إصلاح قطاع الأمن: التحولات الديمقراطية وجيوش أمريكا اللاتينية

إن أحد التحديات الرئيسية لعملية بناء الدولة الديمقراطية في أمريكا اللاتينية هو فرض السيطرة المدنية على الجيش. وكان تقديم أجندة إصلاحية للقوات المسلحة أمراً حاسماً بالنسبة للقوى الديمقراطية في الفترات الانتقالية. غير أن هذه العملية تأجلت لسببين: الأول هو المقاومة العسكرية الأبدية للسلطة الديمقراطية المدنية والثاني هو الاستخفاف التقليدي بالقضايا العسكرية من قِبل ائتلاف التحول الديمقراطي.

وقد حاولت دراسات عدة تحديد الأسباب الرئيسية لصعوبة الوصول إلى "السيادة المدنية" ولتبرير كون القوات المسلحة معارضةً بشدة لسيطرة الحكومة الديمقراطية، وتقف ضد الإصلاحات المؤسساتية الأساسية. وتظهر البراهين المتراكمة أن رد الفعل هذا ناتجٌ عن الدمج الفريد بين الخواص المؤسساتية المميزة والتطورات التي تميز المؤسسات العسكرية عن المنظمات الحكومية والمدنية الأخرى، بشكل يقترن بالظروف السياسية، الثقافية والوطنية الخاصة.

ولسوف أقدم، في هذه المقالة، وأحلل العوامل الأساسية التي تسهل أو تمنع التغيرات المؤسساتية ذات المنحى الديمقراطي داخل الجيوش في أمريكا اللاتينية. إن تلقيَ أجندة إصلاح ديمقراطي في ثكنات الجنود، وهو الإصلاحٍ الذي تؤيده بصرامة القيادة المدنية، مشروطٌ بطبيعة المؤسسات العسكرية، بنمط علاقتها ببقية المجتمع، بدرجة استقلاليتها، بوجود أو عدم وجود قيادة سياسية قوية ومستقلة؛ وبالوضع المتغير لتأثيراتها الدولية. وسأنهي المقالة بخمس توصيات عملية مستمدة من هذه التجربة

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.