الإبحار في المياه المضطربة: الآثار المركبة للوباء والحرب على حوض البحر الأبيض المتوسط

نُشِرَت هذه الورقة في البداية كجزء من تقرير المسح الأوروبي المتوسطي الخاص بمنظمة الEuroMeSCoإصدار 2022. لقراءة الورقة كاملة، يرجى تحميل ملف ال الموجود على يسار الصفحة.

المقدمة:

على الرغم من كونها تتميز بتنوعها وديناميكيتها المتعددة الأوجه، حيث تقع على مفترق طرق أوروبا وآسيا وأفريقيا، إلا أن منطقة البحر الأبيض المتوسط تعاني من عدد من التحديات، بما في ذلك التفاوتات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي والتدهور البيئي. أدت جائحة كورونا كوفيد-19 إلى تفاقم هذه التحديات وجلبت تحديات جديدة إلى المقدمة، مثل إعاقة الوصول إلى الرعاية الصحية الجيدة، وإضعاف أنظمة التعليم، والتسبب في تدهور الاقتصاد والركود أو عدم التعافي، مما يؤدي إلى موجات جديدة من المهاجرين واللاجئين الذين بالكاد يستطيعون تغطية نفقاتهم. لم تكتف جائحة كورونا كوفيد-19 بإبراز عدم المساواة متعدد الأبعاد على المستوى داخل البلد فحسب، بل أيضا على المستوى بين البلدان، مما أدى إلى تعميق الفجوة بين الشاطئ الشمالي والشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. تفاقم عدم المساواة في الدخل، وعدم المساواة الصحية، وعدم المساواة في التعليم وأشكال أخرى من عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية في أعقاب الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في بداية عام 2022. وقد تسببت هذه الحرب في أزمة توفر سلع أساسية مزدوجة، جمعت بين صدمة نفط دولية وصدمة دولية للقمح والحبوب والزيوت النباتية. وأدت الأزمة التوأم بدورها إلى مشكلة مزدوجة. من ناحية أخرى، نظرا لأن روسيا وأوكرانيا هما من أكبر مصدري القمح والنفط (روسيا) في العالم، فقد ترافقت الحرب مع ارتفاع الأسعار العالمية لهذه السلع الأساسية الرئيسية. من ناحية أخرى، نظرا لأن دول البحر الأبيض المتوسط تستورد معظم إمداداتها من القمح والنفط من روسيا وأوكرانيا (القمح)، على وجه الخصوص، فقد عانت شهورا طويلة من نقص القمح والنفط وزيادة إضافية في أسعار هذه السلع محليا. مع خروج أسواق جنوب البحر الأبيض المتوسط ببطء من الوباء وغيره من الأزمات الاقتصادية والسياسية المتداخلة، وجدوا أنفسهم يواجهون خطرا مزدوجا مع تداعيات تؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفا، وعلى رأسها النساء والأطفال واللاجئون والفئات العرقية والأقليات الدينية. جعلت الموجات المتصاعدة من الظلم االجتماعي في كلا قطبي الحوض من الضروري الكشف عن األسباب الكامنة وراء قابلية البحر الأبيض المتوسط للتأثر بالصراعات وحالات الطوارئ، والقنوات التي تتحقق من خلالها نتائج مثل هذه الأحداث، والتأثير التفاضلي لحالات الاضطرابات هذه على الفئات االجتماعية المختلفة، وخاصة الفئات الضعيفة والمهمشة. لقد قطع المسح الذي أجرته يورو ميسكو (2022) عبر الإنترنت، والذي استهدف الخبراء وممثلي المجتمع المدني وصانعي السياسات من العديد من البلدان في المنطقة، شوطا طويالً في الكشف عن أولويات السياسة الالزمة "إلعادة البناء بشكل أفضل"، وهي المعايير التي تعتبر ضرورية الابتكار نسخ أكثر استجابة اجتماعيا لهذه السياسات، وفرص التعاون المتعدد الأطراف التي يمكن أن تجعل التعافي أكثر جدوى. لم يكشف المسح فقط عن المجالات الرئيسية للتدخلات التي يتعين متابعتها والتحديات التي تعوقها، بل أعاد التأكيد على البحر الأبيض المتوسط باعتباره العالم الصغير للفجوة العالمية بين الشمال والجنوب، والتي ينبغي معالجتها كنقطة دخول أولية للتخفيف من عدم المساواة على المستويات الوطنية.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.