طوفان الأقصى في المخيمات الفلسطينية في لبنان: بين العاطفة والعقل وبين التضامن والانخراط العسكري

© أنس محمد - Shutterstock

كنت في لبنان في شهر أيلول/سبتمبر وبداية تشرين الأول/أكتوبر في زيارة عمل لمخيم عين الحلوة بعد اندلاع المعارك الدامية التي شهدها المخيم بين حركة فتح و"الشباب المسلم"1يطلق اسم الشباب المسلم إعلاميًّا على مجموعة من الشباب من مخيم عين الحلوة من خلفيات أحزاب ومجموعات إسلامية متنوعة لا يربطها إلا عدم انتمائها إلى فصيل إسلامي معين. وتعتبر قريبة من القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة التي تضم "عصبة الأنصار" وأنصار الله و"الحركة الإسلامية المجاهدة". وأيضًا "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي المنتميتين أيضًا إلى فصائل قوى التحالف المذكورة لاحقًا.
. بدأت الاشتباكات في عين الحلوة في 30 تموز/يوليو 2023 على أثر اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة الجنوب اللبناني أبو أشرف العرموشي. ويترتب على قوات الأمن الوطني الفلسطيني، التابعة للسلطة الفلسطينية، حماية وضع المخيمات الفلسطينية في لبنان وترتيبه، والتواصل مع الجيش اللبناني لحل أية مشكلة تحصل في المخيمات. استمرت الاشتباكات بشكل متقطع إلى أواخر أيلول/سبتمبر، وتوقفت تمامًا مع عملية طوفان الأقصى، مع توعّد من قبل عناصر متفلّتة من الجهتين باستمرارها بعد حرب غزة. هذه لم تكن المرة الأولى التي يشهد فيها مخيم عين الحلوة صراعًا مسلحًا بين فتح و"الشباب المسلم".

هذه المعركة هي جولة من سلسلة معارك بين فتح ومجموعات مسلحة إسلامية مختلفة، بدأت منذ نشأة عصبة الأنصار الإسلامية في العام 1990، ثم مع مجموعات إسلامية أكثر تطرفًا انشقت عن عصبة الأنصار بعد خروجها من العنف وعقدها اتفاق سلام مع فتح في العام 2002. أما العنوان المخفي للمعركة، فهو منافسة بين فتح و"حماس" للسيطرة على المخيم كجزء من صراعهما الأساسي على الشرعية الفلسطينية. فمن يدير المخيمات ويسيطر عليها يعتبر ذا شرعية وشعبية. ومن إحدى الفرضيات، أن الاشتباكات الأخيرة في مخيم عين الحلوة جاءت في سياق محاولة من أحد الأطراف لا مصلحة له بالمصالحة بين فتح وحماس لإسقاط مؤتمر الحوار الفلسطيني في مصر الذي عقد في 30 تموز/يوليو 2023. يقول قادة فتحاويون وسكان وناشطون في مخيم عين الحلوة إن "حماس" تحارب بسيف غيرها ضد فتح، أي المجموعات الإسلامية الخارجة عن القانون في المخيم، مثل "مجموعة المقدسي" بقيادة فادي الصالح، وهو مقرب من "حماس" ويعمل مع منظمات غير حكومية تركية ويدعم مجموعة "الشباب المسلم".

تاريخيًّا، كانت المخيمات في لبنان تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية، ومازالت، ولكن منذ استلام محمود عباس إدارة السلطة الفلسطينية وحركة فتح ومنظمة التحرير وكل المؤسسات الوطنية الفلسطينية، وتهميشه اللاجئين وعدم وضع قضيتهم على جدول الأولويات، زاد استياء اللاجئين الفلسطينيين من مواقفه وحتى في صفوف حركة فتح ولو لم يكن ذلك علنًا.

أما بالنسبة إلى حركة "حماس"، فقد خسرت قاعدتها في مخيم اليرموك في سوريا بعد القطيعة بينها وبين النظام السوري مع اندلاع الثورة السورية، ما جعلها تبحث عن قاعدة أخرى عند اللاجئين، فكان مخيم عين الحلوة من اهتماماتها، كأكبر مخيم للاجئين. ووجود حركات إسلامية فيه كعصبة الأنصار الإسلامية والحركة المجاهدة، يجعل من المخيم بيئة حاضنة للحركات الإسلامية. من هنا بات منطقيًّا منافسة "حماس" لحركة فتح على الحوكمة في مخيمات لبنان وأهمها مخيم عين الحلوة كعاصمة الشتات الفلسطيني.

يطرح هذا المقال تصورًا أوليًّا لنظرة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى عملية "طوفان الأقصى" وأشكال التضامن مع غزة كتضامن اجتماعي-سياسي أو كانخراط عسكري في لحظة كان فيها منافسة شديدة بين فتح و"حماس". كما يطرح المقال موضوع تعبئة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومحاولات "حماس" لتثبيت نفوذها في المخيمات بعد عملية "طوفان الأقصى". يعتمد المقال على لقاءات رسمية وغير رسمية ومشاهدات خلال زيارات ميدانية للمخيمات في أول تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر ومراجعة الأخبار.

ثنائية فتح-"حماس" و تنافسهما على الشرعية الفلسطينية في المخيمات

منذ انطلاقها عام 1987، غيرت حركة "حماس" رؤيتها لكيفية تحقيق الدولة الفلسطينية مع مرور السنين. وكان لذلك تأثير على علاقتها مع منظمة التحرير الفلسطينية. فوفقًا لميثاقها في البداية، أعلنت حركة "حماس" نفسها كفرع من فروع جماعة الأخوان المسلمين، تسعى لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر وإزالة إسرائيل. ناورت الحركة منذ تأسيسها لتفادي الاندماج في منظمة التحرير الفلسطينية. ثم بعد توليها الحكم في قطاع غزة ووفقًا لتصريحات رئيس الحركة في نيسان/أبريل عام 2008 خالد مشعل، قبلت الحركة بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 من دون الاعتراف بإسرائيل، وكحل مرحلي مقابل هدنة طويلة مع إسرائيل لمدة عشرين عامًا.

مع صدور ما سُمّي بوثيقة المبادئ والسياسات العامة للحركة في أيار/مايو 2017، أزالت "حماس" النص الذي يقول إنها فرع من فروع جماعة الأخوان المسلمين، وعرّفت نفسها بأنها "حركة تحرير ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني، مرجعيتها الإسلام في منطلقاتها وأهدافها ووسائلها".

تعتبر فتح أن "حماس" تنافسها على الشرعية الفلسطينية من خلال محاولتها السيطرة على القرار الفلسطيني في المخيمات، ومحاربتها بمجموعات إسلامية خارجة عن القانون. ولكن بعيدًا عن الخلاف السلطوي والأيديولوجي بين الفصيلين، يكمن الخلاف الجوهري بينهما في عدم قبول "حماس" الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية لأنها لا تريد الاعتراف بإسرائيل، أسوة بباقي فصائل المنظمة. وهذا التباين يجعل العلاقة هشّة بين الطرفين، ويضع "حماس" في تنافس شعبي وشعبوية للتفوق على شرعية منظمة التحرير، ما يؤدي إلى توترات داخل المخيمات.

عملية "طوفان الأقصى" وأشكال التضامن الاجتماعي والسياسي

لا شك أن عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ضد مستعمرات غلاف غزة، قلبت الموازين، وأظهرت هشاشة إسرائيل وضعفها. فأذلّت العملية إسرائيل وأهانت كبرياءها، مستغلة ما تعانيه من أزمة داخلية قاسية، وأحرجت العرب على خلفية قرب إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية. ففي 7 تشرين الأول/أكتوبر يوم تنفيذ العملية، احتفلت المخيمات الفلسطينية كما المدن اللبنانية المجاورة لها ببسالة المقاومة والأضرار التي ألحقتها بإسرائيل، ما أعاد إلى الواجهة طرح القضية الفلسطينية مجددًا.
ولعملية "طوفان الأقصى" تأثير مباشر على اللاجئين الفلسطينيين. فبالنسبة إليهم، معركة التحرير قد بدأت وأحيت آمالهم بالعودة. ويعتقد اللاجئون الفلسطينيون في لبنان أنهم معنيون بشكل مباشر بالعمليات العسكرية في قطاع غزة والضفة الغربية، لأنها ستحدد مستقبل القضية الفلسطينية ومصيرهم كلاجئين، لاعتقادهم أنهم تعرضوا في لبنان لمحاولات كثيرة من عدة جهات دولية لتصفية قضيتهم، من خلال محاولة تدمير مخيم عين الحلوة.

اتخذ تضامن اللاجئين الفلسطينيين مع غزة عدة أشكال؛ منها التضامن الاجتماعي والسياسي، من خلال المسيرات والتظاهرات والوقفات التضامنية، وإرسال المذكرات إلى السفارات الأجنبية، والمتابعة الإعلامية لتطورات الأحداث الميدانية.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2023 شمل إضراب عام المدن اللبنانية والمخيمات الفلسطينية في لبنان وعمّ الحداد، استنكارًا للمجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف مستشفى المعمداني في قطاع غزة، وأقفلت معظم المحال والمؤسسات التجارية أبوابها، فضلاً عن مؤسسات وكالة "الأونروا" المختلفة. وشارك أبناء المخيمات في النشاطات الداعمة لصمود غزة ومقاومتها. كما أصدرت الحكومة اللبنانية بيانًا في 11 كانون الأول/ ديسمبر 2023 دعت فيه للالتزام بالإضراب العالمي من قبل الناشطين الفلسطينيين والمنظمات الشعبية. وظهرت حركات المقاطعة في المخيمات من مبادرات شبابية، داعية السكان إلى مقاطعة شركات عالمية من المطاعم والمنتجات لدعمها العدوان الإسرائيلي على غزة.

على المستوى اللوجستي، قامت اللجان الشعبية، التي تمثل الإدارة المدنية، في بعض المخيمات في لبنان بإدارة خطط التدريب والتأهب للسلامة في حالات الطوارئ، وبحثت في إمكانية إنشاء ملاجئ آمنة في جميع أنحاء المخيم - على الرغم من وجود مخاوف من أن لا تستوعب هذه الملاجئ العدد الهائل من المقيمين في المخيم. كما نشأت مخاوف من استهداف المخيمات في حالة حدوث غارات جوية، وخصوصًا في مخيم البرج الشمالي في صور، الذي شكل منذ بدء معارك المدن، موقعًا لمقاومة شرسة ضد جيش الدفاع الإسرائيلي في غزو عام 1982. ولهذا أصبح يعرف لاحقاً بمخيم الشهداء. أما عسكريًّا، فكان لحركتي فتح و"حماس" استعدادات عسكرية لمواجهة إسرائيل في حالة تمدد الحرب.
وعلى الرغم من وجود فصائل فلسطينية ذات وجهات نظر سياسية متباينة، إلا أن هذه الفترة شهدت شكلاً من أشكال الوحدة الوطنية الفلسطينية بين الفصائل. وبعبارة أخرى، فإن العدوان على غزة أصبح الشغل الشاغل للفصائل الفلسطينية، على الرغم من الخلافات القائمة بينها منذ زمن طويل.

المخيمات الفلسطينية: بين "وحدة الساحات" واعتبارات "حزب الله"

لا يمكن فصل أثر الحرب في غزة على لبنان عن أثرها على المخيمات الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين. فالجنوب اللبناني أصبح عرضة لضربات إسرائيلية وأرض معركة رغم احترام قواعد الاشتباك من قبل إسرائيل و"حزب الله" حتى لحظة كتابة هذا المقال. إلا أن أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله أعلن في خطابه الأول بتاريخ 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 أن لبنان دخل المعركة منذ 8 تشرين الأول، قائلاً إن "المقاومة الإسلامية تخوض منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر معركة حقيقية مختلفة عن كل المعارك التي خاضتها سابقًا.... العمليات التي بدأت ومن ثم تصاعدت، أجبرت العدو على أن يُبقي قواته وأن يضيف إليها قوات، وبعض قوات النخبة التي كان يريد نقلها من الضفة إلى غزة جاء بها إلى حدود لبنان، وبالتالي هذه العمليات خففت من هذه القوات عن غزة وجذبتها إلى هنا".

أوضح هذا الخطاب التباين في الآراء التي كانت ناتجة عن عدم تدخل "حزب الله" في الحرب وتطبيق ما يسمى "وحدة الساحات"، فانقسمت ردود فعل أبناء المخيمات بين خائب ومتفهّم وسعيد. فكان هناك من ينتظر خطاب "سيد المقاومة" بفارغ الصبر، لعله يعلن فتح الحدود ومناصرة غزة. وهؤلاء خاب أملهم مرة ثانية بعد هذا الخطاب، حيث كانت المرة الأولى عند عدم فتح الحدود في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر. هؤلاء كانوا يطمحون إلى فتح الحدود ويدعمون انخراط "حزب الله" والفصائل الفلسطينية في لبنان في معارك مباشرة وعلى نطاق واسع، وهم مع قصف حيفا والمواقع الاستراتيجية الإسرائيلية لإجبار العدو على وقف إطلاق النار ووقف المجازر في قطاع غزة. هذه المجموعة تتألف من عامة الناس الذين لا باع لهم في السياسة، ولكنهم وجدوا في شخصية حسن نصرالله تجسيدًا لحلم العودة من خلال خطاباته ومدافعته عن فلسطين. أما مجموعة مؤيدي المقاومة والملتزمين بخطها وأدبياتها من سنّة وشيعة، فكان تفهمهم مطلقًا لموقف نصر الله وخطابه، وبرّروا أنه هو السيد ويملك معطيات ورؤية لا يملكها غيره. والمجموعة الثالثة مكونة من شباب نقدي يفصل بين الخطاب والممارسة على أساس الربح والخسارة، هؤلاء انتشوا فرحًا من عدم تدخّل "حزب الله" في الحرب لتبقى البوصلة غزة وفلسطين بامتياز، كبدء معركة التحرير ضد الصهيونية والحصار وتحرير الأسرى ووقف الاستيطان وضد القهر والظلم والإذلال والاستبداد من قبل نتنياهو وحكومته. وأرادوا أن تبقى المعركة في غزة بقرار فلسطيني وتنفيذ فلسطيني، أي فلسطينية بالكامل ومن أجل فلسطين وشعبها.

ورغم تباين هذه الآراء، إلا أن الجميع كان في حالة من الترقّب والقلق والخوف إلى حد اللامبالاة من كثرة الخوف. ويبدو للمشاهد من الخارج، كأن المخيمات تعيش في عالم آخر لا علاقة له بغزة، أو ليس على اطلاع بما يحدث فيها. إلا أن هذا التجاهل يدل على العجز والخوف من أن يأتي دور المخيمات الفلسطينية. فسكان المخيمات قلقون من استفراد العدو بقطاع غزة، رغم العمليات البطولية في القطاع، والصمود والمقاومة والمواجهة؛ لكن هزيمة هذا العدو تتطلب رفع الحصار عن غزة، ومدّها بالمساعدات الإغاثية والوقود والأدوية والماء والطعام.

وينقسم موقف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من عملية "طوفان الأقصى" بين العاطفي والعقلاني، ويختلف هذا الانقسام جغرافيًّا وحتى فصائليًّا. فالعواطف تعبّر عن الفخر والاعتزاز ببطولات المقاومة الفلسطينية وصمودها. فالبيئة في الجنوب الحاضنة للمقاومة الإسلامية تنعكس تلقائيًّا وعاطفيًّا على الشباب الفلسطيني التابع لمحور المقاومة أو المتعاطف معه، سواء من "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" أو الجبهة الشعبية أو الجبهة الديمقراطية أو فصائل قوى التحالف.2التحالف عبارة عن تجمع من الأحزاب السياسية الفلسطينية تأسس في العام 1993 في دمشق.  وهو من أشد المناوئين لاتفاقات أوسلو ولسياسة منظمة التحرير الفلسطينية. تمتع بفرض هيمنته على المخيمات بسبب صلاته بالسلطات السورية. وهو يضم ثمانية فصائل غير منضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، وهي حركة "حماس" و حركة "الجهاد الإسلامي" و"جبهة التحرير الفلسطينية ـ طلعت يعقوب" وحركة "فتح – الانتفاضة" ، ومنظمة "طلائع حرب التحرير الشعبية ـ الصاعقة" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، و"جبهة النضال الشعبي الفلسطيني"، و"الحزب الشيوعي الثوري الفلسطيني". وهي فصائل فلسطينية تابعة للنظام السوري. وكلما اتجهنا شمالاً خفّت معالم هذا الشحن العاطفي (دون أن تختفي تمامًا)، وأصبحت مترافقة مع النقد والتحليل والسردية العقلانية والأسئلة المطروحة. وهذا ينطبق على المناصرين أو التابعين لحركة فتح. فبالرغم من نقمة شعبية ضد ما حصل في غزة بعد أول أسبوع من عملية "طوفان الأقصى، هناك وحدة وطنية فلسطينية. كما توجد نقمة رسمية فلسطينية غير معلنة بسبب عدم التحضير لخطط بديلة لمساعدة المدنيين؛ فكارثية خسائر "حماس" تتجسد في عجزها عن تقديم الحماية لشعبها في غزة. ولكنْ عاطفيًّا الجميع مع العملية.

تعبئة اللاجئين والانخراط العسكري تحت مظلة "حزب الله"

مع صدور ما سُمي بوثيقة المبادئ والسياسات العامة لحركة "حماس" في أيار/مايو 2017، أصبحت الحركة أكثر براغماتية وتقرّبت أكثر من إيران سياسيًّا، رغم اختلافهما الأيديولوجي، وحاجة إيران إلى إسلام سياسي سني. ولكن هذا التغيير أدى إلى انقسام داخل الحركة بين خط إيران وخط تركيا وخط قطر. وجاءت عملية "طوفان الأقصى" لتبرهن أن لا علاقة لكتائب القسام في فلسطين بهذا الانقسام السياسي. فكتائب القسام تملك الميدان وتعمل مع غيرها في الداخل الفلسطيني من قوات المقاومة الفلسطينية ككتائب شهداء الأقصى وسرايا القدس بعيدًا عن السياسة. ولكن في لبنان ليس لحماس ولا لجناحها العسكري أي هامش من الحرية، ولا تستطيع تخطي "حزب الله" وإطار المقاومة الإسلامية والمحور الإيراني. فهي تشارك على الجبهة الجنوبية تحت رعاية المقاومة الإسلامية مع سرايا القدس وقوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية في لبنان إلى جانب "حزب الله" وسرايا المقاومة. كما أعربت عدة فصائل عن استعدادها للقتال على الحدود، لكنها لن تكون قادرة على القيام بذلك إلا إذا كان "حزب الله" هو الذي يقود الطريق. وقد شاركت فصائل مثل كتائب القسام بالفعل في ضربات صاروخية على الجليل، وتسلل ثلاثة مقاومين إلى شمال فلسطين، وأعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عن الهجوم، لكن أي هجوم من هذا القبيل ينطلق من الأراضي اللبنانية يتم بموافقة وتنسيق مع "حزب الله"، لافتة إلى التنسيق المشترك مع "محور المقاومة".
وتبين من خلال الزيارة الميدانية للمخيمات ولقاءات مع شباب من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، أن عددًا كبيرًا من الشباب يشارك في المعركة إلى جانب "حزب الله". بعد اللقاء مع مجموعة من هؤلاء الشباب في عدة مخيمات، تبين أن أكثرهم ينضوون تحت مجموعة "خيبة الأمل". فهم مدربون في إيران وفي معسكرات "حزب الله" في سوريا ولبنان، ويتقاضون 250 دولارًا شهريًّا من "حزب الله". وفور إعلان النفير، تحمّسوا وانضموا إلى مجموعات الحزب في الجنوب، إلا أنه سرعان ما خاب أملهم وهم يستعدون لمعركة التحرير، كما كان يقال لهم من قبل "حزب الله" دائمًا "كونوا مستعدين". يقضي هؤلاء الشباب يومين في الجبهة ويومين في المنزل، وكل كتيبة أو مجموعة منفصلة عن الأخرى على الجبهة تحت قيادة ورقابة مسؤول من "حزب الله"، وممنوع عليهم التدخل أو التسلّل أو حتى اجتياز شريط حُدّد لهم. فهم مجهّزون بنظام تحديد المواقع، ويشتغل جهاز الإنذار إذا ما تم تجاوز هذا الشريط. ويبدو أن جميع الشباب لا يملكون الأدوات اللازمة لتصفية أذهانهم وقياس تكاليف ومصالح مشاركتهم العسكرية.

حماس و"طلائع طوفان الأقصى"

كان من الصعب أو المستحيل مقابلة أحد كوادر "حماس" أو "الجهاد الإسلامي" تحت أعذار مختلفة مباشرة أو غير مباشرة بعد الإصرار، بذريعة عدم وجود أوامر بالحديث عما يجري. ولكن جرت مقابلة العديد من جمهور "حماس" وجمهور فتح. جرت مقابلة مسؤول من حركة "حماس" في أحد المخيمات بناء على علاقات خاصة من دون الخوض في أسئلة عن الحركة. اللافت أن خطاب جمهور فتح وكوادر فتح هو خطاب جامع، بينما خطاب جمهور "حماس" إقصائي متعالٍ.
يقول أحد المحاورين المحايدين أنه "بات واضحًا للجميع الدور الذي تقوم به "حماس" في المخيمات الفلسطينية في لبنان لتمرير مشاريعها الخاصة على حساب الشعب الفلسطيني، غير آبهة بالنتائج التي قد تكون مغايرة للواقع. وبالعودة إلى واقع المخيمات حاليًّا في ظل معركة "طوفان الأقصى"، فإن الأمر بات مكشوفًا من خلال مجموعة عوامل تعمل عليها "حماس" في لبنان".

ففي خضم حرب غزة تقتنص حركة "حماس" فرصتها السياسية في لبنان، وتشكل "طلائع طوفان الأقصى"، وتدعو الشباب الفلسطيني إلى الالتحاق بها والمشاركة في صناعة مستقبل الشعب وتحرير القدس والمسجد الأقصى. قالت الحركة في بيان لها: "تأكيدًا على دور الشّعب الفلسطينيّ في كافّة أماكن تواجده في مقاومة الاحتلال بكلّ الوسائل المُتاحة والمشروعة، واستكمالاً لما حقّقته عمليّة طوفان الأقصى، وانتصاراً لصمود شعبنا الفلسطينيّ الصّابر ومقاومتنا الباسلة، وما قدّمه شعبنا من صمود وتضحيات، وسعيًا لمشاركة رجالنا وشبابنا في مشروع مقاومة الاحتلال والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم العلمية والفنية، تعلن حركة "حماس" في لبنان، عن تأسيس وإطلاق "طلائع طوفان الأقصى"، داعية أبناء شعبنا والشباب والرّجال الأبطال، إلى الانضمام إلى طلائع المقاومين، والمشاركة في صناعة مستقبل شعبكم، وفي تحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك".

أثارت هذه الدعوة نقزة ومخاوف في الأوساط اللبنانية وبعض الأوساط الفلسطينية، فأوضحت الحركة أن هذه الدعوة ليست دعوة إلى عسكرة المخيّمات أو تسليح الناس كيفما كان، بل هي لاستيعاب التعاطف الكبير الذي تلاقيه الحركة بعد عملية "طوفان الأقصى" وسؤال الناس عن كيفية المساعدة والانخراط في صفوف المقاومة، إما عن طريق العمل الاجتماعي أو الخيري أوالإغاثي أو الجماهيري أو العسكري، وفق المقدّرات والمؤهّلات، بحسب المسؤول الإعلامي لـحماس في لبنان وليد كيلاني. بينما يروي ممثل حركة "حماس" في لبنان أحمد عبد الهادي سردية مختلفة في حديث لجريدة "النهار" لتطمين اللبنانيين، ويؤكد أن هدف تشكيل هذه الطلائع هو "تنظيم الشباب في إطار سياسي اجتماعي معيّن، والسعي إلى تثقيفهم سياسياً ودينياً وقيمياً وأخلاقياً"، مُشدّدًا على أن "لا دور عسكريًا إطلاقًا لهذه المجموعات". فهناك تناقضات عدة داخل سرديات "حماس" عن "طلائع طوفان الأقصى". وبعد هذا البيان أعلنت حركة "حماس" عن بدء استقطاب الشباب في مخيمي البداوي في شمال لبنان والمية ومية شرق صيدا من السبت 9 كانون الأول/ديسمبر إلى الاثنين 11 كانون الأول /ديسمبر. وذكر عبد الهادي في أول الفيديو أنه عمل تعبوي وشعبي. وفي الدقيقة 5:41 ذكر أنه عمل شعبوي، وأنا أرجّح هذه الأخيرة، فمن مصلحة "حماس" الآن أن تجمع أعدادًا لتبين لحركة فتح أنها قادرة على أن تنافسها في المخيمات، وربما تستثمر معركة "طوفان الأقصى"، وتستغل الوضع في غزة من خلال استعطاف الناس وتجييش أكبر عدد ممكن من الجماهير خلفها.

كما ساعدت عملية "طوفان الأقصى" "حماس" في لبنان على حركة نشاطات شبه يومية على وسائل الإعلام اللبنانية والدولية وندوات وتحركات ميدانية ولقاءات رسمية، مثل زيارة مفتي الجمهورية. كانت هذه الزيارات مقتصرة في السابق على منظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، ما ساعد في تكبير إطار حركة "حماس" في لبنان، وإعلان كتائب القسام بشكل رسمي داخل المخيمات، وإضعاف كافة الفصائل الأخرى ومن ضمنها حركة فتح. فيقول بعض المحاورين الذين هم على علاقة جيدة بحركة "حماس": "إن لبنان اليوم يحتضن ما يقارب 15 عضو مكتب سياسي لحركة "حماس"، وقد ينضم إليهم في المستقبل القريب أشخاص من كتائب القسام في غزة، و"حماس" تطمح إلى إدارة المخيمات. كما ارتفع عدد الأشخاص من داخل منظمة التحرير الذين يهاجمون فتح، وهناك فصائل كاملة تدعم "حماس" على حساب فتح".

فإعلان "حماس" عن "طلائع طوفان الأقصى" - لم يأتِ من فراغ، إنما جاء تحضيرًا لمرحلة ما بعد انتهاء حرب غزة والوقائع الميدانية والأمنية والسياسية المستقبلية. في المقابل أمّن "حزب الله" لقياداتها وكوادرها وعناصرها الذين غادروا غزة منذ سنين الملاذ الآمن، وهم يتحركون بكل حرية وينشطون إعلامياً وسياسياً، وكأنّها مرحلة تمهيدية للإمساك بقرار المخيمات الفلسطينية لتكون بديلاً من غزة.
وجاء اعلان "طلائع طوفان الأقصى" بعد إعلان استهداف مسيّرة إسرائيلية للقائد في كتائب عز الدين القسام، خليل حامد خراز «أبو خالد» من مخيم الرشيدية مع 3 آخرين هم أبو بكر عوض وخلدون ميناوي والشيخ سعيد ضناوي من سكان مدينة طرابلس شمال لبنان، ليتبيّن أن بعضهم ينشط مع الجماعات الجهادية ويموّلها. فهناك العديد غيرهم ممن ينتمي إلى الجهادية منتشرين في الجنوب وفي المخيمات الفلسطينية نصرة لحماس.

وانعكس الوضع في غزة على الساحة اللبنانية ونقل النزاع إليها، وأصبح التسلّح الذي تقوم به "حماس" داخل المخيمات وجهوزية الاستنفار الداخلي في صفوفها لأي طارئ واضحين. ففي شمال لبنان تملك "حماس" قوة لا يستهان بها في مخيمي البداوي ونهر البارد. كما تمتلك "حماس"، حسب مصدر موثوق، ما يقارب العشرة مقرات رسمية تتوزع بين البارد والبداوي، وكلها محكم بخطة أمنية مشدّدة، إن كان على صعيد الأمن أو على صعيد الحماية.

ردود فعل لبنانية على "طلائع طوفان الأقصى"

تعددت المواقف اللبنانية من إعلان "طلائع طوفان الأقصى"، وأثارت ردود فعل غاضبة ومنددة. واجتمعت الأحزاب والتكتلات المسيحية كلها لتستنكر إعلان "حماس" "طلائع طوفان الأقصى" وذكّرت بوجوب سحب السلاح الفلسطيني من داخل المخيمات للحفاظ على سيادة لبنان. فأعلن رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل: "طلائع الأقصى" في فلسطين وليس في لبنان ولا من لبنان. وشدد رئيس التيار الوطني الحر حليف "حزب الله" النائب جبران باسيل على الرفض المطلق لإعلان حركة "حماس" "طلائع طوفان الأقصى"، واعتبر أي عمل مسلح انطلاقًا من الأراضي اللبنانية هو اعتداء على السيادة الوطنية. كما ذكر بوجوب سحب السلاح من الفلسطينيين في المخيمات وإلغاء اتفاقية القاهرة التي شرّعت منذ 1969 العمل المسلح للفلسطينيين انطلاقًا من لبنان. وأكد أن لا وجود في لبنان لـ"حماس لاند" في الجنوب للهجوم على إسرائيل إلى جانب "مقاومة لبنان الوطنية"، وهو الموقف الوحيد الذي ذكر المقاومة اللبنانية. وأكد النائب مارك ضو تضامن لبنان مع الشعب الفلسطيني وقضيته، ورفض أن تستعمل القضية كحجة لاستباحة لبنان وتنظيم قوى مسلحة من غير اللبنانيين، إذ شدد على أن "لبنان دولة وليس ساحة ولا يحق لحماس استباحة لبنان، على قيادات "حماس" التراجع عن تلك الخطوة مباشرة أو نعتبر ذلك عملاً عدائيًّا ضد اللبنانيين وإخلالًا بأمنهم".

ووصف "لقاء سيدة الجبل" إعلان "حماس" تطويع عناصر مسلحة في لبنان بأنه "خطوة استفزازية لعموم اللبنانيين المؤمنين بلبنان وسيادة دولته ودستوره وقوانينه... وتحويل لبنان إلى أرض جهاد ومنطلق لتحرير فلسطين". وذكّر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، بـ"إعلان فلسطين" في العام 2008، الذي ينص بوضوح تام على "الالتزام الكامل، بلا تحفظ، بسيادة لبنان واستقلاله". وأكد "أنّ السلاح الفلسطيني في لبنان، ينبغي أن يخضع لسيادة الدولة اللبنانية وقوانينها".

غير أن "حماس" على ما يبدو لم تفكر بسيادة لبنان، وذلك لسببين؛ إما لديها غطاء لبناني من "حزب الله" أو إقليمي من دولة من حلفائها. وعلى الأرجح أن "حماس" لم تفكر إلا باقتناص الفرصة السياسية قبل انتهاء الحرب، طالما هناك تعاطف واندفاع لدى الشباب.

لكي لا ننسى: بين هشاشة وضع المخيمات وإغراءات النفوذ

إن الوضع في المخيمات بالتأكيد لن يبقى على ما هو عليه قبل "طوفان الأقصى" وبعده. و تعمل "حماس" بجدية لحشد جمهور في المخيمات لزيادة رصيدها الشعبي وربما لزيادة المنتسبين إليها. لكن السؤال هو على أي أسس ستقوم "حماس" بذلك، وكيف ستكون علاقتها بفتح ومجموعات فلسطينية أخرى أو بالسلطات والأحزاب اللبنانية؟ هل تتبنى خطابًا وطنيًّا فلسطينيًّا جامعًا وتتغلب على الانتماءات الأيديولوجية وحسابات المحاور الإقليمية لتبني تحالفات أوسع تحصّن المخيمات من وضع إقليمي ولبناني هشّ ومنقسم؟

وعلى حماس أن تتعلم من دروس وتجارب فتح كحركة تحرير فلسطيني وليس كسلطة فلسطينية، وما تعرضت له بتنقّلها من بلد إلى آخر، وتدخّلها بالشؤون الداخلية للبلاد المضيفة، وأخيرًا محاصرتها ودفعها للاعتراف بإسرائيل وصولًا إلى اتفاقية أوسلو. فـ"حماس" عاشت نفس التجربة في مخيم اليرموك وفي لبنان؛ وعدة أطراف سياسية لبنانية مستاءة من إعلان "الطلائع" وترفض "حماس لاند"، كما كانت ترفض "فتح لاند". فعلى "حماس" الاستفادة من أخطاء فتح في الثورة، وفي العمل المقاوم في الداخل والخارج.

وإن كانت "حماس" فلسطينيًّا وعربيًّا ليست منظمة إرهابية وإنما حركة مقاومة فلسطينية، ذات أيديولوجيا إسلامية، منتخبة من الشعب الفلسطيني، ولكن وضعها على لائحة الإرهاب جعلها هشة وضعيفة في بيئة دولية من أولوياتها مكافحة الإرهاب. وهذا جعل استهدافها سهلًا إلى حد مقارنتها بـ"داعش". فهذه كانت ذريعة سهلة للتسبب في منح إسرائيل الدعم الأميركي المالي والعسكري والضوء الأخضر لممارسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين، والضرب بالقانون الإنساني وقوانين الحرب والمواثيق الدولية عرض الحائط. ومن هنا، عليها الحيطة والحذر كي لا تعطي أي عذر للتعرض للمخيمات في لبنان تحت غطاء "مكافحة الإرهاب". فوضع المخيمات الفلسطينية في لبنان غير مستقر، ويكفي التذكير بتدمير مخيم نهر البارد في العام 2007 تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وما حصل من اقتتال مؤخرًا في مخيم عين الحلوة لاستدراك هشاشة الوضع. فالخوف هو من تحويل المخيمات إلى بؤرة توتر تحت عنوان من يمسك بالقرار الفلسطيني فيها.

وهنا الحذر من انضمام جهاديين أو متشددين من دول مختلفة إلى حركة "حماس" كما تبين مع استهداف سيارة خليل حامد الخراز في الجنوب في22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 وكان معه إسلاميون من طرابلس واثنان من تركيا. والسؤال الأخير يبقى هل يقبل "حزب الله" بحركة مسلحة سنية في لبنان وفي المخيمات الفلسطينية؟ وإلى أي مدى ستتغلب البراغماتية على الأيديولوجيا الدينية.

Endnotes

Endnotes
1 يطلق اسم الشباب المسلم إعلاميًّا على مجموعة من الشباب من مخيم عين الحلوة من خلفيات أحزاب ومجموعات إسلامية متنوعة لا يربطها إلا عدم انتمائها إلى فصيل إسلامي معين. وتعتبر قريبة من القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة التي تضم "عصبة الأنصار" وأنصار الله و"الحركة الإسلامية المجاهدة". وأيضًا "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي المنتميتين أيضًا إلى فصائل قوى التحالف المذكورة لاحقًا.
2 التحالف عبارة عن تجمع من الأحزاب السياسية الفلسطينية تأسس في العام 1993 في دمشق.  وهو من أشد المناوئين لاتفاقات أوسلو ولسياسة منظمة التحرير الفلسطينية. تمتع بفرض هيمنته على المخيمات بسبب صلاته بالسلطات السورية. وهو يضم ثمانية فصائل غير منضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، وهي حركة "حماس" و حركة "الجهاد الإسلامي" و"جبهة التحرير الفلسطينية ـ طلعت يعقوب" وحركة "فتح – الانتفاضة" ، ومنظمة "طلائع حرب التحرير الشعبية ـ الصاعقة" و"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة"، و"جبهة النضال الشعبي الفلسطيني"، و"الحزب الشيوعي الثوري الفلسطيني".

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.