ترابطات السياسي والتقني في تصميم منظومة الاستهداف الاجتماعي في المغرب

رجل أمازيغي يبيع جلابيات للرجال في قرية إمليل، جبال الأطلس، المغرب، تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
رجل أمازيغي يبيع جلابيات للرجال في قرية إمليل، جبال الأطلس، المغرب، تشرين الثاني/نوفمبر 2016. (c) دومينيكا زارا - شاترستوك

المقدمة

  كشفت جائحة كورونا عن "الإجهاد" المستمر لشبكات الأمان الاجتماعي جراء إشكالات سياسية واقتصادية وحوكماتية هيكلية طبعت منهجية صياغة وقيادة البرامج الاجتماعية، حيث أفضى غياب معايير مُسبقة في تحديد الفئات المستهدفة إلى تكريس استهداف "عشوائي" نجم عنه إقصاء بعض مستحقي الدعم مقابل استفادة أشخاص لا تتوافر لديهم الشروط. لهذا السبب، أُعطيت الأولوية لتصميم نظام جديد للاستهداف، يستند إلى أدوات مبتكرة، يتفاوت مداها بين شروط تقنية من أجل الفعالية، وأخرى سياسية تضمن تحكُّم الدولة في مدى السياسات الاجتماعية ومخرجاتها. لهذه الغاية، شكَّل السجل الاجتماعي الموحَّد آلية لحصر قوائم الأسر المستحقة للدعم، وتحديد عتبة الاستفادة من البرامج الاجتماعية ارتكازًا على قاعدة مركزية للمعطيات السوسيو-اقتصادية.

تبحث هذه الورقة في تحولات ومآلات آليات استهداف الفئات المعنية بشبكات الأمان الاجتماعي في المغرب، انطلاقاً من الحقل الاستفهامي الآتي: ما هي التقاطعات القائمة والمحتملة بين البعدين السياسي والتقني في تصميم المنظومة الجديدة للاستهداف الاجتماعي، وما هي أبرز الفرص التي تُتِيحها؟ وما المخاطر التي قد تنجم عنها على صعيد ضبط قوائم الأسر المستحِقّة وتحديد نطاق الاستفادة من البرامج الاجتماعية؟

قسّمت هذه الدراسة إلى أربعة محاور: في البداية نستعرض الملامح العامة للمنظومة الجديدة للاستهداف من خلال تحديد سياقات بروز السجل الاجتماعي الموحد ورهاناته، ثم سننتقل إلى محور وصفي نرصد فيه آليات المنهجية الجديدة للاستهداف وما ترتّب عليها من تغييرات. وفي المحورين الثالث والرابع، سنتتبَّع من خلالهما مظاهر وآثار "تسييس" politisation)) و"تقننة" (technitisation) المحاولات الجارية لتصميم منظومة الاستهداف من منظور الاقتصاد السياسي والمنظور السوسيو-سياسي، قبل أن نختم بخلاصة نقدّم فيها بعض المقترحات لتوجيه التكامل بين البعدين السياسي والتقني نحو تحسين فعالية واستدامة التدخل العمومي للحماية الاجتماعية. منطلقين في ذلك من التقارير الرسمية والمستقلة للوقوف على الخلفيات المؤسسة للانتقال من الشمول إلى سياسات اجتماعية مستهدَفة قد تحقق بعض المكاسب الاقتصادية، لكنها تنطوي على تهديدات تمس باستحقاقات العدالة الاجتماعية وباستدامة البرامج الاجتماعية، مع الاستدلال على ذلك بمؤشرات الحصيلة الأولية للعمل بالمنهجية الجديدة للاستهداف.

 الاستهداف في الجيل الجديد لبرامج الحماية الاجتماعية: التحديات والفرص

أثَّر ضعف رؤية معايير الاستفادة من البرامج الاجتماعية على إعمال مبادئ العدالة والمساواة في حصر قوائم المستحقين، وهو واقع حفز على تصميم منظومة جديدة للاستهداف انطلاقاً من خلفيات سياسية واقتصادية، يبدو من الظاهر أنها تتوخى تحقيق العدالة الاجتماعية، لكن مرجعياتها التشريعية وآلياتها التقنية قد تكرس التمييز وعدم الإنصاف بين المستهدفين منها.

1-1. فوضى الاستهداف في برامج الحماية الاجتماعية

لم تحُدّ السياسات الاجتماعية السابقة من التفكك التدريجي لشبكات الأمان وصولاً إلى الأزمة الوبائية كوفيد-19 التي أبانت عن وجود 75 في المائة من المغاربة خارج منظومة الحماية الاجتماعية، وعن احتياج أكثر من 66 في المائة من المواطنين إلى الدعم الذي قدمته الدولة خلال فترة الحجر الصحي عبر صندوق خاص تجاوز غلافه المالي الـ1.5 مليار دولار، وما اكتنف ذلك من صعوبة في الوصول إلى الفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً.1المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، "الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا "كوفيد19" والسبل الممكنة لتجاوزها"، إحالة رقم 2020/28، ص 44، متاح على: https://bit.ly/4esZJ3d تم الاعتماد على قاعدة المعطيات الخاصة ببرنامج المساعدة الطبية2انطلق نظام المساعدة الطبية (RAMED) بشكل تجريبي في بعض المحافظات في سنة 2008 ليعمّم لاحقاً على الصعيد الوطني منذ سنة 2012، واستهداف النظام دعم ولوج الفئات الفقيرة إلى خدمات التغطية الصحية. في تقديم الدعم لنحو 5.5 ملايين أسرة،3Izabela Marcinkowska. Digital Solutions for a New Social Protection Project in Morocco. World Bank, 2020, p.30. وهي القاعدة التي اعترتها نقائص عدة بسبب غياب معايير دقيقة لحصر الأشخاص المستحقين للدعم العمومي. هذا الوضع ساهم في إعادة إنتاج وضعيات متقدمة من "الريع الاجتماعي" بشكل جعل العديد من ميسوري الحال يستفيدون من الدعم المخصَّص للمتضررين مقابل حرمان بعض الفئات الهشّة.

فبناءً على التشخيصات التي أجرتها السلطات العمومية والمنظمات الدولية الشريكة للمغرب، ظهرت حالة من "الفوضى" تعتري منظومة الاستهداف،4عثمان مخون، "ورش الحماية الاجتماعية: هل يتغلب المغرب على التحديات المطروحة؟"، مبادرة الإصلاح العربي، 5 أيلول/سبتمبر 2023، متاح على https://2u.pw/53bmG4D حيث يتفاقم التضارب بين المشرفين على تدبير المسألة الاجتماعية بوجود أكثر من خمسين فاعلاً مؤسساتياً، لكل منهم فلسفته الخاصة، في ظلِّ غياب أرضية موحدة للتشخيص والتنفيذ. كما استمرت أعداد برامج المساعدات الاجتماعية في التزايد لتصل إلى أكثر من 140 برنامجاً مصمَّماً ومنفَّذا بشكل مستقل،5Banque Africaine de Développement. programme d’appui à la gouvernance de la protection sociale, Juin 2016. P.5. Disponible à : https://bit.ly/3IUcOUQ وبطرق استهداف وآليات حوكمة مختلفة، مع غياب شبه كلي لقاعدة معطيات مركزية تتيح بيانات وافية ودقيقة حول الفئات الأكثر احتياجاً. الأمر الذي كرس ما يمكن أن نسميه استهدافاً عشوائياً، جعل فئات ميسورة تستفيد من البرامج الاجتماعية مقابل استبعاد أعداد واسعة من الأشخاص الأشد فقراً.

1-2. أساسات الجيل الجديد من البرامج الاجتماعية المستهدَفة

في ضوء الظروف الراهنة، برزت الحاجة الملحّة إلى بلورة حلول ملائمة لتوجيه المساعدات المالية بشكل مُحدَّد الأهداف والفئات المستحِقّة، انطلاقاً من سجل اجتماعي موحد يشكل أساساً لحصر قوائم الأسر المستحقة للدعم. في هذا السياق، فقد حفّز الهاجس الموازناتي على التحوّل من النظام المعمّم نحو الاستهداف الجزئي في تصميم البرامج الاجتماعية. يعكس هذا التحوّل إرادة الانتقال من سياسات اجتماعية تستهدف عموم المواطنين إلى سياسات "انتقائية" تتوجه إلى جمهور محدود، ما يتيح التحكم بحجم القاعدة المستفيدة من الخدمات المدعومة. وهذا يؤكد قناعة الحكومة بأن وجود شبكة اجتماعية مستهدفة موحّدة يعد الخيار الأمثل لتخفيف التكاليف المبذولة على الحماية الاجتماعية، في بلد متوسط الدخل ويعاني من نسبة لامساواة عالية، بدلاً من إرساء نظام حماية اجتماعية شامل.6Banque Mondiale. Royaume Du Maroc : ciblage et protection sociale note d’orientation stratégique, 2012, p.94

وعليه، وضعت خريطة طريق تشريعية لتفعيل النموذج المنشود في تحديد المشمولين برعاية الدولة ورسم التوجهات العامة لمنظومة الاستهداف، منذ شهر آب/أغسطس 2020 وبإصدار القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من قبل برامج الدعم الاجتماعي وإنشاء الوكالة الوطنية للسجلات. يعتبر هذا القانون أساساً لإرساء قواعد معطيات موثوقة ومستقرة، ويعتمد على شبكة معايير تقنية تتيح تصنيف الأسر بناءً على بياناتها الاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم حصر الفئات المشمولة بالبرامج الاجتماعية بعد إجراء عمليات التحقق والتنقيط لاختبار الوسائل البديلة باستخدام تقنيات المعالجة المعلوماتية (the proxy means testing).

تُشير مراجعة التجارب الدولية المماثلة إلى أن المغرب قد تفرَّد بتصميم منصتين متوازيتين لجمع البيانات السكانية والاجتماعية. الأولى هي السجل الوطني للسكان (RNP)، الذي يعمل كقاعدة رقمية مركزية وآمنة، تحتوي على معلومات أساسية مثل الاسم الشخصي والعائلي والعنوان، بالإضافة إلى بيانات بيومترية (Biométriques) تعتمد على قزحية العين لتفادي الازدواجية والاحتيال وتأمين الولوج العادل إلى الخدمات الاجتماعية.7محمد اليوبي والنعمان اليعلاوي، "الحكومة تشرّع في تنزيل السجل الوطني للسكان"، جريدة الأخبار، 3 كانون الثاني/يناير 2022. متاح على https://bit.ly/45KRcUH وتُستكمل عملية التسجيل بمد كل شخص مسجل برقم تعريفي موحَّد (L'Identifiant Digital Civil et Social IDCS) يستعمل من أجل تسهيل وتأمين الولوج إلى البرامج الحكومية للدعم الاجتماعي.

تكمن أهمية هذا السجل في كونه يشكل الدعامة الصلبة للسجل الاجتماعي الموحد (RSU)، حيث تسمح المعطيات الديموغرافية بالتعرف إلى الأشخاص المسجلين في السجل الاجتماعي الموحد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.8Brahim Mokhliss. "Le Registre social unifié, maillon indispensable pour la réforme des programmes sociaux", le matain.ma, 22 octobre 2020. Disponible à : https://bit.ly/43kNe3L لذلك، يُعتبر تسجيل الأسر في منصة السجل الاجتماعي الموحد خطوة جدّ مهمة، على اعتبار أنها تلعب دور المصفاة لترشيح الفئات المستهدفة بالبرامج الاجتماعية، حيث تُحدّد قوائم الأسر المستحقة من مختلف أوجه المساعدة التي تقدمها الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، بناءً على المعالجة الإلكترونية للبيانات الاقتصادية والاجتماعية وبحسب العتبة المخصصة لكل برنامج.

  الشكل 1: مكونات السجل الاجتماعي الموحد

1-3. السياق السياسي والاقتصادي والقانوني لإنشاء السجل الاجتماعي الموحد

إضافة إلى النصوص التشريعية المرتبطة بشكل مباشر بمنظومة الاستهداف، تم إصدار سلسلة من التشريعات الرامية إلى إعادة تصميم منظومة الحماية الاجتماعية اعتماداً على منهجية الاستهداف الاجتماعي، من بينها نذكر القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية،9قانون إطار صدر في نيسان/أبريل 2021 نص على المبادئ والأجندة والضمانات المرتبطة بتعميم برامج الحماية الاجتماعية لتشمل كافة الأسر الفقيرة المستحقة خلال خمس سنوات، وقد تم تفعيل القانون عبر عشرات القوانين العادية واللوائح التنظيمية. الذي اشتمل على حزمة متكاملة لتعميم خدمات الحماية الاجتماعية، مثل التغطية الصحية والتعويضات العائلية والحق في المعاش والتعويض عن فقدان الشغل بحلول عام 2025. لكن لتحقيق هذا الهدف، يتعين الاعتماد على قواعد معطيات سوسيو-اقتصادية آمنة لتسهيل استهداف المشمولين بهذه البرامج. وبالتالي، برز السجل الاجتماعي الموحد كركيزة أساسية لبلوغ المؤشرات التي نص عليها القانون الإطار، خاصة في ما يتعلق بالاستهداف الدقيق للمستفيدين من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الموجّه لغير القادرين على تحمل تكاليف الاشتراك.10المجلس الأعلى للحسابات، "التقرير السنوي لسنة 2022"، الجريدة الرسمية عدد 7175، 7 آذار/مارس 2023، ص 2593. متاح على https://bit.ly/3N9kKnQ ونُذكِّر بهذا الخصوص بازدواجية المقاربة الجديدة لتعميم خدمات الحماية الاجتماعية، وذلك بإجبار العمال المستقلين القادرين على دفع أقساط الاشتراك لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مقابل إعفاء الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك.11المادة 11 من القانون الإطار رقم 19.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الجريدة الرسمية عدد 6975 بتاريخ 5 نيسان/أبريل 2021.

ويتوقّف التفريق بين النظامين المساهماتي (système contributif) والتضامني (système subsidiaire) لمنظومة التغطية الصحية على وجود بنك معطيات ديناميكي يُمكِّن من حصر الفئات المشمولة بالاستفادة المجانية أو الميسَّرة، بالإضافة إلى تدقيق المساطر المعتمدة في احتساب قيمة الاشتراكات.12Chadli Nadia & Boutouil Siham. "L’impact de la protection sociale sur la croissance économique", Revue Internationale des Sciences de Gestion, Volume 5, Numéro 3, 2022, p.217. كما يتطلب تعميم التعويضات العائلية تطبيق معايير دقيقة لضمان استفادة الأسر الهشة من برامج الحماية من مخاطر الطفولة، وهذا ينطبق أيضاً على باقي برامج الحماية الاجتماعية.

في ضوء ذلك، راهنت الحكومة على السجل الاجتماعي لتنفيذ "النظام غير المساهماتي" للحماية الاجتماعية، ولتنظيم مسطرة الاستفادة من عمليات المساعدة الاجتماعية، من خلال ضبط معايير حصر قوائم الأشخاص المستحقين وتحسين عمليات التنسيق والتتبّع بين مختلف برامج الدعم الاجتماعي.13Ministère de l’économie, des finances et de la réforme de l'administration département, projet de politique publique intégrée de la protection sociale 2020-2030, Rabat, 2019, p.26. ومع ذلك، فإن هذا الرهان لا يستحضر حقيقة أن تطوير السجل الاجتماعي وصيانته مكلف للغاية، وأنه ينطوي على أخطاء كبيرة وتحيّزات في البيانات بسبب عوامل فنية واجتماعية وسياسية، كما أنه يقوض الانتقال نحو نظام شمولي للحماية الاجتماعية يستهدف جميع المواطنين والمقيمين بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.

ارتباطاً بذلك، يحتمل العمل بالمنظومة الجديدة للاستهداف الاجتماعي مخاطر استراتيجية على وظيفة الدولة وموقعها في بنية التدبير العمومي، خاصة في ضوء ضغوطات المؤسسات المالية الدولية التي تدفع في اتجاه تكريس الطابع النيوليبرالي للسياسات العمومية وللبرامج الاجتماعية بشكل خاص، من خلال تقليص الميزانيات الاجتماعية وتحجيم القاعدة الديموغرافية المستهدفة وفق منطق موازناتي يستهدف ترسيخ نموذج أقل ما يمكن من الدولة وأقل ما يمكن من المستفيدين من برامج الحماية والمساعدة.14Abdeslam Seddiki. "L’état social: un concept ''fourre-tout'' et une réalité complexe", quid.ma, 17 Janvier 2023. Disponible à : https://bit.ly/3Xm7OAB

 المنهجية الجديدة للاستهداف الاجتماعي: المرجعيات والآليات

بهدف معالجة الإشكالات التي طبعت الإطار التنظيمي للاستهداف الاجتماعي استُحدثت بنية جديدة للإشراف السياسي والتقني على تنفيذ المنهجية الجديدة، بتشكيل لجنة وزارية مشتركة تعمل تحت وصاية رئيس الحكومة لتفعيل الأطر التشريعية والتدبيرية لمنظومة الحماية الاجتماعية، مع تطوير التواصل المؤسساتي بين جميع الجهات المعنية لضمان اتساق وفعالية التدابير المتعلقة بالاستهداف. وتتفرّع عن اللجنة الوزارية لجنة تقنية يشرف عليها الوزير المنتدب لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، ومهمتها تنفيذ قرارات اللجنة الوزارية واقتراح الإجراءات والأدوات اللازمة لإصلاح منظومة الحماية الاجتماعية ككل.

أُنشئت الوكالة الوطنية للسجلات لإدارة وتنظيم السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحّد، وهي مؤسسة عمومية مسؤولة عن مراقبة النظم المعلوماتية للمسجلين والتحقق من صحّة البيانات. تعزّز هذه الوكالة تبادل المعلومات بين الإدارات العمومية وتمنح الاعتماد للهيئات الوسيطة وتراقبها بما يكفل استخدام البيانات بطريقة نزيهة ومشروعة تحمي خصوصيات الأشخاص المسجلين. بالإضافة إلى ذلك، قامت المندوبية السامية للتخطيط (HCP) بدعم تقني من البنك الدولي بوضع صيغة حسابية لاختبار الوسائل البديلة (PMT) ولتنقيط الأسر حسب وسط الإقامة الحضري والقروي، واستناداً إلى معطيات اقتصادية واجتماعية يتم تدقيقها وتحديثها باستمرار.15يقوم التنقيط الممنوح للأسر على علاقات رياضية لمعالجة قيمة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الخاصة (عدد الأفراد والغرف، نوعية الممتلكات والتجهيزات والنفقات والموارد...)، مع منح مقدار ثابت للجهة التي تقيم فيها الأسر (لكل جهة من الجهات الاثنتي عشرة للمملكة نقطة خاصة بحسب....) ومحيط سكنها (حضري، قروي). وهو دور، رغم طابعه التقني، لا يخلو من حمولة سياسية، لأن المعادلات الرياضية ستشكل النواة الصلبة لقرارات القبول أو الاستبعاد بالنسبة لطلبات الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي. فعلى أساس مؤشرات التنقيط والترتيب، تقوم الوكالة بإصدار قرارات لتحديد لائحة الأسر المستحقة. وهو ما يعني أن الخوارزميات المستخدمة في اختبار دخل الأسر قد لا تفيد بالضرورة الفئات الفقيرة، بسبب عدم رؤية الأنشطة الاقتصادية غير المهيكَلة، فضلاً عن الأخطاء التقنية التي تطبع المعالجة المعلوماتية للبيانات السوسيو ــ اقتصادية، كما حصل في العديد من التجارب الدولية على غرار التجربة السريلانكية.16Ashwini Sebastian, et al. A Proxy Means Test for Sri Lanka, The World Bank, Poverty & Equity Global Practice Working Paper 173, October 2018, p.19. available at: https://bit.ly/4bZDLmM

استلهمت المشاورات الرامية إلى رقمنة البيانات الاجتماعية في المغرب من نظام التحديد الموحد في الهند (Aadhaar) والذي أصبح نموذجاً استرشادياً يُحتذى به من المنظمات الدولية في مجال تطوير بنية تحتية رقمية ممركزة ومؤمنة في المجال الاجتماعي.17Riya Thomas Rekhi. "Aadhaar Architecture: Morocco and the Philippines Building Distinct Identifier Systems for Citizens", Theglobaleconomics, March 23, 2023. available at: https://bit.ly/3WQAwqI بعد الانتهاء من الهندسة المعلوماتية للسجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، تم الشروع في تخزين المعطيات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية للسكان بطريقتين؛ الأولى بشكل تلقائي عبر التسجيل الإلكتروني، والثانية عبر فتح أكثر من ألفي مكتب حضوري لخدمات المواطنين (CSC) لتسهيل التسجيل وجمع البيانات وتحديثها ومعالجة الشكاوى. لكن مختلف هذه الآليات ظلت غير كافية، خاصة في المناطق النائية التي تتميز بضعف شبكة الإنترنت وبصعوبة الولوج إلى مكاتب التسجيل، وهو ما أضاف عاملاً إقصائياً، جعل الآلاف من الأسر غير مسجلة حتى الآن في السجل الاجتماعي الموحد، ما سيجعلها مستبعدة من برامج الحماية والمساعدة.18عبد الرفيع زعنون، "تسقيف الدولة الاجتماعية"، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 20 أيلول/سبتمبر 2023، متاح على https://mipa.institute/10709

ومنذ انطلاق العملية في شهر تشرين الأول/نوفمبر 2022 وحتى منتصف حزيران/يونيو 2023، سُجّل ما يقارب 21.5 مليون شخص في السجل الوطني للسكان و18 مليوناً في السجل الاجتماعي الموحد، ينتمون إلى خمسة ملايين أسرة.19Tarik Qattab. "Transparence, simplicité et fiabilité: comment le RNP, le RSU et le «Mouachir» révolutionnent la relation administration-citoyen au Maroc", le360.ma, 12 juin 2024. Disponible à : https://bit.ly/3VGt4zA وإذا كان التسجيل في السجل الوطني للسكان إلزامياً من أجل مركزة المعطيات الديموغرافية، فإن الانضمام إلى السجل الاجتماعي الموحد متاح فقط للأسر التي ترغب في الاستفادة من البرامج الاجتماعية. ويُنتظر تعميم العمل بشكل كامل بالمنظومة الجديدة للاستهداف مع بداية سنة 2025، غير أن الحصيلة الأولية لا تتوافق مع هذا الرهان في ظل تباطؤ عمليات التسجيل والمراجعة، ناهيك عن الأعطاب التي تواجه منهجية الاستهداف والتي نجم عنها حتى الآن إقصاء نحو مليون شخص مُسجَّل في السجل الاجتماعي الموحد من الاستفادة من برنامج الدعم المباشر.20معاذ بودحيح، "إقصاء مليون مغربي من دعم الفقراء يسائل تنزيل ورش الحماية الاجتماعية"، صوت المغرب، 14 حزيران/يونيو 2024، متاح على  https://bit.ly/3xkNmFy

بغية ضبط الاستحقاقات الجديدة لمنهجية الاستهداف، عملت الحكومة على تكييف المحفظة المالية للبرامج الاجتماعية بما يتوافق مع متطلبات العقلنة والاستحقاق، وذلك عن طريق الميزانية السنوية لبرامج الحماية الاجتماعية التي حُدِّدت بـ51 مليار درهم.21مجلس النواب. تقرير لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب حول مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الدورة الاستثنائية برسم السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، 2021، ص 5. كما تم توحيد الحسابات المالية باستبدال صندوق التماسك الاجتماعي بصندوق الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي بموجب قانون المالية لسنة 2022، مع تخصيص غلاف مالي سنوي يقدر بنحو 10 مليارات درهم، منها 3.5 مليارات درهم لدعم تمدرس الأطفال عبر برامج "تيسير" و"مليون محفظة" ودعم الأرامل المعوزات الحاضنات لأولادهن، و4.2 مليارات درهم لإدماج 11 مليون شخص في وضعية هشة في نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، بالإضافة إلى 1.7 مليار لدعم وصول الفئات الهشة إلى الدواء والعلاجات.22Ministère de l'Économie et des Finance. "Rapport économique et financier l'économie marocaine a l'épreuve des chocs exogènes de différentes natures", revue Almalya, N 22 Mai 2024, P.56.

وفي ضوء التقدم الحاصل في إرساء الدعائم المالية والمعلوماتية والمؤسساتية للمنظومة الجديدة للاستهداف، بدأت تظهر بعض مؤشرات إعمال معايير الاستحقاق في تحديد الفئات المعنية بأولوية الاستفادة من البرامج الاجتماعية، مثل برنامج التغطية الصحية، حيث ارتفع عدد المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) من 7.8 ملايين في 2021 إلى ما يناهز 23,2 مليون شخص مع نهاية سنة 2023،23"الضمان الاجتماعي يتلقى يومياً 22 ألف ملف للعلاج، والحكومة تكشف نتائج توسيع قاعدة المؤَمَّنِين". موقع مدار 21. 28 تموز/يوليوز 2023. متاح على https://madar21.com/171553.html بعد إدماج المهنيين والعمال غير الأجراء (TNS) وذوي الحقوق المرتبطين بهم الذين يُقدّر عددهم بثلاثة ملايين، وضم المستفيدين سابقاً من نظام المساعدة الطبية الذين قارب عددهم 11 مليون شخص مع تحمل الدولة اشتراكاتهم في الصندوق المذكور بغلاف مالي سنوي يعادل 9.5 مليارات درهم.24وزارة الاقتصاد والمالية، المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2024، آب/أغسطس 2023، ص 6.

كما تمت مراجعة عدة برامج اجتماعية بغية ملاءمتها مع الاستحقاقات الجديدة لمنظومة الاستهداف، حيث شرعت الجهات المعنية، منذ نهاية عام 2022، في تكييف برامج المساعدة الاجتماعية مع المقاربة الجديدة لتدعيم شبكات الأمان الاجتماعي، كبرنامج "تيسير" الخاص بمحاربة الهدر المدرسي، وبرنامج دعم الأرامل في وضعية هشة الحاضنات لأولادهن المتمدرسين، في أفق مركزة وتجميع مختلف برامج الدعم الاجتماعي ضمن برنامج موحد للتحويلات النقدية المباشرة.

مع نهاية عام 2023 شرعت الحكومة في تعميم الدعم المباشر في شكل تحويلات مالية إلى 3.3 ملايين أسرة، فيما تجاوزت طلبات الاستفادة من الدعم 4.4 ملايين طلب تتم معالجتها في ضوء المعطيات المسجلة في السجل الاجتماعي الموحد، الذي أصبح التسجيل فيه خطوة ضرورية للحصول على العديد من الخدمات، مثل طلب الاستفادة من المِنح الجامعية، حيث تم تكليف لجنة وزارية بحصر لوائح المستفيدين المستوفين للشروط، استناداً إلى مستوى التنقيط الممنوح لأسرة صاحب الطلب في السجل الاجتماعي الموحد.25المرسوم رقم 2.23.564 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.18.512 الصادر بتاريخ 15 أيار/ماي 2019، بتحديد شروط وكيفية صرف المنح الدراسية للطلبة، الجريدة الرسمية عدد 7214 بتاريخ 20 تموز/ يوليوز 2023.

الاقتصاد السياسي لبرامج الحماية الاجتماعية في ضوء المنهجية الجديدة للاستهداف

بسبب العيوب المنهجية التي تعتري عمليات حصر الفئات المستفيدة وكيفيات وضع واحتساب المعايير التي تدخل في إصدار قرارات الاستفادة من البرامج الاجتماعية، فإن التحويلات المستهدفة تطرح تحديات جمة على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

3-1. التداعيات السياسية والاجتماعية للسجل الاجتماعي الموحد ومنهجية الاستهداف

حظي تجديد منهجية استهداف المواطنين بأهمية بالغة في المسار الجديد للسياسات الاجتماعية انطلاقاً من خلفية سياسية تستهدف عقلنة الفعل العمومي على نحو يُمكِّن من تحقيق أفضل مردودية بأقل التكاليف. لكن في المقابل، تُطرَح العديد من التخوفات من اتخاذ المقاربة الجديدة للاستهداف كنوع من التحول المنهجي في السياسات العمومية، ومن الانتقال من تدخلات تنصبّ على توفير خدمات عمومية موجهة لجميع المواطنين في المجالات الحيوية كالتعليم والشغل والنقل إلى الاقتصار على شبكات أمان اجتماعية محدودة النطاق وموجهة إلى جمهور منتقى (sélectif)، مع تضييق مشمولات هذه الأخيرة بشكل قد يجعل عدة فئات خارج شبكات الحماية كالأشخاص المسنين والمهاجرين في وضعية غير نظامية والعاطلين عن العمل، إلخ. يُظهِر هذا التصور إرادة تحول الدولة من رعاية الجميع إلى التركيز على الأكثر تضررًا، مع افتراض أن الفئات الأخرى يمكنها الوصول إلى الخدمات العمومية على حسابها الخاص. وهذا ما يتعارض مع كون الحماية الاجتماعية حق من حقوق الإنسان وحق اقتصادي-اجتماعي للجميع. وفضلاً عن ذلك، فهذا التصور مغلوط، لكون البرامج المستهدفة لا تشمل فعلاً كل السكان الذين ينتمون إلى فئات اجتماعية هشة، لا بل يقصي الكثير منهم حسب ما أظهرت دراسات من سياقات مختلفة حول العالم. ونشير على سبيل المثال إلى دراسة استقصائية للوكالة الأسترالية للتنمية الدولية حول التحويلات النقدية المباشرة في عدة دول إفريقية وآسيوية خلصت إلى تسجيل نسب مهولة في استبعاد المستحقين بسبب الأخطاء والأعطاب التي تعتري منهجية حصر الساكنة المستفيدة.26Australian Aid. Targeting the poorest: An assessment of the proxy means test methodology, 2011, p. 31. available at: https://bit.ly/3yZ5tRM

إن "خوارزميات الاستهداف" (algorithmes de ciblage) يمكن أن تساهم في تحجيم عدد المشمولين ببرامج الحماية الاجتماعية، إذ تظهر العديد من التجارب الممولة من قبل البنك الدولي تكريس حالة من "الإقصاء المُمنهج" للعديد من الفئات المستحقة. إحدى هذه التجارب هي التجربة الأردنية التي شرعت بالعمل بالتحويلات النقدية المشروطة عبر برنامج "تكافل" منذ عام 2020، والذي يُمكِّن من تقديم مساعدات نقدية منتظَمة إلى 120 ألف أسرة. ومع ذلك، فإن هذا العدد لا يُمثّل سوى نسبة قليلة من الأُسر التي تعيش تحت خط الفقر في الأردن.27Brian Stauffer. Automated Neglect How The World Bank’s Push to Allocate Cash Assistance Using Algorithms Threatens Rights, Human Rights Watch, June 13, 2023. available at: https://bit.ly/478Gvfk وفضلاً عن ذلك، لا تراعي آليات الاستهداف حاجيات بعض الفئات الهشة كالنساء والأطفال والمهاجرين والعاملين في القطاع غير المهيكَل والأشخاص في وضعية إعاقة.28Farah Al Shami. "Arab Region Social Protection Systems: Research and Policy Design Challenges", IDS Bulletin, Volume 54, Number 2, October 2023, p.134. وغيرها من المظاهر التي تؤشر إلى أن التحويلات النقدية المشروطة يمكن أن تكون وسيلة فعالة لتطوير رأس المال البشري والهروب من دائرة الفقر، لكنها قد تكون أيضًا مصيدة في حد ذاتها للفقراء،29جين هاريغان، "الاقتصاد السياسي للسيادة الغذائية في الدول العربية"، ترجمة أشرف سليمان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 465، تشرين الأول/أكتوبر 2018، ص 268. حيث إن هذه التحويلات تستبطن عيباً "خِلقيا" لكونها لا تأخذ في اعتبارها معدّل التضخم الذي من شأنه أن يقلل من قيمتها بشكل يجعل من الصعب الحفاظ على كرامة المستفيدين أمام الزيادة المستمرة في الأسعار. وفضلاً عن ذلك فقيمتها في الأصل ضئيلة وغير كافية لتلبية الحاجيات الأساسية للأسر، كما أنها غير مستدامة لارتباطها بتقلبات الظرفية الاقتصادية والسياسية التي قد تدفع إلى توقيفها أو تأخير صرفها.30أحمد السالمي، "الحكومة توقف الدعم الاجتماعي المالي المباشر بشكل مفاجئ لأسر ومسؤول يكشف الأسباب"، هوية بريس، 1 نيسان/أبريل 2024، متاح على   https://bit.ly/4bZL3GV

نشير في هذا الصدد إلى خطر "تسييس" مرجعية الاستهداف وجعلها رهينة التسويات السياسية، كما حصل خلال الخلاف الذي نشب بين مكونات الأغلبية الحكومية بشأن إقرار واستمرار الدعم الموجه للنساء الأرامل في وضعية صعبة، ساهم هذا الملف إلى جانب خلافات أخرى في خلق "بلوكاج سياسي" حال دون تشكيل الحكومة الثانية لعبد الإله بنكيران في 2016، كما أن حكومة سعد الدين العثماني لم تعبر عن رغبتها في مضاعفة الدعم المخصص لهذه الفئة وفي تعميمه ليشمل كل النساء المعوزات إلا مع اقتراب انتهاء الولاية الحكومية 2016-2021. صحيح أن الترسيم التشريعي لمعايير تحديد القاعدة المستفيدة وآليات استهدافها من شأنه أن يُخفِّف من وطأة التوظيف "الانتخابي" للمسألة الاجتماعية،31نشير كمثال إلى البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي تولى قيادة الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 2021 حيث تضمن العديد من الوعود الاجتماعية كتخصيص مدخول للكرامة يقدر بين 400 درهم في أفق بلوغ ألف درهم مع نهاية ولاية الحكومة في 2026، و300 درهم لكل طفل ومنح ولادة للأسر المعوزة. وعلى الرغم من تضمين هذه الوعود في البرنامج الحكومي، فإنها لم تجد بعد طريقها للتفعيل لتناقضها مع الأجندة التمويلية والتدبيرية لورش الحماية الاجتماعية كما حددها القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية. لكن هذا لا يدفع خطر تغذية الزبائنية السياسية (Clientélisme politique) عبر تلاعب بعض الفاعلين السياسيين بمعايير الاستهداف بما يكفل ضم أو حذف بعض الفئات. الأمر الذي يضع على المحك ضرورة تضييق نطاق البرامج الاجتماعية المستهدفة مقابل توسيع السياسات الاجتماعية الشاملة التي تتوخى تحقيق المساواة بين جميع المواطنات والمواطنين.

من جهة أخرى، تؤشر المنهجية الجديدة للاستهداف إلى "تأميم" الفعل الاجتماعي وجعله شأناً "دولتياً" (Étatique)، إذ إن هذا من شأنه أن يمنع استثمار التيارات السياسية من التكفّل بالفئات الهشة واتخاذها كقاعدة انتخابية. لكن على الرغم من ذلك، يمكن أن يكبح هذا النهج الأدوار الرائدة للحركات الاجتماعية وشبكات التضامن في دعم تماسك النسيج الاجتماعي أمام عجز الدولة عن الوصول إلى جميع المحرومين من شبكات الأمان، والنظر إلى القيمة المضافة للعمل الميداني لمنظمات المجتمع المدني في تحسين كفاءة عمليات الاستهداف. ولذلك، يتعين إشراك أصحاب المصلحة في مختلف المحاولات الرامية إلى تدعيم شبكة الأمان الاجتماعي، ضماناً لمراعاة الحاجيات الفعلية للمستهدفين من جهة، وللحيلولة دون تكريس الاستغلال السياسي لمسألة قد تعصف بتماسك النسيج الاجتماعي إن لم تعالَج بشكل تشاركي ومنصف.

3-2. التداعيات الاقتصادية للسجل الاجتماعي الموحد ومنهجية الاستهداف

تَعِد الإصلاحات الجديدة بفتح آفاق واسعة لتنويع آليات تمويل برامج الحماية الاجتماعية. يتضمن ذلك استخدام المساهمات التضامنية، والاشتراكات، وتحويلات الدولة والمؤسسات العمومية، بالإضافة إلى الفوائض المتوقعة من إلغاء الدعم المباشر. وبذلك تهدف الإصلاحات إلى الانتقال من الدعم السلعي الشامل إلى التحويل النقدي المشروط الموجه للاستهداف المباشر للفئات المعوزة، والتي تقدّر بنحو 16 مليار درهم.32Lamiae Boumahrou. "Hausse des prix : n'est-il pas temps d'activer le Registre social unifié ", coactu.ma,18 février 2022. Disponible à : https://bit.ly/3qrsetx من المتوقع أن يُسهم إلغاء الدعم بصفة نهائية على غاز البوتان والقمح والسكر بحلول 2025 في توفير هوامش مالية لتغطية نفقات البرامج الجاري تفعيلها.33The International Monetary Fund. Morocco:2022 article iv consultation—press release and staff report, IMF Country Report No. 23/42, January 2023, p.14. available at: https://bit.ly/3OTKOo4 لكنها ستُرتِّب في المقابل تأثيرات سلبية لا حصر لها بالنظر إلى الخلفية النيوليبرالية للإصلاح الذي تندرج ضمن اشتراطات الشراكة مع المؤسسات المالية الدولية، التي تدفع في اتجاه تكريس التقشف في تمويل السياسات الاجتماعية، وفي تقليص الأعداد المشمولة برعاية الدولة، في ضوء مآلات بعض التجارب العربية كالعراق، حيث لم تسعف التحويلات المستهدفة التي ساهمت في تصميمها وتمويلها الجهات المانحة في تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي.34Farah Al Shami, "From Tangential Livelihood Programming to Integrated Social Protection: Conceiving a Long-Term Approach to Youth Economic and Social Policy in Iraq", Arab Reform Initiative, 28 July 2023. available at: https://bit.ly/4eoMErz

يثير التخلي التام عن دعم أسعار المواد الأساسية مخاوف بشأن القدرة الشرائية لبعض القطاعات الاجتماعية، ما يتركها تحت رحمة السوق. هذا التحول قد يُهدِّد بتحويل مرامي المقاربة إلى جعل الاستحقاقات مقتصرة على استهداف الفقراء وبدرجة أقل الطبقة الوسطى، مع "توريط" هذه الأخيرة في التمويل التضامني للسياسات الاجتماعية بفرض ضرائب جديدة تثقل كاهلها، كفرض مساهمة اجتماعية على الأرباح والدخل على كل موظف أو أجير يساوي أو يفوق أجره الشهري 20 ألف درهم في حدود 1,5 في المائة من الأجر الصافي،35Abderrafie Zaanoun. "Generalization of Social Protection: is it Establishing the Welfare State or Instilling the Policy of Abandonment?", The Moroccan Institute for Policy Analysis, July 2022. available at: https://mipa.institute/en/9317 وهو ما يقتضي القيام بإصلاح شامل وتصاعدي للنظام الضريبي بما يكفل التمويل المستدام والعادل للسياسات الاجتماعية، مع المعالجة الاستباقية للآثار المحتملة على القدرة الشرائية للطبقة الوسطى ووضع التدابير الملائمة لدعمها.

إلى جانب ذلك، يتعين الوعي بمحدودية آثار الدعم النقدي المباشر، فقد يؤدي التخلي عن دعم المواد الأساسية، دون توفير بدائل ناجعة، إلى تآكل متراكم للقدرة الشرائية للمواطنين، وخاصة مع ارتفاع الأسعار وثبات الأجور، كما حدث في الجزائر منذ تبني سياسة تحرير الأسعار في عام 2008،36Hacen Hami. "Algeria’s social support policy: Economic costs and the need for reform", 24 February 2022, Arab Reform Initiative. available at: https://bit.ly/3NatRoh بالإضافة إلى ذلك، يتعين الوعي للآثار الجانبية لنظام التحويلات النقدية المباشرة والتي قد تؤدي إلى تكريس الاعتماد المستمر (Dépendance) على الرعاية الاجتماعية للدولة كما حدث في السنغال دون ضمان استمرارية واستدامة هذا النوع من الرعاية. فعلى سبيل المثال، لم تساعد التحويلات النقدية المباشرة للفئات الهشة منذ انطلاقها في عام 2012 في الحد من مؤشرات الفقر والهشاشة، بحكم ضعف توجيهها للمشاريع المدرة للدخل،37Mamadou Aguibou Diallo. "la protection sociale au Sénégal entre 2012-2022l analyse d’une décennie d’assistance sociale", revue international des sciences économique et sociales, N 3, 2022, p.99. الأمر الذي يحتم الموازنة بين الدعم المباشر وبين الاستثمار في التجهيزات الاجتماعية والموارد البشرية لتعزيز فرص إعادة تأهيل الأشخاص الأكثر هشاشة وتقوية استقلالهم المالي، وبالتالي تدعيم قدرتهم على مواجهة التهديدات التي تؤثر على قدرتهم الشرائية. فقد يكون تخصيص الأموال لبناء وتجهيز المدارس أفضل من تقديم مساعدات مالية للناس للالتحاق بها.38جوناثان تييرمان، "الإصلاح كيف تنجو الأمم وتزدهر في عالم يتداعى"، ترجمة أشرف سليمان، سلسلة عالم المعرفة، عدد 494، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2022، ص 56.

شكَّل ضبط قوائم المستفيدين من البرامج الاجتماعية هاجساً لتطوير علاقات الشراكة بين المغرب والهيئات المانحة،39نشير، على سبيل المثال، إلى تخصيص البنك الدولي قرضين للمغرب لتمويل السياسات الاجتماعية بعد أزمة "كوفيد 19": الأول في سنة 2020 بقيمة 400 مليون دولار لتطوير تطبيقات التحول النقدي المشروط، والثاني بقيمة 350 مليون دولار في 2023 لمصاحبة عمليات إرساء منظومة الحماية الاجتماعية وخاصة في ما يتعلق بتعميم التعويضات العائلية وتدعيم برنامج التأمين الصحي لفائدة غير القادرين على المساهمة. التي انخرطت في تصميم المنهجية الجديدة للاستهداف عبر المساهمة في وضع الأسس المعلوماتية والصيغ الحسابية لحصر المشمولين بالإعانات. ومع ذلك، تحمل هذه العملية عدة مخاطر، حيث إن الشروط التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية غالباً ما تكون غير مُراعية لأسس العدالة الاجتماعية.40عزة الحاج سليمان، "واقع الحق في الحماية الاجتماعية بين دور الدولة وتحولات العصر"، مبادرة الإصلاح العربي، 9 حزيران/يونيو 2023. متاح على https://bit.ly/459fx5F بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الاقتراض المفرط إلى تقييد قدرة الدولة على تحمل التزاماتها الاجتماعية في المستقبل، وقد يترتب على ذلك اتخاذ إجراءات قد تُعرِّض أبعاد الرعاية الاجتماعية الأساسية للخطر. في هذا السياق، يُعزى هذا النموذج إلى التحول نحو استخدام منطق السوق في إدارة الشؤون الاجتماعية، وهو ما يظهر في تجارب بعض الدول في أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا، حيث يرتبط تقديم القروض من قبل البنك الدولي بحزمة متكاملة من الشروط تشمل تحرير الأسعار ورفع الدعم الشامل.41ريم عبد الحليم، "الخطاب السياسي الحالي وتغيرات نظم الدعم في مصر"، مبادرة الإصلاح العربي، 24 شباط/فبراير 2023. متاح على https://bit.ly/3MistzX

 الهندسة التقنية لمنظومة الاستهداف الاجتماعي: مخاطر تفوق الفرص

تعد الشروط التقنية لتصميم السجل الاجتماعي الموحد بتحسين حوكمة قيادة البرامج الاجتماعية، لكن قد يؤدي الإفراط في "تقننة" إدارة منظومة الاستهداف إلى نتائج عكسية، حيث يمكن أن يتسبب في إقصاء عدة فئات من الحماية ما لم يتم اتخاذ التدابير التصحيحية لجعل المساطر التقنية في خدمة العدالة الاجتماعية. وهكذا، فبناء "بنك مركزي" للبيانات الاجتماعية سيسمح بالتعرف إلى أوضاع السكان بناء على معطيات موثوقة، ولكن ستبقى فعاليته مرهونة بمراجعته دورياً ليعكس الواقع المتغير للأسر. تجربة البرازيل توضح ذلك، حيث أفضت عمليات مراقبة برنامج رعاية الأسرة لمحاربة الفقر (Bolsa Familia) إلى حذف نصف مليون شخص بعدما أثبتت التحقيقات عدم استحقاقهم للدعم بعد مرور سنة من انطلاقه في 2006.42Fried, Brian J. "Distributive politics and conditional cash transfers: the case of Brazil’s Bolsa Família". World Development, Volume 40, Issue 5, May 2012, p.1043. وكذلك الأمر في مصر، حيث ساعدت فرق البحث ولجان المساءلة الاجتماعية على تحيين قاعدة بيانات برنامجي "كرامة" و"تكافل"، ما أدى إلى استبعاد أكثر من مليون مستفيد غير مستحق بناء على نتائج اختبار قياس الفقر التي أثبتت تجاوزهم الحد الأقصى المسموح به للأسر المستفيدة من الدعم النقدي.43البنك الدولي، "مشروع تمويل إضافي لمشروع تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي بمصر: تقرير التقييم المسبق"، تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ص 8. متاح على https://bit.ly/43kdwCZ في الحالة المغربية أدى المرور إلى تصفية قاعدة المستفيدين من البرامج قبل الانتهاء من جاهزية المنظومة الجديدة للاستهداف إلى مواصلة حرمان برامج الحماية الاجتماعية من النجاعة.44حسم بويخف، "أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف"، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 2022. متاح على https://mipa.institute/9158

بالنظر إلى ذلك، فإن توحيد المعطيات الاجتماعية يبقى منقوصاً ما لم تُتَّخذ التدابير المناسبة لإدماج الفئات الهشة من القطاع غير الرسمي.45Farah Al Shami. "The Mediterranean Region: A Hotspot of Inequalities in the Aftermath of COVID-19", Arab Reform Initiative, 18 November 2021. available at: https://bit.ly/3rRlmWV حيث يواجه هذا الرهان تحديات كبيرة نتيجة لصعوبة توثيق وإثبات الوضع المالي لهذه الفئة من العمال، في ظل تعدد المداخيل غير المصرح عنها، ووجود عناصر غير مُنتِجة تؤثر في احتساب الوضعية الاجتماعية كامتلاك أراضٍ وعقارات غير مستغَلّة، وممارسة مهن تدر دخلاً محدوداً. يدفع هذا الأمر البعض إلى بيع الأصول والممتلكات بما يخلق بيانات سوسيو-اقتصادية "وهمية" تبرز عوزهم وتبرر استفادتهم من برامج المساعدة والحماية، وهذا ما حدث مع نظام التحويلات النقدية المشروطة في مصر، الذي حث الكثير من الأسر على الهروب من أنظمة المعاش التساهمي القائم على العمل والاستمرار في أنظمة التشغيل غير الرسمي.46ريم عبد الحليم، "الخطاب السياسي الحالي وتغيرات نظم الدعم في مصر"، مرجع سابق، ص 2.

وتُعتبر المعايير التقنية عاملاً هاماً لتحييد البعد السياسي، بالاعتماد على معادلات رياضية في استخراج عتبة الاستفادة المجانية من البرامج الاجتماعية. ومع ذلك، قد يؤدي هذا "الجموح التقني" إلى إقصاء قطاعات واسعة نتيجة لمنطق "الرياضيات الاجتماعية"، ومن مؤشرات ذلك إقصاء نحو مليون مستفيد سابق من نظام المساعدة الطبية من برنامج التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بالأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك (AMO-TADAMON)، لعدم بلوغهم العتبة المحددة والتي ينبغي أن تساوي أو تقل عن معدل 9.32.47محمد فرنان، "إدماج أم إقصاء.. هل تخلت الحكومة عن أصحاب الراميد؟"، تيلكيل بالعربي، 18 نيسان/أبريل 2023. متاح على: https://bit.ly/43iJgbG ويرجع هذا إلى عوامل ثانوية أضعفت فرصهم في نيل التنقيط المناسب كتواجدهم في الوسط الحضري رغم تواجد بعضهم في مناطق شبه قروية، أو بسبب تجميع "ميكانيكي" للمؤشرات السوسيو-اقتصادية، كما حصل مع زوجين مسنين حصلا على مؤشر 9.52 بالرغم من عدم توفرهما على أي دخل سوى إعانات الأبناء، وعدم امتلاكهما الحد الأدنى من التجهيزات: لا هاتف ثابت، ولا لاقط هوائي، مع استعمال قارورة غاز واحدة، وفاتورة الماء والكهرباء لا تتجاوز 40 درهماً شهرياً.48محمد فرنان، "مرسوم حكومي يعلن قرب "التخلي" عن دعم الأرامل وانتقادات بـالجملة لمؤشر السجل الاجتماعي"، تيلكيل بالعربي، 07 نيسان/أبريل 2023، متاح على: https://bit.ly/3OV9Ljg مثل هذه المآلات تحتم مراجعة شبكات الأمان الاجتماعي القائمة على الاستهداف والتوجه نحو برامج شمولية تستحضر مبادئ ومعايير العدالة الاجتماعية بما يجعلها مستوعبة لكل مستحقي الرعاية، على اعتبار أن التحويلات النقدية المباشرة لن تستهدف في أحسن الأحوال سوى 60 في المائة من الأسر المغربية.49هل اختلطت الأرقام على الحكومة؟ بايتاس يعلن استفادة 7 ملايين أسرة مغربية من الدعم المباشر بعدما تحدث أخنوش عن 3,5 ملايين، الصحيفة، 24 أيار/مايو 2024، متاح على: https://bit.ly/3VpYYiz

يُمكِّن الرقم التعريفي الموحَّد من الربط الآلي بين مختلف قواعد المعطيات العمومية، ما يسهّل انبثاق منظومة معلوماتية متجانسة، تسمح بتبادل المعلومات وتنسيق التدخلات الاجتماعية بين مختلف الفاعلين. ويعزّز ذلك تحسين إنتاجيتها، ويسهِّل توظيفها من قبل الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات القاعدية، عند وضع برامجها التنموية وتشخيص محيطها الاجتماعي. ومع ذلك، قد تتراجع كفاءة هذا النظام في ظل الجمود الإداري وتكريس البيروقراطية الرقمية، ما يفرض ضرورة وضع آليات واضحة لتجسير عمليات التنسيق والتكامل،50Moustatraf Abdellatif & Fatima Touhami. "L’identifiant unique comme un des instruments indispensables au pilotage de la couverture sanitaire universelle, le cas du Maroc", Santé Publique, vol. 36, no. 1, 2024, p.123. خاصةً مع الصعوبات التي تعترض نظام بيني لتبادل المعلومات إثر الشروع في تطبيق القانون المتعلق بتبسيط المساطر الإدارية.

لتحسين رؤية (visibilité) شروط الاستفادة، أُحيط النظام الجديد للاستهداف بعدة ضمانات تقنية لكفالة شفافية المعايير ومؤشرات التتبع، ولتسهيل الطعن في قرارات الرفض بما يجعل من تكنولوجيا المعلومات دعامة أساسية لإسهام المواطنين في تحسين منظومة الاستهداف وزيادة كفاءتها ومصداقيتها. ومع ذلك، لا تزال بعض الفئات تواجه صعوبة بالغة بالتسجيل في قاعدة السجل الاجتماعي الموحد بحكم تواجدها في مناطق نائية ذات تغطية ضعيفة لشبكة الإنترنت، أو بسبب ضعف تملّكها وسائل التواصل الرقمية. هذا يستدعي تكثيف الحملات التواصلية وتوفير بنيات إدارية متنقلة لجعل المستحقين مشمولين في منظومة الاستهداف. كما يتطلب الأمر إنتاج تقارير دورية لتوضيح التغيرات في القاعدة المستفيدة من البرامج الاجتماعية، وحجم المبالغ المرصودة، وتطور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، ومستوى مساهمة مختلف السياسات الاجتماعية في مكافحة العوامل التي تؤدي إلى عدم الحماية والإقصاء.

نشير في هذا السياق إلى خطر الرهان على المقاربة الكمية في بلوغ مؤشرات مشروع الحماية الاجتماعية، خاصة في ما يتعلق بجودة الخدمات وحجم سلة العلاجات (Le panier de soins). يتمثّل هذا الخطر في محدودية استفادة قطاعات واسعة من الفئات المستهدفة من نظام المساعدة الطبية، نظراً لعدم قدرتها على المساهمة المالية ومحدودية هوامش ميزانية الدولة.51بنك المغرب، "التقرير السنوي برسم السنة المالية 2021". الرباط، 2021، ص 7. وكأن الأمر يتعلق بمجرد إيجاد "تغطية صحية اسمية" من خلال إجراءات ميكانيكية لبلوغ السقف المحدد، بدلاً من الحرص على إقامة "تغطية صحية فعلية"، يواجه المستفيدون صعوبات بالغة في تحمل تكاليف الاستشفاء والعلاج، ناهيك عن عدم كفاية المبالغ المسترجعة لتغطية تكاليف العلاج والأدوية بسبب الفارق الكبير بين التعرفة الوطنية المرجعية والفاتورة الفعلية.52عبد الرفيع زعنون، "إشكالات تشريعية وتدبيرية تعيق تعميم التغطية الصحية"، أسبوعية الأيام، العدد 1038، أيار/مايو 2023، ص 22. وهو إرهاص يُنذر بتأثير عكسي لمنظومة الاستهداف على منظومة الحماية الاجتماعية، استنادًا إلى بعض التجارب العربية مثل مصر، فبالموازاة مع توسيع دائرة التغطية الصحية التي قفزت من 10 في المائة في 1990 إلى 58 في المائة في 2015، ارتفعت بالمقابل نسبة إنفاق الأفراد على الصحة من مجموع الإنفاق العام، إذ انتقلت من 34 في المائة إلى 45 في المائة خلال الفترة نفسها.53مداخلة الأستاذ أديب نعمة في ندوة الحماية الاجتماعية زمن الجائحة، ضمن سيمينار الملتقى العربي للحماية الاجتماعية حول موضوع "نشأة وتطوّر مفهوم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية"، الدقيقة 22. مبادرة الإصلاح العربي، 18 شباط/فبراير 2021، متاح على: https://bit.ly/3Vpsjd4

في المحصلة، يتعين الملاءمة بين الخيارات السياسية والتقنية لمنظومة الاستهداف الاجتماعي. كما يجب تهيئة آليات كفيلة بتعزيز حكامة تدبيرها وفعالية واستدامة آثارها،54Le Conseil Économique Social et Environnemental. "Projet de loi 72-18 relatif au système de ciblage des bénéficiaires des programmes d’appui social et à la création de l’Agence nationale des registres", Auto-saisine n°44/2020, p.9. بما يكفل الموازنة بين استحقاقات الاقتصاد السياسي للتنمية الاجتماعية وبين إعمال متطلبات العدالة والاستحقاق في هندسة برامج الحماية والمساعدة. ارتباطاً بذلك، تفرض التحديات الجديدة التطلع إلى بناء نموذج متقدم للدولة الاجتماعية في المغرب، بعيداً عن "وصفات" (recettes) المؤسسات المالية الدولية، التي غالباً ما تفتقد إلى الفهم العميق للتحديات الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية التي تواجه منظومة الاستهداف. وعلى رأس ذلك التوقف عن هدر الأموال التنموية على برامج مستهدفة مكلفة وبدون طائل، واستبدالها بمخططات حماية اجتماعية شاملة تقودها الدولة أولاً ولو كان بالشراكة مع فاعلين غير حكوميين آخرين.

الخاتمة

تبشر المنهجية الجديدة للاستهداف بعقلنة تدبير السياسات الاجتماعية بما يجعلها أكثر نجاعة في تحديد المشمولين بها، غير أن الواقع يؤشر إلى صعوبة تحقيق هذا الرهان في ظل المخاطر التي تكتنف العمل في السجل الاجتماعي الموحد. يتمثل أحد هذه المخاطر في المحاولات المستمرة لـ"تسييس" التدابير التقنية بغية توجيهها للتحكم في عدد المستفيدين، بالإضافة إلى خطر إعادة إنتاج بعض مظاهر "الاستهداف العشوائي" نتيجة التحديات التقنية المتعلقة بتحديث ومعالجة البيانات السوسيو-اقتصادية للمستهدفين، ما يمكن أن يؤدي إلى استخدام الشروط التقنية كذريعة لتقييد الفعل الاجتماعي للدولة ولتضييق نطاق البرامج الاجتماعية وتقليص دائرة المستفيدين منها، وغيرها من التداعيات التي قد تنتج عن الاعتماد على منهجية الاستهداف، ليس فقط بسبب أخطاء المعالجة التقنية للبيانات الاجتماعية التي تتميز بالديناميكية، ولكن أيضاً بسبب خلفيتها السياسية المحافظة التي تنزع نحو الاستبعاد أكثر من توخيها الإدماج.

لضمان تكامل البعدين السياسي والتقني في إعادة تصميم منظومة الاستهداف الاجتماعي، يتعين مراجعة المقاربة المعتمدة في صنع وتدبير البرامج الاجتماعية بالانتقال من منظور قائم على الاستهداف إلى منظور قائم على الحق. ضمن هذا السياق نوصي بـ:

  1. توخي الشمول في إعادة تصميم البرامج الاجتماعية في ضوء إرهاصات التدخلات القائمة على الاستهداف بحكم طابعها الإقصائي في حق فئات اجتماعية عريضة.
  2. تدقيق معايير الاستفادة من برامج الحماية والمساعدة الاجتماعيتين أمام الغموض الذي يعتري الصيغة الحسابية المعتمدة، التي يجب أن تخضع للتحيين المستمر ضماناً لكفاءتها وعدالتها.
  3. وضع ضمانات للحيلولة دون جعل المنهجية الجديدة للاستهداف مطية لرفع يد الدولة عن مسؤوليتها الاجتماعية، كتعزيز دور البرلمان في مراقبة السياسات الاجتماعية، وتنويع مصادر تمويل البرامج الاجتماعية خارج المنافذ الاقتراضية والجبائية.
  4. الملاءمة بين استحقاقات الحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية، عبر سياسات توازن بين الاستهداف الشامل الموجه إلى عموم المواطنين، والاستهداف المُبرمَج لتعزيز وصول عديمي وضعيفي الدخل إلى شبكات الأمان الاجتماعي.
  5. التعامل بحذر مع الخوارزميات المؤطرة لتقننة مساطر الاستهداف، بإحاطة المعالجة الآلية للبيانات والمؤشرات الاجتماعية بمعالجة بشرية "مرنة" تُراعي متطلبات الإنصاف والاستحقاق.

Endnotes

Endnotes
1 المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، "الانعكاسات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لفيروس كورونا "كوفيد19" والسبل الممكنة لتجاوزها"، إحالة رقم 2020/28، ص 44، متاح على: https://bit.ly/4esZJ3d
2 انطلق نظام المساعدة الطبية (RAMED) بشكل تجريبي في بعض المحافظات في سنة 2008 ليعمّم لاحقاً على الصعيد الوطني منذ سنة 2012، واستهداف النظام دعم ولوج الفئات الفقيرة إلى خدمات التغطية الصحية.
3 Izabela Marcinkowska. Digital Solutions for a New Social Protection Project in Morocco. World Bank, 2020, p.30.
4 عثمان مخون، "ورش الحماية الاجتماعية: هل يتغلب المغرب على التحديات المطروحة؟"، مبادرة الإصلاح العربي، 5 أيلول/سبتمبر 2023، متاح على https://2u.pw/53bmG4D
5 Banque Africaine de Développement. programme d’appui à la gouvernance de la protection sociale, Juin 2016. P.5. Disponible à : https://bit.ly/3IUcOUQ
6 Banque Mondiale. Royaume Du Maroc : ciblage et protection sociale note d’orientation stratégique, 2012, p.94
7 محمد اليوبي والنعمان اليعلاوي، "الحكومة تشرّع في تنزيل السجل الوطني للسكان"، جريدة الأخبار، 3 كانون الثاني/يناير 2022. متاح على https://bit.ly/45KRcUH
8 Brahim Mokhliss. "Le Registre social unifié, maillon indispensable pour la réforme des programmes sociaux", le matain.ma, 22 octobre 2020. Disponible à : https://bit.ly/43kNe3L
9 قانون إطار صدر في نيسان/أبريل 2021 نص على المبادئ والأجندة والضمانات المرتبطة بتعميم برامج الحماية الاجتماعية لتشمل كافة الأسر الفقيرة المستحقة خلال خمس سنوات، وقد تم تفعيل القانون عبر عشرات القوانين العادية واللوائح التنظيمية.
10 المجلس الأعلى للحسابات، "التقرير السنوي لسنة 2022"، الجريدة الرسمية عدد 7175، 7 آذار/مارس 2023، ص 2593. متاح على https://bit.ly/3N9kKnQ
11 المادة 11 من القانون الإطار رقم 19.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الجريدة الرسمية عدد 6975 بتاريخ 5 نيسان/أبريل 2021.
12 Chadli Nadia & Boutouil Siham. "L’impact de la protection sociale sur la croissance économique", Revue Internationale des Sciences de Gestion, Volume 5, Numéro 3, 2022, p.217.
13 Ministère de l’économie, des finances et de la réforme de l'administration département, projet de politique publique intégrée de la protection sociale 2020-2030, Rabat, 2019, p.26.
14 Abdeslam Seddiki. "L’état social: un concept ''fourre-tout'' et une réalité complexe", quid.ma, 17 Janvier 2023. Disponible à : https://bit.ly/3Xm7OAB
15 يقوم التنقيط الممنوح للأسر على علاقات رياضية لمعالجة قيمة المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية الخاصة (عدد الأفراد والغرف، نوعية الممتلكات والتجهيزات والنفقات والموارد...)، مع منح مقدار ثابت للجهة التي تقيم فيها الأسر (لكل جهة من الجهات الاثنتي عشرة للمملكة نقطة خاصة بحسب....) ومحيط سكنها (حضري، قروي).
16 Ashwini Sebastian, et al. A Proxy Means Test for Sri Lanka, The World Bank, Poverty & Equity Global Practice Working Paper 173, October 2018, p.19. available at: https://bit.ly/4bZDLmM
17 Riya Thomas Rekhi. "Aadhaar Architecture: Morocco and the Philippines Building Distinct Identifier Systems for Citizens", Theglobaleconomics, March 23, 2023. available at: https://bit.ly/3WQAwqI
18 عبد الرفيع زعنون، "تسقيف الدولة الاجتماعية"، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 20 أيلول/سبتمبر 2023، متاح على https://mipa.institute/10709
19 Tarik Qattab. "Transparence, simplicité et fiabilité: comment le RNP, le RSU et le «Mouachir» révolutionnent la relation administration-citoyen au Maroc", le360.ma, 12 juin 2024. Disponible à : https://bit.ly/3VGt4zA
20 معاذ بودحيح، "إقصاء مليون مغربي من دعم الفقراء يسائل تنزيل ورش الحماية الاجتماعية"، صوت المغرب، 14 حزيران/يونيو 2024، متاح على  https://bit.ly/3xkNmFy
21 مجلس النواب. تقرير لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب حول مشروع القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، الدورة الاستثنائية برسم السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، 2021، ص 5.
22 Ministère de l'Économie et des Finance. "Rapport économique et financier l'économie marocaine a l'épreuve des chocs exogènes de différentes natures", revue Almalya, N 22 Mai 2024, P.56.
23 "الضمان الاجتماعي يتلقى يومياً 22 ألف ملف للعلاج، والحكومة تكشف نتائج توسيع قاعدة المؤَمَّنِين". موقع مدار 21. 28 تموز/يوليوز 2023. متاح على https://madar21.com/171553.html
24 وزارة الاقتصاد والمالية، المذكرة التوجيهية لمشروع قانون المالية لسنة 2024، آب/أغسطس 2023، ص 6.
25 المرسوم رقم 2.23.564 بتغيير وتتميم المرسوم رقم 2.18.512 الصادر بتاريخ 15 أيار/ماي 2019، بتحديد شروط وكيفية صرف المنح الدراسية للطلبة، الجريدة الرسمية عدد 7214 بتاريخ 20 تموز/ يوليوز 2023.
26 Australian Aid. Targeting the poorest: An assessment of the proxy means test methodology, 2011, p. 31. available at: https://bit.ly/3yZ5tRM
27 Brian Stauffer. Automated Neglect How The World Bank’s Push to Allocate Cash Assistance Using Algorithms Threatens Rights, Human Rights Watch, June 13, 2023. available at: https://bit.ly/478Gvfk
28 Farah Al Shami. "Arab Region Social Protection Systems: Research and Policy Design Challenges", IDS Bulletin, Volume 54, Number 2, October 2023, p.134.
29 جين هاريغان، "الاقتصاد السياسي للسيادة الغذائية في الدول العربية"، ترجمة أشرف سليمان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، العدد 465، تشرين الأول/أكتوبر 2018، ص 268.
30 أحمد السالمي، "الحكومة توقف الدعم الاجتماعي المالي المباشر بشكل مفاجئ لأسر ومسؤول يكشف الأسباب"، هوية بريس، 1 نيسان/أبريل 2024، متاح على   https://bit.ly/4bZL3GV
31 نشير كمثال إلى البرنامج الانتخابي لحزب التجمع الوطني للأحرار الذي تولى قيادة الحكومة في تشرين الأول/أكتوبر 2021 حيث تضمن العديد من الوعود الاجتماعية كتخصيص مدخول للكرامة يقدر بين 400 درهم في أفق بلوغ ألف درهم مع نهاية ولاية الحكومة في 2026، و300 درهم لكل طفل ومنح ولادة للأسر المعوزة. وعلى الرغم من تضمين هذه الوعود في البرنامج الحكومي، فإنها لم تجد بعد طريقها للتفعيل لتناقضها مع الأجندة التمويلية والتدبيرية لورش الحماية الاجتماعية كما حددها القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية.
32 Lamiae Boumahrou. "Hausse des prix : n'est-il pas temps d'activer le Registre social unifié ", coactu.ma,18 février 2022. Disponible à : https://bit.ly/3qrsetx
33 The International Monetary Fund. Morocco:2022 article iv consultation—press release and staff report, IMF Country Report No. 23/42, January 2023, p.14. available at: https://bit.ly/3OTKOo4
34 Farah Al Shami, "From Tangential Livelihood Programming to Integrated Social Protection: Conceiving a Long-Term Approach to Youth Economic and Social Policy in Iraq", Arab Reform Initiative, 28 July 2023. available at: https://bit.ly/4eoMErz
35 Abderrafie Zaanoun. "Generalization of Social Protection: is it Establishing the Welfare State or Instilling the Policy of Abandonment?", The Moroccan Institute for Policy Analysis, July 2022. available at: https://mipa.institute/en/9317
36 Hacen Hami. "Algeria’s social support policy: Economic costs and the need for reform", 24 February 2022, Arab Reform Initiative. available at: https://bit.ly/3NatRoh
37 Mamadou Aguibou Diallo. "la protection sociale au Sénégal entre 2012-2022l analyse d’une décennie d’assistance sociale", revue international des sciences économique et sociales, N 3, 2022, p.99.
38 جوناثان تييرمان، "الإصلاح كيف تنجو الأمم وتزدهر في عالم يتداعى"، ترجمة أشرف سليمان، سلسلة عالم المعرفة، عدد 494، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2022، ص 56.
39 نشير، على سبيل المثال، إلى تخصيص البنك الدولي قرضين للمغرب لتمويل السياسات الاجتماعية بعد أزمة "كوفيد 19": الأول في سنة 2020 بقيمة 400 مليون دولار لتطوير تطبيقات التحول النقدي المشروط، والثاني بقيمة 350 مليون دولار في 2023 لمصاحبة عمليات إرساء منظومة الحماية الاجتماعية وخاصة في ما يتعلق بتعميم التعويضات العائلية وتدعيم برنامج التأمين الصحي لفائدة غير القادرين على المساهمة.
40 عزة الحاج سليمان، "واقع الحق في الحماية الاجتماعية بين دور الدولة وتحولات العصر"، مبادرة الإصلاح العربي، 9 حزيران/يونيو 2023. متاح على https://bit.ly/459fx5F
41 ريم عبد الحليم، "الخطاب السياسي الحالي وتغيرات نظم الدعم في مصر"، مبادرة الإصلاح العربي، 24 شباط/فبراير 2023. متاح على https://bit.ly/3MistzX
42 Fried, Brian J. "Distributive politics and conditional cash transfers: the case of Brazil’s Bolsa Família". World Development, Volume 40, Issue 5, May 2012, p.1043.
43 البنك الدولي، "مشروع تمويل إضافي لمشروع تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي بمصر: تقرير التقييم المسبق"، تشرين الثاني/نوفمبر 2018، ص 8. متاح على https://bit.ly/43kdwCZ
44 حسم بويخف، "أكبر ورش للحماية الاجتماعية تحت رحمة ضعف الاستهداف"، المعهد المغربي لتحليل السياسات، 2022. متاح على https://mipa.institute/9158
45 Farah Al Shami. "The Mediterranean Region: A Hotspot of Inequalities in the Aftermath of COVID-19", Arab Reform Initiative, 18 November 2021. available at: https://bit.ly/3rRlmWV
46 ريم عبد الحليم، "الخطاب السياسي الحالي وتغيرات نظم الدعم في مصر"، مرجع سابق، ص 2.
47 محمد فرنان، "إدماج أم إقصاء.. هل تخلت الحكومة عن أصحاب الراميد؟"، تيلكيل بالعربي، 18 نيسان/أبريل 2023. متاح على: https://bit.ly/43iJgbG
48 محمد فرنان، "مرسوم حكومي يعلن قرب "التخلي" عن دعم الأرامل وانتقادات بـالجملة لمؤشر السجل الاجتماعي"، تيلكيل بالعربي، 07 نيسان/أبريل 2023، متاح على: https://bit.ly/3OV9Ljg
49 هل اختلطت الأرقام على الحكومة؟ بايتاس يعلن استفادة 7 ملايين أسرة مغربية من الدعم المباشر بعدما تحدث أخنوش عن 3,5 ملايين، الصحيفة، 24 أيار/مايو 2024، متاح على: https://bit.ly/3VpYYiz
50 Moustatraf Abdellatif & Fatima Touhami. "L’identifiant unique comme un des instruments indispensables au pilotage de la couverture sanitaire universelle, le cas du Maroc", Santé Publique, vol. 36, no. 1, 2024, p.123.
51 بنك المغرب، "التقرير السنوي برسم السنة المالية 2021". الرباط، 2021، ص 7.
52 عبد الرفيع زعنون، "إشكالات تشريعية وتدبيرية تعيق تعميم التغطية الصحية"، أسبوعية الأيام، العدد 1038، أيار/مايو 2023، ص 22.
53 مداخلة الأستاذ أديب نعمة في ندوة الحماية الاجتماعية زمن الجائحة، ضمن سيمينار الملتقى العربي للحماية الاجتماعية حول موضوع "نشأة وتطوّر مفهوم الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية"، الدقيقة 22. مبادرة الإصلاح العربي، 18 شباط/فبراير 2021، متاح على: https://bit.ly/3Vpsjd4
54 Le Conseil Économique Social et Environnemental. "Projet de loi 72-18 relatif au système de ciblage des bénéficiaires des programmes d’appui social et à la création de l’Agence nationale des registres", Auto-saisine n°44/2020, p.9.

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.