المأزق السياسي للحركة الكردية السورية

المأزق السياسي للحركة الكردية السورية
كردي يحمل علم حزب العمال الكردستاني في جنازة لمقاتلات كرديات بعد موجهات مع مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" في مدينة كوباني، 2014 © Sedat Suna / EPA

قال أنطوان مالتيه في ورقة جديدة لمبادرة الإصلاح العربي أن سياسة التوسعات الجغرافية للحركة الكردية في سوريا تتضارب مع رغبتها في بناء تحالفات سياسية دولية، وتجعل التعاون العسكري معها مكلفا سياسيا للدول الغربية.

وتدفع الورقة، التي تحمل عنوان "المأزق السياسي للحركة الكردية السورية"، أن وضع الحركة الحالي هو نتيجة لسياسات واستراتيجيات اعتمدتها المجموعة منذ انتفاضة 2011 في سوريا.

ونظراً لافتقارها إلى قاعدة اجتماعية واسعة، فقد بنت الجماعة، والتي يديرها حزب العمال الكردستاني (PKK)، خياراتها على اعتبارات أمنية دفعتها الى تعزيز علاقات متناقضة مع حلفاء مختلفين. فهي قاتلت بالتعاون مع نظام الأسد في سوريا وكانت حليفا رئيسيا في الإئتلاف الدولي لمواجهة ما يسمى "الدولة الإسلامية"، وكان هدفها في نهاية المطاف هو الحصول على الاعتراف الدولي.

ولقد نجح حزب العمال الكردستاني في تعزيز قدراته العسكرية، إلا أنه ظل ضعيفا سياسيا في سوريا، واعتمد نموذج حكم استبدادي صارم يرتكز على المؤسسات الأمنية والمحسوبية الحزبية لضمان استمراره.

النموذج المؤسسي لحزب العمال الكردستاني، والذي استخدم لسنوات في تركيا والعراق، يستقطب منتخبي اللجان المحلية وممثليها، ويضع القوات المسلحة المحلية تحت السيطرة المباشرة لنشطاء الحزب. فالجمعيات والمؤسسات الكردية التي تم إنشاؤها في سوريا وتُقدم رسميا على انها تمثل الشعب الكوردي، هي في حقيقة الواقع تحت سيطرة وإدارة حزب العمال الكردستاني.

وفي حين أن حزب العمال الكردستاني يوضع نموذجه هذا باعتباره الخيار الوحيد، ويسعى إلى تطبيقه في المناطق غير الكردية في سوريا، الا أنه يبقى متزعزع للغاية. فهو يفتقر الى حلفاء دائمين وفرصة لتعزيز قاعدته الاجتماعية، الأمر الذي يجعل نموذجه في الحكم غير مستقر وفي حاجة مستمرة الى التغيير استجابة لتطورات الصراع.

وعلى الرغم من توسعه الجغرافي، يجد حزب العمال الكردستاني نفسه في طريق مسدود في سوريا: فاذا كان الهروب الى الامام على المستوى العسكري هو الوسيلة الوحيدة لحشد دعم الحزب فهو لا يضمن له الاستقرار على المدى البعيد.

كما يفرض انعدام اليقين هذا على الحزب الإبقاء على سياسة ذات طابع أمني بهدف القضاء على كل أشكال المعارضة في مناطق سيطرته؛ خشية أن ينقلب عليه السكان بعد القضاء على تنظيم "الدولة الإسلامية". وفي الوقت نفسه، فإن الحزب يسعى إلى ضمان ربط المناطق السورية الثلاثة التابعة له بأراضي كردستان العراق.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.