السياسة الأورو - تونسية في تدبير مسألة الهجرة النظامية وغير النظامية في البحر الأبيض المتوسط

تم إنتاج هذه الورقة كجزء من مشروع مبادرة الإصلاح العربي: المعرفة كمنفعة عامة

الحرس الوطني التونسي يعترض المهاجرين غير النظاميين الراغبين في الوصول إلى أوروبا قبالة سواحل صفاقس جنوب تونس - 28 أكتوبر 2022. © ياسين غايدي - وكالة الأناضول  © ياسين غايدي - وكالة الأناضول

مقدمة

أعلن وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني يوم 10 كانون الثاني/يناير 2023، أنه طلب من الحكومة التونسية التزاماً قوياً بمكافحة عمليات الهجرة غير النظامية للمهاجرين، وتشجيع عدد أكبر من عمليات الإعادة إلى الوطن وذلك في اتصال هاتفي بنظيره التونسي عثمان الجرندي.

وكأنّ لسان حاله يقول: "تحمون حدودنا كي لا نتجاوز حدودنا! أي أنْ لا نتدخّل في تدبيركم لمسألة السلطة. تحمي حدودنا كي نعترف بنظامك.  سواء أكان ذلك السكوت عن الدكتاتورية أو دعم نظام حاكم ما".

إذن السلطة في تونس اليوم تخاطب حكومات الشمال مقايضة إياها: الهجرة مقابل الديمقراطية؟

فالقبول بسياسة تشديد الإجراءات لنيل تأشيرات السفر (الهجرة النظامية) في تونس من قبل سفارات ووكالات الدول الأوروبية، ثم القبول بحراسة الحدود (منع الهجرة غير النظامية أمنياً براً وبحراً، والقبول بتصدير الحدود الأوروبية وتوسيعها نحو تونس (استقبال المرحَّلين وتجميعهم في تونس)، يجعلنا نعتبر أن تدبير مسألة الهجرة في تونس ليس إلا امتداداً لتطبيق سياسة أوروبية في التعامل مع تدفّق المهاجرين، النظامي منه وغير النظامي، سياسة الجدار العازل الذي يبدأ في جنوب المتوسط ليفصله عن شماله.

فعلياً هناك سياسة واضحة متّبعة بين حكومات الاتحاد الأوروبي من جهة وتونس من جهة أخرى، تكون فيها الجاذبية الانتخابية للأحزاب في إيطاليا وفرنسا مثلاً، مرتبطة بسياسات الهجرة، وبقاء وقوة أي نظام في الحكم في تونس، دكتاتورياً كان أم ديمقراطياً، وحسب قوته، مرتهن (إلى جانب عدة عوامل داخلية وخارجية/جيو - سياسية)، بتطبيقه (لنيل الدعم والمساندة) للسياسة الأوروبية التي تبدأ في بلدان الرحيل مروراً ببلدان الترحيل وصولاً إلى بلدان تقبل بعودة المرحَّلين.

حلقة مفرغة، لكنها مليئة بممارسات معادية لكل الحقوق الفردية منها والجماعية، ومعادية حتى للاتفاقيات الحقوقية العالمية ناهيك عن عدم اتساقها مع المنطق والعقلانية.

فالهجرة بشكليها، النظامي وغير النظامي، ناتجة عن سعي الإنسان لتحسين ظروفه. هذه الظروف المتّسمة بالهشاشة في دول الجنوب، مسؤولة عنها بقدر كبير دول الشمال. إذاً الحل سياسي واقتصادي واجتماعي في الأساس. أما الحل الأمني، المتّبع منذ عقود، لم ولن يساهم إلا في زيادة العوامل الطاردة لسكان جنوب المتوسط وجنوب الصحراء.1هذه المقاربة تسمى في أدبيات الهجرة، مقاربة " أمننة الهجرة". لمزيد من المعلومات، أُنظر/ي:Gabrielli, Lorenzo. « Les enjeux de la sécurisation de la question migratoire dans les relations de l'Union européenne avec l'Afrique. Un essai d'analyse», Politique européenne, vol. 22, no. 2, 2007, pp. 149-173.

هذا التحليل قد يبدو منطقياً للباحثين والفاعلين المهتمين بحقوق الإنسان، والذين يعتبرون أمن الكوكب بأسره مرتبطاً حتماً بمدى الاحترام الجماعي لهذه الحقوق.

لكن، ومع ذلك، أجمعت غالبية الأنظمة الحاكمة منذ عقود على جعل سياساتها تقوم على حساب هذه الحقوق، حقوق الغالبية، لصالح حق أقلية حاكمة مسيطرة على كل الموارد، في إشباع رغبة تكديس ثروات لا تُحصى ولا تُعدّ في جانب واحد من العالم.

هل يوجد اتفاق بين أنظمة الشمال والجنوب محوره تحكّم تام في تدفق الهجرة بأنواعها وذلك عبر مقاربة "أمنوية" لا تراعي حقوق الإنسان وحقه في العيش الكريم والعمل والتنقل، وصولاً إلى حقه في الحياة أصلا؟

الإجابة هي نعم، ويتبين هذا الاتفاق من خلال واقع الهجرة بين الضفتين، واقع يرسمه أبارثيد عنصري تحرسه البوارج الحربية ومراكز الاحتجاز، كما تحرسه تأشيرات لا تعطى، وسفارات موصدة أبوابها، وحكومات لا تسمع إلا ما يعجبها.

لكن هذه الإجابة، عبر صعوبة النفاذ للمعطيات الأولية، كانت صعبة المنال وجعلتنا نتتبع كل ما سهت السلطات التونسية عن حجبه والتكتم عنه. إذ فعليا، وعلى عكس المركزية الغربية، لا توجد جهات رسمية يمكن أن نخاطبها كباحثين لمناقشة السياسات. لذلك تتبعنا، طيلة هذه الورقة، التفاصيل والمعطيات التي سقطت عبر شبكة التعتيم الاورو- تونسية. ربما السياسة الأولى التي يمكن أن نتحدث عنها قبل سياسة تصدير الحدود، هي سياسة التعتيم حول كل ما له علاقة بكيف تدبر السلطات، من الضفتين، المسألة الهجرية.

فعلياً على أرض الواقع

الدولة التونسية لا تتحمل مسؤولياتها المترتبة عليها بموجب معاهدة جينيف 1951 وبروتوكولها المعدّل 1967. فالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أمام الأزمة الإنسانية المتصاعدة، لا تقيم أي حوار أو نقاش مع اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس، وتختار سياسة الأبواب المغلقة والتصريحات المستفزّة لهم.2المصدر: بيان للمنتدى بعنوان ''وكالات أممية للحماية أم أجهزة لإنكار الحقوق''، الرابط الالكتروني: أداء المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تونس، وتحديداً في ولاية مدنين (غياب المساعدات الكافية للاجئين وطالبي اللجوء، وبطء في دراسة الملفات، وقصور في الوصول إلى الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم والدعم القانوني وسبل العيش والدعم المالي والنفسي والاجتماعي) ساهم في تعميق هشاشة وضعيتهم.3المرجع السابق.

لماذا؟ تنفير وطرد المهاجرين وخلق تمثل/شعور جمعي لدى كل من يفكر في الهجرة مفاده أن الظروف سيئة للغاية، وأنهم غير مرغوب فيهم، وفي كل الحالات سيعانون الأمرّين ثم يتم ترحيلهم أو يعودون طواعية.

نتبين في ما يلي، من خلال نموذجين من واقع الهجرة في تونس، كيف تحولت من معبر هجرة إلى معتقل للمهاجرين وكيف ساهمت السياسة "الأمنوية" في تفاقم ظاهرة الهجرة غير النظامية عوض إضعافها.

المقاربات الأمنية وتحوّل المتوسّط إلى "مقبرة مائية": براديغم أمننة الهجرة

خلال تسعينيات القرن الماضي، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين وتوسّع النيوليبرالية المعاصرة، تمّ اعتبار الهجرة امتيازا وليس حقا، وذلك من خلال فرض نظام التأشيرات. وهذا النموذج الذي تستند إليه السياسات الهجريّة مبنيّ على الاحتياجات الاقتصاديّة لبعض البلدان، وبالتالي فهي موجّهة أساسا نحو سوق الشغل. وعلاوة على ذلك، فهي تستند أيضا إلى مبدأ السيادة الوطنيّة في مسائل السياسات الهجريّة.4Piché, Victor, Les théories de la migration, (Paris : Editions Ined, 2013), p,44. ففي نظريّة العلوم السياسيّة والوحدة الثقافيّة لبلدان المقصد، تصبح الهجرة الاقتصاديّة عاملا أساسيا، وذلك لأسباب ثقافيّة بحتة؛ فقد اعترفت كلّ الدول تقريبا بحق كلّ مواطن في التنقّل ومغادرة بلاده وذلك من خلال المادة  13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.5الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولكن تظلّ بلدان المقصد خائفة من المهاجرين نظرا لتداخل اللغة، والدين، والماضي الاستعماري... فالمهاجرون عموما، وغير النظاميون خصوصا، يعتبرون تهديدا للهوية الوطنية الأوروبية، الامر الذي حوّل الهجرة من ظاهرة اقتصادية إلى مسألة أمنية يحللها المهني الأمني "ديدي بيغو" بطريقة جيّدة عندما يقول: "الهجرة مشكلة أمن كبرى بالنسبة لأوروبا، ليست مجرد ملاحظة فقط، بل هي قوّة صيغة مضمون الكلام التي تغيّر المدلول الاجتماعي لمفهوم الهجرة، وتحولها بقوّة المفردات إلى مسألة أمن تحل بوسائل خاصّة."6حموته، فاطمة، "أمننة الهجرة غير الشرعية في المنطقة المتوسطية: المفهوم والنظرية وقضية الراهن"، مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، العدد 22، 2019، ص 11: jilrc.com.

بهذا المعنى، فإنّ الهجرة قد تحوّلت إلى قضيّة أمنية، وصارت الهجرة غير النظامية هي عملية إجرامية في نظر السياسات الأوروبية التي خلقت جدران العزل. وظهر مفهوم الأمننة أول مرّة في مدرسة كوبنهاغن، وهو يعني تحويل أي موضوع إلى قضيّة أمنية، بحيث يقدّمها الفاعلون على أنّها تهديد لوجودهم ويتقبلها الجمهور.7مشري، مرسي، "أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات"، مجلّة سياسات عربية، العدد 15، تموز/ يوليو، 2015، ص 61- 72، ص 63.

يؤكد المؤرخ وعالم السياسة البريطاني وأحد رواد مدرسة كوبنهاغن، باري بوزان (Barry Buzan)، أنّ إضفاء الطابع الأمني على مجال معيّن يتم عبر عملية خطابية لغوية، إذ يعمل هذا الخطاب على الاستدلال بوجود تهديد يمس البقاء المادي والمعنوي لمرجعية أمنية ما، قد تكون الفرد، أو الجماعة، أو الدولة، أو الهوية.8كريم، يوسف، "تحولات الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. حالة المغرب نموذجا"، برلين: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، مارس 2021، ص 27.  وهكذا يتمّ اعتبار الهجرة في الخطابات الحجاجية في السياسة الأوروبية كمصدر أو على الأقل كعامل لتفاقم المشاكل الاجتماعية الرئيسية المعاصرة.9- Tsoukala, Anastassia, « Le traitement médiatique de la criminalité étrangère en Europe », Déviance et société, vol 26, (2002) : pages 61 à 82. P 61.

كما اتسع حقل الدراسات الأمنية بعد الحرب الباردة بفضل بوزان ومقاربته التوسعية: "إذ ميّز بين خمسة قطاعات: عسكري، سياسي، اقتصادي، مجتمعي وبيئي، ما ساهم في إدخال تهديدات أمنية جديدة. حيث أنّ توسيع أجندة الدراسات الأمنية جعل من الهجرة تدخل حيّز الدائرة الأمنية كمسألة أمنية عابرة للحدود وتتعلق بأحد القطاعات الحساسة التي طرحها بوزان وهو قطاع الأمن المجتمعي".10حموته، فاطمة، "أمننة الهجرة غير الشرعية في المنطقة المتوسطية".

أصبحت الهجرة غير النظامية قضية أمنية وذات أولوية بالنسبة للحكومات الأوروبية خاصّة في سياق تزايد موجات الهجرة غير النظامية بذريعة أنّ المهاجرون يمثلون تهديدا سافرا للأمن المجتمعي الأوروبي "عبر استخدام خطاب عدائي يربط بين المهاجرين ومشاكل البطالة والجريمة المنظمة بكل أنواعها وتجارة المخدرات والتهديدات الإرهابية، وهو ما دفع الدول الأوروبية إلى تعزيز جهودها الهادفة إلى أمننة الظاهرة من خطر المساس بالانسجام الاجتماعي الأوروبي وتآكل الهوية الوطنية وعدم الاستقرار السياسي والأمني، كما تحولت الهجرة أيضا إلى تحدي يهدد الأمن الوظيفي للأوروبيين".11بوستي، توفيق، "أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي"، المعهد المصري للدراسات، دراسات سياسية، 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ص 14.

في السياق نفسه يساهم الإعلام في تعزيز مقاربة الأمننة، إذ يعتبر العديد من الباحثين الألمان أنّ الهجمات على طالبي اللجوء في مدينتي هويرزوردا Hoyerswerda وروستوكRostock  الألمانية في مطلع التسعينيات لا يمكن فصلها عن المعالجة الإعلامية لمسألة الهجرة والتي أدت على وجه الخصوص خلال هذه الفترة وفقا  لأناستاسيا تسوكالا إلى تفاقم العداء تجاه المهاجرين إلى درجة أنّ اليمين المتطرف توصل إلى الاعتقاد بأنهم إذا هاجموا الأجانب فسوف يتمتعون بتعاطف جزء كبير من السكان الأوروبيين.12- Tsoukala, Anastassia, « Le traitement médiatique de la criminalité étrangère en Europe », p 64. وعلاوة على ذلك فقد اعترف مسؤول كبير في نقابة الصحفيين الألمان بالمساهمة غير المباشرة للصحفيين في زيادة الاعتداءات العنصرية في ألمانيا وقد ربط هذه الهجمات بوضوح في عام 1993 بالموقف الذي تبنته وسائل الإعلام في هذا الشأن.13المرجع السابق. كما استنتجت تسوكالا أنّ وسائل الإعلام في فرنسا وإيطاليا وألمانيا واليونان تجرّم الهجرة، دون أن تعكس واقعها الحقيقي، بحيث تساهم في صنع رأي عام مناهض للهجرة من خلال ربطها بالانحراف والعنف، فكانت الصحف تركز في مقالاتها على الجرائم والمخالفات التي يرتكبها المهاجرون حتى وإن كانت تافهة.14مشري، مرسي، "أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية"، ص 64.

كما تختار وسائل الإعلام الأوروبية عناوين مثيرة، نذكر من بينها ما تكتبه الصحافة الإيطالية على سبيل المثال لا الحصر:15المرجع السابق، ص 64.

  • "اقتحام السواحل الإيطالية"، (صحيفة L’Unità الصادرة بتاريخ 14 آذار/مارس 1993)
  • "غزو اليائسين"، ( صحيفةLa Repubblica الصادرة بتاريخ 24 آذار/مارس 1997)
  • "حالة طوارئ قصوى ضدّ خطر الغزو الإجرامي"، (صحيفة Il Corriere della Sera الصادرة في 18 آذار/مارس 1997)

ربطت وسائل الإعلام الفرنسية بين الهجرة والجرائم التي يرتكبها المهاجرون، والتّي تمثل مشاكل الضاحية الباريسية أشهرها... ورغم الانقسام الإعلامي الفرنسي على المستوى الأيديولوجي بخاصّة بين صحيفة لوفيغاروLe Figaro القريبة من اليمين المتطرف والجبهة الوطنية وصحيفة لوموند Le Monde القريبة من اليسار والوسط، فإنّ موقفها من الهجرة لم يكن مختلفا، ويظهر هذا من خلال عناوين هذه الصحف، نذكر منها:16المرجع السابق، ص 64.

  • "الهجرة غير الشرعية: فرنسا تحت الضغط"، ( صحيفة لوفيغارLe Figaro الصادرة في 17 كانون الأول/ديسمبر 2013)
  • "ضدّ الهجرة غير الشرعية، يجب فرض مشروطية المساعدات للمغرب العربي"، (صحيفة لوموند Le Monde الصادرة في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2013).

كما لم تقتصر القراءة الصحفيّة اليمينية بشكل خاصّ على الوضع الآني في أوروبا، بل تعمل على إرساء صور مستقبليّة تهدد كيان وهوية الدول الأوروبية. فقد نشرت صحيفة لوفيغارو مقال بعنوان "هل سنكون فرنسيين بحلول عام 2025"، مع عرض صورة لامرأة ترتدي الحجاب.17بوسنان، سفيان، "الهجرة غير الشرعية والاتحاد الأوروبي قراءة في أمننة الظاهرة"، مجلّة العلوم السياسية، العدد 55، (2018) : 205، 228، ص 220. وهذه المشهدية والرؤية المستقبليّة تكون أحد العناوين البارزة في الحملات الانتخابية للتيارات اليمينية والشعبوية.

إجراءات وسياسات الاتحاد الأوربي لأمننة الهجرة غير النظامية في المنطقة المتوسطية وتونس

عمل الإتحاد الأوروبي على رصد مجموعة من الإجراءات في إطار أمننة الهجرة نذكر منها مثالا لا حصرا:

  • إنشاء الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2004 والتّي تهدف إلى دعم التعاون من الناحية العملية بين الدول الأوروبية فيما يتعلق بحدودها الخارجية. وبدأت هذه الوكالة وظيفتها رسميا في تشرين الأول/أكتوبر 2005 وأسست مركزها في "وارسو"، حيث تمثّلت وظيفتها الرسمية في حراسة الحدود خاصّة على سواحل البحر الأبيض المتوسّط.18بوستي، توفيق، "أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي"، ص 19.
  • النظام الأوروبي لمراقبة الحدودEUROSUR والذي تمّ إنشاؤه في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2013 بهدف منع الجريمة عبر الحدود والهجرة غير النظامية والمساعدة في حماية أرواح المهاجرين. وبموجب قانون EUROSUR، لدى كلّ دولة عضو مركز تنسيق وطني يقوم بتنسيق وتبادل المعلومات بين جميع السلطات المسؤولة عن مراقبة الحدود الخارجية ومع المراكز الأخرى Frontex (الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل).19المرجع السابق، ص 20.
  • المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة: والذي تمّ إنشاؤه في فيينا سنة 1993، والذي انتقل على مرّ السنين من منظمة صغيرة عدديا (من حيث الموظفين) وماليا (من حيث الميزانية المخصصة له) ومشروع استشاري ثانوي ومؤقت إلى مزود خدمة هام وأساسي للدول الأوروبية يلعب دورا حيويا في تصدير نظام مراقبة الإتحاد الأوروبي... ومنذ افتتاح المركز لمكتب في تونس سنة 2015، نما تأثيره على التعاون في مجال الهجرة بين تونس والإتحاد الأوروبي بشكل كبير.
  • سياسات الترحيل القسري: قام المجلس الأوروبي في تشرين الأول/أكتوبر 2008 بتبني "الاتفاق الخاص بالهجرة وهو أساس سياسة الهجرة أثناء فترة الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من عام 2008 في ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي، ويفرض الاتفاق غير الملزم رقابة أشدّ على لم شمل أسر المهاجرين ويدعوا الإتحاد الأوروبي إلى السعي إلى تبني الطرد ودفع النقود إلى المهاجرين لكي يعودوا إلى بلدانهم، إلى جانب الدخول في اتفاقيات مع بلدان الأصل لإبعاد المهاجرين غير النظاميين."20بوستي، توفيق، "أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي"، ص 20.
  • إنشاء مراكز اعتقال المهاجرين غير النظاميين: عملت دول الاتحاد الأوروبي على إنشاء مراكز اعتقال خاصة بالمهاجرين غير النظاميين الذين يتمّ القبض عليهم على السواحل الأوروبية و ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. وتتسم هذه المراكز بغياب الحدّ الأدنى من المعاملات الإنسانية خاصّة خلال السنوات الأخيرة، مثلما حدث للتونسيين على سبيل المثال في معتقل مليلة الإسباني بين سنوات 2019 و2021، أين تعرضوا حتّى إلى التعنيف من قبل السلطات الإسبانية.

في عنف الحدود: حينما يتحوّل الإنقاذ إلى جريمة:

عاش بحارة جرجيس في السنوات الأخيرة على وقع الاعتداء والاستيلاء على القوارب والتهديدات وأخذ الرهائن من قبل الجماعات المسلّحة الليبيّة ومن بينها الحرس البحري الليبي المجهّز ببرامج أوروبية لمكافحة الهجرة غير النظامية. وانعدام الأمن لا يؤثر على بحّارة جرجيس فقط، بل على جميع الصيادين التونسيين الذين يبحرون بالقرب من المناطق الحدودية: في الجنوب الشرقي تهددهم نيران الجماعات الليبيّة، وفي الشمال الغربي تهددهم خوافر السواحل الجزائريّة. ومع هذا ظلّ بحّارة جرجيس يقدمون يد المساعدة للمنكوبين فمساعدة الناجين والتواصل مع الحرس البحري لرفع الجثث.21Anne Bisiaux, Sophie, Jonville, Marco, "Des pécheurs pris dans un étau", FTDES, Le 06/12/2019.

إنّ إنقاذ الأرواح حينما يكون هناك أمل هو واجب إنساني بالنسبة إلى بحّارة جرجيس، وتكون عمليات الإنقاذ على حساب ساعات العمل والمال الضائع. ومن أجل أن يكونوا أكثر فعاليّة في أعمالهم وإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس تابع أكثر من 100 بحّار من جرجيس دورة تدريبية لمدّة 6 أيام في الإنقاذ البحري نظمتها منظمة أطباء بلا حدود سنة 2015.22المرجع السابق.

بينما جرّمت السياسات الأوروبية المنظمات غير الحكومية التي تقوم بعمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، فإنّ الصيادين التونسيين يجدون أنفسهم في الخطوط الأمامية لعمليات الإنقاذ. فحتى عند خروجهم للبحر فهم يرفعون حصصهم من الماء والطعام حسبانا لقارب غارق يعترض طريقهم.

بالإضافة إلى واجب الإنسانية، فإنّ إنقاذ القوارب المعرضة للخطر هو التزام منصوص عليه في القانون البحري الدولي وخاصة في الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر SOLAS والتي تنطبق على جميع السفن. ينص النص على التزام جميع الدول لإحضار الناس إلى مكان آمن حيث لم تعد حياة الناجين مهددّة ويمكن تلبية احتياجاتهم الأساسية. ولكن في صيف 2018، أنقذ بحّارة من جرجيس قاربا على متنه 14 مهاجرا غير نظاميّ، وبعد عدّة محاولات للاتصال دون إجابة، قرروا سحب القارب إلى إيطاليا لإنزال المهاجرين في مكان آمن، ولكن اٌتهم هذا الطاقم بمساعدة المهاجرين غير النظاميين وكلّفت عملية الإنقاذ هذه القبض على 7 صيادين وسجنهم لمدّة 22 يوما بسجن سيليليا.23المرجع السابق.

جدير بالذكر أنّ الاتحاد الأوروبي قد خصّص جهاز مراقبة EUNAVFOR Med والمسماة Sophia صوفيا أيضا، وهي عملية عسكرية للإنقاذ ولتفكيك النموذج الاقتصادي للمهربين والمتاجرة بالبشر على حدّ تعبير المفوضيّة الأوروبية. لكن هذه العملية العسكرية تراقب البحارة عن كثب في عمليات إنقاذ البشر، وتنظر بعيدا حينما يتعلق الأمر بهجمات الميليشيات الليبية وتترك الصيادين التونسيين لمصيرهم،24المرجع السابق. وتترك المهاجرين غير النظاميين لوحدهم. فالتعزيزات الأمنية لمراقبة الحدود تغض الأبصار عند الغرق، وتجرّم البحّار والمنظمات غير الحكومية حينما تحاول إنقاذ الإنسانيّة، كما أنّ قوات الحرس البحري غير مؤهلة حرفيا وتقنيا لعمليات الإنقاذ، فقد بيّنت دراسة حول حادثة جرجيس أنّ الجهات الحارصة على مراقبة الحدود لم تحرص على إنقاذ الأرواح البشرية وفي عمليات البحث عن المفقودين والمفقودات بعد حادثة غرق مركب جرجيس في 21 أيلول/سبتمبر 2022. 25- خالد طبابي، "جثث عائمة وأرواح هائمة: عبث الدفن ودولة الاحتقار مأساة شبه الجزيرة الجرجيسيّة"، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، 2022.

بناء على ما تقدّم يمكن القول أنّ سياسات عزل الحدود وتكثيف المراقبة والاعتماد على المقاربات الأمنية دون التنموية التي تندرج ضمن سياسات التبعية والتخلف وعدم فك الارتباط لدول الجنوب، قد ساهمت في تحول المتوسط إلى مقبرة مائية، فمغامرة الرحلة الهجرية غير النظامية عبر المتوسط، هي رحلة مأساوية وتراجيدية، أبطالها هم أناس ضاق بهم الحال في موطن النشأة، وآخرون قادمون من  دول افريقيا أخرى، حالمين بالوصول إلى أوروبا. فالرحلة عبر البحار وعبر قوارب هشّة ومنكوبة هي النافذة الأخيرة لتحقيق أحلام لم تر النور في موطن النشأة.

تونس من معبر إلى معتقل: مركز الإيواء والتوجيه بالوردية في تونس العاصمة

يمثّل هذا المركز انعكاساً حقيقياً لعجز السلطات التونسية عن بلورة استراتيجية وطنية واضحة في ما يتعلّق بظاهرة الهجرة  أو لعدم رغبتها في ذلك. حيث يتم إيداع المهاجرين في هذا المركز في ظروف صعبة والاحتفاظ بهم دون أي أساس قانوني  أو سند قضائي قبل أن يتم ترحيلهم إلى الحدود التونسية، وفي أفضل الحالات يتم دفعهم دفعاً إلى مغادرة الأراضي التونسية في إطار تنفيذ برامج "العودة الطوعية" بالتعاون خاصة مع المنظمة الدولية للهجرة.26المرجع السابق.

هذا المركز هو توأم بعدة مراكز موجودة على سبيل الذكر لا الحصر في جزيرة لامبادوزا الإيطالية لاعتقال التونسيين وغيرهم قبل ترحيلهم  أو السماح لهم بالعبور.

وخلُصت دراسة أنجزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول هذا المركز (مركز الإيواء والتوجيه بالوردية)27المرجع السابق. إلى أنّ تونس ورغم ازدياد عدد المهاجرين إليها  أو عبرها، وخاصة منهم الأفارقة الفارّين إمّا من أهوال الحروب  أو من ضنك العيش  أو من بطش الأنظمة التي تحكم دولهم، لا تزال تفتقد إلى أي رؤية  أو مقاربة عميقة للتعامل مع ظاهرة الهجرة بأبعادها المتعدّدة السياسية والإنسانية والاقتصادية والنفسية والفكرية، وتقتصر في ذلك على مقاربة أمنية صرفة تعوزها الشرعية القانونية وتتعارض مع روح الدستور ومع مقوّمات دولة القانون والمؤسّسات ومخالفة بالضرورة للاتّفاقيات والمعاهدات الدولية المتّصلة بحماية اللاجئين، فضلاً عن عجزها، رغم ذلك، عن إيجاد حلول حقيقية وناجعة لهذه الظاهرة.28المرجع السابق.

السياسة الأورومتوسطية لمكافحة الهجرة غير النظامية تُنتج الهجرة غير النظامية

مثال1: شبه جزيرة جرجيس:

حراس البحر الليبيون (ميليشيات)، بإيعاز إيطالي، يمنعون قوارب الصيد التونسية من الصيد شرقاً. يفلس هؤلاء البحارة فيتحول جزء منهم إلى قوارب هجرة غير نظامية! فعلياً، سياسة الشرطي الأوروبي لا تقضي على ظاهرة الهجرة غير النظامية بمحاربة أعراضها أمنياً، بل تزيد من أسبابها الاقتصادية والاجتماعية.29أُنظر/ي: منشورات المنتدى حول الهجرة فنحن بصدد عقاب جماعي منظم لأفعال فردية متفرقة. فجزء صغير فقط من البحارة ذهب نحو تأجير قواربهم للمهربين، لأنّها مسألة غير مربحة لأغلبهم.

أزمة مركبة: حلقة مفرغة ونبوءة ذاتية التحقق: [30] Prophétie auto-réalisatrice

إذن محاولة إيجاد حل لمشكل قوارب الصيد التونسية التي تتهم بكونها تهرب المهاجرين غير النظاميين من ليبيا، ينتج مشكلا هو وصم هؤلاء البحارة ومحاصرتهم وترهيبهم وبالتالي فقدانهم لموطن رزقهم وبطالتهم، فتوجههم فعليا لاقتصاد تهريب المهاجرين.

في نفس الإطار شهدت هذه المنطقة وتشهد، ولازالت، مآتم شبه أسبوعية أحياناً تشيّع فيها الجثامين وأحياناً تقرأ الفاتحة في البحر على أبناء المنطقة الذين ماتوا غرقاً  أو فُقدوا في عرض المتوسط.30خالد طبابي، ''جثث عائمة وأرواح هائمة". كذلك توجد فيها مقبرة اسمها مقبرة "الغرباء" حيث يُدفن فيها المهاجرون من جنسيات مختلفة، خاصة من دول إفريقيا جنوب الصحراء الذين لا وجود لدولة  أو عائلة تأتي لاستلام جثامينهم.

فتونس ليست نقطة انطلاق وعبور للتونسيين فقط، بل لأغلب مهاجري جنوب الصحراء، وقمع هذه الهجرة من قبل السلطة الأورو- تونسية، جعل تونس بؤرة توتر هجري وذلك بإجهاض تدفق الهجرات وإعادتها إلى منطقة الانطلاق: تونس، إلى جانب عدم تقديم حلول أو بدائل لمن يتم منعهم من الهجرة. كذلك يتم ترحيل جزء من المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا إلى تونس، خاصة مهاجري شمال إفريقيا وجنوب الصحراء، الذين لا يريدون/لا يستطيعون العودة إلى بلدانهم، إما لأسباب اقتصادية  أو اجتماعية  أو سياسية، ولا وجود لسياسة لإدماجهم في تونس. إذ توجد سياسة واحدة: المنع والقمع. هذه السياسة الأورو ـ متوسطية تنتجها دول مختلفة بتعاون مشترك وإن كانت الخسائر، على عكس الأرباح، لا توزع سواسية. فالخاسر الأكبر طبعاً، هي الفئات الأقل حظاً، اقتصادياً واجتماعياً وأيضاً هجرةً، وهي بالأساس في مجتمعات الجنوب. الرابح الأكبر، يتمثل أساساً في تيارات اليمين المعادين للأجانب والحكومات ذات النهج النيوليبيرالي اقتصادياً، وطبعاً الأنظمة الحاكمة في دول شمال إفريقيا، خاصة تونس وليبيا والمغرب.

الاتفاق القائم: رسمي من حيث الممارسة، غير رسمي من حيث الخطاب والوثائق

الاتفاق ما بين حكومي، ما بين المؤسسات الأمنية في دول الشمال والجنوب، بإشراف سياسي، يقوم على مقاربة "أمنوية" بحتة (sécurisation) تقمع، من جهة، ديناميكيات الهجرة غير النظامية أمنياً على طول السواحل وفي غمار البحار (في تونس مثلاً، قانون فيفري 2004 (المعدل والتكميلي لقانون عدد 75 – 40 لـ14 أيار/مايو 1975) والمتعلق بجوازات ووثائق السفر، يجرّم الهجرة غير النظامية).31فهذا القانون لا يذكر لا كلمة مهاجر ولا لاجئ، بل يتحدّث عن وثائق سفر. https://legislation-securite.tn/ar/law/45000 ومن جهة أخرى، تقمع ديناميكيات الهجرة النظامية عبر السفارات ووكالاتها الخاصة، وذلك بعدم منح التأشيرات/تقييدها بصفة كبيرة.

فسياسات تصدير الحدود الأوروبية تعتمد على مبدأ أن الحدود تبدأ في تونس؛ فالحدود البحرية الشرقية والشمالية لتونس صارت هي الحدود الجنوبية لأوروبا. وتتوسع هذه الحدود عبر الحدود البرية مع ليبيا ومشروع الجدار الالكتروني مع الجزائر.

مثال:

بالنسبة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهو من أكبر المنظمات الناشطة على الضفاف الجنوبية للبحر المتوسط في مجال الحق في الهجرة، هناك أكثر من 300 مليون شخص في العالم يعيشون خارج بلدانهم الأصلية. وتتميز هجرة العديد منهم بدرجات مختلفة من الاضطرار. ويغادر عدد متزايد من المهاجرين ديارهم قسراً نتيجة مجموعة معقدة من الأسباب.32بيان للمنتدى، ''الكرامة للمهاجرين والإدانة لسياسات الطرد''، https://ftdes.net/ar/dignite-des-immigres-et-condamnation-des-politiques/ ففي تونس حيث يزداد الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تعقيداً، أصبح مشروع الهجرة قاسماً مشتركاً يوحّد التونسيات والتونسيين، كل حسب شروط يفرضها وضعه المهني والاجتماعي ودرجة استجابته للسياسات التقييدية التي تفرضها خاصة دول الاتحاد الأوروبي على التأشيرة. ينتقي الاتحاد الأوروبي ما يستجيب لاحتياجاته ويلفظ الباقي لتتلقفهم شبكات تهريب المهاجرين.33المرجع السابق. ويعتبر المنتدى أن الموت على الشواطئ التونسية هو نتيجة طبيعية لسياسات تقييدية أوروبية عملت على تصدير الحدود، ولمقاربة سياسية تونسية رضخت ولعبت دور الحارس الأمين للحدود الأوروبية عبر راديكالية أمنية لم تنجح في وقف التدفقات ولا في إيقاف الموت.34لمرجع السابق. حيث من بين 875 ضحية ومفقود في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية 2022، رصد المنتدى منهم 443 ضحية ومفقوداً في المياه الإقليمية التونسية وتم منع 14762 مهاجراً من الوصول إلى السواحل الإيطالية، في حين وصل إلى إيطاليا منذ بداية السنة 51353 مهاجراً منهم 10139 من ذوي الجنسية التونسية يتوزعون كالآتي: 2102 قاصرَيْن و498 امرأة، دون اعتبار الأرقام غير المرئية والتي لا يمكن رصدها.35لمرجع السابق.

وتمتد هذه الانتهاكات حتى على مستوى القانون الدولي. إذ انتهكت السلط الأورو-تونسية، من خلال هذه الممارسات، الاتفاقية الدولية لسلامة الأرواح في البحر لسنة 1974 والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحر لسنة 1979 واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982.36المرجع السابق.

نماذج عن "براكسيس" المنع والتهجير والترحيل

الترحيل القسري من أوروبا إلى تونس

  • الترحيل القسري من إيطاليا خلال سنة 2020:

من إجمالي 4387 مهاجراً تم إيواؤهم في مراكز الاحتجاز في إيطاليا، هناك 2623 تونسياً، أي بنسبة 59.7%. عدد التونسيين الذين تم ترحيلهم فعلياً هو 1997 من إجمالي 3351 مهاجراً من جميع الجنسيات تم ترحيلهم، أي أن التونسيين يمثلون 59.5% من إجمالي المرحلين.37المصدر: إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية

618 مهاجراً تونسياً تم ترحيلهم من 1 جانفي 2021 إلى 30 أفريل 2021 من إجمالي 1097 مرحَّلاً من جميع الجنسيات أي بنسبة 56.3%.

592 تونسياً هو عدد المرحَّلين عبر مطار النفيضة من 1 جانفي 2021 إلى 30 أفريل 2021 في 25 رحلة جوية.

  • الترحيل القسري من ألمانيا:
إجمالي المرحَّلين عدد الرحلات عدد المرحَّلين في رحلات خاصة السنة
344 11 233 2018
319 12 247 2019
422 7 140 2020

 

بالنسبة لتطوّر عدد عمليات الاجتياز المحبطة/عدد المجتازين الذين جرى إيقافهم منذ سنة 2018 38المرجع السابق. :

2018 2019 2020 2021
الشهر عدد الواصلين إلى إيطاليا عدد عمليات الاجتياز المحبطة عدد المجتازين الذين جرى إيقافهم عدد الواصلين إلى إيطاليا عدد عمليات الاجتياز المحبطة عدد المجتازين الذين جرى إيقافهم عدد الواصلين إلى إيطاليا عدد عمليات الاجتياز المحبطة عدد المجتازين الذين جرى إيقافهم عدد الواصلين إلى إيطاليا عدد عمليات الاجتياز المحبطة عدد المجتازين الذين جرى إيقافهم
جانفي 611 17 188 31 8 177 68 22 316 84 17 463
فيفري 449 47 537 21 4 46 26 25 571 660 77 1273
مارس 130 36 489 85 20 323 60 4 137 334 72 882
أفريل 720 43 583 116 11 166 37 6 99 307 42 409
ماي 824 43 780 94 19 249 494 60 1243 601 95 2487
جوان 289 23 377 249 23 254 825 119 1611 976 143 2120
جويلية 319 17 158 262 44 608 4145 245 2918 4044 211 2993
اوت 625 39 422 489 28 515 2306 191 1621 4036 317 5582
سبتمبر 559 35 356 864 39 500 1951 170 2035 1654 158 1943
المجموع 4526 300 3890 2211 196 2838 9912 842 10551 12696 1132 18152

نتائج هذه السياسة

ازدياد حالات الموت غرقاً أو الضياع، وازدياد الاحتقان الاجتماعي، والشعور بالظلم، وعدم الاعتراف والعجز خاصة لدى فئة الشباب الذي يعاني عطباً اجتماعياً (فقر علائقي ومادي).

عجز على مستوى القدرة على الحراك والتنقل لدى فئة واسعة من التونسيين وغير التونسيين.

تدعيم السياسة الأمنية من جهة، وسياسة المقايضة (أمن حدودكم من الهجرة مقابل التزام حدودكم السياسية) من جهة أخرى، يجعل إمكانية "التحول إلى الدكتاتورية" لدى السيستام السياسي القائم، قابلة للتحقق أكثر، وذلك بتقوية الجهاز الأمني وإفلاته من العقاب بمباركة جيو - سياسية.

خاتمة

حراسة الحدود الأوروبية مقابل حراسة قلعة الحكم التونسية، غلق المعابر في وجه الفقراء مقابل تسهيل التأشيرات للأثرياء والطبقات فوق المتوسطة، شهادة الحارس الوفي مقابل شهادة حسن سيرة في منصات التصنيف الدولية وعلى أعتاب المانحين. هذه المقايضات لم تنجح على مدى عقود، لأنها أغفلت معطى في غاية الأهمية: الفقر لا يعترف بالحدود وإن كانت شائكة ودامية.

فالحل هو محاربة الفقر لا الهجرة، مع ضمان الحق في حياة كريمة والحق في التنقل من أجل تحسين ظروف العيش. الحل كذلك هو أن يفهم شمال المتوسط أن هيمنته الاقتصادية على الجنوب لها ضريبة، وهي هجرة جماعية لمن أفقرتهم قوانين وسياسات وضعتها مجموعات ذات سلطة ونفوذ.

Endnotes

Endnotes
1 هذه المقاربة تسمى في أدبيات الهجرة، مقاربة " أمننة الهجرة". لمزيد من المعلومات، أُنظر/ي:Gabrielli, Lorenzo. « Les enjeux de la sécurisation de la question migratoire dans les relations de l'Union européenne avec l'Afrique. Un essai d'analyse», Politique européenne, vol. 22, no. 2, 2007, pp. 149-173.
2 المصدر: بيان للمنتدى بعنوان ''وكالات أممية للحماية أم أجهزة لإنكار الحقوق''، الرابط الالكتروني:
3 المرجع السابق.
4 Piché, Victor, Les théories de la migration, (Paris : Editions Ined, 2013), p,44.
5 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
6 حموته، فاطمة، "أمننة الهجرة غير الشرعية في المنطقة المتوسطية: المفهوم والنظرية وقضية الراهن"، مقال نشر في مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، العدد 22، 2019، ص 11: jilrc.com.
7 مشري، مرسي، "أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية: الدوافع والإنعكاسات"، مجلّة سياسات عربية، العدد 15، تموز/ يوليو، 2015، ص 61- 72، ص 63.
8 كريم، يوسف، "تحولات الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط. حالة المغرب نموذجا"، برلين: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، مارس 2021، ص 27.
9 - Tsoukala, Anastassia, « Le traitement médiatique de la criminalité étrangère en Europe », Déviance et société, vol 26, (2002) : pages 61 à 82. P 61.
10 حموته، فاطمة، "أمننة الهجرة غير الشرعية في المنطقة المتوسطية".
11 بوستي، توفيق، "أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي"، المعهد المصري للدراسات، دراسات سياسية، 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، ص 14.
12 - Tsoukala, Anastassia, « Le traitement médiatique de la criminalité étrangère en Europe », p 64.
13 المرجع السابق.
14 مشري، مرسي، "أمننة الهجرة غير الشرعية في السياسات الأوروبية"، ص 64.
15 المرجع السابق، ص 64.
16 المرجع السابق، ص 64.
17 بوسنان، سفيان، "الهجرة غير الشرعية والاتحاد الأوروبي قراءة في أمننة الظاهرة"، مجلّة العلوم السياسية، العدد 55، (2018) : 205، 228، ص 220.
18 بوستي، توفيق، "أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي"، ص 19.
19 المرجع السابق، ص 20.
20 بوستي، توفيق، "أمننة الهجرة غير الشرعية في سياسات الاتحاد الأوروبي"، ص 20.
21 Anne Bisiaux, Sophie, Jonville, Marco, "Des pécheurs pris dans un étau", FTDES, Le 06/12/2019.
22 المرجع السابق.
23 المرجع السابق.
24 المرجع السابق.
25 - خالد طبابي، "جثث عائمة وأرواح هائمة: عبث الدفن ودولة الاحتقار مأساة شبه الجزيرة الجرجيسيّة"، المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، 2022.
26 المرجع السابق.
27 المرجع السابق.
28 المرجع السابق.
29 أُنظر/ي: منشورات المنتدى حول الهجرة
30 خالد طبابي، ''جثث عائمة وأرواح هائمة".
31 فهذا القانون لا يذكر لا كلمة مهاجر ولا لاجئ، بل يتحدّث عن وثائق سفر. https://legislation-securite.tn/ar/law/45000
32 بيان للمنتدى، ''الكرامة للمهاجرين والإدانة لسياسات الطرد''، https://ftdes.net/ar/dignite-des-immigres-et-condamnation-des-politiques/
33 المرجع السابق.
34 لمرجع السابق.
35 لمرجع السابق.
36 المرجع السابق.
37 المصدر: إحصائيات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
38 المرجع السابق.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.