بيانات ذات حدود لفيروس بلا حدود: رؤى وتوصيات من حالة لبنان

الوصول في الوقت المناسب إلى بيانات كاملة ودقيقة هو أحد الدروس الرئيسية المستفادة من أجل استجابة وطنية للصحة العامة تستند على الأدلة. في لبنان، كان الإبلاغ عن بيانات كوفيد-19 غارقًا في مشكلات مثل تجزئة البيانات المتاحة للجمهور عبر العديد من مصادر التقارير الرسمية. تتناول هذه الورقة مسألة جمع البيانات ومبادلها وتقدم توصيات بشأن سبل المضي قدمًا.

يواصل العاملون في مجال الصحة اللبنانيون مكافحة وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، لبنان، يوم 12 كانون الثاني/يناير 2021. © Hussab Shbaro / AA

أحد أهمّ الدّروس المستفادة من وباء كورونا (كوفيد-19) هو إدراك قيمة توفّر بيانات كاملة ودقيقة في الوقت المناسب وإتاحة الوصول إليها من أجل وضع استجابة وطنيّة في قطاع الصّحّة العامّة تكون مبنيّة على الأدلّة العلميّة. عالمياً، دعت العديد من الدول إلى تطبيق نظام إبلاغ موحّد،1Gardner, L., Ratcliff, J., Dong, E., & Katz, A. (2020). A need for open public data standards and sharing in light of COVID-19. The Lancet Infectious Diseases. يجمع البيانات في وقتها ويصوِّرها ويشاركها. ولتحقيق ذلك، لا بدّ من إقامة نظام صارم للتّرصُّد في قطاع الصّحّة العامّة، يرتكز على تنسيق مناسب بين السلطات العامة المختلفة وتعاون شفاف بين القطاعَين العام والخاص، في محاولة لتيسير تبادل البيانات والمهارات والآراء،2Wehbe, S., Fahme, S. A., Rizk, A., Mumtaz, G. R., DeJong, J., & Sibai, A. M. (2021). COVID-19 in the Middle East and North Africa region: an urgent call for reliable, disaggregated and openly shared data. BMJ Global Health, 6(2), e005175. والتي تعد عناصر أساسية في وضع استراتيجية وطنية قائمة على الأدلة.

في حالة لبنان، كان نظام الإبلاغ عن بيانات كورونا غارقاً في مشكلات محورية، وخاصة تجزئة البيانات المتاحة للعامة عبر العديد من مصادر الإبلاغ الرسمية. علاوة على ذلك، فإن عدم إمكانية وصول المجتمع الأكاديمي إلى البيانات الأوّلية يعوق عملية مشاركة المهارات والآراء؛ فتضيع فرصة نمذجة البيانات، وعمل تنبؤات تستند على البيانات، وطرح توصيات قائمة على الأدلة تراعي السياق المحيط. في غياب شفافية تبادل البيانات، وصف بعض الباحثين وكذا الجمهور العام عادةً تلك التدابير بأنها عشوائية وغير ضرورية وغير مدعومة بأدلة.3Al-Sayah, F. (2020, June).What Is Missing in Lebanon’s COVID-19 Exit Strategy? The Lebanese Center for Public Policies. https://www.lcps-lebanon.org/featuredArticle.php?id=316.

في هذا المجال، هناك حاجة ماسة إلى إيجاد منصة رسمية موحدة ومفتوحة للبيانات، من أجل دعم الأبحاث والتحليلات التعاونية عالية الجودة، ولضمان الشفافية وإمكانية التحقق من عملية إعداد التقارير، ولتشجيع الحلول المنبثقة من البيانات. ومن الضروري للغاية أيضاً أن يشمل الاستعداد للأوبئة المستقبلية وإدارتها، إضافة إلى أنشطة الترصُّد الصحية المتواصلة، جميع الجهات المعنية، بما فيها علماء الأوبئة والأمراض المعدية والمتخصصين في الصحة العامة وعلماء السلوك المحليين، ممن لديهم الخبرة والمهارة ليكونوا جزءاً من استراتيجية استجابة للصحة العامة متعددة الأطراف المعنية.

تجزئة نظام الإبلاغ في لبنان

النظام الرسمي للإبلاغ عن البيانات الخاصة بالأمراض المُعدية، في لبنان، هو "وحدة الترصُّد الوبائي" بوزارة الصحة العامة. وقد جرى الإبلاغ عن أول حالة مؤكدة للإصابة بفيروس كورونا في لبنان بتاريخ 21 شباط/فبراير 2020. وقد قادت وحدة الترصُّد الوبائي في البداية عملية الإبلاغ عن البيانات، وأطلقت تقارير يومية اقتصرت على أعداد حالات الإصابة والوفيات والتعافي وأعداد الفحوصات الإيجابية كما وردت من مستشفى رفيق الحريري الجامعي، الذي كان في وقت سابق يمثل المركز الحكومي الأساسي والوحيد الذي يقدم خدمات الفحص المجاني.4Ghandour, L. (2020, May 22). Testing for Covid-19 in Lebanon. Executive. https://www.executive-magazine.com/economics-policy/healthcare/coronavirus/testing-for-covid-19-in-lebanon. في نيسان/أبريل 2020، وسّعت الحكومة اللبنانية قدراتها على إجراء الفحوصات فأضافت 15 مركز فحص جديد إلى مستشفى رفيق الحريري الجامعي. وقد أدّت هذه الزيادة في عدد مراكز الفحوصات، التي مثّلت خطوة إيجابية لتعزيز القدرة على اكتشاف الحالات المؤكدة وعزلها، إلى تأسيس آلية أعقد لجمع البيانات وتنسيقها.

توسّع نطاق الإبلاغ عن البيانات، وصارت تجريه أجهزة حكومية وغير حكومية، ومنها "وحدةُ إدارة مخاطر الكوارث" التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ووزارةُ الإعلام، والصليب الأحمر اللبناني، والمجلس الوطني للبحوث العلمية، وقوى الأمن الداخلي، إضافة إلى مكتب منظمة الصحة العالمية في لبنان ووكالات الأمم المتحدة في البلاد. تدريجياً، صارت البيانات أكثر تفصيلاً وتنوعاً من خلال هيئات الإبلاغ تلك، التي كانت (باستثناء وكالات الأمم المتحدة) تشير إلى وزارة الصحة العامة بصفتها المصدر الأساسي لها. ومع أن لكل كيان منها اختصاص مختلف، تظل هناك تقاطعات بينها. فعلى سبيل المثال، فإن قوى الأمن الداخلي هي الكيان المسؤول عن السجون، وتظل وزارة الصحة العامة -وخاصة "وحدة الترصُّد الوبائي" هي المسؤولة عن المعايير الوبائية حول كورونا. وعلى هذا النحو، تُبلغ وزارة الصحة العامة حول المعايير العامة، فيما تقوم قوى الأمن الداخلي بالإبلاغ تحديداً عن عدد الحالات في السجون.5​​قوى الأمن الداخلي. (21 كانون الأول/ديسمبر 2020). متابعة الحالات المصابة بفيروس كورونا في السجون. قوى الأمن الداخلي - الموقع الرسمي. https://www.isf.gov.lb/ar/article/9113298. ويُفترض أن التكرار، رغم عدم فاعليته، لا يضر. لكن تجزئة البيانات عبر مصادر إبلاغ مختلفة أصبح حتماً مصدر التباس للمختصين في الصحة العامة إضافة إلى عامة الناس. وعلى سبيل المثال، فيما ركّزت وزارة الصحة العامة6وزارة الصحة العامة (بلا تاريخ). تقارير الترصُّد للفيروسات التاجية المستجدة. موقع وزارة الصحة العامة. https://www.moph.gov.lb/en/Pages/2/193/esu#/en/Pages/2/24870/novel-coronavirus-2019-. جهودها في البداية غالباً على العدد الإجمالي لحالات الإصابة والتعافي والوفاة، كانت بلاغات "وحدة إدارة مخاطر الكوارث"7وحدة إدارة مخاطر الكوارث. (2020). تقرير غرفة العمليات الوطنية في لبنان حول كوفيد-19. وحدة إدارة مخاطر الكوارث. http://drm.pcm.gov.lb. تشمل إحصاءات حول العدد اليومي لفحوصات "تفاعل البلمرة المتسلسل" (PCR) وعدد حالات الإصابة في داخل البلاد إلى جانب الحالات في المطار؛ أما منظمة الصحة العالمية فكانت تقاريرها تشمل بيانات مصنفة تبعاً للنوع والعمر والمنطقة الجغرافية.

إلى جانب مسألة التجزئة، كان نشر بيانات غير متسقة حول المؤشرات نفسها مشكلة أكبر. فقد لاحظ مختصون في الصحة العامة ممن تابعوا البيانات وجودَ تفاوتات في عدد الوفيات بين بيانات الصليب الأحمر اللبناني ووزارة الصحة العامة، وفي عدد الفحوصات بين التقارير اليومية لوزارة الصحة العامة ووحدة إدارة مخاطر الكوارث.8S. Chang, Lebanon COVID-19 Dashboard, 2020, available from: https://infogram.com/lebanon-covid-19-dashboard-1h7g6k3z3jpo2oy?live وقد كانت الأرقام الواردة عن إشغالات الأسرّة في المستشفيات متضاربة أيضاً، وهو ما تناولته وحدة إدارة مخاطر الكوارث على الملأ على موقع تويتر9Disaster Risk Management Unit (DRM). (2020, October 16). DRM Tweet. Twitter. https://twitter.com/DRM_Lebanon/status/1317164962465406980. في بدايات تشرين الأول/أكتوبر 2020. امتدّ هذا التضارب في البيانات مؤخراً إلى مسألة اللقاحات، مثلما شوهد من خلال الأرقام المتضاربة لعدد الجرعات الفعلية بين وزارة الصحة العامة،10وزارة الصحة العامة. (بلا تاريخ). الفيروس التاجي المستجد 2019. موقع وزارة الصحة العامة. https://www.moph.gov.lb/ar/Pages/2/24870/novel-coronavirus-2019-. ، 11جويل أبي راشد (25 شباط/فبراير 2021). تغريدة لجويل أبي راشد. تويتر. https://twitter.com/jabirached_/status/1364982144787972102. ، 12IMPACT. (2021). Impact Open Data- Vaccines Dashboard. Impact Open Data. https://impact.gov.lb/home?dashboardName=vaccine. و"منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة" (IMPACT)، التي هي مبادرة من "رئاسة التفتيش المركزي" بالتعاون مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية لإتاحة الوصول إلى بيانات مفتوحة التي أُنتِجَت على مستويات مختلفة بالقطاع العام (مثل البلديات والوزارات)، ولكي يتاح أمام المواطنين وصول أسهل للمعلومات.13Siren Analytics. (2020, November). COVID-19 in Lebanon: National & Local Crisis Response. https://www.sirenanalytics.com/files/Siren-Analytics-COVID-Brief-November-2020.pdf. أشرَكت هذه المنصة جهات مختلفة تحت مظلة واحدة، بدايةً من جهات الإبلاغ عن البيانات (مثل المشافي ووزارة الصحة العامة)، مروراً بصنّاع السياسات (مثل الوزارة نفسها ووزارة الإعلام)، وصولاً إلى منفّذي تلك السياسات (مثل البلديات). وقد أتاحت هذه المنصة مراجعة البيانات وتدقيقها في شكل رقمي، وذلك بين وزارة الصحة العامة والبلديات، وهو الأمر الذي أدّى بالتالي إلى تقليل الأخطاء.14منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة IMPACT، من مبادرات "التفتيش المركزي". IMPACT، أول منصة حكومية إلكترونية في لبنان. IMPACT للبيانات المفتوحة. https://www.impact.gov.lb/home.

وفي حين أن إطلاق المنصة أتاح مستودعاً مفتوحاً للبيانات، يتنامى يوماً إثر آخر، من أجل تعزيز الشفافية، تظل هناك فجوة كبيرة تتعلق بعدم توفر البيانات الأولية المتاحة للجمهور – أزيلت منها هوية الأشخاص – لأهداف بحثية. وما زاد من تعقيد الأمور هو أن قواعد البيانات الحالية – كما ورد – ليست مرتبطة (مثل بيانات "وحدة الترصُّد الوبائي" ومنصة IMPACT). مشكلة أخرى هي عدم القدرة على تتبع تغييرات البيانات وإجراء التصحيحات بأثر رجعي. فعلى سبيل المثال، وقع تأخير يقارب الشهر في التحقق من أن كوفيد-19 هو السبب الكامن خلف وفاة 290 حالة ممّن أصيبوا به؛ وبالتالي وقع تأخير في الإبلاغ عن تلك الحالات.15وزارة الصحة العامة. (30 كانون الثاني/يناير 2021). ترصُّد عدوى كوفيد-19 في لبنان. موقع وزارة الصحة العامة. https://www.moph.gov.lb/userfiles/files/Prevention/nCoV-%202019/Monitoring%20of%20COVID-19%20Infection%20In%20Lebanon/moitoring%2030-1-2021.pdf. هل تم تصحيح البيانات المتعلقة بحالات الوفاة تلك استناداً إلى تاريخ الوفاة الحقيقي أم بتاريخ لاحق؟ إن تصحيح حالات التأخير هذه أمرٌ ضروري لتتبُّع درجة التقدم في مواجهة الوباء.

بالإضافة إلى تجزئة أنظمة الإبلاغ وتضارب البيانات، ثمة مسألة أخرى تمثلت في عدم وجود تعاريف واضحة لمختلف التصنيفات المستخدمة. فعلى سبيل المثال، أضافت وزارة الصحة العامة فئة جديدة إلى مجموعة الاختبارات: وهي "الاختبارات التي أجريت على الحدود" في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2020. أما قبل ذلك فكان هناك فئتان فقط، هما "الاختبارات التي تُجرى داخل لبنان" و"الاختبارات التي تُجرى في المطار". وبدون أي تفسير، تسبب ذلك في حيرة الخبراء الذين يستعرضون هذه التقارير العامة، مما جعلهم يتساءلون في أي فئة كانت تُصنف "الاختبارات التي أجريت على الحدود" من قبل. وقد أثارت المؤشرات غير الصحيحة التي اتُخذت على إثرها القرارات القلق أيضاً، مثل استخدام مكان الولادة بدلاً من مكان الإقامة بالنسبة للحالات الإيجابية، لدعم نهج تقسيم المناطق الذي جرى اتباعه في أيلول/سبتمبر 2020. أعلن وزير الصحة أن بعض المناطق عُزِلت بشكل خاطئ.16"وزير الصحة للمنار: نحن في مرحلة الخطر الشديد". قناة المنار. 5 تشرين الأول/أكتوبر، 2020. https://almanar.com.lb/7313341.

أثر تجزئة البيانات على إدارة الجائحة

تثير مسائلُ إبلاغ البيانات شواغلَ بشأن النهج العام المتبع في إدارة الجائحة في لبنان. وأهم هذه الشواغل هي عدم وجود تقديرات دقيقة لأعداد السكان؛ فقد أُجري آخر تعداد وطني للسكان في لبنان عام 1932.17Barshad, A. (2019, October 17). In Lebanon, a Census Is Too Dangerous to Implement. The Nation. https://www.thenation.com/article/archive/lebanon-census/. وهذا يؤدي إلى أخطاء في تقدير الأعداد المرتبطة بالجائحة، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى سوء إدارتها. وقد أشار مشروع "خريطة لبنان المفتوحة"18Bou Sleiman, M. (2020, October 28). Lebanon COVID-19 Lockdown Based on Bad Data - Here's what to do. Medium. https://medium.com/open-map-lebanon/lebanon-covid-19-lockdown-based-on-bad-data-heres-what-to-do-5b582a396d7a. إلى أن عدد السكان مبالغ في تقديره، مما يثير شكوكاً حول مدى دقة تقدير خطر الجائحة.

حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم تكن البيانات على المستوى الفردي (أزيلت منها هوية الأشخاص) في جميع "المنصات الرسمية" (باستثناء "منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة"19توفر "منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة" (IMPACT) خيار تنزيل البيانات، ومع ذلك فهي بيانات أولية تتعلق تحديداً بالشكل/الجدول المعروض في واجهة المتابعة. متاحة للجمهور. وحتى البيانات الإجمالية والسلاسل الزمنية لحالات الإصابة/الوفيات/والرعاية في المستشفيات، ليست متاحة في شكل قابل للتحميل حتى يتسنى للمستخدمين النهائيين تحليل/تجميع السياسات والممارسات وتوجيهها. وقد اضطر الباحثين المستقلين (وليس بالضرورة المتخصصين في الصحة العامة والرعاية الصحية) إلى توحيد البيانات المتاحة وإنشاء قواعد بيانات خاصة بهم لإعداد الدراسات التحليلية.20كما ورد أعلاه في المصدر رقم 7. إذ إن وجود منصة مفتوحة للبيانات يتيح للعلماء والأكاديميين استثمار معارفهم ومهاراتهم الضرورية في إجراء تحليلات مُجدية ووضع نماذج رياضية للوباء على المستوى المحلي، لتوجيه مبادرات الصحة العامة. إن وجود منصة رسمية للبيانات، تكون موحدة ومتاحة للجمهور، يدعم إجراء البحوث عالية الجودة، ويكفل خضوع المؤسسات العامة للمساءلة، ويشجع على إيجاد حلول مستندة إلى بيانات. ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في المنطقة، مثل قطر حيث أدت الشراكة النموذجية بين الهيئات الحكومية ومراكز ومؤسسات البحوث الأكاديمية إلى استجابة واعية ومستندة إلى بيانات في قطاع الصحة العامة لمواجهة الوباء، فضلاً عن إجراء مجموعة كبيرة من البحوث العلمية عالية الجودة.

التوصيات

لا تقتصر تحديات جودة البيانات على لبنان. فقد واجهت بلدان أخرى، من بينها كندا21Berry, I., Soucy, J. P. R., Tuite, A., & Fisman, D. (2020). Open access epidemiologic data and an interactive dashboard to monitor the COVID-19 outbreak in Canada. Cmaj, 192(15), E420-E420. وإسبانيا22Trias-Llimós, S., Alustiza, A., Prats, C., Tobias, A., & Riffe, T. (2020). The need for detailed COVID-19 data in Spain. The Lancet Public Health, 5(11), e576. وغيرهما من الدول، تحديات تتعلق بالإبلاغ عن البيانات. ومن ثم، فإن هناك العديد من الدروس التي يمكن الاستفادة منها من أماكن أخرى حيث دفعت الضرورةُ المُلحّة التي فرضها هذا الوباء الحكوماتِ23COVID-19 Mortality Rates by Age and Gender: Why Is the Disease Killing More Men than Women? Reinsurance Group of America Home. (n.d.). https://www.rgare.com/knowledge-center/media/research/covid-19-mortality-rates-by-age-and-gender-why-is-the-disease-killing-more-men-than-women. (في بلدان مثل هولندا24Rijksinstituut voor Volksgezondheid en Milieu. RIVM. (n.d.). https://www.rivm.nl/. وألمانيا25Robert Koch Institute. (n.d.). COVID-19 (Coronavirus SARS-CoV-2). RKI. https://www.rki.de/DE/Content/InfAZ/N/Neuartiges_Coronavirus/nCoV.html. وأستراليا26Australian Government Department of Health. (2021, May 24). Coronavirus (COVID-19) current situation and case numbers. Australian Government Department of Health. https://www.health.gov.au/news/health-alerts/novel-coronavirus-2019-ncov-health-alert/coronavirus-covid-19-current-situation-and-case-numbers. ) إلى إصدار تحديثات يومية متسقة وشاملة لتفاصيل حالات الإصابة بفيروس كورونا والوفيات الناجمة عنه (حسب الشخص والمكان والزمان). هذا بالإضافة إلى التصحيحات الاستباقية المستمرة على ملفات البيانات المقروءة آليّاً.

فيما يلي نستعرض التوصيات الرئيسية التي نقدمها استناداً إلى أدلة من التجارب الناجحة. بيد أن الآليات التي تضمن نجاح تنفيذها وتقييمها تتجاوز نطاق هذه الورقة.

  1. تعزيز الالتزام السياسي. تتطلب الاستجابة الوطنية للأوبئة تعاوناً متعدد القطاعات يمتد إلى ما هو أبعد من قطاع الصحة ليشمل التعليم والصناعة والتمويل والنقل وغيرها. والالتزام السياسي على أعلى المستويات الوطنية ضروري لتنفيذ هذه الاستجابة الشاملة.27كما ورد أعلاه في المصدر رقم 30. فمن ناحية، ينبغي للحكومة أن تضع أهدافاً ومؤشرات واضحة لتدابير التنفيذ المتعددة القطاعات، استناداً إلى بيانات آنية وأحدث الأدلة الموضوعة في سياقها الصحيح والمستخلصة من التحليلات المحلية. ومن ناحية أخرى، لا بد من مساءلة الجهات المعنية غير الممتثِلة (بما في ذلك المؤسسات الحكومية، والمؤسسات العامة، وأصحاب المصلحة من القطاع الخاص) عندما لا تلتزم بمسار العمل المحدد.
  2. تعزيز الشراكات العامة والخاصة والأكاديمية. تُعد رؤية الخبراء/الأكاديميين العاملين في مجال الصحة العامة والمتخصصين في مجال الرعاية الصحية من المؤسسات الخاصة أمراً بالغَ الأهمية وضرورياً من أجل وضع استجابة مناسبة ووافية للصحة العامة. وفي بلد محدود الموارد، يصبح هذا أمراً حتمياً. ففي العديد من البلدان، مثل المملكة المتحدة28Ferguson, N., Laydon, D., Nedjati Gilani, G., Imai, N., Ainslie, K., Baguelin, M., ... & Ghani, A. (2020). Report 9: Impact of non-pharmaceutical interventions (NPIs) to reduce COVID19 mortality and healthcare demand. وقطر29كما ورد أعلاه في المصدر رقم 22. وكولومبيا30World Health Organization. (n.d.). Women scientists capture public attention as COVID-19 rages across the world. World Health Organization. https://www.who.int/news-room/feature-stories/detail/women-scientists-capture-public-attention-as-covid-19-rages-across-the-world. ، سعت الوزارات إلى الاستعانة بعلماء الأوبئة والعاملين في مجال الصحة العامة للمساعدة في وضع نماذج البيانات، وإنشاء نُظم سليمة للترصُّد والتعقب، وتبادل أحدث الأدلة حول التدابير الفعالة لاحتواء الوباء. وفي بلد محدود الموارد العامة، يُمكن أن يؤدي اعتماد الشراكات بين القطاعين العام والخاص استراتيجيةً له إلى تعزيز الاستجابة الوطنية.
  3. اتباع نهج مركزي في الإبلاغ عن البيانات. يعتبر وجود سجل موحد ومفصَّل ومتاح للجمهور، ويمكن أن يعتمد عليه المجتمع البحثي في وضع النماذج الإحصائية والرياضية، وغير ذلك من التحليلات، عنصراً أساسياً في الاستجابة الوطنية القائمة على الأدلة. وفي ظل وجود هذا الكم الهائل من البيانات الأولية والمعالَجة حول وباء كورونا، ثمة حاجة ماسّة إلى وجود أنظمة لتسهيل إدخال هذه المعلومات وتخزينها والوصول إليها ومعالجتها. وقد أطلق على هذه العملية مؤخراً اسم "دَمقرَطة البيانات".31كما ورد أعلاه في المصدر رقم 1. وهناك بالفعل العديد من المصادر حول كيفية تبادل البيانات بأمان لتوجيه السياسات والاستراتيجيات.32Gewin, V. (2020). Six tips for data sharing in the age of the coronavirus. Nature (Lond.) والواقع أن مثل هذه الأنظمة من شأنها أن تقلل من التكرار غير الضروري للجهود عبر الهيئات ذات الاختصاصات المتداخلة (ومنها على سبيل المثال: وزارة الصحة العامة، والمجلس الوطني للبحوث العلمية، ووزارة الداخلية والبلديات - قوى الأمن الداخلي، ووحدة إدارة مخاطر الكوارث، وغيرها)، ومن ثَمّ تقلل من خطر حدوث أخطاء. وهو أمر ممكن وأكثر كفاءة بكثير من التداخل الحالي المهدَر في الأنشطة. ووجود نظام يعطي رقم هوية مُميز لكل فرد يخضع للفحص أو يدخل المستشفى من شأنه أن يحول دون حدوث تضارب في البيانات. وبشكل حاسم، فإن غياب مثل هذا النظام سيحدّ من قدرتنا على الاستجابة بفعالية للأوبئة المستقبلية التي لا مفر منها، وستكون التكلفة هي الأرواح البشرية والأمراض المزمنة والانهيار الاقتصادي.
  4. رقمنة البيانات في العصر الحديث. ثمة حاجة ملحة إلى تعزيز نظم الترصُّد في لبنان باستخدام التقنيات الرقمية المتاحة. إذ تساعد رقمنة عملية جمع البيانات في مجال الرعاية الصحية على الحد من التضارب في تلك البيانات وتقليص الأخطاء، وذلك نتيجة تقليل الاعتماد على الموارد البشرية. وفي الآونة الأخيرة، كانت "منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة" هي القوة الدافعة في رقمنة البيانات الخاصة بفيروس كورونا، وبيانات التطعيمات، بالإضافة إلى المؤشرات الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى. ولا بد أن تنتشر جهود تبادل البيانات هذه حتى بعد الوباء، بما يُعزز من التعاون بين مختلف الجهات الفاعلة ويقلل من الأخطاء والتكرار والتكاليف إلى أدنى حد ممكن. وغني عن البيان أنه يجب توظيف تلك الجهود على نطاق أوسع لتشمل بيانات الترصُّد الأخرى. ومع ذلك، لا بد أن تقترن رقمنة البيانات هذه بقواعد وأنظمة حماية البيانات من أجل حماية خصوصية بيانات المستخدمين. وعلى سبيل المثال، في ظل وجود نقص في أنظمة حماية البيانات والرقمنة في لبنان، نشرت "منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة" سياسة خصوصية على موقعها الإلكتروني، تُفصّل الشروط المرجعية وآليات تبادل البيانات مع وزارة الصحة العامة في لبنان.33منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة IMPACT، من مبادرات "التفتيش المركزي"، (12 شباط/فبراير 2021)، سياسة الخصوصية الخاصة بالمنصة. https://covax.moph.gov.lb/impactmobile/assets/docs/privacy_policy.pdf.

وبناءً على ذلك، يلزم وجود نظام أكثر كفاءة، لا سيما وأن تتبع البيانات الآن يشمل حالات الإصابة بفيروس كورونا وأعداد التطعيمات. وفي أمثَل الأحوال، لا بد أن يعتمد هذا النظام اعتماداً كبيراً على التعاون القوي بين القطاعات، بما في ذلك الشراكات بين القطاعَين العام والخاص والحقل الأكاديمي، لضمان إجراء بحوث عميقة وواقعية على المستوى المحلي والالتزام بمناقشات السياسات العامة وصنع القرار.34Coutts, A., Ismail, S., & Fouad, F. (2020). The political economy of health in Lebanon. ، 35Rahim, H. F. A., Sibai, A., Khader, Y., Hwalla, N., Fadhil, I., Alsiyabi, H., ... & Husseini, A. (2014). Non-communicable diseases in the Arab world. The Lancet, 383(9914), 356-367.

 

Endnotes

Endnotes
1 Gardner, L., Ratcliff, J., Dong, E., & Katz, A. (2020). A need for open public data standards and sharing in light of COVID-19. The Lancet Infectious Diseases.
2 Wehbe, S., Fahme, S. A., Rizk, A., Mumtaz, G. R., DeJong, J., & Sibai, A. M. (2021). COVID-19 in the Middle East and North Africa region: an urgent call for reliable, disaggregated and openly shared data. BMJ Global Health, 6(2), e005175.
3 Al-Sayah, F. (2020, June).What Is Missing in Lebanon’s COVID-19 Exit Strategy? The Lebanese Center for Public Policies. https://www.lcps-lebanon.org/featuredArticle.php?id=316.
4 Ghandour, L. (2020, May 22). Testing for Covid-19 in Lebanon. Executive. https://www.executive-magazine.com/economics-policy/healthcare/coronavirus/testing-for-covid-19-in-lebanon.
5 ​​قوى الأمن الداخلي. (21 كانون الأول/ديسمبر 2020). متابعة الحالات المصابة بفيروس كورونا في السجون. قوى الأمن الداخلي - الموقع الرسمي. https://www.isf.gov.lb/ar/article/9113298.
6 وزارة الصحة العامة (بلا تاريخ). تقارير الترصُّد للفيروسات التاجية المستجدة. موقع وزارة الصحة العامة. https://www.moph.gov.lb/en/Pages/2/193/esu#/en/Pages/2/24870/novel-coronavirus-2019-.
7 وحدة إدارة مخاطر الكوارث. (2020). تقرير غرفة العمليات الوطنية في لبنان حول كوفيد-19. وحدة إدارة مخاطر الكوارث. http://drm.pcm.gov.lb.
8 S. Chang, Lebanon COVID-19 Dashboard, 2020, available from: https://infogram.com/lebanon-covid-19-dashboard-1h7g6k3z3jpo2oy?live
9 Disaster Risk Management Unit (DRM). (2020, October 16). DRM Tweet. Twitter. https://twitter.com/DRM_Lebanon/status/1317164962465406980.
10 وزارة الصحة العامة. (بلا تاريخ). الفيروس التاجي المستجد 2019. موقع وزارة الصحة العامة. https://www.moph.gov.lb/ar/Pages/2/24870/novel-coronavirus-2019-.
11 جويل أبي راشد (25 شباط/فبراير 2021). تغريدة لجويل أبي راشد. تويتر. https://twitter.com/jabirached_/status/1364982144787972102.
12 IMPACT. (2021). Impact Open Data- Vaccines Dashboard. Impact Open Data. https://impact.gov.lb/home?dashboardName=vaccine.
13 Siren Analytics. (2020, November). COVID-19 in Lebanon: National & Local Crisis Response. https://www.sirenanalytics.com/files/Siren-Analytics-COVID-Brief-November-2020.pdf.
14 منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة IMPACT، من مبادرات "التفتيش المركزي". IMPACT، أول منصة حكومية إلكترونية في لبنان. IMPACT للبيانات المفتوحة. https://www.impact.gov.lb/home.
15 وزارة الصحة العامة. (30 كانون الثاني/يناير 2021). ترصُّد عدوى كوفيد-19 في لبنان. موقع وزارة الصحة العامة. https://www.moph.gov.lb/userfiles/files/Prevention/nCoV-%202019/Monitoring%20of%20COVID-19%20Infection%20In%20Lebanon/moitoring%2030-1-2021.pdf.
16 "وزير الصحة للمنار: نحن في مرحلة الخطر الشديد". قناة المنار. 5 تشرين الأول/أكتوبر، 2020. https://almanar.com.lb/7313341.
17 Barshad, A. (2019, October 17). In Lebanon, a Census Is Too Dangerous to Implement. The Nation. https://www.thenation.com/article/archive/lebanon-census/.
18 Bou Sleiman, M. (2020, October 28). Lebanon COVID-19 Lockdown Based on Bad Data - Here's what to do. Medium. https://medium.com/open-map-lebanon/lebanon-covid-19-lockdown-based-on-bad-data-heres-what-to-do-5b582a396d7a.
19 توفر "منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة" (IMPACT) خيار تنزيل البيانات، ومع ذلك فهي بيانات أولية تتعلق تحديداً بالشكل/الجدول المعروض في واجهة المتابعة.
20 كما ورد أعلاه في المصدر رقم 7.
21 Berry, I., Soucy, J. P. R., Tuite, A., & Fisman, D. (2020). Open access epidemiologic data and an interactive dashboard to monitor the COVID-19 outbreak in Canada. Cmaj, 192(15), E420-E420.
22 Trias-Llimós, S., Alustiza, A., Prats, C., Tobias, A., & Riffe, T. (2020). The need for detailed COVID-19 data in Spain. The Lancet Public Health, 5(11), e576.
23 COVID-19 Mortality Rates by Age and Gender: Why Is the Disease Killing More Men than Women? Reinsurance Group of America Home. (n.d.). https://www.rgare.com/knowledge-center/media/research/covid-19-mortality-rates-by-age-and-gender-why-is-the-disease-killing-more-men-than-women.
24 Rijksinstituut voor Volksgezondheid en Milieu. RIVM. (n.d.). https://www.rivm.nl/.
25 Robert Koch Institute. (n.d.). COVID-19 (Coronavirus SARS-CoV-2). RKI. https://www.rki.de/DE/Content/InfAZ/N/Neuartiges_Coronavirus/nCoV.html.
26 Australian Government Department of Health. (2021, May 24). Coronavirus (COVID-19) current situation and case numbers. Australian Government Department of Health. https://www.health.gov.au/news/health-alerts/novel-coronavirus-2019-ncov-health-alert/coronavirus-covid-19-current-situation-and-case-numbers.
27 كما ورد أعلاه في المصدر رقم 30.
28 Ferguson, N., Laydon, D., Nedjati Gilani, G., Imai, N., Ainslie, K., Baguelin, M., ... & Ghani, A. (2020). Report 9: Impact of non-pharmaceutical interventions (NPIs) to reduce COVID19 mortality and healthcare demand.
29 كما ورد أعلاه في المصدر رقم 22.
30 World Health Organization. (n.d.). Women scientists capture public attention as COVID-19 rages across the world. World Health Organization. https://www.who.int/news-room/feature-stories/detail/women-scientists-capture-public-attention-as-covid-19-rages-across-the-world.
31 كما ورد أعلاه في المصدر رقم 1.
32 Gewin, V. (2020). Six tips for data sharing in the age of the coronavirus. Nature (Lond.)
33 منصة البلديات المشتركة للتقييم والتنسيق والمتابعة IMPACT، من مبادرات "التفتيش المركزي"، (12 شباط/فبراير 2021)، سياسة الخصوصية الخاصة بالمنصة. https://covax.moph.gov.lb/impactmobile/assets/docs/privacy_policy.pdf.
34 Coutts, A., Ismail, S., & Fouad, F. (2020). The political economy of health in Lebanon.
35 Rahim, H. F. A., Sibai, A., Khader, Y., Hwalla, N., Fadhil, I., Alsiyabi, H., ... & Husseini, A. (2014). Non-communicable diseases in the Arab world. The Lancet, 383(9914), 356-367.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.