التدعيم الدّيمقراطي في الإدارة العسكرية: أهداف برسم الإنجاز على ضوء التجربة الاسبانيّة

ترجع العلاقات بين المدنيين والعسكريين في أسبانيا المعاصرة إلى حقبة الحرب الأهلية؛ فبعد ثلاثة أعوام من حرب دموية، قتل الأخ فيها أخاه،
رأت القوات المنتصرة من المتمردين الجمهورية الأسبانية تتحول إلى نظام سلطوي ( شمولي في البداية) تحت لواء الجنرال فرانكو على رأس الحكم.
لم تكن ديكتاتورية فرانكو بالعسكرية، لكنها كانت بالأحرى ديكتاتورية الضابط العسكري الذي أنشأ قاعدة للحكم ذات ثلاثة أركان، اطمئن لها، خاصة مع الدعم المقدم من أطرافها الثلاثة – القوات المسلحة،
والكنيسة، والكتائب الأسبانية لجمعيات الهجوم الوطني النقابي والمعروفة أيضاً بالفلانجي وعلى رأسها الحركة الفاشية الأصلية في أسبانيا. أتاحت تلك الأطراف الثلاثة لفرانكو السيطرة الكاملة على المجتمع.

وخلال الأربعين عاما التي استمر فيها النظام السلطوي، قضى ملايين الرجال الأسبان جزءاً كبيراً من حياتهم في الخدمة العسكرية أو ما يعرف بالتجنيد الإجباري في طاعة كاملة لأوامر محبي السيطرة من الضباط الفاشيين،
في ظل نظام سياسي مستبد. ولذلك، لا يندهش أحد من كون القوات المسلحة في أسبانيا يُنظر لها كأحد أركان النظام السلطوي، عكس الحال مع نظيراتها الأوروبية،
حيث ُينظر للقوات المسلحة كقوات شجاعة حمت الديمقراطية ضد الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية.
ولذلك، تعتبر العلاقة بين القطاع المدني والمؤسسة العسكرية، إذا جاز التعبير، صعبة وشائكة، وتحمل إلى هذا اليوم علامات ورمز الديكتاتورية- هذا رغم محاولات الحكومات الأولى أثناء فترة الديمقراطية من تحسين تلك العلاقة.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.