كفى! لقد حان وقت إنهاء حالة الإنكار وتحطيم المحظورات وزيادة الوعي بالمشكلة ومواجهة العنصرية والتمييز ضد السود في المغرب وتجريمهما. هذه هي الرسالة التي يتناقلها النشطاء الشباب السود خلال تواصلهم مع باقي رفاقهم السود في المغرب وتنظيمهم فعاليات بالتعاون معهم على منصات التواصل الاجتماعي: مثل "المغاربة السود" (Black Moroccans) و"مشروع المزيج" (The Mazeej project) على موقعي "إنستغرام" و"فيسبوك".
تتواجد العنصرية في جميع أنحاء العالم لكن طبيعتها تختلف حسب البيئة والسياق. وبالنسبة للسياق المغربي، فإن العنصرية واضحة للغاية ومنتشرة لكن غالبية غير السود ينكرون وجودها رغم مشاركة المغرب في تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى طيلة 13 قرناً، ورغم التهميش الاقتصادي والاجتماعي الذي تواجهه الأقلية السوداء في البلاد والمستمر إلى يومنا هذا.
يكافح النشطاء المحليون العنصرية ضد السود في المغرب حتى في أبسط مستويات الحياة اليومية، موضحين أن هذا الازدراء الموجه للعرب والأمازيغ السود في المغرب (وأصحاب البشرة السوداء عامةً) هو أمر عرضي معتاد ويتجلى بوضوحٍ في الكلمات الشائعة التي يستخدمها "البيض" أو المغاربة غير السود -تلقائياً ودون تفكير- لوصف الأقلية السوداء من مواطني المغرب مثل: العبد (أو عبيد بصيغة الجمع)، والخادم (أو الخدم بصيغة الجمع)، والحرطاني (وتعني العبد الأسود المعتوق)، والعزّي (وهي كلمة تشبه لفظة زنجي أو "Negro"و "Nigger" في اللغة الإنجليزية)، والكحلوش (وتعني الأسود)، وينا كحلوش؟ (وأنا، هل أنا شخص أسود؟) وهي دعابة يقولها المغاربة ذوي البشرة البيضاء عندما يُطلب منهم القيام بأمرٍ مُرهق أو كريه.
لكن حَيْونة الأشخاص السود في المغرب والتقليل من شأنهم ليس أمراً نادراً (وعلى ما يبدو فإن هذا النوع من التهكم العنصري يستهدف في الغالب المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى)، إذ يُنعت الأشخاص السود في المغرب بأوصافٍ مثل: "قرد" وخنزير وآكل لحم البشر وحيوان. وقد يحييهم الناس بأصوات كالتي تصدرها القرود قائلين: غيرا غيرا. وغالباً ما يتم إنكار إرث المغاربة السود وإزعاجهم من خلال الهجوم المبطن الكامن في تساؤل: منين انتي؟ (من أين أنت؟) الذي يوجهه إليهم إخوانهم المواطنين، كما لو أن كافة "المغاربة الأصليين" هم من ذوي البشرة البيضاء.
ومن المسلّم به أن استخدام كلمات مثل عبد وخادم لوصف ذوي البشرة السوداء هو أمر دنيء وبغيض وعنصري، لكن هذا ليس هو الحال في السياق المغربي. بل إن كثيراً من المغاربة ينكرون تُهمة العنصرية، رغم تكرارهم لتلك الكلمات واستخدامهم إياها دون قيود، ويدعون أنه لا وجود للعنصرية في المغرب. لا يتقبل المغاربة السود أيضاً مناداتهم بكلمات مثل عزّي وكحلوش وغيرها باعتبارها نوع من المودة أو شكل من أشكال المزاح والتشاكس الودّي، كما يدعي أصدقاؤهم ومعارفهم المغاربة غير السود عادةً. بل على النقيض تماماً من ذلك، يؤمن المغاربة السود أيضاً أنه عندما "يسخر" المغاربة غير السود من بشرتهم السوداء أو شعورهم الخشنة المجعدة بشدة فإنهم بذلك يشاركون في اعتداءات عنصرية صغيرة يُقصد بها إلحاق الأذى والاستعباد.
يُعد المغرب بلداً متنوعاً والمجتمع المغربي هو مجتمع في مرحلة ما بعد العبودية، لكن التنوع، وتاريخ العبودية في المغرب، والعنصرية والتمييز -المتجذران عموماً في مجتمعات ما بعد العبودية- هي أمورٌ لا يتم التوعية حولها في المدارس أو معالجتها على نحو مناسب في القانون، أو حتى مناقشتها داخل أغلب الأسر المغربية غير السوداء. علاوة على ذلك، وكما لو أن العنصرية والتمييز يقتصران على المؤسسات الرسمية والقوانين التي تهدف إلى الفصل والتمييز -مثل قوانين جيم كرو والفصل العنصري- تتصدى المملكة المغربية وحكومتها لمنتقديهما بأن القوانين المغربية تُجرم أيّ تمييز بين المواطنين على أساس اللون، وأن جميع الوظائف متاحة لكافة الفئات في إطار المساواة.
وعندما يتم الضغط عليها حول العنصرية والتمييز العنصري في ميادين أخرى غير هذين، تؤكد السلطات أن النشطاء يختلقون المشاكل ويحرضون على الفتنة والشقاق الوطني. وفي عام 2012، رفضت الحكومة المغربية طلباً بتشكيل رابطة لمكافحة العنصرية ضد السود بدعوى أن مفهوم العرق غير سائد في المجتمع المغربي، وعليه فلا وجود للعنصرية فيه. يتساءل النشطاء أيضاً حول ما إذا كانت المملكة قلقة من أن بزوغ حركة اجتماعية قوية مناهضة للعنصرية ضد السود قد يؤثر على نزاع الصحراء الغربية أو المقاطعات الجنوبية الذي تشارك فيه المغرب منذ السبعينيات بما أن معظم المغاربة السود يعيشون في جنوب البلاد.
المغاربة السود: جزء لا يتجزأ من تاريخ البلاد
رغم محاولات الإنكار، يبدو جلياً أن المغرب يأوي فئات سكانية متنوعة عرقياً وإثنياً، وقد تعرض أبناء تلك الفئات لدرجات متفاوتة من العنصرية.
بصفة عامة، وفي ظل نظام ملكي استبدادي، يُستخدم فيه البوليس السري ووكالات المخابرات والأجهزة الأمنية والأنظمة القضائية لفرض هيمنة الدولة من أجل خدمة مصالح الزمرة الحاكمة وشبكات المحسوبية المحدودة، فإن كافة المغاربة تقريباً يتعرضون للتمييز. إلى جانب ذلك، يُشكل الأمازيغ، الذين يعتبرون أنفسهم من ذوي البشرة البيضاء بوجه عام ويرون أيضاً أنهم السكان الأصليون الوحيدون للبلاد، نسبة كبيرة من سكان المغرب ويدعون أن ماضيهم حافل بالتمييز. على الرغم من إحراز المغرب تقدماً ملموساً فيما يتعلق بالاعتراف بالهوية الأمازيغية ابتداءً من التسعينات.
لكن المغرب لم يحرز تقدماً مماثلاً فيما يتعلق بالاعتراف بالمواطنين السود، بما في ذلك الاعتراف بوجود السكان الأصليين السود في الجنوب والآثار المترتبة على تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى. لا تحتفظ الحكومة المغربية بإحصاءات ديمغرافية وفقاً للعرق، لهذا لا يزال العدد الدقيق للسكان المغاربة السود مجهولاً. وعلى الرغم من ذلك، يشكل السود نسبة كبيرة من مواطني المغرب. وقد شارك المغاربة العرب والأمازيغ "ذوي البشرة البيضاء" بكثافة في تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى طيلة 13 قرناً. وحتى بعد مرور فترة طويلة على بداية القرن العشرين، كان امتلاك عبيد في المغرب يعد دلالةً على الوجاهة الاجتماعية. كانت النساء يتخذن محظياتٍ أو يخدمن في المنازل، بينما عمل الرجال في الحقول والرعي أو الخدمة المنزلية. وقد حمل أولئك العبيد ألقاب أسيادهم وولائهم القبلي وظل أبناؤهم وأحفادهم وأبناء أحفادهم يعتبرون جزءاً من الأسرة. وقد كتب مغاربة مشهورون -مثل الكاتبة وعالمة الاجتماع النسوية فاطمة مرنيسي والمؤلف المشهور الطاهر بن جلون- عن العبيد السود الذين جلبوا للخدمة في منازلهم في الخمسينيات. وكشفت تحليلات حديثة للحمض النووي أن حوالي من ربع إلى نصف تجميعة الجينات الأنثوية الحالية في المغرب تنحدر من أسلاف سود من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وتجدر الإشارة كذلك إلى إرث المغرب فيما يتعلق بتجنيد السود. فقد استفاد مولاي إسماعيل (1672-1727)، السلطان الثاني في سلالة العلويين الفيلاليين الحاكمة، من تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى واستعبد كافة المغاربة السود لتكوين جيش من الحرس الأسود، عُرف باسم جيش عبيد البخاري، الذي تجاوز عدد جنوده 100 ألف رجل. ولا يزال أحفاد بعض جنود جيش عبيد البخاري أحياءً ويعملون داخل القصر.
وقد أدى الاستعباد واتخاذ المحظيات وتمازج الأجناس الكبير نسبياً إلى جعل لون بشرة سكان المغرب الحاليون متدرجاً، بدلاً من تحوله الحاد بين اللونين الأبيض والأسود. مع ذلك، يوجد صمت وطني وأسري إزاء العبودية وتداعياتها -متمثلةً في العنصرية- على المغرب. بل تعد هذه الموضوعات من المحظورات. لكن الإنكار والصمت (الذي يشمل المناهج التعليمية) هما جزء من خطاب وطني أكبر لا يعترف بحجم تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى ووجود أقلية سوداء مهمشة في المغرب لم تُروى حكايات أبنائها إلى الآن. ويعكس هذا دولة تُعرفها حدود لونية وطبقات اجتماعية صارمة.
فالمغاربة يتنصلون من سمار البشرة بكل الوسائل، مستعينين بكريمات التبييض، وتقشير الوجه، وتمليس الشعر، وبناء دقيق للهوية العرقية والثقافية يستبعد عدداً كبيراً من ذوي العرق الأسود: عشرات الآلاف من الأفارقة من جنوب الصحراء الكبرى الذين جلبوا إلى المغرب عن طريق تجارة الرقيق عبر الصحراء الكبرى.
وتعقدت حياة المغاربة السود في العقود الأخيرة بسبب وجود عشرات الآلاف من المهاجرين الأفارقة السود الوافدين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين جاءوا إلى المغرب سعياً إلى المرور سراً إلى أوروبا، أو إلى التعليم، أو فرص حياة أفضل محتملة داخل المغرب. لكنهم لاقوا عنصرية وعنف بالغان في المغرب.
أحدث محاولاتهم لسرد قصصهم
في الآونة الأخيرة، بدأ المغاربة السود -المنحدرين من نسل السود المستعبدين أو المغاربة السود من السكان الأصليين- في سرد قصصهم على الشبكات الاجتماعية. على الرغم من أهمية ذلك، إلا أن هذا الأمر اقتصر حتى الآن على أوساط النخبة على إنستغرام وفيسبوك. ولم تسفر هذه الجهود حتى الآن عن تشكيل حركة اجتماعية للحقوق المدنية لإنهاء العنصرية ضد السود في المغرب، ولا حتى تأسيس جمعيات المجتمع المدني الرسمية اللازمة للدفاع عن نفس القضية. في المقابل، نشأت حفنة من الجمعيات الرسمية لمكافحة العنصرية في المغرب ضد المهاجرين السود من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
حتى إن الملك محمد السادس أصدر قانوناً لمساعدة أقلية منهم في الحصول على أوراق عمل في المملكة. وتظل أسباب هذه اللا مساواة غامضة. ولكن كما أُشير سابقاً، رفضت الحكومة المغربية في عام 2012 طلباً بتشكيل رابطة لمكافحة العنصرية ضد السود بدعوى أن مفهوم العرق غير سائد في المجتمع المغربي، وعليه فلا يمكن أن توجد عنصرية فيه. بالإضافة إلى ذلك، أدت بعض أعمال العنف البارزة، بما في ذلك القتل، ضد الأفارقة من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في المغرب، إلى ظهور حملات ومنظمات تكافح تلك العنصرية البالغة.
المغاربة السود (Black Moroccans)
أنشأت فاطمة الزهراء قتبو، الناشطة في مجال مناهضة العنصرية، حساب "المغاربة السود" على إنستغرام لتحقيق ثمانية أهداف:
- مشاركة مواهب المغاربة من ذوي البشرة السمراء
- تحطيم التصورات النمطية عن العِرق في المغرب
- تسليط الضوء على تجارة الرقيق التي حدثت في المغرب عبر نشر الكتب والتقارير والصور.
- مشاركة جمال التنوع الوراثي للشعب المغربي
- إدانة كافة أشكال التمييز العنصري في جميع أنحاء المغرب
- فتح المناقشة حول إرث الرق والتمييز الحالي
- تكثيف العمل على زيادة الوعي حول ظاهرة رهاب السود (العنصرية ضد السود) في المغرب
- المساهمة في تأسيس رابطة مجتمع مدني رسمية لمكافحة العنصرية ضد السود في المغرب
أحد دوافع فاطمة قتبو، وهي سيدة في العشرينات من عمرها وحاصلة على تعليم عال وصاحبة بشرة داكنة نسبياً، هو رغبتها في التشكيك في معايير الجمال المغربية وتحدي هذه المعايير، التي تعتبر أنه "كلما كنتِ أكثر بياضاً، كنتِ أجمل". ويُعد الشعر المجعّد مستهجناً بشكل خاص في المغرب.
بالنسبة لفاطمة قتبو، فإن العنصرية ضد السود في المغرب تبدو وكأنها بدأت منذ فجر التاريخ، وسيكون من الصعب تغييرها. وتشير إلى استخدام المغاربة غير السود وصف "عزّي" المهين، معها ومع مغاربة سود آخرين، لتحديد هوية أيّ شخص أسود. وبشكل جماعي، يعتبر المغاربة غير السود أن هذه الكلمة ليست مهينة ويعتقدون أن المغاربة السود يتقبلونها، مبررين بذلك استخدامها. أما "عبد وخدام وكحلوش"، والأوصاف الأخرى المهينة للسود المغاربة، فكلها جارحة بنفس الدرجة بالنسبة لفاطمة.
"تسيء هذه الكلمات إليّ بالطبع. بل توجد كلمات أمازيغية لا يزال المجتمع يستخدمها إلى اليوم لإهانة السود لفظياً. أعتقد أن المنهج التعليمي لا بد أن يتضمن دروساً عن كافة أشكال الرق التي وقعت في المغرب من أجل رفع مستوى الوعي (فنحن لا نتعرف هذه الأمور في حصص التاريخ). ولوقف هذه الاعتداءات اللفظية، يتعين علينا تحطيم التابوهات، ونحتاج إلى تنظيم حملات لمكافحة رُهاب السود (العنصرية المناهضة للسود)، وإلى عقد ندوات ومحاضرات تيد إكس ونشر كتب ومواد صوتية وتقارير. كما يجب أن نبرز تجارب المغاربة السود حتى يفهم الناس أن الكلمات تجرح ويمكن أن تعوق التنشئة الصحية للمغاربة البالغين. علينا أن نرى المزيد من التنوع على الشاشة؛ ونسلط الضوء على جمال التنوع الوراثي للمغاربة.
علينا أن نعلّم الناس مساءلة أنفسهم. ينبغي التفاخر بالمغاربة السود الناجحين؛ وإيضاح حقيقة أننا أذكياء ولامعين تماماً كبقية المجتمع. ينبغي تسليط الضوء علينا. وإظهار أننا هنا؛ أننا موجودون، أن مستقبلنا لا يُخطّط كعمال في الحقول أو بائعي خردوات وحسب. ثمة فجوة تعليمية ضخمة، وما دامت هذه الفجوة قائمة، ستظل الأفكار المنتشرة عن العبودية وتدني مستوى السود راسخة في المغرب".
تقول فاطمة إن إحراز التقدم سيتطلب كسر التابوهات الاجتماعية المغربية التي تحظر مناقشة الرق والعنصرية:
"العبودية والعنصرية ضد السود من المواضيع المحظورة في المغرب، والمغاربة ينكرونها بشدة ويشعرون أنه لا وجود للعنصرية في المغرب، أولاً: لأننا جميعاً مسلمين والمسلمون إخوة؛ ثانياً: لأنهم يعترفون فقط بالتحيزات الإقليمية لكنهم يقللون من حجم إرث العبودية والعنصرية ضد السود. وتسيطر على المغاربة غير السود قناعة مفادها أن الكون كله عنصري إلا هم".
لكنها ترى أن هذا الاعتقاد يتلاشى عندما يُحقر أغلب المغاربة من غير السود مواطنيهم من السود بسبب لون بشرتهم في بلدهم الأم؛ واعتبارهم أحفاد العبيد أو أدنى مرتبة، ويجعلونهم، من خلال التمييز، غير مرئيين في وسائل الإعلام، والأفلام، وفي أي وظيفة ذات مكانة عالية. وأضافت، "عقد مؤخراً منتدى عبر الإنترنت على منصة "AJ+France" لمناقشة رهاب السود في شمال أفريقيا، وكان رد فعل الأغلبية إزاء هذا الموضوع هو الإنكار الصارخ. وذلك لأن المغاربة من غير السود ليسوا مستعدين لخوض هذا النوع من النقاش، لكن لا بد من إجراءه، وحان الوقت لكي يدركوا هذا! نحتاج على الأقل إلى تطبيق قانون يجرم العنصرية ضد السود في المغرب".
وبصورة يمكن تفهمها، تبدي فاطمة قلقها الشديد إزاء مصير السود في وادي درعة في جنوب شرق المغرب، الصحراويين، الذين يعود أصل الوصف العنصري المهين "الحراتين" (العبيد المحررين/الزنوج) إليهم. ورداً على سؤال حول انعدام التعبئة ونقص المنظمات في المغرب التي تكافح العنصرية ضد المغاربة السود من السكان الأصليين، أجابت فاطمة قائلة: "أعتقد أنه عندما يتعرض شخص للتمييز طوال حياته، فإنه يعزف عن الإقدام ولا يجرؤ على طرح نفسه أمام أعين الجمهور، وربما هذه هي الحال بالنسبة للأقلية السوداء المغربية. ولكن منذ انطلاق حركة "حياة السود مهمة"، بدأ بعض المغاربة السود في انتقاد العنصرية التي يتعرض لها السود في المغرب. وأنا واحدة منهم. تعد هذه بداية جيدة للغاية. وأتمنى أن أتمكن بمرور الوقت من إنشاء جمعية رسمية".
تشارك فاطمة على حسابها "المغاربة السود" في موقع إنستغرام تقارير إعلامية عن مغاربة سود معروفين؛ في حين ينشر آخرون قصصهم الخاصة. اضطر الممثل الكوميدي والكاتب المغربي محمد باسو في بعض الأوقات إلى مواجهة عنصرية بغيضة. ففي نزاع مع شخصية مغربية مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي، هاجمته الأخيرة ذات البشرة البيضاء قائلةً: "يا وجه الغوريلا، إذا كنت تريد إثارة ضجة إعلامية فلا تفعل ذلك على حسابي. أنا أحترمك، لذا فلنحترم بعضنا البعض. صحيح، هناك أمر آخر… لا تنسَ الذهاب إلى الحمام للاستحمام وحاول غسل بشرتك حتى تصبح بيضاء. حينها سوف يكون لديك ملايين المتابعين مثلي".
ترجع أصول الفنان التشكيلي المغربي الشهير مبارك بوحشيشي إلى واحة في جنوب شرق المغرب، وهو أحد أبناء الجنوب المخلصين. بيد أنه، رغم مكانته المرموقة في المغرب وأوروبا، يشعر في أغلب الأحوال بأنه غير مرئي في وطنه الأم:
"إن المغاربة السود غير مرئيين بالنسبة لبقية المجتمع. لون بشرتنا في حد ذاته دليل على عدم الوجود، وعلى عدم الانتماء. في بعض الأحيان يبدي الناس حماساً واستغراباً في الشوارع، عندما يسمعونني أتحدث بالدارجة (اللهجة العامية المغربية). وفي المطار، يحسبني ضباط الشرطة سائحاً أو مهاجراً، ويطلبون مني الوقوف في الصف الخاص بحاملي جوازات السفر غير المغربية. لقد علمت أنني غريب عن بقية المجتمع المغربي عندما انتقلت مع والداي من مدينة أقا (وهي بلدة تقع في جنوب شرق إقليم طاطا) إلى إقليم أگادير. في أگادير، أصبح تفسير من أين أنا وتوضيح أصولي جزءاً من حياتي اليومية. يعاني المغاربة السود من الإقصاء والتهميش، ومن الصعب علينا للغاية جذب الأنظار إلينا أو اِرتقاء السُّلّم الاجتماعي…
ولكي يبدأ النقاش حول العنصرية ضد السود في المغرب، فلابد وأن يكون هناك اعتراف بمدى جسامة المشكلة. إذ يتعين على الدولة والمجتمع الاعتراف بوجود المغاربة السود، ومن ثم العمل على وضع حد للعنصرية. على سبيل المثال، لابد من وجود إحصائيات عن عدد المغاربة السود الذين يتقلدون مناصب رفيعة المستوى. كم عدد أطباء أمراض النساء السود؟ وكم عدد الأئمة السود؟ لم أسمع عن واحد من قبل. فلا يزال السود يشغلون مناصب متدنية أُعدت خصيصاً لهم. وهذا شكل آخر من أشكال العنف الصامت الذي يتعرض المغاربة السود".
تروي حسناء، وهي مواطنة مغربية من الدار البيضاء وواحدة من رواد صفحة "المغاربة السود" على تطبيق إنستغرام، قصتها قائلةً:
"أود أن أشارككم نبذة عن حياتي ومعاناتي في مواجهة العنصرية ضد المغاربة السود. منذ طفولتي، تعرضت للإهانات العنصرية من قِبَل الأصدقاء والأقارب المغاربة من غير السود، التي كانت دون قصد في بعض الأحيان، الأمر الذي ألحق بي ضرراً جسيماً مازال محفوراً بداخلي حتى الآن. كنت دائماً ملقبة بالعزية وعود الند وعود السوشي، وغيرها من الصفات المهينة...كتمت ذلك الألم في خاطري، وتظاهرت بالابتسامة، ولكن ذلك سبب لي الكثير من الأذى. وبكيت وحيدة حين كنت أنظر إلى وجهي في المرآة وأتساءل لماذا خلقت قبيحة. كانت أمي تخبرني دوماً أنني جميلة، ولكن إذا أغضبتها، كانت تهينني أيضاً بلون بشرتي، قائلةً إنني عزية بلون الفحم.
لقد تعلمت التعايش رغم الألم، ولكنني شعرت بالدمار النفسي وأصبحت عدوانية في مواجهة الإهانات العرقية. والآن، أرفض التسامح مع هذه الكلمات. في إحدى المرات ألقَيت صخرة أصابت رأس صبي أهانني بتلك الكلمات. وقال صبي آخر ساخراً مني: "سمعت أنّكِ هربتِ من مخيمات تندوف (مخيمات اللاجئين الصحراويين في الصحراء الجزائرية). وقد سخرت مني مجموعة من الفتيات المغربيات غير السود خلال حصة الألعاب الرياضية حيث قلن أنهن سمعن أنني كنت أحتضر. لدي الكثير من القصص كهذه.
نقطة التغيير في حياتي حدثت في حصة اللغة الفرنسية عند أستاذة اسمها سهام البراق، شقيقة الفنانة ليلى البراق. في إحدى المرات نظرت لي الأستاذة سهام عن كثب وقالت لي إنني رائعة الجمال مثل الأفارقة الأمريكيين؛ وأن شعري جميل، وعينيّ فاتنتان. كان ذلك اليوم يفوق الوصف. لم أستطع النوم من الفرحة. نظرت إلى نفسي في المرآة وأطلقت شعري وأنا أرقص. لقد شعرت حينها بسعادة غامرة. وبدأت أقول لنفسي: بالفعل لدي عينان جميلتان... وبدأت أعتني بنفسي أكثر، وبدأت أتصالح مع ذاتي. وبحَّثٍ من شقيقتي، ارتديت ملابس ملونة، وتوقفت عن ارتداء الملابس الكئيبة التي اعتدت عليها. لقد كانت تلك المعلمة أقرب ما تكون إلى طبيبة نفسية بالنسبة لي، وبفضلها بدأت أحبّ نفسي. ونصيحتي لك: أحبّ نفسك كما أنت".
على صفحة "المغاربة السود" على تطبيق إنستغرام، يُقدم جاد نفسه ويشارك قصته. فهو شاب فتيّ قوي البنية، يعمل مصمم جرافيك، ويعيش في الدار البيضاء:
"أنا عزي. في المدرسة، كان هذا هو ما يدعونني به بدلاً من اسمي. كنت معروفاً بأنني شخص اجتماعي ومرح للغاية. في البداية، تقبلت أن يدعونني عزي. ولكن مع مرور الوقت، شعرت بأن تلك الكلمة تثقل كاهلي، وأنها تقصيني إلى هامش المجتمع، وبدأت أشعر أنني شخص غريب في وطني. وعلى الرغم من كل ذلك، تعلمت التعايش مع ذلك الاسم وأقنعت نفسي بأن تلك الكلمة استخدمت بدافع الحب والمودة للتعبير عن العزيز والثمين والغالي والمحبوب، وما إلى ذلك، حتى ذلك اليوم الذي تعرضت فيه للإهانة أمام الفصل من قِبَل أحد الأساتذة لأنني لم أفعل واجبي المنزلي في الليلة السابقة: 'اخرج يا عزي، يا ابن العبيد'. في ذلك اليوم، أدركت أنه ليس هناك ما يُعبر عن الحب والمودة في تلك الكلمة، وتمردت.
كل من يدعونني بأي اسم غير جاد لابد وأن يكون مستعداً لقتالي. بدأت حياتي تتغير تدريجياً وبدأ الناس في احترام وجهة نظري حول استخدام تلك الكلمة من حولي، إلى أن جاء اليوم الذي التقيت فيه بفتاة لطيفة وجميلة ووقعنا في الحب وأردنا الزواج. ولكن مع الأسف، رفضت والدتها تماماً، وقالت لابنتها بالحرف: 'أنتِ بيضاء وجميلة، ولكنك ستتزوجين من رجل أسود وتنجبين لي أحفاداً صغاراً يشبهون الصراصير'. لم أتخيل يوماً أن لون بشرتي سيكون عائقاً في حياتي لهذه الدرجة. كل ذلك زاد من قوتي ومنحني القدرة على مواجهة هذا المجتمع العنصري الذي لا يريد أن يعترف بي. 'عزي وأفتخر'".
العروبة السوداء: "مشروع مزيج"
في كانون الثاني/ يناير عام 2020، أطلقت صوفيا غريس بيمبي، صفحة العروبة السوداء: مشروع مزيج على تطبيق إنستغرام، وهي شابة مختلطة العرق ولدت ونشأت في فرنسا لأم مغربية وأب من جمهورية إفريقيا الوسطى. وكانت العنصرية عقبة دائمة أمام الوئام داخل أسرتها، لدرجة أن أمها انقطعت علاقتها مع عائلتها في المغرب لأكثر من ثلاثة عقود بسبب اتخاذها قرار الزواج من رجل أسود. خلال زياراتها للمغرب، صُدِمت غريس بيمبي وتفاجئت بسبب فظاعة العنصرية في المغرب:
"كانت زيارتي الأولى إلى هناك، هي المرة الأولى التي تعرضت فيها للعنف العنصري (اللفظي)، بالرغم من أن أصولي مغربية وأمي مغربية. لم أكن مستعدة لذلك، وسرعان ما أدركت أن لون بشرتي سيشكل عقبة أمام اندماجي في المجتمع المغربي. وحتى المجاملات قد تنطوي على شيء من الإهانة، مثل "إن أصولك العربية هي التي جعلتك تبدين بهذا الجمال".
ومن جهة أخرى، تعرضت غريس بيمبي لصدمة ثقافية حقيقية لدى تعرفها على الفلكلور المغربي، وخاصةً ثقافة الگناوة. وقد تعرفت بشكل تدريجي على الأوجه المتعددة للثقافة المغربية والمزيج العرقي الذي يشكل تلك الثقافة. ووجدت أناساً يشبهونها في دمائهم العربية والأفريقية، وقد دفعتها هذه التجربة إلى تدشين "مشروع المزيج" لتوحيد الأفراد الواقع عليهم أضرار بسبب هوياتهم هذه، والذين يجدون صعوبة في التعايش معها دون عون. وتأمل غريس بيمبي في أن تكون سبباً في إيصال صوت الأفارقة الأمازيغ والطوائف الأفريقية العربية وتسليط الضوء عليهم. وقد انطلقت صفحتها على إنستغرام منذ احتجاجات "حياة السود مهمة" (Black Lives Matter) التي وقعت مؤخراً.
تقدم غريس بيمبي وجهة نظر مثيرة للاهتمام فيما يخص حالة الإنكار للعنصرية ضد السود في المغرب، التي تحدث في بعض الأحيان داخل الطوائف ذات البشرة السمراء أو السوداء نفسها، حيث تقول:
"من الأسباب الجذرية للعنصرية تجاهل وإنكار العمليات التاريخية التي تصنع الأمم وتحيلها إلى ما هي عليه الآن. إن حالة الإنكار، والتي توجد في بعض الأحيان حتى داخل الطوائف ذات البشرة السمراء والسوداء نفسها، لقد اكتشفت ذلك من خلال 'مشروع المزيج'. كنت أتمنى حقاً أن يساهم عملي في الربط بين المجتمعات، بيد أن العديد من المغاربة السود أنفسهم ينكرون وجود العنصرية من الأساس أو أهمية التصدي للعنصرية بوصفها مشكلة قائمة وسائدة في المغرب. لا يزال الكثير منهم يعتقد أن العرق ليس إلا مسألة متعلقة بالوضع الاقتصادي وليست أمراً يتعلق بلون البشرة الأسود. أعتقد أن المغاربة السود يتحملون مسؤولية كبيرة، إذ إنهم يهونون من شأن العنصرية التي يعانون منها بصفة يومية. وهذا هو الجزء الأكثر إحباطاً في عملي، ربما يكون كلامي مستنداً إلى رأي شخصي فقط، لكني أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك مزيداً من الوعي والتضامن بين السود في منطقة شمال أفريقيا بأكملها".
نشر أحد رواد صفحة "مشروع المزيج" مُتحدثاً عن نفسه قائلاً:
"أعتبر نفسي أفريقياً عربياً/ بربرياً لأن أمي مغربية، وهي صحراوية من ورزازات ذات بشرة سمراء، وكذلك كل عائلتها. والدي أبيض البشرة إلى حد ما، وينتمي إلى قبيلة عبدة، وهي قبيلة عربية قدمت إلى المغرب في عهد دولة الموحدين (1130-1269). وقد قدمت هذه القبيلة وفقاً لابن خلدون (العالم المسلم الجليل) من اليمن. لكني نشأت في رعاية والدتي فقط، لذا أعتبر نفسي صحراوياً خالصاً، أو على الأقل صحراوياً أكثر من كوني عبدياً. ثقافتي وديانتي وقيمي وبلدي هي ما صنعت مني ما أنا عليه اليوم. ويمكنني أن أضيف إلى ذلك نتيجة اختبار الحمض النووي التي تشير إلى أنني ابن أفريقيا البار والفخور بها، فلدي جينات من شمال أفريقيا (المغرب والجزائر والقليل من مصر)، فضلاً عن انتمائي إلى المنطقة الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى (غانا وليبريا والسنغال وغينيا..). ونظراً لأننا جميعاً أفارقة هنا، ينبغي أن نبدأ بالحديث عن الظاهرة السلبية المترسخة منذ زمن طويل في كل أرجاء شمال أفريقيا وهي داء العنصرية. إننا إذ نزعم بأنه لا وجود للعنصرية في المغرب، نكذب على أنفسنا. أعتقد أنه من الضروري أن نتحدث عنها وأن نطرح كل ما يتحتم علينا قوله للنقاش".
على نفس المنصة، أضاف إسماعيل تعليقاً عن "أصحاب البشرة البيضاء" في شمال أفريقيا قدمه أستاذ جامعي سابق:
"مشكلة العنصريين في شمال أفريقيا هي التباس الأمر عليهم، إنهم يعتقدون بأنهم بيض البشرة ثم يذهبون إلى أوروبا ليكتشفوا حينها فقط أنهم أفارقة، إنها أزمة هوية كبيرة نتجت عن الاحتلال الأوروبي للمغرب منذ عقود مضت".
من القصص إلى الناشطية: الحلقة المفقودة
يرغب المغاربة السود فيما هو أكثر من مجرد حكي قصصهم (لأول مرة في تاريخ البلاد الممتد). إنهم يرغبون في إصلاح مجتمعهم والتصدي للعنصرية ضد السود في المغرب والقضاء عليها. وكما أشرنا أعلاه، قوبلت الجهود الرامية إلى تشكيل جمعية مناهضة للعنصرية ضد السود بشكل رسمي برفض الحكومة المغربية عام 2012. وفي عام 2013، طرح البرلمان المغربي لأول مرة مشكلة العنصرية للنقاش، إذ اقترح حزب الأصالة والمعاصرة المؤيد للملك والذي تأسس على يد صديق طفولة للملك إجراءً لمعاقبة مرتكبي "الأفعال العنصرية" بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة و/أو فرض غرامة على مرتكب الفعل تبدأ من عشرة آلاف إلى مائة ألف درهم مغربي. أخذاً بظاهر الأمور، تبدو هذه الخطوة عملاً خيِّراً ينم عن حسن النية وقد اجتذب دعماً من العديد من المنظمات المعنية بحقوق الإنسان. بيد أن مشكلة العنصرية تجاه المغاربة السود والمهاجرين الأفارقة السود قد تستغل كستار لأفعال أخرى وكفرصة للانتهازية السياسية، الأمر الذي يعد مألوفاً للعناصر الفاعلة في النظام المغربي". في عام 2018، قام حزب الاستقلال بجهود مماثلة. أي أنه بين عامي 2013 و2018، اقترح حزبان سياسيان تشريعاً يهدف إلى فرض عقوبة على التمييز العنصري لكن دون طائل. لم يقر النظام الملكي أو الحكومة المغربية رسمياً بوجود عنصرية ضد السود ناهيك عن وجوب فعل شيء حيالها. وكما افترضنا أعلاه، قد يكون إحجام الحكومة عن الإقرار بهذه القضية متعلقاً بمشكلة الصحراء الغربية في "الأقاليم الجنوبية".
قدمت حركة "المغاربة السود" و"مشروع المزيج" عدداً من اقتراحات الإصلاح مثل:
- ينبغي إصلاح اللغة العنصرية في المغرب. يمكن للحكومة تولي زمام المبادرة وقيادة حملة وطنية للتخلص من حالة التهوين من الاعتداءات اللفظية على ذوي البشرة السمراء واعتبارها أمراً عادياً كأن يشار لهم بمصطلحات مثل: عبد، خادم، عزي، كحلوش، وما إلى ذلك. هذه الأوصاف مؤذية وتهدف إلى الإيذاء والاضطهاد. ولا يمكن اعتبارها دعابات أو مزاحاً أو خفة ظل. وينطبق ذلك على الاستهزاء من البشرة السمراء والشعر المموج/ المجعد. حاول المجتمع المدني من قبل إصلاح اللغة العنصرية منذ سنوات عديدة من خلال حملة "أنا مسميتيش عزي" (اسمي ليس عزي) لكنها اندثرت.
- بعض المدرسين في المغرب يشكلون مصدراً لنقل بعض من أسوأ أشكال العنصرية ضد السود في المغرب. بدءاً من المدرسة الابتدائية، يُسبب المدرسون العنصريون من غير السود حرجاً للأطفال السود في صفوفهم بالتلميح إلى أن رائحتهم سيئة. ويشيرون إلى الطلاب السود بلفظة عزي أو أبناء العبيد، ويلمحون إلى أنهم جهلاء أو لا يصلحون للدراسة. ينبغي أن تتدخل وزارة التربية الوطنية لتحسين سلوك لمدرسين المغاربة وتدريبهم في هذا الصدد.
- يجب سن قوانين تجرم العنصرية ضد السود في المغرب.
- ينبغي تدريس العبودية في المغرب والعنصرية ضد السود في المدارس ومناقشتها في المجتمع.
- يجب أن تقر الدولة والمجتمع المغربي بتنوع سكان المغرب وتدريس ذلك في المدارس. ويجب إتاحة مساحة أكبر للمغاربة السود في وسائل الإعلام والفنون وفي المناصب العليا في الحكومة وقطاع الأعمال؛ فرغم المساواة الرسمية بين جميع المواطنين المغاربة بموجب القانون، لا تزال هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات إيجابية من قبل الحكومة للحد من العنصرية الهيكلية والمؤسسية والتخلص من إرث العبودية.
- كسر المحظورات والصمت. رفع الوعي ثم رفع الوعي ثم رفع الوعي مجدداً بشأن العنصرية ضد السود في المغرب.
وأخيراً، وكرسالة تشجيع أخيرة للمغاربة من غير السود لنبذ العنصرية ضد السود، نود أن نشير إلى أنه، من الناحية النفسية، قد يتضرر المغاربة "البيض" الذين يمارسون العنصرية -لأن ازدراء "الآخر" يمنحهم بشكل ما شعوراً جيداً- جراء تلك الممارسات بقدر الضرر الواقع على السود. "عندما يؤمن الشخص بشدة بسيادة المجموعة التي ينتمي إليها ينتابه شعور بالعزة "وبأنه متربع على عرش العالم" لكنه في الواقع يعاني من حالة من تضخم الذات. ويؤدي ذلك إلى تشويه قدراته على التفكير والحكم على الأشياء بشكل كبير. حيث يبالغ الشخص في تقدير ذاته وما ينتمي إليه، ويقلل من تقدير كل ما سوى ذلك. وقد يكمن بداخله خوف من أنه لن يستطيع أن يرقى أبداً إلى الصورة المثالية التي رسمها لنفسه والتي تمثل كماله الذاتي.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.