المجتمع المدني الجزائري بعد الحراك: استقلالية أم خضوع أكبر لآليات الإحتواء والزبونية

تنشر هذه الورقة ضمن إطار “الزمالة السنوية لغير المقيمين” لدى المبادرة. لقراءة الورقة كاملة يرجى الإضغاط على “حمّل PDF” على يسار الشاشة.

الطلاب والمواطنون الذين يدعمونهم يتجمعون لتنظيم مظاهرة بعد دعوة من الحراك، للاحتجاج على الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 12 يونيو، في الجزائر العاصمة، الجزائر في 16 مارس 2021. © مصعب الرويبي - وكالة الأناضول

مقدمة

يندرج هذا العمل البحثي ضمن إطار مشروع زميل غير مقيم لدى مبادرة الإصلاح العربي لسنة 2021-2022. قدمت هذا الموضوع في خضم الأحداث الكبيرة التي عرفتها الجزائر منذ 2019، حيث انتفض الجزائريون في 22 فبراير 2019 ضد حكم بوتفليقة بطريقة سلمية، عبروا فيها عن توقهم إلى دولة قانون يسودها الحرية، الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لطالما تخوف الجزائريون من الربيع العربي بسبب المآلات التي عرفها في كل من سوريا واليمن ومصر وبأقل درجة تونس؛ إلا أن خوفهم هذا انعكس في سلوكهم الاحتجاجي والمطلبي، فتحلوا بدرجة عالية من السلمية، وتمكنوا من منع بوتفليقة من الموت في كرسي الحكم، وأجبروا القضاء على إطلاق حملة تنظيف واسعة لحقل السلطة من الفاسدين الذين كانوا يتصرفون في الدولة كملكية خاصة.

ومع ذلك، فإن المسار السياسي الذي تمخض عن الحراك لم يحض بالإجماع ولم ينتج تجديد للنخب السياسية، ولا قطيعة واضحة مع الممارسات السياسية التي صبغت النظام السياسي الجزائري منذ الاستقلال.

لدراسة حجم التأثير الذي أحدثه الحراك في بنية النظام السياسي الجزائري، وعمق التغيير الذي قامت به السلطة. سنستخدم مفهوم المجتمع المدني، من خلال دراسة آليات احتواء الحركة الجمعوية واستزلامها. نعتقد أن أحد مؤشرات قياس التغيير هو درجة الاستقلالية التي يتمتع بها المجتمع المدني تجاه السلطة، لأن الحفاظ على تعددية شكلية لم يعد معيارا لقياس الديمقراطية، ولا لتحديد حجم التغيير والقطيعة مع الممارسات الزبونية والعصبوية والجهوية القائمة منذ الاستقلال في الجزائر. المجتمع المدني هو الحامل التاريخي للديمقراطية، ولا يمكن الحديث عن تغيير، أو تحول أو قطيعة، دون استقلاليته. فهل المسار السياسي لما بعد 22 فبراير 2019 يسير في اتجاه تعزيز استقلاليته أم العكس؟ هذا ما تحاول أن تجيب عليه هذه الدراسة.

نتقدم بالشكر الجزيل إلى مبادرة الإصلاح العربي، للمنبر الأكاديمي الذي تقدمه للباحثين العرب لمناقشة مختلف القضايا التي تهم شعوب المنطقة.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.