الحراك البيئي ضد مشكلة النفايات في تونس

SFAX, TUNISIA - NOVEMBER 10: Tunisians take part in a demonstration demanding the closure of Al Kina Waste Center in on November 10, 2021, following the reopening of a rubbish dump, in the Tunisian town of Aguereb in the central region of Sfax, which has seen weeks of angry demonstrations over a growing waste crisis. ( Houssem Zouari - Anadolu Agency ) Houssem Zouari - Anadolu Agency

مقدمة

شهد النشاط البيئي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في السنوات الأخيرة تصاعداً مطّرداً، وارتبطت بقضايا بيئية معينة. الأمثلة عديدة ومتنوعة، إلا أن القضايا المتعلقة بسوء إدارة النفايات تعتبر محوراً رئيسياً ضمن "المخاوف البيئية" لهذه المجتمعات. ويعكس ما حدث في لبنان وتونس المكانة الجوهرية التي تحتلها قضية النفايات في عملية النضال لتحقيق العدالة البيئية على المستوى المحلي والوطني. إذ بيّنت مشكلة النفايات في هذين البلدين قدرة عالية على التعبئة والحشد. ففي لبنان تمكنت حركة طلعت_ريحتكم عام 2015، من تنظيم أكبر حشد جماهيري مستقل نشأ منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، ومن توحيد طيف واسع من النشطاء والمواطنين ضد التداعيات البيئية والصحية وسوء إدارة ملف النفايات في البلاد وغياب خطة للإدارة المتكاملة لهذه الخدمة، بالإضافة إلى غياب المساءلة والإفلات من العقاب ضد ما وصفوه بالجرائم البيئية ومخالفة القوانين، والفساد المستشري في الطبقة السياسية. إذ تهيمن ثقافة المحاصصة والمحسوبية والزبائنية لخدمة مصالح الزعماء الطائفيين عبر سردية مشتركة ومصالح مشتركة.1Ziad Abu-Rish, "Garbage Politics." Middle East Report 277, 2015. Carmen Geha, “Politics of a Garbage Crisis: Social Networks, Narratives, and Frames of Lebanon’s 2015 Protests and their Aftermath." Social Movement Studies 2019, 18 (1):78-92. J. Farah et E. Verdeil, “Instruments et territoires de la gouvernance des déchets au Liban”, Géocarrefour 2021, 95/1.سمر خليل، " التأثير بالسياسات العامة: إدارة النفايات والمناصرة في لبنان"، مبادرة الإصلاح العربي  2022، صفحة 33، https://www.arab-reform.net/ar/publication/

وفي تونس، تحولت المشكلات المتعلقة بالنفايات بعد ثورة عام 2011 إلى قضايا رأي عام، وحظيت بتغطية إعلامية كبيرة، مثل أزمة النفايات  في جربة وصفاقس اللتين غمرتهما القمامة وانتشرت فيهما المكبّات العشوائية، مبيّنةً عجز الدولة عن حسن تسيير الخدمات العامة.

ساهم هذا الوضع في ظهور ناشطية بيئية نمت وتطورت حول قضية النفايات وتداعياتها البيئية والصحية والاجتماعية، ونجح بعضها في التحول إلى حراك بيئي منظم.2مهى بوهلال، "المدلول السياسي لأزمة النفايات: دراسة مقارنة بين تونس ولبنان"، مركز دراسات الوحدة العربية، مجلة المستقبل العربي 2023، عدد 532.

تتشابه مختلف أزمات النفايات تقريباً،  إذ تُغلق المكبات تحت ضغط الحركات الاحتجاجية، باعتبار تجاوزها المدة المحددة لعملها، وتحولت إلى كوارث بيئية بالنسبة إلى المواطنين القريبين منها، نظراً إلى تداعياتها الخطيرة على صحتهم وحياتهم اليومية (مثل مطمر قلالة في جربة، ومطمر الناعمة في بيروت، ومطمر القنة في صفاقس). وأمام هذا الإغلاق الفجائي، تبدأ المفاوضات المطوّلة لإيجاد حلول بديلة على المدى القصير، في حين يكون ذلك غالباً غير ممكن، فتبدأ بالتالي النفايات بالتراكم في الشوارع والمكبات العشوائية على أطراف المدينة. وفي كثير من الأحيان تلجأ السلطات إلى إعادة فتح مواقع قديمة (مكب الميناء القديم في صفاقس، مكب تلبت في سدويكش جربة...) مقابل وعود بأن هذا الاستخدام مؤقت  حتى توفير موقعٍ بديل وإيجاد حلٍّ نهائي.3Maha Bouhlel et Jamie Furniss, “Le président ‘propre’ : Métaphores politiques de déchets et de propreté”, Confluences Méditerranée, 2023/2 (N° 125), pp. 169-182.

تهدف هذه الدراسة من خلال مشكلة إدارة النفايات إلى فهم النشاط البيئي في تونس الذي تطور بشكلٍ لافت بعد عام 2011، وفهم قدرته على التأثير في السياسات البيئية في ظل الوضع الحالي المتميز بتراجع أشكال الحشد الجماهيري وتزايد اللجوء إلى السلطوية.

يركز البحث على حملات النشاط البيئي التي نشأت كرد فعل على التداعيات البيئية لسوء التصرف في النفايات بتونس. ويسعى إلى دراسة النشاط البيئي المهتمة بقضية اللاعدالة في إدارة النفايات. ما هي السرديات التي اعتمدتها لتأطير هذه المشكلة؟ ما هي آليات التبرير والحشد وأنماط الاحتجاج التي تبنتها في إطار المنافسة على الأولوية مقارنةً بمشكلاتٍ أخرى؟ ما هي أطر التفاعل بين مختلف هذه الحملات من ناحية، وبين الناشطين والسلطة المحلية والمركزية من ناحية أخرى؟ ما هي ردود الفعل المؤسسية والسياسية تجاه هذه الحملات؟ وما هي الاستنتاجات والدروس المستفادة؟

تنتظم الدراسة حول خمسة أقسام رئيسية. يقدم القسم الأول لمحة عامة وموجزاً حول مشكلة إدارة النفايات في تونس. ويهتم القسم الثاني بدراسات الحالة المتعلقة بالنشاط البيئي، فتستكشف كل دراسة حالة السرديات وآليات التبرير والحشد وأنماط الاحتجاج التي اعتمدتها وأشكال التفاعل مع السلطة، وأشكال تفاعلها في ما بينها إن وجدت. بينما يحاول القسم الثالث فهم التحديات التي تواجهها هذه الحملات. في حين يقترح القسم الرابع والأخير توصيات سياساتية تهدف إلى تدعيم دور النشاط البيئي في التأثير على السياسات العامة، وليس فقط بالاحتجاج عليها ورفضها.

 

منهجية الدراسة

من الناحية المنهجية، أُجريت هذه الدراسة من منظور الحراك البيئي وقدرته على التأثير في السياسات العامة، أو على الأقل قدرته على دفع السلطة بشقيها المركزي والمحلي إلى إجراء بعض المراجعات في ما يتعلق بخدمة النفايات. تستند الدراسة إلى مراجعة واستعراض الأدبيات حول مشكلة النفايات في تونس وغيرها من بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتحديداً المثال اللبناني، ومراجعة المقالات والمقابلات الصحفية التي تناولت أزمات النفايات المتعاقبة وأشكال النشاط البيئي التي رافقتها.

واعتمدت منهجية العمل بشكلٍ رئيسي على 11 مقابلة جرت بين شهري شباط/فبراير ونيسان/أبريل مع الناشطين البيئيين الذين ساهموا في تأسيس هذا الحراك البيئي، وتقرر عدم الكشف عن هويتهم، ما يمنح أريحية أكبر في استخدام تصريحاتهم من دون تعريضهم لمضايقات، بالإضافة إلى تخصيص زيارات ميدانية إلى مكب برج شاكير ومكب الميناء القديم في صفاقس؛ بينما تعذّر  الدخول إلى مكب القنة بسبب إغلاق  الطريق الوحيدة المؤدية إليه. كما اعتمدت منهجية العمل على منهج الملاحظة بالمشاركة (participant observation)، فتمكنت الباحثة من حضور اجتماعات اللجنة الاستشارية لمتابعة أزمة النفايات في صفاقس بصفة مراقب بشكلٍ شبه دائم. وساهمت هذه المنهجية في توفير العديد من المعلومات التي تخص الجوانب التقنية والإدارية والقانونية لإدارة النفايات في تونس.

 

حالات الدراسة يشار إلى أن ظهور الاحتجاجات المتعلقة بمكبات النفايات انطلقت من جزيرة جربة جنوب شرق تونس، عندما استطاع  المواطنون في مرحلة أولى عام 2012 إغلاق مكب قلالة، وفي مرحلةٍ ثانية من التصدي لمحاولة إعادة فتحه عام 2014. إلا أن ما حدث في جربة لم يرتقِ إلى حراك بيئي منظم ومؤطر كما حدث  لاحقاً في عقارب وتونس العاصمة. لذلك يفحص البحث أساساً حملتي سكّر_المصبّ في عقارب ومانيش_مصبّ في تونس التي تمكنت من التحول إلى حراك بيئي. انطلقت هذه الحملات في إطار المطالبة بإغلاق مكبات أو مطامر مراقبة للنفايات، وهي مطمر برج شاكير في تونس ومطمر القنة في عقارب اللذين يحتلان المرتبة الأولى والثانية وطنياً على التوالي لجهة المساحة وحجم النفايات التي تستقبلها بشكلٍ يومي. وتواصل الدولة استغلال هذه المكبات على الرغم من اعترافها المتواصل بتشبّعها ونهاية صلاحيتها، بالإضافة إلى تعهداتها المتتالية بإغلاقها نهائياً. وتقع هذه المكبات في المناطق المحرومة التي تقطنها الطبقات الفقيرة والعاملة ذات القدرة الضعيفة عموماً للدفاع عن نفسها. وفي هذا الإطار نشأت حملة سكّر_المصبّ (أغلق مكب النفايات) في إشارة إلى مطمر برج شاكير الذي أنشئ عام 1999، وهو أكبر مكب للنفايات في تونس، يمتد على مساحة تزيد عن 120 هكتاراً، ويستقبل يومياً نحو 3000 طنٍّ من النفايات المجمّعة من ولايات تونس، منوبة، أريانة وبن عروس (38 بلدية). تكمن أهمية هذه الحملة في الزخم الإعلامي الذي صاحبها، وحجم المخاطر البيئية الناتجة عن تواصل استغلال هذا المصبّ الذي يحتوي اليوم على أكبر مساحة من أكوام النفايات المفتوحة تصل إلى 12 هكتاراً تقريباً، بارتفاع يصل إلى 30 متراً. أما حملة مانيش_مصبّ (لست مكباً للنفايات) فأطلقتها مجموعة من الناشطين البيئيين للمطالبة بإغلاق المطمر المراقب في منطقة "القنة" من مدينة عقارب الذي كان يستقبل يومياً نحو 800 طن من النفايات مصدرها كل بلديات ولاية صفاقس، وهي ثاني أكبر ولاية بعد العاصمة تونس في حجم السكان.

نجحت الحملة في فرض الإغلاق النهائي لمطمر القنة، على عكس حملة سكّر_المصبّ في برج شاكير. ولا يمكن دراسة حملة مانيش_مصبّ بمعزل عن حملات أخرى رافقتها كحملة #رجع_المصبّ المعارضة التي قادتها مجموعة من الأطراف في محاولة لإعادة فتح مطمر القنة بالإضافة إلى حملات #يزي (يكفي)

و #صفاقس_تتحرك التي نُظمت ضد أكوام النفايات المتراكمة في شوارع مدينة صفاقس.

 

النفايات محور رئيسي من محاور "المخاوف البيئية" في البلاد التونسية

تحولت النفايات إلى محور رئيسي من محاور "المخاوف البيئية" في تونس منذ الأيام الأولى للثورة. وتفاقمت هذه المخاوف مع تفاقم أزمة النفايات خلال فترة الانتقال السياسي (2012-2014) نظراً إلى عدم الاستقرار السياسي، وعجز  الدولة عن مواجهة الرفض الاجتماعي لمجاورة مطامر النفايات (ظاهرة تعرف بـ"NIMBY" اختصاراً لـNot In My Back Yard، وهي تدل على رفض السكان لتغير يخص منطقتهم المحلية). فسرعان ما تتخلى الدولة عن الحلول التي تقترحها، إما تحت الضغط المدني أو لأنها ذات كلفة مرتفعة وأولوية منخفضة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه البلاد.4مهى بوهلال،  " اللجوء الى المدخل التشاركي لاحتواء الأزمات في تونس: أزمة النفايات بصفاقس"، مبادرة الإصلاح العربي 2023،  https://www.arab-reform.net/ar/publication/ ويُذكر أنه لا يمكن اعتبار مشكلة النفايات في تونس أو التعامل معها على أنها نتيجة للثورة، إلا أنها ساهمت بشكلٍ أو بآخر في تعميقها. ولا يمكن عموماً فهم الوضع المتأزم الذي تعيشه تونس اليوم من سوء إدارة النفايات وتعطل الإصلاحات والحلول وانسداد الأفق للخروج من الأزمة من دون تقديم لمحة موجزة عن الإطار السياسي والمؤسسي لهذه الخدمة.

فمنذ تسعينيات القرن الماضي مثلت إدارة النفايات محوراً استراتيجياً لسياسة الحكومة في تونس. فأطلقت عام 1993 البرنامج الوطني لإدارة النفايات الصلبة، القائم على إنشاء وحدات لمعالجة النفايات المنزلية والمشابهة، وأخرى متخصصة في معالجة النفايات الصناعية والخطرة. وتلت هذا البرنامج مجموعة من اللوائح والقوانين والمراسيم والأوامر المتعلقة بتحسين إدارة النفايات، منها قانون 1996-41 لعام 1996 المتعلق بالنفايات وكيفية إدارتها والتخلص منها، والمرسوم 97-1102 لعام 1997 الذي يحدد الشروط والإجراءات لاستعادة وإدارة العبوات المستعملة. واستندت هذه الترسانة القانونية أساساً إلى إنشاء مطامر مراقبة لدفن النفايات ومراكز للتحويل بالتوازي مع إغلاق وإعادة تهيئة مكبات النفايات غير المراقبة التي كانت تُستخدم سابقاً.

وفي هذا الإطار أُنشئ عشرة مصبّات مراقبة عام 2008، قُدّرت مدة عملها  في البداية بخمسة إلى عشرة أعوام.  لكن، وبعد 15 عاماً، وفي غياب جميع البدائل لا زالت الدولة تستغل هذه المصبّات التي تحولت إلى كوارث بيئية بالنسبة إلى التجمعات السكنية القريبة منها. وساهم ذلك في اندلاع العديد من الأزمات المتعلقة بإغلاق المواطنين هذه المصبّات بالقوة أمام عجز الدولة الكلي عن توفير الحلول لتجاوز الوضع.

دراسة مقارنة بين حركتي مانيش_مصبّ (2018) وسكر_المصبّ (2019)

نشأت النشاطات البيئية المهتمة بمشكلة النفايات في ظل الوضع الكارثي لإدارة النفايات في تونس، وتعاقب الأزمات، وغياب البدائل والحلول الآنية والعاجلة، وانعدام ثقة المواطنين في الدولة واعتبارها متهماً رئيسياً بسوء الإدارة وانعدام الشفافية. وكان منطقياً انطلاق عمليات وأشكال الاعتراض على سوء التصرف في النفايات من المناطق غير البعيدة عن المكبّات والمعنية بشكلٍ مباشر بالتداعيات السلبية على المستويات  البيئية والصحية والاقتصادية والاجتماعية لهذه المكبات. فتكوّنت في البداية معارضة محلية للمكب يقودها عموماً أشخاص ينشطون في المجتمع المدني، ويملكون درجة معينة من الاطلاع على الحقوق البيئية للأفراد، ويؤمنون بضرورة التصدي لأشكال التمييز البيئي. وأثبتت العديد من الدراسات نقل النفايات عموماً من السكان المنتجين لها إلى السكان المستقبلين الذين يعيشون في أقاليم هامشية. وفي الواقع، عدم وجود معالجة فعالة للنفايات يعني أن أبسط نهج للتصرف فيها هو نقل هذا الخطر إلى المناطق الأقل حظاً - كما يبدو أن هذا النقل أقل كلفة بالنسبة إلى الدولة.5M. Durand, “Mesurer les inégalités environnementales et écologiques dans les villes en développement: déchets et eaux usées à Lima”, Flux 2012/3-4 (n°89-90), pages 67 à 78. وفي هذا الإطار نشأت حملتا مانيش_مصبّ وسكّر_ المصبّ،  كان  مطلبها الأساسي إغلاق مكب القنة في عقارب، ومكب برج شاكير في تونس العاصمة. وعلى الرغم من نقاط التشابه العديدة بين الحملتين، إلا أننا سجلنا مواطن اختلاف متعددة.

انطلقت حملة مانيش_مصبّ في صيف عام 2018 من لوحة فنية6https://www.facebook.com/photo/?fbid=183750117340144&set=g.688457011533365&locale=fr_FR كانت تهدف إلى تسليط الضوء على تدهور الوضع البيئي  في مدينة عقارب، وساهمت في تعيين المشكلة المتمثلة أساساً في مكب القنة المراقب، الذي أُنشئ منذ عام  2008 وتجاوز أجل  الإغلاق، وفق  النشطاء، منذ عام 2013.

كانت اللوحة سبباً في تجمع أقلية من الشباب المثقف حول قضية التلوث البيئي في المدينة، فأطلقوا  سردية مانيش_مصبّ لتأطير الحملة، إذ اشتُقت  تسميتها من حملة وطنية شهيرة حينذاك  ضد الفساد وهي حملة (مانيش_مسامح). كما تعتبر سردية مانيش_مصبّ شكلاً من أشكال التماهي مع مكب النفايات في القنة نظراً إلى قربه الشديد من السكان والأحياء السكنية.

في المقابل، أكد نشطاء حملة سكّر_المصبّ أن النقطة الفارقة التي أدت إلى تأسيس حملتهم تمثلت في حريق مكب برج شاكير يوم 5 حزيران/يونيو 2019. إذ ساهمت الكارثة والخطورة البيئية للحريق في توحيد جهود النشطاء، ودفعتهم إلى الانخراط في حملة منظمة ضمت مجموعة من شباب المجتمع المدني بالإضافة إلى أعضاء من المجلس البلدي لسيدي حسين. ومع ارتفاع حجم الحريق وتواصله والزخم الإعلامي الذي صاحبه أخذت الحملة بعداً أكبر.

 

آليات التبرير في إطار التنافس على الأولوية

استعملت كل من حملتي مانيش_مصبّ وسكر_المصبّ خطاباً صحياً في الأساس يُبرز المكب كخطر على صحة الإنسان، وليس مجرد مصدر للإزعاج عن طريق الروائح الكريهة والحشرات، مع التركيز الشديد على حجم الأمراض والوفيات المرتبطة مباشرة بوجود المكب (الربو، السرطان، الحساسية).

وتعتبر وفاة الشابة آمال من مدينة عقارب نتيجة لسعة حشرة سامة مصدرها المصبّ، بحسب رواية النشطاء، من أهم الأمثلة التي استُخدمت لتوعية المواطنين المحليين والرأي العام بخطورة تداعيات التلوث الذي يسببه مكب القنة على سكان عقارب. ووقعت الحادثة مباشرةً بعد إطلاق حملة مانيش_مصبّ، وساهمت بشكلٍ كبير في إعطاء بعد آخر للحملة. استعمل نشطاء حملة سكّر_المصبّ الخطاب نفسه مؤكّدين تعمق التداعيات الصحية للمكب نتيجة الحريق (حالات اختناق، ربو، سعال، حرقة في العينين والأنف والحلق...). وساهم هذا الخطاب في ربط كل الأمراض الموجودة في هذه المناطق مباشرةً بالتأثيرات الصحية لمكب النفايات وما يسببه من تلوث للبيئة (هواء، ماء، تربة).

هناك وعي بيئي بدأ يتكوّن عند الناس... وقد ارتبطت كل الأمراض المتفشية في عقارب بالمصبّ... ربو، حساسية، سرطان."7مقابلة مع أحد مؤسسي حركة مانيش_مصبّ عقارب، آذار/مارس 2023.

إلى جانب الخطاب الصحي الذي كان هدفه الرئيسي كسب تعاطف الإعلام والرأي العام مع السكان القريبين من المكبات، استخدمت الإحصائيات والأرقام التي تبرز أن المكب وصل إلى حالة من التشبّع ولم يعد قادراً على استقبال كميات جديدة من النفايات.

استعانت هذه الحملات بشعارات ذات رمزية خاصة عند التونسيين، مثل شعار "الشعب يريد"، وهو من أهم الشعارات التي رُفعت أثناء الثورة: "الشعب يريد إسقاط النظام" وفي جميع المحطات الهامة التي جاءت بعدها، لإضفاء الشرعية على المطلب الأساسي الذي رفعته، وهو إغلاق المكب.

كما مثلت العدالة البيئية مطلباً رئيسياً سواء بالنسبة إلى حملة مانيش_مصبّ أو سكّر_المصبّ. فاعتبر النشطاء أن مدينتي عقارب وسيدي حسين تحملتا بمفردهما العبء البيئي لنفايات أكبر ولايات البلاد التونسية، وأكبر مكبات فيها لمدة طويلة جداً تجاوزت الآجال المعقولة كثيراً. كما تحمّل سكان المدينتين لعقود التداعيات البيئية والصحية والاقتصادية والاجتماعية لمجاورة هذه المكبات. ويبدو أنه من العدالة اليوم أن يُنقل  هذا العبء إلى مناطق أخرى.

" الأطفال في منطقتي من حقهم أن يحلموا ببيئة سليمة فيها مساحات خضراء وليس أكبر مكب نفايات في الجمهورية"8مقابلة مع أحد أعضاء حملة  سكّر_المصبّ تونس، شباط/فيفري 2023. 

آليات الاحتجاج والحشد

تنوعت آليات الاحتجاج على الوضع وتنوعت معها آليات الحشد. ويبدو أن أهم ما ميز حملة مانيش_مصبّ هو انطلاقتها النابعة أساساً من أعمال فنية استُخدمت للتعبير عن التلوث الكبير الذي تعرفه مدينة عقارب بشكل عام وإبراز المخاطر الناتجة  عن مكب القنة بشكلٍ خاص. وسُخّر الرسم وورشات المسرح لإحداث "ثورة بيئية" - على حد تعبير النشطاء - قادرة على تغيير الوضع في المستقبل والقطع مع "الجرائم البيئية" و"الإرهاب البيئي" المسلّط على مدينة عقارب.

"استخدمنا الفن ليس بمفهومه كتعبيرة فنية وإنما بمفهومه الصانع للأحداث... فن قادر على أن يبدل فكرة عند الناس... واخترنا أن يكون بسيطاً ورمزيته واضحة".9مقابلة مع أحد مؤسسي حملة مانيش_مصبّ بمدينة عقارب، آذار/مارس 2023.

ساعدت عروض مسرح الشارع واعتماد حركة الفلاش-موب10أهمها كانت حركة الأطفال الذين يرتدون أقنعة ويحملون قوارير أوكسيجين في إشارة إلى تلوث الهواء في مدينة عقارب. على جذب اهتمام الإعلام لما يحدث في عقارب، الأمر الذي خُطّط له منذ البداية، وفق النشطاء. فركزت الحملة على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. وساهم برنامج "الحقائق الأربع"، وهو أشهر برنامج استقصائي في تونس، في حشد الرأي العام وإحراج السلطة بحقائق موثّقة عما أسماه أهالي عقارب الإرهاب البيئي.

إذ خصص البرنامج أكثر من حلقة للحديث عن أزمة مصبّ النفايات في عقارب، وساهم في عرض مشاهد صادمة من داخل المصبّ تثبت حتى وجود نفايات خطيرة وممنوعة مصدرها المستشفيات. كما أنشأ النشطاء صفحة فايسبوك تحمل اسم الحملة وتعتمد #مانيش_مصبّ و#عقارب_ماهيش_مصبّ، وكانت بمثابة منصة للتواصل ومشاركة الأفكار بين أطراف الحملة من ناحية، ونشر الوعي وحشد المناصرة من ناحية أخرى.

بعد إطلاق الحملة مباشرةً، توجه النشطاء إلى المسار القضائي، واعتمدوا  على عريضة احتجاج لتقديم شكوى ضد جميع الفاعلين المسؤولين عما آل إليه الوضع البيئي في مدينة عقارب وهم: وزارة البيئة، الشركة الخاصة SEGOR،11شركة الاستغلال والتصرف في المنشآت والشبكات وهي شركة خاصة ذات تمويل مشترك تونسي أجنبي. ترتبط هذه الشركة بعقود مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وتتمثل مهمتها في نقل النفايات من مراكز التحويل إلى المكب المراقب لدفنها بطريقة محددة تقنياً. الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات والديوان الوطني للتطهير. وانتهى هذا المسار بإصدار حكم لصالح النشطاء بالإغلاق الفوري للمصبّ عام2019.

اتجهت حملة سكّر_المصبّ أساساً إلى حملات التوعية بخطورة المصبّ التي انطلقت من صفحة الحملة على فايسبوك وحملت شعار #سكر_المصبّ. ثم انتقلت إلى الشارع من خلال تنظيم العديد من حملات التوعية الميدانية للسكان. كما لفتت اهتمام الإعلام الذي تزامن بشكل خاص مع الحريق. وحرصت، إلى جانب الحضور الإعلامي المكثف، على تنظيم ندوات عدة استعانوا فيها بعدد من الخبراء في المجال البيئي لتقديم تشخيص وتوصيف علمي للوضع في مكب برج شاكير وتداعياته البيئية والصحية على المناطق السكنية المجاورة له.

ساهمت الاستعانة بالخبراء في إضفاء شرعية أكبر على مطلب إغلاق المكب. فأكدوا بحسب النشطاء استحالة تثمين النفايات الموجودة في برج شاكير والاستفادة منها عن طريق إعادة التدوير أو استعمالها لتوليد الطاقة.

ساعد الزخم الإعلامي الذي صاحب الحملة والتداعيات الخطيرة للحريق والتدخلات المتواصلة للنشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام في بداية ظهور وعود بالإغلاق. حتى إن الحملة اعتبرت أن مجرد انتزاع الاعتراف بوجود مشكلة وكارثة بيئية في سيدي حسين نجاحاً. أثناء ذلك، دخل نشطاء الحملة في حوارات ونقاشات مباشرة مع المسؤولين المحليين حول مصير مكب برج شاكير، وإمكانية إغلاق المكب والآجال المقترحة لذلك، باعتبار أن فكرة الإغلاق الفوري غير مطروحة، وتداعياتها ستكون كارثية على تونس الكبرى.

"هذا معلوم بالنسبة لنا... لا يمكن أن يكون الحل آنياً في برج شاكير... الغلق الفوري سيؤدي الى إغراق تونس الكبرى في النفايات."12مقابلة مع أحد مؤسسي حركة  سكّر_المصبّ، تونس،  نيسان/أفريل 2023.

كما بدأت الحملة في اتخاذ المسار  القضائي على غرار حملة مانيش_مصبّ، لكنها لم تنجح في الحصول على حكم قضائي بالإغلاق.

بناء التحالفات: التفاعل مع بقية الحملات (علاقة صراع/علاقة تكامل)

أكد النشطاء الذين جرت  مقابلتهم خلال فترة البحث على التفاعل الإيجابي والتواصل اليومي الذي كان حاضراَ بين حملتي مانيش_مصبّ وسكّر_المصبّ. إلا أن هذا التفاعل لم يرتقِ أبداً إلى التخطيط لعملٍ مشترك.

"كنا متابعين لصيقين لما يحدث في عقارب وفي اتصال مباشر مع حملة مانيش_مصبّ يكاد يكون يومياً... كنا نقوم بتشجيع بعضنا على الأقل... إلا أن الظروف لم تكن تسمح بعمل مشترك."13مقابلة مع أحد مؤسسي حملة  سكّر_المصبّ، تونس، نيسان/أفريل 2023. 

اقتصر التفاعل بين الحركتين على المساندة ساندونا... وساندناهم." 14مقابلة مع أحد أعضاء حملة سكّر_المصبّ تونس، شباط/فيفري 2023. وعلى الرغم من طابع المواجهة الذي روّج له بين حملة مانيش_مصبّ في عقارب وحملة #يزيو#صفاقس_تتحرك 15أطلقها ناشط في المجتمع المدني ضد تدهور الوضع البيئي في المدينة نتيجة تراكم النفايات لأسابيع متواصلة دون رفعها، وتعدد الحرائق الليلية المفتعلة في المكبات العشوائية والتي تم اعتبارها في ذلك الوقت الحل الوحيد للتخلص من أكوام القمامة. إلا أنها عمقت الوضع البيئي الكارثي بالمدينة نتيجة الغازات السامة المنبعثة من هذه الحرائق.   في صفاقس، إلا أن النشطاء من الطرفين أكدوا أن العلاقة بينهم هي علاقة صداقة ومساندة وليس فيها أي نوع من التعارض.

"النشطاء البيئيين لا يمكن أن يعملوا ضد بعضهم البعض... لكن كان هناك مصلحة في محاولة صنع الخلاف أو الصدام بين مانيش_مصبّ ويزي..."16مقابلة مع أحد أعضاء حملة سكر _المصبّ، تونس، شباط/ فيفري 2023. 

في المقابل، لا يمكن أبداً نفي تشنّج العلاقة بين مانيش_مصبّ وطيف واسع من نشطاء المجتمع المدني في صفاقس الذين حمّلوا مسؤولية تدهور الوضع البيئي في المدينة إلى نشطاء مانيش_مصبّ، واعتبروا أن إغلاقهم التعسفي للمكب المراقب أدى إلى إغراق المدينة بأكوام النفايات.  ويشار إلى بروز محاولات للتشبيك بين مختلف الحركات البيئية في تونس. إذ بيّن أحد نشطاء سكّر_المصبّ أن الحملة حاولت الانخراط في حراك بيئي يشمل كامل البلاد  وتنسيق التحركات بين مختلف النشطاء البيئيين. وبالفعل، نُظم مخيم بيئي في مدينة قابس جمع كل الحركات البيئية (مانيش_مصبّ، سكّر_المصبّ، Stop_Pollution17حركة بيئية ضد التلوث بالصناعات الكيميائية بمدينة قابس جنوب شرق تونس. ).

الانخراط مع صانعي القرار

ساهم البعد الاستراتيجي للنفايات وخطورة التداعيات التي يمكن أن تنعكس  على البيئة وعلى صحة الأفراد، في توجّه الدولة بسلطتيها المحلية والمركزية نحو فتح قنوات للحوار والتشاور مع النشطاء سواء من حملة مانيش_مصبّ أو من حملة سكّر_المصبّ، ما أدى إلى خلق مجال ذي طابع تشاركي للتحاور والنقاش حول مشكلة المكب بين عدد من الفاعلين على شكل اجتماعات ومقابلات بين النشطاء من ناحية، وتحديداً الأعضاء المؤسسين للحراك، وبين سلطة الإشراف من ناحية أخرى (أعضاء المجلس البلدي، مسؤولين من الوكالة الوطنية لإدارة النفايات، الوكالة الوطنية لحماية المحيط، وزارة البيئة...) الذين رغبوا في  الاطلاع على وجهات نظر المجتمع المدني للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف.

ويشار إلى أن السلطة المحلية، متمثلة في المجلس البلدي، مثّلت الطرف الأكثر قابلية لمطالب النشطاء خصوصاً بالنسبة إلى حملة سكّر_المصبّ نتيجة تواجد عدد من شباب الحملة كأعضاء منتخبين داخل المجلس البلدي لسيدي حسين. حتى إن إغلاق المصبّ مثّل الفكرة الأساسية التي قامت عليها حملاتهم الانتخابية (مكب غير قادر على استقبال نفايات جديدة، صلاحيته منتهية منذ عام 2010، روائح كريهة، أضرار صحية…). كما تمكنت الحملة من الحصول على مساندة بعض نواب مجلس الشعب18مجلس نواب الشعب الذي انتُخب  عام 2019 وتجميده ثم حله عام 2021. في ذلك الوقت.

تمكنت هذه الحملات في البداية عموماً من انتزاع وعود من السلطات بالإغلاق النهائي للمكبات وفق  روزنامة تُضبط ويصادق عليها جميع الأطراف. فجرى الاتفاق على إغلاق مكب القنة في نهاية عام 2021 وإنهاء أزمة تراكم النفايات في صفاقس في صيف عام 2020 بعد أن طالب النشطاء بتنفيذ الحكم القضائي الصادر لصالحهم عام 2019 الذي يقضي بالإغلاق الفوري للمكب. كما حصلت حملة سكّر_المصبّ على قرار من وزير البيئة عام 2020 يحدد الموعد النهائي لإغلاق برج شاكير بعد عامين.. لكن التسويف والمماطلة من طرف السلطة بحسب النشطاء ولّد لديهم حذراً من وعود المسؤولين في مرحلة أولى، ثم انعداماً كلياً للثقة في مرحلة ثانية. فعموماً تتراجع السلطات عن الوعود التي تقطعها في البداية كمحاولة لامتصاص غضب المجتمع المدني وتهدئة الأوضاع، خصوصاً مع عجز الدولة عن إقناع مناطق أخرى باستقبال النفايات مهما كانت صيغة اقتراحها (مكب مؤقت، وحدة معالجة وتثمين...) أو غيرها من التجهيزات.

ففي صفاقس، أصبح "مانيش_مصبّ" شعاراً عاماً رفعته جميع المناطق التي اختيرت لتعويض مكب القنة؛ فالناس يرفضون بشكلٍ آني ومن دون نقاش استقبال نفايات الآخرين. ورُفض مقترحان أساسيان: يتعلق الأول بإنشاء وحدة جهوية لتثمين النفايات في ضيعة زرّوق التي تبعد 20 كيلومتراً  عن مدينة المحرس جنوب صفاقس، فجُوبه باحتجاجات كبيرة داخل مدينة المحرس على اعتبار أنها مدينة ساحلية سياحية. أما المقترح الثاني فيتعلق بإنشاء مصبّ مراقب مؤقت على أرض تابعة للدولة في منطقة ليماية، وهي منطقة زراعية تابعة لمعتمدية منزل شاكر التي تبعد 62 كيلومتراً عن مدينة صفاقس. وفسر أحد المسؤولين تراجع الدولة السريع عن هذه المقترحات بالوضع السياسي الحساس، وعدم رغبتها في اللجوء إلى القوة.

أما حملة سكّر_المصبّ، فوجدت نفسها أمام قرار مخالف تماماً للوعود التي حصل عليها النشطاء في البداية. فأمام عجز مكب برج شاكير عن استيعاب النفايات وعجز الدولة عن إيجاد بديل، أصبح الحل توسيعه وإضافة 40 هكتاراً جديدة، أي إضافة 20 عاماً جديداً على الأقل إلى عمر المكب. ووجدت الحملة نفسها أمام هدف جديد هو إسقاط قرار توسعة المصبّ.

ووفق النشطاء، صاحبت استراتيجية التسويف والمماطلة والتملّص من الوعود التي مارستها السلطة، استراتيجية أخرى استخدمها صانعو القرار لتقويض الحملات والقضاء عليها، وتمثلت أساساً في التشويه، فاتُهم النشطاء بالفساد والسعي وراء تحقيق غايات سياسية، ما أدى إلى استقالة أعضاء حملة سكّر_المصبّ من المجلس البلدي في سيدي حسين. حتى إن نشطاء حملة مانيش_مصبّ اعتبروا أن الهدف من تكدس القمامة في صفاقس وعدم إزالتها لأسابيع هو محاربة إغلاق المكب في عقارب وتشويه الحراك وتجييش الرأي العام ضده. وسعت أحزاب سياسية معينة إلى الاستقطاب السياسي للنشطاء رغبة منها في استغلال الأحداث لإحراج الأطراف الموجودة في السلطة.

 

وحُوكم عدد من نشطاء مانيش_مصبّ بتهمة تعطيل حركة العمل نتيجة شكوى رفعتها ضدهم شركة ECOTI الخاصة التي تستغل مكب القنة. وبالفعل صدرت في 8 حزيران/يونيو  2023 أحكام قضائية بالسجن تراوح بين 8 أشهر وسنتين ضد عدد من نشطاء حراك مانيش_مصبّ. وأطلق العمال التابعون للشركة حملة مضادة تحت شعار رجع_المصبّ لكن سرعان ما تلاشت، لأنها فشلت في جذب المناصرة سواء على المستوى المحلي أو الوطني.

أما نشطاء سكّر_المصبّ فوجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع "البرباشة" الذين يعملون في المصبّ. "تم شحن البرباشة ضد الحملة وإقناعهم أننا نعمل ضدهم ونسعى إلى قطع أرزاقهم."19مقابلة مع أحد أعضاء حملة  سكّر_المصبّ، تونس، شباط/فيفري 2023.

أدى ذلك إلى تحول وقفة احتجاجية نفذتها الحملة على الطريق المؤدي إلى المكب للمطالبة بإغلاقه بحسب الروزنامة المتفق عليها، إلى مناوشات عنيفة20المصدر السابق نفسه. مع البرباشة الذين انهالوا بالضرب والعصي على نشطاء الحملة. واليوم أصبح الاقتراب من المكب أو التصوير في محيطه مستحيلاً تقريباً.

لم تتوقف المسألة عند ذلك الحد، إذ أكد أعضاء الحملة تلقيهم العديد من التهديدات. وفسروا الأمر بأن الحملة هددت بشكلٍ مباشر مصالح المافيا أو "البارونات"، كما يُطلق عليهم، الذين يتحكمون في "البرباشة" ويحققون أرباحاً طائلة من المكب. وعلى الرغم من محاولة النشطاء الدخول في حوارات مباشرة مع "البرباشة" لإقناعهم بأن الحملة لا تستهدفهم، بل تسعى إلى بقائهم في منظومة إدارة النفايات ولكن في ظروفٍ أحسن تضمن لهم حقوقهم مثل تشغيلهم في مراكز الفرز وإعادة التدوير، لكن فشلت كل هذه المحاولات، وكان صعباً وفق  النشطاء، إيجاد صيغة للتوافق مع "البرباشة".

"الحوار مع البرباشة كان صعباً للغاية نتيجة الموقف الأعمى الذي اتخذه البرباشة ضد حملة سكّر_المصبّ."21مقابلة مع عضو مؤسسة في حملة  سكّر_المصبّ وهي في الوقت نفسه عضو  مستقيلة من المجلس البلدي المنحل في سيدي حسين ، تونس، شباط/فيفري 2023. 

تطور أشكال تعبئة نشطاء سكّر_المصبّ ومانيش_مصبّ

أمام اختلاف مواقف السلطة وتنكّرها للوعود التي قطعتها ومحاولة الالتفاف عليها، اتجهت التعبئة إلى منحى آخر خصوصاً في حالة مانيش_مصبّ. فأدت محاولة وزارة الداخلية إعادة فتح مكب القنة بالقوة إلى مناوشات عنيفة بين السكان وعناصر من الشرطة. كما دعت النقابات إلى إضراب عام في مدينة عقارب، وانتشر الجيش في المدينة بعد نهب وحرق مركز للحرس الوطني، وفي النهاية  لم يُفتح الموقع. وانتشرت دعوات داخل حملة سكّر_المصبّ إلى ضرورة التصعيد والتخلي عن الطابع السلمي للحملة والنزول إلى الشارع. إلا أنهم تمسكوا بالطرق السلمية خصوصاً بعد ما آل إليه الوضع في عقارب والذي ساهم بطريقة غير مباشرة في انطفاء حملة سكّر_المصبّ بحسب أحد النشطاء.

"لم يتم قطع الطريق أمام أي شاحنة نفايات... لم يكن ذلك سهلا"22مقابلة مع أحد مؤسسي حملة  سكّر_المصبّ تونس، نيسان/أفريل 2023

اختارت الحملة العودة إلى الانخراط من جديد في حوار وصفه أحد النشطاء بالعميق والجدي مع وزارة البيئة والبلدية، لكن أمام تمسك بعض الأطراف بضرورة توسعة مكب برج شاكير، معتبرين الأمر مصلحة عامة، جرى  تعديل هدف الحملة من إغلاق برج شاكير إلى التصدي لتمرير قرار توسعته.

"على الأقل، إذا لم يتم إغلاق المكب القديم فلن نسمح بفتح مجال جديد والذي سيمدد في عمر المكب."23مقابلة مع أحد مؤسسي حملة سكر المصبّ، تونس، نيسان/ أفريل 2023.

تواجه النشاطات البيئية اليوم تحديات عديدة في إيصال مطالبها خصوصاً مع التضييق الذي أصبح يشعر به النشطاء نتيجة مرسوم القانون24المرسوم عدد 54 لعام  2022 المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. ويعتبر النشطاء أن هذا المرسوم زاد من هشاشة وضع حرية التعبير في تونس نتيجة الملاحقات القضائية التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد بسبب مشاركتهم في وقفات احتجاجية ضد السلطات العمومية. 54الذي حدّ بشكلٍ كبير من أشكال الاحتجاج والتحركات.

"كان الضغط من أجل تحقيق المطالب أسهل بكثير مقارنة بالوقت الحالي... مكب برج شاكير أصبح اليوم تحت خانة الأمن القومي... وهناك تهديد بنزول الجيش في حال تمت محاولة تعطيل العمل به".25قابلة مع عضو مؤسِّسة في حملة سكّر_المصبّ، وهي في الوقت نفسه عضو مستقيلة من المجلس البلدي المنحل  في سيدي حسين ، تونس، شباط/فيفري 2023. 

 

الدروس المستفادة

على الرغم من تمكن النشاط البيئي في تونس من لفت الانتباه نحو فشل سياسة إدارة النفايات في البلاد وعدم وجود خطة حقيقية للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة، وعلى الرغم من اعتقادهم عموماً أن تجربتهم ساهمت في بروز نقاش جاد حول ضرورة التغيير وإيجاد صيغ أكثر ملاءمة للتخلص من القمامة تقوم أساساً على تقاسم العبء البيئي من دون اللجوء إلى التضحية بمناطق دون أخرى، إلا أنها تعترف بافتقارها إلى التجربة والخبرة والإمكانيات من كفاءات على المستوى القانوني وعلى مستوى الحقوق والسياسات البيئية. كما تفتقر إلى الموارد المالية للدخول في مسارات طويلة المدى كالمسار القضائي على سبيل المثال، وعدم إلمامها بكل الاستراتيجيات الملائمة التي تمكنها من تحقيق مطالبها، وأبرزها قدرة هذه الحملات على تكوين غطاء قانوني يحميها من المساءلة.

الطرق التقليدية للتعبئة والضغط تبدو اليوم غير ممكنة. أدى ذلك إلى دخول هذه الحركات في حالة ركود وفتور خصوصاً أمام تعدد مشكلات البلاد. فأصبح الأمر أصعب، ولا يمثل أولوية أمام الأزمة الاقتصادية وتفشي ظاهرة احتكار المواد الأساسية (حليب، سكر، قهوة، طحين...) وغيرها.

وعلى الرغم من تشابه حملتي مانيش_مصبّ وسكر_المصبّ في بعض النقاط، إلا أن مساراتهما المختلفة أدت إلى اختلاف النتائج. ففي حين نجحت مانيش_مصبّ في إغلاق المكب نهائياً، فشلت سكّر_المصبّ في ذلك، بل وجدت نفسها أيضاً في مواجهة قرار بالتوسعة. فعلى مستوى الحشد والتعبئة، كانت مانيش_مصبّ أكثر تأثيراً؛ فتميزت إلى جانب اعتمادها على وسائل التواصل الاجتماعي، بطرقها المبتكرة المعتمدة على الإبداعات الفنية (رسوم كاريكاتير، جداريات، مسرح الشارع…)، وطرق احتجاجية جديدة مثل "الفلاش موب"، في حين لجأت  سكّر_المصبّ إلى طرق تقليدية اعتمدت أساساً على حملات التوعية، واستعانت أكثر بالخبراء والدراسات العلمية من دون أن ننسى اعتمادها أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي. نجحت مانيش_مصبّ إعلامياً بشكلٍ أكبر في تحويل مشكلة المكب إلى مشكلة رأي عام خصوصاً بعد عرض حلقات "الحقائق الأربع"،  وهو برنامج استقصائي يحتل المرتبة الأولى في تونس. إذ عرض صوراً صادمة من داخل مكب القنة. وساهم الترويج لقصة الفتاة التي توفيت نتيجة لسعة بعوضة مصدرها المكب في كسب تعاطف الرأي العام الوطني مع الحملة. في المقابل، لم يكن الزخم الإعلامي حول حملة سكّر_المصبّ كافياً لتجييش الرأي العام. ولعل تمكّن مانيش_مصبّ من الحصول على حكم قضائي بالإغلاق النهائي والفوري لمكب القنة يمثل نقطة الاختلاف الرئيسية بين الحملتين، افتقد مسار سكّر_المصبّ هذا الغطاء القانوني. وبدا واضحاً عموماً من خلال المقابلات التي أُنجزت، أن تزامن الحملتين وعملهما بطريقة منفصلة أضر بشكلٍ كبير بمسارهما وكانت  نتائجه دون المأمول خصوصاً بالنسبة إلى حملة سكّر_المصبّ التي تأثرت بشكل كبير بما حصل في عقارب خصوصاً مع تصاعد الأحداث والانزلاق إلى دائرة العنف، ما ساهم في فشلها وانطفائها ودخولها في فترة جمود وفق أحد النشطاء.

الدروس المستفادة هنا هي:

  • أولاً، على النشاطات البيئية أن تطور أساليبها واستراتيجياتها بطريقة تضمن استمراريتها الزمنية وتعطيها قدرةً أكبر على الحشد والمناصرة داخلياً وخارجياً. ولعل أبرز هذه الاستراتيجيات هي خلق صيغة للتضامن والتكامل بين مختلف الحركات البيئية الناشطة في مجال النفايات أو غيرها من المجالات البيئية الأخرى.
  • ثانياً، من الضروري أن تتمكن النشاطات البيئية من الدخول في تحالفات استراتيجية مع مختلف أصحاب المصلحة، ما قد يمكنها من التأثير الحقيقي والفعلي في السياسات العامة عبر المشاركة في حوارٍ جدي وعميق حول السياسات البيئية في تونس، ومن ضمنها سياسة إدارة النفايات، يشارك فيه جميع الأطراف من دون استثناء.
  • ثالثاً، لا يمكن تصور أي ائتلافات مؤثرة وقادرة على التغيير لا تضم أطرافاً من داخل صنّاع القرار. ومثلت اللجنة الاستشارية لمتابعة مسار أزمة النفايات في صفاقس فرصة هامة لإنشاء تحالفات استراتيجية بين مختلف أصحاب المصلحة، فاعتمدت سياسة تشاركية ضمت عدداً كبيراً من الأطراف، في محاولة لحل الأزمة وتقريب وجهات النظر. وكان بإمكان هذه التجربة أن تؤدي إلى نتائج إيجابية لتصبح سابقة يمكن الاعتداد بها، إلا أن وضعية الأزمة أجهضت كل إمكانيات نجاح هذا المنهج ما بيّن أن اللجوء إلى المنهج التشاركي لا يمكنه أن يكون انتقائياً أو مؤقتاً. 26مهى بوهلال، " اللجوء الى المدخل التشاركي لاحتواء الأزمات في تونس: أزمة النفايات بصفاقس"، مبادرة الإصلاح العربي 2023،   https://www.arab-reform.net/ar/publication/
  • رابعاً، يجب إجراء الإصلاحات المقترحة على مبدأ الانتقال العادل خصوصاً بالنسبة إلى "البرباشة". إذ يُحتمل أن تحرم إعادة هيكلة هذا القطاع هؤلاء الأشخاص الذين يعانون عموماً من التهميش الاقتصادي والاجتماعي من دخل بالغ الأهمية.

دور إنتاج المعرفة في التعبئة

لعب إنتاج المعرفة دوراً كبيراً في التعبئة، سواء في حملة مانيش_مصبّ أو سكر_المصبّ. ومثّل الفن المصدر الأساسي لإنتاج المعرفة بالنسبة إلى نشطاء مانيش_مصبّ، واتخذت الحملة في بدايتها بعداً فنياً طاغياً عبر اللوحات الفنية وعروض مسرح الشارع التي كانت تحاول التعريف بطريقةٍ مبتكرة بالمشكلات البيئية في عقارب وتستشرف ما سيؤول إليه الوضع في حال عدم التحرك. ومكّن الفن الحملة من لفت انتباه الرأي العام وحشد المناصرة بالتنبيه من خطورة الوضع في عقارب وخطورة عواقبه على البيئة والسكان.

في المقابل، ركزت سكّر_المصبّ على الجانب العلمي، واستعانت أساساً بالخبراء لإبراز التداعيات البيئية والصحية لمصبّ برج شاكير بطريقة علمية تكسبها شرعية أكبر لمطلبها الرئيسي المتمثل في إغلاق المكب. لذلك، من المهم اليوم الاعتراف بقدرة نشطاء المجتمع المدني على إنتاج المعرفة وإن اختلفت طريقة إنتاجهم لها عن الإطار الأكاديمي للبحث الجامعي. كما تساهم الدراسات الأكاديمية التي ينجزها باحثون في العلوم الاجتماعية في دعم مشاركة المجتمع المدني لبناء استراتيجيات فعالة عبر إبراز أهمية المنهج التشاركي في تطوير السياسات العامة، فتستند إلى أطراف متعددة تساهم في صنع القرار وفهم الوضع بشكلٍ أكثر عمقاً وتكاملاً، وإضفاء مشروعية أكبر على القرارات المتخذة، ما يزيد من مستوى قبولها لدى الجمهور. ويتجاوب النشطاء عموماً بطريقة إيجابية للغاية مع الأبحاث الأكاديمية في هذا المجال. ويبرز ذلك خصوصاً من خلال تعاونهم في إنجاز المقابلات وتوفير المعطيات والبيانات المطلوبة، ويبدو أن ذلك مرتبط بحسب النشطاء بثقتهم في الدراسات التي يجريها الباحثون الأكاديميون.

ويبدو ضرورياً اليوم إعطاء مساحة أكبر للنشطاء للمشاركة في هذه الأبحاث وتجاوز التعامل معهم على أنهم مجرد موضوع للبحث، بل يجب إيجاد تركيبة مثلى لهذا التعاون كي لا تسقط المنشورات الأكاديمية في فخ التبعية لطرف على حساب طرف آخر. وحتى لا تصبح مجرد بوق للنشاطات البيئية من دون الأخذ بالاعتبار الواقع السياسي والاقتصادي للبلاد والضغوطات المفروضة على السلطة وصنّاع القرار.

Endnotes

Endnotes
1 Ziad Abu-Rish, "Garbage Politics." Middle East Report 277, 2015. Carmen Geha, “Politics of a Garbage Crisis: Social Networks, Narratives, and Frames of Lebanon’s 2015 Protests and their Aftermath." Social Movement Studies 2019, 18 (1):78-92. J. Farah et E. Verdeil, “Instruments et territoires de la gouvernance des déchets au Liban”, Géocarrefour 2021, 95/1.سمر خليل، " التأثير بالسياسات العامة: إدارة النفايات والمناصرة في لبنان"، مبادرة الإصلاح العربي  2022، صفحة 33، https://www.arab-reform.net/ar/publication/
2 مهى بوهلال، "المدلول السياسي لأزمة النفايات: دراسة مقارنة بين تونس ولبنان"، مركز دراسات الوحدة العربية، مجلة المستقبل العربي 2023، عدد 532.
3 Maha Bouhlel et Jamie Furniss, “Le président ‘propre’ : Métaphores politiques de déchets et de propreté”, Confluences Méditerranée, 2023/2 (N° 125), pp. 169-182.
4 مهى بوهلال،  " اللجوء الى المدخل التشاركي لاحتواء الأزمات في تونس: أزمة النفايات بصفاقس"، مبادرة الإصلاح العربي 2023،  https://www.arab-reform.net/ar/publication/
5 M. Durand, “Mesurer les inégalités environnementales et écologiques dans les villes en développement: déchets et eaux usées à Lima”, Flux 2012/3-4 (n°89-90), pages 67 à 78.
6 https://www.facebook.com/photo/?fbid=183750117340144&set=g.688457011533365&locale=fr_FR
7 مقابلة مع أحد مؤسسي حركة مانيش_مصبّ عقارب، آذار/مارس 2023.
8 مقابلة مع أحد أعضاء حملة  سكّر_المصبّ تونس، شباط/فيفري 2023. 
9 مقابلة مع أحد مؤسسي حملة مانيش_مصبّ بمدينة عقارب، آذار/مارس 2023.
10 أهمها كانت حركة الأطفال الذين يرتدون أقنعة ويحملون قوارير أوكسيجين في إشارة إلى تلوث الهواء في مدينة عقارب.
11 شركة الاستغلال والتصرف في المنشآت والشبكات وهي شركة خاصة ذات تمويل مشترك تونسي أجنبي. ترتبط هذه الشركة بعقود مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات وتتمثل مهمتها في نقل النفايات من مراكز التحويل إلى المكب المراقب لدفنها بطريقة محددة تقنياً.
12 مقابلة مع أحد مؤسسي حركة  سكّر_المصبّ، تونس،  نيسان/أفريل 2023.
13 مقابلة مع أحد مؤسسي حملة  سكّر_المصبّ، تونس، نيسان/أفريل 2023. 
14 مقابلة مع أحد أعضاء حملة سكّر_المصبّ تونس، شباط/فيفري 2023.
15 أطلقها ناشط في المجتمع المدني ضد تدهور الوضع البيئي في المدينة نتيجة تراكم النفايات لأسابيع متواصلة دون رفعها، وتعدد الحرائق الليلية المفتعلة في المكبات العشوائية والتي تم اعتبارها في ذلك الوقت الحل الوحيد للتخلص من أكوام القمامة. إلا أنها عمقت الوضع البيئي الكارثي بالمدينة نتيجة الغازات السامة المنبعثة من هذه الحرائق.
16 مقابلة مع أحد أعضاء حملة سكر _المصبّ، تونس، شباط/ فيفري 2023. 
17 حركة بيئية ضد التلوث بالصناعات الكيميائية بمدينة قابس جنوب شرق تونس.
18 مجلس نواب الشعب الذي انتُخب  عام 2019 وتجميده ثم حله عام 2021.
19 مقابلة مع أحد أعضاء حملة  سكّر_المصبّ، تونس، شباط/فيفري 2023.
20 المصدر السابق نفسه.
21 مقابلة مع عضو مؤسسة في حملة  سكّر_المصبّ وهي في الوقت نفسه عضو  مستقيلة من المجلس البلدي المنحل في سيدي حسين ، تونس، شباط/فيفري 2023. 
22 مقابلة مع أحد مؤسسي حملة  سكّر_المصبّ تونس، نيسان/أفريل 2023
23 مقابلة مع أحد مؤسسي حملة سكر المصبّ، تونس، نيسان/ أفريل 2023.
24 المرسوم عدد 54 لعام  2022 المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال. ويعتبر النشطاء أن هذا المرسوم زاد من هشاشة وضع حرية التعبير في تونس نتيجة الملاحقات القضائية التي يمكن أن يتعرض لها الأفراد بسبب مشاركتهم في وقفات احتجاجية ضد السلطات العمومية.
25 قابلة مع عضو مؤسِّسة في حملة سكّر_المصبّ، وهي في الوقت نفسه عضو مستقيلة من المجلس البلدي المنحل  في سيدي حسين ، تونس، شباط/فيفري 2023. 
26 مهى بوهلال، " اللجوء الى المدخل التشاركي لاحتواء الأزمات في تونس: أزمة النفايات بصفاقس"، مبادرة الإصلاح العربي 2023،   https://www.arab-reform.net/ar/publication/

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.