وتبرعات رجال الأعمال. ومن المثير للاهتمام أنه لا يوجد انقسام مناطقي داخل "اتحاد الطلاب اليمنيين"، باستثناء محاولة واحدة من طلاب حضرموت، الذين حاولوا تأسيس اتحاد مستقل (وفشلوا في ذلك).26مقابلة أجراها المؤلف، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2020. ومع ذلك، وبالرغم من عدم وجود انقسام مناطقي، فثمة هيمنة واضحة للإخوان المسلمين في الاتحاد، وهو ما يدل على الميول الأيديولوجية لدى أغلبية اليمنيين في تركيا. بيد أن التحدي الحقيقي الوحيد الذي يواجه هيمنة الإخوان المطلقة هو حركة مستقلة لا تنتسب إلى أي حزب سياسي وتمثل في الغالب الطلاب العلمانيين الليبراليين الذين يقدمون أنفسهم على أنهم الجمهوريون الجدد. تتداخل هذه الحركة، التي أصبحت تحظى بشعبية كبيرة في شمال اليمن وتعتبر جزءاً من المعارضة ضد الحوثيين، مع خطاب شعبي آخر يدعو إلى إحياء الهوية الوطنية وربط اليمن بجذوره ما قبل الإسلامية. وبالرغم من أن هذه الحركة المستقلة لا يمكنها أن تفوز بانتخابات اتحاد الطلاب بسبب ضعف قدراتها النتظيمية قياسا بالأخوان، فقد نجحت في تأسيس بعض النوادي الثقافية، مثل "الفكر" و"الإكليل"، التي نظمت عدة مؤتمرات ثقافية ركزت على المسائل التاريخية والهوية اليمنية.

على الرغم من تدني مستوى التنظيم الرسمي، فإن الشتات اليمني في تركيا يتخذ موقفاً مناهضاً للحوثيين ومؤيداً للحكومة الشرعية بصفة عامة، مما أوجد أرضية مشتركة صلبة بغض النظر عن الخلافات البسيطة. ونتيجة لذلك، ثمة إمكانية لتحقيق التعبئة الجماعية بين صفوف الجالية اليمنية في تركيا، كما حدث مثلاً في التظاهرة الكبيرة التي نُظمت ضد الإمارات، وتحديداً عندما ساندت الإمارات قوات المجلس الانتقالي الجنوبي ضد القوات الحكومية التي استهدفتها الغارات الجوية الإماراتية في آب/أغسطس 2019.27محمد عبد الملك، "الجالية اليمنية في تركيا تتظاهر للتنديد بممارسات الإمارات ببلادهم"، شبكة الجزيرة الإعلامية، متاح على الرابط التالي: ومع ذلك، هناك العديد من العقبات المهمة التي تواجه الشتات اليمني الجديد في تركيا. أولاً، أعاقت صعوبات تعلم اللغة إدماج اليمنيين عموماً في المجتمع التركي، وخلقت فجوات بين الآباء وأطفالهم الذين يتعلمون اللغة التركية في المدارس.28مقابلة أجراها المؤلف، 30 تشرين الأول/أكتوبر 2020. ثانياً، ظلت السفارة اليمنية في تركيا بدون سفير منذ عام 2017، بسبب التوتر بين تركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات، الأمر الذي أثّر سلباً على مصالح الجالية اليمنية في تركيا وزاد من صعوبة الحصول على تأشيرات الدخول وتصاريح الإقامة.29مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020. مثل هذه العقبات تؤثر تأثيراً سلبياً على قدرة الشتات على التعبئة من خلال تحويل الموارد والطاقات إلى قضايا تتعلق بإعادة التوطين بدلاً من التنظيم السياسي من أجل اليمن.

خاتمة

إن الاختلافات بين مجتمعات الشتات اليمني في كلٍّ من المملكة المتحدة ومصر وتركيا واضحة، وتعكس الظروف المختلفة التي نشأت فيها، فضلاً عن أنها تُشير أيضاً إلى وجود أنماط مختلفة تماماً من التعبئة والتنظيم. وعند مقارنة هذه الجاليات وأشكال العمل الجماعي الذي يقومون به، من الممكن فهم كيف تتفاعل الخصائص الاجتماعية السياسية والمساحات المتاحة داخل المجتمعات المُضيفة وديناميات الصراع في الوطن الأم لتشكيل فُرص التعبئة وفرْض القيود. في المملكة المتحدة، التي استقر فيها الشتات اليمني منذ زمن بعيد واندمج إلى حد ما في المجتمع البريطاني واستفاد معظم أفراده من الحصول على الجنسية البريطانية، يوجد مجتمع يمني متنوع يعكس التاريخ الطويل للهجرة إلى المملكة المتحدة ودوافعها المتعددة. وبالرغم من أن الحرب شكلت تحدياً حقيقياً لهذا الشتات المتنوع من خلال تهديد استقراره، فإن المناخ الديمقراطي والعلاقات القوية بين أفراده مكّنَا الشتات من التغلب على العواقب السلبية للحرب والانقسامات التي أثارتها على الصعيد الاجتماعي. ولكن في الوقت نفسه أدت الانقسامات السياسية القائمة بفضل هذا التنوع، والحيز المتاح للتعبئة السياسية، إلى ظهور أشكال جديدة من الاستقطاب، وخاصة في ضوء اختلاف قدرات التعبئة التي تؤيد قضية الانفصاليين الجنوبيين من خلال الجهود التي يبذلها المجلس الانتقالي الجنوبي من أجل توظيف جهود الشتات في المملكة المتحدة.

يتعارض هذا مع حالة الشتات اليمني في مصر، الذي يتصف أيضاً بالتنوع ولكنه في الوقت نفسه يتسم بعدم وجود مناخ ديمقراطي، مما يحول دون إمكانية إدارة الخلافات الداخلية ويحدّ من الحيز المتاح للتنظيم السياسي. ونتيجة لذلك، فشلت جمعيات الجالية واتحاد الطلاب في تنظيم الانتخابات وغير ذلك من الأنشطة لتجنب نشوب صراعات داخلية تعكس الديناميات في اليمن. الأهم من ذلك أن النظام السياسي الاستبدادي لا يوفر فرص ممارسة أية أنشطة، سواء على المستوى السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي، مع أن اليمنيين قد نجحوا نسبياً في اعتماد بعض الحلول المؤقتة التي يمكن تنظيمها في مصر. ومع ذلك، فإن تنظيم الشتات يقتصر إما على الأنشطة الثقافية أو على تقديم الخدمات لليمنيين المقيمين في مصر. أما بالنسبة إلى الوضع في تركيا، فإن الشتات اليمني -الذي نشأ حديثاً نسبياً وظهر كنتيجة مباشرة للصراع الحالي- تهيمن عليه بشدة مجموعة سياسية واحدة. ومن ثَمَّ، بالرغم من أن الحيز المتاح للتنظيم والتعبئة أكبر مما هو عليه في مصر، لا يوجد أي التنوع بسبب الطبيعة السياسية والأيديولوحية للهجرة اليمنية إلى تركيا.

تاريخياً، لعب الشتات اليمني دوراً حيوياً في دعم الوطن الأم من خلال جمع الأموال لتمويل مشاريع التنمية أو تقديم الدعم للحركات الوطنية التي كافحت ضد نظام الإمامة في الشمال أو الاحتلال البريطاني في الجنوب. وفي مواجهة الصراع الحالي، بينما تحاول مختلف مجتمعات الشتات دعم اليمن من خلال الأعمال الخيرية، أدت الانقسامات غير المسبوقة و محدودية المساحة المتاحة للعمل والتحشيد إلى اضعاف قدرة تلك المجتمعات على القيام بدور فعال في تعزيز السلام أو إيجاد حلول سياسية. من المهم إدراك أن ذلك لم يكن فقط نتيجة للانقسامات داخل مجتمعات الشتات نفسها، التي تُشكل عقبة أمام التنظيم أو التنسيق، بل كان أيضاً نتيجة للسياسات المختلفة التي تنتهجها البلدان المُضيفة. ومع ذلك، بما أن مصر تستضيف جزءاً كبيراً من النخبة السياسية والفكرية اليمنية، وبما أنها تظل المكان الأفضل للالتقاء بين اليمنيين المغتربين وأولئك الذين ما يزالون يعيشون داخل البلاد، فقد تكون مكاناً مناسباً للتنسيق بين مختلف الفصائل اليمنية المهتمة بالعمل من أجل السلام. بيد أن مثل هذا الاحتمال يتوقف على استعداد الحكومة المصرية لاستضافة مثل هذه اللقاءات. ومِن ثَمَّ، فبينما هناك فرص متاحة أمام الشتات اليمني للقيام بدور سياسي أكبر في حل الصراع، يتوقف ذلك على تجاوز الانقسامات الداخلية وأيضاً على توفر الحيز المدني الذي لا يشوبه تدخل خارجي.

https://www.aljazeera.net/news/politics/2019/9/1/تركيا-إسطنبول-مظاهرة-الجالية-اليمنية.

Endnotes

Endnotes
1 مقابلة أجراها المؤلف، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
2 مقابلة أجراها المؤلف، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
3 Fred Halliday, “Yemeni Workers’ Organizations in Britain”, Race and Class, Vol.33 No.4, 1992.
4 مقابلة أجراها المؤلف، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
5 مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
6 مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
7 مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
8 مقابلة أجراها المؤلف، 16 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
9 مقابلة أجراها المؤلف، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
10 مقابلة أجراها المؤلف، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
11 مقابلة أجراها المؤلف، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
12 مقابلة أجراها المؤلف، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
13 مقابلة أجراها المؤلف، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
14 Helen Lackner and Raiman Al- Hamdani, Raiman, “War and Pieces: Political Divides in Southern Yemen”, European Council on Foreign Relations, January 2020, available at https://ecfr.eu/publication/war_and_pieces_political_divides_in_southern_yemen/.
15 مقابلة أجراها المؤلف، 22 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
16 مقابلة أجراها المؤلف، 25 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
17 مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
18 قبول العَبسي، "الكفاح بعيداً عن الوطن: اللاجئون اليمنيون في القاهرة"، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، كانون الأول/ديسمبر 2020. تم الوصول عبر هذا الرابط: https://sanaacenter.org/ar/publications-all/main-publications-ar/12316.
19 صادق محمد الصفواني، "تأسيس البعثات الطلابية اليمنية في مصر في ثلاثينيات القرن العشرين"، مجلة Arabian Humanities [الإنسانيات العربية]، المجلد 12، 2019. تم الوصول عبر هذا الرابط: https://journals.openedition.org/cy/5314.
20 يعتقد مالك دار النشر أن الأجواء الفكرية/الثقافية في مصر تدهورت منذ عام 2013، نتيجة الشعور بالخوف والإحباط. وهذا يأتي على النقيض من الأوضاع بين عامَي 2011 و2013 حين سادت مشاعر التفاؤل والحرية. مقابلة أجراها المؤلف، 23 أيلول/سبتمبر 2020.
21 مقابلة أجراها المؤلف، 30 أيلول/سبتمبر 2020.
22 مقابلة أجراها المؤلف، 23 أيلول/سبتمبر 2020.
23 مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
24 مقابلة أجراها المؤلف، 30 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
25 مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
26 مقابلة أجراها المؤلف، 31 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
27 محمد عبد الملك، "الجالية اليمنية في تركيا تتظاهر للتنديد بممارسات الإمارات ببلادهم"، شبكة الجزيرة الإعلامية، متاح على الرابط التالي:
28 مقابلة أجراها المؤلف، 30 تشرين الأول/أكتوبر 2020.
29 مقابلة أجراها المؤلف، 28 تشرين الأول/أكتوبر 2020.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.