إصلاح قطاع الأمن: ماهي نتائج التعاون الدولي؟

اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة أثناء تجمعهم للاحتجاج على وفاة مالك السليمي البالغ من العمر 24 عامًا في المستشفى بعد إصابة في رقبته خلال مطاردة للشرطة في سبتمبر - 14 كانون الأول/أكتوبر 2022 ، تونس العاصمة ، تونس. ©Yassine Gaidi/Anadolu Agency

مقدّمــــــــــــة

تتصرّف  الادارة العامة للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي بوزارة الداخلية في عروض التعاون الدولي ما بعد الثورة، والتي تتضمن جوانب إشكالية متنوّعة ودائمة، سواء في المنطق الذي يقودها، أو في آليات عملها وأهدافها الاستراتيجية ومناهجها في التنسيق داخلها، والإكراهات المتعلّقة بمتابعتها وتقييمها. وتؤثر هذه الجوانب على الأسلوب الذي تعتمده إدارة التعاون الدولي في التصرّف والتنسيق والمتابعة  للعروض التي يطرحها هذا التعاون الدولي لفائدة قوات الأمن الداخلي. وباعتبار أنّ قوات الأمن الداخلي تتكوّن من الأمن الوطني (المصالح المختصّة، المصالح العامّة، المصالح التقنية، الأمن العمومي، الأمن الخارجي، وحدات التدخّل، الوحدات المختصّة...) والحرس الوطني (التابع لنفس الإدارة العامّة التي يتبعها الأمن العمومي)، والحماية المدنية، تجدر الملاحظة أنّ هذه الهياكل الأمنية الثلاث، لا تملك في بنائها التنظيمي إلاّ هياكل ذات مستوى وظيفي ضعيف (مصالح خاضعة لهياكل أكثر أهميّة كالإدارات والإدارات الفرعية) تنحصر مهمتها في التصرّف في البريد القادم من الإدارة العامة للتعاون الفني، وإعداد الأجوبة التقنية والبيروقراطية. وتجدر الملاحظة كذلك أنّ مهمة هذه الهياكل هي بالأساس مهمة تقنية بامتياز، قائمة على مراكمة الممارسة اليومية لحفظ النظام (محتوى الأمر اليومي) (1)، وعلى الحس العام بالانضباط (عناصر العقيدة الأمنية)، والاحترام المطلق للتدرّج الهرمي.

لا يجب ربط تحليل المعضلات التي يطرحها التعاون الدولي ـ خارج التحديد المعتاد "للحاجيات"- فقط بالعناصر الإشكالية لإصلاح القطاع الأمني في حدّ ذاته، إذ يجب الأخذ بعين الاعتبار أبعادا أخرى  بنفس الأهمية مثل المقاربات المتنوّعة  و"أجندات" المسارات المتتالية للحوكمة "السياسية" والتقنية لوزارة الداخلية منذ اكثر من عقد .

كما يجدر الأخذ بعين الاعتبار عناصر السياق الذي يتحرّك فيه الفاعلون الأساسيون في محيط الوزارة والأمن، وتأثيرها الهام على كلّ هذه الأوجه الإشكالية. والمقصود هنا، دينامكية الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإعلام والتجمّعات. كان على الإدارة العامة للتعاون الدولي، ودون سند ذي معنى من هيكل استراتيجي (مثل ديوان الوزير الذي بقي على هامش ديناميكية التعاون الدولي)، أن تتعامل مع التحديّات التالية:

  • لعب دور المحفّز والمسهّل للبرامج المعروضة على وزارة الداخلية من طرف الممولين والشركاء التقنيين والماليين، خاصّة في أبعادها التقنية ، لفائدة هياكل أمنية تفتقر لآليات التعاون الفني والعلاقات الخارجية، ولا تتملّك بقدرات خاصّة تمكّنها من التعامل مع الأبعاد غير التقنية لهذه العروض.
  • باعتبار أنها غير مدعومة من طرف الممولين والشركاء التقنيين والماليين، حاولت الإدارة التأطير والتأليف بين مقاربات مختلفة لعروض تعاون أمني غير متنجانسة (بين الممولين والشركاء الماليين والتقنيين)، ولم يسمح بتحويل هذه الكفاءات التقنية إلى موظفيها، الذين يواصلون العمل بالحد الأدنى من المعرفة والآليات الخاصّة والملائمة.
  • لم تقدر الإدارة العامة للتعاون الدولي على تدعيم قدراتها الخاصّة، ولا على مراكمة الخبرة وتنمية آلية المتابعة والتقييم، بسبب إدارتها في نفس الوقت، لكمّ هائل من العروض المتنوّعة بنفس الإمكانيات البشريّة والماديّة، بحيث بقي هامش المناورة لديها محدودا، في علاقة بعناصر العرض ولم تستطع تعزيز فاعليتها ولا حسن توجيهها.
  • في ظل انعدام القدرات الذاتية الخاصّة، وغياب استراتيجية مضبوطة مسبقا من طرف وزارة الداخلية والحكومة، بقيت الإدارة العامة للتعاون الفني مجرّد "واجهة" شبه معزولة أو تماما  عن  كلّ طرف يمكنه دعمها أو تعزيز مجهوداتها. وبالتالي فهي لا تجد على مستوى الحوكمة الاستراتجية والسياسية لوزارة الداخلية، طرفا مقابلا، يمكنه استراتيجيا دعم عملها وتطويره. وعلى هذا المستوى، يجب أن نوضّح انّ البرلمان لم يلعب دورا خاصّا، في علاقة بالرقابة والمصادقة على أيّ استراتجية أمنية. وبقيت المصادقة على ميزانية وزارة الداخلية مصادقة تقنية، وانحصرت "رقابة" البرلمان على الجوانب "السياسية المسيّسة" لمقاومة الارهاب، ونتائج وزارة الداخلية في هذا الخصوص. كما يجب التوضيح كذلك أنّ التعاون الدولي الأمني لم يكن مدرجا في نقاط جدول أعمال جلسات لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان.رغم أنّ الديوان يمثّل هيكلا مركزيا واستراتيجيا في وزارة الداخلية، فإنه بفعل عدم امتلاكه لأيّ صلاحية تقنية مباشرة في ميدان التعاون الفني، يبقى حاليا على هامش الديناميكية في هذا المجال. فالديوان مثلا، لا يوجّه التعاون الفني، وليس له القدرة على المعالجة التقنية للعروض، ولا على إبداء الرأي في الجوانب "السياسية" للتعاون الفني، ويكتفي بدور إداري صرف (معالجة المذكرات  الموجهة إلى الوزير، التمهيد للاجتماعات الداخلية، توجيه طلبات الملفات و"السندات  الأمنية" على المستوى الثنائي أو المتعدّدة الأطراف، بمناسبة اللقاءات أو الزيارات الدولية للوزير أو الإطارات العليا (والتي يتم إعدادها كذلك من طرف إدارة التعاون الفني على كل المستويات بما فيها المستوى اللّوجستي).
  • من خلال التحليل الموالي للمستويات الإشكالية الثلاث، ستحاول هذه الورقة تحليل السياق الخاص للتعاون الفني في وزارة الداخلية، وحجم قدراته وعلاقته بقدرة الوزارة على تطوير استراتيجية متناسقة للتعاون الفني، في إطار "الفصل" الضروري بين الحوكمة السياسية - في شخص الوزير المسؤول سياسيا عن كلّ رؤية أمنية، بتأثيراتها على الديمقراطية والحقوق والحريّات- والحوكمة التقنية للأمن، الراجعة إلى تكنوقراط الأمن، الذين يتولّون بصفة محايدة ومهنية تنفيذ الاستراتيجية الأمنية، ويقرّون ويطبّقون كل اصلاح للقطاع الأمني. كما أنّ هذا الفصل ضروري كذلك لإعداد واطلاق مسار الاصلاح الأمني. ثمّ ستمرّ هذه الورقة إلى خلاصة مختصرة تستعرض بإيجاز أهمّ الإشكاليات المرتبطة بمسار التعاون الدولي في سياقه العام، بما في ذلك سياق اصلاح قطاع الأمن العام.  وسنقدّم في هذه الورقة أيضا قائمة في التوصيات، إلى المموّلين، بغاية ارساء مقاربة أفضل الهياكل الأمنية الحسّاسة، ذات القدرات التقنية الضعيفة، وإلى الوزارة وهي في قلب تحوّل سياسي مختل.

التعاون الدولي الأمني: الآداء والسياق والجوانب الإشكالية في العرض الأمني الدولي وفي مشروع إصلاح قطاع الأمن

التعاون الدولي مجرّد عمل إداري دون أيّ استراتيجيا؟

إلى حدّ السنوات التسعين (2)، كانت إدارة التعاون واحدة من الأقسام الإدارية المرتبطة بديوان وزير الداخلية، مهمتها الأساسية ضمان الحدّ الأدنى من التنسيق والمتابعة للتعاون في العلاقات الخارجية الأمنية (إتفاقيات ثنائية، زيارات دولية، ملف الهجرة السريّة، مجلس وزراء الداخلية العرب). وفي ذلك الوقت، كان التعاون الدولي يتركز في معظمه على بعض العلاقات التقليدية مع مكتب الأنتربول بتونس في إطار المعاهدات الثنائية، وإدارة مسألة الهجرة غير المنتظمة في الإطار الخصوصي لتبادل الرسائل مع إيطاليا، ومتابعة بعض ملفات التعاون الحدودي، وإعداد الزيارات النادرة لوزراء الداخلية المتعاقبين إلى الخارج، وكذلك تمثيل الوزارة في اللّجان المختلطة للتعاون الثنائي.

ومنذ سنة 1996، وبموافقة الرئيس بن علي، تحوّل هذا القسم الذي صار في الأثناء إدارة التعاون الدولي (3)، إلى إدارة عامّة للتعاون الدولي والعلاقات الخارجية (4)، (مكونة من إدارتبن، واحدة للتعاون الثنائي وأخرى للتعاون متعدّد الأطراف) (5). وتمّ هذا بإضافة الفصل 18 مكرّر إلى الأمر المنظم لمهام وزارة الداخلية (وتمّ نفس الشيء للأمر المنظم لهياكل الوزارة). وقد توافق هذا التحول مع بداية التنظيم والتعاقد في علاقات التعاون بين تونس وإيطاليا في ميدان الهجرة السريّة، من خلال إمضاء تبادل الرسائل والذي تحوّل في عهد الباجي قايد السبسي إلى اتفاق تعاون سنة 2011. وقد بقيت إدارة التعاون الدولي عبارة عن نشاط إداري يتسع ويضيق حسب كثافة التعاون الثنائي أو الدولي.

وفي هذا الخصوص فهي كثيرة الشبه بالإدارات المختصة الأخرى لوزارة الداخلية (إدارة الشؤون الجهوية أو إدارة الجماعات المحلية). وهي "وظيفة" إدارية  في إطار من الإجراءات الشكلية الثقيلة من الإعتماد والمصادقة، وليس عبر ديناميكية تعاون وشراكة تتمّ في إطار خطة تعاون دولي وعلاقات خارجية تحدّد الأهداف الاستراتيجية للاستشراف والتنمية وبناء القدرات.

ويعود غياب استراتيجية وزارية (أو حكومية) في ميدان التعاون الدولي إلى العجز (المؤسساتي قبل كلّ شيء) عن تطوير وثائق ذات مستوى استراتيجي.

ويجب البحث عن أسباب هذا العجز على مستويين:

  • على المستوى الحكومي: لم يتمّ اعتبار الأمن كاستراتيجية حكومية، برؤية واضحة، له وظائف، وأهداف استراتيجية، وانشطة ملموسة للحماية والأمن. بعد هذا التوضيح، يجب القول أنه على هذا المستوى الحكومي، لا يجب الحديث عن قدرات محدودة بل عن العجز عن تحمّل المسؤولية سياسيا لرؤية للأمن تكون بالضرورة منتبهة وحساسة لاعتبارات حقوق الانسان والحريات. وبالتالي وإذا لم نكن قادرين على "تحمّل المسؤولية" سياسيا "لرؤية ديمقراطية للأمن"، يتحوّل الأمن بطريقة ما إلى سياسة الأسلاك الأمنية التي تنتجه طبق مهامها التقنية.
  • على مستوى وزارة الداخلية نفسها: كانت الوزارة دائما في تبعية "لتطوّر" الأوضاع المرتبطة بالقواعد التقليدية للتعاون والتي تمّ إقرارها في أغلبها في إطار الآليات الثنائية ومتعدّدة الأطراف الخاضعة أساسا لرقابة وزارة الشؤون الخارجية (6)،(اتفاقات أمنية ثنائية، معاهدات جهوية، آليات شراكة وتعاون ثنائي...).
  • لقد كان عدم القدرة على إرساء استرايتجية تعاون دولي ـ وما يزال ـ ، نقطة ضعف هيكلية على أهميتها  على الأقل فيما يتعلّق بالتصرّف في هذا العرض الهائل للتعاون الدولي الذي جلبته الثورة.
  • ولا يعود هذا الفشل فقط إلى كون التعاون الدولي لوزارة الداخلية هو بصيغة ما، تواصل تقني للديبلوماسية والعلاقات الخارجية، بل كذلك، إلى غياب التخطيط الاستراتيجي (7) على مستوى الوزارة، وغياب الإدارة – القدرة على مستوى الحوكمة الاستراتيجية لوزارة الداخلية، وبالذات الديوان والأقسام المتخصّصة التابعة له. وإذا كان انعدام الإرادة يعود إلى الجانب السياسي، وانعدام القدرة يعود الى "التقني"، فإن السياسي هو من يحدّد مستوى القدرات التقنية. والسبب الرئيسي لذلك، أنّ تحسين القدرات التقنية في الميدان الأمني، يعني بالضرورة، احترافية آداء الأسلاك الأمنية، وتخفيض التعسّف، ومزيد احترام الحقوق والحريات، وأمن جمهوري وديمقراطي. ولا يمرّ غياب الاستراتيجية، دون ان يؤثر في القدرة على تطوير الكفاءات الخاصّة على مستوى الموظفين، المدنيين أو الحاملين للزي الرسمي. ويدخل هؤلاء الأخيرين إلى الإدارة العامّة دون أيّ تكوين مسبّق في مادّة الديبلوماسية أو التعاون الدولي. ويتمّ اكتساب المعارف الأوّلية بمنطق التعلّم من خلال مراكمة التجربة.

وتجدر الملاحظة أنّ أعوان الزي (شرطة وحرس وطني، الذين يمثلون أكثر من 60٪ من موظفي الإدارة العامّة)لا يتمتعون بأيّ امتياز خاص عند العمل في إدارة التعاون الدولي، وهو ما يفسّر بحثهم المتواصل عن الإلتحاق بهياكل تمكنهم من الحصول على بعض الامتيازات. ويعطي أعوان الزي الأولوية لاكتساب مهارات وشهائد تساعدهم على الارتقاء المهني ويتابع الأعوان بالزي المدني نفس الهدف.

التعاون الدولي، قدرات محدودة في مواجهة عرض غير متناسق وتقني بامتياز، ونوع من "الاستعراض" وأجندات لاصلاح القطاع الأمني تكاد تكون "مقرّرة مسبّقا"

كان يمكن أن يكون لكثرة وتنوّع عروض التعاون الدولي الأمني، اللذان ميّزا عشرية ما بعد 2011، تأثيرا جوهريا على مستوى قدرات الإدارة العامة للتعاون الدولي لو:

  • تمّ إعتماد برنامج دعم قدرات مخصّص للإدارة العامّة للتعاون الدولي، بعنوان دعم ومرافقة للمراحل الاولى للتصرّف في عروض التعاون الأمني (مباشرة منذ 2011). كما كان يمكن أن  يستهدف هذا البرنامج بصفة أدقّ، إدارة المشاريع أو برامج الدعم، والمتابعة والتقييم لوضع البرامج حيز التنفيذ.
  • تمّ تقديم مطلب وزاري للدعم التقني للإدارة العامّة للتعاون الدولي في اطار التعاون الدولي نفسه. وقد كان بالفعل من السهل طلب توفير برنامج مخصّص لدعم قدرات الإدارة العامّة للتعاون الدولي، من أجل إحكام التصرّف في عروض التعاون الموجهة إلى هياكل مختلفة من الأمن الداخلي. وكان يمكن أن يمثل هذا الطلب دعما للإدارة المذكورة، حتى تكون قادرة على صياغة استراتيجية تعاون دولي انطلاقا من الاستراتيجية الحكومية.

كان التعاون الدولي يواجه دائما عروض تعاون مختلة من أهمّ خصائصها:

  • عرض تمّ إقراره كاستجابة "طارئة" لضرورة دعم "الانتقال الديمقراطي لقوات الأمن " الذي استوجبه مباشرة سقوط بن علي. وكان هذا العرض كذلك نوعا من الاستباق (من طرف الولايات المتحدة وألمانيا)، للاضطراب المحتمل على مستوى وزارة الداخلية وقوّاتها في صورة عدم اعتماد برنامج للاستقرار ودعم القدرات والإسناد بالمواد والتجهيزات بسرعة، من طرف الوكالات المختصّة التي كانت مكاتبها مستقرّة في سفارات هذه البلدان في تونس. وقد حصل في الواقع، أثناء تهدئة الأوضاع، توفير عدد من الحاجيات في التجهيزات، وفي التكوين السريع في التعامل مع التجمعات والاستعمال المتناسب للقوّة معها، من طرف بعض البلدان، على خلفية تهدئة الاوضاع الأمنية لتوفير فرص النجاح للحراك السياسي.
  • عرض غير متجانس وعالي التقنية، يتجاوز من بعيد، في آلياته وقدراته، إمكانيات الإدارة العامّة للتعاون الفني والهياكل المستفيدة. فمنذ سنة 2012 وقيام الحكومة الأولى (حكومة حمادي الجبالي)، كانت عروض التعاون الدولي عبارة على سباق "من يصل أوّلا " لدعم وإسناد وزارة الداخلية. ورغم أنّ الدعم كان هامّا جدّا من حيث الموضوع قبل الحجم، فقد كان كذلك "استعراضيا" من طرف الدول التي كانت تريد تقديم نفسها في صورة الدولة الأولى التي توفّر "مشروع" إسناد الحوكمة الديمقراطية ودعم القدرات لوزارة الداخلية والقوات الامنية (9). ولم يسمح هذا الجانب "السياسي" و"التنافسي"، الذي ميّز الموجات الأولى من التعاون الدولي مع وزارة الداخلية،  بالتنسيق الضروري وبتخفيف – عبر التكوين- البعد التقني الكبير لغالبية عروض الاسناد ودعم القدرات.
  • عرض تعاون دولي مندرج في إطار خطّة مسبّقة لاصلاح القطاع الامني (من طرف المموّلين): وبالفعل لم يكن اصلاح قطاع الأمن أبدا (ومازال الأمر كذلك)، مطلبا وحاجة عبّرت عنها أيّ حكومة أو أيّ وزير داخلية، فالإدارة العامّة للتعاون الدولي تتصرّف في مساعدة تقنية "مقرّرة" من طرف الدول المانحة في اطار مقاربتها السياسية. ورغم ذلك فلم تنقص هذه المقاربات من أهميّة العروض التقنية المقترحة، ما دامت تقدّم عمليا إضافة كبيرة في المستوى التقني وفي حسن الحوكمة الامنية. وتجدر الملاحظة أنّ هذه العروض لم تكن تفرض شروطا خاصّة على وزارة الداخلية من أجل تنفيذها. ولم تكن هناك كذلك شروطا من النوع "السياسي" يرتبط بالخضوع لها، التسليم النهائي للمساعدة الأمنية (وخاصّة من طرف الولايات المتحدة وألمانيا). كان الهدف الاستراتيجي لخطة العمل، بالنسبة لهذين البلدين بصفة خاصّة، هو التوصّل الى مستوى محترم من "الإحترافية" لقوات الأمن، وكذاك مستوى من "الدمقرطة"(10)، تمكّن هذه القوات من اتباع عدد من القواعد مثل احترام حقوق الانسان، وحرية التعبير والتظاهر، وقبول الرقابة الديمقراطية. في هذه الورقة، نقصد بدعم الإحترافية، دعم القدرات التقنية لقوات الامن في آدائها على كلّ المستويات. ونقصد بـ"الدمقرطة"، التوصّل الى وضع قوات الأمن تحت الرقابة الديمقراطية، وتحرّكها في اطار احترام قيم الديمقراطية والحقوق والحريات.

وعلى هذا المستوى، يمكن إضافة مدونة السلوك لقوات الأمن الداخلي، والتي مازالت في طور الإعداد النهائي. وقد كانت موضوع طلب من الممولين لإبراز البوادر الفعلية للإصلاح. وكانت هذه المدونة، مثل منتجات أخرى (الوحدة المركزية للتخطيط الاستراتيجي، وحدات الاعلام والعلاقات العامة...) موضوع مسار تقني، بادرت بها وكالات فنية، على غرار برنامج الامم المتحدة للتنمية، دون اعتبار التوقيت أو ترتيب الاولويات: وبالنسبة للمدونة  فقد كان واضحا أنها من نوع المشاريع " الرابحة" والتي يتسابق عليها الممولون، ولكن وقع تأجيلها لفائدة أولويات استراتيجية ( جديدة ؟ ) لإصلاح القطاع الأمني( منها خاصة تعصير المناهج ودعم القدرات المهنية...).

التعاون الدولي: مضاد للصدمات بين تعاون سياسي من جهة، وحوكمة غير مستقرّة ومسيسة من جهة أخرى، لقطاع أمني لم يسمح بقبول آليات المحاسبة

تندرج بعض عروض التعاون الأمني في إطار توافقات وبرامج سياسية، او في إطار آليات ثنائية ترتكز على قاعدة سياسية. ويمكن أن نذكر على سبيل المثال:

  • التعاون الأمني مع تركيا، الذي كان يندرج بوضوح في إطار الدعم السياسي الأمني لحكومة الترويكا برئاسة حزب حركة النهضة (2011-2013).
  • الدعم التقني الخاص للولايات المتحدة، في اطار آلية الحوار الاستراتيجي الثنائي (11)، (المقرّر في 2014، إثر زيارة رئيس الحكومة مهدي جمعة، بداية من 02 أفريل). ومن أهم عناصره العملية، إحداث فريق عمل مشترك للتنسيق الامني الاستراتيجي (انظر البيان المشترك)(12). المقصود هو "بيان الفريق الأمني المشترك الأمريكي التونسي"، الذي توليت تنسيق اجتماعاته على مستوى وزارة الداخلية (طيلة سنة 2014)، كما توليت في اطاره تمثيل الوزارة في اجتماعاته بمقرّ رئاسة الحكومة (حيث كان المستشار الامني لمهدي جمعة، السيد دريز يرأس الاجتماع الثنائي مع الوفد الأمريكي).
  • آلية المشاورات السياسية على مستوى كتابات الدولة، التي بادرت بها المستشارة الألمانية أنجيلا مركل أشهرا قليلة بعد الثورة. وكان هدفها الاستراتيجي هو "دعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس". وكانت هذه الآلية التي تعقد اجتماعاتها ببرلين (باتفاق مشترك)، قد أعدّت برنامج دعم لوزارة الداخلية، تحقّقت من خلاله مساعدة أمنية متأتية من مختلف وكالات الامن الألمانية الرئيسية، مثل الشرطة الفدرالية وشرطة الحدود والوحدات المختصّة والشرطة الفنية والعلميّة...

وينضاف الى هذه الأطر السياسية (كنّا نتحدث سابقا عن الأطر التقنية) عاملا آخر أضر بالتعاون الدولي، ويتمثل في عدم الاستقرار على مستوى الحوكمة في وزارة الداخلية: الحوكمة السياسية والحوكمة التقنية. وفعلا فإنّ التعاون الدولي كان ينتظر تغييرات على مستوى الإدارات العامة التي يتعامل معها مع كلّ وزير جديد، كما كان على هذه الأخيرة في كلّ مرّة، المرور بفترة انتقال ضرورية، لاطلاع القادم الجديد حول عدد من الملفات، في حين كان تدفق عروض التعاون كثيفا ومتنوّعا، بدرجة تتطلّب متابعة ومصادقة سياسية مستمرّة، خاصّة حين يتعلّق الأمر ببرامج تعاون خصوصي وحسّاس، او برامج في علاقة بمقاومة الارهاب. وعلى المستوى التقني كان كل تغيير على المستوى السياسي في وزارة الداخلية يؤدي بصفة شبه آلية إلى تغييرات على رأس الإدارات العامّة الهامّة والأكثر حساسية. وهكذا كان كلّ وزير لا يكفّ عن تعيين مسؤولين جدد في أهم الإدارات العامّة مباشرة إثر تسميته. وفي أغلب الحالات، كانت هذه التغييرات "السياسية" تؤثر بوضوح على أسلوب المعينين حديثا في إدارة هذه التغييرات على المستويين  (التقني والسياسي)،  ولا تمكّن التعاون الدولي من الاستقرار الضروري، الذي يسمح باستدامة واستثمار بعض التجارب، كما لا يسمح بصياغة رؤية متوسطة وبعيدة المدى.

خواتم أوّلية وتوصيات مختصرة

إذ كانت وظيفة التعاون الدولي في وزارة الداخلية مستمرّة كعمل إداري     ن يمارس بمنطق تقني، وبدون الاستناد إلى استراتجية مرجعيّة للتعاون الفني، تعتمد بالضرورة على سياسة امنية محدّدة جيدا من جانب حكومة مستقرّة، فإنّ اصلاح قطاع الأمن لم يتحوّل أبدا بدوره إلى حاجة مضبوطة وخاصّة مصادق عليها سياسيا، منذ السنوات الاولى للثورة. بقيت استجابة وزارة الداخلية لمحاولات الاصلاح (في أغلبها برامج دعم تقني ومادي يتمّ ضبطها خارج أيّ مسار تشاركي لتحديد الحاجيات في التكوين وفي التجهيزات والمواد)، محدودة جدّا ومنحصرة في دينامكية وحيدة (أو تكاد) تخصّ التصرّف في عروض التعاون الأمني المختلفة من طرف الإدارة العامة للتعاون الدولي. فقد وجدت هذه الأخيرة نفسها، وفي فترة وجيزة، تتصرّف في كمّ هائل من عروض التعاون الأمني التي لا تعرف المنطق الذي يقودها، ولا تتملّك بالآليات الضرورية لتنفيذها، كما بيّنا س أن بينّا .

ولم يكن يوجد في أي وقت، أي ارتباط واضح ومبرّر بين انتظارات الإحترافية و "الدمقرطة" والاصلاح، المعبّر عنها من طرف الممولين، عبر برامج الدعم من جهة، وارادة تونسية سياسية واستراتجية مستقرّة وصلبة،واستعداد تقني واضح وكاف من جهة أخرى، للتصرّف في هذه العروض حسب الانتظارات، وعلى أساس فلسفة يقوم عليها كل برنامج لاصلاح القطاع الأمني. ولم يقع أبدا، اعتبار هذا الأخير، كأحد الركائز الأكثر أهمية للانتقال الديمقراطي نفسه، ومدخلا ضروريا للاحترافية ولتعصير قوات الأمن. وأمام غياب انخراط سياسي واضح، وانعدام استراتجية إصلاح، يحدّدان للوزارة رؤية ومهاما وأهدافا جليّة، كما يحدّدان للإدارة العامّة للتعاون الدولي مهام الاستشراف وتطوير القدرات وتنسيق وتحسين عروض التعاون الدولي الامني، كان مشروع اصلاح القطاع الامني وجوهره، عبارة عن "فرصة كبيرة" مهدورة على كلّ المستويات ولجميع الاطراف. فرصة كبيرة مهدورة، لان هذا المشروع كان يمكن أن يساهم في مزيد الاحترافية لقوات الأمن، وتعصير وتحديث تكوينها، وتحسين علاقاتها مع المواطنين، خاصّة عبر دمقرطتها وإخضاعها للرقابة الديمقراطية. وبالفعل لا شيء يضمن احترام حقوق الانسان والحريات الأساسية إذ لم تتوفّر الكفاءة الأمنية المهنية والمؤطّرة ببروتوكولات وتعليمات واضحة. إنّ التدخّل الأمني الذي لا تنفّذه وحدات مختصّة ومكوّنة جيّدا ، لا يمكن أن يضمن الحدّ الأدنى من احترام حقوق المواطنين. ويجدر القول على هذا المستوى الخاص جدّا، أنّ الكفاءة المهنية تبقى لوحدها غير كافية، إذا لم يصحبها سياسيا، استعداد واضح وثابت، لتكريس رقابة ديمقراطية على مصالح الأمن.

وكان يمكن كذلك لهذا المشروع، أن يحفّز وعيا سياسيا (لدى الفاعلين السياسيين)، بأهميّة اصلاح قطاع الأمن لتأسيس وضمان حياد وزارة الداخلية، وتحرير مسار طالما تمّ "إجهاضه"، من أجل أمن جمهوري وقوات محترفة (على الأقل بالنسبة للوحدات التي هي في تماسّ كثيف مع المواطنين) (13). وكان يمكن لوزارة الداخلية كذلك، أن تستغلّ مشروع إصلاح قطاع الأمن من أجل:

  • إحداث نقلة نوعية في أسلوب حوكمة الأمن سياسيا واستراتجيا وإدراجه في دينامكية مختلفة عن دينامكية الإكراه والقمع.
  • دعم قدراتها في ميدان التخطيط الاستراتيجي، بوصفه رافعة نحو تعصير واحتراف قوات الأمن.
  • إدارة قوات الأمن ومهامها (14) في إطار مرحلة انتقال ديمقراطي حساسة جدّا، وذات رهانات أمنية وسياسية كبرى.
  • اطلاق سلسلة اصلاحات تحديث المناهج والوحدات الأمنية.
  • دعم قدراتها في مجال الاتصال المؤسساتي، بما في ذلك، في أوقات الأزمة، وبعلاقة بالمواضيع الحساسة مثل مقاومة الارهاب.
  • توفير فرص لتشريك للمجتمع المدني تدريجيا في دعم مسار اصلاح قطاع الامن.

وتجدر الملاحظة من ناحية أخرى، أنّ الممولين كانوا يفتقدون لرؤية واضحة حول طبيعة الدعم، حتى يكون أفضل وأكثر ملاءمة لحاجيات وأولويات قوات الأمن، خاصّة فيما يتعلّق باحترافيتها و"دمقرطتها". وبصفة عامّة، لم تكن العروض الدولية للدعم والمساعدة، بأفق وعلى أساس "اصلاح قطاع الامن"، متجاوزة فقط لواقع القدرات التقنية، ولكنها كانت كذلك قليلة الاهتمام بالإرادة السياسية الضعيفة جدّا، وشبه غياب الالتزام بالإصلاح.

كانت العروض الدولية بوضوح، (خاصّة خلال السنوات 2013 و2014 و2015)، نوعا من الاستعراض و "التنافس"، له غايات وأولويات سياسية واستراتيجية أكثر من أيّ شيء آخر: فقد كان أصحاب العروض يعملون على إظهار دعمهم السياسي لوزارة الداخلية على خلفية إصلاح قطاع الأمن ودمقرطة القوات الّأمنية، وإرادتهم في إقامة علاقات تقنية مع بعض الوحدات ذات المهام الخاصّة، ودعمهم لمقاومة الارهاب ولتوجهات حكومة بعينها. (والمقصود على هذا المستوى الحالتين الأكثر تعبيرا وبروزا: الدعم التركي للحكومة برئاسة النهضة، والدعم الأمريكي لحكومة "التكنوقراط" برئاسة مهدي جمعة ،عبر آلية التعاون الأمني في إطار الحوار الاستراتيجي الأمريكي التونسي). ومن ضمن تفسيرات هذا الوضع، غياب الطلب من طرف المستفيدين، وعلى رأسهم وزارة الداخلية والذين لم يكونوا في مستوى اعتماد هذه العروض بخلفية استراتيجية محددة مسبّقا في مادّة إصلاح قطاع الأمن .

ونتيجة لذلك بقي التأثير الحاسم والفعلي على التعاون الدولي، باعتباره واحدة من قدرات وزارة الداخلية اللاّزم دعمها في زمان اصلاح القطاع الأمني والانتقال الديمقراطي،  محدودا ودون أي فاعلية. لذلك، فإنّ الواقع الحالي، يستدعي الحاجة العاجلة والملحة، لبناء مشروع اصلاح لقطاع الامن، يقوم أوّلا على إرادة سياسية واضحة من أجل مزيد احترافية ودمقرطة قوات الأمن، وذلك قبل المرور الى الدعم الضروري  في القدرات للإدارة العامة للتعاون الدولي، التي سوف تدير كلّ أصناف عروض التعاون الأمني.

وعلى مستوى آخر، وهو التنسيق والتحسين الضروريين  للعروض الدولية للتعاون الأمنيّ، فالمموّلون مدعوّون لدعم كلّ آليات تنسيق التعاون الأمني    ، وبصفة عامّة كلّ تنسيق ثنائي ومتعدّد الأطراف.

يجب بذل مجهود لتحديد مشترك للحاجيات، يؤدّي إلى ضبط وصياغة العرض الأكثر ملاءمة، وتحديد المصدر المناسب. والمرّة الوحيدة التي تمّ فيها اتّباع مثل هذه المنهجيّة ، كانت بمناسبة العملية الارهابية في نزل الأمبريال (2015)، حين تمّ إحداث (بمبادرة من سفارة المملكة المتحدة) آلية تمّ تسميتها "آلية مجموعة السبع(15) زائد ثلاثة" لتنسيق التعاون الأمني في مقاومة الارهاب(16)" (آلية خصوصية تمّ تسميتها نهائيا "مجموعة السبع الموسّعة") (17). وضمّت في البداية مجموعة السبع دول بمشاركة اسبانيا وهولاندا وبلجيكيا. ولم يتم إحداث أيّة آلية أخرى، سواء كانت ثنائية أو متعدّدة الأطراف.

وفي مثل هذه الظروف الحالية المتسمة بقطيعة مع "الإنتقال الديمقراطي"، وبحوكمة سياسية غير واضحة لوزارة الداخلية، مع توظيف متجدّد لهذا الجهاز وإطاراته لغايات سياسية، فإنّ كلّ دعم لوزارة الداخلية لا يؤدي إلى نتائج عكسيّة فقط بل يمكنه أيضا تدعيم قدرة المصالح التي لا تعنيها حقوق الإنسان واحترام الحريات.

وعلى المستوى السياسي، من الواضح أنّ وزارة الداخلية هي رهان "سلطة" و"رقابة" بالنسبة للأحزاب السياسية في غالبيتها الساحقة. ولذلك فليس بالإمكان أن نجد حزبا سياسيا يفكّر في الرهانات الحقيقية واطلاق مشروع إصلاح لقطاع الأمن، ولا في استباق نتائج الاصلاح على مسار بناء الإنتقال الديمقراطي.

وفي النهاية، من الواضح اليوم أنّ وسائل الإعلام (انطلاقا على الأقل من المعالجة الإعلاميّة للمسألة النقابية وكذلك من الجوانب الإشكالية في العلاقات بين النقابات ووزارة الداخلية)، تبدو غير مطّلعة كفاية على الوظيفة الأمنية بوجه عام وعلى مكوّنات وأهداف مشروع اصلاح القطاع الأمني. ويتجه القيام بسرعة بكلّ عمل يهدف إلى تعزيز قدرات وسائل الإعلام، لاستيعاب وتفهم الاكراهات الأمنية والرهانات الحقيقية، وأهميّة مشاريع الاصلاح. ويمكن لوسائل إعلام مسؤولة ومكوّنة جيّدا عبر دورات تكوين مخصّصة، أن تكون مفيدة جدّا لدعم مشروع الاصلاح، وإعلام الرأي العام الواسع حول رهاناته وأهدافه. وباعتبار محدودية القدرات الاتصالية لوزارة الداخلية يمكن لوسائل الإعلام أن تعزّز هذا الاتصال بمحتويات مسؤولة ومبسطّة. وعلى وزارة الداخلية في هذا المستوى أن تقطع مع التعذّر باعتبارات السريّة وحساسيّة المعلومة الأمنية، كتعلّة للبقاء في الضبابيّة، ولا تسمح إلاّ بحدّ أدنى من التواصل التقني والمؤسّساتي في الغالب، ومن المحبّذ كذلك أن تبدي وزارة الداخلية نسبة كافية من الإنفتاح والتعاون والشفافية في التعامل مع وسائل الإعلام، بما يضمن لها نفاذا سهلا للمعلومة. كما يتجه إقرار رقابة برلمانية (على وزارة الدّاخلية)، لا تقتصر على المراقبة التقنية المحصورة أساسا في الميزانية، بل تمتدّ إلى رقابة ديمقراطية حقيقية لقوات الأمن الداخلي تشمل في نفس الوقت عملها وسلوكها المؤسساتي و بعلاقة بالحقوق والحريات.

الحواشي:

  1. الموجه يوميّا.
  2. ونفس الأمر يحصل تقريبا في كلّ الوزارات.
  3. إدارة التعاون الدولي
  4. ومن المفارقة أنّ وزارة الداخلية كانت من بين أولى الوزارات (إن لم تكن أولاها)، التي أحدثت إدارة عامّة للتعاون الدولي مكان "مكاتب التعاون الدولي" الشهيرة والموضوعة تحت إشراف رؤساء الدواوين.
  5. جرى العمل أن يكون المدير العام ومدير التعاون الثنائي ومدير التعاون متعدّد الأطراف مدنيين دائما، ( قادمين في الغالب من المرحلة العليا للمدرسة الوطنية للإدارة بتونس) أمّا الأعوان فهم مدنيون وأمنيون. سنة 2016 كانت الإدارة العامة للتعاون الدولي تضمّ 66 موظّفا أغلبهم يلبسون الزيّ (40٪- 60٪).
  6. وزارة الداخلية عضو دائم في اجتماعات اللّجان المختلطة للتعاون بين تونس والبلدان الصديقة والشقيقة، وإدارة التعاون الدولي هي ممثلة الوزارة في هذه الإجتماعات.
  7. كان أكبر مشروع دعم للقدرات للتخطيط الاستراتيجي لوزارة الداخلية، بتمويل من سفارة المملكة المتحدة و تنفيذ من طرف مكتب أكتيس (aktis strategy) طيلة سنة 2014، ثم تم التخلّي عنه.
  8. هذه المكاتب هي الممثل الدائم لوكالات الأمن لكلّ دولة (مثل المكتب الدولي لمكافحة المخدّرات وإنقاذ القانون، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وفريق الرهائن والإنقاذ)، والشرطة الفدرالية الألمانية. وهناك مكاتب أخرى تمثل وكالات الاستخبارات كذلك. وتعيّن هذه المكاتب "ضباط اتصال" يمثلونها أمام الإدارة العامّة للتعاون الدولي في وزارة الداخلية ،وكذلك إدارة الأمن الخارجي (التابعة للإدارة العامّة للمصالح المختصّة).
  9. تضمّ قوات الأمن الداخليّ، الحرس الوطني (سلك شبه عسكري)، والأمن الوطني (بمختلف هياكله)، والحماية المدنية.
  10. في اطار دعم الاحترافية (عن طريق التكوين والتجهيز...)، تمّ وضع برامج خصوصيّة تستهدف وحدات مختصّة، مهمّتها عالية التقنية وحساسة، مثل الوحدات المختصّة لمقاومة الإرهاب، ووحدات الإستعلامات وتبادل المعلومات. وكان مستوى "الدمقرطة" شاملا ومن أكثر المستويات اختلالا. (لا يمكن لهذه الورقة مزيد التفصيل)
  11. انظر الرابط الالكتروني: S.-Tunisia Strategic Dialogue-U.S.Embassy in Tunisia (usembassy.gov).Nawaat-Dialogue Stratégique entre la Tunisie et les USAm :Une lettre et des questions Le dialogue Stratégique US avec la Tunisie en cinq questions (espacemanager.com)
  12. انظر الرابط الالكتروني :S.-Tunisia Joint Statement on Strategic Partnership-U.S.Embassy in Tunisia (usembassy.gov)
  13. كان هناك في البداية، برنامج دعم وتكوين جماعي من طرف مكتب مكافحة المخدّرات وإنقاذ القانون للسفارة الأمريكية، والذي استهدف حشد من 1000 عون أمن من وحدات التدخّل التابع للإدارة العامة لوحدات التدخل (البوب BOP)
  14. كانت هناك فرص وعروض في اتجاه دمج القوات وتغيير المسار المهني.
  15. ألمانيا، كندا،الولايات المتحدة، فرنسا، إيطاليا، اليابان والمملكة المتحدة.
  16. "مجموعة السبع الموسّعة" في تونس، مثال غير مسبوق للتعاون الأمني متعدّد الأطراف-مدونة B2(eu)
  17. تمّ تفعيل هذه الآلية عبر أربعة فرق محورية تمّ تكوينها سنة 2015 وهي:
  18. فريق حماية المواقع السياحية والمواقع الحساسة الأخرى (يرأسه من الجانب التونسي وزارة الداخلية ومن الجانب الدولي المملكة المتحدة).
  19. فريق مقاومة الّإرهاب (يرأسه من الجانب التونسي وزارة الداخلية ومن الجانب الدولي الإتحاد الأوروبي وفرنسا).
  20. فريق حماية الحدود (يرأسه من الجانب التونسي وزارة الدفاع ومن الجانب الدولي ألمانيا).
  21. فريق حماية المطارات والموانئ (يرأسه من الجانب التونسي وزارة الداخلية ومن الجانب الدولي فرنسا والمملكة المتحدة).

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.