الميليشيات المسلحة ومعضلة التحوّل المدني الديمقراطي في السودان

Sudan’s Armed Militias and the Crisis of Civil Democratic Transition
© شترستوك

مقدمة

شهد السودان ثورة شعبية على نظام الإخوان المسلمين بقيادة الجنرال عمر البشير في ديسمبر 2018، نجحت في إسقاط النظام والدخول في فترة انتقالية باقتسام السلطة مع قادة الجيش. وتنفيذاً لشعار الثورة المتمثل في (الحرية، السلام، العدالة)، فقد وضعت الحكومة الانتقالية مسألة إنهاء النزاعات الداخلية وتحقيق السلام كإحدى أولوياتها، فدخلت في مفاوضات مع الميليشيات المسلحة بوساطة من دولة جنوب السودان في عاصمتها جوبا، أسفرت عن توقيع اتفاق جوبا للسلام بين الحكومة والجبهة الثورية (تضم سبعاً من الميليشيات المسلحة في دارفور وجنوب النيل الأزرق وشرق السودان) في العام  2020،1أبوبكر، أسامة عبد الرحمن، جلسة نقاش، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان،  الخرطوم، السودان، كانون الأول/ديسمبر 2022. وكان أبرز مخرجات الاتفاق انخراط تحالف الجبهة الثورية كفصيل ثالث في ائتلاف الحكومة الانتقالية. إلا أن عملية إدماج هذه الميليشيات في النظام السياسي اصطدمت بسلوك بعض قادة هذه الميليشيات الذي أعاق مسار التحول المدني الديمقراطي الذي أدى إلى اتساع الفجوة بينها وبين القوى السياسية المدنية مقابل التماهي مع توجهات القوى المناهضة للديمقراطية، وتحالفت معها ومع شركاء الانتقال في الجيش ونفذوا انقلاباً عسكرياً على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر 2021.

تناقش الورقة مسألة الميليشيات التي تتبنى الصراع المسلح في السودان كآلية لتحقيق أهدافها المعلنة كالعدالة في توزيع السلطة والثروة وإنهاء التهميش السياسي والاقتصادي الذي تتعرض له بعض الأقاليم داخل البلاد حيث تتبنى خطاباً سياسياً يربط إنهاء الحرب والجنوح نحو السلام باعتماد التبادل السلمي للسلطة والتحول الديمقراطي، والقسمة العادلة للسلطة والثروة.

تطرح الورقة سؤالاً مركزياً هو؛ لماذا تقف الميليشيات المسلحة ضد توجهات قوى الثورة السودانية وتناهض عملية التحول المدني الديمقراطي وتساند الانقلاب العسكري؟ وتجادل الورقة بأن جذور موقف الميليشيات المعارض للتحول المدني الديمقراطي ينبع من طبيعة تكوين هذه الميليشيات وبنيتها الهيكلية وسلوك قادتها وتشابك مصالحهم بين الشأن العام والخاص. ومن جهة أخرى، نجد أن هشاشة الدولة وضعف قدراتها وافتقاد قادتها إلى الشرعية، يعد من أبرز العوامل المشجعة على سلوك نهج الميليشيا في التعاطي مع القضايا الحقوقية والمطلبية.

مفهوم الميليشيا

الميليشيا هي تنظيم مسلّح شبه رسمي أو خاصّ مدفوع، يكون الجندي فيه رجلاً مقاتلاً لقاء ثمن. وهي قوى عسكرية مرتزقة عبر التاريخ مختلفة عن أي جيش نظامي يتبع مؤسسة عسكرية رسمية وطنية. وعليه، فهي لا تقع ضمن القانون العام للبلاد، وسواء ولدت على أيدي قوى سياسية أو اجتماعية، أو انبثقت عن أنظمة رسمية حزبية، كالتي عرفتها دول المنظومة الاشتراكية في أميركا الجنوبية قبل خمسين سنة، فهي لا تقع في نشاطاتها ضمن القواعد النظامية، أو ضمن مؤسسات الدولة الرسمية. إذ قد تعترف بها الدولة رسميًّا للاستفادة من أنشطتها الميليشيوية شبه الرسمية في المجتمع لصالح النظام والدولة وليس العكس.2  نوال موسى ابراهيم، الطبيعة السياسية والاجتماعية للميليشيات في العالم العربي: الجنجويد والبيشمركة كحالتين للدراسة، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، 2009، ص 16.

حديثًا تنشأ الميليشيات لأسباب اقتصادية واجتماعية متعلقة بسوء إدارة الدولة الحديثة وانتشار التهميش الاقتصادي والاجتماعي لبعض الجماعات الثقافية والإثنية، وعادة تكون السلطة في مناطقها هشة. وعلى الرغم من تقديم الميليشيات خطاباً عاطفياً، وتبريرها للصراع المسلح بوجود مؤامرة ضد الجماعة، وأن لا سبيل لتأمين الوجود إلا بحمل السلاح، إلا أن تعقيدات الدخول في عمليات الصراع المسلح وما خلّفه من مصالح وتهديدات، يجعل الانحراف عن المنطلقات أمراً مرجَّحًا، بل إن سبل تأمين الإمداد اللوجستي لقوات الميليشيات، يجعل القادة يتورطون في علاقات بالغة التعقيد إلى درجة تحدد بقاء الميليشيا من عدمه، وتحوّل القادة إلى أمراء حرب.

إن أبرز ما يميز الميليشيات التي يقودها أمراء الحرب عن أي ميليشيا تعمل على حماية مجتمعاتها من الانتهاكات، أو تعمل لأجل إصلاح النظام السياسي القائم كله، هو مدى مقاومتها الدخول في عمليات قتال من أجل الارتزاق، ومشاركتها في عمليات النهب والسلب أثناء المعارك أو في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، واعتماد تكوينها على مجموعة عرقية واحدة أو سيطرة جماعة عرقية على كل مفاصل الإدارة والقيادة بالميليشيا، وإسقاط مبادئ حقوق الإنسان وتطبيق القانون والديمقراطية من خطابها وممارساتها.

درجت الأنظمة الدكتاتورية على ابتداع آليات خاصة للتعامل مع ظاهرة الميليشيات التي تنشأ، نتيجة لسياسات مرتبطة ببقاء النظام أطول فترة ممكنة. ولما كان التعاطي مع الميليشيات بالعنف لا يجدي نفعًا، حيث تعيد الميليشيات ترميم نفسها كلما تعرضت للضعف جراء الصراع مع النظام، لذا يلجأ النظام الدكتاتوري إلى استخدام الفساد السياسي بالدعوة إلى إجراء مفاوضات لوضع حد لعنف الميليشيات، وفق سياسة اقتسام (الكعكة)، وهنا يتم استخدام "المال السياسي" في ما يعرف بالسوق السياسية التي يتم فيها استخدام مفاهيم إدارة الأعمال، كما جاء في مقاربة (ألكس دي وال)، حيث يتحول قادة الميليشيات إلى رجال أعمال سياسيين.

وقائد الميليشيا كرجل أعمال سياسي يمكنه التوسع في قطاعات جديدة مثل الحصول على عقود مكافحة الإرهاب، وهي المفضلة حاليًا. وبذلك يمكنه إعادة تجميع أعماله ومحاولة إعادة صياغة سمعته. مع زيادة وتعدد مصادر الإيرادات، يزداد أيضًا مستوى إضفاء الطابع المؤسسي على الشركة وعلاقاتها التعاقدية مع المشترين والمورّدين.

ومع هذا، من الصعب التعامل مع الميليشيات على أساس أنها كتلة صماء تنطبق عليها كل شروط الميليشيا، فبعض الحركات تظهر نزعة ميليشيوية أكثر من حركات أخرى تضعف فيها النزعة الميليشيوية حسب المتغيرات الظرفية.

خارطة الميليشيات المسلحة في السودان

الميليشيا المسلحة في السودان تشتمل على طيف واسع من القوى المسلحة، ولا يوجد حصر دقيق لعددها، إذ تشهد الميليشيات الموجودة انقسامات مستمرة كلما حدث خلاف في تقسيم الغنائم السياسية والاقتصادية، أو صراعات نفوذ داخل هياكل الميليشيا. هنالك ميليشيات رئيسية تنضوي تحت قيادتها ميليشيات أصغر.

وأدناه أهم الميليشيات المسلحة الآن في الخارطة السودانية:

  مليشيا الجنجويد

نشأت ميليشيا الجنجويد استجابة من نظام  الأخوان بقيادة عمر البشير لإعلان الكفاح المسلح من قبل جماعات من قبائل الفور والزغاوة والمساليت في دارفور، فعملت على تنظيم القبائل ذات الثقافة العربية تحت دعوى حماية ثرواتها وأمنها من القوى التي حملت السلاح، فنجح النظام في افتعال حرب على أساس إثني بين مكوّنات المجتمع في دارفور، واكتفى بتدريب قوات الجنجويد وتسليحها وتغطية الجرائم التي ارتكبتها بحق المدنيين. وفي العام 2007 انشقّت جماعة من الجنجويد بقيادة محمد حمدان دقلو احتجاجًا على عدم حصولها على المال من نظام البشير، كما وقع خلاف مع الزعيم القبلي موسى هلال قائد الميليشيات، ما جعل نظام البشير يستبدله بمحمد دقلو، بعد أن تعهد بصرف المال عليه بأثر رجعي وتسليحه والسماح له بإعطاء الرتب العسكرية لقواته.3 “Sudan's Bashir Begins Tour of Darfur,” The Washington Post, 22/7/2007, accessed on 7/1/2021, at: https://wapo.st/35kaToR وعام 2013، جرت هيكلة الميليشيات وإعادة تشكيلها بواسطة جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني بقيادة حميدتي، بعد أن رفض رئيس الأركان السوداني آنذاك نقل تبعيتها من جهاز الأمن إلى هياكل القوات المسلحة، ليجري اعتبارها قوة نظامية منفصلة تتبع الرئيس البشير مباشرة: ومن ثم إنتاج قوة نظامية جديدة من رحم ميليشيات الجنجويد. سميت قوات الدعم السريع وتوسع نشاطها ليتعدى ولايات دارفور إلى كل ربوع السودان.4  قوات الدعم السريع السودانية: من ميليشيات إلى قوة نظامية (2003-2018)، البدوي عبدالقادر البدوي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، سلسلة تحليلات استراتيجية، رقم 6، أغسطس 2021.

حركة تحرير السودان

أسسها بعض أبناء الزغاوة والمساليت والفور. وعرفت الحركة في البداية باسم "جبهة تحرير دارفور"، وكانت عضويتها مقصورة على بعض أبناء قبيلة الفور. وبعدما انفتحت على أبناء القبائل الأخرى في الإقليم، أطلقت على نفسها الاسم الحالي وذلك يوم 14 مارس/آذار 2003. وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول 2005 عقدت الحركة مؤتمرها ببلدة حسكنيتة في جنوب دارفور الذي انقلب فيه الأمين العام على الرئيس عبد الواحد نور من رئاستها،5  لقاء صحفي مع  د شريف حرير، أجراه عيسى دفع الله، صحيفة المواكب، 9/10/2005. https://www.facebook.com/almawakib فانقسمت الحركة إلى قسمين قسم شكل جناح أمينها العام مني أركوي ميناوي، وتتالت الانشقاقات فانشقت عنها فصائل شكلت قادة شمال دارفور بزعامة جار النبي عبد القادر، وانشق فصيل يسمى حركة تحرير السودان (مجموعة الـ19)، ومنه انشقت حركة تحرير السودان الموحدة بزعامة القائد أحمد عبد الشافي.

ومن بين الفصائل المسلحة في منطقة دارفور والتي انشق أغلبها من حركة تحرير السودان: حركة جيش تحرير السودان ويرأسها خميس أبو بكر وهو من قبيلة المساليت. وكان نائب رئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور قبل أن ينسحب منه ويؤسس حركة جيش تحرير السودان. وهو من بين سياسيي حركة تحرير السودان الذين أسسوا مجموعة الـ19 وجمّدوا صلاحيات رئيس الحركة نور قبل أن يفصلوه.

حركة العدل والمساواة

كانت تشكل في إقليم دارفور ثاني أهم تشكيلة سياسية عسكرية بعد حركة تحرير السودان. وإذا كان الفور هم من أسس حركة تحرير السودان، فإن أبناء قبيلة الزغاوة قد أسسوا حركة العدل والمساواة في عام 2001 وبدأت نشاطها العسكري في فبراير/شباط 2003 إلى جانب حركة تحرير السودان. وقد انشقت عن حركة العدل والمساواة في مارس/آذار 2004 الحركة الوطنية للإصلاح والتنمية بقيادة جبريل عبد الكريم باري وخليل عبد الله، وانشق عنها المهندس محمد صالح حربة مكوّنًا حركة العدل والمساواة - القيادة الميدانية. كما انشق عنها عبد الرحيم أبو ريشة مكوّنا حركة العدل والمساواة جناح السلام. وانشقت عنها مجموعة الدكتور إدريس أزرق.6موقع الجزيرة نت، على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/arabic/2007/10/27/

بعض أبرز الميليشيات المسلحة في السودان:

م اسم الميليشيات طبيعة التكوين سنة التكوين المنطقة الجغرافية التي تنشط فيها المجموعة
1 الجنجويد (الدعم السريع)، قبلية 2003 دارفور
2 والحركة الشعبية لتحرير السودان/شمال بقيادة عبدالعزيز الحلو إثنية 2011 جنوب كردفان
3 والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة مالك عقار إثنية 2013 إقليم النيل الأزرق
4 جيش تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور، قبلية 2003 دارفور
5 حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس قبلية 2005 دارفور
6 تجمع "قوى التحرير بقيادة الطاهر حجر قبلية 2010 دارفور
7 حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم قبلية 2003 دارفور
8 جيش تحرير السودان بقيادة مني اركو مناوي قبلية 2005 دارفور
9 حركة تمازج بقيادة محمد علي قرشي إثنية 2011 دارفور/ كردفان
10 مؤتمر البجا التصحيحي بقيادة زينب كباشي قبلية - شرق السودان
11 مؤتمر البجا المعارض بقيادة أسامة سعيد قبلية - شرق السودان
12 الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة بقيادة الأمين داؤود قبلية - شرق السودان
13 مؤتمر البجا المكتب القيادي برئاسة أبو محمد أبو أمنه قبلية - شرق السودان
14 مؤتمر البجا القيادي برئاسة عبدالله موسى قبلية - شرق السودان
15 مؤتمر البجا الكفاح المسلح بقيادة فكي علي أوهاج. قبلية - شرق السودان
16 الحركة الشعبية شمال/ القوى الثورية قومية 2022 شرق السودان

توضيح لـ(طبيعة التكوين): القبيلة هي جماعة اجتماعية تقيم في حيّز جغرافي محدد وتعتقد أنها تنحدر من أصل مشترك، وتسود داخلها درجة من التعاضد والمناصرة القائمة على أساس الدم المشترك. أما الجماعة الإثنية فهي أوسع من مفهوم القبيلة وهي أيضًا جماعة اجتماعية لها خصائص مشتركة ويجمعها إقليم واحد، ولكن توجد داخلها درجة من التمايز سواء أكان في اللغة أو العادات والتقاليد، وتشعر بأن مصيرها مشترك.

مقاربة السوق السياسي كمدخل لفهم أزمة الانتقال في السودان

تُعدّ مقاربة السوق السياسي من أكثر المقاربات التي تقدم تفسيرًا لحالة تفضيل قادة الميليشيات المسلحة في السودان التفاعل مع الأنظمة فاقدة الشرعية ومعاداة الأنظمة الديمقراطية، كما حدث إبان الفترة الانتقالية الأولى والتي توجت بالانقلاب العسكري المدعوم من قادة هذه الميليشيات. يدير النظام الدكتاتوري وقادة الميليشيات كرجال أعمال علاقاتهم وفق متغيرات مثل متغير التمويل السياسي، ومتغير السيطرة على وسائل العنف، ومتغير وسائل تنظيم الخلافات السياسية، ومتغير شروط الاندماج في الاقتصاد السياسي العالمي.

التمويل السياسي

الميزانية السياسية هي المال المتاح لأي سياسي لينفقه على أي أغراض قد يختارها - خاصةً لاستئجار ولاء أو تعاون سياسيين آخرين. فهي تتكون من الرشاوى التي يدفعها مقاولو الأسلحة والأموال المدفوعة للقادة، والتي يتم احتسابها على أنها مدفوعات "للجنود الوهميين".7Alex de Waal, The Real Politics of the Horn of Africa: Money, War, and the Business of Power, Polity, 2015 (de Waal, The Real Politics). أو مدفوعة بواسطة طرف خارجي له رغبة في توجيه مخرجات العملية السياسية بما يخدم مصالحه. وهنا يمكن الإشارة إلى المحور الإقليمي الذي ارتبطت مصالحه بالمكوّن العسكري المشارك في إدارة الفترة الانتقالية في السودان، وخاصة ميليشيا الدعم السريع. ويمكن الإشارة هنا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها قائداً لأحد المحاور الإقليمية، وربط ذلك بحضورها المؤثّر في مفاوضات جوبا للسلام بوساطة دولة جنوب السودان بين الحكومة والجبهة الثورية السودانية من أجل وقف الحرب الأهلية في مناطق دارفور وجنوب النيل الأزرق، حيث صرح رئيس فريق الوساطة الجنوب سودانية، المستشار توت قلواك قائلاً: "دور الإمارات امتد حتى داخل غرف التفاوض. لقد وقفوا معنا منذ بداية المحادثات بين الحكومة وتحالف الجبهة الثورية، حتى وصلنا إلى هذا الإنجاز بتوقيع اتفاقية السلام".8موقع شبكة العين الإخبارية على الإنترنت، بتاريخ 3 أكتوبر 2022: https://al-ain.com/article/mediation-reveals-uae-in-peace-in-sudan

لم تكتفِ الإمارات بالتدخل في طاولة المفاوضات، وإنما امتد تأثيرها ليشمل الأطراف السودانية المشاركة في المفاوضات، وقد استطاعت بتأثيرها على الميليشيات المشكِّلة للجبهة الثورية إبعاد فصيل الأمين داؤود قائد أحد فصائل شرق السودان واستبداله بخالد شاويش ممثلاً لفصيل آخر من شرق السودان.9تصريح صحفي لقيادي في الجبهة الثورية (مني اركو مناوي) على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=o8XBNn6BeVg

هذا التأثير الإماراتي ينطلق من دوافع هيمنة سياسية واقتصادية. ويتضح ذلك من طرحها على حكومة الانقلاب مبادرة لحل الخلاف الحدودي بين السودان وأثيوبيا حول أراضي الفشقة الخصبة في العام 2021 بتقسيم الفشقة بما نسبته 40 في المئة للإمارات و40 في المئة للسودان، والـ20 في المئة الباقية للمزارعين الأثيوبيين. كذلك توقيع اتفاق حكومة الانقلاب مع شركة دبي للموانئ لإنشاء ميناء (أبو عمامة) في صفقة غامضة دون عطاء، حيث إن المشروع "يضم منطقة اقتصادية ومطارًا ومنطقة تجارية وأخرى زراعية لبناء وتشغيل ميناء أبو عمامة والمنطقة الاقتصادية على البحر الأحمر. وسيشمل المشروع، الذي يقع على بعد حوالي 200 كيلومتر (124 ميلاً) شمال بورتسودان، منطقة اقتصادية ومطارًا ومنطقة زراعية بمساحة 400 ألف فدان وطريق بطول 450 كيلومترًا سيربط ميناء أبو عمامة بمنطقة أبو حمد الزراعية بولاية نهر النيل شمال السودان.10موانئ السودان.. أطماع خارجية للهيمنة بموافقة الانقلابيين، صحيفة مداميك، على الرابط: https://www.alrakoba.net/

لذلك يمكن المجادلة بوجود المال السياسي بالنظر إلى وقائع ما بعد اتفاق جوبا للسلام، خاصة إذا ربطنا ذلك بعلاقات المال السياسي بين حركات دارفور ودولة الإمارات العربية المتحدة في الحالة الليبية، إذ تناول تقرير الأمم المتحدة11تقرير أممي: دعم الإمارات مرتزقة في ليبيا يقوّي الحركات المسلحة في دارفور، القدس العربي، على الرابط: https://www.alquds.co.uk/ وجود (آلاف المرتزقة السودانيين الموجودين في ليبيا في خدمة "الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر). وينتمي هؤلاء المرتزقة إلى حركات وقّعت وأخرى لم توقّع اتفاق جوبا للسلام المبرم في تشرين الأول/أكتوبر 2020، وفق خبراء الأمم المتحدة الذين بيّنوا أنهم غير قادرين على تحديد عددهم الإجمالي. ويضيفون: "في المقابل، تلقت الحركات الخمس الرئيسية (جيش تحرير السودان - جناح مني مناوي وتجمع قوى تحرير السودان وجيش تحرير السودان - المجلس الانتقالي وجيش تحرير السودان -جناح عبد الواحد نور ومجلس الصحوة الثوري السوداني) مدفوعات ودعمًا لوجستيًّا. وقالت عدة مصادر داخل هذه الحركات إنه تمت مناقشة الأموال والدعم والاتفاق عليها في اجتماعات بين قادتهم العسكريين وممثلي الإمارات في ليبيا. وبحسب الخبراء، فإن "المدفوعات قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة وأوصلت إلى الحركات عبر الجيش الوطني الليبي الذي أخذ نصيبًا منها".12تقرير أممي: دعم الإمارات مرتزقة في ليبيا يقوّي الحركات المسلحة في دارفور،  https://www.securitycouncilreport.org/

جاء في التقرير: "ردًّا على مزاعم بتوفير دعم مالي أو عسكري محتمل لقوات دارفور (في السودان وليبيا على السواء)، أشارت الإمارات العربية المتحدة إلى الموقف المعتدل لبلدها ومحاربتها للتطرف وخطاب الكراهية"، في إشارة إلى اجتماع خبراء الأمم المتحدة مع السلطات الإماراتية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021. (ويمكن تعضيد فرضية حضور المال السياسي كذلك بالنظر إلى مواقف الميليشيات المسلحة في الأزمة السياسية السودانية قبيل وبعد انقلاب (25 أكتوبر 2021)، حيث يقول نائب رئيس هيئة الأركان المتحدث الرسمي الأسبق للقوات المسلحة السودانية الفريق ركن محمد بشير سليمان،  أن اتفاق جوبا للسلام بكل أبعاده وأهدافه لم يكن ذا بعد وطني أو قومي يعضد أهداف ثورة ديسمبر، وأن بعض الحركات المسلحة تنسّق مع المكوّن العسكري، ظهر ذلك في إقامة الاعتصام ورفعه والدعم الكبير الذي وفرته هذه الحركات للانقلاب العسكري خلاف كل مكوّنات الشعب السوداني.13ما أبعاد تحالف المكون العسكري والحركات المسلحة في السودان؟ موقع الإندبندنت بالعربية، بتاريخ: 11/10/2022، على الرابط: https://www.independentarabia.com/ وبالنتيجة فإن المال السياسي استُخدم لتقوية الخصم المناوئ للتحول الديمقراطي وهو المكوّن العسكري، وذلك بشراء ولاءات الميليشيات المسلحة وإعادة توظيف حضورها السياسي لصالح المكوّن العسكري في إطار إجهاض عملية التحول الديمقراطي.

بدوره أشار الكاتب (الجميل الفاضل) إلى صفقة وقعت بين الميليشيات المسلحة والمكوّن العسكري أعلن عنها مني اركو مناوي كمفاوض عن الميليشيات إلى جانب الاتفاق الرسمي، ومضمونها؛ وقوف الحركات إلى جانب العسكريين بعدم المساس بالشركات الأمنية، وعدم تسليم رئاسة مجلس السيادة للمدنيين، وعدم تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، في مقابل مكاسب مالية ونصيب معتبر في السلطة والثروة.14نفس المصدر. وبالفعل لم ينفذ من اتفاقية سلام جوبا إلا الجانب الخاص باقتسام السلطة، فتولى قادة الحركات وزارات القطاع الاقتصادي كاملة بما فيها وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وزارة الطاقة، وزارة الموارد المعدنية. وهذه الوزارات تمثل ما قيمته (95%) من إيرادات الحكومة، هذا إلى جانب وزارة الحكم الاتحادي والرعاية والضمان الاجتماعي. واُهمل باقي الاتفاق بينما نفذت كافة بنود الصفقة.

ومع هذا، نجد أن بعض الحركات أعلنت معارضتها لانقلاب 25 أكتوبر وصرحت علانية برفضها للانقلاب وأنها لم تكن مشاركة في عملية التحشيد والتعبئة التي سبقته (اعتصام القصر)، مثل (حركتي الهادي إدريس والطاهر حجر وانقسام الحركة الشعبية جناح مالك عقار).

السيطرة على وسائل العنف

تتنوع السيطرة على تنظيم العنف بين مركزية بالكامل، أو موزعة بين المؤسسات الحكومية (الجيش النظامي، والأمن الوطني، والشرطة، والحرس الرئاسي)؛ ولامركزية عبر المجتمع (لتشمل الميليشيات والمتمردين والحراس والعصابات الإجرامية). الرؤساء التنفيذيون السياسيون الوطنيون يلجؤون إلى إنشاء مؤسسات أمنية منقسمة ومتنافسة في محاولة لإطالة عمر أنظمتهم.15de Waal, The Real Politics.

بالنظر إلى خارطة توزيع القوى التي تسيطر على وسائل العنف في السودان خلال السنوات العشر الماضية، نجدها لامركزية بدرجة كبيرة، حيث توزعت بين مؤسسات المجتمع. فنجد الميليشيات المسلحة تُحكِم قبضتها على مساحات شاسعة من الأرض، وهي تعمل لحساب النظام الحاكم. كما نجد ميليشيات المتمردين أيضًا تحكم مناطق كبيرة جدًّا. كما تسيطر العصابات على مناطق بعيدة عن قبضة القوات النظامية لتستغل الأرض في زراعة الممنوعات والتهريب إلى الداخل والخارج. على مستوى المؤسسات الحكومية أيضًا، ظلت القوى المسيطرة على وسائل العنف منقسمة ومتنافسة في ما بينها، وقد تم بناؤها بشكل يمنع تحرك أي قوى منفردة ضد النظام الحاكم. فنجد القوات المسلحة ينافسها في الاختصاص ميليشيات الدعم السريع وهيئة العمليات في جهاز المخابرات والأمن الوطني، وقوات الدفاع الشعبي (مؤسسة إيديولوجية شبيهة بالحرس الثوري الإيراني). كما أن قوات الأمن تجد منافسة من الأمن الشعبي. كل هذه الأجهزة قامت على مبدأ المنافسة والعمل الموازي. فنظام المؤتمر الوطني قد أنشأ أجهزة دولة موازية تتمتع بنفوذ وقوة اقتصادية كبيرة.16أبوماجدة، عبدالمجيد (ديسمبر2022) السيطرة على وسائل العنف: أبوبكر، أسامة عبدالرحمن، جلسة نقاش، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان، الباحث، الخرطوم، السودان. هذا الانقسام ساهم في الاتجاه لإنشاء الميليشيات، كونه خلق فرصة للعمل على التناقضات بين هذه الأجهزة المتنافسة. وكما أن الأجهزة الموازية كانت تعمل تحت نفوذ أفراد ومراكز قوى، وتخضع لجماعات وليس لمؤسسات الدولة. وبالتالي فإن مبدأ عملها ليس بعيدًا عن الفكر الميليشيوي.

بعد سقوط نظام البشير، دعت قوى إعلان الحرية والتغيير إلى مؤتمر جامع لقضايا السودان الذي تشارك فيه كل القوى المناهضة لنظام الأخوان، إلا أن الميليشيات المسلحة رفضت ذلك وفضّلت الدخول في مفاوضات مع حكومة الفترة الانتقالية بحجة خصوصية قضايا المناطق المتأثرة بالحرب، وقد استفادت من وضع توزيع القوى المحتكرة للعنف في إبقاء ميليشياتها المسلحة تحت أمرتها مع اكتسابها شرعية قانونية في المناطق التي تسيطر عليها، فأصبحت تنفذ أعمال السلب والنهب بقوة الدولة. وللمفارقة، لم تسلم منهم حتى مخازن المؤن الغذائية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة والوكالات الدولية ومقرات البعثة الأممية الخاصة بحفظ الأمن في مناطق دارفور.17موقع الأمم المتحدة على الإنترنت، بتاريخ 11 أكتوبر 2022، على الرابط: https://news.un.org/ar/story/2021/12/1090482 وبذلك تعززت شبكاتهم الأمنية، وتحولوا من برنامج إعادة الدمج والتسريح إلى القوات المشتركة لحماية المدنيين كما تسمّى. فبرنامج إعادة الدمج والتسريح يقضي بتجميع قوات الميليشيات وترتيب أمر دمج عناصرها في الجيش والشرطة والأمن حسب القدرات الشخصية ويُسرّح الباقون وفق برنامج يؤهلهم للانخراط في الحياة المدنية، ولكن ما جرى حتى الآن هو الاعتراف بالميليشيات كقوات حكومية تقوم بتنفيذ مهام الجيش والشرطة والأمن في مناطقها بالاشتراك مع وحدات رمزية من القوات الحكومية الرسمية. وبذلك تعززت سيطرتهم الأمنية على مدن لم يستطيعوا دخولها عبر الصراع المسلح.

يتقاطع متغير السيطرة على وسائل العنف مع سياسات الهوية. فالشكل الأكثر تميّزًا هو القبلية العسكرية، حيث تتشكل الجماعات المسلحة على أساس المحسوبية والقرابة، وعندما يقوم زعيم أو مقاتلون بتمرد، فإن من يُقتل أولاً هم أعضاء في قبائل أخرى - تجار أو مسؤولون من مجموعات عرقية أخرى، ومجتمعات مجاورة - ويأخذ الصراع طابعًا عرقيًّا والقتال في حد ذاته يعزز الروابط العرقية).18de Waal, The Real Politics. وتتكون الميليشيات المسلحة في السودان جميعها من بنية قبلية بحتة، فكل حركة مسلحة تبني عمادها الرئيسي على قبيلة محددة ومن ثم تستقطب بعض القبائل الأضعف لزيادة النفوذ بهذه التحالفات.19محجوب، الطيب (أكتوبر2022) السيطرة على وسائل العنف وسياسات الهوية، أبوبكر، أسامة عبدالرحمن، جلسة نقاش، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان، الباحث، الخرطوم، السودان.

انعكست البنية الهيكلية للميليشيات المسلحة القائمة على المحسوبية القبلية في الابتعاد عن مقاربات الحلول المؤدية إلى احتكار المؤسسات الرسمية للعنف عندما طُرحت مسألة الترتيبات الأمنية في مفاوضات جوبا للسلام، لأن ذلك سيؤدي إلى إنهاء الظاهرة الميليشيوية وبالتالي خسارة زعماء الميليشيات المكاسب الاقتصادية، لذلك فضلت العملية التفاوضية التي تعترف ببقاء وازدهار هذا النشاط، متخذة من نموذج ميليشيات الدعم السريع في علاقتها بالمؤسسة العسكرية نموذجًا يُحتذى به، وبالتالي الاتساق مع مقاربة توزيع السيطرة على وسائل العنف عبر المجتمع، والعمل بنظام القوات المشتركة. وهذا النموذج يتماشى مع مصالح الأنظمة العسكرية التي لا تفضل دمج القوات القبلية ذات الولاء القائم على العصبية.

كما أن البنية القبلية لميليشيات الحركات المسلحة تناقضت مع خطابها السياسي وتصوراتها لشكل الدولة والنظام السياسي الذي تدعو إليه، فالنظام القبلي لا يتماشى مع دولة المواطنة والنظام الديمقراطي، ما يؤكد أن هذه الميليشيات لا تأخذ مبدأ تطبيق النظام الديمقراطي كأسلوب لإدارة الصراع السياسي، لذا عمدت إلى مهاجمة الأنشطة السياسية لقوى سياسية وطنية وأبدت قلقها من انفتاح المجال العام عقب توقيع اتفاقية جوبا للسلام، وذلك بتحشيد أعضائها لمهاجمة الندوات والفعاليات السياسية التي نظمتها القوى المدنية عقب الثورة (الحرية والتغيير – الفاشر 1 سبتمبر 2019، حزب الأمة – نيالا 2020، المؤتمر السوداني – نيالا 2022، حزب الأمة في ولاية غرب دارفور الجنينة)،20   قراءة سياسية تحليلية: حسن اسحق، موقع الراكوبة على الرابط: https://www.alrakoba.net/ خوفًا من تقلّص نفوذها وتآكله على مستوى الإقليم.

وسائل تنظيم الخلافات السياسية

يُقصد بها مجموعة القواعد والمعايير والآليات التي تنظم التفاوض وفضّ المنازعات. تختلف المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في القواعد والمعايير والآليات لحلّ النزاعات السياسية حسب درجة تنظيمها. حيث يتم تنظيم بعض المجتمعات بشكل أكثر صرامة من غيرها، عن طريق القانون واللوائح، أو عن طريق الأعراف الاجتماعية. تفضل الميليشيات المسلحة في السودان اتباع نظام الأعراف الاجتماعية في فضّ نزاعاتها مع الأطراف الأخرى بسبب طبيعة تكوينها القبلي وضعف درجة التنظيم داخل مؤسساتها، وهذه السمة لا تتوافر في ظل الأنظمة الديمقراطية المحكومة بالقوانين واللوائح والمحكمة التنظيم. فالميليشيات تفضل الأنظمة الدكتاتورية فاقدة الشرعية، لأنها لا تتقيد بالقوانين الصارمة لضعفها وهشاشتها، وتستعيض عن ذلك بالنظام العرفي الذي يحافظ على النظام في ظل عملية مستمرة من إعادة التفاوض كلما تغيرت توازنات القوى وقواعد اللعبة.

من أبرز الأمثلة على استخدام الأعراف في حل النزاعات هو الخلاف الذي وقع بين قائد الانقلاب وزعيم ميليشيا الجنجويد (الدعم السريع) حول إعادة إدماج فلول نظام البشير الساقط في أجهزة الدولة، حيث قاد بعض رجال الإدارة الأهلية وساطة لحل الخلاف بين الطرفين.21مساعٍ لرأب الصدع بين البرهان وحميدتي... الإدارة الأهلية تتوسط لطي الخلافات بين البرهان وحميدتي، صحيفة الجريدة، على الرابط: https://sudanile.com/

الاندماج في الاقتصاد السياسي العالمي

على نحو متزايد، جرى دمج السوق السياسية عالميًا، ليس فقط من خلال مؤسسات العولمة الرسمية، ولكن أيضًا من خلال تدفقات الريع. تعتبر العلاقة بين الاستثمار الأجنبي (خاصة في قطاع المعادن) والممارسات التجارية التي تنطوي على تحويل الأرباح وتداول الأموال العامة في الميزانيات السياسية، إحدى الآليات الرئيسية لتحريك السوق السياسي لزعماء الميليشيات المسلحة. وهنالك آلية أخرى هي التعاون الأمني ​​الغربي؛ فبقدر ما يكون عدم الاستقرار السياسي والفساد والعنف المزمن نتاجًا لسوق سياسي ريعي، فإن هذه البلدان تولّد تهديدات للغرب، بما في ذلك الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية. بدورها تتضمن السياسات الأمنية الغربية دفع أموال للحكومات لمكافحة هذه التهديدات. ومثل هذه المساعدة والتمويل يدخلان في الميزانيات السياسية الريعية مع زيادة سعر الولاء، وبالتالي تكثيف الظروف ذاتها التي يتم بموجبها استمرار التهديدات.22de Waal, The Real Politics.

يعتبر متغير الاندماج في الاقتصاد السياسي العالمي أحد العوامل الرئيسة التي تدفع بالميليشيات المسلحة إلى التحالف مع الأنظمة الدكتاتورية وتبتعد عن الأنظمة الديمقراطية، والحالة السودانية تكشف هذه المقاربة بشكل واضح. وإذا تناولنا نموذج ميليشيات الجنجويد (الدعم السريع)، نجد أنه حقق مكاسب اقتصادية كبيرة من خلال التعدين وذلك بالسيطرة على مناطق غنية بمعدن الذهب في منطقة (جبل عامر) بإقليم دارفور واحتكاره بالقوة الجبرية وطرد قوات الشرطة السودانية من المنطقة، وبناء شراكات مع شبكات دولية في عمليات التعدين والتهريب مثل شركة (فاغنر الروسية)، وأصبح هذا النموذج يحتذى به من قبل الميليشيات السودانية الأخرى، حيث تحولت إلى نشاط التعدين والتهريب عبر السيطرة على المناطق الغنية بالمعادن من أجل التنقيب، ولعل هذا السلوك يفسر عودة عمليات القتال في مارس 2022 ومهاجمة القرى في دارفور بعد توقيع اتفاق جوبا للسلام، فكان دافع الميليشيات هو طرد السكان من مناطقهم الأصلية من أجل تهيئة الأرض للتعدين والتفتيش عن الذهب، كما هو الحال في الهجوم على جبل مون، ومنطقة بليل.

هنالك دافع آخر متعلق بالاندماج في الاقتصاد السياسي الدولي يتمثّل في حروب الارتزاق. فالأنظمة الدكتاتورية تتيح إمكانية بناء مصالح جديدة قائمة على الفساد ودون إطار قانوني، وهنا يمكننا الإشارة إلى صراع المحاور الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ استطاع المحور الإقليمي بقيادة (الإمارات العربية المتحدة) جلب المقاتلين المرتزقة من ميليشيات قوات الدعم السريع للقتال في اليمن مقابل المال، وقد بلغ عدد المرتزقة من ميليشيات الدعم السريع (حوالى أربعين ألف جندي في ذروة الحرب 2016-2017)23تصريح قائد قوات الدعم السريع: العربي الجديد على الرابط: https://www.alaraby.co.uk/ كأكبر قوة من دولة واحدة حسب تصريح صحفي لقائد ميليشيات الدعم السريع (محمد حمدان دقلو). وكذلك في إطار صراع المحاور الإقليمية استخدمت ميليشيات من دارفور من أجل القتال في ليبيا لصالح قوات اللواء خليفة حفتر على النحو الذي جاء في تقرير الأمم المتحدة.24تبار، الفاتح جمعة (أكتوبر2022) الاندماج في الاقتصاد السياسي العالمي، أبوبكر، أسامة عبدالرحمن، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان، الباحث، الخرطوم، السودان.

كذلك أسهم التمويل الدولي المرتبط ببرامج مكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة تهريب المخدرات في ازدهار ظاهرة الميليشيات المسلحة، وتفضيلها النشاط في ظل أنظمة سياسية دكتاتورية فاسدة. فقد تلقت ميليشيات الدعم السريع تمويلًا من الاتحاد الأوروبي في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية، ما عزز من تنامي الظاهرة نفسها في إطار الاستفادة الاقتصادية من مهربي البشر وإرسال رسائل التخويف في حال تردد الاتحاد الأوروبي في التمويل.25حميدتي يشترط الشرعية والمال لوقف الهجرة إلى أوروبا، موقع أعاين على الرابط: https://3ayin.com/

وصرح محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع أنهم كقوات دعم سريع يتعاونون حصراً مع إيطاليا في مجالات مكافحة الإرهاب والهجرة.26  برنامج مؤتمر إذاعي بثته الإذاعة السودانية يوم الجمعة 29 يوليو 2022. وسبق لحميدتي زيارة إيطاليا يوم 9 فبراير 2022 لعقد لقاء مع ممثلي أصحاب المصلحة الدوليين (تركيا وإيطاليا وممثل لحلف الناتو)، وقدم لهم قائمة طلبات لأخذ معدات عون فني ودعم استراتيجي منها طائرات درون التي قال إنه يحتاجها لعمليات مراقبة وضبط الحدود ووقف تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وتمت الموافقة عليها.27وكالة مونتي كارّو (متخصصة في التحقيقات) https://web.facebook.com/monticarro/?__cft__[0

وأفاد تقرير الأمم المتحدة حول المقاتلين الأجانب في ليبيا بأن (الجماعات المسلحة الدارفورية، وإلى جانب كونها من المقاتلين المرتزقة لمختلف الفصائل الليبية، فهي ضالعة أيضًا في توفير الحماية والمرور الآمن لتجار البشر، واختطاف المهاجرين للحصول على فدية، وتهريب أسلحة ومخدرات وسيارات). وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مقره جنيف)، في 25 ديسمبر2022، إن ثمة "انتهاكات مروّعة لحقوق الإنسان" ارتكبها "مرتزقة سودانيون" يقاتلون في ليبيا إلى جانب قوات حفتر، متهمًا الإمارات بالتعاقد معهم.28تقرير أممي: دعم الإمارات مرتزقة في ليبيا يقوّي الحركات المسلحة في دارفور،  https://www.securitycouncilreport.org/

هذا الشكل من أشكال السوق السياسية المتقدمة هو شكل معاصر للحكم، وليس بقايا قديمة أو نظامًا انتقاليًا مقدرًا أن تحل محله دولة، بل هو مرن وديناميكي. كما أنه نتاج التاريخ الحديث، وتحديداً العولمة الاقتصادية والسياسية وتسييل توفير السلع والخدمات العامة، لا سيما الأمن. هذا الكم الهائل من المصالح الاقتصادية للميليشيات المسلحة ارتبط الحفاظ عليه بدعم الأنظمة الفاقدة للشرعية ومقاومة أي انتقال إلى نظام ديمقراطي يسود فيه حكم المؤسسات ويطبق القانون، ما يعرّض هذه المصالح للفناء.

مصالح وامتيازات نخب الميليشيات المسلحة

استطاع قادة الميليشيات في السودان بعد التحالف مع العسكريين من شركاء الفترة الانتقالية الحصول على امتيازات سياسية كبيرة بعد أن نفذوا انقلابًا عسكريًّا على حكومة الفترة الانتقالية، حيث حصل قادة الميليشيات على مناصب سياسية مكنتهم من الحصول على امتيازات مالية ضخمة في وزارات المالية التى استخدمت لإصدار إعفاءات جمركية كبيرة لصالح عناصر الميليشيات، بل وصل بهم الأمر إلى استخدام مطار الخرطوم لتوريد شحنات المخدرات وبمكاتبات رسمية وليس بالتهريب، كما سيطروا على مصادر الدخل الأساسية كوزارة المعادن ووزارة الثروة الحيوانية وديوان الضرائب، الأمر الذي حول الميليشيات إلى أمبراطوريات مالية.29بكري الصائغ، شهد شاهد من أهلها: حركة مسلحة استوردت مخدرات (ترامادول) لتحسين أداء تمارين الجنود!!، على الرابط: https://www.alrakoba.net/31800715/

بالمقابل كانت تكلفة الانقلاب عالية على الشعب السوداني ومجتمعات النزوح واللجوء، حيث قطع الانقلاب كل المساعدات الإنسانية والخطط التنموية التي اتفق السودان مع الشركاء الدوليين كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي انعكس على الشعب وأصحاب المصلحة بشكل سلبي، وازداد البؤس في مناطق النزاعات بشكل غير مسبوق.

القادة العسكريون الذين نفذوا الانقلاب بالتحالف مع الميليشيات كان دافعَهم أطماعٌ سياسية لحكم البلاد عبر القبضة العسكرية. وكانت حاجتهم إلى قاعدة اجتماعية لمشروع حكمهم الجديد، هي التي دفعتهم إلى هذا التحالف. كما هدفوا إلى تقديم نسخة جديدة من نظام  الأخوان المسلمين، وتأمين مكاسبهم الاقتصادية عبر الانخراط في عمليات الارتزاق في اليمن، وعمليات التعدين والتهريب إلى روسيا التي استطاعت تقوية مخزونها من الذهب عبر السيطرة على ذهب السودان.30الموقع الإلكتروني لشبكة cnn بالعربية، بتاريخ: 11 أكتوبر2022، على الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2022/08/01/russia-gold-sudan-timeline-infographic واستمرار الدور السياسي للجيش في حكم البلاد.

أسباب الصراع المسلح بين قائدي الجيش والدعم السريع

اندلع صراع مسلح عنيف بين قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو شريكه في الانقلاب العسكري على حكومة عبدالله حمدوك الانتقالية في 15 أبريل 2021. هذا الصراع الدموي خلف أكثر من 850 قتيلاً مدنيًّا و250 ألف لاجئ ومليون نازح، وخلّف كارثة إنسانية بعد أن انتهك الطرفان القانون الدولي الإنساني باحتلال المشافي وقصفها.31  اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، تصريح لموقع بي بي سي، على الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2023/05/21/news-death-toll-in-sudan-rises-to-850 كما تعرضت عمليات المساعدات الإنسانية للنهب، وفشلت كل التزامات الهدن من أجل إيصال الإغاثة الإنسانية.

المال السياسي كمحرك للصراع

الصراع المسلح العنيف الذي اندلع بين قائد الجيش والدعم السريع لا يمكن تحليله وفهم أسبابه بعيدًا عن مقاربة السوق السياسي. فبعد أن تشارك القائدان السيطرة على الحكم عبر انقلاب عسكري نفذاه ضد حكومة عبدالله حمدوك الانتقالية في 25 أكتوبر 2021، أدار القائدان العلاقة في ما بينهما وفق متغيرات وهي:

التمويل السياسي كمحفّز للصراع

كان للمال السياسي دور بارز في تحديد اتجاه العلاقة بين القائدين، فقائد الدعم السريع يسعى لتوسيع أمبراطوريته المالية عبر المزيد من السيطرة على مورد الذهب الذي لعب دورًا محوريًّا في توثيق العلاقة بين قائد الدعم السريع ودولة الإمارات التي يُصدّر إليها عبر التهريب والشراء المباشر، حيث اشترت الإمارات كامل إنتاج السودان للنصف الأول من العام 2022.32  بيان بنك السودان المركزي، وكالة أنباء الإمارات، على الرابط: https://uae71.com/posts/101975 هذه العوائد الكبيرة استفاد منها قائد الدعم السريع في إعادة بناء ميليشياته وإضفاء مزيد من الطابع المؤسسي عليها، وكذلك الدخول في مجالات جديدة مع قائد شركة فاغنر الروسية للخدمات الأمنية والتى استفادت أيضًا من عمليات تهريب الذهب مقابل تقديم خدمات تدريبية وتسليح للدعم السريع، وكذلك بناء شبكة علاقات دولية تمكن عبرها من زيارة روسيا في فبراير 2022 وإجراء مباحثات مع وزير خارجيتها بل وتأييد روسيا في حربها ضد أوكرانيا.33  وكالة رؤية الإخبارية، حميدتي وفاغنر.. هل تقف روسيا وراء اشتباكات السودان؟ على الرابط: https://roayahnews.com/

أما قائد الجيش، فقد كان يسعى إلى الحصول على المال السياسي من أجل تمويل مشروعه وهو السيطرة على حكم السودان الذي ظل يجد مقاومة متزايدة من الشعب وضغطًا دوليًّا كبيرًا من أجل خروجه من العملية السياسية. فقد حصل البرهان على المال السياسي من خلال الاستحواذ على حوالي 82% من المال العام في السودان34  إندبندنت عربية، الدور الأمريكي في المستفبل السوداني، على الرابط: https://www.independentarabia.com/node/179926 عبر شركات تجارية تتبع للجيش ولا يتم الإفصاح عن أرباحها، ولا تُراجع من قبل المراجع العامة للدولة، كما لا تقدم أي مبلغ للخزانة العامة، وظلت بنود صرفها مجهولة. وظف البرهان هذه الأموال من أجل بناء قاعدة اجتماعية مساندة له تمكنه من الحكم عبر بناء تحالف سياسي من قوى مدنية وجماعات أهلية وناشطين كان يستخدمهم نظام  الأخوان المسلمين بقيادة المعزول عمر البشير.

الصراع على قيادة ميليشيا الدعم السريع

شكلت محاولة البرهان إعادة تنظيم العلاقة بينه وبين محمد حمدان دقلو بصورة تجعل الأخير أحد رجال الأعمال الذين يتحركون تحت سيطرته، وذلك مقابل الحوافز التي منحها له حصوله على ثلث ملكية منظومة الصناعات الدفاعية وتعيينه نائباً له في مجلس السيادة، ورفد ميليشياته بكل سلاح ومقار هيئة العمليات التي تتبع للمخابرات العامة. وما يؤكد أن البرهان كان يعوّل على قوات الدعم السريع في تحقيق أهدافه أنه ألغى المادة (5)35  قانون قوات الدعم السريع للعام 2017. من قانون قوات الدعم السريع. وبموجب هذا الإلغاء فتح المجال أمام قوات الدعم السريع للتجنيد دون رقابة، حيث أصبحت مستقلة تماماً عن الجيش وتتبع رأسًا للقائد العام للجيش وهو رأس الدولة، كما يتبع الجيش أيضًا لرأس الدولة، ولكن العملية السياسية تُلزم البرهان بالخروج من السلطة، لذا استحدث منصبًا جديدًا في الجيش وسمّاه القائد العام وعين نفسه في هذا المنصب، ويريد أن يأخذ الدعم السريع ليتبع للقائد العام للجيش. أما قائد الدعم السريع الذي أصبح يرى نفسه في وضع مكافئ لقائد الجيش، فقد تمسك بتبعية قواته لرأس الدولة بعد أن تأكد من صعود شخصية مدنية للمنصب حتى يضمن تحرره من قيود البرهان.

 الإخفاق في تنظيم وإدارة الخلافات السياسية

اتخذ قائد الدعم السريع وقائد الجيش موقفين متناقضين أثناء جلسات الحوار السياسي مع القوى المدنية الهادف إلى إنهاء الانقلاب العسكري الذي قام به الرجلان. ففي محور دمج القوى العسكرية حاول البرهان إضعاف محمد دقلو بطلب دمج قوات الدعم السريع في الجيش في غضون عامين، بينما حاول محمد دقلو كسب مزيد من الوقت بطلب الدمج في غضون عشر سنوات.36  عبد الحميد عوض، الجيش السوداني والدعم السريع... صراع نفوذ يهدد العملية السياسية، موقع العربية على الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/

قادت هذه التناقضات بين قائد الجيش والدعم السريع إلى البحث عن وسيلة أخرى لإدارة خلافاتهما، فكانت المواجهة المسلحة بين القوتين في العاصمة الخرطوم ومدن الولايات من أجل تغيير توازنات القوى بعد أن فشل التوازن الماثل في إدارة الخلافات السياسية بينهما. يعد هذا الصراع العنيف تغييراً لقواعد اللعبة من أجل الوصول إلى نقطة توازن جديدة بين الطرفين ومن ثم إعادة التفاوض بينهما بناءً على نتائج هذا الصراع.

الخاتمة

إن دراسة سلوك نخب الميليشيات المسلحة يعدّ مفتاحًا أساسيًّا لتحليل جذور الأزمة السياسية، حيث تميل نخب الميليشيات إلى الوضع الشمولي كونه يحقق لها مصالح سياسية واقتصادية باقتسام سلطة مغتصبة بواسطة أنظمة انقلابية تعاني من فقدان الشرعية وانعدام القاعدة الاجتماعية، وهي نقطة ضعف تستفيد منها الميليشيات من أجل تحقيق مصالح سياسية واقتصادية، يدير النظام الدكتاتوري وقادة الميليشيات كرجال أعمال علاقاتهم وفق متغيرات مثل التمويل السياسي، السيطرة على وسائل العنف، وسائل تنظيم الخلافات السياسية، وشروط الاندماج في الاقتصاد السياسي العالمي. وهي المتغيرات الأربعة التي تشتمل على تقاطعات للمصالح بين الطرفين، ما يسهّل عملية إدارة هذه المصالح عبر التنسيق والتحالف، وتكون النتيجة النهائية فوائد للطرفين بينما يديمون نفس البؤس الذي أدى إلى ظهور تلك السياسات في المقام الأول. بالمقابل لا يوفر الدخول إلى النظام السياسي عبر دعم التحول المدني الديمقراطي مصالح نخب الميليشيات، حيث تميل السياسات لمعالجة الاختلالات التي أدت إلى التمرد، وسياسياً لا تحقق الانتخابات مكاسب لقادة الميليشيات، إذ يفتقرون إلى القواعد الشعبية التي يمكن أن يحققوا عبرها مكاسب كبيرة، كما تضطر الميليشيات للتحول إلى قوى مدنية بينما تستطيع المحافظة على وضعها الميليشيوى عند التسوية مع النظام الشمولي الفاقد للشرعية.

استنتجت الدراسة أن سلوك قادة الميليشيات ومصالحهم التي نشأت أثناء فترة الصراع المسلح تعرضت عبر مشروع الانتقال المدني الديمقراطي في السودان للتهديد عند تحقيق السلام عبر تأسيس دولة المؤسسات وحكم القانون وتنظيم تداول السلطة، إذ إن التجربة اثبتت لهم أن ما يمكن أن يجنى عبر البندقية يصعب الحصول عليه عبر صناديق الاقتراع، واستفاد قادة الميليشيات من نظام الشراكة مع العسكر لبناء مشروع سلطوي بديل يحقق مصالح الطرفين عبر التسوية أو التحالف على حساب قضايا المناطق المهمشة وحقوق الإنسان وتحقيق العدالة. إن الصراع المسلح الحالي بين قائد الجيش وقائد الدعم السريع هو خلاف على جني الفوائد السياسية والاقتصادية لكلا الرجلين، ولا يمكن حل هذا الصراع دون وصول الطرفين إلى نقطة توازن جديدة، وعليه توصي الدراسة بالآتي:

  • التفاوض على ملحق لاتفاق سلام جوبا يعالج الاختلالات التي تضمنتها الوثيقة وضبط نصوصه بما يؤسس لدولة المؤسسات والنظام الديمقراطي.
  • أن تكون مرجعيات أي تفاوض والتفويض الممنوح للمفاوضين الرسميين لا يتجاوز دستور الدولة، وكل التسويات تتم وفق المحافظة على دولة المؤسسات والقانون.
  • على القوى الدولية العاملة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب حصر تعاونها مع الأنظمة الرسمية فقط، وعدم تشجيع أي نشاط للميليشيات وإدماجها في أنشطة مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
  • إخراج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي وتجريم الانقلابات العسكرية مع إنهاء ظاهرة تعدد الجيوش داخل الدولة.
  • معالجة وضع قوات الميليشيات على أساس الدمج والتسريح داخل مؤسسات الدولة الرسمية (الجيش، الأمن، الشرطة) وفق برنامج اجتماعي واقتصادي وإعادة تأهيل المسرّحين وإدماجهم في المجتمع.
  • التدقيق في اختيار الوسطاء والمسهّلين لعملية التفاوض ودولة الاستضافة والحذر من المال السياسي عند الدخول في عمليات مفاوضات السلام.

 

 

Endnotes

Endnotes
1 أبوبكر، أسامة عبد الرحمن، جلسة نقاش، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان،  الخرطوم، السودان، كانون الأول/ديسمبر 2022.
2   نوال موسى ابراهيم، الطبيعة السياسية والاجتماعية للميليشيات في العالم العربي: الجنجويد والبيشمركة كحالتين للدراسة، رسالة ماجستير في العلوم السياسية، الأكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك، 2009، ص 16.
3  “Sudan's Bashir Begins Tour of Darfur,” The Washington Post, 22/7/2007, accessed on 7/1/2021, at: https://wapo.st/35kaToR
4   قوات الدعم السريع السودانية: من ميليشيات إلى قوة نظامية (2003-2018)، البدوي عبدالقادر البدوي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، سلسلة تحليلات استراتيجية، رقم 6، أغسطس 2021.
5   لقاء صحفي مع  د شريف حرير، أجراه عيسى دفع الله، صحيفة المواكب، 9/10/2005. https://www.facebook.com/almawakib
6 موقع الجزيرة نت، على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/arabic/2007/10/27/
7 Alex de Waal, The Real Politics of the Horn of Africa: Money, War, and the Business of Power, Polity, 2015 (de Waal, The Real Politics).
8 موقع شبكة العين الإخبارية على الإنترنت، بتاريخ 3 أكتوبر 2022: https://al-ain.com/article/mediation-reveals-uae-in-peace-in-sudan
9 تصريح صحفي لقيادي في الجبهة الثورية (مني اركو مناوي) على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=o8XBNn6BeVg
10 موانئ السودان.. أطماع خارجية للهيمنة بموافقة الانقلابيين، صحيفة مداميك، على الرابط: https://www.alrakoba.net/
11 تقرير أممي: دعم الإمارات مرتزقة في ليبيا يقوّي الحركات المسلحة في دارفور، القدس العربي، على الرابط: https://www.alquds.co.uk/
12 تقرير أممي: دعم الإمارات مرتزقة في ليبيا يقوّي الحركات المسلحة في دارفور،  https://www.securitycouncilreport.org/
13 ما أبعاد تحالف المكون العسكري والحركات المسلحة في السودان؟ موقع الإندبندنت بالعربية، بتاريخ: 11/10/2022، على الرابط: https://www.independentarabia.com/
14 نفس المصدر.
15 de Waal, The Real Politics.
16 أبوماجدة، عبدالمجيد (ديسمبر2022) السيطرة على وسائل العنف: أبوبكر، أسامة عبدالرحمن، جلسة نقاش، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان، الباحث، الخرطوم، السودان.
17 موقع الأمم المتحدة على الإنترنت، بتاريخ 11 أكتوبر 2022، على الرابط: https://news.un.org/ar/story/2021/12/1090482
18 de Waal, The Real Politics.
19 محجوب، الطيب (أكتوبر2022) السيطرة على وسائل العنف وسياسات الهوية، أبوبكر، أسامة عبدالرحمن، جلسة نقاش، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان، الباحث، الخرطوم، السودان.
20    قراءة سياسية تحليلية: حسن اسحق، موقع الراكوبة على الرابط: https://www.alrakoba.net/
21 مساعٍ لرأب الصدع بين البرهان وحميدتي... الإدارة الأهلية تتوسط لطي الخلافات بين البرهان وحميدتي، صحيفة الجريدة، على الرابط: https://sudanile.com/
22 de Waal, The Real Politics.
23 تصريح قائد قوات الدعم السريع: العربي الجديد على الرابط: https://www.alaraby.co.uk/
24 تبار، الفاتح جمعة (أكتوبر2022) الاندماج في الاقتصاد السياسي العالمي، أبوبكر، أسامة عبدالرحمن، الميليشيات المسلحة ومعضلة التحول المدني الديمقراطي في السودان، الباحث، الخرطوم، السودان.
25 حميدتي يشترط الشرعية والمال لوقف الهجرة إلى أوروبا، موقع أعاين على الرابط: https://3ayin.com/
26   برنامج مؤتمر إذاعي بثته الإذاعة السودانية يوم الجمعة 29 يوليو 2022.
27 وكالة مونتي كارّو (متخصصة في التحقيقات) https://web.facebook.com/monticarro/?__cft__[0
28 تقرير أممي: دعم الإمارات مرتزقة في ليبيا يقوّي الحركات المسلحة في دارفور،  https://www.securitycouncilreport.org/
29 بكري الصائغ، شهد شاهد من أهلها: حركة مسلحة استوردت مخدرات (ترامادول) لتحسين أداء تمارين الجنود!!، على الرابط: https://www.alrakoba.net/31800715/
30 الموقع الإلكتروني لشبكة cnn بالعربية، بتاريخ: 11 أكتوبر2022، على الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2022/08/01/russia-gold-sudan-timeline-infographic
31   اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، تصريح لموقع بي بي سي، على الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2023/05/21/news-death-toll-in-sudan-rises-to-850
32   بيان بنك السودان المركزي، وكالة أنباء الإمارات، على الرابط: https://uae71.com/posts/101975
33   وكالة رؤية الإخبارية، حميدتي وفاغنر.. هل تقف روسيا وراء اشتباكات السودان؟ على الرابط: https://roayahnews.com/
34   إندبندنت عربية، الدور الأمريكي في المستفبل السوداني، على الرابط: https://www.independentarabia.com/node/179926
35   قانون قوات الدعم السريع للعام 2017.
36   عبد الحميد عوض، الجيش السوداني والدعم السريع... صراع نفوذ يهدد العملية السياسية، موقع العربية على الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.