لماذا لا يستطيع الناشطون الكويريون رفع علمهم في لبنان؟

Why-Cant-the-Queer-Activists-Raise-their-Flag-in-Lebanon-scaled.jpg
أشخاص يحملون أعلام مجتمع الميم يشاركون في سباق المرح لمسافة ثمانية كيلومترات من ماراثون بيروت الدولي السنوي في بيروت، لبنان، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2018. (c) EPA-EFE/نبيل منذر

مقدمة

إذا كانت جميع الطوائف في لبنان قادرة على رفع أعلامها وإعلان مناطق خاصة بها، فلماذا لا يستطيع أعضاء المجتمع الكويري أن يفعلوا الأمر نفسه؟ لطالما طرح المجتمع هذا السؤال منذ فترة، وفي صيف العام 2022 قرروا وضعه على المحك. ففي ساحة ساسين، الواقعة في منطقة الأشرفية التي يهيمن عليها المسيحيون، وضعت منظمة "بيروت برايد" غير الحكومية لوحة إعلانية مليئة  بالورود بمناسبة شهر الفخر. ولُونت هذه اللوحة بألوان قوس قزح وتضمنت عبارة #LOVEALWAYSBLOOMS عندما تتفتح الأزهار.1K. Safieddine, “How Did Jnoud El Rab Come to Be,” Beirut Today, 9 January 2023, https://beirut-today.com/2023/01/09/how-did-jnoud-el-rab-come-to-be/

حينها، أثار الأمر رد فعل وطنياً عنيفاً، وفي خضم الأزمات متعددة الأوجه في لبنان (انهيار المصارف وانخفاض قيمة العملة وجائحة كوفيد-19، وانفجار مرفأ بيروت) اعتبرت القيادات الطائفية أن المجتمع الكويري هو التهديد الأكبر. تصاعدت الهجمات من جميع الجهات، فظهرت مجموعة "جنود الرب" خلال شهر الفخر في العام 2022، ويقال إنها مرتبطة بحزب "القوات اللبنانية".2المرجع السابق. وادعت هذه المجموعة حماية المناطق المسيحية من "الخطأة" و"الأجانب"، ومزقت اللوحة الإعلانية، ونشرت مقاطع فيديو تتهم فيها مؤيدي المثلية الجنسية والزواج المدني بشكلٍ عام بـ"عبدة الشيطان". وشهدت عودة ظهور رهاب المثلية من جديد واحتشاد السياسيين والزعماء الدينيين والجماعات الجديدة لتهديد مجتمع المثليين/ات. فعُقدت مؤتمرات مناهضة للمثلية الجنسية، وانتشرت حملات الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأُعلن حظر علني على تجمعات المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا، ومنع الأمن العام أفلامًا مثل "المينيونز" و"لايتير" 3"Lightyear Banned in 14 Markets After Same-Sex Kiss Controversy," France 24, 15 June 2022, https://www.france24.com/en/live-news/20220614-lightyear-banned-in-14-markets-after-same-sex-kiss-controversy واتفقت الأحزاب السياسية في لبنان على موضوعٍ واحدٍ على الأقل: الخوف والكراهية تجاه مجتمع المثليين/ات.

ومع ذلك، هناك ما هو أكثر مما يظهر للعيان في هذا الخوف وهذه الكراهية. فتجادل هذه الورقة أن رد الفعل العنيف الأخير ضد مجتمع الميم ليس ناتجاً فقط عن رهاب المثلية المتجذر، بل هو أيضًا جزء من استراتيجية أكبر لإعادة تأكيد سلطة الدولة والطوائف في ظل عدم الاستقرار وانخفاض الثقة بالمسؤولين في الدولة. لا تخفي الورقة في نقاشها آثار التحيّز المتجذّر ضد الطائفة، لكنّها لا تُنكر أيضاً أن توظيف هذا التحيّز يتبدل بحسب التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ويتأكد ذلك من خلال حقيقة أن الأحزاب السياسية تكون إما أقل أو أكثر تسامحًا مع المجتمع الكويري ونشاطه بناءً على مصالحها الخاصة. وستشير الأمثلة إلى هذه النزعة المتقلّبة، وستساعد في تحليل الأسباب الكامنة وراء الارتفاع المفاجئ في حملات القمع ضد الكويريين/ات. ففي أعقاب الربيع العربي والحركات المناهضة للطائفية في لبنان، سارعت الطوائف السياسية إلى إعادة تأكيد هيمنتها ، خوفًا من فقدان السيطرة التي فرضتها منذ الحرب الأهلية. فمع اعتبار أن الدولة ضعيفة وأن الطوائف لم تعد قادرة على توفير الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، نصّبت هذه الطوائف نفسها كضامن للأمن. وبسبب ضعف الدولة، برزت أيضًا جماعات طائفية غير حكومية في محاولة  لملء ثغرات الدولة عبر الترويج لقضيتها والاستفادة من المواضيع الحساسة، لا سيما المتعلقة بالحركة الكويرية، من أجل كسب نسبة جديدة من الحضور. ومن خلال استغلال رهاب المثلية المتجذّر في لبنان، تمكّنت الجهات الفاعلة الطائفية الحكومية وغير الحكومية من تصوير المثلية الجنسية كتهديد يجب معالجته على وجه السرعة وإعطاؤه الأولوية على المواضيع الأخرى. وتذرعت هذه المجموعات بتهديدات مثل ـ"حماية القيم التقليدية" و/أو مقاومة "التغريب".

 

كيف تطوّر النشاط الكويري مع معاداة الطائفية؟

قبل حصول الربيع العربي في لبنان ونشاط المثليين/ات من ضمنه، لا بد من الإشارة إلى حدثٍ سابقٍ: ففي العام 2010، نظمت مجموعة تدعى "لايك برايد" (Laique Pride)،  بدأت كتبادل للرسائل على فيسبوك بين أصدقاء في باريس وبيروت، احتجاجاً تحت شعار العلمانية. وعلى عكس انتفاضة 2011 وثورة 2019، لم تكن "لايك برايد" ثورة ولا انتفاضة، بل هدفت إلى الدعوة للعلمنة في المجالات المدنية والخاصة بديلًا لزعزعة النظام الطائفي بأكمله.4T. Fakhoury and J. Nagle, “No Homophobia, Racism, Sexism, Classism,” in Resisting Sectarianism: Queer Activism in Postwar Lebanon, 2021,  https://eksperter.aau.dk/da/publications/resisting-sectarianism-queer-activism-in-postwar-lebanon  وسار خمسة آلاف شخص نحو البرلمان في صيف العام 2010 هاتفين بشعارات مثل "ما هي طائفتك؟ "هذا ليس من شأنك" و"الطائفية خطر". كما شارك في هذا التحرك  ناشطون من مجتمع الميم وطرحوا قضيتهم عبر لافتات كُتب عليها "مثليون من أجل العلمانية" وصوروا "قبلة" بين امرأتين تحت علم قوس قزح.5المرجع السابق. وعلى الرغم من أن مشاركتهم أشارت إلى مستوى من المشاركة الكويرية في الاحتجاج، إلا أنها لا تزال عرضة للتغييب. فتم الاستيلاء على الفخر ليعني الفخر بالعلمانية بدلًا من الفخر بنشاط مجتمع الميم. وهُمّشت مناصرة الكويريين/ات من خلال المطالبة الأوسع نطاقًا بالحرية العلمانية في الشؤون الشخصية. والدليل على ذلك أن المنظمين طلبوا في أحد الاجتماعات عدم رفع علم قوس قزح للتركيز على الدعوة إلى العلمنة فقط، وتجنب مخاطر الأذى والفتنة.6M. Mikdashi, “Are You Going to Pride?” in Sextarianism, Stanford University Press, 2022, https://doi.org/10.1515/9781503631564

وعلى الرغم من أن "لايك برايد" كان يرمز إلى نقطة تحول مثيرة للاهتمام، لكن هذا الأمر لم يصبّ بالضرورة في "الربيع العربي" في لبنان. فلم يكن للتجسيد اللبناني للربيع العربي في العام 2011 القوة التعبوية نفسها التي كانت في بلدانٍ أخرى. إذ كانت تفتقر إلى الامتداد الجغرافي (حدثت في الغالب بشكلٍ متقطع في بيروت)، وإلى أعداد المشاركين (بين مائة وبضعة آلاف شخص)، وإلى المدة (استمرت ثلاثة أشهر).7K. Safieddine, “13 Years After the Arab Uprisings: The Strategic Choices of Lebanon's Anti-Establishment Movement,” Arab Reform Initiative, 28 June 2024,  https://www.arab-reform.net/publication/13-years-after-the-arab-uprisings-the-strategic-choices-of-lebanons-anti-establishment-movement/ ومع ذلك، في شباط/ فبراير 2011، حين كان حسني مبارك على وشك التخلي عن السلطة في مصر، خرج نحو 10 آلاف شخص إلى الشوارع في لبنان للمطالبة بإلغاء الطائفية في لبنان. واتخذت الانتفاضة طابعًا جندريًا، فربطت العديد من الناشطات والمجموعات النسوية مخاطر الطائفية بتأثيرها على النوع الاجتماعي. وعلى سبيل المثال، نجحوا في إلغاء المادة المتعلقة بجرائم الشرف في قانون العقوبات في آب/أغسطس 2011، وحشدوا ضد الاغتصاب في كانون الثاني/يناير 2012.8T. Fakhoury and J. Nagle, “We have always been ‘there’,” in Resisting Sectarianism: Queer Activism in Postwar Lebanon, 2021,  https://eksperter.aau.dk/da/publications/resisting-sectarianism-queer-activism-in-postwar-lebanon وفي هذا السياق، بدأ الناشطون والناشطات الكويريون/ات ومجموعات المجتمع المدني في تشكيل تحالفات مع الحركة النسوية لتسليط الضوء على تداخل الحقوق الجندرية والحاجة إلى حماية المجتمع الكويري. وتبنّت الحركة هذه المقاربة المتقاطعة ونددت بالجوهر الأبوي للطائفية والسلطة المفرطة التي تُمارس على الفئات الضعيفة، مثل النساء والكويريين/ات واللاجئين/ات والعمال/ات المهاجرين/ات. على الرغم من أن الربيع العربي في لبنان لم يمنح حركة مجتمع الميم فجأةً الظهور الذي كانت في أمسّ الحاجة إليه، إلا أنه أوجد أرضية خصبة يمكن للحركة أن تتواصل وتتناصر من خلالها.

وكما هو الحال في بقية العالم العربي، كان للربيع العربي تأثير على بروز الحركة الكويرية، ما بدا واضحًا في حراك عام 2015، وبارزًا في ثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019. في عام 2015، اندلعت الاحتجاجات بسبب أزمة النفايات الناجمة عن عجز النخب الطائفية عن حل مشكلة إدارة النفايات، ما أضر بالبيئة والسياحة في لبنان. وتطورت حركة #طلعت_ريحتكم إلى #بدنا_نحاسب، فأدان الناشطون الذين هدفوا إلى توسيع نطاق تركيز الحركة، بمن فيهم الناشطون المثليون، القادة الطائفيين وطالبوا بوضع حد للفساد. وفي حين لم يضع الناشطون الكويريون شعاراتهم الخاصة في الواجهة، تعاونوا  مع المجموعات البيئية والنسوية، ونظموا اجتماعات وفعاليات مشتركة تناولت قضايا مثل رهاب المثلية الجنسية والنظام الأبوي والهيمنة الطائفية، مع الضغط من أجل المساواة بين الجنسين وتحدي قيادة الاحتجاجات التي يهيمن عليها الذكور. عزّزت الروابط المتنامية تحالفات سياسية جديدة مثل "بيروت مدينتي" و"كلنا وطني" التي تحدّت النخبة الطائفية بينما عالجت قضايا مهملة مثل العدالة البيئية ورفاهية المواطن وحقوق المرأة والكويريين/ات. وفي الفترة التي سبقت ثورة 2019، استمر النشاط الكويري الشعبي في التنامي مع تنظيم احتجاجات ركزت بشكلٍ كامل على حقوق مجتمع الميم، معلنةً أن "المرض الوحيد هو رهاب المثلية"، والتحمت مع الاحتجاجات النسوية بشكلٍ أكثر وضوحًا. في الوقت نفسه، استمرت التحالفات السياسية الجديدة في الدعوة إلى إلغاء المادة 534 التي تجرم المثلية الجنسية ومحاولة منافسة النخب التقليدية في الانتخابات. وعلى الرغم من عدم نجاح الناشطين  في إلغاء القانون، إلا أنهم أثّروا بشكلٍ غير مباشر على الرأي والقرارات المتخذة في المحكمة. ومنذ ذلك الحين، رفض ستة قضاة على الأقل النظر في القضايا المرتبطة بهذه المادة، ما أدى إلى تضييق نطاقها القانوني شيئًا فشيئًا. وفي قضية محورية في العام 2017، رفض قاضٍ التهم الموجهة إلى تسعة رجال، مؤكدًا أن العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي هي من الحريات المحمية، وهو قرار أيدته النيابة العامة وأكملته في قضايا لاحقة، ونتج عنه تضييق نطاق المادة تدريجيًا.9المرجع السابق.

شهدت الثورة في العام 2019 مستوى متصاعدًا من التعبئة. وعلى الرغم من أنها بدأت نتيجة اقتراح حكومي لفرض ضريبة على استخدام الواتساب، إلا أنها كانت تعبيراً عن الاختناق وليست السبب الرئيسي. إذ شعر الناس بالخيانة من النظام الفاسد وأرادوا إسقاطه. وبالنظر إلى أن هذه الثورة تقاطعت بين الطبقات والمناطق والطوائف، اجتذبت المعركة الكبيرة من أجل العدالة الاجتماعية للفئات الضعيفة في جميع أنحاء لبنان. وسمح ذلك للنشاط الكويري بتصور نوع جديد من المشاركة التي ربطت بين إسقاط النظام والدفاع عن حقوق الكويريين/ات.

صحيح أن المعركة استهدفت إسقاط النظام برمّته  "كلّن يعني كلّن"  إلا أنها أفسحت المجال لوحدة أكبر. واعتُبر استهداف الدولة للمجتمع بمثابة فشل آخر للنخب السياسية في حماية المواطنين. فنصبت "حلم"، وهي منظمة بارزة في مجتمع الميم، خياماً  للمشاركة في الثورة وتعزيز حقوق المجتمع وسلامته. ووضعوا لافتة بألوان قوس قزح مكتوباً عليها "كلنا يعني كلنا". لكن سرعان ما أتلفتها مجموعة من البلطجية، ما كان مقدمة للحدث الذي قاده "جنود الرب" بعد عامين. من خلال محاربة الاختفاء، واجه ناشطو مجتمع الميم تحديًا جديدًا: الإفراط في الظهور، بالإضافة إلى  خطر الانقسام الطائفي داخل المجموعات الكويرية. وفي مقابلةٍ أُجريت في العام 2015، صرّح أحد الناشطين أن "الطريقة التي تعمل بها السياسة الطائفية هنا مدهشة، لأنها تتسرب أحيانًا إلى مجتمع الميم نفسه، أقل بكثير من بقية البلدان... ولوحظ شعور متزايد بالانتماء الطائفي والديني10المرجع السابق. لدى الكثير من المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين والمتحولات جنسيًا، ما يشير إلى أن الانقسام الطائفي يميل إلى إعادة إنتاج نفسه حتى بين المجموعات التي تحاربه، وإن كان بدرجةٍ أقل بكثير. تحافظ النخب الطائفية على سلطتها من خلال إقصاء الجماعات التي لا تتناسب مع فكرتها عن المعايير الدينية والجنسانية والاجتماعية. فهي تحمي سيطرتها على مجتمعاتها عبر إظهارها وكأنها متجانسة وعليها أن تبقى كذلك. ولا يمكن لأي شخص يقع خارج هذا التجانس الوهمي – اللاجئون والمهاجرون والكويريون – أن ينتمي إليها. منذ أن شككت الثورة في مفهوم الانتماء عبر الكشف عن الطبيعة الانقسامية للهويات الطائفية، شعرت النخب بالتهديد أكثر من أي وقتٍ مضى. ترافق ذلك مع إخفاقات أخرى واضحة للغاية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. ولم يتوقف المجتمع الكويري عن نشاطه بعد "الثورة"، وعلى الرغم من انتهائها، إلا أن الاستياء من النخب السياسية لم ينتهِ. على هذا النحو، استمر الناشطون الكويريون/ات في انتقاد رهاب المثلية في جذور النظام الأبوي المسيطر. في المقابل، تستخدم النخب الطائفية هذا الغلو في انتقاد هذه "المجموعة الخارجة" وتوحيد أعضائها عبر الترويج للخوف والكراهية تجاه مجتمع الكويريين/ات.

كيف يتم استخدام المقاربة مع المجتمع الكويري كأداة سياسية

لفهم كيفية تعبئة الطوائف المختلفة ضد المجتمع الكويري، من الضروري أن نفهم أولًا كيف يستخدم قادة هذه الطوائف نهجهم تجاه المجتمع ويطورونه لدفع مصالحهم إلى الأمام. وتباين خطابهم وأفعالهم تجاه المجتمع بناءً على سياق وسلطة الطوائف المعنية. ولم يكن هذا الخطاب والتصرفات سلبية على الدوام؛ ففي مراحل معينة، لاحظ قادة الطوائف الميزة المحتملة لمناصرة الطائفة ومناهضة الطائفية بشكلٍ عام.

فقبل أسابيع من مسيرة الفخر في العام 2010، أيّد رئيس مجلس النواب وزعيم "حركة أمل" الشيعية نبيه بري إنهاء الطائفية السياسية. خلال المسيرة، وعلى الرغم من إشارات التأييد التي ظهرت على الساحة اللبنانية لمجتمع المثليين/ات، تحدث بري مؤيدًا للمسيرة: استقبل المتظاهرون هذا الخبر باستغراب وريبة. واتضح سبب دعم بري؛ بما أن الطائفة الشيعية هي الأكبر في لبنان، فإن السماح للناس بالتصويت لكتلة واحدة سيمنح حركته بالتأكيد مزيدًا من القوة،11Mikdashi, “Are You Going to Pride?” وهو الأمر الذي كانت تأمل منه الحركة  الاستيلاء على السلطة تحت ستار الديمقراطية. وبالنظر إلى المكاسب المحتملة في السلطة التي يمكن أن تنشأ عن دعم المطالب التي تقف وراء المسيرة، تسامحت "حركة أمل" مع إمكانية ارتباطها بالناشطين المثليين/ات والنسويين/ات والمناهضين/ات للطائفية. كما أظهر "حزب الله"، وهو حزب شيعي كان يتمتع بقوة شبه عسكرية كبيرة، قدرة على التسامح مع الناشطين الكويريين/ات حين  أدركوا/ن إمكانية جني فوائد سياسية من وجودهم/ن. وتعود الأدلة على ذلك إلى العام 2006 عندما شنت إسرائيل هجومًا بريًا على لبنان. فقدمت منظمة "حلم"- وهي منظمة غير حكومية معنية بالمثليين/ات - الإغاثة إلى النازحين من الجنوب،12N. Naber and Z. Zaatari, “Reframing the War on Terror: Feminist and Lesbian, Gay, Bisexual, Transgender, and Queer (LGBTQ) Activism in the Context of the 2006 Israeli Invasion of Lebanon,” Cultural Dynamics, 26(1) (2014): 91–111, https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/0921374013510803 ما سمح للمجتمع الجنوبي في لبنان الخاضع لسلطة "حزب الله" والمتضرر من الحرب، بالحصول على الخدمات الإنسانية، وبالتالي تخفيف الضغط عن الحزب وخيبة الأمل من تصرفاته. حتى إن المنظمة حصلت على شهادة اعتراف رسمية من الحزب الشيعي، في حين هنأت الأحزاب السياسية الأخرى جهود الحزب على تقاسمه عبء المسؤولية خلال الحرب. غير أن هذا التسامح تراجع حين تراجعت فائدة "حلم" المُتصورة في الحفاظ على شعبية الأحزاب. قال إلياس، وهو عضو سابق في منظمة  "حلم" بعد أن عمل في هذا المشروع، إن "الأمر على هذا الحال دائمًا. يستخدمون المهمشين أثناء الحرب أو الثورة فقط. يستخدمونك ثم بعد ذلك ألم تعد أولوية ولن يغيروا القانون المتعلق بحقوق المثليين/ات. حتى حزب الله شكرنا على ما كنا نفعله، والآن في هذا العام 2017 كان حسن نصر الله (الزعيم السابق لحزب الله) يتحدث علنًا عن المثليين ووصفنا بـ"الانحراف". لقد صدمنا."13T. Fakhoury and J. Nagle, “The Law Prosecutes the weakest,” in Resisting Sectarianism: Queer Activism in Postwar Lebanon, 2021, https://eksperter.aau.dk/da/publications/resisting-sectarianism-queer-activism-in-postwar-lebanon

وينطبق هذا الأمر أيضًا على الأحزاب المسيحية التي أظهرت تسامحًا، بل وقبولًا علنيًا في بعض الأحيان، مع المجتمع حين رأت أن هذا الدعم يقلل  من التهديدات التي قد تتعرض لها سلطتها. وحدثت إحدى هذه الحالات نتيجة للربيع العربي، فتشكلت تحالفات جديدة مناهضة للطائفية وهددت بإسقاط النظام السياسي القائم. ونمت هذه التحالفات من حيث الأهمية والانتشار والشعبية منذ عام 2011. وعلاوةً على ذلك، وضعت هذه التحالفات نفسها بشكلٍ رسمي أكثر إلى جانب حقوق الكويريين/ات. خلال الانتخابات النيابية عام 2018، على سبيل المثال، دعم التحالف غير الطائفي "كلنا وطني" إلغاء تجريم المثلية الجنسية. وكردّ فعل على خطر فقدان شعبيته، أعلن حزب الكتائب، وهو حزب مسيحي بارز، في بيان أنه يهدف إلى "إلغاء جميع الأحكام القانونية التي تجرّم المثلية الجنسية" في حال فوزه بالأغلبية.14M. Moore, “Lebanese Political Party Vows to Decriminalise Gay Sex if They Win the Country’s Next Election,” Gay Times, 18 March 2018, https://www.gaytimes.com/life/lebanese-political-party-vows-decriminalise-gay-sex-countrys-next-election/ وبعد العام 2019، وفي مواجهة أزمة متعددة الأوجه في لبنان، شكّل قمع المجتمع الكويري مثالًا آخر على عدم مراعاة حقوق الإنسان في لبنان. ولتمييز نفسه عن الأحزاب الأخرى التي تندد بالمثلية الجنسية، أعلن "التيار الوطني الحر" دعمه للحريات الشخصية في خضم موجة ردود الفعل العنيفة ضد مجتمع الميم في صيف 2022. ومن خلال الادعاء بأنه متسامح مع حق الناشطين في الدفاع عن مجتمع الميم، استطاع هذا التيار أن يقدم نفسه كحليف خارجي وحليف لحقوق الإنسان، وأن يستعيد دعم السكان المحبطين بشكلٍ متزايد. وظهر ترويجهم للحريات الشخصية في أي مكان عند محاولة وضع حد لفرقة "مشروع ليلى"، وهي فرقة موسيقى روك كويرية لبنانية،  واتهموها بالـ"انحراف" وأجبروها على إلغاء حفلاتها.15T. Qiblawi, “A Campaign to Silence This Lebanese Band Has Galvanized the Country’s Extreme Christian Right,” CNN, 4 August 2019,  https://edition.cnn.com/2019/08/04/middleeast/lebanon-mashrou-leila-intl/index.html هكذا لجأوا إلى "الغسيل الوردي" حين ينطوي هذا النهج على إمكانية استعادة موقعهم في السلطة في بيئة اجتماعية واقتصادية وسياسية متوترة.

 

كيف أدى فشل الدولة إلى زيادة الاستخدام التكتيكي لرهاب المثلية الجنسية؟

إذا كانت النخب الطائفية تستفيد من المجتمع الكويري كأداة سياسية على مر السنين، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، فكيف يفسَّر رد الفعل الأخير ضد هذا المجتمع؟ كيف لعبوا بلباقة على رهاب المثلية الجنسية، ولماذا نشهد صعود مجموعات جديدة تحاول أن تحذو حذوهم؟

على الرغم من أن الحملة على مجتمع الكويريين/ات ليست جديدة، إلا أن ما شهدناه في السنوات السابقة بدا وكأنه يستهدف أعضاء هذا المجتمع الذين واجهوا نقاط ضعف أخرى أيضًا. فكان أفراد الطبقة المتوسطة والعليا قادرين على الوصول إلى المساحات الخاصة الصديقة للكويريين/ات، وهي مساحات كانت حصرية نسبيًا وغير مفتوحة أمام الكويريين/ات من الطبقات الاجتماعية الدنيا. في العام 2012، داهم عناصر من قوى الأمن الداخلي سينما في حي برج حمود الأرمني الواقع في بيروت، واعتُقل 36 شخصًا واقتيدوا إلى مركز الشرطة، حيث جرى تعذيبهم وإجبارهم على الخضوع لفحوصات شرجية.16“Outraged Lebanese Demand End to Anal Exams on Gay Men,” BBC, 8 August 2012,  https://www.bbc.com/news/world-middle-east-19166156 وفي مداهمةٍ أخرى في العام 2014، في حمام بخار في بيروت اعتُقل 27 شخصًا - من الزبائن والعاملين - وكان العديد منهم من اللاجئين السوريين.17S. Wansa, “Torture at Every Stage: The Unofficial Narrative of the Hammam al-Agha Raid,” Legal Agenda,  https://english.legal-agenda.com/torture-at-every-stage-the-unofficial-narrative-of-the-hammam-al-agha-raid/ يشير ذلك إلى تسامحٍ انتقائي مع المساحات الكويرية؛ ففي حين تُركت المساحات الخاصة بالطبقة الوسطى والراقية في لبنان في الغالب، تمت مداهمة المساحات الخاصة بالطبقة العاملة واللاجئين دون خوف من ردود فعل مجتمعية. علاوة على ذلك، استُخدمت هذه المداهمات أيضًا لمعاقبتهم لأسباب أخرى. فبعد مداهمة عام 2014، انتهى الأمر بالمدعي العام إلى استخدام هذه المداهمات لاعتقالهم بتهمة ارتكاب مجموعة من الجرائم الجنائية.

في أعقاب ثورة 2019 وبداية الأزمات المتعددة، أفسح التسامح الانتقائي تجاه مجتمع الكويريين/ات والناشطين/ات المجال أمام انتشار التعصب على نطاقٍ واسع، وحدث حين كان الناس في لبنان يجاهرون بضرورة أن تعالج الحكومة حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي الحاد بشكل عاجل. فمنذ الربيع العربي، بدأ انعدام الثقة في النظام الطائفي ينتشر ويتزايد في لبنان. وأدت "ثورة 2019" إلى انهيار ثقة الشعب في النظام. ومع عدم اعتبار الطائفية أمراً مفروغاً منه، سعى زعماء الطوائف إلى استعادة نفوذهم، ونفذوا ذلك جزئيًا عبر تقديم المجتمع الكويري ككبش فداء، بالإضافة إلى الفئات الضعيفة الأخرى، وتصويرهم كتهديد أمني عالي المستوى، وبالتالي قضية ذات أولوية وطنية. ويمكن ملاحظة اتجاه مماثل مع اللاجئين السوريين، فألقوا اللوم على أزمة اللاجئين في العديد من مشاكلهم في بلدانهم، ما أدى إلى العودة القسرية واندلاع العنف بشكل متقطع، وانتهاكات الدولة بحقهم، وإهمال حقوقهم الإنسانية. تشير العديد من الأمثلة إلى التركيز المفرط على عرقلة الحركة الكويرية في الوقت الذي دُعيت فيه الأحزاب إلى معالجة أولويات أخرى، ما قد يكون إلهاءً لإخفاء عجزها عن معالجة تلك الأولويات. وفي آب/أغسطس 2022، ألغت بلدية صيدا حفلاً اعتبرته "غير لائق أخلاقياً" واستبدلته بمؤتمر مناهض للمثلية الجنسية. وروّجت له  عبر حملة #لا_للطبيعة، وأعرب المتحدثون عن مخاوفهم من أن التأثير الغربي على الطابع النفسي والثقافي والاجتماعي للبنان يهدد أساليب الحياة التقليدية من خلال إدخال "رذائل" مثل المثلية الجنسية،18C. Gibon, “Lebanon: LGBTQ+ Community Says Crackdown Is Endangering Members,” AFP, 10 July 2022, https://www.middleeasteye.net/news/lebanon-lgbtq-crackdown-endangering-members ووصفوها بالمرض الذي يجب علاجه أو القضاء عليه. وفي العام التالي، ألقى حسن نصر الله، الأمين العام السابق لحزب الله، خطابًا مستخدماً الأسلوب نفسه في اتهام الغرب بفرض أفكاره المنحرفة، وحث الناس على استخدام مصطلحات مهينة عند الإشارة إلى هذا المجتمع، ودعا إلى قتلهم.19R. Younes, “Anti-LGBT Rhetoric Undermines Rights in Lebanon,” Human Rights Watch, 1 August 2023,  https://www.hrw.org/news/2023/08/01/anti-lgbt-rhetoric-undermines-rights-lebanon ومع زيادة الانفتاح على العولمة، تزايد القلق المجتمعي من تآكل القيم التقليدية بسبب التغريب، ما يعزز مناخًا إلكترونيًا واجتماعيًا مليئًا برهاب المثلية الجنسية. ويشعر "حزب الله" بضغط هذه التحولات، فيؤكد نفسه من خلال الادعاء بأنه  يحمي شعبه من التأثيرات الخارجية التي تهدد أسلوب الحياة المثلي. بالإضافة إلى ذلك، منع وزير الداخلية بسام مولوي أي تجمّع لأفراد من مجتمع الميم، وهو أمر يرضي الطائفتين المسيحية والمسلمة ويعزز موقعه في مجلس الوزراء.20B. Mroue and K. Chehayeb, “Rainbows, Drag Shows, Movies: Lebanon’s Leaders Go After Perceived Symbols of the LGBTQ+ Community,” Associated Press, 1 September 2023,  https://apnews.com/article/lebanon-lgbtq-beirut-human-rights-38399886d44895c85eb70bbfd8e711ac ومن خلال تحريض أفراد طائفتهم على إقصاء أفراد هذا المجتمع، يستطيعون إلى حدٍ ما إعادة تجميع أتباعهم الطائفيين على أساس إقصاء "الآخر". ونجح القادة الطائفيون في تنصيب أنفسهم كحماة لطوائفهم.

وعلاوة على ذلك، سمح الفراغ السياسي للجماعات غير الحكومية بملء الفراغات واكتساب شعبية عبر اللجوء إلى التكتيكات المثيرة التي تتبناها الأحزاب التقليدية نفسها. وفي عام 2022، استهدفت عدة أحزاب سياسية مجتمع الكويريين/ات في وقتٍ واحد، وقمعت جهود إقامة أنشطتهم.  حدث ذلك في الوقت الذي لم تتخذ فيه الحكومة إجراءات لمعالجة الأزمات المتفاقمة في لبنان نفسه. وفي حزيران/ يونيو عام 2022، بدأ "جنود الرب" يُعرفون بتشددهم المسيحي ونضالهم ضد مختلف الفئات المستضعفة مثل الكويريين/ات واللاجئين السوريين، في الوقت الذي شنّت فيه حملات أخرى.  لم يكن هناك فرق بين المساحات الكويرية الحصرية والمفتوحة - فالجميع كانوا هدفًا محتملًا للمجموعة. بعد أن أزال  "جنود الرب" لوحة الفخر، هددوا أفراد مجتمع الميم المقيمين في المنطقة التي كانت تعتبر مكانًا آمنًا نسبيًا لأفراد هذا المجتمع، حيث كان يسكنها عدد كبير من الكويريين/ات. وبالتالي، شكل "جنود الرب" خطرًا كبيرًا على سلامتهم. وقد وصل بهم الأمر إلى حد مداهمة حانة كان يقام فيها عرض للمثليين/ات واحتجزوا الناس كرهائن.21المرجع السابق. وصوّروا أنفسهم كمدافعين عن المجتمع المسيحي في الأشرفية، مصممين على "منع تدهوره". وفي مناخ يسود فيه رهاب المثلية بالفعل ويشعر فيه المسيحيون بالتهديد الوجودي، تنجح هذه الاستراتيجية. فيرى "جنود الرب" في الحركة الكويرية تهديدًا آخر للنسيج الاجتماعي اللبناني ويستخدمون خوف الناس لتعزيز نفوذهم وسلطتهم.

وكان لهذا النظام الطائفي الفاشل والفراغ السياسي الذي نشأ عنه، عواقب وخيمة على الناشطين الكويريين/ات. فالفاعلون الطائفيون الحكوميون وغير الحكوميين يعبّرون عن أجنداتهم بحرية وعدوانية أكبر. والهدف من ذلك ذو شقين: الأول هو (إعادة) اكتساب السلطة من خلال تصوير الفئات الضعيفة على أنها تشكل تهديدًا وهم يعملون على إزالة هذا التهديد، والثاني هو إلهاء الناس عن الفشل في أماكن أخرى.

الطريق إلى الأمام

على الرغم من أن لبنان، ولا سيما بيروت، يُنظر إليه كملجأ للمثليين/ات في العالم العربي، إلا أن رهاب المثلية لا يزال متجذرًا بعمق في البلاد وتتقاطع فيه جميع الطوائف. ومع ذلك، يمكن ملاحظة اتجاهات تساعد على كسر توظيف رهاب المثلية هذا بما يتناسب مع المصالح الخاصة. فبينما كان الأعضاء - لا سيما الناشطين - مستهدفين دائمًا، كانت الهجمات تميل إلى التركيز على مساحات كويرية معينة كانت مفتوحة للجمهور حتى عام 2019، وبالتالي تجذب أعضاء من الفئات الضعيفة الأخرى. يمكن ملاحظة ذلك في المساحات المفتوحة التي داهمتها قوى الأمن الداخلي قبل الثورة، والمساحات الحصرية والمفتوحة التي تمت مداهمتها أو المهددة بالمداهمة بعد الثورة. علاوة على ذلك، يمكن ملاحظة التقلّبات الصارخة في مستويات التسامح من قبل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، اعتمادًا على المنافع السياسية المكتسبة، كما يتضح من الإجراءات التي اتخذها "جنود الرب"  و"حزب الكتائب" و"حزب الله" و"حركة أمل" وغيرهم، في حين حقق الناشطون الكويريون/ات تقدمًا كبيرًا في لبنان، إلا أن هذا التقدم لا يزال يعوقه رهاب المثلية المتجذر وتوظيفه لخدمة مصالح الجماعات الطائفية. إن الحرب الأخيرة مع إسرائيل والتعديلات في الحكومة تترك المسألة الكويرية وكيفية استغلالها مفتوحة ومجهولة. ومع ذلك، يبقى سؤالٌ واحدٌ لا بدّ من طرحه: في بلدٍ ترفع فيه جميع الأحزاب السياسية أعلامها بفخرٍ فوق أراضيها، لماذا لا يحقّ لأفراد المجتمع الكويري أن يفعلوا الأمر نفسه؟

Endnotes

Endnotes
1 K. Safieddine, “How Did Jnoud El Rab Come to Be,” Beirut Today, 9 January 2023, https://beirut-today.com/2023/01/09/how-did-jnoud-el-rab-come-to-be/
2 المرجع السابق.
3 "Lightyear Banned in 14 Markets After Same-Sex Kiss Controversy," France 24, 15 June 2022, https://www.france24.com/en/live-news/20220614-lightyear-banned-in-14-markets-after-same-sex-kiss-controversy
4 T. Fakhoury and J. Nagle, “No Homophobia, Racism, Sexism, Classism,” in Resisting Sectarianism: Queer Activism in Postwar Lebanon, 2021,  https://eksperter.aau.dk/da/publications/resisting-sectarianism-queer-activism-in-postwar-lebanon
5 المرجع السابق.
6 M. Mikdashi, “Are You Going to Pride?” in Sextarianism, Stanford University Press, 2022, https://doi.org/10.1515/9781503631564
7 K. Safieddine, “13 Years After the Arab Uprisings: The Strategic Choices of Lebanon's Anti-Establishment Movement,” Arab Reform Initiative, 28 June 2024,  https://www.arab-reform.net/publication/13-years-after-the-arab-uprisings-the-strategic-choices-of-lebanons-anti-establishment-movement/
8 T. Fakhoury and J. Nagle, “We have always been ‘there’,” in Resisting Sectarianism: Queer Activism in Postwar Lebanon, 2021,  https://eksperter.aau.dk/da/publications/resisting-sectarianism-queer-activism-in-postwar-lebanon
9 المرجع السابق.
10 المرجع السابق.
11 Mikdashi, “Are You Going to Pride?”
12 N. Naber and Z. Zaatari, “Reframing the War on Terror: Feminist and Lesbian, Gay, Bisexual, Transgender, and Queer (LGBTQ) Activism in the Context of the 2006 Israeli Invasion of Lebanon,” Cultural Dynamics, 26(1) (2014): 91–111, https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/0921374013510803
13 T. Fakhoury and J. Nagle, “The Law Prosecutes the weakest,” in Resisting Sectarianism: Queer Activism in Postwar Lebanon, 2021, https://eksperter.aau.dk/da/publications/resisting-sectarianism-queer-activism-in-postwar-lebanon
14 M. Moore, “Lebanese Political Party Vows to Decriminalise Gay Sex if They Win the Country’s Next Election,” Gay Times, 18 March 2018, https://www.gaytimes.com/life/lebanese-political-party-vows-decriminalise-gay-sex-countrys-next-election/
15 T. Qiblawi, “A Campaign to Silence This Lebanese Band Has Galvanized the Country’s Extreme Christian Right,” CNN, 4 August 2019,  https://edition.cnn.com/2019/08/04/middleeast/lebanon-mashrou-leila-intl/index.html
16 “Outraged Lebanese Demand End to Anal Exams on Gay Men,” BBC, 8 August 2012,  https://www.bbc.com/news/world-middle-east-19166156
17 S. Wansa, “Torture at Every Stage: The Unofficial Narrative of the Hammam al-Agha Raid,” Legal Agenda,  https://english.legal-agenda.com/torture-at-every-stage-the-unofficial-narrative-of-the-hammam-al-agha-raid/
18 C. Gibon, “Lebanon: LGBTQ+ Community Says Crackdown Is Endangering Members,” AFP, 10 July 2022, https://www.middleeasteye.net/news/lebanon-lgbtq-crackdown-endangering-members
19 R. Younes, “Anti-LGBT Rhetoric Undermines Rights in Lebanon,” Human Rights Watch, 1 August 2023,  https://www.hrw.org/news/2023/08/01/anti-lgbt-rhetoric-undermines-rights-lebanon
20 B. Mroue and K. Chehayeb, “Rainbows, Drag Shows, Movies: Lebanon’s Leaders Go After Perceived Symbols of the LGBTQ+ Community,” Associated Press, 1 September 2023,  https://apnews.com/article/lebanon-lgbtq-beirut-human-rights-38399886d44895c85eb70bbfd8e711ac
21 المرجع السابق.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.