إصلاح قطاع الأمن في المنطقة العربية: التحديات التي تواجه وضع أجندة محلية

يتميل الطريقة التي طرح بها الممارسون الغربيون، حكوميين وغير حكوميين على السواء، إصلاح قطاع الأمن وروجوا له باعتباره ميداناً سياسياً، إلى التأكيد على جوانبه "الفنية" وبالتالي إزالة السياسة منه، وذلك ربما في مسعى منهم إلى جعله أكثر قبولاً من حكومات المانحين الغربين والبلدان العربية المتلقية للمنح. وقد جعل ذلك المقاربة غير فعالة وغير معبرة، وكانت في بعض الأحيان ذات تأثير مضاد، بل وخطير. والمعروف أن قطاع الأمن هو الأوثق ارتباطًا بالنخب الحاكمة وبُنى السلطة؛ فهو يتصل بعلاقات السلطة، ومن المحتم أن السعي إلى إصلاحه بأية طريقة مفيدة سيكون ذا سمة سياسية ويهدد بشدة النظام المحلي القائم. وربما يعزز إصلاح قطاع الأمن النزعة الاستبدادية عندما يكون تركيزه على التحديث العسكري أو الصقل الضيق للمهارات المهنية، وليس على جهود تقوية حكم القانون والمراقبة الديمقراطية. تقدم هذه الورقة إطاراً تحليليًّا يمكن من خلاله مقاربة هذه المسائل. وهي تعتبر إصلاح قطاع الأمن عنصرًا من عناصر السياسة الغربية تجاه المنطقة العربية، مع التركيز بصفة خاصة على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وتهدف الى إجراء مسح نقدي لمؤشراته، المعيارية منها والعملانية. كما أنها تقوِّم سياق إصلاح قطاع الأمن في المنطقة العربية، مع تحديد السمات والاتجاهات العامة وتعزيز مقولة إنه لا يمكن مقاربة إصلاح هذا قطاع إلا باعتباره تحدياً سياسياً في المقام الأول. وتنتهي الورقة بملخص للأهداف والتحديات الأساسية التي تواجه الترويج لإصلاح قطاع الأمن وكيفية تنفيذه في المنطقة العربية. وتوضح السياسات الغربية أن إصلاح قطاع الأمن (ناهيك عن التحول الديمقراطي) في المنطقة العربية لن يتم تحقيقه من الخارج، ما لم يحركه الفاعلون المحليون الأقوياء. وسوف يكون التعبير المهم والعملي إلى حد كبير عن التغيير المفاهيمي والثقافي اللازم في المنطقة العربية هو إزالة السمة العسكرية عن قوى الأمن الداخلي والشرطة، وتحسين قدرتها من أجل تمكين القوات المسلحة النظامية من إعادة توجيه نفسها بشكل حصري نحو توفير الأمن الخارجي. وإزالة السمة العسكرية والتمييز الوظيفي بين الشرطة والجيش أمران على قدر شديد من الأهمية بالنسبة للحكومات العربية التي تقوم بعملية اللبرلة السياسية. والأمر اللافت هو أن الخطوات المُجدية نحو إصلاح قطاع الأمن، رغم محدوديتها، قد اتخذتها فحسب الحكومات التي تباشر التحول الديمقراطي. ولا بد من وضع أية مناقشة لإصلاح قطاع الأمن في إطار مناقشة أوسع حول مدلول الأمن وممارساته، والمسألة الخاصة بأمن مَن هذا الذي يجري توفيره

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.