إدارة التنوع الثقافي في شمال السودان: الأبعاد الدينية والإثنية

تراجعت نقاشات السودانيين الخاصة بالتنوع الثقافي بعد انفصال يوليو/تموز2011. فقد ثبت عمليا فشل فئات عديدة في الشمال والجنوب، في إدارة التنوع. وتوقفت الحوارات حول قضايا مثل الوحدة في التنوع، والسودانوية، والهوية الشاملة. فقد كان الكثيرون لا يتوقعون حدوث الانفصال بهذه السهولة رغم أن الأطراف جميعها كانت تهدد بالانفصال. ورغم مرارات النزاع المسلح والخسائر الفادحة، لم تخمد الدعوة لوحدة جاذبة بالتراضي أو بالتحايل.
وقد أصابت سلاسة حدوث الانقسام وسرعته الانفصاليين- في الجانبين- بصدمة قوية، رغم الفرحة الظاهرية المفتعلة. فليس هناك من يملك الإجابة على السؤال الجوهري: ثم ماذا بعد؟
تميزت الحالة السودانية في الفترة الأخيرة بعلاقة عكسية بين تنامي الشعور بالتنوع مقابل تراجع في حسن التعامل مع التنوع والتوفيق في إدارته. فقد تناقص الشعور بالولاء والانتماء إلى دولة قومية موحدة. فالدولة التي مالت للهوية العربية-الإسلامية لم تنجح في تقريب أو احتواء الجماعات المختلفة ثقافيا. بل حدث العكس تماما، فقد برزت حركات المطالب الإقليمية والجهوية وتطورت فكرة الهامش والمركز لحد الاستقطاب. وبعدت هذه المجموعات عن الاندماج، مع التأكيد على التمايز والاختلاف الذي وصل في حالات كثيرة إلى درجة الصراع والنزاع المسلح. هذه هي المعادلة التي تحكم مستقبل إدارة الصراع في الفترة القادمة إن لم تحدث تحولات جذرية في العقلية والممارسات التقليدية التي لازمتنا منذ الاستقلال.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.