خبر عاجل: تحليل تجريبي على تغريدات الجزيرة والعربية حول صراع إسرائيل وغزة

لا يُمكن الاستهانة بدور التغطية العاجلة التي تُقدمها وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل السرد النهائي وفضح تحيز الدولة. تمثل شبكتي الجزيرة والعربية، وكلاهما من وسائل الإعلام التي ترعاها الدولة، مثالاً على كيفية تشكيل هذه السرديات في المنطقة. تحلل وتقارن هذه الورقة محتوى التغريدات المنشورة على حسابات الأخبار العاجلة الرسمية التابعة لِشبكتي الجزيرة والعربية على “تويتر”، وذلك لتتبع السرديات الخاصة بهما وتحديد طبيعة التحيز بصورة أفضل.عبر هذا التحليل، تهدف هذه الدراسة إلى كشف الصلة الوثيقة بين طريقة تأطير الأخبار العاجلة والديناميات السياسية المتغيرة في المنطقة.

©Flickr/Andreas Eldh متراكب على ©Flickr/Catholic Church England and Wales

*تشكر كاتبة المقال الدكتور كريم درويش من إيكسبلين (موظف سابق في  معهد قطر لبحوث الحوسبة) على خبرته ومساهمته التقنية في تحليل الإعلام والكتابة.

مقدمة

غالباً ما تُطرح علامات الاستفهام حول مدى الالتزام بمبادئ الموضوعية والحياد الصحفي عند تغطية الأحداث في فلسطين، لا سيما في حالة المؤسسات الإعلامية الإقليمية المملوكة للدولة. ويمكن رصد اتجاه تحيز الدولة هذا في الشرق الأوسط، حيث تعتبر اثنتان من الشبكات الإعلامية البارزة -وهما شبكة الجزيرة المملوكة لقطر وشبكة العربية المملوكة للمملكة العربية السعودية-  أدوات قوة ناعمة في يد تلكما الدولتين الراعيتين لهما. تناول عدد كبير من الدراسات الأكاديمية تغطية الجزيرة والعربية لكثيرٍ من القضايا المرتبطة بالصراعات وغير المرتبطة بها، والتي تتضمن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والتدخل العسكري في ليبيا وحرب اليمن وأزمة حصار قطر وقمة كوالالمبور الإسلامية.1Gasim, 2018; Seib, 2012; Samuel-Azran, 2013; Miles, 2006; Joobani, 2014; Al Nahed, 2015; Baghernia, Mahmoodinejad, 2018; Elmasry, 2013; Abdulmajid, 2019; Kosárová, 2019. كررت هذه الدراسات الفكرة نفسها التي تتحدث عن أهمية فهم سرديات وسائل الإعلام العربية لِسياقات سياسية محددة للغاية، باعتبار أن كلتا الشبكتين تدعم مصالح الدولة التي ترعاها. مع ذلك، تناول عدد قليل نسبياً من الدراسات المكتوبة باللغة الإنجليزية التغطية الإخبارية لشبكتي الجزيرة والعربية حول النضال الفلسطيني، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي التابعة لهما.2Aqtash et al., 2004; Dajani, 2003; Elmasry, 2013; Mellor, 2005; Wolfsfeld et al., 2008. 3(Alkalliny, 2019; Arikat, 2012; Chavez, 2019; Deprez, 2010; Dunsky, 2008; Elmasry, 2009; Friel and Falk, 2007; Handley and Ismail, 2010; Ismail, 2010, Philo, 2011; Thomas, 2011

أدى النزاع الأخير بين إسرائيل وغزة إلى زيادة الوعي العالمي بعدم مشروعية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وكان مصحوباً بتدقيق دولي في تغطية وسائل الإعلام الغربية الرئيسية غير المنصفة للعنف الإسرائيلي. في 6 أيار/مايو 2021، كان من المقرر أن تبت المحكمة العليا الإسرائيلية في قرار تهجير 19 عائلة فلسطينية من الشيخ جرّاح، الحي الصغير الذي يبعد 500 متر تقريباً عن البلدة القديمة في القدس. وتصاعد الوضع عندما اقتحمت الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى في البلدة القديمة بالقدس -ثالث أقدس البقاع الإسلامية- ما أسفر عن جرح مئات المصلين الفلسطينيين على مدى عدة أيام من العنف. واندلعت المظاهرات في كافة أرجاء الأراضي المحتلة وداخل إسرائيل. ثم أطلقت حركة حماس الفلسطينية -التي تحكم قطاع غزة- صواريخ صوب إسرائيل بعد انتهاء المهلة التي حددتها للحكومة الإسرائيلية لِسحب قواتها من الحرم القدسي. ليتطور الموقف إلى قصف جوي على غزة استمر لـ11 يوماً، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 248 فلسطينياً و12 شخصاً في إسرائيل، وتدمير جزء كبير من البنية التحتية في غزة.

في الوقت نفسه، بدأت الاحتجاجات الدولية المناهضة لنظام الفصل العنصري الإسرائيلي تكتسب زخماً سواء على منصات الإنترنت أم على أرض الواقع، مع تضامن مئات الآلاف في أكثر من 150 مدينة مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال. وانتقد المجتمع الدولي وسائل الإعلام الغربية لإقرارها بسياسات الاستيطان الاستعمارية الإسرائيلية واعتدائها المستمر على الفلسطينيين. بداية من الاعتماد الكبير على صيغة المبني للمجهول واللقطات المنزوعة من السياق وصولاً إلى المصطلحات المتحيزة والعناوين المضللة، بدا أن منافذ الإعلام الغربية تُطالَب على الدوام بإضفاء الشرعية على الاحتلال الإسرائيلي.4Christou, 2021; Cherkawi, 2021; Jegic, 2021; Fernandez, 2021 لكن هذا التحيز الممنهج الذي تبناه الإعلام الغربي ضد الفلسطينيين خلال الجولة الأخيرة من العنف لم يكن مفاجئاً، مع وجود حصيلة كبيرة من الدراسات التي سعت إلى تحليل تغطيته للعدوان السابق في فلسطين.5Aqtash et al., 2004; Alkalliny, 2017; Deprez and Raeymaeckers, 2010; Dunsky, 2008; Elmasry, 2009; Friel and Falk, 2007; Handley and Ismail, 2010; Ismail, 2010; Kandil, 2009; Manning, 2003; Noakes and Wilkins, 2002; Philo, 2012; Philo and Berry, 2004; Richardson and Barkho, 2009; Thomas, 2011; Viser, 2003 وفي حين أن تغطية الإعلام الغربي المتحيزة للنزاع الذي استمر 11 يوماً كانت ملفتة للأنظار وسرعان ما أسفرت عن مقالات ودراسات عديدة، لم تخضع طريقة تأطير وسائل إعلام إقليمية بارزة -كالجزيرة والعربية- للنزاع لأي تدقيق تقريباً.

ولم تقدم مجموعة الأبحاث والدراسات التي تتناول التغطية الإخبارية العربية الكثير فيما يتعلق بدراسة طبيعة أطر إخبارية معينة متأصلة في التغطية الإخبارية العربية للعنف الإسرائيلي المدعوم من الدولة. لا يوجد على وجه التحديد سوى تحليلات قليلة لدراسة أشكال التغطية التي تقدمها حسابات شبكتي الجزيرة والعربية على موقع "تويتر". في وقت أصبحت فيه شبكات التواصل الاجتماعي أداة رئيسية لنشر الأخبار بسرعة بالغة، غيّرت  حسابات "تويتر" طريقة إنتاجنا للأخبار وتداولها ونشرها لحظة بلحظة تغييراً جذرياً. يبلغ عدد متابعي حساب العربية عاجل (@AlArabiya_Brk) على "تويتر" 20.6 مليون شخص، في حين يتابع 2.5 مليون شخص حساب الجزيرة-عاجل (@AJABreaking) على الموقع ذاته، ويوفر الحسابان آخر المستجدات الإخبارية المهمة لحظة بلحظة لمتابعيهم. اعتماداً على هذه الحقيقة، تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة الفرضية القائلة بأن تغطية الجزيرة والعربية للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين تعكس مصالح الدولتين الراعيتين لهما، لكننا وخلافاً للدراسات الأخرى الموجودة بالفعل، سوف نستند إلى حساباتهما للأخبار العاجلة على موقع "تويتر" باعتبارهما ركيزة التحليل.

بعد توضيح سياق الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة من منظور التطورات الإقليمية الأوسع نطاقاً، ستصف هذه الورقة منهجية البحث وفي النهاية ستدرس وتحلل بالتفصيل النتائج في ضوء الديناميات الإقليمية المتغيرة. يمثل شهر أيار/مايو المعيار الاختباري لفرضية هذه الورقة البحثية، التي سوف نحلل ونقارن فيها محتوى التغريدات المنشورة على حسابات الأخبار العاجلة الرسمية التابعة لِشبكتي الجزيرة والعربية على "تويتر"، وذلك لتتبع السرديات الخاصة بهما وتحديد طبيعة التحيز بصورة أفضل.

ستبحث هذه الدراسة، التي ترتكز مفاهيمياً على نظرية التأطير الإعلامي، في جوانب محددة من التأطير الإخباري لنضال الشعب الفلسطيني. وبدلاً من التركيز على المنشورات الإخبارية، التي تخضع دورياً لتنقيحات كثيرة، يسعى هذا المقال إلى إثبات أن تغريدات الأخبار العاجلة تُعد عينة جيدة لدراسة ما تعتبره النافذتين الإعلاميتين أنباءً عاجلة للغاية تستحق مقاطعة أو "اقتحام" الصفحة الرئيسية للمستخدمين على موقع "تويتر". ومن خلال دراسة كافة تغريدات الأخبار العاجلة التي نشرها حسابا "العربية عاجل @AlArabiya_Brk" و"الجزيرة-عاجل@AJABreaking" في أيار/مايو الماضي، تهدف هذه الدراسة إلى إجراء تحليل نوعي للسرديات الخاصة بفلسطين، وفي نهاية المطاف كشف الصلة الوثيقة بين طريقة تأطير الأخبار العاجلة والديناميات السياسية المتغيرة في المنطقة.

سؤال البحث: كيف استطاعت الجزيرة والعربية -الشبكتان الإعلاميتان اللّتان ترعاهما الدولة- تأطير النزاع الأخير بين إسرائيل وغزة الذي استمر 11 يوماً في ضوء الديناميات السياسية المتغيرة في المنطقة؟

نبذة عامة

الجزيرة والعربية — وسائل إعلام مملوكة للدولة

الجزيرة والعربية هما مؤسستان إعلاميتان بارزتان في الشرق الأوسط ومتنافسان رئيسيتان في القطاع الإعلامي، وتحظى كلا المؤسستين بأهمية جغرافية وسياسية واعتراف عالمي. وفقاً لمجلة "فوربس الشرق الأوسط"، احتلت  العربية والجزيرة المركزين الأولين في قائمة  أفضل القنوات التلفزيونية على شبكة الإنترنت في العالم العربي، ففي عام 2021، بلغ عدد زوار موقع العربية 306.63 مليون زائر، في حين بلغ زوار موقع الجزيرة 277.8 مليون زائر. إضافة إلى تصدرهما خدمات الإنترنت، تكتسب العربية والجزيرة حضوراً متزايداً على منصات التواصل الاجتماعي، إذ يبلغ عدد متابعي حساب العربية للأخبار العاجلة (العربية عاجل @AlArabiya_Brk) على "تويتر" 20.6 مليون شخص، في حين يتابع 2.5 مليون شخص حساب الجزيرة للأخبار العاجلة (الجزيرة-عاجل @AJABreaking) على الموقع ذاته. لكن وعلى الرغم من تزايد حضورهما على مختلف المنصات الإعلامية، فقد تأسست الجزيرة والعربية لمعارضة الأجندات الحكومية ولا تزالان تمثلان أداتين لتشكيل الخطابات الإقليمية المختلفة.

تأسست قناة الجزيرة الإخبارية العربية في عام 1996 في إطار مخططات أمير قطر في ذلك الوقت الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الرامية إلى تعزيز التأثير الإقليمي والعالمي لبلده الخليجي. كان من المتوقع أن تعارض الجزيرة السرديات الصحفية السعودية والمصرية التي كانت تطعن في شرعية الأمير الجديد.6Powers, 2012 وبدأت القناة تكتسب مزيداً من الاعتراف العالمي عقب أحداث 11 أيلول/سبتمبر وبسبب تقاريرها الإخبارية من أفغانستان، التي وفرت تغطية دقيقة وسريعة لمناطق لم تكن تحظى باهتمام إعلامي في الشرق الأوسط. بعد فترة وجيزة من  غزو التحالف بقيادة الولايات المتحدة للعراق عام 2003، تأسس موقع الجزيرة باللغة الإنجليزية لاجتذاب الجمهور الناطق بالإنجليزية في الغرب وتعزيز مكانة وأهمية الدولة الخليجية الصغيرة على الساحة العالمية.7Powers, 2012

وفي حين تصر الجزيرة أن حصولها على التمويل من الحكومة القطرية لا يعيق استقلاليتها التحريرية، ثارت شكوك حول الاستقلالية التحريرية الكاملة للشبكة في عدة مناسبات. ففي عام 2010، جاء في الاتصالات الداخلية لوزارة الخارجية الأميركية -التي نُشرت على موقع ويكيليكس ضمن تسريبات البرقيات الدبلوماسية الخاصة بالولايات المتحدة في 2010- أن الحكومة القطرية استغلت تغطية قناة الجزيرة لخدمة مصالحها السياسية. وأثبتت عدة دراسات أن الشبكة تعتمد مالياً على الأسرة الحاكمة في قطر لدفع التكاليف التشغيلية السنوية الخاصة بها، على الرغم من الاستقلالية التي تدَّعيها.8  Samuel-Azran, 2013; Almasry, 2013 في ضوء ما سبق، يصف صموئيل عزران الجزيرة بأنها شبكة هجينة -خاصة وتحظى برعاية الدولة  في الوقت نفسه- هدفها هو تمكين قطر من تشكيل الخطاب الدولي.

رداً على الانتقادات التي وجهتها الجزيرة للعائلة المالكة السعودية وسياستها الداخلية، تأسست في عام 2003 قناة العربية التي تمتلكها السعودية ويقع مقرها الرسمي في دبي.9Kraidy, 2006 وأُطلق موقع العربية الرسمي باللغة الإنجليزية  في عام 2007 بهدف الوصول إلى جمهور أوسع، مع رسالة رسمية مُعلنة تسعى إلى "فهم المجتمعات والثقافات والاقتصادات العربية بعمق".10Jabooni, 2014 لكن وكما هو الحال مع الجزيرة، خلصت أبحاث مستفيضة إلى أن شبكة العربية غالباً ما تخضع لسيطرة الحكومة السعودية وأن خطابها يأتي منسجماً مع مصالح الرياض.11Baghernia, Mahmoodinejad, 2018; Elmasri, 2013 تأسست العربية بتمويل من مركز تلفزيون الشرق الأوسط "MBC" -المجموعة الإعلامية المملوكة للسعودية- ومستثمرين آخرين من المملكة العربية السعودية والكويت ودول خليجية أخرى.

من خلال ملكيتهما لمجموعة "إم بي سي-MBC"، أصبح الأمير السعودي عبد العزيز بن فهد وخاله وليد بن إبراهيم آل إبراهيم يمتلكان العربية ويفرضان سيطرتهما عليها. وقد تجلت ملكية الدولة للشبكة بعد مقالة كتبها رئيس تحرير النسخة الإنجليزية من موقع العربية في ذلك الوقت ونُشرت في 5 آذار/مارس 2015، والتي طالب فيها الرئيس أوباما "بالإصغاء إلى (رئيس الوزراء الإسرائيلي) نتنياهو" عندما يتعلق الأمر بالتهديد الذي تشكله الصفقة النووية الإيرانية. ورداً على هذه المقالة، كتب الصحفي في صحيفة "ذي إندبندنت البريطانية"، روبرت فيسك، مقالةً في 6 آذار/مارس قال فيها إن هذا العمود ما كان ليُنشر دون الحصول على "موافقة العائلة المالكة". وبقوله ذلك، يؤكد فيسك مزاعمه المتكررة بأن العربية هي بوق النظام السعودي.

تظل ملكية الدولة هي هيكل الملكية السائد في العالم العربي، مع وجود دراسات أكاديمية كثيرة تتناول مسألة مواصلة الحكومات العربية تشديد قوانين الصحافة وقوانين الترخيص [قوانين تنظيم الصحافة والإعلام] وقوانين العقوبات والأيديولوجية السياسية والترهيب الشديد وذلك للتأكد من تقيُد المحتوى الإعلامي بما يحقق المصالح الحكومية.12  Elmasry 2011; Cooper, 2008; Elmasry, 2012; Hafez, 2002 من خلال دراسة التغطية الإخبارية في عامي 2017 و2018، مع التركيز بوجه خاص على سرديات الجزيرة والعربية خلال أزمة قطر الدبلوماسية، أكد أديب عبد المجيد استمرارية هذه الملكية الحكومية، وخلص إلى أن الشبكتين الإعلاميتين تتعرضان للاستقطاب لخدمة مصالح وأهداف قطر والسعودية السياسية.13Abdulmajid, 2019 حللت دراسة أخرى أجرتها دومينيكا كوشاروفا تغطية الشبكتين في قضية غير نزاعية -هي القمة الإسلامية التي عُقدت في كانون الأول/ديسمبر 2019- وكشفت مجدداً عن أوجه اختلاف بين التغطيتين.

تؤكد كوشاروفا أنه في حين تسعى قطر جاهدة إلى "الانعتاق" من الهيمنة السعودية وإلى زيادة تأثيرها العالمي من خلال تعزيز روابطها مع خصوم السعودية، تسعى السعودية في المقابل إلى الحفاظ على وضعها الراهن وإلى مواصلة قيادتها للعالم الإسلامي. وتقول كوشاروفا إن تنافسهما الإعلامي هذا  يعكس أهدافهما الاستراتيجية المتعارضة.14Kosarova, 2019 أجرى الدكتور محمد حماس المصري وآخرون تحليلاً لمحتوى تغطية الجزيرة والعربية لحرب غزة 2008 /2009 -المعروفة  "بمعركة الفرقان" كما تطلق عليها حماس أو "عملية الرصاص المصبوب" كما تسميها إسرائيل- ووجدوا أن سردية الجزيرة  تنحاز لحماس في مواجهة إسرائيل ومصر والولايات المتحدة والأمم المتحدة، في حين كانت تغطية العربية على العكس من ذلك تماماً. وخلص المؤلفون إلى أن هذه النتائج تتوافق مع سياسات قطر والسعودية الخارجية.15Elmasry et al., 2013 وبشكل عام، تُعتبر الجزيرة أكثر مناهضةً لأميركا وإسرائيل، في حين يُرى أن قناة العربية تضمر مشاعر الولاء للغرب.16Elmasry et al., 2013; Zeng, Tahat, 2012

أدى التغير الجذري الذي حدث في الساحة الجيوسياسية في مرحلة ما بعد الربيع العربي إلى تعزيز الرؤى التنافسية الخاصة بمستقبل المنطقة، وسرعان ما تحول هذا الاستقطاب إلى توترات وحملات دعائية في وسائل الإعلام الموالية للدولة. فمن جهة، أدانت السعودية والإمارات ومصر والبحرين الحركات الإسلامية، كجماعة الإخوان المسلمين، ودعمت قوى الثورة المضادة في مواجهة التعددية الحزبية. ومن الجانب الآخر، دعمت قطر حكومتي الإخوان في تونس ومصر في مرحلة ما بعد الربيع العربي. وبعد فترة وجيزة من أزمة قطر الدبلوماسية في 2017، سارعت المملكة العربية السعودية إلى منع الفنادق والمنشآت السياحية من بث جميع قنوات الجزيرة الإخبارية وهددت بمعاقبة من يخالفون هذا القرار بغلق منشآتهم ودفع غرامة تصل إلى 100 ألف ريال سعودي (26 ألف دولار).

ففي بيان صدر عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالسعودية بعد بضعة أيام من اندلاع الأزمة الدبلوماسية، أمرت الهيئة "بضرورة حذف جميع القنوات الفضائية التابعة لشبكة قنوات الجزيرة" واستبدالها "بالقنوات التلفزيونية المناسبة مع القنوات السعودية الرسمية". لم يقتصر التوتر على قرارات الحظر والترهيب بل امتد ليشمل أشكال مختلفة من الحملات الدعائية، فقد روجت  قناة العربية الموالية لِحكومتي الإمارات والسعودية باستمرار لِسردية مفادها أن قطر كانت دولةً ترعى الإرهاب، وفي المقابل، ساوت قناة الجزيرة القطرية ما بين سياسات التسامح الديني التي تتبناها الإمارات ودعم الوثنية والأصنام. وفي كانون الأول/ديسمبر 2020، أدان أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، وسائل الإعلام القطرية لأنها تعرقل جهود المصالحة الخليجية، على حد زعمه. ومما يثير الاهتمام، أن تصريحاته جاءت بعد أيامٍ قليلة من إعلان الجزيرة عن استهداف عشرات من صحفييها عبر "برنامج تجسس متطور تبيعه شركة إسرائيلية" في "هجوم إلكتروني غير مسبوق له علاقة على الأرجح بِحكومتي السعودية والإمارات".

على الرغم من أن قطر والسعودية  تؤكدان صراحةً أنه لا بد على إسرائيل التوقيع أولاً على اتفاقيات السلام مع فلسطين المعترف بها دولياً قبل أن يمضوا قدماً في اتفاقيات التطبيع، أصبح التعاون بين السعودية وإسرائيل أمراً لا يخفى على أحد خلال السنوات الأخيرة. ومع الأخذ في الاعتبار الصداقة التي تجمع بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وجاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس ترامب وصهره، الذي تزعم الاتفاقيات الإبراهيمية، ورغبة السعودية في تشكيل جبهة موحدة قوية ضد إيران، يرى مراقبون إقليميون أن احتمالات التطبيع ليست بعيدة المنال.

لكن، ومع سعي قطر لاتخاذ موقع جديد لنفسها باعتبارها وسيطاً إقليمياً رئيسياً، قال أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن قطر ستواصل جهودها مع الأطراف المعنية لوقف "العدوان" الإسرائيلي على الفلسطينيين والمسجد الأقصى. ومع أن علاقات قطر مع إسرائيل تعود إلى التسعينيات، فقد تغيرت المعادلة كثيراً في الآونة الأخيرة لأسبابٍ مختلفة، خاصة بسبب التحالف العسكري بين قطر وتركيا ودعمها لحماس. على النقيض من ذلك، تتشابك المصالح السعودية والإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بِتقويض نفوذ الوكلاء المدعومين من إيران في لبنان وسوريا. وبدا أن السعودية مهتمة سراً  بالاستفادة من زخم الاتفاقيات الإبراهيمية، على الأقل حتى اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استمر 11 يوماً. مع ذلك، وعقب التصعيد الأخير والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، أكدت السعودية من جديد تمسكها بإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وفي ظل إعادة تقديم قطر لنفسها بوصفها وسيطاً إقليمياً، أكثر من كونها دولةً داعمةً للإسلاميين، وعلى ما يبدو إعادة السعودية النظر في شراكتها مع إسرائيل، من المهم تحليل كيفية تغطية الشبكتين الإعلاميتين -الجزيرة المملوكة لقطر والعربية المملوكة للسعودية- لِأحداث العنف الأخيرة في فلسطين وما هي دلالات ذلك فيما يتعلق بالديناميات الإقليمية.

المنهجية

لاختبار كيفية تأطير قناتي الجزيرة والعربية للعدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يومًا، نحتاج أولاً إلى توضيح نظرية التأطير. في نظرية الإعلام، يشير مصطلح التأطير إلى كيفية تقديم شيء ما للجمهور بحيث يؤثر على خياراتهم حول كيفية معالجة الرسالة وهيكلتها. يركز التأطير على الطرق التي تتبعها وسائل الإعلام لتوجيه أنظار الجمهور إلى موضوعات محددة -حسب الأجندة الموضوعة- ثم تتقدم خطوة إلى الأمام بإنشاء إطار يمكن للجمهور من خلاله تفكيك المعلومات. وهذا -بوجه ما- هو ما يسوغ اعتبار وسائل الإعلام حراسًا على البوابات، لأنهم يقومون بجمع واختيار و"تنظيم وتقديم الأفكار والأحداث والموضوعات التي تغطيها"17Mass Communication Theory (Online), 2017 . يوضح روبرت إنتمان (1993) أن كُتّاب الرسائل يستخدمون وسائل مختلفة -تشمل: اختيار الكلمات والصور المرئية ومكان المعلومات والجمعيات، وغيرها- لتأطير رسالتهم بعناية. وعندما يتعلق الأمر بتحليل تحيز الإعلام، فإننا نعتمد على افتراض مفاده أن "الطرق التي تُجمع بها الرسائل وكذلك طرق عرضها للجمهور يمكن أن تؤثر على كيفية فهم المتلقي لهذه الرسائل وتقييمه لها".18Elmasry et al., 2013, p. 753

كان "الفصل العنصري الرقمي"، أو الإقصاء الممنهج لبعض الفئات ومنعهم من الوصول إلى الساحة الرقمية باتباع إجراءات سياسية محطَّ تركيز واهتمام كبير، مما يجعل وسائل التواصل الاجتماعي وحدة أساسية للدراسة19Tawil-Souri, Helga. "Digital occupation: Gaza's high-tech enclosure." Journal of Palestine Studies 41, no. 2 (2012): 27-43. . أحدث القصف الإسرائيلي الذي استمر 11 يومًا ثوراناً في وسائل التواصل الاجتماعي، رغم الجهود التي بذلتها شركات التقنية العملاقة لتمكين إسرائيل من محو فلسطين، وذلك من خلال الرقابة الممنهجة واتباع تكتيكات الإسكات وتكميم الأفواه في العالم الافتراضي. وفي الوقت الذي عزت فيه منصة "إنستغرام" عمليات الحذف الأخيرة إلى "مشكلة فنية عالمية"، فقد زعم موقع "تويتر" أن القيود التي فرضها على حساب الكاتبة الفلسطينية مريم البرغوثي كانت "حدثاً عارضاً". في لقاء حديث استضافته جامعة نورثويسترن في قطر بعنوان "الاحتلال الرقمي في الحرب ضد فلسطين"، أكدت ديمة الخطيب -المدير العام للجزيرة بلس (AJ+)- أن محتوى الجزيرة "لم يخضع للرقابة على تويتر"، مقارنةً بالرقابة التي استهدفت محتواها على إنستغرام. وبناءً على هذه الفرضية، تتخذ هذه الدراسة من موقع "تويتر" مصدراً للمحتوى قيد التحليل.

بعد الشرح الذي قدمه إنتمان لوسائل التأطير، ستستخدم هذه الدراسة تحليل محتوى مقارن لتحديد الإطار الذي رسمته أخبار الجزيرة والعربية على موقع "تويتر" للصراع. جمعنا كل التغريدات التي نُشرت في أيار/مايو 2021 من حسابي الجزيرة العربية والعربية للأخبار العاجلة (AJABreaking وAlArabiya_Brk على التوالي). وقد جمعنا التغريدات باستخدام مكتبة Twarc Python. تغطي هذه الدراسة التغريدات في الفترة من 1 أيار/مايو إلى 31 أيار/مايو، مما يساعد في التعرف على فترات ما قبل الصراع وما بعده. ثم شرعنا في حصر جميع التغريدات المتعلقة بفلسطين من خلال تصفية جميع التغريدات التي تحتوي على الرموز/الرموز الفرعية التالية:

عينة من الرموز المطابقة الرمز/الكلمة
فلسطيني، فلسطينيين، الفلسطيني فلسطين
إسرائيلي، إسرائيليين، الإسرائيلية إسرائيل
غزة
القدس، المقدسي، المقدسيين قدس
جراح
حماس
نتنياهو
الكنيست كنيست
عباس
صهيوني، الصهيوني صهيون
الاحتلال، والاحتلال احتلال

بالنسبة للتغريدات المتعلقة بفلسطين، قمنا بتحليل محتواها باستخدام الطرق التالية:

  1. حددنا الأفعال والأسماء الأكثر استخدامًا في تغريدات كلا الحسابين؛ لتحديد الأفعال والأسماء، استخدمنا موقع فراسة Farasa lemmatizer للكشف عن أصول الكلمات20Hamdy Mubarak, "Build Fast and Accurate Lemmatization for Arabic," In Proceedings of the Eleventh International Conference on Language Resources and Evaluation, 2018. وموقع part-of-speech tagger لتحليل أقسام الكلام21Kareem Darwish, Hamdy Mubarak, Ahmed Abdelali, and Mohamed Eldesouki, "Arabic pos tagging: Don’t abandon feature engineering just yet," In Proceedings of the Third Arabic Natural Language Processing Workshop, 2017, (pp. 130-137). . تحقق مجموعة الأدوات التي يقدمها موقع فراسة دقة متطورة لكل من الكشف عن أصول الكلمات وتصنيف أقسام الكلام.
  2. حددنا أكثر أنواع الليمات تميزًا، والتي من شأنها أن تفاضِل بين محتويات التغريدات في كلا الحسابين. قمنا بتعيين درجات للمصطلحات باستخدام لوغاريتم عدد مرات تكرار مصطلح ما في إحدى العينات، باستخدام ما يسمى بـ"درجة الحساسية"،22Michael D. Conover, Jacob Ratkiewicz, Matthew Francisco, Bruno Gonçalves, Filippo Menczer, and Alessandro Flammini. "Political polarization on twitter." In Fifth international AAAI conference on weblogs and social media. 2011. والتي تكشف عن التكرار النسبي لمصطلح ما في إحدى المجموعات بالمقارنة مع مجموعة أخرى.23Kareem Darwish, Peter Stefanov, Michaël Aupetit, and Preslav Nakov. "Unsupervised user stance detection on twitter." In Proceedings of the International AAAI Conference on Web and Social Media, vol. 14, pp. 141-152. 2020. إذا اعتبرنا مجموعتين من التغريدات هي: (ت1) و (ت2) والمصطلح (م)، فإن حساب النتيجة يكون على النحو التالي:
  3. قمنا بعمل تسمية يدوية لجميع أنواع المصادر التي تستشهد بها التغريدات؛ وقد حددنا 33 نوعاً من المصادر تشمل المراسلين من مكان الحدث، والمنظمات الدولية، ومصادر من دول مختلفة مثل السياسيين والمصادر الإعلامية.

النتائج

توصلت هذه الدراسة إلى بعض الاختلافات وأوجه التشابه الصادمة في تحليلها لمحتوى تغريدات حسابي الأخبار العاجلة لقناتي الجزيرة والعربية على "تويتر" خلال شهر أيار/مايو. تستخدم هذه الورقة تحليل المحتوى المقارن لتحديد تأطير الصراع، بداية من نسبة التغطية، إلى أهم المصادر المذكورة، والمصطلحات الأكثر تميزاً.

نسبة تكرار التغطيات المتعلقة بفلسطين

تُحلل دراسة المحتوى هذه الوتيرة التي غطت بها شبكتا الأخبار سالفة الذكر إسرائيل-فلسطين، من حيث العدد الإجمالي للتغريدات في شهر أيار/مايو. بلغ عدد التغريدات المتعلقة بفلسطين 4249 تغريدة في حساب الجزيرة العربية للأخبار العاجلة AJABreaking  (وهو ما يمثل 72.9% من مجموع التغريدات)؛ بينما بلغت التغريدات المتعلقة بفلسطين 2208 تغريدة في حساب العربية للأخبار العاجلة AlArabiya_Brk (وهو ما يمثل 48.1% من مجموع التغريدات). ويوضح الرسم البياني هذه الإحصائيات كالتالي:

شهدت وتيرة تغريدات العربية زيادة مطردة بين 9-13 أيار/مايو، وبلغت ذروتها في وقت لاحق لتصل إلى 238 تغريدة في 15 أيار/مايو؛ ثم شهدت هذه الذروة انخفاضاً مستمراً بعد ذلك، وبعد أن تذبذبت قليلاً فقط في نهاية أيار/مايو، وصلت إلى الذروة الثانية بمقدار 57 تغريدة في 30 أيار/مايو. وبالمقارنة، بدأت زيادة تغريدات الجزيرة في وقت مبكر (6 أيار/مايو)، لتصل إلى 407 تغريدة كحد أقصى في 15 أيار/مايو. ثم شهدت وتيرة التغريدات انخفاضاً حاداً بعد ذلك، حيث وصلت إلى 22 تغريدة في 31 أيار/مايو.

تشير أعداد تغريدات الأخبار العاجلة من حسابي الجزيرة والعربية إلى زيادة مستمرة في تغطية أحداث فلسطين خلال شهر أيار/مايو؛ ففي حين بدأت قناة الجزيرة في زيادة تغطيتها في 6 أيار/مايو، لم تنطلق العربية إلا بعد ذلك بثلاثة أيام. كما شهدت كلتا الشبكتين ذروة وتيرة التغريدات في 15 أيار/مايو، تلاها في وقت لاحق انخفاض متقلب في نهاية الشهر نفسه. ومع ذلك، ظل عدد التغريدات المتعلقة بفلسطين لدى قناة الجزيرة أعلى بكثير مما نشرته قناة العربية، حيث وصل في بعض الأحيان إلى ثلاثة أضعاف عدد التغريدات.

المصادر المقتبسة

يكشف هذا التحليل عن مصادر المعلومات التي استشهدت بها كل من الجزيرة والعربية في تغريداتهما. بالإضافة إلى ذكر أكبر بلدين أشارت إليهما قناتا الجزيرة والعربية، تسرد هذه الدراسة أيضًا الأسماء الدقيقة للمنظمات التي أشارت إليها هذه المصادر. تعطينا هذه المصادر رؤية أفضل للمنظمات أو البلدان التي تعزو إليها كلتا الشبكتين الإعلاميتين معظم معلوماتهما. يوضح الجدول أدناه أهم الدول والمنظمات الدولية التي تكررت إشارة قناتا الجزيرة والعربية لها في تغريداتهما المتعلقة بفلسطين:

عدد تغريدات العربية التي أشارت إليه عدد تغريدات الجزيرة التي أشارت إليه المصدر
249 (11.2%) 1237 (29%) مصادر خاصة
302 (13.7%) 872 (20.5%) مصادر فلسطينية
392 (17.8%) 659 (15.5%) مصادر إسرائيلية
198 (9%) 319 (7.5%) الولايات المتحدة
65 (3%) 67 (1.6%) الأمم المتحدة
52 (2.4%) 79 (1.9%) الاتحاد الأوروبي
32 (1.4%) 45 (1%) وسائل الإعلام الدولية
22 (1%) 71 (1.7%) مصادر أردنية
44 (2%) 36 (0.8%) مصادر مصرية
34 (1.5%) 13 (0.3%) مصادر سعودية
0 27 (0.6%) مصادر قطرية
8 (0.4%) 35 (0.8%) مصادر إيرانية
0 70 (1.6%) مصادر تركية
12 (0.5%) 25 (0.6%) مصادر روسية

 

تبين أن أهم ثلاثة مصادر إخبارية لقناة الجزيرة في جميع التغريدات المتعلقة بفلسطين -والبالغ عددها 4249 تغريدة- هم: مراسلو الجزيرة (29٪ من إجمالي التغريدات)، والمصادر الفلسطينية (20.5٪)، والمصادر الإسرائيلية (15.5٪). على صعيد آخر، كانت مصادر قناة العربية الرئيسية في جميع التغريدات المتعلقة بفلسطين -والبالغ عددها 2208 تغريدة- هي: مصادر إسرائيلية (17.7٪) ، ومصادر فلسطينية (13.6٪) ، ومراسلو العربية (11.2٪). تحدد هذه الدراسة المصادر التي أشير إليها بشكل دقيق، حيث تبين أن أهم الدول المشار إليها هي: إسرائيل وفلسطين.

كانت المصادر الفلسطينية الخمسة الأولى التي نقلت عنها الجزيرة هي: سرايا القدس، والهلال الأحمر الفلسطيني، وكتائب عز الدين القسام، ووزارة الصحة، وإسماعيل هنية. اقتبس حساب الجزيرة من سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية- عند نشر 89 تغريدة على موقع تويتر، يليه المصدر الثاني -الهلال الأحمر الفلسطيني- الذي اقتبس عنه 78 مرة. أما وزارة الصحة والجناح العسكري لحركة حماس (كتائب عز الدين القسام) فقد اقتبس عنهم 74 مرة. ثم يأتي بعدهم بفارق بسيط القائد السياسي البارز لحركة حماس إسماعيل هنية، حيث اقتبست الجزيرة عنه في 75 تغريدة. بينما ورد ذكر حماس كمرجع للأخبار في 58 تغريدة. إجمالاً؛ بلغ عدد مصادر الجزيرة في شهر أيار/مايو 110 مصدراً فلسطينيًا مختلفاً.

وكانت أكثر المصادر الإسرائيلية التي نقلت عنها قناة الجزيرة هي: الجيش الإسرائيلي، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ونتنياهو، ووزارة الدفاع. بلغ عدد الاستشهاد بالجيش الإسرائيلي 160 مرة، بينما استشهدت الجزيرة بمصادر إعلامية إسرائيلية 117 مرة. يليها رئيس الوزراء السابق نتنياهو الذي اقتبسوا عنه في 111 تغريدة، ووزارة الدفاع في 21 تغريدة. إجمالاً؛ نقلت الجزيرة عن نحو 80 مصدراً إسرائيلياً مختلفاً.

من ناحية أخرى، كانت المصادر الفلسطينية لقناة العربية الأكثر اقتباساً هي: الإعلام الفلسطيني، ووزارة الصحة، ووزارة الخارجية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة حماس. أشارت العربية إلى الإعلام الفلسطيني 66 مرة، وإلى وزارة الصحة 57 مرة. أما المرتبة الثالثة والرابعة فكانت من نصيب وزارة الخارجية (30 مرة) ومحمود عباس (28 مرة). ثم في المركز الأخير تأتي حماس التي اقتبس عنها حساب العربية 24 مرة. إجمالاً؛ نقلت العربية عن نحو 40 مصدرًا فلسطينيًا مختلفًا خلال تغطيتها للعدوان الإسرائيلي الذي استمر 11 يوماً.

وكانت المصادر الإسرائيلية الخمسة الأولى التي نقلت عنها قناة العربية هي: نتنياهو، والجيش الإسرائيلي، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ووزارة الدفاع، ورئيس الأركان الإسرائيلي. استشهدت العربية بنتنياهو 106 مرة، ونقلت عن الجيش الإسرائيلي 82 مرة. واقتبست عن وسائل الإعلام الإسرائيلية 63 مرة، ووزارة الدفاع 23 مرة. ويأتي في المركز الأخير رئيس الأركان الإسرائيلي، حيث اقتبست عنه 11 مرة. إجمالاً؛ نقلت العربية عن نحو 55 مصدراً إسرائيلياً مختلفاً.

رابع أكثر المصادر التي اقتبس عنها في تغريدات حسابي الأخبار العاجلة لكل من قناة الجزيرة والعربية كانت مصادر أميركية، تتراوح من المسؤولين الحكوميين إلى وسائل الإعلام الأميركية (7.5٪ و9٪ من جميع تغريدات الجزيرة والعربية على التوالي). كما اقتبست كلتا القناتين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومصادر إعلامية دولية أخرى مثل: رويترز، ووكالة الأنباء الفرنسية. أما فيما يخص الدول المشار إليها إلى جانب الولايات المتحدة، فقد كانت المصادر الخمسة الأولى لقناة الجزيرة هي: الأردن وتركيا ومصر وإيران وقطر، على الترتيب؛ بينما كانت مصادر العربية هي: مصر والسعودية والأردن وروسيا وإيران. كما تنوعت هذه المصادر من الدول سالفة الذكر بين وزارة الخارجية، والمتحدثين الرسميين الحكوميين، وحتى وسائل الإعلام المحلية.

اختيار الكلمات: الكلمات المتكررة والمميزة

تشير الأبحاث الإعلامية إلى أن اختيار الكلمات يفرض أيضاً إطاراً معيناً على الأحداث، ويعكس الإطار الذي يريد الإعلام صياغة الحدث داخله. يتضمن تحليل المحتوى الحالي فحصاً لأكثر الأفعال تكراراً وأكثر الكلمات تميزاً التي استخدمتها قناتا الجزيرة والعربية في تغريداتهما على حسابي الأخبار العاجلة.

جُمعت الأفعال التي حددها موقع فراسة Farasa lemmatizer للكشف عن أصول الكلمات24Hamdy Mubarak, "Build Fast and Accurate Lemmatization for Arabic," In Proceedings of the Eleventh International Conference on Language Resources and Evaluation, 2018. وموقع part-of-speech tagger لتحليل أقسام الكلام25Kareem Darwish, Hamdy Mubarak, Ahmed Abdelali, and Mohamed Eldesouki, "Arabic pos tagging: Don’t abandon feature engineering just yet," In Proceedings of the Third Arabic Natural Language Processing Workshop, 2017, (pp. 130-137). يدوياً، وصُنِّفت في ثلاث فئات مختلفة، بغرض الوصول إلى فهم أفضل للتحيزات والدلالات السائدة لدى شبكتي الجزيرة والعربية خلال شهر أيار/مايو. يحدد الجدول أدناه 18 فعلاً هي الأكثر استخداماً لدى كل من قناة الجزيرة والعربية، وهي مصنفة إلى ثلاث فئات: الأفعال المرتبطة بالمعتدي، والأفعال المرتبطة بالدفاع عن النفس، والأفعال المحايدة. ورغم أن كل مصدر ربما قد استخدم مزيد من الأفعال المتعلقة بالعدوان أو الدفاع عن النفس تختلف عن تلك التي استخدمها المصدر الآخر، إلا أن هذه الدراسة اختارت 6 أفعال استخدمتها كلتا الشبكتين ضمن الفئات الثلاث سالفة الذكر.

أفعال محايدة أفعال مرتبطة بالدفاع عن النفس أفعال مرتبطة بالمعتدي اللغة
أعلن، قال، تحدث، واصل، أكد، أبلغ اعترض، رفض، أدان، دعا، دعم، قام استهدف، أطلق، قصف، دمر، شن، قتل العربية (اللغة الأصلية)

كان الفعل الأكثر استخداماً لقناة الجزيرة هو "استهدف"، وهو فعل مرتبط بالمعتدي، تكرر استخدامه 339 مرة. بينما كان الفعل الأكثر استخداماً لدى قناة العربية هو "أكد"، وهو فعل محايد، تكرر استخدامه 83 مرة. الأفعال الستة المختارة المرتبطة بالمعتدي تكررت 784 مرة في تغريدات الجزيرة، و 236 مرة في تغريدات العربية. أما أفعال الدفاع عن النفس؛ فقد تكررت تلك الأفعال الستة في تغريدات الجزيرة 223 مرة، وفي تغريدات العربية 148 مرة. والأفعال المحايدة تكررت 256 مرة لدى الجزيرة، و 190 لدى العربية.

إلى جانب لفت النظر إلى التفاوت الكبير بين تكرار استخدام بعض الكلمات لدى كلا الحسابين، تحدد هذه الدراسة أيضاً أكثر الكلمات تميزاً التي تستخدمها قناتا الجزيرة والعربية. من أجل حساب قدرة الكلمة على التمييز بين الحسابات، نقوم بضرب معدل التكرار في ما يسمى بـ"درجة الحساسية". ومن ثم؛ تحدد هذه الطريقة الفرق بين التردد المجرد للكلمة، وقدرتها على التمييز بين كلا الحسابين.

أما أشهر الكلمات التي استخدمتها قناة العربية فهي: "هدنة، السعودية، وفد، القاهرة، أميركا"؛ وهذا ليس مفاجئاً بالنظر إلى أن أميركا ومصر والمملكة العربية السعودية كانت من بين البلدان الأولى التي اقتبست عنها قناة العربية. ومع ذلك، كان هناك تركيز كبير من قناة العربية على كلمة "هدنة"، التي تشير إلى الاتفاق على وقف إطلاق النار؛ وبينما كررت العربية كلمة "هدنة" 62 مرة، لم تذكرها الجزيرة إلا 9 مرات.

من أبرز الكلمات التي استخدمتها الجزيرة «احتلال، شهيد، مقاومة، عدو»؛ فقد استخدمت الجزيرة مصطلح "احتلال" 688 مرة لوصف الاحتلال الإسرائيلي، بينما لم تكرر العربية المصطلح نفسه سوى 14 مرة، مما يجعل هذا المصطلح كلمة مميِّزة لقناة الجزيرة. وبالمثل، استخدمت الجزيرة كلمة "شهيد" للإشارة إلى الضحايا الفلسطينيين 175 مرة، بينما لم تستخدم العربية هذه الكلمة مطلقاً. تشمل المصطلحات المميِّزة الأخرى لقناة الجزيرة: "المقاومة" -تكررت 140 مرة- و"العدو" -تكررت 49 مرة- لكن العربية لم تذكرها قط. ومن المثير للاهتمام أن كلمتي "كتيبة وسرية" -وكلتاهما تتعلق بكتائب عز الدين القسام وسرايا القدس- كانت أيضاً من بين الكلمات المميِّزة لقناة الجزيرة، فقد كانت المنظمتان من بين أهم المصادر الفلسطينية التي استشهدت بها الجزيرة. واستمراراً للتوازي بين أهم المصادر المذكورة والكلمات المميزة، سنجد أن "تركي وقطري" هي أيضاً من الكلمات المميِّزة لقناة الجزيرة.

المناقشة والاستنتاجات

اندلع النزاع الأخير بين إسرائيل وغزة في أيار/مايو بعد أسابيع من التوترات المتصاعدة بشأن قرار التهجير القسري المحدق للعائلات الفلسطينية من حيّ الشيخ جراح، وهو حي فلسطيني يقع في القدس الشرقية المحتلة، والذي يحاول المستوطنون اليهود احتلاله بالقوة منذ عقود. وقد أسفر هذا التصعيد عن زيادة الوعي والتضامن الدوليين بصورة كبيرة مع القضية الفلسطينية، فضلاً عما صاحبه من توجيه مزيد من الانتقادات إلى النهج المتحيز الذي تبنته وسائل الإعلام الغربية المؤيدة للصهيونية. ومن هذا المنطلق، تجري هذه الدراسة تحليلاً مقارناً لمضمون تغطية العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استمر 11 يوماً من جانب الشبكتين الإعلاميتين الرئيسيتين باللغة العربية: الجزيرة والعربية. ووسائل التأطير التي أفضت إلى نتائج هذا البحث هي تكرار التغطية، والمصادر المقتبسة، واختيار الكلمات.

فقد تضاعف تقريباً عدد التغريدات المتعلقة بفلسطين التي نشرتها الجزيرة عن عدد التغريدات التي نشرتها العربية في شهر أيار/مايو. في حين بدأت تغطيتهما تزداد بشكل ملحوظ في 6 أيار/مايو، قبل ثلاثة أيام من بدء ارتفاع عدد التغريدات التي نشرتها العربية حول هذا الموضوع. وتزايدت تغطية الجزيرة قبل أيام قليلة من تصاعد أعمال العنف التي قامت بها قوات الاحتلال، وكانت أطول من تغطية العربية. وقد يشير مدى تكرار التغطية والتوقيت إلى أن كبار المنتجين في الجزيرة يعزون قدراً أكبر من الأهمية للأخبار في فلسطين، ومن ثم إتاحة تغطية عاجلة وشاملة لتطور الأحداث في فلسطين.

لم تعتمد العربية كثيراً على التقارير الذاتية (11.2%) في حين كانت معظم المعلومات التي حصلت عليها الجزيرة ذاتية المصدر (29%). ولعل قدرة شبكة الجزيرة على تخصيص الكثير من المراسلين الميدانيين وقدر كبير من الموارد قد تنبثق من حقيقة أنها ليست مؤسسة استثمارية، في حين تمتلك مجموعة "إم بي سي" التي تسيطر عليها السعودية شبكة العربية، وهي مؤسسة استثمارية تهدف للربح، الأمر الذي قد يحد من الموارد.26  Elmasry et al., 2013 ورغم ذلك، كانت العربية أكثر ميلاً للاعتماد على المصادر الإسرائيلية (17.8%)، مستشهدة بها بنسبة 4% أكثر من المصادر الفلسطينية (13.7%) التي جاءت في المرتبة الثانية. بينما اعتمدت الجزيرة على المصادر الفلسطينية (20.5%) بنسبة 5% أكثر من المصادر الإسرائيلية (15.5%). وفي حين كانت الشبكتان الإعلاميتان مصممتان على ما يبدو على توفير منبراً لكلا الجانبين، فقد بدت تغطية العربية مشحونة بالسرد الإسرائيلي، في حين مالت تغطية الجزيرة نحو الجانب الفلسطيني.

من شأن إلقاء نظرة فاحصة على المصادر الرئيسية التي اعتمدتها كلتا الشبكتين أن يعزز من التناقضات بين السرديتين. فقد كان من بين أبرز المصادر الفلسطينية التي نقلت عنها الجزيرة فصيلين مسلحين من تنظيمات المقاومة الإسلامية الفلسطينية. فمن ناحية، تأتي سرايا القدس وهي الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، وهي ثاني أكبر جماعة في قطاع غزة بعد حماس. ومن ناحية أخرى، هناك كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس الفلسطينية، وهي أكبر الجماعات العاملة داخل غزة وأفضلها تجهيزاً اليوم. وقد كان إسماعيل هنية وحركة حماس من أكبر المصادر التي نقلت عنها، إذ بلغ إجمالي عدد الاقتباسات 133 اقتباساً. وعلى الجانب الآخر، كانت وزارة الصحة والهلال الأحمر من بين المصادر الرئيسية أيضاً، ويُمكن القول إنهما من بين المصادر الأكثر "حيادية". ورغم ذلك يبدو أن شبكة الجزيرة لا تزال توفر في الغالب منبراً للمنظمات العسكرية الإسلامية المناهضة لإسرائيل، كما أظهرت الأبحاث السابقة حول الشبكة. وكما هو الحال مع المصادر الفلسطينية، فإن أكثر المصادر الإسرائيلية التي نقلت عنها الجزيرة كانت مصادر عسكرية مثل الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع الإسرائيلية. وعند إجراء حوار يشترك فيه الطرفين، يبدو أن غالبية المصادر الإسرائيلية والفلسطينية على حد سواء هي منظمات عدوانية مكرسة لتدمير الطرف الآخر. ويبدو أن شبكة الجزيرة تسعى إلى إبراز العنف الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية.

كانت أبرز المصادر الإسرائيلية التي نقلت عنها شبكة العربية هي نتنياهو، والجيش الإسرائيلي، ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ووزارة الدفاع، ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي. أما فيما يتعلق بفلسطين، فقد كانت المصادر الفلسطينية التي أشارت إليها شبكة العربية بكثرة هي وسائل الإعلام الفلسطينية، ووزارة الصحة، ووزارة الخارجية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وحركة حماس. وعلى هذا فمن الواضح أن المراجع الإسرائيلية الرئيسية كانت ذات طابع عسكري أكثر بكثير من المصادر الفلسطينية التي اعتمدت على السلطة الفلسطينية. وقد يعزز ذلك من ناحية السرد الإسرائيلي المتعلق بالدفاع عن النفس ويعزز الدعوات إلى وقف العمليات القتالية من ناحية أخرى. ويمكن أن تعزى التصريحات الهامة التي أدلى بها نتنياهو وعباس إلى العلاقة الوثيقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية التي تحافظ على علاقات الأمن والتمويل. خلافاً لذلك، كانت حماس على الأرجح من بين أبرز المصادر التي استشهد بها نظراً إلى أنها أحد الأطراف الرئيسية في الجولة الأخيرة من العدوان الإسرائيلي، والتي كثيراً ما أطلقت صواريخ نارية غمرت القبة الحديدية الإسرائيلية، وأصدرت دعوات مباشرة لفلسطينيي 1948 وفلسطينيي الضفة الغربية للانضمام إلى القتال.

في محاولة لفهم الخطاب السائد الذي تبنته كلتا الشبكتين الإعلاميتين على نحو أفضل، تم تحديد أبرز الأفعال والكلمات الأكثر تميزاً التي استخدمتها شبكتي الجزيرة والعربية. اعتمدت العربية استخدام الأفعال التي توحي بالعدوان، والمتصلة بالدفاع عن النفس، والمحايدة بشكل مستمر تقريباً. غير أن استخدام الجزيرة للأفعال التي توحي بالعدوان كان أعلى بكثير من استخدامها للأفعال الأخرى.  وكثيراً ما استشهدت كلتا المنصتين الإعلاميتين في تغطيتهما بدولتيهما، قطر والمملكة العربية السعودية، مما يؤكد بشكل أكبر على تأثير التمويل الحكومي. وقد استخدمت شبكة الجزيرة بعض المصطلحات الأخرى المميزة مثل "الاحتلال، والشهيد، والمقاومة، والعدو" مما يُشير إلى إدانتها الشديدة للعنف الإسرائيلي، وتعاطفها الكبير مع القضية الفلسطينية ومراعاتها لها. ومن جهة أخرى، فإن تكرار العربية لكلمة "هدنة" يكشف عن تمسكها بوقف إطلاق النار ووقف التصعيد.

تُظهر المصادر التي استشهد بها بكثرة والعبارات التي كثيراً ما تكررت أن الجزيرة والعربية تواصلان إعطاء الأولوية للسرد الذي تتبناه الدول الراعية لكل منهما، لا سيما في السياق الأشمل لصفقات التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل ورفع الحصار عن قطر. ولم تؤكد الجزيرة ولا العربية على سردية الرعاة الآخرين، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين الاثنتين. وفي السياق الأشمل لصفقات التطبيع والحصار، كثيراً ما نقلت الجزيرة أيضاً عن تركيا وإيران، وهما من أقرب حلفاء قطر الاستراتيجيين في المنطقة. تُشكل إيران مشكلة صعبة للغاية بالنسبة للمملكة العربية السعودية؛ لأن البلدين هما المنافسان الرئيسيان لبعضهما البعض في الخليج الفارسي. وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى المساعدات المالية والاقتصادية التي تحتاج إليها مصر بشدة، والدعم المصري الذي تحتاجه السعودية في صراعها مع إيران، يُمكن أن يعكس إصرار العربية على الاستشهاد بالجانب المصري العلاقة المزدهرة بينهما.

يبدو أن الجزيرة تواصل الرفع من شأن سردية المقاومة الفلسطينية، بينما تميل العربية نحو خطاب التطبيع. قد تشير دراسة ظاهرية إلى حياد العربية، ولكن إلقاء نظرة فاحصة على المصطلحات والمصادر المستخدمة في تغريداتهم يثبت العكس تماماً. وبعد دراسة تأطير العدوان الإسرائيلي الأخير في ضوء الديناميات الإقليمية المتغيرة، وجدت هذه الدراسة أن وسائل الإعلام التي ترعاها الدولة، الجزيرة والعربية، تواصل تسليط الضوء على موقف حكومتيهما. وكشفت أيضاً أن الجزيرة قد رفعت من شأن القضية الفلسطينية وأعطت أولوية كبيرة لها ولسردية المقاومة في تغطيتها، مما أعطى الأسبقية للسردية الفلسطينية على السردية الإسرائيلية. بيد أن العربية تؤكد على خطاب التطبيع وتعطي للصهاينة منبراً ومساحة كبيرة للتعبير عن سرديتهم. يُمكن من هذه النتائج توقع استعداد السعودية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ومواصلة الدفع نحو عمليات السلام. في حين قد لا يكون استشهاد الجزيرة المتكرر بالتنظيمات الإسلامية جيداً بالنسبة لآمال قطر في دحض سمعتها بوصفها داعمة للإسلاميين. بيد أن ذلك يُعزز دعمها للمقاومة الفلسطينية والتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، ويُعزز مكانتها بين الجماهير العربية.

بالإضافة إلى ذلك، تهدف هذه الدراسة إلى إضفاء طابع رسمي على حسابات تويتر للأخبار العاجلة باعتبارها وحدة أساسية للدراسة وبديل هام لدراسة أُطر وسائل الإعلام المنزوعة السياق. إذ لا يُمكن الاستهانة بدور التغطية العاجلة التي تُقدمها وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل السرد النهائي وفضح تحيز الدولة. تمثل شبكتي الجزيرة والعربية، وكلاهما من وسائل الإعلام التي ترعاها الدولة، مثالاً على كيفية تشكيل هذه السرديات في المنطقة. ويمكن لمزيد من البحوث أن توسع نطاق هذه الدراسة لتشمل منافذ إخبارية أو منابر إعلامية أخرى من أجل التوصل إلى فهم أشمل للبناء السردي في المنطقة من خلال وسائل الإعلام.

Endnotes

Endnotes
1 Gasim, 2018; Seib, 2012; Samuel-Azran, 2013; Miles, 2006; Joobani, 2014; Al Nahed, 2015; Baghernia, Mahmoodinejad, 2018; Elmasry, 2013; Abdulmajid, 2019; Kosárová, 2019.
2 Aqtash et al., 2004; Dajani, 2003; Elmasry, 2013; Mellor, 2005; Wolfsfeld et al., 2008.
3 (Alkalliny, 2019; Arikat, 2012; Chavez, 2019; Deprez, 2010; Dunsky, 2008; Elmasry, 2009; Friel and Falk, 2007; Handley and Ismail, 2010; Ismail, 2010, Philo, 2011; Thomas, 2011
4 Christou, 2021; Cherkawi, 2021; Jegic, 2021; Fernandez, 2021
5 Aqtash et al., 2004; Alkalliny, 2017; Deprez and Raeymaeckers, 2010; Dunsky, 2008; Elmasry, 2009; Friel and Falk, 2007; Handley and Ismail, 2010; Ismail, 2010; Kandil, 2009; Manning, 2003; Noakes and Wilkins, 2002; Philo, 2012; Philo and Berry, 2004; Richardson and Barkho, 2009; Thomas, 2011; Viser, 2003
6 Powers, 2012
7 Powers, 2012
8   Samuel-Azran, 2013; Almasry, 2013
9 Kraidy, 2006
10 Jabooni, 2014
11 Baghernia, Mahmoodinejad, 2018; Elmasri, 2013
12   Elmasry 2011; Cooper, 2008; Elmasry, 2012; Hafez, 2002
13 Abdulmajid, 2019
14 Kosarova, 2019
15 Elmasry et al., 2013
16 Elmasry et al., 2013; Zeng, Tahat, 2012
17 Mass Communication Theory (Online), 2017
18 Elmasry et al., 2013, p. 753
19 Tawil-Souri, Helga. "Digital occupation: Gaza's high-tech enclosure." Journal of Palestine Studies 41, no. 2 (2012): 27-43.
20 Hamdy Mubarak, "Build Fast and Accurate Lemmatization for Arabic," In Proceedings of the Eleventh International Conference on Language Resources and Evaluation, 2018.
21 Kareem Darwish, Hamdy Mubarak, Ahmed Abdelali, and Mohamed Eldesouki, "Arabic pos tagging: Don’t abandon feature engineering just yet," In Proceedings of the Third Arabic Natural Language Processing Workshop, 2017, (pp. 130-137).
22 Michael D. Conover, Jacob Ratkiewicz, Matthew Francisco, Bruno Gonçalves, Filippo Menczer, and Alessandro Flammini. "Political polarization on twitter." In Fifth international AAAI conference on weblogs and social media. 2011.
23 Kareem Darwish, Peter Stefanov, Michaël Aupetit, and Preslav Nakov. "Unsupervised user stance detection on twitter." In Proceedings of the International AAAI Conference on Web and Social Media, vol. 14, pp. 141-152. 2020.
24 Hamdy Mubarak, "Build Fast and Accurate Lemmatization for Arabic," In Proceedings of the Eleventh International Conference on Language Resources and Evaluation, 2018.
25 Kareem Darwish, Hamdy Mubarak, Ahmed Abdelali, and Mohamed Eldesouki, "Arabic pos tagging: Don’t abandon feature engineering just yet," In Proceedings of the Third Arabic Natural Language Processing Workshop, 2017, (pp. 130-137).
26   Elmasry et al., 2013

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.