النقابات في الجزائر: قوانين للاحتواء أم للضّبط؟

arab-reform-initiative-trade-union-laws-in-algeria-provisions-to-regulate-or-tools-to-contain
مبنى البرلمان الجزائري.  © مصعب الرويبي - وكالة الأناضول

مقدمة:

في نيسان/أبريل الماضي، صادق البرلمان الجزائري على "القانون المتعلق بالنزاعات الجماعية للعمل وتسويتها وممارسة الحق في الإضراب"، رغم رفض النقابات العمالية لهذه الخطوة، ووصفتها بـ “التضييق على نشاطاتها" من خلال بعض البنود والمواد، إذ أعاد هذا القانون الفعل النقابي والحريات في الجزائر إلى مرحلة ما قبل التعددية السياسية والنقابية أي إلى الفترة ما قبل سنة 1990، ويشير إلى التراجع عن نضالات العمال خلال أكثر من ثلاثة عقود، وخيّب آمال النقابات في توسيع فضاء الحريات في الجزائر التي صدحت بها الحناجر خلال مسيرات الحراك الشعبي في 2019.

نتساءل في ضوء ذلك بطرح الاستفهام الجوهري الآتي: ماذا تريد السلطة في الجزائر من النقابات العمالية؟ سؤال أجابت عنه الحكومة من خلال عرض المناقشة الذي قدّمه وزير العمل الجزائري آنذاك، يوسف شرفة،1بتاريخ 4 آذار/مارس 2023، عرض ومناقشة مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 90-14 المؤرخ في 2 حزيران/يونيو 1990 والمتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي في جلسة عامة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني. أمام نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري) بقوله:" القانون سيؤطر العمل النقابي ويعزز دور المنظمات النقابية في الدفاع عن الحقوق وتحقيق العدالة الاجتماعية، ويسمح ببروز منظمات نقابية قوية في الساحة الوطنية ويدعم حرية العمل النقابي ويفعل دورها في الدفاع عن الحقوق الأساسية للعمال".

في هذا السياق، تُفرِّق التشريعات في الجزائر بين النقابات العمالية وبين التنظيمات المهنية التمثيلية، إذ يضبط قانون العمل وقانون ممارسة الحق النقابي، إنشاء وعمل ونشاط النقابات وعلاقاتها مع المؤسسات والادارات وتخضع لضوابط تلزمها لإثبات تمثيليتها للعمال والموظفين في القطاعات التي تمثلها، ولها الحق في ممارسة الإضراب ورفع المطالب العمالية، برزت على إثرها عدة نقابات مستقلة أغلبها في قطاعات الخدمات والوظيفة العامة، خاصة في مجال التربية والصحة والإدارة العامة وخدمات الاتصالات.

أما الهيئات المهنية فهي عبارة عن أطر تمثيلية يحكمها قانون الجمعيات الأهلية، وطنيا ومحليا، وهي هيئات تمثل فئات ما، اجتماعية وثقافية أو اقتصادية، كإطار للنشاط وللمساعدة في مناقشة وحل مشكلات والتعاون مع السلطات المختصة وذات العلاقة، دون أن يكون لها طابع المطلب النقابي، مثل اتحاد الكتاب، اتحاد وجمعيات ذوي الهمم، واتحاد المهندسين، وغيرها..

عطفا على ذلك، سنتناول هذا الموضوع محورين يتفرعان لعدة نقاط: الأول سنخصصه لدور النقابات كلاعب جمعوي يساهم في التغيير والحراك الاجتماعي في الجزائر، إضافة إلى تأثير الحراك الشعبي على النقابات المستقلة، أما المحور الثاني فيركز أساسا على قانون جديد ينظم الفعل النقابي في الجزائر ورأي النقابين حوله، ومدى تأثيره على نشاطهم.

أولا- المشهد النقابي في الجزائر.. تداعيات التغيير وتحوُّلات مرحلة

بناءً على ظروف نشوئها ومراحل تطورها، واجهت الحركة النقابية في الجزائر جملة من التحديات المُتغيِّرة، كما قدمت استحقاقات نضالية ومطْلبية، تتداخل فيها الحقوق العمالية مع قضايا الحريات، كما شهدت تغييرات في البيئة التشريعية منذ التعددية السياسية 1990 إلى غاية الحراك الشعبي2خرج الآلاف يوم الجمعة 22فبراير 2019 في مسيرات شعبية عبر مختلف ولايات الجزائر، مطالبين بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة (1999-2019)، أدت إلى تأجيل موعد الانتخابات التي كانت مقررة في 4 نيسان/أبريل 2019، ثم الإعلان عن استقالة الرئيس بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل من السنة نفسها، قبل انتهاء عهدته الرئاسية الرابعة بأقل من أسبوعين، استجابة لدعوات جماهرية رفضت بقاءه في الحكم. الذي أكمل عامه الرابع، ليتجدد النضال والمواجهة بين النقابات والحكومة، بسبب قوانين ناظمة للفعل النقابي في مختلف القطاعات، تترنح بين الانفتاح والانغلاق وخطوة لإبعاد النقابيين عن الممارسة السياسية.

1-الحراك النقابي بين البُروز -الخُفوت

المشهد النّقابي الحالي في الجزائر لم يكن وليد الصدفة أو الارتجال، بل هو نتيجة لسِلسلة من التّراكمات ومراحل عَبَرت من خلالها النقابات منذ بدء التكوين فالولادة ثم طور التّصحيح، لتأتي مرحلة التحوّل ثم التّغيير، إلى غاية التقييد والمقاومة...

خلال السنوات الأخيرة، قُدِّر للنقابات العمالية في الجزائر أن تعرف المدّ والجزر في علاقة بالإضرابات أو خروجها للاحتجاج في الشارع، أو ما يمكن وصفه بـ" الظُّهور والخُفوت"، وذلك منذ حراك  5 كانون الثاني/يناير 2011 الذي لم يُعمِّر سوى شهرا واحدا، عُرِف إعلاميا بـ"أحداث الزيت والسكر"3أحداث شهدتها الجزائر في 5 كانون الثاني/يناير 2011، بالتّزامن مع بدايات موجة ما سمي بـ "الربيع العربي"، التي أطاحت بأنظمة حاكمة في دول عربية. إذ عرفت عديد المدن أعمال تخريبية انطلقت من حي "باب الوادي" وهو أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية، كردّ فعل من عدة فئات شعبية ضد رفع أسعار "الزيت والسكر"، وهما المادتان الأساسيتان اللّتان تدعمهما الحكومة، خلّفت أعمال العنف 6 قتلى، للاطلاع أكثر أنظر: تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الجزائرية حول: "ندرة بعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في السوق الوطنية الجزائرية وارتفاع أسعارها"، المجلس الشعبي الوطني، (تشترين الأول/أكتوبر 2011). و ومن دون رفع شعارات سياسية، كما تماهت النقابات الجزائرية مع التحركات الاجتماعية التي عرفتها عديد البلدان العربية منذ نهاية 2010، وتصدرت في هذه الفترة واجهة الحراك الاجتماعي في الجزائر بشكل تدريجي يُطلّ حِينا ويختفي أحيانا، بقيادة النقابات المستقلة المنضوية في قطاعي التربية والصحة والتي دعت لشنّ إضرابات، أفضت أغلبها إلى تحقيق مطالب مهنية متعلقة برفع الأجور ومسائل تتعلق بالسُلَّم الوظيفي، كما كان لها حضور يتعلق أساسا بالدفع التعبوي والاحتجاجي.

في الفترة ما بين 2012 إلى غاية 2018، تمكّنت النقابات المستقلة من شحذ قوة تجنيد على مستوى قطاعات التوظيف العمومي خاصة بقطاع التربية والصحة، عبَّرت عنه باللجوء إلى إضرابات قطاعية متعددة المناسبات. وتكررت هذه الإضرابات في كل مرة لم تقدم الحكومة استجابة واضحة بشأن مطالب فئوية مرتبطة بالمهنة، في زمن تحسنت فيه الوضعية المالية للبلاد بفضل ارتفاع أسعار البترول وتداعيات ذلك على ارتفاع احتياطيات الصرف، واتخاذ الحكومة ما سمي إعلاميا بـ"شراء السلم الاجتماعي" كتوزيع السكنات وتأسيس مشاريع خاصة بالشباب البطال وغيرها من المزايا لامتصاص الغضب الشعبي، وتقويض أي فعل احتجاجي أو إضرابات عمالية. وساهمت في تحسين ظروف حياة هذه الفئات المهنية بالحصول على زيادات معقولة في الأجور، ما أعاد الاعتبار للعمل النقابي جزئياً على الأقل، وابتعد فيها عن الصورة السلبية التي كانت حاضرة في التجربة القديمة، ذلك ما منح شرعية أكبر للعمل النقابي، لدى هذه الفئات الجديدة على العمل المطلبي.4 إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمنهيي الصحة، في حوار خاص 2023 يقول:" لعبت النقابات المستقلة دور في دعم الحراك الشعبي 2019 ولم تتأخر في الانخراط فيه رسميا من خلال اجتماع 28 شباط/وفبراير 2019 والذي انتهى ببيان صدر نفس اليوم وأعلنت فيه كونفدرالية النقابات الجزائرية (قيد التأسيس) دعمها المطلق للحراك ودعت منتسبيها المشاركة في مسيراته بقوة مع قرار تأجيل المطالب المهنية والاجتماعية وتأخيرها لأن الأولوية صارت للمطلب الوطني الشعبي".

2- تعبئة الشارع

تميزّ عام 2019 بكونه عاما ساخنا في الجزائر، تخللته أسابيع الصخب الشعبي، من حيث التعبئة الاحتجاجية عبر مختلف المدن الجزائرية، أودت بمواصلة المسار الانتخابي وتوقيفه على مرتين على التوالي: الأولى في الرابع من أبريل/ نيسان بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثاني من الشهر نفسه، والثانية لما سعت السلطات الجزائرية لتنظيم انتخابات رئاسية في 4 تموز/يوليو، لكنها ألغيت بعدما وجدت سدًّا منيعا مع استمرار المسيرات التي جابت مختلف ربوع البلاد. في مقابل امتنعت الوجوه الحزبية والوطنية عن الظهور سياسيا للترشح للاستحقاقات الرئاسية، ما أجبر النظام على إعلان تاريخ الـ 12 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه لتنظيم الانتخابات التي كللت بفوز المرشح عبد المجيد تبون لولاية رئاسية أولى (2019-2024).

وإذا كانت التعقيدات التي عرفتها العملية السياسية في الجزائر فترة الحراك الشعبي وما بعده خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، قد ألقت بظلالها على القوانين الناظمة للحريات بشكل عام، فإنه ينبغي أن ندرك أنها بدأت في التشكُّل منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية، وقدمت وجبات دسمة لإعلان قوانين تستهدف تنظيم الفضاء السياسي والإعلامي ثم النقابي، في مقابل تململ شامل في هذه المجالات ورفض الناشطين لتقييد الحريات بمختلف أوجهها خاصة منها ما تعلق بالدفاع عن حقوق العمال والحق في الإضراب.

ومن خلال الظروف السياسية التي عرفتها الجزائر منذ بدء مسيرات يومي الجمعة والثلاثاء من كل أسبوع، يتوقّف نجاح التجربة النّقابية المستقلة عند بعض النقابيين على إمكانية نجاح الانتقال الديمقراطي بالمزيد من الشّفافية والمدنية، فكرة القبول بالانتقال الديموقراطي ما زالت مرفوضة من قبل النّخب الرسمية الحاكمة في الجزائر، كما يعبّر عن ذلك خطابها السياسي والإعلامي، حتى وإن اعترفت بالمشاكل التي يعاني منها النّظام السياسي الذي تسيّره، كما حصل أكثر من مرّة بمناسبة استفحال أزماته.5 أنظر محمود بلحيمر، " الانتقال الديمقراطي في الجزائر" أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة الجزائر 3، 2017

ففي وقت لازال الانتقال الديمقراطي مطلب عديد القوى السياسية الفاعلة داخل الحراك الشعبي، منذ العام 2019، يبقى على رأس أولياتها ضمان أكبر للحريات الفردية والجماعية للجزائريين، بما فيها الحريات النقابية التي لا يمكن تصور تطورها نحو الأحسن دون استقلالية فعلية للعمل النقابي.6 عبد العزيز رحابي، دبلوماسي ووزير الإعلام سابق، من الشخصيات الوطنية التي شاركت في العديد من الندوات واللقاءات الخاصة بالتنسيقية من أجل التغيير الانتقال الديمقراطي 2014، كما شارك في ندوات الانتقال الديمقراطي في 2019

ليس فيما يتعلق بالنقابات المستقلة فقط، بل كذلك بالنسبة للاتحاد العام للعمال الجزائريين. فمن شأن هذه الاستقلالية أن تُبعِد الأخير عن الأدوار السياسية والإيديولوجية التعبوية التي تخصّص فيها لعقود لصالح النّظام السياسي، أفقدته القدرة على التّجنيد وشوّهت صورة العمل النّقابي لدى العمال والأجراء والكثير من القوى المجتمعية.

بالطبع هذا السيناريو الإيجابي لتطور الفعل النقابي في الجزائر لا يتوقف فقط على هذا التغيير في الإطار العام السياسي والمؤسّساتي، نحو شفافية أكثر وقدرة على إنتاج مؤسسات شرعية بالحريات الفردية والجماعية. الملاحظ أن النقابات المستقلة تمكّنت من فرض نفسها داخل الكثير من القطاعات؛ كالصحة والتعليم (بمختلف مراحله) والإدارة العمومية، بعد أن استطاعت تنظيم أعداد كبيرة من الموظفين داخل هياكلها المحلية والوطنية، بعد ابتعادهم عن هياكل الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي استمر حاضراً من دون فعالية كبيرة في قلب هذه القطاعات، وتوجه أثناءها أكثر لإنجاز الأدوار السياسية المرتبطة بمرافقة استراتيجيات النظام السياسي الرسمي وتنفيذ أجندته. حتى وهو يعيش حالة تنافس نقابي لم يتعود عليه في السابق من الداخل، بفعل الانشقاقات التي قامت بها إطاراته التي كانت وراء تكوين هذه النقابات المستقلة الجديدة التي ظهرت بشكل قوي في العشرية الأخيرة.

3-التباس بين النقابي والسياسي

رغم الظروف السياسية الملتبِسة في الجزائر، يمكن التّنبيه إلى أن كل سلسلة الإضرابات والتحركات النقابية والاحتجاجات المطلبية والمواقف والإسهامات في صياغة المشاريع السياسية، من العوامل التي مهدت للحراك الشعبي، وأقحمت النقابات في قلب المسيرات الشعبية منذ أول مظاهراته في 22 شباط/فبراير 2019.

ففي غضون الأربع سنوات الأخيرة، غالبية السرديات التي نُشرت حول الحراك، تُرجع انخراط النقابات العمالية في الاحتجاجات بشكل "متثاقِل" إلى ثلاثة أسباب جوهرية: 1) تعددية النقابات في القطاع الواحد أو تشكيل منظمات نقابية غير متجانسة فيما بينها، بل أحيانا متصارعة في قيادة العمال والتفاوض مع السلطة في القضايا المهنية، 2) فيعود إلى عدم مقدرة هذه النقابات في التكيُّف مع المعطيات السياسية والاقتصادية في البلاد، 3) وجود نقابات موازية تم تطويعها للعمل في صالح توجهات الحكومة.

كما سجلت النقابات حضورها في تأطير الشارع خلال المسيرات، ومشاركتها في النقاشات الإعلامية حول الانتقال الديمقراطي وإسهاماتها في اجتماعات قوى المعارضة في آذار/مارس 2019 وشهر تموز/يوليو في مؤتمر عين البنيان في السنة نفسها.[7]

سمح الحراك للنّقابات بطرح عديد القضايا المرتبطة بمطلب الانتقال الديمقراطي الذي توافقت عليه قوى سياسية متنوعة فكرياً،7 تم استجواب عدد من نشطاء النقابات في قطاعي التربية والصحة في العاصمة الجزائرية ووهران وقسنطينة 2022-2023 وفشلت الأحزاب المشاركة في هذه الندوة في تنسيق موقفها من الانتخابات التشريعية التي ترشح فيها بعض النقابيين المنتمين إلى الأحزاب السياسية. نجح منهم حوالي عشرة نقابيين، ضمن قوائم حزبية مختلفة خلال العهدة الأخيرة للبرلمان (2017-2021)، كان من بينها: جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي، وحزب العمال، والنهضة، وحزب المستقبل. وركزت النقابات على الاستفادة من التعددية بمختلف صورها النقابية والحزبية لدى هذه الفئات الوسطى بمختلف مواقعها. كما ظهرت أكثر من خلال وسائل الإعلام الجزائرية ورصد مختلف مطالبها، وتحولت إلى فاعل أساسي في الحياة السياسية والاجتماعية، بيد أن ذلك قد لا يستمرّ في ظل مشاريع قوانين جديدة.

السؤال الذي وجب أن نثيره اليوم هو: هل الحاجة للنقابات مازالت قائمة أم لا؟  فالراهن في شتى القطاعات يُنبِئُ بوجود حاجة ماسة إلى هذه النقابات وكيفية توظيفها ومدى خدمتها للصالح العام. لكن منذ بسط الدستور الجديد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، باشرت الحكومة الجزائرية في تكييف النظم الحالية مع بنوده التي شكلت بدورها القانون الجديد، في علاقة بآليات تأسيس النقابات العمالية والمهنية، وكيفيات ممارسة العمل والحق النقابي والوقاية من النزاعات الجماعية للعمل وتسويتها وممارسة حق الإضراب.

وبالرغم من أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أوصى الحكومة بـ “إشراك النقابات القطاعية في استحداث آليات قانونية تقييم الأداء النقابي"، إلا أن الواقع بين العكس عقب ذلك، مشددا على أن "يضمن القانون الجديد ضوابط التمثيل الحقيقي للنقابات، بعيدا عن التمييع الذي حصل في البلاد خلال الفترة الماضية".8توجهت السياسات السابقة للسلطة في الجزائر نحو تعويم الساحة النقابية بعدد كبير من النقابات في مختلف القطاعات المهنية، خاصة الصحة والتعليم، لإضعاف النقابات المستقلة التي أقلقت السلطة بمعارضتها لسياساتها. (أنظر، عثمان لحياني، قانون جديد للنقابات في الجزائر: للتنظيم أم للتضييق على الحريات؟ العربي الجديد، 3 كانون الثاني/ يناير 2023) https://www.alaraby.co.uk/politics/

ثانيا- تعدّدية بقيود السلطة

عرف مسار قانون النقابات في الجزائر، الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والمهنية، خاصة وأن تمريره ليكون ماثلا على محك التنفيذ خاصة وأنه قد تم العمل عليه دون استشارة النقابات، سواء ما تعلق في مرحلته الأولى كمسودة مشروع أو مناقشة بنوده، ما أدى إلى تصاعد المواقف النقابية، وخروج المهنيين للشّارع للمطالبة بسحبه نهائيا لأنه لا ينسجم -حسب الناشطين- مع بنود الدستور الجزائري في شقه المتعلق بالحريات.

1-النقابات والسلطة: واقع وليس شريك

استمدّت النقابات مشروعيتها من المرجعية القانونية للتعددية السياسية، بناءً على دستور 1989،9 دخلت الجزائر بموجب دستور1989، مرحلة القطيعة مع الأحادية الحزبية والانتقال نحو التعددية السياسية والإعلامية، استدعت إعادة النّظر في كلّ السياسات القائمة، وأقرت الوثيقة الدستورية بشكل صريح التخلّي عن التوجّه الاشتراكي للدولة الجزائرية ونظام الحزب الواحد، وفسح المجال للتعددية الحزبية إذ نصّ على ذلك في المادة 40:" حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به". راجع: Brahim Brahimi, Le pouvoir, la presse et les droits de l’homme en Algérie. Alger : 1ère édition, Marinore, 1996, p133 فقبل هذا التاريخ لم تكن النقابة الوحيدة المتمثلة في "الاتحاد العام للعمال الجزائريين" نقابة مطلبية، وإنما "منظمة تسييرية" تابعة للدولة لاعتبارات عدة وذلك نظرا للطابع

السياسي للنقابة التي لم تُعنى بالمطالب المهنية والاجتماعية الناتجة عن الحياة العملية والمعيشية للعمال، وإنما عملت على متابعة البرامج السياسية وتنفيذها، بل كانت مكانة النقابة محددة وموجهة من قبل مسؤول حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الواحد).10 زعموش فوزية، علاقة العمل النقابي بالعمل السياسي في الجزائر، أطروحة دكتوراه في القانون العام. جامعة قسنطينة 1، 2012. https://bu.umc.edu.dz/theses/droit/AZEA3945.pdf

بالإضافة إلى الاتحاد العام للعمال الجزائريين، عموما وظّفت الدولة المنظمات الجماهيرية: (اتحاد الفلاحين، اتحاد النساء، اتحاد الشباب، ومنظمة المجاهدين) للمصادقة على المشروع السياسي أو إضفاء الطابع الاجتماعي على المشروع السياسي الذي يعبر عنه الحزب الواحد.11 بن خرف الله الطاهر، النخبة الحاكمة في الجزائر 1962-1989 بين التصور الإيديولوجي والممارسة السياسية، الجزء الأول، دار هومة، الجزائر، 2007، ص 180 )

ونتيجة لتحالفها مع السلطة، لم تتوجه النقابة للدفاع عن مصالح العمال وإنتاج خطاب نقابي مستقل، واستخدمت كأداة موجّهة نحو تحقيق أهداف السلطة وليست مكاسب العمال، إلا أن رياح التغيير التي هبّت على الجزائر بعد أحداث 5 أكتوبر/ تشرين الأول 1988، أحدثت تحولا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، بناءً على دستور 1989، الذي فتح بدوره المجال أمام جملة من الحريات العامة؛ كحرية الرأي والتعبير، بعد التعديلات الجوهرية التي مست الجوانب السياسية من النظام الأحادي إلى التعددية الحزبية والتعددية النقابية.12 بومقورة نعيم، الحركة النقابية في الجزائر وسياستها المطلبية: الأجر نموذجا، مجلة إضافات، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد الأـول، بيروت، لبنان، 2008، ص 32

وهذا ما نصت عليها المادة 31 من دستور  1989بأنّ "الحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمواطن مضمونة، وتُكوّن تراثا مشتركا بين جميع الجزائريين والجزائريات"، كما تتأكد هذه الحريات من خلال المادة 35 التي أكدت بدورها على أنّ "لا مساس بحرمة حرية المعتقد وحرمة حرية الرأي"، كما كرسّت المادة 39 هذه الحريات، وأكّدتها بنصّها: "حريات التعبير إنشاء الجمعيات والاجتماع مضمونة للمواطن".

شوط كبير قطعته النقابات في الجزائر، منذ تلك الفترة، من ناحية تشكيلها قانونيا وتكوين أجهزتها والاعتراف بحق تنظيم الإضرابات وتكوين الأحزاب السياسية.

لقد ظل الاتحاد العام للعمال الجزائريين الشريك الاجتماعي الوحيد للحكومة خلال المراحل اللاحقة، والدولة كانت تتعامل مع النقابات المستقلة كواقع وفي قضايا قطاعية فقط، نحو تسيير الوضع الاجتماعي والأزمات الطارئة أو الناتجة عن المطالب العمالية، كما لم تكن تعتمدها كطرف رئيس في اجتماعات الحوار الاجتماعي أو ما يسمى بـ"الثلاثية" المشكَّل من الحكومة وأصحاب العمل والنقابات.

وجود النقابات المستقلة في تلك المرحلة كان كغطاء للسلطة واعترافها بها كجزء من المجتمع المدني، تعتمد عليه كقاعدة اجتماعية تبرر من خلالها السلطة شرعيتها وتساعدها في عمليات الضبط وتأطير الفئات الاجتماعية لضمان حد من الاستقرار الاجتماعي أو أثناء تقديمها لتقارير أمام المنظمات الدولية.13Rachid Grim «la société civil en Algérie, un mythe aujourd’hui, une réalité demain» , journal «el Watan » du 26 mai 2007 www. elwatan.dz

في الحالة الرّاهنة، وبعد الحراك الشعبي توجهت السلطة إلى إعادة صياغة المنظومة القانونية المؤطرة والمنظِّمة للساحة السياسية والإعلامية والجمعوية والنقابية، وأيضا العلاقات الوظيفية بين المؤسسات باتجاه إعادة ضبطها ووضع محددات تشريعية جديدة تحدّ من حالة الارتباك والفوضى التي كانت حاصلة في الساحة الجزائرية قبل الحراك، وفق منظور السلطة. ولذلك يمكن ملاحظة بكل وضوح وجود توجه من قبل السلطة إلى طرح حزمة كبيرة من القوانين الناظمة للإعلام والأحزاب والجمعيات والنقابات.

وضمن هذا السياق، وانعكاسات الأحداث في الساحة السياسية خلال أربع سنوات جاء طرح القانون المنظم لممارسة الحق النقابي وقانون حق الإضراب وعلاقات العمل والذين يتضمنان ضبطا جديدا للمفاهيم ولإعادة تكييف النشاط النقابي مع الوضع الجديد بما فيها الفصل التام بين النشاط النقابي والعمل السياسي.

2- مراجعات السلطة والقوانين الجديدة..

تحت عبارة: " "الالتزام بخلق بيئة اجتماعية لا يتم فيها اللجوء إلى الإضرابات، إلا كملاذ أخير"، دفعت بنود قوانين جديدة في العام 2023 إلى استحداث عقوبات إضافية بخصوص الحريات النقابية والحق في الإضراب، إذ يسمح بإضراب العمال بعد استنفاد طرق التسوية الودية من خلال الحوار والتشاور والمفاوضات الجماعية وفق ما جاء في عرض أسباب القانون الأخير.

صورة ضبابية تحوم حول القانون، فبالعودة للمبادئ العامة للقانون الجديد مستمدة في التشريعات العالمية المتعارف عليها ومن التشريع ساري المفعول أي قانون 90-02 المؤرّخ في شباط/فبراير 1990 والصادر بعد تحرير النظام من الأحادية الحزبية وإقرار التعددية الإعلامية والسياسية والنقابية، فإن التعديلات الجديدة تحمل تفصيلا من شأنه أن يؤطر الإضرابات عبر "تحديد آجال قانونية قبل شن الإضراب"، إضافة إلى احترام إجراءات لممارسة هذا الحق بشكل قانوني"، من أجل تجنب فوضى الإضرابات وفق تعليل الحكومة للقيود الجديدة، وهو ما عبرت عنه الأخيرة صراحة: "لا سيما في المصالح الأساسية على نحو يحفظ الحق في الإضراب والحق في العمل، وإيجاد توازن مع الحقوق الأخرى ذات القيمة الدستورية أي استمرارية الخدمة العمومية وحرية المقاولة وحرية العمل".

تناقض بين المبدأ والفعل في المشروع نفسه؛ إذ في الوقت الذي يُكرِّس فكرة الحق في الإضراب كحقّ أساسي، في الكفة الأولى، فقد تم التشديد على ممارسته "قصد وضع حد للاستعمال غير القانوني لهذا الحق وإخراج عالم الشغل من دوامة الإضرابات العشوائية والمفاجئة التي لها عواقب ضارة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد"، فإنها تشدد في الكفة الأخرى من خلال العقوبات ضد المضربين في حالة ما إذا تم تجاوز ما هو منصوص عليه في القانون.

ووضعت الحكومة شروطا لممارسة الإضراب تتطلب استمرارية الخدمة العمومية، وهنا لا بد من بيان، أن الحكومة من حيث مفهومها للإضراب بأنه "خطوة أخيرة بعد استنفاد جميع وسائل تسوية النزاع، الاتفاقية أو القانونية"، ويترتب على ذلك أن أي توقف جماعي عن العمل "لا ينطبق عليه التعريف السالف الذكر، يعتبر إضرابًا غير قانوني" وتترتب عن ذلك "متابعات وعقوبات إذا كان يهدف إلى تلبية مطالب سياسية، أو لمدة غير محددة، مفاجئ أو متقطع أو تضامني، أو له غرض أجنبي عن المصلحة المهنية للعمال، أو الذي تتم ممارسته دون احترام للإجراءات القانونية والاتفاقية".

ووِفق مفهوم الحكومة أيضًا، فإن الإضراب غير القانوني هو كل "ما ينتج عنه من أعمال عنف واعتداءات وتهديدات ومناورات احتيالية بهدف المساس بحرية العمل أو تحريض العمال الأجراء غير المضربين على الانضمام إلى توقف عن العمل متفق عليه". وهو ما يستتبع بعقوبة الحل بموجب أحكام المادة 46 من المشروع، إن بادرت النقابة إلى الإضراب غير قانوني.

من جانب آخر، تنص المادة 12 من القانون، على أن "المنظمات النقابية مستقلة في سيرها ومتميزة في هدفها وتسميتها عن أي حزب سياسي، ويمنع على المنظمات النقابية الارتباط هيكليا ووظيفيا بأحزاب سياسية، ولا يمكنها الحصول على دعم بوسائل مالية أو امتيازات أخرى من هذه الأحزاب".

كما تمنع المادة نفسها النقابيين من الجمع بين ممارسة العمل النقابي وممارسة مسؤولية قانونية أساسية أو عهدة في الهيئات القيادية لحزب سياسي. كما تلزم المادة 13 "الأعضاء المؤسسين والقياديين في المنظمات النقابية بالالتزام بالحياد والامتناع عن التصريح بمساندتهم لأحزاب سياسية أو لأي شخصية سياسية".

نتيجة ما سبق، ترفض 30 نقابة مستقلة في الجزائر ما جاء في القانونين المتعلقين بممارسة الحق النقابي والوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وحق الإضراب، واعتبرت ذلك "خطرا على الحقوق الدستورية والحريات النقابية"، وتم إخراج بنودهما للعلن دون استشارتها من قبل ومنعها من مناقشتها.

خِلافا للعقود الماضية، لأول مرة في تاريخه أعلن الاتحاد العام للعمال الجزائريين، النقابة المركزية في البلاد، الموالي للسلطة، عن موقف معارض لما تطرحه الأخيرة. وكشف الاتحاد في بيان له: "للأسف، لم يتم إشراكها في التحضير لمشروع القانون من أجل إثراء أكبر لمحتواه، عكس ما أكد عليه رئيس الجمهورية بضرورة إشراك المنظمات التمثيلية في إثراء المشروعين، بغية تعزيز واستدراك النقائص المسجلة من أجل التعددية النقابية"، واعتبرت أن "مواد المشروعين تتنافى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، والدستور الجزائري فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية".14 إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمنهيي الصحة، في حوار 2023، يقول:" يجب أولا أن تضبط وتعرف المصطلحات حتى نضع حدودا بين النشاط النقابي والفعل السياسي الحزبي الى جانب مراعاة امر مهم وهو مطابقة قوانين الجمهورية لمواد دستور 2020 من جهة ولبنود المعاهدات والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف بلدنا و هي لا تمنع الجمع بين النشاطين.  هذا تدخل في الشأن الداخلي للنقابات والاحزاب السياسية على حد سواء ويجب أن يترك البث في مثل هذه الأمور لها من خلال هيئاتها التنظيمية ومنخرطيها بعيدا عن توجيهات او ضغوطات السلطات"

وفي غالب الأحيان كانت السلطة توظِّف القضاء لإلغاء شرعية هذه الإضرابات أو تستخدم معهم القوة مثلما حدث مع منع الأطباء في 2018 من الإضراب وتعنيفهم، وهذا كان مدخل مهما للنقابات لطرح قضايا الحق في الإضراب، والحريات والحق في التجمع والتشكيك في استقلالية العدالة وهي بالأساس قضايا سياسية بالدرجة الأولى.

وباختصار يمكن استخلاص ثلاثة عناصر رئيسية بشأن علاقة النقابات بقانون تحاول السلطة بسطه في الفترة المقبلة يدعم تنظيم الفعل النقابي هي:

أولا: تضييق على هوامش الحريات والتضييق على حق التظاهر وحق الإضراب، وهناك نوع من التشدد على حركة الإضرابات. في هذا السياق حاولت وزارة العمل إعادة تصنيف النقابات (من هي التمثيلية ومن هي ليست تمثليه).

ثانيا: مراجعة التشريعات المرتبطة بقانوني ممارسة الحق النقابي وحق الإضراب، وهذين القانونين يتضمن بعض التشدّد في الأحكام التي تؤطر هذا النشاط النقابي.

ثالثا: توجه كبير على مستوى التشريع وعلى مستوى الممارسة في الفصل بين المسار السياسي والمسار النقابي ومنع النقابات أن تكون لديها أي ارتباطات سياسية وممنوعة عليها الدخول في قضايا ذات بعد سياسي، وممنوع على قيادات النقابات أن تكون في قيادات في أحزاب سياسية، أو عندها علاقة عضوية بها.

لكن بعيدا عن تمرير القانون، والذي ينطبق على تجربة النقابات المستقلة خلال عقود من الزمن، تواجه هذه الأخيرة معضلات مرتبطة بإخفاقها المسجل على المستوى السياسي وتشظيها بين عدد لا يستهان به من النقابات، ما يسهل التحكم فيها أولا وإخماد فعاليتها في الميدان ثانيا، ما يعطي ضرورة كبيرة أمام النقابات أن تتوحد، وذلك ما يجرّنا هنا إلى طرح التساؤل الآتي: هل سيصبِح حضور النقابات شكليا مقارنة لما قبل حراك 2019؟

3- العودة للشارع.. "لا لقمع الحريات النقابية وحق الإضراب"

تواجه النقابات المستقلة في الجزائر تحديات جديدة، تستدعي إعادة تنظيمها وتغيير أسلوب عملها وتكييفه مع المستجدات، خصوصا مع إقرار القانون المتعلق بممارسة الحق النقابي وقانون الحق في الإضراب. في بالمقابل طالبت النقابات بسحب مواد القانون ووصفتها بأنها "جريمة في حق العمال والحركة النقابية" 15( وقفة احتجاجية نظمتها 20 نقابة مستقلة في الفاتح ماي 2023، بقلب العاصمة الجزائرية، تنشط في قطاعات التعليم والصحة والإدارة والتكوين والشؤون الدينية والتضامن، وهي أول حركة احتجاجية للنقابات منذ الحراك الشعبي 2019. ) ، خصوصا وأنها غُيِّبت عن مناقشات إعداد مسودة القوانين النّاظمة للعمل النقابي، كما تتوجس أزيد من 20 نقابة من الخلفيات التي تعتمد عليها السلطة في التعامل مع النقابات في المستقبل، والدليل على ذلك ملاحقة بعض النشطاء النقابيين واستمرار مسلسل التضييق عليهم.16إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمنهيي الصحة، في حوار خاص 2023 يقول:" مشاريع القوانين المقترحة من طرف الحكومة في أهدافها مع روح الدستور وتتناقض مع الخطاب السياسي العام الى جانب التعارض مع الاتفاقيات الدولية للمكتب الدولي للعمل (الاتفاقيات 87 و98). انها مشاريع قوانين تأسس لتلجيم الفعل النقابي ومنع حق ممارسة الإضراب في قطاعات واسعة سيحددها التنظيم لاحقا.

من هذا المنطلق، يفسّر البعض من قيادات نقابات التربية بعض بنود ومواد هذا القانون، بأنها قراءة هادئة للحكومة لما يحصل في الميدان كمحاولة لامتصاص حركة النشطاء النقابيين خصوصا لانخراطهم الصريح مع مسيرات الحراك الشعبي، والاعتراف بأن النقابات استطاعت فرض تحركاتها كقوة تجنيد بناء على الإضرابات المتكررة التي شهدتها كل من قطاعات النقل والتربية والصحة والبريد أدت إلى شللها، كما أنها نابعة من قلق السلطة الحالية من سيطرة النقابات المستقلة على هذه القطاعات الشغِّيلة الكبرى.

ونتيجة هذه النظرة المتعددة الزوايا، استجابت الحكومة لمطالبها الاجتماعية والمهنية. إضافة إلى إلغاء اشتراطات حول التمثيل النقابي الذي يفرض على النقابة أن تحوز 20 في المائة على الأقل من عمال وموظفي القطاع كي تكون نقابة قابلة للتفاوض مع السلطات في القضايا المهنية والمطالب الاجتماعية، تطالب النقابات المستقلة بـ"تعزيز الحقوق المكتسبة للعمال وحماية المندوب النقابي ضد أي قرار تسريح تعسفي، وأن تكون التعديلات مدعمة للحريات النقابية، ومراجعة لعملية التمثيل النقابي، والسماح بتأسيس فيدراليات، وكونفدراليات واتحادات عمالية".17 مسعود عمراوي، العضو القيادي في نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية، 2022

هذا القانون، يبدو في مضمونه محاولة لإبعاد النقابات العمالية عن الفعل السياسي والأيديولوجي، وتقييدها في إطار العمل والإنتاج فقط، فضلا عن تكييف مواده مع متطلبات دستور 2020، ما يعني إلغاء أغلب بنود الفعل النقابي المعمول بها منذ أكثر من 33 سنة.

العديد من التنظيمات النقابية المستقلة المحسوبة على قطاعات الصحة والتربية والصيدلة، ترفض التشريعات الجديدة، إضافة إلى بعض الأحزاب السياسية التي وقفت ضد محتواها، حيث ترى فيه خطوة إلى الوراء وتقهقر كبير للمكاسب العمالية وتقويض الحق في الإضراب الذي يضمنه الدستور الجزائري.

يمثّل القانون الجديد (المصادق عليه من قِبل البرلمان) على ضرورة "الفصل بين العمل النقابي والمسؤولية في التسيير والانتماء السياسي"، وقانون حق الإضراب وعلاقة العمل تحت عبارة: " "الالتزام بخلق بيئة اجتماعية لا يتم فيها اللجوء إلى الإضرابات، إلاّ كملاذ أخير"، ويتضمن ضبطا جديدا للمفاهيم بهدف إعادة تكييف النشاط النقابي مع الوضع الجديد.

وهو ما وصفته بعض الأطراف السياسية في البلاد بـ "منع سيطرة الأحزاب السياسية داخل التنظيمات النقابية، خصوصا وأن أغلبها تبسط يدها على النقابات العمالية، الموالية للسلطة، وتم استعمالها في عديد المحطات السياسية لما سبق حراك 2019، ما جعلها في عين الإعصار أو تفقد ثقة السلطة الحالية من جهة، وثقة العمال من جهة أخرى. كما أن القانون الجديد يحظر أيضا على النقابيين التسيير الإداري، ما فهم على أنه تقويض للعملية النقابية برمتها.

اللافت أن ممارسة الحق النقابي والحق في الاضراب عبر عصا القانون، يرمي إلى التضييق على أطر الممارسة النقابية، ونوعا من الإغلاق للفضاء الحراك النقابي، وتقييد للنشطاء في عدة قطاعات، وذلك تغليبا لصالح الإدارة، ومحاولة واضحة لفصل النقابات عن دورها الوطني في القضايا والخيارات الوطنية الكبرى والاستحقاقات المصيرية البلاد.18تصريحات نقابيين خلال اجتماعات للنقابات المستقلة تجاوز عددها 16 نقابة في قطاعي الصحة والتربية، عطفا على طرح مسودة مشروع قوانين العمل.

ووجب التذكير مجددا، أن المركزية النقابية الممثلة بـ" الاتحاد العام للعمال الجزائريين"، الموالي للسلطة، أبرز موقفا معارضا للمواد الناظمة للفعل النقابي، وهي في نظر المتابعين للشأن السياسي في البلاد، من المرات النادرة التي يعطي الاتحاد ظهره للسلطة، ويقف موقفا مخالفا لخيارات الحكومة.

بسبب البيئة السياسية في الجزائر، والظروف الداخلية الراهنة التي تتسم بتعاطي متشدد من قبل السلطات مع أي تحرك في الشارع، أو تصعيد في الاعتراض على الخيارات الحكومية، لم تنقل النقابات المستقلة تحركاتها إلى الشارع أو إلى بيئة العمل النقابي، وبقيت مواقف وتحركات النقابات لمواجهة هذه التشريعات الجديدة، ضمن إطار التحركات والاجتماعات التنسيقية والبيانات التوضيحية للموقف، وسلسلة لقاءات مع الكتل النيابية في البرلمان، لتوضيح عدم ملائمة هذه القوانين الجديدة للساحة الجزائرية وتأثيراتها على الممارسة النقابية والحريات في الجزائر، ولتوضيح مستوى التراجع عن المكاسب المحققة في هذا الإطار، وضرورة سحبها أو تعديلها.

لكن ولاعتبارات السياسية والوظيفية التي تحكم العلاقات بين الحكومة والبرلمان، لم تنجح النقابات في تحقيق أي تقدم على هذا المستوى خلال فترة مناقشة البرلمان لهذه القوانين التي تمت المصادقة عليها من قبل غرفتي البرلمان، المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة.

في مرحلة أخرى، وجدت الحركة النقابية نفسها أمام واقع مفروض عليها، حيث لم تستجب السلطة لأي من مطالبها لمراجعة القوانين الناظمة للعمل النقابي والحريات النقابية، ولممارسة حق الإضراب، وتعتبر أنها لا تخدم قضيتها وبيئة نشاطها، ولذلك بدأت تفكر في التحول إلى وقائع وتحركات ميدانية لممارسة مزيد من الضغوط على السلطات خاصة بعد أن أصبحت القوانين سارية المفعول.19بيان صادر عن كونفدرالية النقابات الجزائرية المستقلة (نقابات مستقلة عن قطاعات التربية والصحة والتكوين المهني والبريد والتضامن) عقب اجتماعها ليوم 17 تموز/ يوليو 2023، أعلنت فيه تمسكها برفض قانوني ممارسة الحق النقابي والوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وحق الإضراب تحت رقم 02/23 و 08/23 على التوالي. كما دعت رئيس الجمهورية بالتدخل لإعادة قراءة ثانية لمحتوى القانونين بما يحقق الحريات النقابية وتمثيل العمال في النقابات.

ونقلت النقابات الموقف إلى مستويين: الأول منهما هو التوجه إلى الشارع عبر سلسلة تجمعات عمالية، على الرغم من أن ذلك سيضعها في صدام مباشر مع السلطة التي تسعى إلى إغلاق كامل للفضاءات العمومية منذ توقف الحراك الشعبي بداية عام 2022. أما الثاني فيتعلق بإثارة النقاش مع الأحزاب السياسية، وتنظيم ندوات سياسية، على غرار ندوات لأحزاب جبهة القوى الاشتراكية وتكتل البديل الديمقراطي الذي يضم حزب العمال والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية والاتحاد من أجل الرقي، لتوضيح ما تعتبره تداعيات وآثار سلبية سيخلفها تطبيق هذه التشريعات على العمل النقابي والحريات في الجزائر.

وفي الفاتح من أيار/ مايو 2023، نظمت أكثر من 20 من النقابات المستقلة تنشط في قطاعات التعليم والصحة والإدارة والتكوين والشؤون الدينية والتضامن وغيرها، وقفة احتجاجية ضد هذه القوانين، داعية إلى سحبها من التنفيذ، لأنها " جريمة في حق العمال والحركة النقابية".

ونتج عن ذلك، عودة الشّعارات للشارع الجزائري في صورة الرفض والغضب والسير نحو التصعيد، وتخلّلت احتجاجات النقابات لافتات كتبت فيها: "لا للتضييق على العمل النقابي"، وأخرى "لا لقمع الحريات النقابية وحق الإضراب"، وغيرها من الشعارات.

عقب سلسلة من التحركات الاحتجاجية التي نظمتها النقابات ولقاءات جمعتها بعدد من الكتل النيابية بالبرلمان الجزائري، حول المشكلات التي تفرزها تطبيق هذه القوانين، وذلك منذ بداية عام 2023، تقف النقابات المستقلة في الجزائر أمام امتحان حقيقي للنظر في كيفية تعاملها مع المشهد النقابي والعمالي، بعد أن أصبحت القوانين الجديدة سارية المفعول، خاصة أنها تفرض على النقابات التكيف مع اشتراطات التمثيل النقابي، وتحدّ من الحريات النقابية وتوسع صلاحيات الإدارة في الاعتراف واعتماد النقابات، كما تُلغي حق انتداب النقابيين (التفرغ للعمل النقابي) وحصر الحق في الإضراب.

ودعا القيادي والمتحدث باسم المجلس الوطني للأساتذة، (نقابة مستقلة للتربية والتعليم) مسعود بوذيبة،20- لقاء على هامش الحركة الاحتجاجية في الفاتح من مايو 2023. إلى تحديد خطوات تصعيدية أخرى، معلنا أن النقابات لن تتوقف عن النضال ورفض القوانين التي ترجعنا إلى سابق عهد تسعينيات القرن الماضي وتسلب النقابات مختلف المكاسب النضالية الخاصة بالعمال.

في الختام، يبدو أن مكاسب الحرية التي استظلت بها النقابات خلال أكثر من ثلاثة عقود أثبتت مع مرور الوقت أن التعبئة وحدها لا تكفي في قطاعات حساسة تتفادى السلطة الدخول في صدام مع مطالب الفئات لضمان استمرارية المرفق العام، وأن استمرار وجود هذه النقابات مرهون بقدرتها على تمثيل العمال وأداء أدوارها المطلبية والتفاوضية، وليس التبرير لمن بيدهم القرار.

 

  [7] الوثيقة الختامية لـ" منتدى الحوار الوطني" المنعقد على مستويين في آذار/مارس وتموز/يوليو 2019، بمنطقة "عين البنيان" غرب العاصمة الجزائرية، أسفر على وضع مقترحات للخروج من الأزمة السياسية في البلاد عقب استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وضرورة تأسيس هيئة وطنية مستقلة لتنظيم والإشراف على الانتخابات وأهمية استقلاليتها السياسية والإدارية والمالية. فضلا عن تعويض رموز النظام التي مازالت على رأس مؤسسات الدولة بشخصيات توافقية، وتعيين حكومة كفاءات لتحضير انتخابات رئاسية حرة وشفافة من شأنها تمكين الشعب الجزائري من التعبير عن رأيه بكل حرية، في آجال معقولة.

Endnotes

Endnotes
1 بتاريخ 4 آذار/مارس 2023، عرض ومناقشة مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 90-14 المؤرخ في 2 حزيران/يونيو 1990 والمتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي في جلسة عامة أمام نواب المجلس الشعبي الوطني.
2 خرج الآلاف يوم الجمعة 22فبراير 2019 في مسيرات شعبية عبر مختلف ولايات الجزائر، مطالبين بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة (1999-2019)، أدت إلى تأجيل موعد الانتخابات التي كانت مقررة في 4 نيسان/أبريل 2019، ثم الإعلان عن استقالة الرئيس بوتفليقة في 2 نيسان/أبريل من السنة نفسها، قبل انتهاء عهدته الرئاسية الرابعة بأقل من أسبوعين، استجابة لدعوات جماهرية رفضت بقاءه في الحكم.
3 أحداث شهدتها الجزائر في 5 كانون الثاني/يناير 2011، بالتّزامن مع بدايات موجة ما سمي بـ "الربيع العربي"، التي أطاحت بأنظمة حاكمة في دول عربية. إذ عرفت عديد المدن أعمال تخريبية انطلقت من حي "باب الوادي" وهو أكبر الأحياء الشعبية في العاصمة الجزائرية، كردّ فعل من عدة فئات شعبية ضد رفع أسعار "الزيت والسكر"، وهما المادتان الأساسيتان اللّتان تدعمهما الحكومة، خلّفت أعمال العنف 6 قتلى، للاطلاع أكثر أنظر: تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الجزائرية حول: "ندرة بعض المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في السوق الوطنية الجزائرية وارتفاع أسعارها"، المجلس الشعبي الوطني، (تشترين الأول/أكتوبر 2011).
4  إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمنهيي الصحة، في حوار خاص 2023 يقول:" لعبت النقابات المستقلة دور في دعم الحراك الشعبي 2019 ولم تتأخر في الانخراط فيه رسميا من خلال اجتماع 28 شباط/وفبراير 2019 والذي انتهى ببيان صدر نفس اليوم وأعلنت فيه كونفدرالية النقابات الجزائرية (قيد التأسيس) دعمها المطلق للحراك ودعت منتسبيها المشاركة في مسيراته بقوة مع قرار تأجيل المطالب المهنية والاجتماعية وتأخيرها لأن الأولوية صارت للمطلب الوطني الشعبي".
5  أنظر محمود بلحيمر، " الانتقال الديمقراطي في الجزائر" أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة الجزائر 3، 2017
6  عبد العزيز رحابي، دبلوماسي ووزير الإعلام سابق، من الشخصيات الوطنية التي شاركت في العديد من الندوات واللقاءات الخاصة بالتنسيقية من أجل التغيير الانتقال الديمقراطي 2014، كما شارك في ندوات الانتقال الديمقراطي في 2019
7  تم استجواب عدد من نشطاء النقابات في قطاعي التربية والصحة في العاصمة الجزائرية ووهران وقسنطينة 2022-2023
8 توجهت السياسات السابقة للسلطة في الجزائر نحو تعويم الساحة النقابية بعدد كبير من النقابات في مختلف القطاعات المهنية، خاصة الصحة والتعليم، لإضعاف النقابات المستقلة التي أقلقت السلطة بمعارضتها لسياساتها. (أنظر، عثمان لحياني، قانون جديد للنقابات في الجزائر: للتنظيم أم للتضييق على الحريات؟ العربي الجديد، 3 كانون الثاني/ يناير 2023) https://www.alaraby.co.uk/politics/
9  دخلت الجزائر بموجب دستور1989، مرحلة القطيعة مع الأحادية الحزبية والانتقال نحو التعددية السياسية والإعلامية، استدعت إعادة النّظر في كلّ السياسات القائمة، وأقرت الوثيقة الدستورية بشكل صريح التخلّي عن التوجّه الاشتراكي للدولة الجزائرية ونظام الحزب الواحد، وفسح المجال للتعددية الحزبية إذ نصّ على ذلك في المادة 40:" حق إنشاء الجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به". راجع: Brahim Brahimi, Le pouvoir, la presse et les droits de l’homme en Algérie. Alger : 1ère édition, Marinore, 1996, p133
10  زعموش فوزية، علاقة العمل النقابي بالعمل السياسي في الجزائر، أطروحة دكتوراه في القانون العام. جامعة قسنطينة 1، 2012. https://bu.umc.edu.dz/theses/droit/AZEA3945.pdf
11  بن خرف الله الطاهر، النخبة الحاكمة في الجزائر 1962-1989 بين التصور الإيديولوجي والممارسة السياسية، الجزء الأول، دار هومة، الجزائر، 2007، ص 180
12  بومقورة نعيم، الحركة النقابية في الجزائر وسياستها المطلبية: الأجر نموذجا، مجلة إضافات، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد الأـول، بيروت، لبنان، 2008، ص 32
13 Rachid Grim «la société civil en Algérie, un mythe aujourd’hui, une réalité demain» , journal «el Watan » du 26 mai 2007 www. elwatan.dz
14  إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمنهيي الصحة، في حوار 2023، يقول:" يجب أولا أن تضبط وتعرف المصطلحات حتى نضع حدودا بين النشاط النقابي والفعل السياسي الحزبي الى جانب مراعاة امر مهم وهو مطابقة قوانين الجمهورية لمواد دستور 2020 من جهة ولبنود المعاهدات والاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف بلدنا و هي لا تمنع الجمع بين النشاطين.  هذا تدخل في الشأن الداخلي للنقابات والاحزاب السياسية على حد سواء ويجب أن يترك البث في مثل هذه الأمور لها من خلال هيئاتها التنظيمية ومنخرطيها بعيدا عن توجيهات او ضغوطات السلطات"
15 ( وقفة احتجاجية نظمتها 20 نقابة مستقلة في الفاتح ماي 2023، بقلب العاصمة الجزائرية، تنشط في قطاعات التعليم والصحة والإدارة والتكوين والشؤون الدينية والتضامن، وهي أول حركة احتجاجية للنقابات منذ الحراك الشعبي 2019.
16 إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمنهيي الصحة، في حوار خاص 2023 يقول:" مشاريع القوانين المقترحة من طرف الحكومة في أهدافها مع روح الدستور وتتناقض مع الخطاب السياسي العام الى جانب التعارض مع الاتفاقيات الدولية للمكتب الدولي للعمل (الاتفاقيات 87 و98). انها مشاريع قوانين تأسس لتلجيم الفعل النقابي ومنع حق ممارسة الإضراب في قطاعات واسعة سيحددها التنظيم لاحقا.
17  مسعود عمراوي، العضو القيادي في نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية، 2022
18 تصريحات نقابيين خلال اجتماعات للنقابات المستقلة تجاوز عددها 16 نقابة في قطاعي الصحة والتربية، عطفا على طرح مسودة مشروع قوانين العمل.
19 بيان صادر عن كونفدرالية النقابات الجزائرية المستقلة (نقابات مستقلة عن قطاعات التربية والصحة والتكوين المهني والبريد والتضامن) عقب اجتماعها ليوم 17 تموز/ يوليو 2023، أعلنت فيه تمسكها برفض قانوني ممارسة الحق النقابي والوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وحق الإضراب تحت رقم 02/23 و 08/23 على التوالي. كما دعت رئيس الجمهورية بالتدخل لإعادة قراءة ثانية لمحتوى القانونين بما يحقق الحريات النقابية وتمثيل العمال في النقابات.
20 - لقاء على هامش الحركة الاحتجاجية في الفاتح من مايو 2023.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.