بين أهمية الدور وتحديات التنظيم والتمثيل: "النقابات المهنية المستقلة" في العالم العربي

النص أدناه هو مقدمة سلسلة أوراق حول النقابات المهنية المستقلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. لقراءة الكتاب كاملاً، إضغط/ي على “تحميل الملف”.

القاهرة ، مصر - 12 فبراير / شباط: تجمع العاملون الطبيون حول مبنى النقابة احتجاجاً على طبيبين تعرضا للضرب على أيدي تسعة ضباط شرطة الشهر الماضي ، في 12 شباط/فبراير 2016 © AA/Mohamed El-Raai

مقدمة عامة

لطالما لعبت النقابات العمالية ونقابات المهن الحرّة في العالم العربي، خصوصاً في مرحلة تشكّل دول ما بعد الاستقلال، دوراً محورياً في الدفاع عن حقوق العمال والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع وحتى السياسية منها، من خلال توسيع مجال مساحات المشاركة السياسية وضمان الحريات العامة. إلا أنه ومع تبلور الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، وتمسّك الطبقة الحاكمة بمفاصل الدولة ومؤسساتها، راحت هذه الأنظمة (عسكرية أو طائفية) تعمل من أجل التضييق على العمل النقابي والحزبي، إما من خلال الحظر عبر سن قوانين تمنع نشاطه، أو من خلال إفراغه من معناه مع إنشاء نقابات واتحادات نقابات موالية للطبقة الحاكمة وأحزابها. ففي العراق مثلاً، صدر القرار 150 في العام 1978 وحوّل العمال والمهنيين إلى موظفين رسميين في الحكومة العراقية، فأصبحت الدولة هي رب العمل الأساس. في سياق مماثل، أصدر "نظام الإنقاذ" في السودان قانون "الصالح العام" في العام 1989 وقضى من خلاله بفصل آلاف الموظفين، وغالبيتهم من نقابة السكك الحديد واتحاد مزارعي الجزيرة، اللذين كانا من دعائم العمل النقابي المطلبي. أما في لبنان، فسعت الطبقة الحاكمة إلى هندسات انتخابية لتأمين تمثيلها الحصري في "الاتحاد العمالي العام"، وبالتالي ضمان تمثيل مصالحها بدلاً من مصالح العمال. بالرغم من ذلك، بقيت النقابات، خصوصاً المهنية والقطاعية منها، إلى جانب هيئات المجتمع المدني، عنصراً مؤسساتياً مهماً في المشهد المطلبي العام، لعبت من خلاله دوراً رئيسياً في ملء الفراغ الذي خلفه أفول الأحزاب السياسية.

في الواقع، ظهرت النقابات المهنية كلاعب أساسي لحظة التغيرات الكبرى (سقوط نظام صدام حسين في العام 2003) أو مع انطلاقة الاحتجاجات الشعبية في العام 2011 (التي عرفت أيضاَ بالربيع العربي). لا شك أن الإرث النقابي في البلدان العربية، وفي ظل تصحر الحياة السياسية، ظهر جلياً مع تبلور النقابات المهنية كلاعب مهم في تحريك الشارع وتنظيمه وعكس حيويته. والنقابات المهنية المستقلة، ليست نقابات عمالية (بالمعنى القانوني للكلمة)، بل هي عبارة عن هيئات تمثيلية قطاعية أسست أصلاً لتأمين مصالح المنضوين تحتها وحماية مكتسباتهم الاقتصادية، وتمثل غالباً فئات منتمية إلى الطبقة الوسطى، لعبت في العديد من الأحيان دوراً داعماً للنظام (حالة الجزائر مثلاً). لكن، ومع التحولات التاريخية التي طرأت على واقع هذه الطبقات الاجتماعية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي نتيجة تبني سياسيات الانفتاح الاقتصادي والنيوليبرالي، لجأت هذه الطبقات إلى نقاباتها لإعلان رفضها سياسات الأنظمة الاقتصادية، وصولاً أحياناً إلى المطالبة بإسقاط النظام. ففي العراق مثلاً، أسس عدد من الصحافيين "النقابة الوطنية للصحافيين" عام 2003، والتي قدمت تجربة بديلة ورائدة للعمل النقابي بعد سيطرة حزب البعث الحاكم لعقود على النقابات. أما في مصر، فقد أعيد إحياء النقابات المستقلة بعد العام 2011 وسقوط نظام حسني مبارك، قبل أن يعود النظام الحاكم من جديد إلى القضاء على استقلاليتها مع تضييق الفضاء العام. في لبنان، وعلى عكس تجربة السودان حيث لعبت النقابات المهنية دوراً رائداً في تنظيم الشارع، وقامت لاحقاً بدور تفاوضي في مسار انتقال السلطة (تجمع المهنيين السودانيين)، أعاد الحراك الشعبي في لبنان (انتفاضة 17 تشرين 2019) إلى الواجهة أهمية دور النقابات، تحديداً المهنية منها، بعد أن سيطرت على تمثيلها أحزاب السلطة لسنوات عديدة.

إذاً، تحولت "النقابات المهنية المستقلة" إلى لاعبٍ سياسي مهم في العالم العربي، وحجزت لنفسها دوراً محورياً في عملية التمثيل السياسي والقطاعي - المهني، وشكلت شأناً كبيراً في تحريك الشارع وتحضير رأي عام مناصر للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

من هنا، وضمن سياق عملها المتمحور حول فهم مقومات التغيير في العالم العربي وشروطه، خصصت "مبادرة الإصلاح العربي" مساحة فكرية وحوارية من أجل فتح النقاشات حول واقع النقابات المهنية المستقلة على ضوء دورها المتزايد في العقد الأخير في المنطقة العربية. وعمدت إلى تقديم قراءة معمقة من خلال أوراق بحثية شارك فيها باحثون وباحثات من العالم العربي وتناولت البلدان الآتية: السودان، الجزائر، لبنان، العراق ومصر. وبناءً على مخرجات الأوراق التي تنشر في هذا الكتاب، أقيمت مروحة من النقاشات وجلسات الحوار مع باحثين وفاعلين في النقابات المهنية المستقلة، في محاولة لفهم دورها وتأمين رابط ومساحة مشتركة في ما بين أعضائها، من أجل تبادل الخبرات وترسيخ التواصل بينهم.

الأوراق

تقارب الأوراق المنشورة في هذا الكتاب موضوع "النقابات المهنية المستقلة" من خلال دورها في الحراك الشعبي، يظهر بشكل واضح أهمية هذه البنى في لعب دور ما في تنظيم الشارع، أو على الأقل محاولة تنظيمه. لكن المحاولات هذه عادة ما تصطدم بعوائق عدة ترتبط أساساً بالقدرة التنظيمية للمجتمع المدني في دول عرفت تصحّراً سياسياً ملحوظاً، نتج عن قرارات تسلطية هدفت إلى القضاء على الحياة الحزبية أو النقابية. ويتضمن الكتاب خمس دراسات حالة من العالم العربي وهي: السودان، الجزائر، لبنان، العراق ومصر.

السودان: تقدم ورقة السودان (محمد العجاتي، عمر سمير، عبد المنعم سيد أحمد، زينب سرور) قراءة في "تجمع المهنيين السودانيين" وتظهر على أنه تراكم لتجارب سابقة تطورت من العمل السري الذي انطلق في العام 2012، إلى العمل العلني في العام 2016، وصولاً إلى لعب دور محوري ومفصلي في احتجاجات السودان في العام 2018. وترسم الورقة تطور مطالب التجمع وصولاً إلى المطالبة بتغيير النظام "عبر طرح قضايا أكثر عمومية وأكثر من مجرد قضية مهنية، وهي قضية الأجور وقضايا إصلاح القطاعات التعليمية والصحية والخدمية التي تهم الجميع، مهنيين وغير مهنيين". وهذا ما حصّن شرعية "التجمع" من خلال المطالبة بالحقوق، وجعله لاعباً سياسياً تتحالف معه الأحزاب الأخرى من أجل التأسيس لتجمع معارض واسع وهو "قوى الحرية والتغيير"،1قوى إعلان الحرية والتغيير هيَ مكوّنات سياسيّة سودانية تتشكّل من تجمّع المهنيين، الجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع الوطني وكذا التجمع الاتحادي المُعارِض. والذي ساهم لاحقاً في الانتقال السياسي للسلطة. كما تقدم الورقة قراءة في التحديات التنظيمية والمستقبلية التي تواجه "التجمع" على ضوء التطورات السياسية التي شهدها السودان بعد سقوط "نظام عمر البشير".

الجزائر: تغوص ورقة الجزائر (ناصر جابي) في النقابات المستقلة في الجزائر منذ تأسيسها في أوائل التسعينيات وتركيزها على الخصوصية القطاعية للمهن، على عكس النقابات الأحادية الرسمية التقليدية. وما يميز النقابات المستقلة أنه أصبح بإمكانها أن "تراعي خصوصيات مطالبها وما يميزها من تأهيل، وتطورها من حيث مطالبها وقواعدها العمالية، وسبل الاحتجاجات التي تتبناها". وتناقش الورقة بالتحديد نقاط القوة لهذه النقابات المستقلة في الحراك الشعبي، ونقاط الضعف التي حالت دون لعبها دوراً محورياً أكبر في مواجهة إعادة ترتيب السلطة في الجزائر وأفول الحراك الشعبي المطلبي.

لبنان: تقدم الورقة (جميل معوض) قراءة نقدية في تجربة النقابات المهنيّة المستقلة في لبنان، أو حتى في محاولات تشكيل تجمّعات مهنية مستقلة، من خلال التركيز على تجربتين أساسيّتين: تجربة نقابة المهندسين التي حقّق فيها مناصرو "إنتفاضة 17 تشرين" فوزاً صريحاً في انتخابات العام 2021، وتجربة المعلّمين في "تجمع مهنيّات ومهنيّين" (مهنيّات ومهنيّين - أساتذة) وهي محاولة وُلِدت لحظة اندلاع الحراك الشعبي في 17 تشرين العام 2019. تعالج الورقة مسألة "الاستقلالية" ومعناها في الإطار السياسي اللبناني، قبل أن تغوص في التحديات التنظمية الأساسية التي من شأنها أن تسهّل العمل النقابي المستقل، أو تعرقله، في حال الفشل في تجاوزها.

العراق: تعالج ورقة العراق (علي طاهر الحمود) دراسة حالة "النقابة الوطنية للصحافيين"، وهي تجربة تأسست في العام 2003، غداة سقوط نظام صدام حسين، و"شكلت تحدياً للنمط السائد الراضخ للدولة بوصفها رب العمل الرئيس تاريخياً وصاحبة الريع الاقتصادي الوحيد. ولذا كان ظهور النقابة الوطنية بمثابة نتوء في السياق الذي كان يفترض عدم ظهور مثل هذه التجارب، إذ لا مصلحة لمواطنين جلّهم موظفون لدى الدولة في تبني مشاريع تتحدى سياساتها". وتطرح الورقة موقع النقابة الجديدة من النقاشات حول ضرورة تأسيس نقابة جديدة للصحافيين (أو إعادة تفعيل نقابة الصحافيين القائمة واستعادتها) مقابل تأسيس جمعية تدافع عن الصحافيين، وتسلط الضوء على أسباب جنوح النقابة عن أهدافها الأساسية وتوجهها نحو العمل التقني، أي التدريبات على شاكلة منظمات المجتمع المدني.  كما تعالج الورقة التحديات الداخلية التي واجهت النقابة، منها مسألة العلاقة مع اليسار، أو حتى الهيمنة عليها، أو العلاقة مع السلطة، وصولاً إلى عدم التجانس الداخلي بين مختلف مكوناتها.

مصر: تتطرق ورقة مصر (شيماء الشرقاوي) إلى معوقات اكتمال تجربة النقابات المستقلة، وتعتمد على قراءة كرونولوجية محورها ثلاث محطات بدأت مع تأسيس نقابات مستقلة عشية "ثورة يناير 2011"، مروراً ببروز دور النقابات المستقلة بعد الثورة، قبل أن ينحسر الدور بين العام 2012 وحتى يومنا هذا. وتناقش الورقة أهم الإشكاليات التي واجهت النقابات المستقلة من خلال الاستعراض التاريخي لكل مرحلة والتشديد على التحديات الداخلية التي رافقتها.

التحديات

من خلال قراءة مقارنة للأوراق يمكن استخلاص التحديات الأساسية التي تواجه "النقابات المهنية المستقلة" في العالم العربي. وتطرح هذه الإشكاليات على شكل أسئلة عامة من شأن الإجابة عنها تطوير وتدعيم العمل النقابي المستقل.

جدلية العمل السياسي والنقابي

تظهر الجدلية بين العمل السياسي (أي تفاعل النقابة كلاعب في الفضاء السياسي العام وتوضيح موقفها من السلطة)  والعمل النقابي (أي حصر الدور فقط في تأمين مصالح المنضوين تحتها) على أنها المحور الأساس في توضيح عمل وأهداف النقابات المستقلة (تبلور المطالب، نسج التحالفات...). يرى بعض الفاعلين في هذه النقابات المستقلة أن النقابات يجب ألا تتدخل في السياسة، بينما يرى البعض الآخر أن فعل العمل النقابي (أي التنظيمي والمطلبي) هو بحد ذاته عمل سياسي. فعلياً، اصطدمت العديد من المحاولات بجدلية إعطاء الأولوية للعمل السياسي أو للعمل النقابي.

إلا أن المسألة الأهم لا تكمن في جدلية النقابي - السياسي بقدر ما تكمن في التجانس الداخلي للنقابات، وشرعية تمثيلها، وقدرتها على الاتفاق على مسألة المشاركة في السلطة من عدمها. من هنا يطرح السؤال: إلى أي مدى تتمتع النقابات المهنية المستقلة بتجانس داخلي يمكّنها من أن تحشد الشارع من أجل القيام بدور سياسي أكبر من دورها النقابي الصرف؟

تعريف الدور

في ظل أزمة الحياة السياسية وتصحّر الساحة التمثيلية (مع غياب الأحزاب والنقابات العمالية التقليدية)، تظهر النقابات المهنية  المستقلة على أنها أطر تمثيلية تلعب، أو يمكن لها أن تلعب، دوراً محورياً في تأمين انتقال السلطة. التحدي الأهم أمام هذه الأطر يكمن في صعوبة تعريف الدور: هل هي وسيط في إدارة العملية السياسية بين الأطراف المختلفة أم هي طرف سياسي أصيل (أي وجوب تطور دورها كلاعب سياسي)؟ واستطراداً، لا بد أيضاً من التوقف عند توصيف "الاستقلالية" التي يمكن لها أن تأخذ أبعاداً مختلفة في الحالات الخمس قيد الدرس: فهل هي مستقلة عن الدولة بصفتها رب عمل، أم مستقلة عن الأحزاب الحاكمة؟ أم عن شبكة المصالح التي تتحكم في الاقتصاد السياسي لكل من هذه البلدان؟

دور حاسم في إعادة إحياء الحياة الديمقراطية

التحدي الحاسم الذي يواجه النقابات المستقلة يكمن في قدرتها على إعادة إحياء الحياة الديمقراطية، والحفاظ على المكان العام مفتوحاً، ومقاومة تعزيز سيطرة العسكر والنخب التقليدية على السياسة وكافة محاور التنظيم المجتمعي.  تبقى المطالبة بالحق في التنظيم والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحق في التظاهر، من أهم ما يمكن لهذه النقابات، بصفتها نقابات تمثيلية، أن تقدمه للمشهد السياسي العام، بغض النظر عن ماهية الدور (السياسي أو النقابي). من هنا، يطرح السؤال عن أهمية وضرورة تبني مسارات ديموقراطية تمثيلية (أهمية تمثيل الشباب) أو تشاركية (فتح المجال للمشاركة في القرارات...) داخل النقابات.

العوائق القانونية

تظهر العوائق القانونية على أنها محورية في تفعيل أو تقليل حرية النقابات المهنية المستقلة. في العراق، مثلاً، قدم بعض النواب مشروع قانون (قانون النقابات والاتحادات المهنية) الذي يبيح التعددية النقابية انسجاماً مع روح الدستور، "إلا أن القانون ركن جانباً بعد نقاشات أولية، إذ يبدو أن النقابات الرسمية العديدة، مثل نقابة المحامين والمهندسين والأطباء، ساهمت بإجهاضه، رغبة منها في الإبقاء على الإرث الأحادي القديم، بدلاً من التعددية المقلقة". في لبنان، لا يمكن تأسيس نقابة مستقلة من دون موافقة وزير الوصاية. وهذا بحد ذاته عائق قانوني يساهم في بعض الأحيان في تشتيت المشهد النقابي أو إضعافه. من هنا يطرح السؤال الآتي: ما الدور الذي يمكن أن تلعبه النقابات القائمة في عملية فك العقد القانونية والقيام بحراك حقوقي يطالب بحرية تأسيس النقابات، عمالية كانت أم مهنية؟

تحديات الهوية والتنظيم

لا بد أيضاً من التطرق إلى الهوية النقابوية وضرورة تجديدها مع تغير الأنظمة السياسية والاقتصادية في العالم. فالنقابات ليست حكراً على العمال، وهنا مطالبة صريحة "للتجديد العقائدي والفكري للتكيف مع المعطيات الوطنية والدولية في جوانبها المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية". فليس كل العمال والمهن منتظمين ضمن نقابات، لكن هنالك فئات كبيرة، تتنظم وتتحرك أحياناً من خارج النقابات بصفتها خارج سوق العمل الرسمي (أو الاقتصاد المنظم). وبالتالي، كيف ستساهم أيضاً النقابات المهنية، تحديداً بصفتها قطاعية، في مصالحة الناس ليس فقط مع السياسة، وإنما تحديداً في إحياء العمل النقابوي وعدم حصره بإيدولوجيات فكرية (أي أن النقابات هي حصراً من مهام القوى اليسارية)؟ وكيف تساهم بدورها في تمثيل العمال الذين ليسوا منتسبين إلى النقابات؟

ضعف تمثيل المرأة

يلاحظ بشكل عام، وفي الحالات الخمس، ضعف تمثيل المرأة في النقابات المهنية المستقلة. فتمثيل المرأة لا يتناسب مع حجم مشاركتها في الاحتجاجات الشعبية والدور الكبير الذي لعبته في المطالبة الحقوقية (لعبت المرأة المحامية دوراً ريادياً في الدفاع عن المعتقلين في السودان ولبنان مثلاً). لا يقتصر دور النقابات فقط على تمثيل القطاعات، إنما خصوصاً شرائح المجتمع كافة. فما هي الأساليب والوسائل التي يجب أن تتبع لتأمين تمثيل حقيقي (وليس صورياً) للمرأة داخل هذه النقابات؟

خلاصة

على ضوء التطورات السياسية المتسارعة في العالم العربي بين نظام قديم يحاول التشبث بالسلطة (انقلابات عسكرية ...)، ونظام جديد يتبلور (حراكات شعبية مستمرة، أحزاب ناشئة...)، يظهر دور نقابات المهن الحرة كحجر أساس في تنظيم الشارع والدفاع عن الحقوق، إضافة إلى إضفاء شرعية مؤسساتية على العمل المطلبي. فنقابات المهن الحرة هي بنى تمثيلية لديها ما يكفي من الطابع المؤسساتي والشرعية (انتخابات...) من أجل رفع مطالب حقوقية تتعلق إما بشؤون أعضائها ومصالحهم النقابية والمهنية، وإما بقضايا وطنية تتعلق بالحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. طبعاً، هنالك العديد من التحديات التي ستواجه هذه النقابات، أهمها كيفية الموازنة بين العمل المطلبي - النقابوي من جهة، والعمل المطلبي - السياسي من جهة أخرى. لكن هذا لا يمنع أبداً من أنها رسخت نفسها كلاعب أساسي في المشهد الاحتجاجي والتنظيمي العام.

على ضوء ذلك، لا بد من تطوير أجندة عمل تركز على النقابات المهنية المستقلة، وترتكز على نقطنين أساسيتين: أولاً، تطوير أجندة بحثية تتعمق بدور النقابات المهنية المستقلة وتحاول توثيق تجارب الناشطين فيها من أجل تقديم قراءة نقدية داخلية. ثانياً، تطوير أجندة سياسوية قائمة على الحوار وإيجاد نقاط التلاقي بين النقابات المستقلة في البلد الواحد أو على صعيد العالم العربي. طبعاً، تستكمل هذه المساحة الحوارية بالتعرف والتشبيك مع تجارب ناجحة مماثلة من خارج العالم العربي بهدف استخلاص العبر وتبادل الخبرات.

Endnotes

Endnotes
1 قوى إعلان الحرية والتغيير هيَ مكوّنات سياسيّة سودانية تتشكّل من تجمّع المهنيين، الجبهة الثورية وتحالف قوى الإجماع الوطني وكذا التجمع الاتحادي المُعارِض.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.