في تقرير جديد لها، تفحص مبادرة الإصلاح العربي اللامركزية كنظام سياسي للدولة المستقبلية في سوريا داعية السوريين لتجاوز الفوارق الطائفية التي خلقها نظام الأسد وتوضيح نموذج لامركزية يعكس ماضي سوريا والحقائق الراهنة.
يعتمد التقرير على نقاش يجري منذ ربيع العام 2016 بين مجموعة من السوريين من خلفيات مهنية وجغرافية وإثنية ومذهبية مختلفة. ويقول التقرير أنه يجب معالجة شكل الدولة المستقبلية في سوريا الآن، كما أنه من المرجح أن تقدّم مثل هذه المعالجة إجابات لكثير من الأسئلة التي غالبا ما توصف بالمستعصية. وتولدت عن هذه النقاشات ثلاثة أوراق.
تدعو بسمة القضماني في ورقتها إلى خطة بعيدة المدى للامركزية وتحذر من تقرير شكل الدولة المستقبلية منذ الآن حيث الدولة المركزية متهالكة وتعيش أزمة عميقة. فينبغي على سورية الديموقراطية ما بعد الأسد أن تتعامل مع تطلعات الكرد كشعب باعتبارها تطلعات مشروعة، كما سيتعين على المجتمعات السورية الالتزام في تحقيق طموحاتهم بالخوض في مفاوضات مبنية على اعتبارات ومصالح عملية، وليس فقط على أسس التطلعات القائمة على أساس الهوية القومية.
وقد تكون الفيدرالية خيارا مناسبا للحالة السورية ولكن الدول الفيدرالية الحقيقية لديها منظومة من المؤسسات الفعالة والمتمرّسة في المركز ذات قدرة على تنظيم علاقات سليمة مع كل اقاليمها. فوجود مؤسسات مركزية أكثر ديمقراطية وفعالية يزيد ويقوي من فرص الدولة لطمأنة مجتمعاتها المختلفة وتعزيز الانتماء إلى مجتمع وطني واحد.
أما رياض علي فيقدم منظورا قانونيا للامركزية ويتقصّى بعض النماذج التي يمكن تبنيها في سوريا المستقبلية. وهو يحذر من أن تبني قانون الإدارة المحلية في صيغته الراهنة لن يفعل أكثر من تعزيز السلطة المركزية ونظام حكم القائد الفرد. ويؤكد كذلك على الحاجة إلى صيغ قانونية ومؤسساتية أخرى من أجل ضمان تفعيل لامركزية إدارية حقيقية.
بينما يعرفنا ألان كريستناخت على مسار اللامركزية في فرنسا، وكيف قادت الحكومة ثلاث موجات من اللامركزية سعيا إلى المزيد من الفعالية والتشاركية في السياسة، واستجابة لمطالب مجموعات تقوم على أساس الهوية وتطالب بها جماعات معينة.
لكي ينجح أي شكل من أشكال اللامركزية، فعلى سوريا أن تحمي مبادئ المساواة وعدم التمييز في دستورها وأن تقرّ قوانين جديدة وتنشئ مؤسسات قومية ذات الصلاحيات الوافية لتنفيذ قراراتها. سوف يكون المسار اللازم لتحقيق هذه التغيرات مهما بأهمية النتيجة.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.