إصدار جديد: رؤية لنظم حماية اجتماعية شاملة في المنطقة العربية

الدليل نحو حماية اجتماعية شاملة في المنطقة العربية: التحديات والفرص
تم إنشاء الصورة بواسطة الذكاء الاصطناعي

(بيروت، 20 أيلول/سبتمبر 2023) - أصدرت مبادرة الإصلاح العربي اليوم كتاباً بعنوان "الدليل نحو حماية اجتماعية شاملة في المنطقة العربية: التحديات والفرص". يسعى الكتاب إلى استكشاف مدى إمكانية توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل أكثر الفئات هشاشةً واستبعاداً في أربع بلدان عربية هي الأردن وتونس ولبنان ومصر. وتمثّل هذه الحالات الوطنية واقع نُظُم الحماية الاجتماعية القائمة في المنطقة والإصلاحات المطلوبة لجعلها أكثر فعاليةً وشمولاً واستدامةً.

تقول مؤلّفة الكتاب الدكتورة هويدا عدلي رومان: "يهدف هذا الإصدار إلى تقديم المشورة العلميّة المستندة إلى الأدلّة والبيانات من أجل ترشيد عمليّة صنع السياسات والبرامج في مجال الحماية الاجتماعية." وتضيف أنّ "المقاربة الحاكمة للكتاب هي مقاربة سياسية بالأساس، لأن إشكاليات الحماية الاجتماعية في المنطقة هي نتيجة خيارات سياسية وعوامل سوسيو-سياسية متداخلة مع عوامل اقتصاد سياسي حاكمة لتلك الخيارات. وبالتالي، هناك حاجة ماسّة لما يقدّمه هذا الكتاب من تحليل متكامل يجمع بين التقني والسياسي."

يركّز الكتاب على الأطفال والمسنّين والعمالة غير الرسمية والشباب غير المنخرطين في التعليم والتدريب والعمل باعتبارهم من الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة. تمّ انتقاء هذه الفئات بناءً على عدد من المبرّرات العلمية والمؤشرات الكميّة التي تدعو للتركيز عليها تحديداً. يدرس الكتاب هذه الفئات من ثلاث جوانب أساسية وهي التغطية العموميّة لكلّ الأشخاص والحماية الشاملة من المخاطر وكفاية المنافع المقدَّمة، ويطرح كيفيّة تغيير مفهوم وفلسفة الحماية الاجتماعية من أجل التحوّل من دورها الأدواتي والإغاثي الحالي إلى دور تمكيني ورفاهي، ممّا يحقّق العدالة والإنصاف ويعزّز المنحى الحقوقي للحماية الاجتماعية.

وتفيد فرح الشامي، مديرة برنامج الحماية الاجتماعية في مبادرة الإصلاح العربي، بأنّ "أهميّة هذا الكتاب تكمن في معالجته للموضوع بدءً بتحديد أولويّات للتباحث والتدخُّل، إن كان من ناحية السياقات أو من ناحية الفئات الهشة قيد الدرس. ففي ظلّ الفضاءات السياساتية المغلقة في المنطقة العربية، والتي تتغافل عن الكمّ الهائل من الانتاج المعرفي حول الحماية الاجتماعية، لا بدّ من الغوص في دراسات حالة محدّدة ومراعاة خصوصيّتها من أجل تخطّي التحدّيات التي تعيق قدرة البحوث على إحداث التغيير السياساتي عبر السعي للإصلاح التدريجي بناءً على الأولويّات".

ينقسم الكتاب إلى عدد من المحاور. تناقش "المقدمة والخلفية" الإطار الدولي للحماية الاجتماعية والهدف من الكتاب ومنهجيته ومساهمته في المساحة الأدبية حول الموضوع ومعايير اختيار الفئات محلّ التركيز والقضايا الكليّة الحاكمة لمقاربة الحماية الاجتماعية. يلي ذلك توصيف لواقع البلدان العربية محلّ الدراسة من حيث مستوى الفقر والفجوات المكانية القائمة وواقع الحماية الاجتماعية فيها. كما يستفيض الكتاب في تحليل واقع كلّ فئة اجتماعية من الفئات موضع التركيز مع طرح رؤية لكيفية شمول هذه الفئات بالحماية الاجتماعية والإصلاحات المطلوبة من أجل تحقيق ذلك.

ويخلص الكتاب إلى عدد من النتائج، أهمّها الحاجة إلى نموذج تنموي جديد يتعامل مع الأسباب الهيكلية للفقر والتهميش وينطلق من مبدأ الحق فى العمل اللائق وهو حق يفترض كفالة عدد من الحقوق الأخرى مثل الحقّ في التعليم والصحّة والحقّ في الإنماء المتوازن وما يعنيه ذلك من إحداث تغييرات جذرية في السياسات الموجَّهة للمناطق الريفية الأفقر والأكثر حرماناً فيما يتعلق بالفرص المتاحة والبنى التحتية والخدمات العامّة الأساسية والقطاعات الاقتصادية. ويسلّط الكتاب الضوء على ضرورة تعزيز حوكمة الحماية الاجتماعية وتجنّب اجتزاء عمليّة الحوكمة على هذا المستوى في مجرّد إجراءات تقنيّة. فالحوكمة عملية متعدّدة الأبعاد فيها من الديمقراطي والسياسي والقانوني والتشريعي وغير ذلك. والديمقراطية تتحقّق بمشاركة أصحاب المصلحة في حين يتجلّى البعد التّقني في الإدارة الفعالة لجهة تقديم الخدمات والمنافع. أمّا البعد السياسي، فيتجسّد في الشفافيّة ومساءلة الجهات التشريعية والتنفيذية. ويتمثّل البعد القانوني في توفّر أطر قانونية شاملة ذات منحى حقوقي وتتيح آليات للشكاوى والتحققّ.

في هذا الإطار، لهذا الكتاب قيمة مضافة في كونه يقدّم طرح ومعالجة متوازنين، منطلقاً من تموضع قضية الحماية الاجتماعية في دائرة السياسة الاجتماعية الأوسع وفضاء العدالة الاجتماعية بشكل عام. ويربط الكتاب هذه القضية بقضايا أخرى تشمل فهم محدّدات الفقر وإشكاليات القياس والنموذج التنموي ومعضلة نوعية النموّ مقابل وتيرة النمو. وبذلك، يُعتَبَر الكتاب فعلاً بمثابة دليل من أجل تأمين مظلّات حماية اجتماعية للجميع.

يندرج هذا الإصدار ضمن برنامج الحماية الاجتماعية الخاص بمبادرة الإصلاح العربي. يتطلع البرنامج إلى منطقة عربية يتمتّع فيها جميع الناس، بغض النظر عن هوياتهم، بالحماية الاجتماعية التي تضمن وصولهم إلى السلع والخدمات الأساسيّة اللّازمة لتحقيق رفاههم ومستوى لائق لمعيشتهم، إذ لذلك دور مهم في منح كلّ أفراد المجتمع الفرصة اللازمة للازدهار والمساهمة كأعضاء فاعلين في المجتمع. بدأ هذا البرنامج في العام 2020 ويعتمد على مقاربة قائمة على مبادئ حقوق الإنسان، إذ نعتبر الحماية الاجتماعية المسؤولية الرئيسية للدولة، وتجلياً للعقود الاجتماعية التي تربط المواطنين والمقيمين بدولهم. ونرفض نهج المساعدات الإنسانية إزاء الحماية الاجتماعية والذي يعتبرها في المقام الأول أداة أو خدمة أو معونة. وبناءً على ذلك، أطلق برنامجنا "ملتقى المنطقة العربية للحماية الاجتماعية"، وهو مساحة افتراضية يمكن من خلالها للباحثين والناشطين والممارسين المهتمّين باستكشاف وطرح والمناصرة من أجل نُظُم حماية اجتماعية أفضل في الدول العربية بأن يتبادلوا الأفكار وقصص النجاح والدروس المستفادة، فضلاً عن منحهم فرص أوسع للمبادرة بأشكال مختلفة من التعاون والشراكات.

تتمّ حاليّاً ترجمة الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، وستُتاح النسخة المترجمة على موقع المبادرة قريباً.

 

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.