الدروس المستفادة: تجارب النساء الشابات في المجالس البلدية في تونس

(c) بواسطة NurPhoto من gettyimages.co.uk

مُقدمة

في عام 2018، أجرت تونس أول انتخابات بلدية تشهدها البلاد منذ اندلاع الثورة، والتي فرضت للمرة الأولى حصصاً إلزامية للشباب، اعتُمدت رسمياً في عام 2017 بناءً على تعديلات في القوانين الانتخابية التونسية. لم تكن تلك الحصــص المقــررة للشــباب جزءاً من أهداف حركات المجتمع المدني، بل كانت مبادرة ذات طابع تنازُلي (من القمّة إلى القاعدة) اقترحها مجموعة من النواب في المجلس التأسيسي .1 Jana Belschner, “The adoption of youth quotas after the Arab uprisings,” Politics, Groups, and Identities, 2018. كفل القانون تمثيل الشباب، فقد نص القانون الانتخابي على ضرورة إدراج مرشح شاب دون 35 عاماً على الأقل في المراتب الأربعة الأولى من القائمة الانتخابية، وإذا لم تلتزم القوائم بهذا الشرط، يُسمح لها بالتنافس في الانتخابات لكنها تُحرم من 50% من التمويل الحكومي لحملاتها. ووفقاً للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، فقد كان 52.1% من المرشحين من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً.2Brian Braun, Three Things to Know About Sunday’s Elections in Tunisia, May 2018, available at  https://www.iri.org/news/three-things-to-know-about-sundays-elections-in-tunisia/?utm_source=www.democracyspeaks.org Brian Braun, Three Things to know About Sunday’s Elections

حصل الشباب على نحو 37.16% من المقاعد على مستوى البلديات.3Brian Braun, Three Things to know About Sunday’s Elections بيد أن الانتخابات كشفت عن معدلات مرتفعة من الامتناع عن التصويت بين الفئة نفسها، خاصة بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً. ولم يكن هذا مستغرباً نظراً إلى عدة عوامل مساهمة. فقد جاء عزوف التونسيين نتيجة الإحباط الشديد الذي تفاقم بسبب الصعوبات الاقتصادية الحادة والجمود السياسي والاضطرابات الاجتماعية التي تعاني منها البلاد. فقد أدركوا أن الانتخابات البلدية لن تعكس سنوات التنمية المناطقية الجائرة دون التزام سياسي قوي والذي كان غائباً في تلك الفترة.4 مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، "الانتخابات البلدية في تونس"، أيار/مايو 2018، متاح في: https://carnegieendowment.org/sada/76303 ومن بين العوامل الأخرى، فإن التأجيل المتكرر للانتخابات البلدية وحقيقة أن قانون الجماعات المحلية لم يُصدق عليه البرلمان إلا قبل 10 أيام من الانتخابات يُعزى إليه جزءاً من عدم الاهتمام هذا.

ونظراً إلى أن تونس كانت واحدة من بضع دول في المنطقة العربية التي اعتمدت نظام الحصــص المقــررة للشــباب، فإن تقييم تأثير هذه الإصلاحات المؤسسية في تحفيز المشاركة الفعّالة للشباب في العملية السياسية وفي بناء ديمقراطية شاملة يعد أمراً بالغ الأهمية لبناء طائفة من المعارف حول فعالية مثل هذه السياسات. وتحقيقاً لهذه الغاية، أجرت "مبادرة الإصلاح العربي" في عام 2021 دراسة تستكشف مدى تأثير نظام الحصــص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية. وأظهرت الدراسة أنهم واجهوا عقبات جديدة عند الدخول في المجال السياسي التقليدي والعمل مع مؤسسات الدولة العامة غير المألوفة. بيد أنهم اكتسبوا خبرة وثقة بأنفسهم، مما دفعهم إلى التفكير في الترشح للانتخابات مجدداً.5انظر ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية للشباب في تونس ما بعد 2011: دراسة مدى تأثير نظام الحصص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية"، أيار/مايو 2022، متاح في: https://s3.eu-central-1.amazonaws.com/storage.arab-reform.net/ari/2022/05/23142324/2022-05-Arab-Reform-Initiative-Youth-political-participation-in-Tunisia-local-councils-AR-1.pdf ملاك الأكحل، المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد عام 2011

في 8 آذار/مارس 2023، وقبل ثلاثة أشهر من انتهاء الولاية البلدية الأولى، أعلن الرئيس قَيس سعيّد حل المجالس البلدية. وقد أثار هذا القرار المفاجئ ردود فعل متباينة بين منظمات المجتمع المدني والجمهور. إذ إن المجالس البلدية هي المؤسسات المحلية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمواطنين وتؤثر مباشرة في حياتهم اليومية، مما ألقى بمزيد من الشك حول هذا القرار. وواجه المواطنون صعوبات في الوصول إلى بعض الخدمات البلدية، بما في ذلك عدم القدرة على إتمام عقود الزواج.6ينص القانون التونسي على أن رئيس البلدية ونوابه هم وحدهم المخولون بإبرام عقود الزواج. وقد ترك حل المجالس البلدية فجوة قانونية لم تحل بعد.

علاوة على ذلك، تتعرض البلديات لضغوط بسبب الخطاب السياسي المعادي الذي ينتهجه الرئيس قَيس سعيّد منذ فترة طويلة، بينما يواصل فرض رؤيته للبناء من القاعدة إلى القمة. ويبدو أن هذه الخطوة تتسق مع جهوده السابقة لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد المؤسسات أو الأفراد الذين وصفهم بأنهم فاسدون أو يعرقلون عملية الإصلاح التي يسعى إلى تحقيقها. ففي عام 2021، قرر سعيّد إلغاء وزارة الشؤون المحلية وأسند إدارة المجالس البلدية إلى وزارة الداخلية  - وهو ما يمثل دليلاً على مصير السلطات المحلية ومختلف الهياكل اللامركزية.

ومنذ انقلاب 25 تموز/يوليو، لم يُحرز أي تقدم واضح في إشراك الشباب في السياسة الرسمية؛ بل على العكس من ذلك، تفاقم تدهور الأوضاع. إذ يلغى قانون الانتخابات الجديد ببساطة جميع متطلبات الحصــص المقــررة للشــباب والتكافؤ في الترشيحات  التي وضعت بعد الثورة. فقد أصبحت الترشيحات  للانتخابات التشريعية الآن فردية. وحُددت حصصاً لتزكية المرشحين، إذ ينبغي للمرشحين المحتملين تقديم 400 توقيع لناخبين مسجلين من دوائرهم الانتخابية ليتمكنوا من الترشح، ويجب أن تكون نسبة 50% منها من النساء و25% من الشباب دون سن 35 عاماً.7 Alessandra Bajec, “How Tunisia's new electoral law sets back women's political rights,” The New Arab, 16 November 202gi2, available at https://www.newarab.com/analysis/tunisias-electoral-law-sets-back-womens-political-rights

في سياق الوضع الراهن، تظل مبادرة الإصلاح العربي ملتزمة بتقييم تجارب أعضاء المجالس المحلية الشباب، لا سيما في أعقاب حل المجالس البلدية. فمن الضروري رؤية كيف تطورت تجاربهم منذ الدراسة الأخيرة في عام 2021، وكيف يفكرون في أدوارهم الآن بعدما انتهت تجاربهم البلدية بشكل مفاجئ. إذ يتعين استخلاص الدروس وفهم التحديات المتعلقة بالمشاركة في الديمقراطية المحلية والتي يمكن تطبيقها في المستقبل. أجرينا ثلاث مقابلات مع عضوات مجالس محلية شابات من المناطق المهمشة تاريخياً. وتناولنا التحديات واللحظات الهامة التي ميزت تجاربهن في المجالس البلدية، وآرائهن حول اللامركزية، ومستقبل مشاركتهن السياسية، والسياق السياسي الحالي، وغيرها من المواضيع الأخرى.

فقد واجهت عضوات المجالس المحلية أشكالاً مختلفة من التهميش المرتبط بنوع الجنس والعمر، مما أدى إلى نشوب توتر بينهن وبين أعضاء المجلس المحلي الآخرين. ومما يؤسف له أن التوترات الكامنة استمرت دون حل مشترك، مما أدى إلى استقالة اثنتين من المتحدثات اللواتي أجريت معهم المقابلات. ومع وأد العملية اللامركزية، ونظراً إلى المناخ السياسي المقيد السائد، لم تعد النساء العضوات في المجالس البلدية مهتمات بالسياسة التقليدية لأن البلاد أخذت في التراجع نحو الاستبداد. بيد أن جميع العضوات الثلاث أكدن أنهن اكتسبن المعرفة ونوعاً جديداً من الثقة بأنفسهن بوصفهن ناشطات فاعلات في المجال السياسي لم تكن لديهن قبل تجربتهن بالمشاركة في المجالس البلدية.

2. نظرة عامة

2.1 الانفصال عن الماضي: التوجه نحو اللامركزية

كرس دستور عام 2014 باباً كاملاً (الباب السابع، الفصول 131-142) للسلطة المحلية. وقد وصفت هذه الخطوة بأنها "ثورية"، لأنها تمثل تحولاً جذرياً عن الإطار شديد المركزية القائم في تونس، وفي الكثير من دول العالم العربي.8Janine A. Clark, Emanuela Dalmasso and Ellen Lust, “Not the only game in towns: explaining changes in municipal councils in post-revolutionary Tunisia”, Democratization, Vol.26, 2019. Janine A. Clark, Not the only game in towns أقر الباب السابع بالسلطات المحلية والمناطقية المنتخبة بوصفها هيئات مستقلة تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمالية وصلاحيات كبيرة.

منذ الاستقلال، كانت المجالس البلدية والجهوية تخضع لسيطرة الحكومة المركزية الوثيقة. وكانت تحت وصاية الحاكم (الوالي)، وهو موظف مدني يعينه رئيس الوزراء أو كان يعينه رئيس الجمهورية في السابق. عمل الوالي ممثلاً للدولة المركزية ورئيساً للمجلس المحلي، وكان يتبع مباشرة وزارة الداخلية.

كانت مجالس البلديات تخضع لرقابة مسبقة، مما يعني أن وثائقها وقراراتها وميزانياتها لا تصبح قانونية إلا بعد موافقة السلطات المركزية. وكان الأمين العام، وهو رئيس إدارة البلدية وموظف حكومي في وزارة الداخلية، بالتعاون مع وزارة الداخلية يعدان الميزانية ولا يتعدى دور المجالس البلدية سوى التصويت عليها. وكانت معظم مجالس البلديات غارقة في الديون، وغير قادرة على توظيف موظفين مؤهلين، وتعتمد بشكل كبير على الدولة للحصول على الأموال.9  Janine A. Clark, Not the only game in towns وفي عام 2013، استحوذ ما مجموعه 18 بلدية، بما في ذلك تونس العاصمة والمناطق المحيطة بها مثل المرسى، وحلق الوادي، وسيدي بوسعيد، وقرطاج، على 51% من ميزانية الدولة المخصصة للبلديات، بينما وُزعت النسبة المتبقية وهي 49% على 246 بلدية أخرى.10Yassine Bellamine, When is the decentralization bill?, available at Nawaat ,January 2015, https://nawaat.org/portail/2015/01/22/a-quand-un-projet-de-loi-de-decentralisation-1e-partie/

ومع اعتماد قانون الجماعات المحلية عام 2018،11قانون الجماعات المحلية هو الإطار القانوني الذي يحكم جميع جوانب الحكم المحلي. تمتعت الحكومات المحلية بمكانتها القانونية، وأدارت بشكل مستقل الشؤون المحلية. فقد صاغت خططها المالية وأدارت شؤونها المتعلقة بالميزانية بصورة مستقلة. فضلاً عن أن القانون منح صلاحيات متنوعة للحكومة المحلية في جميع المجالات المتعلقة بالتنظيم والقانون وحفظ النظام والتنمية الاقتصادية وتطوير الأراضي والتخطيط العمراني وتطوير الإقليم، وما إلى ذلك. ونص القانون على مبدأ أساسي آخر وهو إلغاء هيمنة الحكومة المركزية المسبقة على القرارات التي تتخذها السلطات المحلية أو الإقليمية. والشكل الوحيد للرقابة المسموح به بموجب هذا الإطار هو الإشراف اللاحق من جانب السلطات القضائية ومحكمة المحاسبات.12Marwa Shalaby, Chagai Weiss, Ellen Lust, Kristen Kao, Erik Vollmann, Sylvia I. Bergh, Ezra Karmel, Miriam Bohn, Intissar Kherigi, and Zeynep Kadirbeyoglu, “The Dynamics of Decentralization in the MENA : Processes, Outcomes, and Obstacles”, The Program on Governance and Local Development at Gothenburg, 2020. وتختلف الحكومة المحلية عن الوضع السابق التي خضعت فيه باستمرار لرقابة الوالي ووزارة الداخلية.

كانت اللامركزية السياسية أبرز أشكال اللامركزية في القانون.13Marwa Shalaby, The Dynamics of Decentralization فقد استندت إلى شرط دستوري واضح بإنشاء مجالس بلدية وجهوية منتخبة. وعلاوة على ذلك، عزز تضمين النساء والشباب وأصحاب الهمم في الحكومة المحلية الأساس السياسي الذي تقوم عليه اللامركزية. وجرت أول انتخابات بلدية ديمقراطية في تونس في أيار/مايو 2018.

2.2 الانتخابات البلدية لعام 2018: رفع سقف التوقعات عالياً

فتحت الانتخابات البلدية لعام 2018 المجال لإعادة تقييم المشهد السياسي التونسي وتصور المواطن تجاه النخبة السياسية في خضم الأزمة السياسية والاقتصادية المستمرة بعد سبع سنوات من الانتقال إلى الديمقراطية.

ومن بين النتائج الإيجابية للانتخابات فوز القوائم المستقلة بنسبة 32.2%.14The Tahrir Institute For Middle East Policy, What Will Change After Tunisia’s Municipal Elections?, June 2018, available at https://timep.org/2018/06/19/what-will-change-after-tunisias-municipal-elections/ (The Tahrir Institute For Middle East Policy, What Will Change) فقد كانت هذه النتيجة مؤشراً قوياً على خيبة الآمال والاستياء العام من أداء الحزبين المهيمنين، وهما حزب نداء تونس وحركة النهضة. فقد كان يُنظر إليهما بصورة مضطردة على أنهما في منأى عن المواطنين العاديين وتحدياتهم اليومية. وثمة نقطة بارزة أخرى تتمثل في تنوع مجموعة المرشحين في الانتخابات بسبب الحصــص المقــررة للشــباب والتكافؤ بين الجنسين. فقد تعين على القوائم الانتخابية أن تُدرج مرشح شاب دون 35 عاماً على الأقل في المراتب الأربعة الأولى من القائمة الانتخابية، ويجب أن يكون هناك شخص من أصحاب الهمم ضمن أول عشرة مرشحين. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تضم القوائم عدداً متساوياً من المرشحين الذكور والإناث، مع تناوب الرجال والنساء على رئاسة تلك القوائم لتعزيز تمثيل المرأة في الحكومة المحلية. وكنتيجة مباشرة لحصص قانون الانتخابات ومبادئ عدم التمييز الدستورية، حصلت المرشحات على 45% من إجمالي المقاعد البلدية، في حين كان 52% من المرشحين تقل أعمارهم عن 35 عاماً.15(The Tahrir Institute For Middle East Policy, What Will Change)

وعلى الرغم من اعتماد الحصــص المقــررة للشــباب وجعلها إلزامية في الانتخابات البلدية، فقد كشفت الانتخابات عن معدلات مرتفعة من الامتناع عن التصويت بين الفئة نفسها، لا سيما من تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عاماً. يُعزى فقدان الرغبة بصورة مضطردة في التصويت إلى افتراضات متنوعة. فمن ناحية، لم تكن المنظمات والحركات الشبابية في تونس تدعو بفعالية إلى تطبيق حصص الشباب. فقد كان الدافع الأساسي وراء ذلك هو السياسيون في منتصف العمر الذين رأوا في حصص الشباب محاولة للحصول على الشرعية من المانحين الدوليين والجهات الفاعلة الدولية خلال عملية إرساء الديمقراطية.16Jana Belschner, “The adoption of youth quotas after the Arab uprisings,” Politics, Groups, and Identities, 2018. في حين رأى الشباب هذه الحصص على أنها محاولة رمزية فحسب لـ "كسب" تأييد الشباب وليس شكلاً فعّالاً من أشكال المشاركة. فقد كان من غير المرجح أن يصدق الشباب أن السياسيين، سواء أكانوا شباباً أم كباراً، سيتطرقون إلى مصالحهم على النحو الملائم.17Kirstie Lynn Dobbs, “ Youth quotas and “Jurassic Park” politicians: age as a heuristic for vote choice in Tunisia’s new democracy,” Democratization, 202

ولكي تؤتي هذه الحصص بثمارها على أرض الواقع، يجب على الشباب أن ينظروا إلى هؤلاء المرشحين الشباب على أنهم فعّالين سياسياً يمكنهم تمثيل مصالحهم. من ناحية أخرى، ثمة فرق كبير في نسبة المشاركة بين الانتخابات الرئاسية والمحلية، مما يوضح أن الناخبين يفضلون المشاركة في الانتخابات الوطنية وليس في الانتخابات البلدية على مستوى محافظاتهم. ففي فرنسا، التي لديها هيكل سلطة مماثل لدستور عام 2014، يفضل الناخبون التصويت في الانتخابات المصيرية، مثل الانتخابات الرئاسية. بيد أن الانتخابات المحلية ينظر إليها على أنها تصويت من الدرجة الثانية.18Centre de l’observation de la société, L’évolution de l’abstention sous la Ve République, Mars 2020, available at https://www-observationsociete-fr.translate.goog/modes-de-vie/vie-politique-et-associative/participationvote/?_x_tr_sl=fr&_x_tr_tl=en&_x_tr_hl=fr&_x_tr_pto=wapp يمكن تطبيق هذا المنطق أيضاً في السياق التونسي، حيث تبدو الانتخابات الرئاسية أشبه بـ "استعراض" يحظى باهتمام الناخبين ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية أكثر من الانتخابات المحلية.

وثمة افتراض آخر، يمكن أن يكون قد ساهم في ارتفاع نسبة عزوف الناخبين عن التصويت بشكل استثنائي، وهو اعتماد قانون الجماعات المحلية قبل 10 أيام فقط من الانتخابات البلدية. إذ إنه لم يترك متسعاً من الوقت للأحزاب السياسية لنشر المعلومات حول تأثير القانون على الانتخابات البلدية، مما عرقل قدرتها على تنظيم الحملات الانتخابية وإشراك الناخبين الشباب بفعالية. والأهم من ذلك أن العديد من المواطنين ساورتهم الشكوك بشأن الدوافع وراء اللامركزية. وعلى وجه الخصوص، ثمة تخوف بين بعض الأفراد من أن اللامركزية قد لا تؤدي إلا إلى تكرار الهياكل الاستبدادية وشبكات المحسوبية التي كانت موجودة في ظل النظام البائد.19مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، "اللامركزية في تونس: تعزيز المناطق، وتمكين الشعب"، 2018، متاح في: https://carnegie-mec.org/2018/06/11/ar-pub-76529 مؤسسة كارنيغي، اللامركزية في تونس فقد وجدوا صعوبة في إدراك كيف يمكن لمشروع اللامركزية الجديد هذا أن ينفصل عن إرث الاستبداد ويساعد في التغلب على الفوارق المناطقية.

 

 3. النتائج

أجرت مبادرة الإصلاح العربي ثلاث مقابلات نوعية معمّقة مع رئيسة بلدية سابقة وعضوتين سابقتين في المجالس المحلية من المناطق التي تعرّضت للتهميش تاريخياً، حيث ظلت المشاركة السياسية للشباب منخفضة خلال العقد الماضي. أجرينا مقابلتين مع إحدى أعضاء المجلس المحلي ورئيسة بلدية، كنا قد أجرينا مقابلات معهن في النسخة السابقة من مشروع تم بالشراكة مع مؤسسة "بورتيكس" (ARI-Porticus 2021-2022) من ولاية القيروان. وقد أتاحت لنا المتابعة معهن فهم التغيرات السياسية الأخيرة، وكيفية تأثيرها في علاقة الفاعلين السياسيين الشباب بالسياسة المؤسسية. كما أدرجنا أيضًا ضمن المقابلات عضو مجلس محلي آخر من سيدي حسين، وهي منطقة شبه حضرية في تونس العاصمة. تؤكد الدراسة الحالية على أهمية إشراك النساء في المجالس المحلية في ظل التركيز المحدود على توثيق وتسليط الضوء على تجاربهن والتحديات التي تواجههن في الحكم المحلي.

اعتمدت المقابلات استبياناً موحداً صُمّم خلال الإصدار الأول من مشروع (ARI-Porticus 2021-2022)؛ ثم أُدمجت فيه أسئلة جديدة لمعالجة حل المجلس البلدي والسياق السياسي السائد. سلطنا الضوء على الإيجابيات والسلبيات التي أثرت على تجاربهن في المجالس البلدية، ووجهات نظرهن حول اللامركزية، ومستقبل مشاركتهن السياسية، والسياق السياسي الحالي، وغيرها من الموضوعات. تراوحت مدة المقابلات من 45 إلى 90 دقيقة؛ وقد كان عدد المقابلات محدوداً لأن العديد من الأفراد كانوا مترددين في المشاركة في تلك المناقشات بسبب عملية "الارتداد" عن الديموقراطية المستمرة في البلاد؛ والتي تتمثل في تفكيك العديد من المؤسسات التي توطدت أركانها على مدى العقد الماضي، وإضعاف السلطة القضائية والمجتمع المدني.

 

3.1 ربط الخبرة السياسية المباشرة بزيادة الفهم وارتفاع الثقة بالنفس

بدأنا المقابلات بسؤال الأعضاء السابقين ورئيسة البلدية السابقة عن الجوانب الأكثر إيجابية وإرضاءً في مناصبهن؛ فأشارت الثلاثة إلى كيف أن خبراتهن وثقتهن بأنفسهن قد ارتفعت أثناء تقدمهن في مساراتهن المهنية. وقد كانت القوة الدافعة الرئيسية التي جعلتهن ينخرطن في واجباتهن البلدية هي عملية التعلم واكتساب المعرفة، وفي النهاية مشاهدة الأثر الإيجابي لعملهن على المجتمع المحلي.

"الجزء المفضل بالنسبة لي في منصبي هو العلاقة التي بنيتُها مع الناس؛ لقد تعلمت الكثير من هذه التفاعلات؛ وتعرفتُ على مشاكل الناس وما يمرون به يومياً، وهي أشياء ربما لم أكن لأعرفها بطريقة أخرى. الشيء الآخر هو كيف تُصنَع القوانين والقرارات الإدارية؛ حيث هناك فرق شاسع بين أن تكون مراقباً من الخارج، وأن تكون منخرطاً في عمل البلدية من الداخل، حينها تنقلب رؤيتك 180 درجة" (أنثى، 36 سنة، القيروان).

وقالت إحدى أعضاء البلدية - التي كانت تمثل سيدي حسين سابقاً - إن دورها قلب تصورها المسبق عن المنطقة. في البداية، كانت تقيم في باردو، ثم انتقلت بعد ذلك إلى سيدي حسين مع زوجها، حيث قررا الترشح للانتخابات البلدية. "سيدي حسين" هو أحد أكبر أحياء الطبقة العاملة في تونس، والمعروف بمواجهته تحدياتٍ مثل البنية التحتية المتدهورة، وصعوبة الوصول إلى الرعاية الصحية، وخيارات السكن الصعبة؛ كما أن المؤسسات الحكومية في المنطقة لا تقدم سوى الحد الأدنى من الخدمات الاجتماعية والثقافية، ويواجه الحي مشكلة مستمرة تتمثل في ارتفاع معدلات الجريمة20انظر: الشباب والعنف والانقطاع المدرسي والفن في الحي الشعبي في تونس، عبر الرابط:  https://www.international-alert.org/ar/publications/ . كان حلمها "أن تعمل في البلدية حتى يكبر أطفالها في منطقة راقية"؛ وقد ساهمت هذه التجربة أيضاً في توسيع فهمها للجوانب العملياتية للإدارة التونسية، التي كانت في السابق منطقة غير مألوفة بالنسبة لها.

"فادتني تلك التجربة في التعرف على سيدي حسين جيداً؛ فقد كانت رؤيتي للمنطقة سطحية للغاية، أما الآن فأنا أعرف زواياها وأفضل أجزائها. أحياناً، عندما أستقل سيارة أجرة أرشده إلى طرق مختصرة لم يكن يعرفها. لقد تعلمت أيضاً الكثير من الأمور الإدارية؛ كالحيل ونقاط الضعف، وكيف تعمل الإدارة التونسية؟ لماذا تنجح مشاريع معينة بينما تُحظَر/تؤجّل مشاريع أخرى؟ لقد تعلمت الكثير عن كواليس السياسة الخفية. قبل انضمامي إلى البلدية، لم أكن أعرف سوى القليل عن العلاقة بين الإدارات و كيف يتواصلون" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

اختفت تلك الهالة المثالية فور أن واجهن صعوبات عملهن؛ ومع ذلك، عندما طُلب منهن تقييم أدائهن، اعتبرت الثلاثة هذه التجربة بمنزلة فرصة تعليمية ناجحة وقيّمة.

"أعطي التجربة ككل 9 من أصل 10. فعلى الرغم من كل العقبات، إلا أنني تعلمت الكثير من هذه التجربة. وفيما يتعلق بالإنجاز، فنحن لم نحقق سوى بعض ما خططنا للقيام به، حيث كانت المشاكل التي واجهناها أكبر بكثير مما كنا نظن. وفي خضم كل ذلك، حقّقنا بعض الأشياء؛ فقد تجنبنا إنشاء مكب آخر للقمامة، كما عملتُ على مشروع مهم لتشجيع الشباب على المشاركة في الحكم المحلي. وهذان الأمران سيكون لهما تأثير طويل المدى على المجتمع" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

"لا أعتبر تجربتي في البلدية فاشلة؛ بل أعتقد أنها كانت ناجحة. الحقيقة أنني قاومت وأوشكت على قضاء مدة ولايتي كاملة. لقد واصلتُ الذهاب إلى الاجتماعات والتعبير عن آرائي، ولذا لن أعتبر تلك التجربة خالية من أي مكتسبات؛ ولكن لن أعطي نفسي 10 من 10 أيضًا لأن أفكاري لم تؤخذ في الاعتبار؛ سأعطي نفسي ستة، لأنني أشعر بالرضا عن عملي" (أنثى، 36 سنة، القيروان).

3.2 تمكين أم تهميش؟ التحديات التي تواجه المرأة في المجالس البلدية المحلية

اختلال ميزان السلطات

اعتباراً من عام 2022، حُلّ أكثر من 10% من المجالس البلدية في تونس؛ أي 37 مجلس من أصل 350 مجلس بلدي منتخب21Legal agenda, Municipal Council Dissolution in Tunisia: Fears and Flaws, June 2022, available at https://english.legal-agenda.com/municipal-council-dissolution-in-tunisia-fears-and-flaws/ Legal agenda, Municipal Council Dissolution . لم تكن آلية الحل من خلال الاستقالة مشكلة في حد ذاتها، ولكن عندما تكررت تلك الظاهرة في العديد من البلديات، كان من الضروري فهم الأسباب الكامنة وراءها. ومن ثم سألنا الأعضاء السابقين الذين استقالوا لمعرفة مزيد عن التحديات التي واجهوها خلال فترة وجودهم في البلدية. وتوصلنا إلى أن التوترات – سواء بين رئيس البلدية وأعضاء المجلس أم بين أعضاء المجلس أنفسهم – كانت عاملاً محورياً تسبب في جعل بيئة العمل لا تطاق.

في سيدي حسين، أعربت إحدى الأعضاء السابقات عن استيائها من أداء رئيس البلدية، مؤكدة عدم التزامه تجاه مسؤولياته في مجلس البلدية لأنه تمسك بوظيفته المعتادة إلى جانب مسؤولياته في البلدية.

"كان رئيس البلدية رجل أعمال ولديه مصنع، حتى أنهم أرسلوا له أوراقًا ليوقعها في مصنعه وليس في مقر مجلس البلدية؛ فهو لم يكن جاداً. أضف إلى ذلك مسألة مكب النفايات؛ أنا لستُ من النوع الذي يحب إثارة المشاكل، ولذا حاولت أن أتعامل بمهنية واحترافية عالية" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

في عام 2018، تقدم العديد من المرشحين بطلباتهم لرئاسة القوائم الانتخابية، قبل إقرار المادة 6 من قانون المجالس المحلية، التي نصت على وجوب تفرغ رئيس المجلس البلدي لمهامه22Nawaat, Municipalités: Le Travail À Plein Temps, Principal Motif Des Démissions Des Maires, December 2019, available at https://nawaat.org/2019/12/18/municipalites-le-travail-a-plein-temps-principal-motif-des-demissions-des-maires/ . بيد أن المرشحين للانتخابات البلدية لم يعرفوا ما هو الإطار القانوني الذي يجب عليهم الالتزام به، حيث إن البرلمان أقر القانون فقط قبل 10 أيام من الانتخابات البلدية. ومن هنا، احتفظ رؤساء البلديات بوظائفهم العادية، وحصلوا على علاوات مقابل دورهم في مجلس البلدية، على عكس أعضاء المجالس البلدية الذين كانوا يقدمون خدماتهم تطوعاً. وفي بعض الحالات، اضطروا إلى ترك وظائفهم للبقاء على رأس عملهم في مجلس البلدية.

"على مدى خمس سنوات، شعر العديد من الأعضاء بالإحباط لأنهم متطوعون، ولا يمكنهم تخصيص وقتهم بالكامل للمجلس. ومن ثم فلم يكن هناك دافع للاستمرار. ظاهرياً: يبدو أننا نحن صناع القرار، لكن عملياً كانت صلاحياتنا محدودة للغاية". (أنثى، 36 سنة، القيروان).

"تركتُ وظيفتي لأتمكن من التفرغ للعمل في مجلس البلدية، خاصة وأنني كنت رئيسة للجنة، وكان لدينا اجتماعات كل يوم. كأننا كنا في ماراثون" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

وفي القيروان، كانت إحدى الأعضاء السابقات على علاقة ودية مع رئيس البلدية؛ فقد كانت تربطهم "صلة قرابة بعيدة" و"ينتميان إلى الحزب السياسي نفسه". بيد أن هذا الوضع تغير عندما بدأت تختلف مع قراراته، ووصفت هذا التحول بأنه "بداية الحرب"؛ حيث أراد رئيس البلدية أن يفرض خياراته دون النظر إلى وجهات نظر أعضاء المجلس الآخرين، حتى أنه استخدم علاقته الوثيقة مع الإدارة ليمنع الأعضاء من الوصول للمعلومات.

"قبل كل اجتماع، كان من المفترض أن تصلنا الوثائق لفهم سياق مشروع معين، ولكننا تلقينا الوثائق في اللحظات الأخيرة وبعد العديد من الطلبات. ومن المنطقي اتخاذُ القرارات عندما يكون لديك الوقت الكافي لفهم الوضع؛ علاوة على ذلك فإن أشياء كثيرة ستمر دون أن تلاحظها إذا لم تكن علاقتك جيدة مع الإدارة. ورغم أنني عضو في مجلس البلدية إلا أنني لم أستطع أن أطلب معلومات من الإدارة بشكل مباشر؛ حيث كان رئيس البلدية هو الوسيط بيننا، وهو الذي كان من المفترض أن يشاركنا المعلومات" (أنثى، 36 سنة، القيروان).

أثرت الخلافات مع العمداء على العلاقة بين أعضاء المجلس، سواء في سيدي حسين أو القيروان، حيث انحاز بعض الأعضاء إلى العمداء لحماية مصالحهم.

"لم تكن مشكلتي الرئيسية مع رئيس البلدية فقط، بل كانت أيضًا مع أعضاء المجلس الآخرين الذين كانوا يحمونه. لقد أنشأ مجموعة تدعمه حتى لا نتمكن من طرده" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

"بعض الأعضاء لم يعرفوا حتى ما الذي تم مناقشته [في الاجتماع] وقالوا: نحن موافقون على ما سيقرره رئيس البلدية" (أنثى، 36 سنة، القيروان).

كان للتوتر داخل مجلس البلدية أثر سلبي على أداء البلدية، وصورتها العامة، مما دفع الجمهور إلى البحث وراء أعضاء المجلس والتشكيك في نزاهتهم. وهذا بدوره ولّد شعوراً بخيبة الأمل بين أعضاء المجلس السابقين، الذين أجريت معهم مقابلات.

"لقد استقلتُ لأنني عملت كثيراً ولم أحقق شيئا يذكر. لقد وصلنا إلى نقطة كانت فيها صورة البلدية سيئة للغاية. واعتقد الكثيرون أن مجلس البلدية موجود فقط لخدمة أعضاء المجلس، دون أن تكون له أي قيمة مضافة [...] لقد تخليت عن أشياء كثيرة في حياتي الشخصية؛ تركت وظيفتي، وكبر أطفالي أمام عيني دون أن ألاحظ ذلك؛ لقد فعلت كل هذا لأرى أثراً، ولكن ما الفائدة من القيام بكل هذا؟" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

التمييز الجنسي

تماماً مثلما كان للجندر دور في تشكيل الحملات السياسية لأعضاء المجالس23انظر ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011: دراسة مدى تأثير نظام الحصص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية"، أيار/مايو 2022، متاح في: ، فقد كان يُنظر إليه أيضاً على أنه متغير مؤثر في عمل المستشارات الثلاثة السابقات اللاتي أتيحت لنا الفرصة لإجراء مقابلات معهن. في النسخة الأولى من المشروع في عام 2021، لاحظت كل عضوة في المجلس (باستثناء واحدة في فوسانة) أن أعضاء المجلس الذكور الأكبر سناً يظهرون سلوكيات معينة تهدف إلى تقويض ثقتهن بأنفسهن أثناء الاجتماعات24انظر ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011: دراسة مدى تأثير نظام الحصص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية"، أيار/مايو 2022، متاح في: . وقد أجرينا مقابلة أخرى مع رئيسة البلدية 25تمت مقابلتها خلال المرحلة الأولى من المشروع في عام 2021. التي أكدت أن هذه السلوكيات لا تزال قائمة وكان عليها العمل الجاد لكسب المصداقية داخل المجلس.

"إنهم يدلون بتعليقات - خاصة في مجلس البلدية - تشعر بانعدام الثقة. فعندما أكلفهم بشيء ليفعلوه؛ سرعان ما يعربون عن توقعهم بأنه سيفشل. إنهم ينتظرون أن أرتكب الأخطاء" (أنثى، 32 عاماً، الشبيكة).

"لكن بعد ذلك، يبدأون بتقدير عملك ويقولون: "عمل جيد!" و"لقد فعلتِ ما لم يتمكن الرجال من تحقيقه في الماضي". وتعلو وجوههم نظرة الذكور [...]" (أنثى، 32 سنة، الشبيكة).

بالنسبة للعديد من الزملاء الذكور كان من الصعب عليهم تقبل أن تقودهم امرأة، فضلاً عن أن تكون امرأة أصغر سناً. ولذا كان على العضوة السابقة في مجلس بلدية سيدي حسين أن تؤكد سلطتها كامرأة شابة وكرئيسة للجنة الأطفال والشباب والرياضة أثناء عملها مع المنظمات المحلية التي لم تأخذها على محمل الجد.

"إلى حد ما، نعم. إنهم يحاولون دائماً استبعاد جيل الشباب، لكنني أردت أن أفرض نفسي. كنت مسؤولة عن لجنة الأطفال والشباب والرياضة. وعندما تقول رياضة في سيدي حسين، فنعني المنظمات المسؤولة عن رياضات مثل الكاراتيه والكيك بوكسينغ، وهي منظمات يهيمن عليها الذكور، ومعظم رؤساء تلك المنظمات رجال. كان عليّ أن أفرض نفسي والسلطة الممنوحة لي من قِبل البلدية؛ لقد كانوا قاسين ومتملقين في الوقت نفسه. ففي الظاهر كانوا "متساهلين، ولكن في الوقت نفسه كانوا قاسين للغاية، لدرجة تشعرين فيها بعدم الارتياح" (أنثى، 36 سنة، سيدي حسين).

كما تلقت عضوة سابقة في مجلس القيروان تصريحات متحيزة جنسياً في مناسبات مختلفة من رئيسة البلدية، وأمام زملائها الذكور الآخرين، كوسيلة للتقليل من شأنها وتقويض أفكارها.

"لا تزال المرأة بحاجة إلى الاهتمام في تونس. في سياق القيروان، تحظى قرارات الرجال وأفكارهم بقبول أكبر من قرارات النساء. ويميل الرجال إلى دعم بعضهم البعض حتى يفشل النساء. شعرتُ بذلك خاصة عندما نصحني رئيس البلدية بأن أتزوج؛ وأن مكاني الأساسي في منزل عائلتي وليس مجلس البلدية" (أنثى، 36 سنة، القيروان).

لكنها تمكنت من إنشاء شبكة مع أعضاء أخريات لدعم بعضهن في مواجهة المعاملة الجنسية المتحيزة التي يواجهنها في عملهن.

"أنا مؤسسة شبكة النساء المنتخبات في المجالس البلدية التونسية؛ لقد أنشأنا نظام الدعم لبعضنا ضد العنف اللفظي والتحرش؛ يجب علينا جميعاً رفض هذا السلوك. ومع ذلك، لا يدعمنا جميع النساء" (أنثى، 36 عامًا، القيروان).

الفوارق بين الأجيال

يعتبر فارق السن أيضاً أحد العوامل الأخرى التي زادت التوتر داخل المجلس البلدي. في البداية، افتقرت الشابات المنتخبات حديثاً في المجالس البلدية إلى الخبرة، مقارنةً بنظرائهن الأكبر سناً، الذين عزفوا عن تقديم التوجيه ومشاركة معرفتهم، وهو ما فاقم شعورهن بالإقصاء.

“سأتمسك بمسألة السن. عندما انتخبت كنت في الثلاثين من عمري، لم أكن صغيرة للغاية بالنسبة لهم. مع ذلك، أرادوا استغلال افتقاري للخبرة. حدثت مواقف كثيرة شعرت خلالها أن الشخص الواقف أمامي لا يأخذني على محمل الجد، ربما بسبب سني أو كوني أنثى. لا أدري ما إذا كنت ترغب في سرد التفاصيل". (أنثى،36 عاماً، سيدي حسين)

وفور تغلبهن على مشكلة تفاوت الخبرة، أصبحت عضوات المجالس البلدية الشابات أكثر ثقة في التعبير عن آرائهن. وهكذا، أخذ التوتر بين العضوات الشابات والأعضاء الأكبر عمراً في التزايد في المجلس البلدي. لكن تأثير العضوات الشابات ظل محدوداً، فقد كانت سلطة اتخاذ القرار في يد رئيس البلدية، الذي لم يهتم بأفكارهن ولا ملاحظاتهن، في أغلب الحالات.

"العمر له تأثير. يجب أن يضعوا حداً أقصى لعمر رئيس البلدية. في بلديتنا، كان رجلاً كبيراً في السن مشرفاً على نهاية حياته المهنية. أراد فرض قراراته. وقد استقال أعضاء شباب كثر بسبب إحباطهم من رئيس البلدية". (أنثى، 36 عاماً، القيروان)

“[…] الشباب لا يطيقون الانتظار. ويرغبون في رؤية التغيير يتحقق أمامهم بسرعة. لهذا أصررت على أن رئيس البلدية يجب أن يكون شاباً، لأن الأجيال الأكبر عمراً تميل إلى إطفاء جذوة الطموح. أما الشباب فلا يتوقفون عن السعي لإحراز المزيد". (أنثى، 36 عاماً، سيدي حسين)

لم يقتصر ضعف التواصل على مجلس البلدية ذاته فحسب. لم تتمكن البلدية أيضاً من إشراك الشباب بفعالية، لا سيما وأنها مؤسسة كانت أكثر قرباً من واقعهم على الأرض من الناحيتين المادية والسياسية.

“لدى الشباب رؤية سلبية للغاية عن البلدية. لذا يجب على البلدية أن تتواصل معهم بصورة أفضل. فهي لا تقدم لهم أيّ خدمات. ولا تيسر حصولهم على مشروعات. وقد أثر غياب رئيس البلدية عن المشهد على الصورة التي رسمها  الشباب للبلدية". (أنثى، 36 عاماً، سيدي حسين)

“لا ألمس [أيّ تغييرات حدثت من أجل الشباب]! أخبروني أرجوكم بأي شيء أُنجز من أجل الشباب. لدي زملاء يعملون في بلديات عادوا للعمل في وظائفهم الثابتة والعادية، وزملاء شباب آخرون تخرجوا من جامعاتهم ويجلسون في بيوتهم دون عمل. لا يوجد موقع للشباب على الخريطة!" (أنثى، 32 عاماً، الشبيكة)

العودة إلى النمط القديم بعد الاستيلاء على السلطة في 25 تموز/يوليو

بعد استيلاء سعيد على السلطة، عانت المجالس البلدية من حكمه الاستبدادي إلى أن أعلن عن حلها في آذار/مارس 2023. وقد شهدت هذه الفترة عدة تغييرات، أبرزها هو إلغاء وزارة الشؤون المحلية وإلحاق جميع الإدارات التابعة لها بوزارة الداخلية، وعودة السلطة الرقابية للوالي. وقد أُثيرت تأويلات كثيرة حول سبب إفلات المجالس البلدية من عملية "إعادة الهيكلة" التي نفذها سعيد، والتي طالت الحكومة والبرلمان. ارتأى أحد وجهات النظر أن البلديات حينها كانت لا تزال في مرحلة تجريبية، وهو ما جعل من الصعب على سعيد الحكم بفشلها أو تحميلها مسؤولية سياسية كبيرة مقارنة بالحكومة أو البرلمان.26See Meshkal, Decentralization or Local Power : In conversation with Chaima Bouhlel, June 2023, available at https://meshkal.org/decentralization-or-local-power-in-conversation-with-chaima-bouhlel/ ( Meshkal, Decentralization or Local Power )

خلال مقابلات، سألنا العضوتين السابقتين ورئيسة البلدية إذا ما شهدت البلديات التي عملن فيها تغييرات كبيرة بعد 25 تموز/يوليو. وأكدت رئيسة البلدية أنها واجهت مراقبة شديدة من الوالي، إضافةً إلى تدخله في عملها.

“تنجح اللامركزية عندما يمتلك رئيس البلدية القدرة على العمل.  لكنك الآن تتلقى الأوامر من الوالي. ففي الفترة الأخيرة، أجلنا مسابقتي توظيف". (أنثى، 32 عاماً، الشبيكة)

وفي بلديات أخرى، بدأت تتكشف تدخلات للسلطة التنفيذية في الشؤون المحلية. أحد الأمثلة على ذلك هو إعفاء رئيس بلدية بنزرت من مهامه بموجب الأمر عدد (916) لسنة 2022 المؤرخ في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2022. وهذا الإعفاء هو تتويج لعلاقة متوتّرة بين رئيس البلدية والوالي، والتي بدأت تتأزم منذ أكثر من سنة على الإقالة.27نواة، "من الأمر 117 إلى حل المجالس البلدية: مراحل هدم السلطة المحليّة في تونس"، آذار/مارس 2023: متاح عبر الرابط التالي: https://nawaat.org/2023/03/16/

قبل عام 2018، كانت سلطة الرقابة تترجم إلى موافقة مسبقة من الوالي على جميع القرارات الصادرة عن البلدية، أو المجالس الجهوية. وتصرف الوالي باعتباره ممثلاً عن الدولة ورئيساً للمجلس الجهوي. وكانت تقاريره ترفع إلى وزارة الداخلية مباشرة، مع تمتعه بسلطة صارمة. أما بعد عام 2018، فلم يعد الوالي يتمتع بهذه السلطة بعدما ألغت مجلة الجماعات المحلية كافة الصلاحيات المسبقة التي كانت ممنوحة للحكومة المركزية على القرارات الصادرة عن المجالس والسلطات المحلية والجهوية.28مروة شلبي، ديناميات السلطة اللامركزية

وبعد 25 تموز/يوليو، بدأ الوالي في استعادة سلطته المفقودة. والآن، بعد قرار حل المجالس البلدية، أصبحت السلطة في يد الكتّاب العامين للبلديات، بإشرافٍ من الوالي. وعليه، فإننا نشهد تحولاً من اللامركزية إلى عودة النمط القديم للسلطات المحلية التي تسيطر عليها حكومة مركزية تخضع للسلطة التنفيذية.29(مشكال، اللامركزية أم السلطة المحلية )

الأمر الآخر الذي ذكرته رئيسة البلدية هو تغيّر المزاج العام داخل البلديات حيث بدأ كثير من الأشخاص يخشون التصريح بآرائهم أو انتقاد ما يحدث. لأنهم إذا فعلوا ذلك، كانوا يتهمون بأنهم "يعارضون قيس سعيد".

"بالفعل، تغيرت الأمور بعد 25 تموز/يوليو. إذا اختلفت مع أحدهم، فسيقول لك: "أنت ضد المسار {المصطلح الذي يطلقه أنصار سعيد على عملية الاستيلاء على السلطة}". لا تكمن المشكلة في الرئيس وحده، وإنما أيضاً في ممثليه على الأرض. إذا كنت تعارض الوالي، فأنت بالتبعية ضد المسار. وعن تجربة، كنت تحت المراقبة لأنني التقيت بشخصٍ لديه مشكلة مع الوالي". (أنثى، 32 عاماً، الشبيكة)

هل ترحل أم تبقى؟ ما هي الآفاق السياسية للشباب

خلال المرحلة الأولى من المشروع، لاحظنا أن نظام الحصــص المقــررة للشــباب بدا فعالاً فيما يتعلق بإشراك الشباب في السياسة المؤسّسية، وهو ما دفع غالبية أعضاء المجالس البلدية الشباب الذين حاورناهم إلى التفكير في زيادة مشاركتهم السياسية، مثل الترشح في الانتخابات التشريعية.30ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011". وفي ظل المناخ السياسي العام، سألنا العضوتين السابقتين في المجلس البلدي عن آفاقهما السياسية في المستقبل القريب. وللأسف، أعربت كلتاهما عن عدم اهتمامهما بالسياسة مع الانحدار الواضح الذي شهدته على مدار العامين الماضيين.

"إذا طُرح علي هذا السؤال قبل 2021، كنت سأرد بالإيجاب. أما الآن، فلست مهتمةً بالسياسة.  لا يسمح وضعنا اليومي بالمشاركة في السياسة. لا يمكنك أن تشعر بالحرية في بلدٍ غير ديمقراطي، تُفرض فيه كثير من القيود". (أنثى، 36 عاماً، القيروان)

"وجدت السياسة لخدمة الناس. لكن على أرض الواقع، العكس هو الصحيح. لا أظن أنني سأظل جزءاً منها. مع ذلك، أحياناً أفكر أنه لو توفرت الظروف المناسبة، فأعرف أن باستطاعتي المساعدة أكثر من غيري. أما الآن، فقد باتت المشاركة في السياسة مستبعدة كلياً". (أنثى، 36 عاماً، سيدي حسين)

أما عن المستقبل المهني، فقد وصفت العضوة السابقة في مجلس بلدية القيروان جيلها بأنه "جيل مُبتلى"، يجب عليه الاختيار بين العيش في ظروف اقتصادية أفضل أو التمتع بالديمقراطية، لكن من المستحيل أن يتحقق الخياران معاً. وقد سئمتْ من إضاعة سنين عمرها في تونس بينما لم تتحسن ظروفها المادية منذ تخرجها. وتبحث بجدية عن فرص للعمل في الخارج. ينطبق الحال ذاته على رئيسة البلدية التي حاورناها، والتي تستعد للرحيل من البلاد في نهاية العام للالتحاق بزوجها في أوروبا.

"أصبح مستقبلي المهني في وضع حرج. خسرت أموالاً بسبب الجائحة. ولم أتمكن من الحصول على أيّ تعويضات. فقد تخرجت، ولم أتمكن من إيجاد وظيفة تناسب تخصصي. لذا واصلت العمل بعقود قصيرة الأجل إلى أن فتحت مشروعي الخاص. لكني خسرت الكثير خلال الجائحة. وخسرت خمس سنوات من العمل في البلدية. صحيح أنني تعلمت الكثير، لكنني لم أجنِ مالاً خلالها. والآن أبحث عن فرصة في الخارج. وجدت وظيفة في فرنسا، لكن التأشيرة رُفضت. يجب على الاتحاد الأوروبي تخفيف القيود المفروضة على منح التأشيرات. حالياً أبحث عن عقد عمل في كندا. قبل عامين، أجريت مقابلة معكم أو مع مؤسسة أخرى. وقلت خلالها إنني لن أرحل عن تونس أبداً. منذ الثورة وهذا الجيل يضيع سنين عمره. نشعر أننا أصبنا بلعنة، إما العيش في وضع اقتصادي جيد وإما التمتع بالديمقراطية، لكن مستحيل كلاهما". (أنثى، 36 عاماً، القيروان)

4. أنظمة الحصــص المقــررة للشــباب وحدها ليست كافية: دروس للمستقبل

في حين أن الحصــص  المقــررة للشــباب ساعدت الشباب بلا شكٍ على الفوز بمقاعد في الانتخابات البلدية، لكنها عجزت عن حماية الشباب في مواجهة العقبات المستجدة عند دخولهم في السياسة المؤسّسية. لا يمكن للكوتا وحدها أن تضمن استمرار مشاركة الأعضاء في المجالس المحلية على المدى الطويل ورضاهم عن التجربة، مثلما أوضحت العضوتين اللتين أجرينا مقابلات معهما واللتين استقالتا قبل انتهاء مدة انتخابهما. وتُعد الفوارق بين الأجيال وضعف التواصل واختلال القوة والتمييز على أساس النوع الاجتماعي والعمر، من بين العوامل التي تساهم في صعوبة التجربة.

واجهت العضوتان ورئيسة البلدية ثقافة الاستعلاء التي خيمت على أعضاء المجلس البلدي الذكور، كون كثير منهم انخرطوا في السياسة أو عملوا في مؤسسات الدولة خلال نظام بن علي، واستغلوا خبرتهم من أجل ترهيب العضوات الشابات.31ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011". وبالفعل، لم تمنح وجهات نظرهن الأهمية ذاتها. ولاحظت العضوات أن أفكارهن يجري تجاهلها لصالح نظرائهن الرجال، الذين لجأوا إلى التعليقات الجنسية للتقليل من شأنهن. لقد طلبوا منهن "الزواج" أو "البقاء في البيت"  وهو ما يكرس السردية المجتمعية عن الشابات بوصفهن "غير صالحات" للعمل في السياسة، وهو ما يؤدي في النهاية إلى خلق تصور سلبي عن الذات.

مثلما ذكرت رئيسة البلدية والعضوتان الآخرتان، فقد شعرن بفقدان الثقة في الذات والإحباط بسبب التعليقات الموجهة لهن ولِعملهن. فقد دخلت الشابات ساحة عمل غير عادلة وحاولن إثبات جدارتهن في بيئة لا تلبي احتياجاتهن ومطالبهن. وشعرن أنهن عالقات في دوامة، من خلال بذل جهود دؤوبة دون مقابل ودون نتائج ملموسة لأن سلطة اتخاذ القرارات النهائية كانت في يد رئيس البلدية. وقد حاولن التماس الدعم من خلال التضامن. في حالة عضوة المجلس المحلي في القيروان، فقد تمكنت من إنشاء "شبكة النساء المنتخبات في المجالس البلدية التونسية"، لتقديم نظام دعم وفرصة للتواصل لمساعدتها هي وباقي عضوات المجالس البلدية على التعامل مع مشكلة التمييز القائم على النوع الاجتماعي.

وفقاً للنتائج التي توصلنا إليها، فإن المكاسب التي تحققت بفضل الحصــص الشبابية كانت واهية. يمكن تفسير بعض العناصر المنبثقة عن تجارب العضوات الشابات في المجالس البلدية على أنها علامات تحذير. يحتاج الفاعلين الشباب إلى دعم في بداية عملهم في السياسة المؤسّسية. إضافةً إلى التوصيات الأكثر هيكليةً أو مؤسسيةً، فإن تغيير الثقافة السياسية السائدة يعد أمراً ضرورياً. يتمثل جزء من هذا التغيير في ضرورة نبذ السياسيين الكبار ومن هم في منتصف العمر لبعض الممارسات مثل التقليل من شأن الشباب، والنظر إليهم على أنهم أقل كفاءةً بسبب افتقارهم للخبرة السياسية، ولا بد أيضاً من إيلاء اهتمام أكبر لِمشاكلهم وطلباتهم. وتظل نسبة تمثيل الشباب في الأحزاب السياسية منخفضة للغاية مقارنة بثقلهم الديموغرافي.

يمكن لدعم وتعزيز المجموعات الشبابية داخل الأحزاب السياسية أن يمثل محركاً قوياً يشجع على ترشيح الشباب، لأن ذلك يساهم في انخراط الشباب في مجتمع السياسة ويؤدي دوراً أساسياً في تعيين المرشحين وإعدادهم لتولي العديد من الأدوار.32Daniel Stockemer and Aksel Sundström, Youth without Representation The Absence of Young Adults in Parliaments, Cabinets, and Candidacies, University of Michigan Press, 2022. يمكن أيضاً للارتقاء بمقررات التربية الوطنية في المدارس والجامعات أن يزيد من اهتمام الشباب بالسياسة ومعرفتهم بها، إلى جانب مساعدتهم في اكتساب الخبرات الشخصية والمهنية اللازمة وتوفير سبل التواصل الضرورية في المجال السياسي.

وقد مثّلت المقابلات فرصة لاستيعاب النجاحات والإخفاقات المشهودة خلال رحلة العضوات الشابات السابقات في المجالس البلدية على مدار السنوات الخمس الماضية. وعلى الرغم من عرقلة ترشحهن الأول، والعيوب التي شابت تجربتهن، لا يزال نظام الحصــص المقــررة للشــباب أحد المكاسب الأساسية التي تحققت خلال فترة التحول الديمقراطي التي انتهت في تونس. الآن، وفي ظل التراجع الملحوظ للنهضة والتقدم الذي شهده إشراك الشباب في العمليات السياسية الرسمية، بات من الضروري توفير مساحة لمناقشة تحديات الشباب وإنجازاتهم في السياسة المؤسّسية، والتي يمكن الاستفادة منها عند وضع سيناريو مستقبلي بعد إعادة فتح الفضاءات السياسية والمدنية في تونس.

Endnotes

Endnotes
1  Jana Belschner, “The adoption of youth quotas after the Arab uprisings,” Politics, Groups, and Identities, 2018.
2 Brian Braun, Three Things to Know About Sunday’s Elections in Tunisia, May 2018, available at  https://www.iri.org/news/three-things-to-know-about-sundays-elections-in-tunisia/?utm_source=www.democracyspeaks.org Brian Braun, Three Things to know About Sunday’s Elections
3 Brian Braun, Three Things to know About Sunday’s Elections
4  مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، "الانتخابات البلدية في تونس"، أيار/مايو 2018، متاح في: https://carnegieendowment.org/sada/76303
5 انظر ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية للشباب في تونس ما بعد 2011: دراسة مدى تأثير نظام الحصص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية"، أيار/مايو 2022، متاح في: https://s3.eu-central-1.amazonaws.com/storage.arab-reform.net/ari/2022/05/23142324/2022-05-Arab-Reform-Initiative-Youth-political-participation-in-Tunisia-local-councils-AR-1.pdf ملاك الأكحل، المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد عام 2011
6 ينص القانون التونسي على أن رئيس البلدية ونوابه هم وحدهم المخولون بإبرام عقود الزواج. وقد ترك حل المجالس البلدية فجوة قانونية لم تحل بعد.
7  Alessandra Bajec, “How Tunisia's new electoral law sets back women's political rights,” The New Arab, 16 November 202gi2, available at https://www.newarab.com/analysis/tunisias-electoral-law-sets-back-womens-political-rights
8 Janine A. Clark, Emanuela Dalmasso and Ellen Lust, “Not the only game in towns: explaining changes in municipal councils in post-revolutionary Tunisia”, Democratization, Vol.26, 2019. Janine A. Clark, Not the only game in towns
9   Janine A. Clark, Not the only game in towns
10 Yassine Bellamine, When is the decentralization bill?, available at Nawaat ,January 2015, https://nawaat.org/portail/2015/01/22/a-quand-un-projet-de-loi-de-decentralisation-1e-partie/
11 قانون الجماعات المحلية هو الإطار القانوني الذي يحكم جميع جوانب الحكم المحلي.
12 Marwa Shalaby, Chagai Weiss, Ellen Lust, Kristen Kao, Erik Vollmann, Sylvia I. Bergh, Ezra Karmel, Miriam Bohn, Intissar Kherigi, and Zeynep Kadirbeyoglu, “The Dynamics of Decentralization in the MENA : Processes, Outcomes, and Obstacles”, The Program on Governance and Local Development at Gothenburg, 2020.
13 Marwa Shalaby, The Dynamics of Decentralization
14 The Tahrir Institute For Middle East Policy, What Will Change After Tunisia’s Municipal Elections?, June 2018, available at https://timep.org/2018/06/19/what-will-change-after-tunisias-municipal-elections/ (The Tahrir Institute For Middle East Policy, What Will Change)
15 (The Tahrir Institute For Middle East Policy, What Will Change)
16 Jana Belschner, “The adoption of youth quotas after the Arab uprisings,” Politics, Groups, and Identities, 2018.
17 Kirstie Lynn Dobbs, “ Youth quotas and “Jurassic Park” politicians: age as a heuristic for vote choice in Tunisia’s new democracy,” Democratization, 202
18 Centre de l’observation de la société, L’évolution de l’abstention sous la Ve République, Mars 2020, available at https://www-observationsociete-fr.translate.goog/modes-de-vie/vie-politique-et-associative/participationvote/?_x_tr_sl=fr&_x_tr_tl=en&_x_tr_hl=fr&_x_tr_pto=wapp
19 مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، "اللامركزية في تونس: تعزيز المناطق، وتمكين الشعب"، 2018، متاح في: https://carnegie-mec.org/2018/06/11/ar-pub-76529 مؤسسة كارنيغي، اللامركزية في تونس
20 انظر: الشباب والعنف والانقطاع المدرسي والفن في الحي الشعبي في تونس، عبر الرابط:  https://www.international-alert.org/ar/publications/
21 Legal agenda, Municipal Council Dissolution in Tunisia: Fears and Flaws, June 2022, available at https://english.legal-agenda.com/municipal-council-dissolution-in-tunisia-fears-and-flaws/ Legal agenda, Municipal Council Dissolution
22 Nawaat, Municipalités: Le Travail À Plein Temps, Principal Motif Des Démissions Des Maires, December 2019, available at https://nawaat.org/2019/12/18/municipalites-le-travail-a-plein-temps-principal-motif-des-demissions-des-maires/
23 انظر ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011: دراسة مدى تأثير نظام الحصص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية"، أيار/مايو 2022، متاح في:
24 انظر ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011: دراسة مدى تأثير نظام الحصص المقررة للشباب من وجهة نظر أعضاء المجالس البلدية المحلية"، أيار/مايو 2022، متاح في:
25 تمت مقابلتها خلال المرحلة الأولى من المشروع في عام 2021.
26 See Meshkal, Decentralization or Local Power : In conversation with Chaima Bouhlel, June 2023, available at https://meshkal.org/decentralization-or-local-power-in-conversation-with-chaima-bouhlel/ ( Meshkal, Decentralization or Local Power )
27 نواة، "من الأمر 117 إلى حل المجالس البلدية: مراحل هدم السلطة المحليّة في تونس"، آذار/مارس 2023: متاح عبر الرابط التالي: https://nawaat.org/2023/03/16/
28 مروة شلبي، ديناميات السلطة اللامركزية
29 (مشكال، اللامركزية أم السلطة المحلية
30 ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011".
31 ملاك الأكحل، "المشاركة السياسية لدى الشباب في تونس فيما بعد 2011".
32 Daniel Stockemer and Aksel Sundström, Youth without Representation The Absence of Young Adults in Parliaments, Cabinets, and Candidacies, University of Michigan Press, 2022.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.