تحقيق العدالة في مجال الطاقة الشمسية في لبنان

سن الفيل، لبنان – 7 مارس 2020 (c) فوتوكون - شترستوك

ملخص تنفيذي

تؤكد هذه الورقة على الضرورة الماسة إلى تحقيق التحول النظيف والعادل إلى الطاقة المستدامة في لبنان، وتركز على السياق العالمي المتجه نحو أمن الطاقة وضمان عدالتها واستدامتها. فقد ضاعفت تداعيات جائحة كورونا (كوفيد-19) والتوترات الجيوسياسية، الناجمة عن النزاع الروسي الأوكراني، تحديات الطاقة على المستوى العالمي، لا سيما في بلداننا التي تعاني بالفعل من قطاعات الطاقة المتعثرة لديها. وفي لبنان، يزيد قطاع الكهرباء غير الفعال والمثقل بالديون هذه المشاكل، إذ يأتي ترتيب لبنان ضمن البلدان الأدنى عالمياً وفقًا لمؤشر عدالة الطاقة.

وقد استعانت هذه الورقة البحثية بالقيمة المجمعة لمؤشر عدالة الطاقة من أجل تقييم مدى توافر الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها وتأثيرها على التنمية الاقتصادية في ظل منظومة الطاقة اللبنانية. وكشف تحليل الحساسية أن إدراج الطاقة الشمسية يمكن أن يساهم بدرجة كبيرة في زيادة عدالة الطاقة. وتدعو الورقة إلى إجراء إصلاحات تنظيمية في قطاع المولدات الخاصة، وزيادة الاعتماد على الطاقة الشمسية، واعتماد عدادات ذكية لمراقبة وإدارة استهلاك الطاقة الكهربائية بكفاءة. وإذا تمكن لبنان من التصدي لهذه التحديات وإقرار هذه الإصلاحات، فإنه بذلك يقترب من تحقيق التحول العادل إلى الطاقة المستدامة.

مقدمة

لا يزال تحقيق الانتقال الطاقي النظيف والعادل يمثل مشكلة معقدة. فمن المهم للغاية الموازنة بين كافة الأبعاد المتمثلة في أمن الطاقة وعدالتها واستدامتها للإسهام في استمرار الاقتصادات المزدهرة وتأمين شريان حياة المجتمعات الحديثة.

لا يزال التأثير الدائم الناتج عن جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية على البنية التحتية للطاقة ملموساً، إذ تجاهد سلاسل إمداد الطاقة لتلبية الطلب المتزايد، مع استمرار ارتفاع أسعار الوقود مقارنة بالفترة التي سبقت الجائحة. وفي ظل هذا النزاع المستمر بين روسيا وأوكرانيا، قرر الاتحاد الأوروبي بصفة جماعية خفض اعتماده على واردات الغاز الطبيعي الروسي من 45% إلى 10% بحلول كانون الثاني/يناير 2023 (الوكالة الدولية للطاقة، 2023). وقد أضر هذا القرار بسلاسل إمداد الطاقة، وجعل دول الاتحاد الأوروبي خاصة تلجأ إلى خيارات من مناطق أخرى في العالم غير روسيا، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على النفط والغاز، وبالتالي ارتفاع أسعار الوقود حول العالم.

خلفت الانعكاسات الواسعة لأسعار النفط الآخذة في الازدياد آثاراً متلاحقة على مستوى العالم، وأدت إلى توليد أزمات معقدة خاصة في اقتصادات بلدان الجنوب العالمي التي كانت تشهد بالفعل حالة دائمة من أزمات الطاقة، مع عدم إمكانية الوصول إلى أشكال نظيفة ومناسبة من الطاقة الأساسية لعيش حياة صحية ومثمرة في المجتمع. وفي ضوء ما سبق، أثر الارتفاع غير المسبوق لأسعار الطاقة بشدة على المقدرة الاقتنائية، وبالتالي تضررت الأسر الفقيرة أكثر من غيرها. فقد تسببت أسعار الطاقة المرتفعة - الناجمة عن سلاسل إمداد الطاقة المترابطة - إلى تضخم أسعار المواد الغذائية، وتفاقم أزمة غلاء المعيشة في كثير من الدول. علاوة على ذلك، تواجه الدول الناشئة زيادة في عبء الديون بسبب السياسات النقدية التي اتخذت للسيطرة على التضخم. يفاقم ذلك مشكلة اجتذاب رؤوس أموال منخفضة التكلفة بصورة كبير لتمويل نفقات الطاقة في الاقتصادات الناشئة، وهو ما يؤدي إلى إبطاء معدل الانتقال العادل في البلدان التي تسعى إلى التحول إلى طاقة نظيفة بأسعار في متناول الجميع.

يتألف مجلس الطاقة العالمي من شبكة عالمية من خبراء الطاقة الذين يحثون على اعتماد أنظمة طاقة مراعية للبيئة ومستقرة وبأسعارٍ في متناول الجميع، وبالتالي تيسير الحوار العالمي بشأن سياسات الطاقة. ويُصدر المجلس "مؤشر الطاقة العالمي ثلاثي الأبعاد" (تريليما إندكس) وهو أداة تهدف إلى تقييم أداء نظام استدامة الطاقة في الدول الأعضاء وفقاً لثلاثة أبعاد أساسية تتمثل في الآتي: أمن الطاقة، وذلك من خلال تحديد مدى موثوقية وتوفر إمدادات الطاقة؛ وعدالة الطاقة، من خلال مراعاة سهولة الحصول على الطاقة وقدرة الجميع على تحمل تكاليفها؛ والاستدامة البيئية، من خلال تقييم الأثر البيئي لأنظمة الطاقة. ومن خلال وضع تصنيف سنوي للبلدان، فإنه يسعى إلى تعزيز سياسات الطاقة التي توازن بكفاءة بين هذه الأبعاد، وهو ما يشجع على اعتماد نُهج شاملة للتصدي لتحديات أمن الطاقة وعدالتها واستدامتها على الصعيد العالمي.

يتمثل الهدف الأساسي لهذه الورقة البحثية في إجراء فحص متعمق حول عدالة الطاقة في لبنان. وتسعى إلى تحديد الفرص الممكنة والتوصيات المقترحة لاستخدام أنظمة الطاقة الشمسية التي لا تتبع الشبكة الرئيسية (أيّ في المناطق التي لا تتصل نهائياً بالشبكة الكهربائية الحكومية) في المنازل اللبنانية للتخفيف من حالة عدم المساواة الحالية في قطاع الكهرباء. وتهدف الورقة البحثية أيضاً إلى تحليل التحديات الراهنة التي تواجه عدالة الطاقة من خلال تصميم مؤشر لقياس عدالة الطاقة، وتقييم أداء المؤشر، واقتراح توصيات لتعزيز عدالة الطاقة.

لمحة موجزة عن قطاع الطاقة الكهربائية في لبنان

ترجع جذور الأزمة الاقتصادية والمالية التي عصفت بلبنان إلى حقبة طويلة من الإهمال ممتدة منذ الحرب الأهلية. وعلى الرغم من أنها ليست المحفز الأساسي لهذه الأزمة، فإن القضايا التي تتخلل قطاع الطاقة كان لها دور رئيسي في كشف المشاكل الإدارية الجذرية التي تقع في صميم هذه الأزمة وأيضاً أدت إلى تفاقمها.

تحتكر الهيئة اللبنانية الحكومية (شركة كهرباء لبنان) - المملوكة للدولة - عمليات توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها، باستثناء امتيازات الطاقة الكهرومائية. وتواجه شركة كهرباء لبنان عجزاً يتراوح تقريباً من 1.5 مليار دولار إلى 2 مليار دولار سنوياً على امتداد العقد الماضي. وقد أدى هذا العجز إلى زيادة الدين العام اللبناني بشكلٍ كبير، فقد بلغ الإنفاق والدعم الحكومي المقدم لقطاع الطاقة ما يقرب من 40% من الدين الكلي منذ عام 1992. وتجدر الإشارة هنا، أن هذه الإعانات كانت تهدف في الأساس إلى حماية ذوي الدخل المحدود من تداعيات أسعار المحروقات المتقلبة. لكن يعلم الجميع أن هذه الإعانات غالباً ما تعود بالنفع على الفئات الأكثر ثراءً في البلاد أكثر من باقي السكان، ويرجع ذلك إلى معدلات استهلاكهم العالية للطاقة.

لكن لدينا استثناء واحد بموجب امتياز خاص (امتياز استثماري) يسمح لشركة "كهرباء لبنان" بالتعاقد مع شركة "كهرباء زحلة" الخاصة، لتأمين التغذية بالكهرباء على مدى 24 ساعة لمدينة زحلة، علماً أن الحكومة لا تزود أيّ منطقة أخرى في لبنان بالكهرباء على مدى اليوم. وقد نجحت شركة زحلة في توفير خدمة كهرباء عالية الجودة في ظل منظومة كهرباء وطنية معطوبة وفاسدة.

تبرز شركة كهرباء زحلة بوصفها واحدة من أكبر الشركات الخاصة صاحبة الامتيازات في لبنان، التي تغطي مجالات اقتصادية مهمة وتزود المناطق المشمولة في امتيازها بكهرباء منتظمة على مدار الأربع والعشرين ساعة طيلة أيام الأسبوع. مع ذلك، ثمة أسئلة تتعلق باستدامتها من خلال اعتمادها على المولدات الخاصة. أيضاً تسلط حالة شركة زحلة الضوء على احتمالية تحفيز الممارسات الريعية، وتثير نقاشات بشأن اللامركزية داخل قطاع الطاقة في البلاد. وعلى الرغم من نجاح الشركة في تجاوز التحديات التي تفرضها منظومة الكهرباء الوطنية المعطوبة، لا تزال هناك مخاوف بشأن إمكانية استمرارها على المدى الطويل والتداعيات الأوسع نطاقاً على قطاع الطاقة اللبناني.

خلافاً للنجاح النسبي لشركة كهرباء زحلة وعلى نطاقٍ أوسع، يواجه قطاع الطاقة في لبنان مشاكل كبيرة. وللأسف، تَركز دعم ميزانية الحكومة على المحروقات والنفقات الإدارية بصفة أساسية، بدلاً من التصدي بفعالية للفجوة الآخذة في الاتساع بين العرض والطلب على الطاقة والتي تسدها المولدات الباهظة والملوثة للبيئة التي تعمل بالديزل. ونتيجة لذلك، يعاني القطاع من أوجه عدم كفاءة ونقص الاستثمار والممارسات الإدارية السيئة.

علاوة على ذلك، أدى عدم وجود إطار تنظيمي مستقر في لبنان إلى الفشل في تنفيذ خطط الطاقة المتجددة الطموحة التي تقدم فرصة نادرة لإحداث تحول إيجابي في القطاع. يهدف قانون رقم (462) الذي أقره مجلس النواب في عام 2002، إلى إصلاح قطاع الكهرباء في لبنان لكسر الاحتكار الذي تفرضه شركة كهرباء لبنان على توليد الطاقة ونقلها وتوزيعها.

وقد هدف وضع هذا القانون إلى الفصل بين أنظمة الإنتاج والنقل والتوزيع في قطاع الطاقة مع إمكانية إشراك منتجي الطاقة من القطاع الخاص وإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم السوق، هي الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء. لكن هذه الهيئة لم تر النور مطلقاً، وهو ما حال دون تطبيق قانون الطاقة المتجددة اللامركزية، الذي استحدث في عام 2022. بموجب هذا القانون، فإن أنظمة الطاقة المتجددة التي لا تزيد قدرتها الإنتاجية القصوى عن 10 ميغاواط  يمكن ربطها بالشبكة الرئيسية  (وتوزيعها ونقلها عبر الشبكة) أو بيعها بين المستهلكين من خلال اتفاقات شراء من نظير إلى نظير.

وسط الجهود العالمية التي يبذلها واضعي سياسات الطاقة لتنسيق مساعي تحقيق الانتقال العادل للطاقة مع مراعاة أبعاد الأمن والاستدامة، جاء لبنان جاء في أسفل القائمة التي تضمنت 127 دولة خضعت لتقييمهم. ويعزى هذا الأداء الضعيف في الأساس إلى الاعتماد الكبير على واردات الطاقة.

يتمتع لبنان بإمكانات هائلة غير مستغلة فيما يتعلق بمصادر الطاقة المتجددة، مع ذلك لا تشكل الطاقة المتولدة من المصادر المتجددة سوى 7.83% فحسب من مزيج الطاقة في البلاد، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية. تسعى الحكومة إلى رفع هذه النسبة لتصل إلى 30% ، وهو ما قد يؤدي إلى توفير نحو 250 مليون دولار سنوياً من خلال القضاء على الحاجة إلى استيراد الوقود الأحفوري.

لنحو 30 عاماً، أخفقت السلطات اللبنانية - من خلال الإهمال والسياسات غير المستدامة - في إدارة منظومة الطاقة بشكل جيد، وهو ما أدى إلى انقطاعات واسعة للكهرباء تنتهك حق اللبنانيين في الحصول على الكهرباء والتمتع بمستويات معيشة لائقة، وكذلك الإضرار بالقطاع السياحي مع اضطرار كثير من الفنادق إلى الإغلاق في 2022 بسبب أزمة الكهرباء المتواصلة. وقد أضعف هذا قدرة لبنان على تصميم منظومة طاقة عادلة.

يؤكد مفهوم عدالة الطاقة، الذي يرتكز على مبادئ العدالة الاجتماعية، على أن الحصول على الطاقة الموثوقة وبأسعار معقولة لا يعد فقط حقاً إنسانياً أساسياً وإنما أيضاً عنصراً محورياً من أجل الحد من الفقر وتحسين مستوى المعيشة بشكل عام. لكن لبنان مع الأسف يفتقر بشكلٍ خاص لهذا الحق الأساسي، وهو ما أكدته النتائج التي خلصت إليها منظمة "هيومن رايتس ووتش".

تصميم المؤشر

تكتسب مسألة كيفية تحقيق انتقال طاقي فعال ومتطور وعالمي اهتماماً كبيراً في الأوساط الأكاديمية وبين صناع السياسات. وقد اتضحت أهمية المؤشرات الإحصائية المجمعة بوصفها نوعاً من الأدوات التي توفر معلومات إضافية لصناع السياسات حول وضع ومسار تحولات الطاقة في جميع أنحاء العالم. ولهذا السبب، صمم المنتدى الاقتصادي العالمي "مؤشر الانتقال الطاقي"، لرصد عمليات الانتقال الطاقي وأيضاً الزخم الناتج عن تحول أنظمة الطاقة في بلدان العالم.

ويشتمل "مؤشر الانتقال الطاقي" على بُعد عدالة الطاقة الذي يُقيم أداء الدولة فيما يتعلق بتوفير الطاقة الموثوقة التي يسهل الحصول عليها بأسعار معقولة وبالتالي تحقيق الازدهار الاقتصادي، خاصة للفئات السكانية المحرومة والمهمشة. ويعتمد اختيار المقاييس التي تشكل بُعد عدالة الطاقة على المسائل المفاهيمية ذات الصلة بمنظومة الطاقة. ويجري التعبير عن بُعد العدالة من خلال الدلائل التالية: سهولة الحصول على الطاقة والقدرة على تحمل تكاليفها وتأثيرها على التنمية الاقتصادية.

ونجري في هذا البحث تقييماً شاملاً يركز على الوضع اللبناني في الفترة بين عامي 2013 و 2023. وقد اخترنا هذه الفترة الزمنية تحديداً للتأكد من تضمين كافة البيانات المتاحة والمتعلقة بالمؤشرات الثلاثة قيد البحث.

يُقدر مؤشر سهولة الحصول على الطاقة  نسبة السكان الذين يتمتعون بخدمات الكهرباء في لبنان. أما عن مؤشر القدرة على تحمل تكاليف الطاقة، فقد أجرينا تحليل حول أسعار الكهرباء، مع التركيز على تكلفة اشتراكات المولدات الخاصة، بما أن التزود بالطاقة من المرافق العامة في لبنان محدود للغاية، ولا يجري سداد كثير من الفواتير. أخيراً، يُقاس بُعد الازدهار الاقتصادي من خلال الناتج المحلي الإجمالي للفرد.

عند تصميم المؤشر، تم توحيد كافة المقاييس على درجة 0-1 لضمان اتساق النتائج. بعد ذلك طبقنا نظام ترجيح، مع مراعاة مدى صلة المؤشرات بأهداف عدالة الطاقة في لبنان. يمكن الاطلاع على أيّ تفاصيل حول البيانات والمنهجية المتبعة في الملحق (أ).

تحليل الحساسية

عند إجراء تحليل الحساسية، من الضروري تنويع مؤشرات القدرة على تحمل تكاليف الطاقة لتوقع التغييرات المحتملة في مؤشر عدالة الطاقة. ويتضمن هذا التحليل أسعار الكهرباء المعدلة المستخدمة في حسابات المؤشر بانتظام، وهو ما يقدم معلومات قيمة حول الكيفية التي تؤثر بها التقلبات في أسعار الطاقة على عدالة منظومة الطاقة بشكل عام. جدير بالذكر أيضاً أن أسعار الكهرباء الحالية والسابقة تعبر عن متوسط أسعار المولدات التي حددتها وزارة الطاقة والمياه اللبنانية، بينما تعبر أسعار الكهرباء المتوقعة في 2030 عن أسعار الطاقة الشمسية من الأنظمة التي لا تتبع الشبكة الرئيسية.

تمنح الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية، مزايا كثيرة لمستهلكي الكهرباء، بما في ذلك الاقتصاد في التكاليف وحماية البيئة. في لبنان، ارتفع الاعتماد على الطاقة الشمسية بنسبة 2500% خلال العقد الماضي، ويعزى ذلك إلى عدة عوامل مثل الأزمة الاقتصادية ورفع الدعم عن البنزين وتحديات توليد الطاقة التي تواجهها شركة كهرباء لبنان. فبينما تعد التكاليف الأولية لنظم الطاقة الشمسية مرتفعة، فإن نفقات تشغيلها المنخفضة والمتوقعة تحمي المستهلكين من تقلبات الأسعار واحتكار المولدات الخاصة في لبنان.

في عام 2030، من المتوقع أن تبلغ أسعار الكهرباء 0.045 دولار لكل كيلوواط في الساعة، وهي أسعار تعبر عن تكلفة الطاقة الشمسية المولدة من الأنظمة التي لا تتبع الشبكة الرئيسية، والتي تعد الأكثر انتشاراً في لبنان. ومن المتوقع أن تظل إمكانية حصول المواطنين اللبنانيين على الكهرباء عند مستويات عام 2023 وفقاً لهذا التقدير، بينما من المتوقع أن تزيد التنمية الاقتصادية بنسبة 8٪ من عام 2023 إلى عام 2030.

نتائج المؤشر

تظهر نتائج المؤشر المجمعة، الموضحة في شكل 1، تقلبات في مؤشر عدالة الطاقة، مع إظهار فترات من التحسن تعقبها فترات من الانتكاس. ففي السنة الأولى للدراسة، أيّ عام 2013، سجل مؤشر عدالة الطاقة 0.11. ثم شهد زيادة مطردة، بلغت ذروتها في عام 2019 مع تسجيل 0.256. وفي وقت لاحق، تراجع مؤشر عدالة الطاقة إلى أدنى مستوى له ليسجل -0.137، ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى زيادة تكاليف الاشتراك في المولدات الكهربائية في لبنان. بعد ذلك، شهد المؤشر زيادة طفيفة مسجلاً 0.004 في عام 2023، لا سيما بعد انخفاض المتوسط السنوي لأسعار الاشتراكات في المولدات خلال هذه السنة.

يتضح من نتائج مؤشر عدالة الطاقة أن عدالة الطاقة في لبنان تتأثر إلى حدٍ كبير بالأسعار المرتفعة نسبياً لإمدادات الكهرباء التي يجري توفيرها من المولدات الخاصة.

نتائج تحليل الحساسية

تقدم نتائج تحليل الحساسية معلومات قيمة حول تأثير دمج الطاقة الشمسية من خارج الشبكة التي تستخدمها المنازل اللبنانية ضمن مؤشر عدالة الطاقة في لبنان. حالياً، تبلغ تكلفة أنظمة الطاقة الشمسية التي لا تتبع الشبكة الرئيسية في لبنان 0.049 دولار لكل كيلوواط في الساعة، مع تقديرات تشير إلى انخفاض إضافي لتهبط إلى 0.045 دولار لكل كيلوواط في الساعة بحلول عام 2030.

وتُظهر النتائج قيمة لافتة لمؤشر عدالة الطاقة بلغت 0.38، مثلما يوضح الرسم البياني 1. تعزى هذه الزيادة الكبيرة إلى انخفاض أسعار الكهرباء بسبب الاستعانة بالطاقة الشمسية في المنازل اللبنانية، وهو ما أدى إلى توفير كبير في نفقات الكهرباء داخل الأسر اللبنانية بلغت نسبته 77% .

توصيات

لدى لبنان فرصة فريدة لإحداث تغيير جذري في قطاع الكهرباء لديه، وجعله أكثر عدالة وشمولية وحفاظاً على البيئة. فقد كشفت الأزمة الاقتصادية الحالية عن أوجه القصور في منظومة الطاقة، وهو ما استدعى مجموعة من التوصيات السياسية العامة لتعزيز عدالة الطاقة والمضي قدماً نحو انتقال عادل:

  • تنظيم المولدات الخاصة: تُنفق الأسرة اللبنانية المتوسطة 44% تقريباً من دخلها الشهري لدفع اشتراكات المولدات الخاصة، وذلك وفقاً لتقرير أصدرته "هيومن رايتس ووتش" عام 2023، وهو ما يتسبب في ضغوطات على ميزانية الأسرة ويهدد استقرارها المالي. ومن ثم، يجب على السلطات اللبنانية تطبيق لوائح تهدف إلى تنظيم المولدات الخاصة الاحتكارية. ويجب على هذه اللوائح حماية المستهلكين من الرسوم التي لا تخضع للتنظيم الحكومي وأن تمنحهم الحق في تركيب العدادات ومرشحات الانبعاثات. إضافة إلى ذلك، فإن جمع هذه المولدات مع الخلايا الكهروضوئية في شبكة موحدة يمكن أن يؤدي إلى تحسين أبعاد الكفاءة والاستدامة.
  • التحول إلى الطاقة الشمسية: اعترافاً بدور الطاقة الشمسية في خفض أسعار الكهرباء المرتفعة وتقليل الانقطاعات المتكررة للكهرباء، يجب على لبنان وضع أطر تنظيمية قوية تكفل التزام مرافق أنظمة الطاقة الشمسية بأحدث المعايير الفنية للكفاءة والسلامة، نظراً لزيادة حوادث الأعطال في النظام التي تبلغ عنها الأسر اللبنانية مؤخراً بسبب عدم وجود تدابير سلامة (مثل الحرائق أو الأعطال الناجمة عن صواعق البرق، وغيرها). علاوة على ذلك، يجب على لبنان وأيضاً الأطراف المانحة الدولية التي تدعم قطاع الكهرباء أن تعطي أولوية للتمويل الموجه لتحقيق التحول الكامل إلى مصادر الطاقة المتجددة، مع التركيز على الطاقة الشمسية خصوصاً.
  • اعتماد العدادات الذكية: يجب أن تشجع الحكومة على تركيب العدادات الذكية التي تستطيع رصد إنتاج واستهلاك الطاقة بدقة. أيضاً تحتاج شبكة التوزيع الحالية التابعة لشركة كهرباء لبنان إلى إصلاحها وتنظيمها حتى تتمكن من تحمل الطاقة المولدة من المصادر المتجددة. وسيعتمد نظام تبادل الطاقة وشرائها من نظير إلى نظير على هذه العدادات، وهو ما سيسمح بزيادة المشاركة في عمليات التحول إلى الطاقة المتجددة. سيؤدي هذا النهج إلى تمكين من لا تتوافر لديهم مساحة على أسطح منازلهم أو من لا يمتلكون موارد مالية كبيرة من الحصول على إمدادات الطاقة الشمسية الفائضة وشرائها من جيرانهم بأسعار تنافسية، وبالتالي خفض الاعتماد على المولدات الخاصة الباهظة ومصادر الطاقة التقليدية.

يمكن أن يؤدي التصدي للتحديات التي سلط هذا البحث الضوء عليها وتنفيذ الإصلاحات الاستراتيجية إلى مساعدة لبنان على إحراز خطواتٍ نحو الوصول إلى قطاع كهرباء أكثر كفاءة واستدامة ومرونة، قادر على توفير الكهرباء بطريقة موثوقة وعادلة، ويعمل في الوقت ذاته على تقليل الآثار البيئية وتخفيف العجز في الميزانية العامة للدولة.

الملحق (أ)

جدول 1: أبعاد مؤشر عدالة الطاقة خلال الفترة الزمنية المشمولة في الدراسة

أبعاد عدالة الطاقة
إمكانية الحصول على الطاقة  

القدرة على تحمل تكاليف الطاقة

 

التنمية الاقتصادية
مؤشر السنة إمكانية الحصول على الكهرباء (%)1https://data.worldbank.org/indicator/EG.ELC.ACCS.ZS?locations=LB

 

أسعار الكهرباء (كيلوواط لكل ساعة/دولار) الناتج المحلي الإجمالي للفرد (دولار)2https://databank.worldbank.org/metadataglossary/statistical-capacity-indicators/
2013 99 0.27 8256
2014 99.7 0.28 7666
2015 99 0.16 7803
2016 99 0.14 8173
2017 99 0.18 8680
2018 99 0.25 9226
2019 100 0.26 8926
2020 100 0.2 5600
2021 100 0.14 4137
2022 100 0.51 6439
2023 100 0.35 5802
2030 100 0.045 6780

 

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.