الثورة السورية ومستقبل الأقليات

بين شعار دولة المواطنة المدنية وبين أفكار شائكة وخطيرة عن المحاصصة الطائفية والأثنية أو عن التقسيم والعزلة عن الآخر المختلف، تحاول الأقليات في سورية رسم مستقبلها السياسي. ويحدو الأقليات السورية خوف دفين من تنامي وزن التيارات الاسلامية بأنواعها في الثورة. كما تحركها نزعة دفاعية عنيفة ضد احتمال سيطرة الاسلاميين على مقاليد الحكم وعلى مراكز النفوذ لما يمثله بعضهم من تهديد لمدنية المجتمع السوري وطبيعته التعددية وإقصاء للآخر المختلف وقمع الحريات الدينية والسياسية.

تحاول هذه الورقة قراءة ما يخلفه انزياح الثورة السورية نحو الإسلام السياسي من تحريض في أوساط المجتمع الأخرى نحو الانسجام الفئوي ونحو نكوص  طائفي أو قومي الطابع. وتظهر الورقة خطورة أي خيار إيديولوجي أو سياسي يسعى لتفكيك الهوية الوطنية أو إضعافها، ليس فقط بدلالة عافية مجتمع المواطنة، أو بدلالة تاريخ تعايش المجتمع التعددي السوري وخصوصية تبلور هويته الجامعة ودولته الوطنية، وإنما أيضاً انطلاقا من الثقة بإمكانية الحياة الديمقراطية واحترام التعددية والمساواة وسيادة القانون في تجاوز الآثار المدمرة التي خلفها الاستبداد والعنف الأعمى على وحدة الوطن السوري، وفي إرساء الآليات المناسبة لإدارة الصراعات سلمياً بين كافة مكونات المجتمع وقواه المدنية والسياسية.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.