البيروقراطية الرقمية: تأثيرات رقمنة الخدمات العمومية في المغرب

عرف الانتقال الرقمي في الإدارة العمومية بالمغرب تطوراً ملموساً، من خلال إتاحة العديد من التطبيقات والبوابات الإلكترونية لتيسير الحصول على الوثائق المطلوبة لإنجاز المساطر الإدارية، وللاستفادة من الخدمات العمومية الأساسية في المجالات الاجتماعية؛ كالتعليم والتكوين المهني والصحة والرعاية والتصدي للإقصاء الاجتماعي، والاقتصادية كإنعاش الشغل والاستثمار وتحصيل الضرائب وحوكمة التدبير المالي. وأسفرت مختلف الاستراتيجيات المتخذة عن تسريع التحول التنظيمي للمرافق العمومية وتزايد وتيرة رقمنة المساطر الإدارية ونزع الصفة المادية عنها. في ضوء هذا الانتقال، يبرز الحقل الاستفهامي الآتي: ما هي سياقات تبلور الإدارة الإلكترونية، وكيف تطور استعمال تكنولوجيا المعلومات في القطاع العام بالمغرب؟ وإلى أي حد ساهم في مواكبة مشاريع إصلاح وتحديث الإدارة العمومية؟ وما هي المداخل الممكنة لتجاوز التأثيرات السلبية للبيروقراطية الرقمية ولرفع التحديات الجديدة للتدبير العمومي؟

سنناقش الموضوع في محورين: المحور الأول سنخصصه لاستعراض مكاسب التحول الرقمي في الإدارة المغربية في ضوء تقارير المؤسسات الوطنية والدولية. أما المحور الثاني فسنقف فيه على الاستحقاقات الجديدة لتوجيه هذا التحول لخدمة الرهانات الجديدة للإصلاح الإداري، ولجعل الرقميات مدخلاً أساسياً لتحديث الإدارة العمومية ورفع فعالية أدائها، ولتعزيز فرص الولوج المتكافئ إلى الخدمات العمومية وتمكين المرتفقين من الاستفادة منها على الوجه المطلوب.

Morocco, vector 3d flag on blue background with hud interfaces

تمهيد

عرف الانتقال الرقمي في الإدارة العمومية بالمغرب تطوراً ملموساً، من خلال إتاحة العديد من التطبيقات والبوابات الإلكترونية لتيسير الحصول على الوثائق المطلوبة لإنجاز المساطر الإدارية، وللاستفادة من الخدمات العمومية الأساسية في المجالات الاجتماعية؛ كالتعليم والتكوين المهني والصحة والرعاية والتصدي للإقصاء الاجتماعي، والاقتصادية كإنعاش الشغل والاستثمار وتحصيل الضرائب وحوكمة التدبير المالي. وأسفرت مختلف الاستراتيجيات المتخذة عن تسريع التحول التنظيمي للمرافق العمومية وتزايد وتيرة رقمنة المساطر الإدارية ونزع الصفة المادية عنها.

لكن في مقابل ذلك، ثمة تأثيرات "جانبية" لا تُرى بمنظار المؤشرات الكمية، بتكريس حالات متفاوتة من "البيروقراطية الرقمية"، تتجلى في صعوبة الولوج إلى الخدمات الرقمية نتاج التفاوت في تملك تكنولوجيا المعلومات، ومحدودية تمثُّل عدد كبير من مسؤولي الإدارة لرهانات وآليات المرفق العمومي الإلكتروني، كما أن المؤشرات الرسمية لتقييم الإدارة الإلكترونية قد تخلق "انطباعات وهمية"، بالارتكاز في عملية تقييم التحول الرقمي على مؤشرات كمية وانتقائية لا تعكس فعالية وجودة الخدمات المقدمة، كمعدل زيارات المواقع وعدد ردود المجيب الآلي وحجم الخدمات والملفات المتاحة، بغض النظر عن استجابتها للحاجيات الفعلية للمرتفقين.

في ضوء هذه المفارقات، يبرز الحقل الاستفهامي الآتي: ما هي سياقات تبلور الإدارة الإلكترونية، وكيف تطور استعمال تكنولوجيا المعلومات في القطاع العام بالمغرب؟ وإلى أي حد ساهم في مواكبة مشاريع إصلاح وتحديث الإدارة العمومية؟ وما هي المداخل الممكنة لتجاوز التأثيرات السلبية للبيروقراطية الرقمية ولرفع التحديات الجديدة للتدبير العمومي؟

سنناقش الموضوع في محورين: المحور الأول سنخصصه لاستعراض مكاسب التحول الرقمي في الإدارة المغربية في ضوء تقارير المؤسسات الوطنية والدولية. أما المحور الثاني فسنقف فيه على الاستحقاقات الجديدة لتوجيه هذا التحول لخدمة الرهانات الجديدة للإصلاح الإداري، ولجعل الرقميات مدخلاً أساسياً لتحديث الإدارة العمومية ورفع فعالية أدائها، ولتعزيز فرص الولوج المتكافئ إلى الخدمات العمومية وتمكين المرتفقين من الاستفادة منها على الوجه المطلوب.

أولاً- سيرورة التحول الرقمي للإدارة العمومية في المغرب

عرف مسار التحول الرقمي للإدارة المغربية تطوراً تدريجياً على مختلف الأصعدة البنيوية والوظيفية. وقد أسفرت مختلف الجهود المبذولة عن مكاسب نوعية لصالح التدبير العمومي، من خلال تحسين مؤشرات الحكامة وتجويد الخدمات العمومية المقدمة للمرتفقين وللمهنيين مقارنة بالتدبير الإداري الكلاسيكي.

1.     تطور الإدارة الإلكترونية في المغرب: السياقات والرهانات

برزت إرهاصات الإدارة الإلكترونية في المغرب منذ منتصف التسعينيات، بوضع أول برنامج لاستعمال تكنولوجيا الإعلام في الإدارات العمومية، وما واكبه من نزع تدريجي للطابع المادي للمساطر الإدارية (Dématérialisation)، عبر مخططات رسمت خارطة الطريق نحو رقمنة الخدمات الأساسية، منذ سنة 1996 عبر استراتيجية المغرب التنافسي (Maroc Competitif) التي دعت إلى تجريب تطبيقات الإدارة الإلكترونية، مع تكييف النسق المؤسساتي ليستوعب تحديات الرقمنة بإحداث كتابة دولة مكلفة بالبريد والتكنولوجيا والاتصالات والإعلام سنة 1998. كما دعا المخطط الخماسي لحكومة التناوب التوافقي 1999-2004 لإدماج التقنيات الحديثة في تسريع التحول التنظيمي للإدارة العمومية وجعلها محركا للتنمية.1Abdelghani Bachar, "L’ère de la digitalisation : Le Maroc, une smart nation en «loading»", Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 3, No 3, 2022, p.325.

خلال السنوات الأولى للألفية الثانية، تسارعت وتيرة التحول الرقمي بوضع البرنامج الوطني الأول للإدارة الإلكترونية الذي تمخضت عنه بعض بوادر رقمنة المرافق العمومية، كمرفق العدالة، بالشروع في تجهيز المحاكم في الأنظمة والبنيات المعلوماتية، وإنشاء مواقع إلكترونية لتيسير الحصول على الخدمات القضائية كموقع وزارة العدل وبوابة محاكم (mahakim.ma).2هشام الرشدي، "التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب"، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 45، 2022، ص 309. وفي 2005 شرعت الحكومة في تنفيذ مخطط المغرب الإلكتروني في أفق 2010 (E-Maroc)، عبر العديد من العمليات، كإرساء النظام الوطني للإدارة الإلكترونية "إدارتي" الذي شمل إحداث بوابة الخدمات العمومية (service-public.ma)، وموقع المعلومات المكانية (maps.service-public.ma) لتحديد أماكن تواجد وجهات الاتصال في المرافق العمومية، بما يمكّن من تيسير الإجراءات الإدارية، والبوابة الوطنية للشكايات (chikaya.ma) التي خصّصت لتتبّع ومعالجة تظلمات المرتفقين، وتلقّي الاقتراحات الكفيلة بتحسين جودة الخدمات الإدارية. إضافة إلى إنشاء وزارة الاقتصاد والمالية لعدة مواقع متخصصة في رقمنة بعض المعاملات منذ 2007، كإيداع التصاريح والأداءات الضريبية (tax.gov.ma)، والتدبير الإلكتروني للصفقات العمومية (marchespublics.ma).

أعقب ذلك صياغة مخطط المغرب الرقمي (2009-2013) من طرف وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة من أجل تقريــب الإدارة مـن حاجيـات المتعـاملين، عبر برنامج طمـوح للحكومـة الإلكترونيــة تضمن 89 مشروعاً،3وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، المغرب الرقمي 2013: الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي، 2010، ص 38. كُلِّفت بالإشراف عليه اللجنة بين-الوزارية للحكومة الإلكترونية (CIGOV)، ليسفر تنفيذه إلى حدود شتنبر/أيلول 2012 عن إطلاق 377 موقعاً إلكترونياً، ووضع 547 خدمة عمومية على شبكة الإنترنت، في إطار تفعيل الإصدار الثاني لمنظومة "إدارتي". وفي المحصلة فقد ارتفعت الخدمات المتعلقة بالحصول على الإجراءات الإدارية عن بعد بنسبة . %18 4 وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، حصيلة سنة 2012، ص 41. هذه الحصيلة ستحفّز على وضع مخطط جديد للمغرب الرقمي استهدف إتاحة %50 من الخدمات العمومية عبر الإنترنت بحلول عام 2020 5OECD, Digital Government Review of Morocco: Laying the Foundations for the Digital Transformation of the Public Sector in Morocco, Paris, 2018, p.14. . لأجل ذلك انخرط المغرب منذ سنة 2013 في عدة شراكات دولية لتدعيم البنية المعلوماتية، كالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) لتقوية بنيات الاستقبال الإلكتروني في 31 إدارة عمومية بنهاية 2021 على رأسها المركز الاستشفائي محمد الخامس، ومركز تسجيل السيارات في الرباط6OCDE, Principes d’administration publique Prestation de services administratifs, 2019, p.37. . ومع بداية 2017 أُطلقت المنصة الحكومية للتكامل (Gouvernementale Gateway) لتمكين المرتفقين من الوثائق اللازمة لإنجاز بعض الخدمات كالبيانات المتعلقة بسجل بطاقة التعريف الوطنية، والسجل التجاري، والسجل العدلي.

خلال الفترة الفاصلة بين 2018 و2020 نفّذت الحكومة عدة مخططات إجرائية، كالمخطط التوجيهي للتحول الرقمي في الإدارة العمومية في 2018 لتمكينها من توفير خدمات إلكترونية ذات جودة وتسهيل تبادل المعطيات بينها7وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصيلة سنة 2018، 41-42. ، والمخطط الأول للحكومة المنفتحة 2018-2020 الذي بلغت نسبة تنفيذه %84 عبر عدة مشاريع لتحسين مؤشرات الولوج إلى البيانات العمومية وشفافية الميزانية وتخليق المرافق الإدارية وتجويد الخدمات العمومية.8Abdellatif chentouf, The Open Government in Morocco: Context, Objectives, and Outcome, MIPA, Rabat, 19 July 2022, accessed on 14/11/2022, available at:  https://mipa.institute/9309

انطلاقاً من سنة 2020 شرع القطاع الوزاري المكلف بإصلاح الإدارة في تنفيذ استراتيجية التنمية الرقمية (Maroc Digital 2020-2025)، بغية جعل المغرب ضمن المراتب الثلاث الأولى في مجال الخدمات العمومية الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا (Pays MEA)، عبر العديد من المشاريع لجعل الوسائل التكنولوجية رافعة لمواكبة التحول الاقتصادي والاجتماعي،9Generalitat Valenciana, Para crecer en un mundo global: oportunidades de negocio en Marruecos, 2019, P.15. ضمن ثلاثة محاور استراتيجية تتمثل في محور الإدارة الرقمية لتجميع مختلف المبادرات الرامية إلى تطوير التحول الرقمي للإدارة المغربية، ومحور الابتكار لتسريع الاقتصاد الرقمي، ومحور محاربة الإقصاء الاجتماعي وتحفيز التنمية البشرية الذي استهدف تحسين جودة حياة المواطنين عبر الرقمنة.10Le chef du gouvernement, Note d’orientations générales pour du digital au Maroc à horizon 2025, Rabat, 2020, p.3-4.

في ظل إغلاق المجال العام بعد تفشي وباء "كوفيد 19" برزت قيمة التراكم الحاصل في توفير المعدات والتطبيقات الإلكترونية في الانتقال إلى العمل عن بعد في عدة قطاعات، كالتعليم من خلال بوابة الموارد الرقمية (taalimtice.ma) وبوابة الدعم الدراسي والتعلم الإلكتروني (soutiensco.men.gov.ma)، إضافة إلى قطاعات الصحة والعدل وغيرها. لكن في المقابل حتَّمت تداعيات الأزمة الوبائية تذليل الصعوبات التي تحد من سرعة التحول الرقمي للخدمات العمومية،11Touhami Abdelkhalek et al, “How Can the Digital Economy Benefit Morocco and All Moroccans?” The Economic Research Forum, Working Paper N 1503, 2021, p.38. حيث سيدعو التقرير العام للنموذج التنموي الجديد12تقرير عمومي شخّص أعطاب التجارب التنموية السابقة مستشرفاً شروط تحقيق نموذج تنموي جديد يزاوج بين متطلبات النمو الاقتصادية واستحقاقات العدالة الاجتماعية (رابط الولوج إلى التقرير ومرفقاته: https://www.csmd.ma/rapport). إلى تعزيز ثقة المستعملين في المعاملات الإلكترونية، وتأهيل البنية التحتية الرقمية، في إطار استراتيجية للتحول الرقمي يُعهد بإدارتها إلى أعلى مستوى.13اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الرباط، 2021، ص 135. في ضوء ذلك ستضع الحكومة الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي التي حددت سنة 2030 كسقف زمني للرقمنة التامة للمعاملات الإدارية، وربط %100 من البنيات المعنية بمسارات المرتفقين بالواجهة الموحدة للخدمات العمومية واعتماد التوقيع الإلكتروني داخل الإدارات والمؤسسات العمومية (One stop Shop).14وزارة الاقتصاد والمالية، مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، الرباط، 2022، ص 124.

أسفرت التدخلات السابقة عن تحسن تدريجي في ترتيب المغرب في الإحصاءات الدولية حول الإدارة الإلكترونية، حيث احتل المرتبة الرابعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ضمن تقرير الالتزام الرقمي (DR)، والمرتبة الثانية إفريقياً ضمن تصنيف التطور الرقمي (DEI). كما تحسّن تصنيف المغرب في مؤشر الأمم المتحدة حول الحكومة الإلكترونية (EGDI)، حيث انتقل من المرتبة 140 في سنة 2008 (40.29) إلى المرتبة 101 في سنة 2022 (0.591)،15United Nations, E-Government Survey 2022 The Future of Digital Government, New York, 2022, p 63. وذلك بفضل التطور الملحوظ في معدل الخدمات المتاحة على الخط (OSI) الذي انتقل خلال نفس الفترة من 0.207 إلى 0.472، نفس التحسن طال المعدلات الأخرى التي تدخل ضمن احتساب مؤشر الحكومة الإلكترونية كالبنية التحتية للاتصالات (TII) والرأسمال البشري (HCI).

  2008 2010 2012 2014 2016 2018 2020 2022
OSI 0.207 0.238 0.542 0.692 0.739 0.666 0.523 0.472
TII 0.134 0.176 0.277 0.334 0.342 0.369 0.58000 0.667
HCI 0.543 0.573 0.443 0.490 0.473 0.527 2018 0.635
EGDI 0.294 0.328 0.420 0.505 0.518 0.521 0.572 0.591
الرتبة 140 126 120 82 85 110 106 101

تطور مؤشرات الحكومة الإلكترونية في المغرب - تركيب شخصي انطلاقاً من تقارير الأمم المتحدة 2008-2022

بغض النظر عن التذبذب الحاصل في تطور مؤشرات الإدارة الإلكترونية، فإن مجمل مستويات الرقمنة تمكن من تحقيق العديد من الأهداف النوعية التي تصب في مسار الإصلاح الإداري، والرفع من الفعالية التدبيرية للإدارة العمومية في المغرب وتعزيز قدرتها على الاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.16Hicham Nachit, et al, “Digital Transformation in the Moroccan Public Sector: Drivers and Barriers”, SSRN Electronic Journal, August 2021, p.18.

2.      دور التكنولوجيا الرقمية في تحديث القطاع العام في المغرب

بفضل التراكم الحاصل في تشييد البنية التحتية الإلكترونية وتنويع التطبيقات الرقمية، شهدت الإدارة العمومية في المغرب طفرة نوعية في مسار التحول من التدبير التقليدي إلى إعمال تدريجي لتكنولوجيا المعلومات في تقديم الخدمات العمومية التي تنوعت وتعددت طرقها وأدواتها:

-الخدمات الإخبارية: أسفرت التدخلات السابقة عن خلق فضاءات افتراضية لتيسير الحصول على البيانات والوثائق. وأصبحت بوابة الخدمات العمومية تحتضن أكثر من 800 مسطرة إدارية موزعة حسب 14 موضوعاً (الوثائق الشخصية، التشغيل، الضرائب، الأسرة...) وأكثر من 170 خدمة إلكترونية،17وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2020، ص 83. وبوابة التشغيل العمومي التي نشرت ما يقارب 50 ألف مباراة بين 2012 و2022، وبوابة البيانات المكانية التي تتيح الحصول على معلومات الاتصال بأكثر من 17500 مرفق عمومي.18وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، حصيلة سنة 2021، ص 64. هذا المسار سيعرف قفزة نوعية مع إطلاق النسخة الثانية للبوابة الوطنية للمعطيات المفتوحة، التي أصبحت تشتمل إلى حدود دجنبر/كانون الأول 2022 على أكثر من 32 ألف ملف وعلى 457 مصدراً و34 منتجاً للمعطيات.19 متاح على: https://data.gov.ma/fr/node/7 وبفضل التقدم التدريجي في نشر البيانات العمومية، فقد تقدم ترتيب المغرب في سلم البيانات المفتوحة (ODIN) باحتلاله المرتبة 41 عالمياً والأولى إفريقياً والثانية عربياً.20Annual report, Open Data Inventory 2020/2021, Open Data Watch, accessed 3 December 2022. https://odin.opendatawatch.com/Report/annualReport2020

-الخدمات التفاعلية: تحسن مستوى التواصل بين الإدارة والمتعاملين معها بفضل بعض الحلول التفاعلية، كالبوابة الوطنية للشكايات (Chikaya) التي استقبلت حتى الآن أكثر من 1.2 مليون شكاية مع تحسن نسبي في معدل التجاوب مع تظلمات المرتفقين، بالنظر إلى تطور وتيرة الرد على الشكايات وتقلص المدة الزمنية المخصصة لفحصها، حيث قاربت نسبة الشكايات التي تمت معالجتها 59.13% من مجموع الشكايات المُودَعة،21متاح على: https://www.chikaya.ma/?page=reclamation.Statistiques وبوابة الحصول على المعلومات (Chafafiya)، حيث تجاوزت نسبة الاستجابة للطلبات المقدمة %56، وبوابة إدارتي (Idarati) التي مكنت حتى الآن من نشر 2700 مسطرة بعد تدوينها وتبسيطها مع السير الحثيث نحو رقمنتها بشكل كامل أو جزئي في أفق 2025.

-الخدمات شبه المعاملاتية: تشمل المواقع التي تمكن من بدء معاملة إدارية على الخط مع الحصول على الخدمة النهائية عبر البريد العادي أو الحضور الشخصي، كالشباك الإلكتروني للوثائق الإدارية (watiqa.ma) الذي أتاح تلبية ما يزيد عن 700 ألف طلب عقد ازدياد،22متاح على:  https://www.watiqa.ma/index.php5?lang=ar وموقع جواز السفر "البيومتري" الذي يمكّن من تعبئة الاستمارة وتتبع الطلب بكيفية إلكترونية مع الاحتفاظ بالطابع المادي لمراحل الإيداع والسحب (passeport.ma)، والنظام الإلكتروني للحالة المدنية، حيث عرف مسار رقمنة رسوم الحالة المدنية تقدماً ملحوظاً منذ تجريبه سنة 2008 في أفق بناء قاعدة معطيات إلكترونية تخزّن حوالي 45 مليون رسم منذ 1915، ومنصة رخص (rokhas.ma) للتدبير الإلكتروني لطلبات الترخيص في مجال التعمير والأنشطة الاقتصادية.

-الخدمات المعاملاتية: أسفر التحول الرقمي عن رقمنة كاملة لبعض الخدمات، كتخصيص بوابة لنشر طلبات العروض ولتتبع عمليات تفويت الصفقات العمومية للمتعهدين،23منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، الحكومة المنفتحة في المغرب، 2017، ص 39. ومنصة مكتب الصرف التي تتيح الحصول على خدمات التراخيص والتصاريح عن بعد، والتدبير الإلكتروني للمخصصات التكميلية للسياحة، إضافة إلى العشرات من المواقع المخصصة لإيداع التصاريح الاجتماعية وتأدية الفواتير وأداء الرسوم والضرائب والتدبير الإلكتروني للإجراءات الجمركية، وبعض تطبيقات القضاء الرقمي كالسجل العدلي الإلكتروني والأداء الإلكتروني لغرامات مخالفات السير مع تهيئة شروط التحول نحو التقاضي عن بعد، إضافة إلى تقدم التدبير الإلكتروني لمنظومة التربية والتكوين عبر منظومة مسار "MASSAR".

-الخدمات المندمجة: ساعدت الرقمنة على توسيع مجالات التعاضد والتعاون في القطاع العام عبر عدة مبادرات، كوضع النظام المعلوماتي المشترك لتدبير الموارد البشرية في الإدارات العمومية (SIRH-AP) الذي انطلق منذ 2019 في 16 قطاعاً وزارياً بهدف استغلال الإمكانات التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصال لضمان التدبير الأمثل والفعال للموارد البشرية،24وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2019، 2019، ص 50. وتصميم بوابات متخصصة في تقديم خدمات عمومية مشتركة بين عدة إدارات، وخاصة في ما يتعلق برقمنة مسار المستثمر، كمنصة دعم الشركات الناشئة، والمقاول الذاتي الرقمي، مع الشروع في تطوير وإطلاق منصة رقمية خاصة بالتبادل والربط البيني لنظم معلومات الإدارات العمومية في أفق توسيع مجال استعمالها من طرف الإدارات المعنية.25وزارة الاقتصاد والمالية، تقرير حول الموارد البشرية، 2022، ص 6.

بغض النظر عن التفاوت بين طبيعة ومدى الخدمات العمومية الرقمية، فإن الدينامية المتسارعة في توظيف تكنولوجيا الاتصال والمعلومات أسهمت في تحسين مؤشرات الشفافية والفعالية والابتكار والجودة في القطاع العام،26Fatima Zahra Zakka, "Regards sur les mutations du service public culturel et informationnel", journal of information sciences, Volume 21 - Issue 1, 2022, P.114. وما لذلك من تأثيرات إيجابية على أداء الإدارة العمومية وعلى علاقتها بمحيطها الداخلي والخارجي:

-بناء علاقة جديدة بين المرتفق والإدارة تستند إلى أسس موضوعية تفيد في التخفيف من نزعات الشخصنة، بفضل تقليص الضغط الممارس على الطاقم الإداري من جهة، وبالنظر إلى شفافية المساطر وانكشافها وتعدد وتنوع طرق الطعن من جهة أخرى.

-تفكيك "التقاليد البيروقراطية" (débureaucratisation)، حيث فرضت تحديات الرقمنة إحداث تحول تنظيمي في الجسم الإداري، يقوم على تفتيت المسؤوليات وتأطير جديد لكيفيات وآليات ممارسة السلطة الإدارية.

-تسهيل استفادة المرتفقين من الخدمات العمومية، في ضوء التأثير الناعم لأدوات الرقمنة التي تقوم على التواصل والتعاون، كأخذ المواعيد عبر الإنترنت للولوج إلى الخدمات الطبية (mawiidi.ma)، أو للحصول على الوثائق من مصالح الأمن والقضاء وغيرها.

-تحسين درجة النزاهة والحد من بعض ممارسات الفساد الإداري، التي كانت تنتعش في ظل أجواء الغموض، و"احتكار المعلومة"، ومحدودية ثقافة المرفق العام لدى المواطنين وضعف مشاركتهم في تدبير الشؤون العامة.27Bennis Nechba et al, "Good governance and digitalization in Morocco: State of the art," International Journal of Business and Technology Studies and Research, v 4, n 1, 2022, p.8.

-عقلنة تدبير الموارد البشرية: ساهمت الحلول الرقمية في التحكم بموظفي الإدارات العمومية بالتقليل من ظاهرة الأشباح في ظل تواتر عمليات الإحصاء، وبتثمين المهن الرقمية التي لا تتطلب معدلات تشغيل عالية، حيث تشير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية إلى أن %14 من مناصب الشغل في المغرب ستكون معرضة للأتمتة (L'automatisation).28المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، 2021، ص 13. إضافة إلى ذلك، تمكن الحلول الإدارية الرقمية من رفع الأداء الوظيفي للعاملين وتقليص هامش الخطأ الناجم عن المعالجة البشرية للمعطيات.

ثانياً- تأثير البيروقراطية الرقمية على النسق الإداري: التجليات والمداخل

ترتب عن التطبيقات السابقة للإدارة الإلكترونية العديد من التأثيرات السلبية أو غير المرغوب فيها، بشكل يستوجب اعتماد مداخل مبتكرة لإعادة توجيه التقنيات والحلول الإلكترونية نحو خدمة الرهانات الاقتصادية والاجتماعية المتوخاة من رقمنة المعاملات الإدارية والخدمات العمومية، ضمن رؤية شاملة لإصلاح القطاع العام تتجاوز الاعتبارات التقنية إلى استحضار الضمانات التشريعية والمؤسساتية والإجرائية للتحكم في الورش الجديدة للتدبير العمومي.

1.     التأثيرات الجانبية للتحول الرقمي على الإدارة العمومية

تعترض مسيرة التحول الرقمي صعوبات متعددة تحدّ من سرعته، أو على الأقل تحول دون بلوغ الرهانات المتوخاة منه. أكثر من ذلك، فقد بدأت تبرز بعض تداعياته السلبية، أو لِنقل العكسية، مقارنة مع الميزانيات المرصودة لتمويل استحقاقات التحول الرقمي للإدارة العمومية، في إطار برامج متعددة أنجزتها الحكومة في إطار الشراكة مع القطاع الخاص وبدعم من المانحين الدوليين، ومن بين هذه التداعيات نذكر:

-اختلال منظومة القيادة: من تجليات ذلك نشير إلى محدودية التكامل بين البرامج. فمثلا لم تُراعَ مآلات مخطط المغرب الإلكتروني 2010 عند وضع استراتيجية المغرب الرقمي 2013، وكذا ضعف التحكم في تنزيل المشاريع، حيث لم تسفر حصيلة المغرب الرقمي عن إنجاز سوى 42 خدمة بدل 89 كما كان مبرمجاً.29المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي 2013،  2014، ص 16. الأمر نفسه بالنسبة لتقييم جودة الخدمات، حيث ما زالت أغلب الإدارات تُركِّز على عدد الخدمات بغض النظر عن جاهزيتها وتلبيتها لحاجات المرتفق، كما تحدد ذلك المرجعيات الرسمية كالدليل المرجعي للخدمات الإدارية الرقمية لسنة 201830وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2020، ص 69. ، وتقرير تقييم نضج الخدمات الإلكترونية لسنة 2019. إضافة إلى التعثر الذي اعترض عمل بنيات القيادة، كما حصل مع المجلس الوطني لتكنولوجيا الإعلام والاقتصاد الرقمي، الذي لم يضطلع بالمهام المرتبطة بمتابعة تنفيذ استراتيجية المغرب الرقمي، حيث لم يعقد خلال فترة 2009-2013 سوى ثلاثة اجتماعات بدل اجتماعين سنويين على الأقل.31المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي 2013، مرجع مذكور، ص 12. وترتبط معضلة الحكامة بعوامل متعددة على رأسها غياب آلية حكومية مشتركة للإشراف على مختلف الورش المرتبطة بالانتقال الرقمي، مقارنة بالتجارب الدولية التي بلورت بنيات دائمة للقيادة مثل فرنسا بإحداث المندوبية البين-وزارية للرقمنة ولأنظمة الإعلام والاتصال (DINSIC) التي لعبت دوراً مهماً في توحيد الجهود ذات الصلة برقمنة الخدمات العمومية. مع توضيح اختصاصات الهيئات المتخصصة وتمكينها من الموارد البشرية والمادية،32المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، مرجع مذكور، ص 22.

الإطار التنظيمي لقيادة ورش الانتقال الرقمي في المغرب، تركيب شخصي

-استمرار الفجوة الرقمية: فتباين سرعات الرقمنة يكرس التفاوت بين المواطنين في الولوج إلى المرافق العمومية، ويأخذ هذا التفاوت عدة أشكال، كالتفاوت المجالي في ظل استمرار "البقع البيضاء" (White areas) التي ينعدم أو يقل فيها صبيب الإنترنت، مع استئثار الإدارات المركزية بجلّ المعدات والحلول المعلوماتية مقابل ضعف رقمنة الإدارات المحلية بسبب محدودية الموارد وضعف المواكبة33Cherif Elhilali, "Public Administration Reform and Development Stakes in Morocco", Journal of Legal, Ethical and Regulatory Issues, Volume 25, Special Issue 4, 2022, p.4. . على الصعيد السوسيوثقافي، تحتمل الخدمات المرقمنة بعض المخاطر على المساواة بين المواطنين في الاستفادة من المرافق العمومية، إذ بالرغم من التطور الذي يعرفه سوق تكنولوجيا المعلومات - نتاج الجهود الحكومية والخاصة - فإن فئات اجتماعية عريضة تجد نفسها عاجزة عن تملُّك أو امتلاك الوسائل والتقنيات الضرورية للوصول إلى الخدمات الرقمية نتاج الدخل المحدود أو تدني الثقافة المعلوماتية.

من الناحية الاقتصادية، يوجد تفاوت واضح في مؤشر النضج الإلكتروني (e-Readiness) تبعاً لطبيعة الخدمات ونوعية المستفيدين منها، في ظل ضعف نضج الخدمات الموجهة لعموم المرتفقين، مقابل جاهزية المنصات المخصصة لاستخلاص الفواتير والرسوم والضرائب،34Cour des comptes, Évaluation des services publics en ligne, Royaume du Maroc, Rabat, 2019, p.4. مع وجود نوع من التمييز في طبيعة الخدمات الموجهة إلى كل من المرتفقين والمهنيين، فحوالي 60 % من الخدمات الإلكترونية المقدمة للمواطن ذات طابع إخباري يقتصر على إتاحة المعلومات، وفي المقابل، فالخدمات المرقمنة بشكل كامل الموضوعة رهن إشارة المقاولات تقارب 42 % مقارنة بـ32 % بالنسبة للمرتفقين.35وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصر الخدمات الإلكترونية وتقييم نضجها، 2020، ص 49.

مستوى النضج الإلكتروني مواطنون مهنيون آخرون المجموع
الإخبار 106 58 15 179
التفاعل 9 0 1 10
الرقمنة الجزئية 33 59 19 111
الرقمنة الكلية 29 38 24 91
مجموع الخدمات الإلكترونية 177 155 59 391

حصر الخدمات الإلكترونية وتقييم نضجها، وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، 2020.

- تفاقم البيروقراطية الرقمية: في الوقت الذي كان يُعوَّل فيه على أدوات الرقمنة لجعل المرفق العام أكثر استجابة لمتطلبات البيروقراطية بمفهومها "الفيبري" (wébérien) التي تقوم على التخصص والفعالية وعلى وجود قواعد تدبيرية مستقرة واضحة، فإن الواقع العملي يؤشر إلى تشكُّل أنماط سلبية لبيروقراطية رقمية تحد من إسهام الوسائل الحديثة في تجويد الخدمات العمومية. من مظاهر ذلك نذكر:

- تقادم "البروفايل" الإداري: وجود عدد كبير من الموظفين غير قادرين على مسايرة التحول الرقمي، حيث لا تتجاوز نسبة الموظفين العاملين في تكنولوجيا المعلومات والاتصال 1.19% مقارنة بالمعدل الدولي الذي وصل في 2022 إلى 3%. وهو واقع يجعل الجيل القديم من الموظفين في الغالب الأعم "أسيراً" لثقافة تدبيرية ورقية و"مقاوماً" لديناميات التحول الرقمي.

-غياب تحديد واضح للخدمة الإلكترونية يجعلها تشمل حتى مجرد الحصول على وثائق أو معلومات بسيطة لا تُلبي بأي وجه مطالب المرتفقين، كما أن العديد من البوابات الافتراضية للإدارات العمومية تفتقد إلى التحيين اللازم وإلى تطوير حلول رقمية تفاعلية ومندمجة، ما يجعلها عائقاً أمام استقطاب المواطنين للاعتماد على الإنترنت في الخدمات الإدارية.36نصيرة الحيوني، "الإدارة الإلكترونية ورهان التحديث الإداري في المغرب"، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء الإداري، العدد السابع، 2018، ص 30.

- إثقال كاهل المرتفقين، حيث تقتصر الشبابيك الإلكترونية للوثائق الإدارية على مجرد تقديم الطلب، أما تسلمها فلا زال يتطلب الحضور الفعلي لطالبها، وفي حالة الرغبة في التوصل بها عبر البريد العادي يتوجب أداء مبالغ مُكلِّفة تجعل الخدمة في متناول أقلية من المواطنين.37المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي، مرجع مذكور، ص 117.

- ضعف الثقة في المعاملات الإلكترونية: غياب نظام موحد ومبسط لتحديد هوية المستعملين والموظفين، وتباطؤ وتيرة تأمين الخدمات الرقمية يجعل العديد من المواطنين يتوجَّسون من التعامل مع المنصات الإلكترونية خاصة تلك المرتبطة بالخدمات المالية.38OECD, Case Study: Opportunities and Challenges in Morocco, 2020, Paris, p.23,

- تكريس الجمود الإداري: الهندسة المعلوماتية للخدمات الإلكترونية تكتنفها صعوبات جمة تؤثر على فعاليتها، فالانقطاع المستمر جراء تواتر الأعطاب التقنية وضعف عمليات الصيانة يؤثران على مصالح المرتفقين، ويجعلان من تلك الأعطاب مطية للتملص من المسؤولية ولإبطاء وتيرة تقديم الخدمة المطلوبة.

- متاهة مسار المرتفق: استمرار التعقيدات التقنية التي تحد من المعاملات الرقمية كعدم إتاحة الوصل الإلكتروني وعدم الاعتراف أحياناً بالتوقيع الإلكتروني، وصعوبة رفع الوثائق المطلوبة للحصول على الخدمة (upload)، كما أن محدودية تملك المهارات المعلوماتية يجعل العديد من المستعملين عاجزين عن ملء الاستمارات الإلكترونية وإجراء المعاملات الإدارية، خاصة في ظل محدودية تناسب معظم مواقع الإنترنت الرسمية مع حاجيات المرتفقين.39Karim Zaouaq, "Lecture croisée dans le rapport de la Cour des comptes de 2019 sur l’évaluation des services publics en ligne au Maroc", JIL journal of Human and Social Sciences, JIL Scientific Research Center, n 64, 2020, p.166.

هذا الإشكال مطروح حتى في الدول التي قطعت أشواطاً في التحول الرقمي للخدمات، حيث تبرز بعض الدراسات أن أغلب المستعملين يعربون عن الحاجة إلى مواكبتهم في الولوج إلى الخدمات المتاحة عن بعد؛ كفرنسا بنسبة %71 وبريطانيا بنسبة 78%،40See Sopra Steria, Baromètre Digital Gouv’ 2019: Digitalisation des services publics, entre nécessité́ et inquiétudes, consulté le 27 février, 2022. https://bit.ly/3HI3NhT ولذلك يتم تطوير حلول مبتكرة لمرافقة مستعملي مواقع الإدارات العمومية، وللحيلولة دون تحول الرقمنة إلى عائق أمام الولوج إلى الخدمات المتاحة على الخط، كما هو الحال بالنسبة للساكنة القروية، حيث يواجه الكثير صعوبات جمة للتسجيل في المواقع الإلكترونية المخصصة للحصول على الوثائق أو لنيل الدعم أو لسلوك بعض المساطر الإدارية.

في ضوء ذلك، ومع الأخذ بالاعتبار تفاوت الشروط الثقافية والمادية للإدارة الإلكترونية في المغرب، مقارنة بالتجارب المذكورة، يتعين تخصيص الوسائل والموارد المناسبة للارتقاء بمستويات التواصل والتفاعل بين المرتفقين وبوابات الخدمات العمومية، وهي مسؤولية منوطة بالحكومة بالدرجة الأولى، وبالمنظمات غير الحكومية عبر عمليات التحسيس والترافع والتكوين لتنمية ثقافة المرفق العام الرقمي.

2.      الآفاق الممكنة لإسهام الرقميات في تجويد الخدمات العمومية

في ضوء الحصيلة السابقة، يتضح أن التكنولوجيا الرقمية تفتح آفاقاً واسعة لعقلنة العمل الإداري إذا ما تم الوعي بالمخاطر والتحديات التي تكتنفها، مع السعي الحثيث لتحويلها إلى فرص اعتماداً على مداخل متعددة:

-مدخل العدالة الرقمية: بالرغم من الجهود المبذولة، فإن الفجوة الرقمية ما فتئت تتسع في ظل التفاوتات على صعيد التزود بالمعدات المعلوماتية ذات الجودة والتغطية بشبكات الإنترنت السريع، الأمر الذي يستوجب تعزيز قدرة الفئات الهشة على الوصول إلى خدمات الحكومة الإلكترونية كالأفراد ذوي الإعاقات، والأكبر سناً، والنساء، والشباب، والفقراء،41Vincenzo Aquaro, Can Digital Government Accelerate the Sustainable Development Goals? Dubai Policy Review, 2019. accessed on 03/01/2023, available at:  http://bit.ly/3xX4spE من خلال اتخاذ تدابير جديدة لِتجْسير الهوة الرقمية كتعميم الولوج إلى الإنترنت ذي الصبيب العالي والعالي جداً، مع ضمان خدمة جيدة فـي هذا المجال،42المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، مرجع مذكور، ص 9. كما أن جعل الذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية الإدارية يتطلب وضع تطبيقات محمولة جذابة ومُيسَّرة ونظم رقمية مبتكرة أكثر تأثيراً على حياة المرتفقين، إضافة إلى تقوية البعد التفاعلي للمنصات العمومية بتوفير تقنيين ومستشارين متخصصين في المواكبة الإلكترونية (digital support) لزوار البوابات الوطنية مكلفين بمرافقة المتعاملين في مختلف المراحل المتعلقة بالحصول على الخدمة العمومية الرقمية.

- مدخل الحكامة الإلكترونية: تيسير ولوج المتعاملين إلى الخدمات الإدارية المتاحة على الإنترنت من خلال تبسيط مسار المرتفقين، باختصار المراحل الواجب المرور منها، وحصر الوثائق المطلوبة للحصول على الخدمة، والتقليص من الإدارات المتدخلة في إنجاز الخدمة، إضافة إلى تطوير منصة التشغيل البيني للمعطيات (d’interopérabilité plateforme) بما يمكن من الربط بين قواعد المعلومات لمختلف الإدارات العمومية ومن تبادل البيانات والوثائق. بالموازاة مع ذلك يتعين تحسين مؤشرات الشفافية والنضج والفعالية، وتوفير شروط الولوج المُؤمَّن إلى الخدمات الرقمية.

- مدخل الفعالية التدبيرية: تهيئة الشروط الكفيلة بتجسيد الإدارة الإلكترونية، وفي مقدمتها مراجعة الهندسة التنظيمية لتتماشى مع تحديات الرقمنة، ولإحداث تغيير عميق للهياكل الإدارية، وليس مجرد إضفاء حالة من التحديث السطحي على أجهزة عتيقة، وذلك من خلال خلق مصالح إدارية متخصصة في عمليات التحليل والمعالجة والبرمجة والصيانة، وقادرة على التكفّل بمختلف الأمور التقنية المتعلقة بتعميم المعلومات والتطبيقات الرقمية.43عماد يعقوبي، إسهام تقنيات الإعلام والاتصال في تحسين علاقة الإدارة بالمواطنين، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق، وجدة، 2006، ص 112. إلى جانب ذلك يتعين جعل المهارات المعلوماتية معياراً أساسياً في توظيف الموارد البشرية، وتثمين المهن الرقمية التي تتطلب مؤهلات خاصة، كالأمن المعلوماتي والتصميم الذكي والحوسبة السحابية والهندسة المعلوماتية وتحليل البيانات الضخمة، بما يمكن من توافر كفاءات قادرة على تكييف التكنولوجيا الحديثة مع متطلبات العمل الإداري.44عبد القادر البوفي، تكنولوجيا المعلومات وتأثيرها على العنصر البشري، الإدارة العمومية نموذجاً، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط، 2003، ص 147.

لرفع هذه التحديات، يتوجب إقرار حزمة جديدة من الإصلاحات الإدارية لتوفير الشروط السياسية والتشريعية والمؤسساتية والمالية لعمليات التحول الرقمي للإدارة، ونزع الصفة المادية عن المساطر الإدارية والخدمات العمومية.

- سياسياً: بلورة استراتيجية مبتكرة للتحول الرقمي تستحضر الدروس المستفادة من التجارب السابقة، وخاصة في ما يتعلق بتوحيد الرؤية وتسريع وتيرة التنزيل، مع الحرص على تحقيق التكامل بين الحلول الرقمية لضمان سير الإدارات والمؤسسات العمومية بنفس السرعة في مسار الانتقال الرقمي، والتأكيد على الارتقاء بآفاق الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز مؤشرات الاقتصاد الرقمي، وتقوية التعاون بين الفاعلين العموميين من خلال منظومة للتبادل البيني للمعطيات بين مختلف أصناف الإدارات. كما أن الوعي بمتطلبات السيادة الرقمية يُحتِّم وضع لوحة قيادة لتتبع السياسات المتعلقة بنزع الصفة المادية عن الخدمات العمومية، على غرار مؤشر الإدارة الرقمية (DGI) في منطقة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE)، ولقياس كفاءة استعمال التكنولوجيا الرقمية في تفعيل استراتيجيات التحديث الإداري.45OCDE, Panorama des administrations publiques, 2021, p.190.

- تشريعياً: تعزيز الإطار التشريعي للانتقال الرقمي للقطاع العام بإخراج مشروع القانون رقم 41.19 المتعلق بالإدارة الرقمية لإزالة العوائق التي تحد من المعاملات الإلكترونية وتعزيز مستوى الرقمنة الكاملة للخدمات، والمرسوم المتعلق بالتوقيع الإلكتروني لتأمين الوثائق الإدارية وللرفع من منسوب الثقة والمصداقية في التطبيقات الرقمية، إلى جانب إصدار نصوص جديدة لتأطير عمليات مشاركة وتبادل المعطيات بين الإدارات، بما يمكن من إعفاء المرتفق من الإدلاء بوثائق هي متوفرة أصلاً لدى الإدارات العمومية كالإدارة العامة للأمن الوطني وصناديق التغطية الصحية والضمان الاجتماعي، والمديرية العامة للضرائب ووزارات العدل والتربية الوطنية وغيرها.46وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصر الخدمات الإلكترونية وتقييم نضجها، مرجع مذكور، ص 54.

- مؤسساتياً: لمواكبة الإيقاع السريع للانتقال الرقمي، يتعين تأسيس سلطة عليا مكلفة بالتنسيق بين مختلف المتدخلين، بإحداث فريق حكومي متخصص في شكل مندوبية وزارية مشتركة لقيادة هذه الورش المهيكلة ولتدعيم العمل المشترك بين مجموع الإدارات والهياكل المعنية،47اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، مرجع مذكور، ص 135. كوكالة التنمية الرقمية، ولجنة الحصول على المعلومات، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، واللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، ولجنة القيادة الوطنية للمعطيات المفتوحة، مع إعادة النظر في الحكامة العامة للخدمات العمومية عبر الإنترنت من خلال تدقيق الاختصاصات والعلاقات بين القطاعات الوزارية المعنية وخاصة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ووزارة الداخلية.48محمد بحار، "تطور الإدارة الإلكترونية بالمغرب: نموذج المديرية العامة للضرائب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 158، ماي- يونيو 2021، ص 389.

لكن، على الرغم من أهمية هذه الإصلاحات، فإنها ستظل قاصرة عن تجاوز الإكراهات التي تعيق التحول الرقمي للإدارة العمومية إذا لم تتم ترجمتها ضمن حزمة متكاملة من التدابير لتحديث وعقلنة القطاع العام، مع الوعي بالمخاطر والتأثيرات الجانبية لرقمنة الخدمات العمومية على المبادئ الأساسية للمرفق العام كالاستمرارية والمساواة والمجانية، تفادياً لتحويل تطبيقات الإدارة الإلكترونية إلى منفذ لتكريس نوع من "الخصخصة التدبيرية" ولتفكيك الخدمة العمومية، في ظل التعقيدات التقنية والمسطرية التي تحدّ من إمكانية وصول المرتفقين إليها، وتُكرِّس فجوات مجالية واجتماعية تجعل قطاعات واسعة من المجتمع خارج دائرة الاستفادة من "نعيم الرقمنة".

خاتمة

أسهم توظيف تكنولوجيا المعلومات في تيسير المساطر الإدارية والحصول على الخدمات العمومية بأقل تكلفة ممكنة، لكن عند التأمل في التأثيرات الفعلية، يتبين أن الرقميات أصبحت تشكل بؤرة لتعميق الممارسات البيروقراطية في ظل تباطؤ سيرورة اتخاذ القرار وتضخم الإطار المؤسساتي وتعقد منظومة التواصل، الأمر الذي يفرض تهيئة الشروط الضرورية للرفع من جودة الخدمات العمومية الرقمية. لأجل ذلك نقترح الآتي:

- تسريع التحول التنظيمي للإدارة العمومية، عبر مراجعة أطرها الهيكلية والوظيفية، وكيفيات تدبير المسار المهني للموارد البشرية وفق ما تقتضيه استحقاقات الانتقال الرقمي.

- إزالة التعقيدات التقنية التي تحول دون تعميم استفادة المرتفقين من الخدمات الإلكترونية، مع تعزيز مؤشرات المواكبة الافتراضية لمستعملي المنصات والبوابات الرسمية.

- التطوير الفوري لحلول رقمية كاملة بدل النهج التجريبي الذي أثبت فشله، حيث تظل معظم الخدمات في المستوى الإخباري أو التفاعلي المحدود دون الارتقاء نحو الرقمنة الجزئية أو التامة رغم مرور المهل الزمنية الكافية للانتقال إلى الصيغة النهائية للخدمة الرقمية.

- تثمين دور المجتمع المدني في مواكبة التحول الرقمي للإدارة العمومية، من خلال تعزيز ثقافة المرفق العام والتعريف بالخدمات الإلكترونية وتقييم جودة وفعالية المعاملات الرقمية.

- توفير متطلبات العدالة الرقمية، عبر الإنصاف في تغطية التراب الوطني بشبكة الإنترنت السريع وتوفير الأجهزة عالية الكفاءة في الإدارات، ناهيك عن تيسير تملُّك الأدوات والحلول الإلكترونية، وتطوير الكفايات الرقمية لدى المستعملين والعاملين على حد سواء.

- تسريع سيرورة بناء منصة التشغيل البيني للمعطيات، وتطوير القواعد المشتركة للمعلومات بين الإدارات العمومية، وتعزيز الربط بين البوابات الرسمية المخصصة للخدمات الإلكترونية.

- التتبع المستمر لفعالية الخدمات المرقمنة عبر تقارير دورية وسنوية لقياس قدرتها على إشباع حاجيات المتعاملين، في ضوء معايير موضوعية تتجاوز الجوانب الكمية لِتُركز على مؤشرات الولوجية والدقة والتجدد والعدالة والملاءمة.

في المجمل يتعين جعل التكنولوجيا الرقمية عنصراً مندمجاً في صلب الورش الجديدة للتدبير العمومي، كتحفيز الاستثمار الجهوي، وإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وتحديث المرافق العمومية والإدارة المحلية، وإرساء السجل الاجتماعي الموحد (RSU) كنظام معلوماتي لفرز من لهم أهلية الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، في أفق جعل الانتقال الرقمي مرآة عاكسة لباقي أشكال الانتقال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري.

المصادر

  • عبد القادر البوفي، تكنولوجيا المعلومات وتأثيرها على العنصر البشري، الإدارة العمومية نموذجاً، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط، 2003.
  • محمد بحار، "تطور الإدارة الإلكترونية بالمغرب: نموذج المديرية العامة للضرائب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 158، ماي-يونيو 2021.
  • عماد يعقوبي، إسهام تقنيات الإعلام والاتصال في تحسين علاقة الإدارة بالمواطنين، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق، وجدة، 2006.
  • اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الرباط، 2021.
  • المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي 2013، 2014.
  • المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، 2021.
  • منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، الحكومة المنفتحة في المغرب، 2017.
  • نصيرة الحيوني، "الإدارة الإلكترونية ورهان التحديث الإداري بالمغرب"، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء الإداري، العدد السابع، 2018.
  • هشام الرشدي، "التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب"، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 45، 2022، ص 309.
  • وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصر الخدمات الإلكترونية وتقييم نضجها، 2020.
  • وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصيلة سنة 2018، 41-42.
  • وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2020.
  • وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2019.
  • وزارة الاقتصاد والمالية، تقرير حول الموارد البشرية، 2022.
  • وزارة الاقتصاد والمالية، مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، الرباط، 2022.
  • وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، حصيلة سنة 2021.
  • وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، المغرب الرقمي 2013: الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي، 2010.
  • وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، حصيلة سنة 2012.
  • Abdelghani Bachar, "l’ère de la digitalisation : Le Maroc, une smart nation en « loading »", Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 3, No 3, 2022.
  • Abdellatif chentouf, The Open Government in Morocco: Context, Objectives, and Outcome, MIPA, Rabat, 19 July 2022, accessed on 14/11/2022, available at: https://mipa.institute/9309
  • Annual report, open data inventory 2020/2021, open data watch. Consulté le 3 Décembre, 2022. https://odin.opendatawatch.com/Report/annualReport2020
  • Bennis Nechba )and Al(, "Good governance and digitalization in Morocco: State of the art," International Journal of Business and Technology Studies and Research, v 4, n 1, 2022
  • Cherif Elhilali, "public administration reform and development stakes in morocco", journal of legal, ethical and regulatory issues, volume 25, special issue 4, 2022.
  • Cour des comptes, Évaluation des services publics en ligne, Royaume du Maroc, Rabat, 2019.
  • Fatima Zahra Zakka, "Regards sur les mutations du service public culturel et informationnel", journal of information sciences, Volume 21 - Issue 1, 2022.
  • Generalitat Valenciana, Para crecer en un mundo global: oportunidades de negocio en Marruecos, 2019.
  • Hicham Nachit )and Al(, “Digital Transformation in the Moroccan Public Sector: Drivers and Barriers”, SSRN Electronic Journal, August 2021.
  • Karim Zaouaq, "Lecture croisée dans le rapport de la Cour des comptes de 2019 sur l’évaluation des services publics en ligne au Maroc", JIL journal of Human and Social Sciences, JIL Scientific Research Center, n 64, 2020.
  • le chef du gouvernement, Note d’Orientations Générales pour du Digital au Maroc à horizon 2025, Rabat, 2020.
  • OCDE, Panorama des administrations publiques, 2021.
  • OCDE, Principes d’administration publique Prestation de services administratifs, 2019.
  • OECD, Case Study: Opportunities and Challenges in Morocco, Paris, 2020.
  • OECD, Digital Government Review of Morocco: Laying the Foundations for the Digital Transformation of the Public Sector in Morocco, Paris, 2018.
  • Sopra Steria, Baromètre Digital Gouv’ 2019 :Digitalisation des services publics, entre nécessité́ et inquiétudes, consulté le 27 février, 2022. https://bit.ly/3HI3NhT
  • Touhami Abdelkhalek )and Al(, “How Can the Digital Economy Benefit Morocco and All Moroccans?” The Economic Research Forum, Working Paper N 1503, 2021, p.38.
  • United Nations, E-Government Survey 2022 The Future of Digital Government, New York, 2022.
  • Vincenzo Aquaro, Can Digital Government Accelerate the Sustainable Development Goals?, Dubai policy review, 2019. accessed on 03/01/2023, available at: http://bit.ly/3xX4spE

Endnotes

Endnotes
1 Abdelghani Bachar, "L’ère de la digitalisation : Le Maroc, une smart nation en «loading»", Journal of the Geopolitics and Geostrategic Intelligence, Vol. 3, No 3, 2022, p.325.
2 هشام الرشدي، "التحول الرقمي لمرفق العدالة بالمغرب"، مجلة الباحث للدراسات والأبحاث القانونية والقضائية، العدد 45، 2022، ص 309.
3 وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الحديثة، المغرب الرقمي 2013: الاستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات والاقتصاد الرقمي، 2010، ص 38.
4  وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، حصيلة سنة 2012، ص 41.
5 OECD, Digital Government Review of Morocco: Laying the Foundations for the Digital Transformation of the Public Sector in Morocco, Paris, 2018, p.14.
6 OCDE, Principes d’administration publique Prestation de services administratifs, 2019, p.37.
7 وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصيلة سنة 2018، 41-42.
8 Abdellatif chentouf, The Open Government in Morocco: Context, Objectives, and Outcome, MIPA, Rabat, 19 July 2022, accessed on 14/11/2022, available at:  https://mipa.institute/9309
9 Generalitat Valenciana, Para crecer en un mundo global: oportunidades de negocio en Marruecos, 2019, P.15.
10 Le chef du gouvernement, Note d’orientations générales pour du digital au Maroc à horizon 2025, Rabat, 2020, p.3-4.
11 Touhami Abdelkhalek et al, “How Can the Digital Economy Benefit Morocco and All Moroccans?” The Economic Research Forum, Working Paper N 1503, 2021, p.38.
12 تقرير عمومي شخّص أعطاب التجارب التنموية السابقة مستشرفاً شروط تحقيق نموذج تنموي جديد يزاوج بين متطلبات النمو الاقتصادية واستحقاقات العدالة الاجتماعية (رابط الولوج إلى التقرير ومرفقاته: https://www.csmd.ma/rapport).
13 اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، الرباط، 2021، ص 135.
14 وزارة الاقتصاد والمالية، مذكرة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2023، الرباط، 2022، ص 124.
15 United Nations, E-Government Survey 2022 The Future of Digital Government, New York, 2022, p 63.
16 Hicham Nachit, et al, “Digital Transformation in the Moroccan Public Sector: Drivers and Barriers”, SSRN Electronic Journal, August 2021, p.18.
17 وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2020، ص 83.
18 وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، حصيلة سنة 2021، ص 64.
19  متاح على: https://data.gov.ma/fr/node/7
20 Annual report, Open Data Inventory 2020/2021, Open Data Watch, accessed 3 December 2022. https://odin.opendatawatch.com/Report/annualReport2020
21 متاح على: https://www.chikaya.ma/?page=reclamation.Statistiques
22 متاح على:  https://www.watiqa.ma/index.php5?lang=ar
23 منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، الحكومة المنفتحة في المغرب، 2017، ص 39.
24 وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2019، 2019، ص 50.
25 وزارة الاقتصاد والمالية، تقرير حول الموارد البشرية، 2022، ص 6.
26 Fatima Zahra Zakka, "Regards sur les mutations du service public culturel et informationnel", journal of information sciences, Volume 21 - Issue 1, 2022, P.114.
27 Bennis Nechba et al, "Good governance and digitalization in Morocco: State of the art," International Journal of Business and Technology Studies and Research, v 4, n 1, 2022, p.8.
28 المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، 2021، ص 13.
29 المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي 2013،  2014، ص 16.
30 وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، حصيلة قطاع إصلاح الإدارة لسنة 2020، ص 69.
31 المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي 2013، مرجع مذكور، ص 12.
32 المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، مرجع مذكور، ص 22.
33 Cherif Elhilali, "Public Administration Reform and Development Stakes in Morocco", Journal of Legal, Ethical and Regulatory Issues, Volume 25, Special Issue 4, 2022, p.4.
34 Cour des comptes, Évaluation des services publics en ligne, Royaume du Maroc, Rabat, 2019, p.4.
35 وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصر الخدمات الإلكترونية وتقييم نضجها، 2020، ص 49.
36 نصيرة الحيوني، "الإدارة الإلكترونية ورهان التحديث الإداري في المغرب"، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء الإداري، العدد السابع، 2018، ص 30.
37 المجلس الأعلى للحسابات، تقرير بشأن استراتيجية المغرب الرقمي، مرجع مذكور، ص 117.
38 OECD, Case Study: Opportunities and Challenges in Morocco, 2020, Paris, p.23,
39 Karim Zaouaq, "Lecture croisée dans le rapport de la Cour des comptes de 2019 sur l’évaluation des services publics en ligne au Maroc", JIL journal of Human and Social Sciences, JIL Scientific Research Center, n 64, 2020, p.166.
40 See Sopra Steria, Baromètre Digital Gouv’ 2019: Digitalisation des services publics, entre nécessité́ et inquiétudes, consulté le 27 février, 2022. https://bit.ly/3HI3NhT
41 Vincenzo Aquaro, Can Digital Government Accelerate the Sustainable Development Goals? Dubai Policy Review, 2019. accessed on 03/01/2023, available at:  http://bit.ly/3xX4spE
42 المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نحو تحول رقمي مسؤول ومستدام، مرجع مذكور، ص 9.
43 عماد يعقوبي، إسهام تقنيات الإعلام والاتصال في تحسين علاقة الإدارة بالمواطنين، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الأول، كلية الحقوق، وجدة، 2006، ص 112.
44 عبد القادر البوفي، تكنولوجيا المعلومات وتأثيرها على العنصر البشري، الإدارة العمومية نموذجاً، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط، 2003، ص 147.
45 OCDE, Panorama des administrations publiques, 2021, p.190.
46 وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، حصر الخدمات الإلكترونية وتقييم نضجها، مرجع مذكور، ص 54.
47 اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التقرير العام للنموذج التنموي الجديد، مرجع مذكور، ص 135.
48 محمد بحار، "تطور الإدارة الإلكترونية بالمغرب: نموذج المديرية العامة للضرائب"، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 158، ماي- يونيو 2021، ص 389.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.