المقدمة
تُعتبر منظومة الحماية الاجتماعية القائمة على الاشتراكات وتلك غير القائمة على الاشتراكات، إحدى أهمّ أدوات الدولة والمجتمع في تعزيز التماسك المجتمعي في الأردن، ومواجهة الأخطار التي تواجه الإنسان في حياته، كالمرض، والموت، والشيخوخة، والعجز، والبطالة. وقد عمل الهيكل التشريعي في الأردن على تنظيم عمل كافة الجهات المعنية بالحماية الاجتماعية، سواء من خلال قوانين الضمان الاجتماعي، أو صناديق المعونة الوطنية، بالإضافة إلى تنظيم دور وغايات واختصاصات ونطاق وحوكمة عمل الجمعيات الخيرية، كأحد أدوات المجتمع الأهلي في المساهمة في تعزيز مناعته ضد المخاطر، وبما يساهم في تعزيز الحماية الاجتماعية.
تناقش هذه الورقة دور التعاونيات والجمعيات الأهلية في الأردن، ودورها في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، الإيجابيات والتحديات، وذلك من خلال إشكاليات بحثية، تنطلق من مجموعة الأسئلة المحورية التالية:
- هل هذه الجمعيات فعّالة، وتقوم بدورها بكفاءة، وقادرة على تحقيق رؤيتها ورسالتها والأهداف التي وجدت من أجلها؟ أم أنها غير فعّالة وتعاني من مشاكل وتحديات تجعل دورها هامشياً وغير مؤثر؟
- هل وجود هذه الجمعيات وتشجيعها من قبل الدولة يضر بنظام الحماية الاجتماعية الرسمي، ويجعل الناس تتهرب من النظام الرسمي للحماية الاجتماعية ومن دفع الاشتراكات، باعتبار وجود أشكال حمائية أخرى، وهل هذا يجعل الدولة تتخلى عن مسؤولياتها الواجب القيام بها باعتبار أن جهات ومؤسسات أهلية أخرى تقوم بهذا الواجب؟
- ثم هل هذه الجمعيات تعمل على خلق أو إعادة إنتاج ظواهر وديناميات سلبية في المجتمع، قائمة على أشكال تميزية قائمة على الانتماء الديني أو السياسي، أو المناطقية، بحيث لا تقدم خدماتها إلا لأولئك الذين يتوافقون مع أفكارها وانتماءاتها الدينية أو السياسة أو الاجتماعية، وهل يتم استغلال هؤلاء المستفيدين من خدماتها لتحقيق مأرب انتخابية أو سياسية أو غيرها؟
بطبيعة الحال تؤكد هذه الورقة أن الوصول إلى حكمٍ علميٍّ على قطاع الجمعيات الأهلية عموماً، بحاجة إلى دراسة شاملة لعيّنة ممثّلة لكافة قطاعات وأنواع هذه الجمعيات، تأخذ بعين الاعتبار الحجم، عدد الأعضاء، نوعية الأعضاء، نطاق العمل، التمويل ومصادر التمويل، استراتيجيات العمل، الانتشار، وغيرها من العوامل، من هنا، فإنّ هذه الورقة التي ستستخدم منهجية التحليل النوعي ستعالج هذا الموضوع من خلال تحديد نطاق الدراسة، الذي سيشمل واحدة من الجمعيات الكبرى في الأردن والمتمثّلة بـ " تكية أم علي" ومقرّها العاصمة عمّان، حيث لهذه الجمعية نشاطات متعددة ذات صلة مباشرة في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن، وتمتدّ نشاطاتها لتشمل كافة المحافظات. الجمعية الأخرى التي ستتم دراستها هي جمعية "ارحابا" الخيرية، وهي واحدة من الجمعيات الموجودة في أطراف محافظة إربد في شمال الأردن، وذات نطاق جغرافي محدّد، مما سيساعدنا على بناء تصورات وأحكام علمية إلى حدّ جيد، في الحكم على قطاع الجمعيات الأهلية، ومدى فعاليته في تعزيز الحماية الاجتماعية والمساهمة فيها.
مؤسسات الحماية الاجتماعية في المنطقة العربية
يعود تاريخ مؤسسات الحماية الاجتماعية في العالم العربي، سواء تلك القائمة على الاشتراكات كمؤسسات التقاعد والتأمينات الاجتماعية، أو غير القائمة على الاشتراكات كصناديق المعونة الوطنية، والزكاة وغيرها، إلى القرن الماضي، فأقدم نظم التأمينات الاجتماعية في العالم العربي، يعود إلى العام 1949 في الجزائر، وإلى عام 1950 في مصر، وإلى عام 1960 في تونس، أما في الأردن فيعود تاريخ برامج الحماية الاجتماعية إلى خمسينات القرن الماضي كتأمين نظام تقاعدي للقطاع العام، وقانون التنمية الاجتماعية والعمل، وصولاً إلى إصدار قانون الضمان الاجتماعي رقم 30 لسنة 1978، وإنشاء صناديق الزكاة والتنمية والتشغيل، والمعونة الوطنية، في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. وكان الهدف منها توفير مظلة متكاملة للحماية الاجتماعية، سواء من خلال البرامج القائمة على الاشتراكات كالضمان الاجتماعي، أو القائمة على غير الاشتراكات، كصندوق المعونة الوطنية، أو الزكاة، وذلك استناداً إلى عددٍ من المعايير المؤهلة كالحاجة، وغياب الدخل، أو عدم وجود اشتراك بالضمان الاجتماعي. وبعض الأنظمة التأمينية في العالم العربي يعود تاريخها إلى العقد الماضي من القرن الحادي والعشرين، كما في بعض دول الخليج كالإمارات العربية المتحدة وقطر.
كما هو الحال في معظم أقطار العالم العربي، فإن منظومة الحماية الاجتماعية، تعاني من وجود مجموعة واسعة من برامج الحماية المنفصلة عن بعضها وذات الأهداف المتشابهة، مما يصعّب الشفافية والمساءلة ويؤدي إلى إنفاقٍ غير فعّال نتيجة تعدّدها وازدواجية جهودها. وقد أصبح لزاماً على الدول العربية عموماً، وذات الدخل المتوسط والمنخفض أن تعيد النظر في هذه البرامج والمؤسسات، بما يضمن إجراء إصلاحات هيكلية وبارومتريه، تضمن الكفاءة والفعالية، والشمولية، والمساءلة. في هذا الإطار يمكن الإشارة بشكل أساسي إلى مجموعة الأجهزة التنفيذية التي تعنى بالحماية الاجتماعية في العالم العربي:
- مؤسسات التقاعد، والتأمينات الاجتماعية: المتمثلة بمؤسسات التقاعد المدني والعسكري، والتأمينات الاجتماعية، وذلك من خلال برامجها التي تقوم على الاشتراكات، ومن خلال توفير حزم من المزايا كالرواتب التقاعدية، وتعويضات الدفعة الواحدة، وتأمين إصابات العمل، وصناديق التعطل، والأمومة، وذلك لمواجهة الأخطار التي يتعرض لها المشتركون بالبرنامج، مثل الشيخوخة والعجز والوفاة، وإصابات العمل وأمراض المهنة، والتعطّل عن العمل، والأمومة.
- صناديق المعونة الوطنية: تهدف إلى المساهمة في معالجة وخفض مستويات الفقر على المستوى الوطني لكل دولة، والمتمثلة بمؤسسات وصناديق الضمان الاجتماعي كما في المملكة العربية السعودية، وصندوق المعونة الوطنية في الأردن، والتي تهدف إلى المساهمة في تعزيز نظم الحماية الاجتماعية، وذلك من خلال عدد من البرامج التي تقدمها هذه المؤسسات والصناديق، كبرامج المعونات المالية الشهرية المتكررة والمؤقتة، وبرامج المعونات المالية الطارئة، والمعونات المالية الإضافية، ومعونات التأهيل الجسماني، بالإضافة إلى برامج المعونات المالية العاجلة للكوارث الطبيعية.
- صناديق الزكاة: تهدف إلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، وتأتي مواردها المالية بشكل أساسي من الزكوات التي يدفعها أصحاب الأموال طواعية، وتوجّه إلى الفقراء والمعوزين، وذلك من خلال مجموعة من البرامج المتمثلة بالمساعدات النقدية الشهرية، والمساعدات الطارئة، وتقديم المواد العينية، وكفالة الأيتام، وتقديم الرعاية الصحية من خلال المراكز الطبية التابعة لها، هذا بالإضافة إلى بعض البرامج الأخرى ذات الصلة بالطلاب، والحقائب المدرسية، وتقديم المشاريع التأهيلية الاستثمارية الصغيرة.
- منظمات ومؤسسات المجتمع المدني: المرخصة وذات الاختصاص في مساعدة الفقراء، والمحتاجين، كالجمعيات الخيرية، ومؤسسات الوقف، والهيئات الخيرية، وتهتم هذه المنظمات بتقديم المساعدات المالية المتكررة، والطارئة، والمساعدات العينية، والأغذية، ويوجد العديد من هذه الجمعيات والهيئات في العالم العربي، كالهيئة الخيرية الهاشمية في الأردن، و"تكية أم علي"، وجمعية "ارحابا" الخيرية، والإصلاح الاجتماعي في الكويت، ودار البرّ في الإمارات العربية، والجمعية الخيرية لرعاية الأيتام في السعودية، وغيرها.
يمثّل هؤلاء، اللاعبون الأساسيون في تقديم وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية في العالم العربي، من خلال توفير متطلباتها، وفقاً لنوعين، الأول الحماية الاجتماعية القائمة على الاشتراكات والمتمثلة ببرامج التقاعد والتأمينات الاجتماعية، والنوع الثاني غير القائم على الاشتراكات و المتمثّل بصناديق الضمان، و المعونة الوطنية وصناديق الزكاة، والبرامج التي تقدمها الجمعيات والهيئات الخيرية، والتي في العادة تشمل الفقراء والمعوزين ممّن ليس لديهم رواتب تقاعدية ودخل لتمكينهم من تأمين الاحتياجات الأساسية، ويتم ذلك وفقاً لدراسات وفحوص اجتماعية للتأكد من أهليتهم للاستحقاق.
واقع الحماية الاجتماعية في الأردن
كما هو الحال في معظم أقطار المنطقة العربية، فإن الأردن وكما تظهر الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية 2019-2025، التي جاءت تحت رؤية متمثلة بضمان أن " يتمتع جميع الأردنيين بحياة كريمة، وبيئة عمل لائقة، وخدمات اجتماعية ممكنة" يعاني من وجود مجموعة واسعة من برامج الحماية الاجتماعية المنفصلة ذات الأهداف المتشابهة على مرّ السنين، مما صعّب من الشفافية والمساءلة وأدّى إلى إنفاق غير فعّال نتيجة تعددها وازدواجية جهودها، وقد أصبح لزاماً على الدولة، في ضوء ميزانيتها العامة المحدودة، أن تقوم بتحديد أولويات عمل برامجها وتبسيط إجراءاتها"، وفي هذا الاطار فإنه يمكن الإشارة بشكل أساسي إلى مجموعة من الفاعلين، والأجهزة التنفيذية التالية، والتي تعنى بالحماية الاجتماعية في الأردن، وذلك كما يلي:
- الجمعيات الأهلية: المنتشرة في كافة أنحاء المملكة، والتي تقدم خدماتها المتمثلة بالعديد من البرامج مثل المساعدات النقدية، والعينية، والغذائية، وخدمات الصحة والتعليم، والإيواء، وغيرها من الخدمات التي تساهم في الحماية الاجتماعية في الأردن.
- الديوان الملكي الهاشمي: من خلال عدد من البرامج ذات الصلة بتوفير الخدمات الطبية والعلاجية، بالإضافة إلى توفير المساكن للفقراء وذوي الدخل المحدود، وغيرها من البرامج التي تصب في مصلحة الحماية الاجتماعية.
- المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي: تعتبر المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي اللاعب الرئيسي لنظام الحماية الاجتماعية في الأردن، وذلك بعد أن ضم العاملين في القطاع العام الأردني تحت مظلة الضمان الاجتماعي اعتبارا من عام 1995، والعاملين في القطاع العسكري اعتبارا من 2003، وتقدم المؤسسة مجموعة من البرامج الحمائية التي تقوم على الاشتراكات، التي تبلغ 21,75%، لتغطية التأمينات المطبقة والمتمثلة بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وتأمين إصابات العمل وأمراض المهنة، وتأمين الامومة، والتعطل عن العمل، وقد وصل العدد الكلي للمشتركين الفعالين تحت مظلة الضمان الاجتماعي حتى تاريخه ما مجموعه 1,531,135 مليون مشترك فعال، وعدد المتقاعدين التراكمي وصل إلى 338,602 متقاعدا، وقد وصلت عدد حالات صروفات التعطل إلى ما يقارب 417 الف، وما يزيد عن 108 الآلاف صرف أمومة.
أما فيما يتعلق بالتأمين الصحي في الأردن، فقد وصلت نسبة المؤمنين صحيا إلى ما يقارب 70%، وذلك من خلال مظلات التأمين المختلفة والمتمثلة بالتأمين الصحي المدني، والتأمين الصحي العسكري، بالإضافة إلى شركات التأمين في القطاع الخاص، مما يشير إلى أن حوالي 30% من الأردنيين غير مشمولين بمظلة التأمين الصحي، مما يستدعي تظافر الجهود على مختلف مكونات الدولة الأردنية لإطلاق وتفعيل برنامج التأمين الصحي الشامل.
- صندوق المعونة الوطنية: يعتبر صندوق المعونة الوطنية في الأردن، الذراع الرسمي لمظلة الحماية الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات، والذي يهدف إلى العمل على تخفيض مستويات الفقر على المستوى الوطني، وذلك من خلال عدد من البرامج التي يقدمها، كبرنامج المعونات المالية الشهرية، برنامج الدعم النقدي، برامج المعونات المالية الطارئة، برنامج معونة الشتاء، كما يقرم الصندوق برامج تأهيلية مثل، برنامج التدريب المهني لأبناء الأسر المنتفعة، برنامج تشغيل أبناء الأسر المنتفعة، وغيرها من البرامج.
والجدول التالي يبين عدد المستفيدين من برامج مختارة للصندوق كما في نهاية 2023.
جدول رقم (1): أعدد المستفيدين من برامج صندوق المعونة الوطنية كانون الأول/ديسمبر 2023
الرقم |
البرنامج |
عدد المستفيدين |
1 |
برنامج المعونات الشهرية |
50819 |
2 |
برنامج الدعم النقدي الموحد |
170147 |
3 |
برنامج المعونات الطارئة |
11264 |
4 |
برنامج التأهيل الجسماني |
882 |
5 |
برنامج معونات الشتاء |
220061 |
6 |
برنامج دعم الخبز |
1068347 |
المصدر: صندوق المعونة الوطني، الموقع الرسمي، www.naf.gov.jo
- صندوق الزكاة الأردني: يشكل صندوق الزكاة، أحد أذرع الحماية الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات في الأردن، وذلك من خلال مجموعة البرامج التي يديرها، والمتمثلة ببرامج ترميم وصيانة منازل الأسر الفقيرة، برنامج كفالة الأيتام، برنامج الغارمات، برنامج المساعدات النقدية الشهرية، الأيام الطبية، توزيع الأضاحي، بالإضافة إلى برنامج المشروعات التأهيلية المنتجة للأسر الفقيرة.
تشكل هذه الأجهزة التنفيذية الحكومية، الفاعلين الأساسين لإدارة وتقديم برامج الحماية الاجتماعية الرسمية في الأردن، وفقا لنوعين، الأول الحماية الاجتماعية القائمة على الاشتراكات والمتمثلة بالمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي من خلال التأمينات التي تطبقها والمتمثلة بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، تأمين إصابات العمل وأمراض المهنة، تأمين التعطل عن العمل، وتأمين الأمومة، والثاني برامج الحماية الاجتماعية غير القائمة على الاشتراكات والتي تمثلها صندوق المعونة الوطنية، وصندوق الزكاة الأردني.
أما على الجانب الآخر، فان الجمعيات الخيرية والمؤسسات والصناديق الأهلية، تلعب دورا حاضرا في منظومة الحماية الاجتماعي في الأردن، والتي تستهدف في العادة الفقراء والمعوزين، والذين ليس لهم رواتب تقاعدية، ودخل يمكنهم من تأمين الاحتياجات الأساسية، ويتم ذلك وفقا لدراسات وفحوص اجتماعية للتأكد من مدى أهليتهم للاستحقاق.
وفيما يلي، تستعرض هذه الورقة نموذجين من مؤسسات الحماية الاجتماعية في الأردن، وهما “تكية أم علي"، و "جمعية ارحابا الخيرية".
تكية أم علي
التكية
تعتبر تكية أم علي واحدة من تجارب الجمعيات التي تعنى بالحماية الاجتماعية وتعزيزها في الأردن، وذلك من خلال الدور الذي تقوم به، والهادف إلى مكافحة الجوع، حيث تعود قصة إنشاء التكية إلى العام 2003، منطلقة من شعار “نحو أردن خالٍ من الجوع" وذلك عندما أطلقت الأميرة هيا بنت الحسين فكرة تأسيس التكية لتكون منصة تعنى بتوفير الغذاء للفقراء وتحمل المسؤولية المجتمعية تجاه جميع من هم أقل حظاً. لتحقيق هدف يتمثل في: مكافحة الفقر الغذائي عن طريق برامج الإطعام المختلفة، وسد الاحتياجات الغذائية للفئات التي تعيش تحت خط الفقر الغذائي في كافة محافظات المملكة، لتحقيق رؤية الوصول إلى أردن خالٍ من الجوع. وفي العام 2005 انطلقت أعمال التكية في البحث الاجتماعي للكشف عن واقع الأسر المنتشرة في مختلف محافظات المملكة، ودراسة أوضاعها، لتقديم خدماتها ضمن مجموعة من البرامج المعتمدة، وما زالت حتى اليوم مستمرة في برامجها وأنشطتها منذ ما يقرب من تسعة عشر عاماً.
الإدارة والرؤية الاستراتيجية
للجمعية مجلس إدارة ترأسه الأميرة هيا بنت الحسين، ولها مدير عام وجهاز إداري متكامل يعمل فيها ما يقرب من 150 موظفاً وموظفة، وفق رؤية ورسالة وقيم جوهرية، حيث تعمل التكية وفق رؤيتها الاستراتيجية المتمثلة بالعمل" نحو أردنٍ خالٍ من الجوع"، وتعمل لتنفيذ مهمتها التي تشير باعتبارها" مؤسسة إنسانية تكافح الجوع ونقص التغذية عن طريق إيصال دعم المتبرعين إلى المواطنين الأشد فقراً، عبر تقديم برامج دعم غذائي صحية ومستدامة. ويتم ذلك وفقاً لمنهجية علمية وضوابط شرعية تنفذ بفعالية ضمن إطار واضح من الحوكمة يضمن الشفافية والمساءلة وبناء الشراكات المحلية والأجنبية، لتنسيق الجهود وتوعية المجتمع بواقع الجوع من أجل مجتمع فاعل وعيش كريم. كل ذلك انطلاقا من مجموعة من القيم المؤسسية التي تؤكد على الإيمان بالمسؤولية تجاه المجتمع، واحترام الآخر، والإيمان بالمساواة والتنوع، والشفافية والمساءلة المؤسسية.
الشراكات الاستراتيجية للتكية
يتمثل نطاق عمل التكية في جميع محافظات الأردن، بالإضافة إلى فلسطين، وهي تستند بالأساس إلى الأموال التي يدفعها المتبرعون الأفراد والمؤسسات، حيث تشكل تبرعات الأفراد ما نسبته 85% من التبرعات الكلية، وفقا لما أكده مدير التكية، كما أنها تسعى إلى تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع العديد من المنظمات الوطنية والدولية، بما يضمن توضيح رويتها وأهدافها ورسالتها، للحصول على مزيد من الدعم والترويج، فهي على سبيل المثال تعمل ضمن شبكة من الشراكات مثل:
- المنظمات الدولية مثل:
- منظمة دعم الجمعيات الخيرية، الولايات المتحدة الأمريكية.
- شبكة بنوك الطعام الدولية.
- المفوضية السامية للأمم المتحدة وشؤون اللاجئين.
- برنامج الأغذية العالمي.
- المنظمات الوطنية مثل:
- مركز هيا الثقافي.
- دار أبو عبد الله.
- ارتقاء للتمكين والتوعية.
- مؤسسة نهر الأردن.
- الصندوق الهاشمي لتنمية البادية الأردنية.
برامج الحماية الاجتماعية التي تديرها التكية
لتحقيق رؤية التكية ومهمتها وأهدافها، تدير التكية مجموعة من برامج الحماية الاجتماعية المتخصصة، التي تركز بشكل مباشر على الإطعام ومكافحة الجوع. وتشمل هذه البرامج ما يلي:
أولا: برنامج مكافحة الفقر الغذائي
يستهدف هذا البرنامج الذي تم إطلاقه في عام 2013 الأسر التي تعيش تحت خط الفقر الغذائي في الأردن، يهدف هذا البرنامج إلى تحديد الأسر التي تعيش تحت خط الفقر المدقع في الأردن، مع إيلاء اهتمام خاص للمناطق الأكثر فقرًا والتي تشهد أعلى نسب للأسر غير الآمنة غذائيًا، بما يضمن بناء قاعدة بيانات الإلكترونية شاملة وموثوقة ومحدثة بشكل مستمر، بهدف توجيه الدعم الغذائي وبشكل مستدام لهذه الأسر.
اشتراطات البرنامج:
تشترط تكية أم علي عددا من الاشتراطات التي يجب توافرها في الأسر لاستحقاق الدعم الغذائي المستدام، والتي هي:
- الأسر التي يبلغ صافي دخل الفرد فيها 14 ديناراً أو أقل.
- الأسر التي لا يوجد لها أملاك من أي نوعٍ كان.
- ألا تتجاوز أعمار الأفراد غير العاملين 18 عاماً إلا في حال جلوسهم على مقاعد الدراسة.
واستنادا إلى هذه الاشتراطات، فان الأسر التي تنطبق عليها هذه الشروط بالمحصلة فانهم لا يتمتعون باي نوع من أنواع الحمايات الاجتماعية الرسمية القائمة على الاشتراكات، سواء كان ذلك من خلال التقاعد العسكري، أو التقاعد المدني، أو التقاعد من خلال الضمان الاجتماعي، وبالتالي فهم من الفئات الأكثر ضعفا وهشاشة في المجتمع، ومن المرجح أن يكون معيل الأسرة في الأساس من الذين لم يحظوا بان يكونوا تحت أي مظلة رسمية للحماية الاجتماعية، فقد يكون عاملا موسميا، أو يعمل في الاقتصادات غير الرسمية، أو من تلك الفئات التي يستثنيها قوانين الضمان الاجتماعي بسبب عدم استكمال الاشتراطات القانونية، مما يؤكد على أهمية ان تعمل المؤسسة الرسمية للضمان الاجتماعي على توسيع مظلة الشمول لديها، وإزاله كافة العوائق التشريعية و التنظيمية التي تمنع شمول هذه الفئات.
ان قصور مظلة الحماية الاجتماعية الرسمية عن شمول هذه الفئات، يجعلها تقع تحت براثن الفقر والعوز والحاجة، صحيح أن وجود مؤسسات الحماية الاجتماعية كالجمعيات الخيرية والأهلية والتعاونيات، قد تجتهد لمحاولة تغطية الفجوة الحاصلة، إلا أن هذه الطريقة قطعا غير فعالة ولا مجدية على المدى الطويل وتبقى هذه الأسر تحت مظلة عدم استدامة الحماية الاجتماعية، وتبقي هذه الأسر تحت خطر الترقب الدائم لوصول هذه المساعدات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فان وجود مثل أشكال الحماية الاجتماعية الجزئية التي تقوم بها هذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ربما تجعل الدولة تغض النظر عن استعجال شمول هذه الفئات بمظلة الحماية الاجتماعية الرسمية، وهذا يضع الدولة وكافة الفاعلين الاجتماعيين أمام مسؤولياتهم، سيكون من الجيد وجود هذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تأتي أموالها من خلال تبرعات الأفراد والمؤسسات لتكون مكملة وداعمة ومعززة لمؤسسات الحماية الاجتماعية الرسمية، من خلال تقديم برامجها وخدماتها لأولئك الذين يحصلون على رواتب تقاعدية، ومعونات رسمية، ربما لا تكون كافية، لا ان تكون بديلا عن مؤسسات الحماية الاجتماعية الرسمية.
ثانيا: برامج الإطعام
برنامج الطرود الغذائية الشهرية
من خلال هذا البرنامج، تلتزم التكية بتقديم دعم غذائي مستدام للأسر الأكثر فقراً واحتياجاً في جميع ألوية ومحافظات المملكة. يتم توفير هذا الدعم عبر برنامج الطرود الغذائية الشهرية، الذي يضمن للأسر التي تعيش تحت خط الفقر الغذائي الحصول على احتياجاتها التغذوية طوال الشهر. يتلقى المستفيدون طروداً شهرية تحتوي على المواد الغذائية الأساسية التي تلبي متطلبات الأسرة لمدة شهر كامل، مع التركيز على المناطق الأكثر فقراً والأسر غير الآمنة غذائيًا.
برنامج عابر سبيل (وجبات غداء يومية ساخنة)
تقدم التكية من خلال برنامج "عابر سبيل" وجبات غداء ساخنة يومياً وعلى مدار العام لـ 400 شخص من عابري السبيل في مقرها الرئيسي بمدينة عمّان، حيث يهدف هذا البرنامج إلى توفير غذاء مستدام للأفراد غير القادرين على تأمين قوت يومهم، مما يمكنهم من تناول وجبة صحية متوازنة تغطي حوالي 60% من احتياجاتهم اليومية من السعرات الحرارية. يعكس البرنامج التزام التكية بدعم الفئات الأكثر احتياجًا وتعزيز الأمن الغذائي في المملكة.
برنامج موائد الرحمن
في شهر رمضان المبارك، تقيم تكية أم علي موائد الرحمن في مقرها الرئيسي في العاصمة عمّان، حيث يتوافد الناس لتناول وجبة الإفطار الساخنة. تقدم التكية يومياً 2,000 وجبة إفطار ساخنة طوال الشهر الفضيل. بالإضافة إلى ذلك، تعاونت تكية أم علي خلال السنوات الماضية مع مديرية الأمن العام - الدوريات الخارجية - لتقديم وجبات إفطار ساخنة للمسافرين على الطرق الخارجية، كما تُنظم تكية أم علي موائد الرحمن في مختلف محافظات المملكة بالتعاون مع الجمعيات الشريكة، لتعزيز روح التكافل الاجتماعي وتلبية احتياجات الصائمين.
برنامج الأضاحي
تقوم التكية من خلال هذا البرنامج، بأداء الأضاحي نيابة عن المضحين خلال أيام عيد الأضحى المبارك. حيث تُنفذ الأضاحي تحت إشراف لجنة شرعية برئاسة مفتٍ من دائرة الإفتاء العام الأردنية، ووفقًا لمحددات الشريعة الإسلامية. بعد ذلك، يتم تقطيع الأضاحي وتجميدها وشحنها من أستراليا إلى الأردن، حيث تُخزن في مستودعات تكية أم علي المبردة، لتوزع على الأسر التي تعيش تحت خط الفقر الغذائي والمعتمدة ضمن برنامج الدعم الغذائي المستدام طوال العام.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم التكية بأداء الأضاحي في مسالخ عمان خلال أيام العيد، وتوزيع اللحوم الطازجة على الأسر المستفيدة. وفي نهاية كل شهر، تقوم تكية أم علي بأداء الذبائح والعقائق والفدو والنذر في مسالخ عمان، ومن ثم توزيع اللحوم الطازجة على الأسر المحتاجة في مختلف محافظات المملكة، مما يعزز من جهودها في مكافحة الجوع وتوفير الغذاء للفئات الأكثر احتياجًا.
كما يمتد نطاق عمل التكية إلى فلسطين في الضفة والقطاع، وذلك من خلال قيامها بتوزيع جزء من لحوم الأضاحي على الأسر المحتاجة، حيث يشارك بعملية التوزيع عدد من لجان الزكاة وتكايا الخير والجمعيات الخيرية هناك، وبالشراكة مع الأونروا في فلسطين.
ثالثاً: البرامج التطوعية
بالإضافة إلى برامجها المخصصة للإطعام ومكافحة الجوع، تقدم التكية مجموعة متنوعة من المبادرات التطوعية التي تهدف إلى إشراك أفراد المجتمع في دعم الأسر التي تعيش تحت خط الفقر الغذائي في جميع أنحاء المملكة، حيث توفر هذه البرامج التطوعية فرصاً للمساهمة في جهود التكية سواء في عمّان أو المحافظات الأخرى، مما يسهم في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الأسر المحتاجة. جدير بالذكر ان عدد المتطوعين مع التكية قد تجاوز 40,000 متطوع ومتطوعة. ومن أبرز البرامج التطوعية التي توفرها التكية ما يلي:
- البرامج الخاص بالإطعام، مثل:
- برنامج عابر سبيل (سكب الطعام).
- برنامج تعبئة الطرود الغذائية.
- برنامج توزيع طرود الغذائية.
- برنامج الدراسات الميدانية.
- البرامج الزراعية والحرف اليدوية، مثل: زراعة الحدائق وبرنامج الحرف اليدوية.
- برنامج ترميم المنازل.
- البرامج الفنية والثقافية، مثل: قراءة القصص، والتدريب على الرسم.
- برنامج زيارة المسنين.
مصادر التمويل وأوجه التبرع لتكية أم علي
تتمثل مصادر التمويل الخاصة بتكية أم على من التبرعات التي تأتي من الأفراد والمؤسسات من داخل الأردن وخارجه، ومن المهم الإشارة إلى أن التكية قد أوجدت عددا من البرامج القائمة على التبرعات، وذلك لتتمكن من تلبية الاحتياجات وتغطية كلف البرامج التي تقدمها، جدير بالإشارة إلى أن المبلغ الذي يتم التبرع به من أي شخص يذهب بنسبة 100% إلى مستحقيه من خلال برامج التكية، حيث أن كافة الكلف الإدارية والتشغيلية للتكية تتم تغطيتها من قبل الأميرة هيا بنت الحسين، وذلك وفقا لما ذكره مدير التكية.
تتيح التكية، عددا من المنافذ والأوجه التي من خلالها تستطيع المنظمات والأفراد في داخل الأردن وخارجه، من التبرع لبرامج ومشاريع التكية، وذلك كما يلي: برنامج كفالات الأسر؛ برنامج الطرود؛ الغذائية الشهرية؛ برنامج زكاة المال؛ برنامج الصدقات العامة؛ برنامج الصدقات الجارية؛ برنامج الأضاحي؛ برنامج الذبائح.
دور تكية أم علي في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية
لا شك ان التجربة المهنية المستمرة لتكية ام علي، في الإسهام في تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية في الأردن، تجربة تستحق التقدير، وذلك من خلال البرامج المتعددة التي تنفذها والمتعلقة بمكافحة الجوع والفقر الغذائي، إلا أنه وفي الوقت نفسه، لا بد من طرح مجموعة من الأسئلة حول دور هذه الجمعيات وأثرها على الحماية الاجتماعية، ولعل من هم الأسئلة التي يجب طرحها ما يلي:
- أين دور الحكومات ومؤسسات الحماية الاجتماعية عن هذه الفئات المهمشة والأكثر ضعفا وهشاشة؟ لماذا هي ليست مشمولة بأنظمة الحماية الاجتماعية الرسمية؟ وما هي العوائق التي منعت ذلك، وأوصلت هذه الفئات إلى خط الفقر الغذائي؟
- هل هذه الجمعيات تضع الحكومات في حالة استرخاء عن السير قدما في شمول هذه الفئات تحت مظلة الحماية الاجتماعية الرسمية؟ ويقلل الضغط عليها؟
- هل يشجع وجود هذه الجمعيات الأفراد على التهرب وعدم الاشتراك بمظلة الحماية الاجتماعية الرسمية القائمة على الاشتراكات، مثل مؤسسات الضمان الاجتماعي؟ وهل من الممكن أن تخلق ثقافة الاعتماد على هذه المساعدات، مما قد يؤدي إلى تقليل الانخراط في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية؟
- هل تعمل هذه الجمعيات على خلق أو إعادة إنتاج ظواهر وديناميات سلبية في المجتمع، قائمة على أشكال تميزية قائمة على الانتماء الديني أو السياسي، أو المناطقية، بحيث لا تقدم خدماتها إلا لأولئك الذين يتوافقون مع أفكارها وانتماءاتها الدينية أو السياسة أو الاجتماعية؟
- وهل يتم استغلال هؤلاء المستفيدين من خدماتها لتحقيق مأرب انتخابية أو سياسية أو غيرها؟
واستنادا إلى هذه الأسئلة، فانه يمكن طرح مجموعة الإيجابيات والتحديات على المستوى الكلي لهذه الجمعيات عموما:
أولا: الإيجابيات
تخفيف الفقر والحاجة:
- توفير الإغاثة الفورية: تقوم الجمعيات بتقديم المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية للفقراء والمهمشين، مما يساعد في تخفيف معاناتهم وتلبية احتياجاتهم الأساسية.
- سد الفجوة: تسهم في ملء الفجوة التي تتركها حكومات ومؤسسات الحماية الاجتماعية الرسمية التي قد تكون غير قادرة على تلبية جميع احتياجات الفئات الضعيفة.
تحفيز المساهمة المجتمعية:
- التبرعات والدعم: تساهم الجمعيات في تشجيع الأفراد والشركات على التبرع والمشاركة في العمل الخيري، مما يعزز من روح التكافل والتعاون المجتمعي.
- المشاركة في التنمية: تشارك في برامج التنمية المجتمعية التي قد تكون غير مدعومة بشكل كافٍ من قبل الحكومة.
الابتكار في الحلول:
- حلول مرنة: توفر الجمعيات حلولاً مرنة ومبتكرة لمشاكل الفقر، حيث يمكنها تجربة استراتيجيات جديدة وتجريب برامج مختلفة بشكل قد تكون أسرع من المؤسسات الحكومية.
ثانيا: التحديات
تقليل ضغط على الحكومات:
- الإحساس بالراحة: قد يؤدي وجود هذه الجمعيات إلى تقليل الضغط على الحكومات لتطوير وتعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية الرسمية، مما يؤدي إلى بطء التقدم في تحسين سياسات الحماية الاجتماعية.
- تفريغ المسؤوليات: قد ينشأ شعور بأن الجمعيات تتحمل العبء بدلاً من المؤسسات الحكومية، مما قد يؤدي إلى تقليص الالتزام الحكومي بتحقيق حماية اجتماعية شاملة.
ضعف الاستدامة:
- اعتماد غير مستدام: قد يعتمد الفقراء بشكل مفرط على المساعدات من الجمعيات، مما قد يقلل من حوافزهم للانخراط في برامج الحماية الاجتماعية الرسمية أو البحث عن تحسينات دائمة في أوضاعهم الاقتصادية.
مشكلات التميز والتحيز السلبي:
- التوزيع غير العادل: قد تنتهج الجمعيات تحيزات سلبية في تقديم خدماتها، مما يؤدي إلى تمييز ضد بعض الفئات بناءً على الدين، أو الانتماء السياسي، أو المناطقية.
- إعادة إنتاج الديناميات السلبية: قد تعزز بعض الجمعيات الديناميات الاجتماعية السلبية من خلال تخصيص الموارد لمجموعات معينة دون غيرها، مما يعزز التفرقة والتمييز داخل المجتمع
الاستغلال السياسي:
- لأغراض سياسية وانتخابية: قد يتم استغلال المساعدات لتأثير سياسي، حيث يتم توجيه المساعدات لتحقيق أهداف انتخابية أو لتعزيز شعبية السياسيين.
تأثيرات سلبية على الانخراط في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية:
- التهرب من الاشتراكات: قد يشجع وجود المساعدات من الجمعيات بعض الأفراد على التهرب من الاشتراك في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية.
إن أهمية وجود الجمعيات والتعاونيات يجب أن يكون بديلاً عن مؤسسات الحماية الاجتماعية الرسمية، بل يجب أن يكملها ويعززها لضمان تحقيق حماية اجتماعية شاملة ومستدامة لجميع فئات المجتمع، وفي هذا الإطار فانه لا بد من التأكيد على:
التكامل مع السياسات الحكومية:
- التنسيق مع الحكومة: يجب على الجمعيات العمل بالتنسيق مع الحكومات لضمان عدم تداخل الجهود ولتقديم دعم إضافي يتكامل مع السياسات الرسمية.
تشجيع الاستقلالية:
- تعزيز القدرة على الاعتماد على الذات: ينبغي على الجمعيات أن تسعى لتوفير برامج تعزز قدرة الفقراء على تحسين أوضاعهم الاقتصادية بشكل دائم، ونقلهم من دائرة الاخذ إلى دائرة المشاركة والعطاء.
الشفافية والتوزيع العادل:
- الشفافية في توزيع الموارد: يجب أن تعمل الجمعيات بشفافية لضمان توزيع الموارد بشكل عادل وغير تمييزي.
المساءلة:
- المراقبة والمراجعة: إجراء تقييمات دورية لمراقبة استخدام الموارد وضمان عدم استغلال المستفيدين لتحقيق أهداف سياسية أو انتخابية، أو عشائرية، أو مناطقية، أو على أساس ديني.
تشجيع الاندماج في نظم الحماية الاجتماعية:
- تعزيز التوعية: يجب على الجمعيات العمل على زيادة الوعي حول أهمية الانخراط في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية وتعزيز فوائدها للمجتمعات الضعيفة، بل وفي بعض الأحيان المساهمة في دفع بعض الاشتراكات عنهم.
ان الحاجة إلى وجود التوزان الذي يعكس أهمية الجمعيات في دعم الفقراء والمهمشين، وفي الوقت نفسه الحاجة إلى التوازن بين الدعم من الجمعيات وتعزيز فعالية الأنظمة الحكومية لضمان حماية اجتماعية شاملة ومستدامة، لا تستني أحدا خلفها.
أبرز إنجازات تكية أم علي
انطلاقا من رؤية التكية ورسالتها، وجملة البرامج التي تنفذها ضمن نطاقها الجغرافي في المملكة الأردنية الهاشمية، وفلسطين في الضفة والقطاع، فان الأرقام والإحصاءات التالية تظهر تطورا عمال التكية وأعداد المستفيدين من خدماتها وبرامجها، وذلك كما يلي:
جدول رقم (2)- أبرز إنجازات تكية ام علي خلال العشرين سنة
الرقم |
البيان |
العدد |
1 |
الطرود الغذائية |
2,858,653 |
2 |
وجبــة إفطــار للصــائميــن |
1,144,100 |
3 |
وجبة ساخنة |
1,700,102 |
4 |
متطوع |
27,481 |
5 |
متبرع |
103,000 |
- المصدر: تكية ام علي، التقرير السنوي، 2022
جمعية ارحابا الخيرية
قصة التأسيس
يعود تأسيس جمعية ارحابا الخيرية إلى العام 1983، وذلك عندما تداعى عدد من أبناء البلدة رغبة منهم في المساهمة في تحسين أوضاع السكان وتشكيل نواه للخدمة المجتمعية. باشروا بتقديم الأوراق الرسمية اللازمة إلى وزارة التنمية الاجتماعية لإنشاء الجمعية، والحصول على الموافقات الرسمية. ومنذ ذلك الوقت والجمعية حاضرة وتقدم خدماتها في نطاق جغرافي يشكل بشكل أساسي قرية ارحابا، والمناطق الجغرافية اللصيقة بها، مثل منطقة عصيم، وقرية زوبيا، والتي يقدر عدد سكانها بحوالي 20 الف نسمة، وقد ركزت الجمعية نشاطاتها وبرامجها في سنواتها الأولى على البرامج التعليمية وخاصة لرياض الأطفال، وبالفعل استطاعت الجمعية ان تنشئ روضة لتعليم الصفوف ما قبل المدرسة، وتوسعت فيما بعد لتقدم خدمات التربية الخاصة، وبرامج التقوية، وبأسعار رمزية للمجتمع المحلي.
كما استطاعت الجمعية من تملك قطة ارض في موقع متميز عند مدخل القرية، تمكنت من بناء مجمع يتكون من طابقين، يتم أشغاله من قبل الجمعية لممارسة كافة نشاطاتها التعليمية والحرفية والتدريبية، بالإضافة إلى قاعات للتدريب المهني وخاصة لتعليم الخيايطة لسيدات المجتمع المحلي، بالإضافة إلى مطبخ إنتاجي يعني بإنتاج وتجفيف المواد الغذائية المنتجة محليا مثل البندورة، والعنب، والتين، والتي يتم بيعها إلى المجتمع المحلي وخارجه.
كما استطاعت الجمعية من بناء عددا من المخازن التجارية، على الشارع الرئيسي للقرية، وضمن نطاق المجمع الخاص بها، وجميع هذه المخازن مؤجرة لصالح المؤسسة الاستهلاكية العسكرية، وتدر دخلا جيدا على الجمعية، بما يساعدها على تلبية احتياجاتها ودفع الرواتب والالتزامات المالية المترتبة عليها. ومن جانب آخر استطاعت الجمعية من توظيف عدد من بنات وأبناء قرية ارحابا، وتوفير فرص عمل لهم داخل الجمعية، وخاصة في الوظائف التعليمية والمهنية والخدمية.
برامج الجمعية
استنادا إلى الزيارة الميدانية التي تم القيام بها إلى مقر الجمعية، والالتقاء بإدارتها وأعضائها، يتضح ان الجمعية تقوم بتنفيذ برامج، وذلك كما يلي:
- البرامج التعليمية: حيث تقدم الجمعية برامجها المتعلقة بالنشاطات التعليمية المتمثلة برياض الأطفال، والتربية الخاصة، وبعض برامج التقوية، بأسعار مخفضة وذلك لضمان الإدامة والتشغيل.
- برنامج المساعدات: والتي تكون على شكل مساعدات نقدية، و/ أو عينية، يكون مصدرها في الغالب من المجتمع المحلي، والبعض الآخر من جمعيات أخرى، وتتعزز مثل هذه المساعدات في المناسبات الدينية كشهر رمضان، وعيد الأضحى. ويغطي برنامج مساعدات الجمعية قاعدة بيانات لـ 300 أسرة، تشكّل غالبيتها الأرامل، والأيتام، والحالات الصحية الصعبة.
- برامج التمكين الاقتصادي: يتمثل برنامج التمكين الاقتصادي في جمعية ارحابا الخيرية، بتدريب المجتمع المحلي على بعض المهارات المتعلقة بالخياطة، والتجميل، ومهارات الطبخ لغايات بناء وتشغيل المطابخ الإنتاجية، حيث يتم استقطاب مشاركات ومشاركين من أبناء المجتمع المحلي من الأردنيين والسوريين، ويتم تمويل مثل هذه البرامج من خلال المنظمات الدولية، مثل الوكالة الإيطالية للتنمية والتعاون، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والوكالة الأمريكية للتنمية ويكون دور الجمعية دورا وسيطا فيما بين المجتمع المحلي وهذه الجهات. في هذا الصدد تشير بيانات الجمعية إلى أنه تم تدريب حوالي 180 سيدة على البرامج المذكورة، إلا ان ما تبقّى منها على أرض الواقع ما يقارب فقط 15 مشروعاً.
الموارد المالية للجمعية
تعتمد جمعية ارحابا الخيرية في إدارة أعمالها وبرامجها ونشاطاتها على مجموعة المصادر المالية التالية:
- الاشتراكات التي يؤديها أعضاء الهيئة العامة المشتركين في الجمعية.
- إيجارات المخازن التجارية المؤجرة حاليا للمؤسسة الاستهلاكية العسكرية والتي تقدر بحوالي 84 ألف دولار سنويا
- رسوم النشاطات والبرامج التعليمية التي يدفعها الأهالي، لتغطية نفقاتها التشغيلية.
- التبرعات.
إيجابيات الجمعية
- تنوع البرامج والخدمات: تشمل الجمعية برامج تعليمية، مساعدة اقتصادية، وتمكين اقتصادي، مما يعزز دورها في المجتمع.
- موقع متميز: تملك الجمعية مجمعاً في موقع استراتيجي يسهل الوصول إليه ويزيد من فعاليتها.
- مصادر تمويل ذاتي تأجير المخازن للمؤسسة الاستهلاكية العسكرية يوفر دخلاً ثابتاً يساعد الجمعية على تلبية التزاماتها المالية.
- تعزيز التماسك المجتمعي: من خلال إشراك المواطنين واللاجئين وخاصة السوريين في برامج وأنشطة الجمعية.
نقاط الضعف
- قلة الأعضاء: على الرغم من التاريخ الطويل للجمعية، إلا أن عدد أعضاء الهيئة العامة بحدود 93 عضوا، على الجمعية الترويج أكثر لبرامجها ونشاطاتها، لجذب المزيد من الأعضاء.
- قلة عدد المشاريع المستدامة: رغم التدريب، فإن عدد المشاريع المستدامة قليل جداً (15 مشروعاً فقط)، على الجمعية أن تحدد أولويات المجتمع المحلي، وان توفر قنوات تسويقية لمنتجاتها ومنتجات المستفيدين من برامجها من المجتمع المحلي
- اعتماد كبير على المساعدات: تعتمد الجمعية بشكل كبير على المساعدات من المجتمع المحلي والجمعيات الأخرى، مما قد يعرضها للخطر في حالة تراجع هذه المساعدات.
- قاعدة بيانات محدودة للمساعدات: يغطي برنامج المساعدات 300 أسرة فقط، وهو عدد محدود مقارنة بحجم السكان المحتاجين.
- نقص في تنوع الأنشطة الاقتصادية: البرامج الحالية تركز على الخياطة والتجميل والطبخ فقط، مما يقلل من فرص التوسع والتطوير في مجالات أخرى.
- نقص في الشفافية: عدم وجود موقع إلكتروني رسمي للجمعية، تتمكن من خلاله من نشر تقاريرها وأنشطتها وأعمالها، وتقاريرها المالية.
الفرص التحسينية
- توسيع نطاق المساعدات: زيادة عدد الأسر المستفيدة من برنامج المساعدات من خلال تطوير شراكات جديدة مع منظمات وجمعيات محلية ودولية.
- تنويع الأنشطة الاقتصادية: إدخال برامج تدريبية جديدة تشمل مجالات مختلفة مثل تكنولوجيا المعلومات، التصنيع اليدوي، والزراعة.
- تعزيز الاستدامة المالية: تطوير مشاريع إنتاجية جديدة لتعزيز الدخل المالي المستدام.
- تطوير برامج التعليم: تحسين جودة برامج رياض الأطفال والتربية الخاصة، وتقديم برامج تعليمية جديدة مثل دورات اللغة والتكنولوجيا.
- بناء شبكة علاقات وشراكات: إنشاء علاقات وشراكات مع منظمات محلية ودولية لزيادة الدعم المالي والفني للجمعية.
التوصيات لتعزيز دور الجمعية
- زيادة التواصل المجتمعي: تنظيم فعاليات ولقاءات لزيادة الوعي بدور الجمعية وجذب المزيد من الدعم من المجتمع المحلي والدولي.
- تحديد الأولويات المجتمعية: أن تعمل الجمعية وبالشراكة مع المجتمع المحلي على بناء سلة الحاجات والأولويات المجتمعية، ووضعها في خطة تنموية وتقديمها لكفاءة الجهات والمنظمات المانحة.
- التشبيك مع المسوقين: أن تعمل الجمعية على التشبيك مع الجهات ذات العلاقة لغايات التسويق والترويج لمنتجاتها.
- تطوير البنية التحتية: تحسين وتحديث مرافق الجمعية وتوفير معدات حديثة لدعم الأنشطة المختلفة.
- إطلاق حملات تبرع: تنظيم حملات تبرع دورية لجمع الأموال لدعم المشاريع والبرامج الجديدة.
- تقييم دوري للبرامج: إجراء تقييم دوري لبرامج الجمعية لضمان جودتها وفاعليتها، وإجراء التحسينات اللازمة بناءً على نتائج التقييم.
- بناء وتفعيل موقع إلكتروني: بناء موقع إلكتروني رسمي للجمعية، يمكن من خلاله نشر تقاريرها وأعمالها وأنشطتها ولقاءتها، وبما يضمن تعزيز الشفافية والمساءلة.
النتائج
من خلال هذه الورقة واستنادا إلى بياناتها ومعطياتها السابقة، فانه يمكن الخروج بجملة النتائج التالية:
أولا: على مستوى الأجهزة التنفيذية الرسمية التي تدير برامج الحماية الاجتماعية
- تعدد الأجهزة التنفيذية الرسمية القائمة على برامج الحماية الاجتماعية، كمؤسسة الضمان الاجتماعي، وصندوق المعونة الوطنية، والصندوق الأردني للزكاة، مما يخلق يشير إلى غياب سياسة عامة موحدة للتعامل مع برنامج الحماية الاجتماعية عموما.
ثانيا: على مستوى الدور الإيجابي الذي تقوم به الجمعيات الخيرية
- تساهم الجمعيات الخيرية في لعب دور إسعافي في تلبية احتياجات الفئات الفقيرة والمهمشة والضعيفة، وعلى وجه الخصوص النساء والأطفال وكبار السن، ممن يقعون تحت خط الفقر، وخط الفقر الغذائي، والذين لم يتمكنوا من استكمال والحصول على اشتراطات ومنافع برامج الحماية الاجتماعية الرسمية سواء القائمة على الاشتراكات كمؤسسات الضمان الاجتماعي، أو غير القائمة على الاشتراكات كصناديق المعونة الوطنية وغيرها.
- لا يمكن ولا يجب لبرامج الجمعيات الخيرية أن تشكل بديلا عن الدور الرسمي لمؤسسات الحماية الاجتماعية الرسمية، كما أنها لا تستطيع بأي حال من الأحوال أن تكون بديلا عن هذه المؤسسات الرسمية، ولكنها يمكن أن تلعب دورا مساندا لمؤسسات الضمان والتقاعد والتأمينات الاجتماعية الرسمية، فتكية أم علي وباعتبارها واحدة من اكبر وانشط الجمعيات الخيرية في الأردن، مجموع التبرعات التي تحصل عليها سنويا بحدود 12 مليون دينار اردني، وهي غير كافية على الإطلاق لتلبية احتياجات الفقراء المتزايدة سواء من حيث خدمات الإطعام، أو السكن، أو الصحة، واذا ما قارنها بالجمعيات الصغيرة كجمعية ارحابا الخيرية، فإنها لن تكون قادرة باي حال من الأحوال على تلبية احتياجات المهمشين والفقراء والمهاجرين والفئات الضعيفة.
ثالثا: على مستوى الدور الذي يمكن أن يؤثر سلبا على
- تعمل الجمعيات على سد الفجوات التي قد تتركها السياسات الحكومية، مما يزيد من التراخي ويقلل من الضغط على السلطات الحكومية لتحسين وتوسيع أنظمة الحماية الاجتماعية الرسمية، وخاصة للعاملين في القطاع غير الرسمي، أو عمال المياومة، أو خدم المنازل من هم في حكمهم.
- قد تسفر تصرفات الجمعيات الخيرية في بعض الأحيان عن تحيزات سلبية في تقديم خدماتها، مما يؤدي إلى تمييز سلبي وغير عادل ضد بعض الفئات بناءً على الدين، أو الانتماء السياسي، أو المناطقية، أو مصالح انتخابية.
- تأثيرات سلبية على الانخراط في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية: قد يشجع وجود المساعدات من الجمعيات بعض الأفراد على التهرب أو عدم الرغبة في الاشتراك في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية.
رابعا: على مستوى الإدارة والشفافية
- أظهرت هذه الورقة أن هناك تباينا بين الجمعيات كما ظهر بين جمعية تكية أم علي، وجمعية ارحابا الخيرية، وهو الأمر الذي قد ينسحب على العديد من الجمعيات الصغيرة المنتشرة في المحافظات والأطراف، أظهرت أهمية توفير البيانات والمعلومات والتقارير ونشرها، وسهولة الحصول عليها، فتكية أم علي نجد سهولة في الحصول على بياناتها ومعلوماتها وتقاريرها المالية وتقرير تدقيق حساباتها، ولعل هذا اثر إيجابا في استمرارية المتبرعين معها، حيث ان ما يقارب 80% من تبرعاتها تأتي من الأفراد، وان ما يقارب 85% منهم مستمرين في تبرعاتهم مع الجمعية، بينما على الطرف الآخر نجد أن جمعية ارحابا غير قادرة على توفير مثل هذه البيانات من خلال موقعها الإلكتروني، حيث لا يوجد موقع إلكتروني رسمي، ولعل تراجع الشفافية هذا قد اثر على عدد أعضاء الهيئة العامة للجمعية، فعلى الرغم من تاريخها الذي يقارب 40 عاما، ما زال عدد أعضاء هيئتها العامة بحدود 100 عضو فقط.
- تأثير الشفافية، هناك دلائل قوية تدعم أن الشفافية في العمليات الإدارية والتقارير المالية للجمعيات الخيرية تزيد من ثقة المتبرعين وتعزز الاستدامة المالية. الجمعيات التي تنشر تقاريرها بانتظام وتوفر بيانات واضحة تميل إلى جذب مزيد من الدعم والمساهمات المستمرة.
- أظهرت الورقة أهمية ان تقوم الجمعيات الخيرية على اختلاف مستوياتها، بضرورة تحديد أولوياتها من خلال الشراكة مع المجتمع المحلي، لتحديد المشاكل والتحديات والاولويات المجتمعية، من خلال خطة متكاملة ووفقا لنطاق عملها، لتتمكن من تقديم هذه الأولويات إلى الجهات والمنظمات الوطنية والدولية، لا ان تكتفي فقط بأن تلعب دور الوسيط فيما بين الجمعية والمنظمات الأخرى، مع ضرورة قياس أثر هذه البرامج على المجتمعات المحلية.
- التأثير على التماسك المجتمعي: التأثير على التماسك المجتمعي المحلي: الجمعيات الخيرية لا تلعب دوراً فقط في تقديم الدعم الاقتصادي، ولكنها تساهم أيضًا في تعزيز التماسك المجتمعي المحلي من خلال خلق إشراك المواطنين واللاجئين السوريين، كما هو الحال في جمعية ارحابا الخيرية، والعديد من الجمعيات الأخرى المشابهة.
- تباين فعالية البرامج والتأثير: أظهرت الورقة أن التباين في فعالية البرامج بين الجمعيات الخيرية الكبيرة والصغيرة يتأثر بعدة عوامل، منها الموارد المتاحة، استراتيجيات التوزيع، وكفاءة الإدارة. الجمعيات الكبيرة مثل تكية أم علي تمتلك موارد أفضل وقدرة أكبر على الوصول إلى الفئات المستهدفة بفعالية أعلى مقارنةً بالجمعيات الصغيرة.
- تحسين الكفاءة، نتائج هذه الورقة تشير إلى أن استخدام التكنولوجيا في إدارة وتنفيذ البرامج الخيرية، كما في تكية أم علي، يمكن أن يعزز الكفاءة ويزيد من الشفافية. أدوات التكنولوجيا مثل نظم إدارة المعلومات والتطبيقات الرقمية تساعد الجمعيات على تتبع التبرعات وتحسين توزيع الموارد.
التوصيات
استنادا إلى النتائج أعلاه، فان هذه الورقة تقدم التوصيات التالية:
- وضع سياسة موحدة:
- تطوير سياسة عامة: توصي الورقة بضرورة تطوير سياسة عامة موحدة لتنسيق جهود مختلف الأجهزة التنفيذية وتوحيد استراتيجياتها. وإعادة هندسة نظم الحماية الاجتماعية القائمة على الاشتراكات وغير القائمة على الاشتراكات، لتعمل تحت مظلة موحدة، وسياسة عامة واحدة، شعارها " ان لا نستثني أحدا خلفنا" وخاصة الفئات الضعيفة والمهمشة.
- تحسين التنسيق
- تعزيز التنسيق بين هذه مؤسسات الحماية الاجتماعية، من خلال تبادل البيانات والمعلومات وتنسيق برامج الحماية الاجتماعية لضمان عدم تداخل الجهود وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة.
- تعزيز الشراكة
- زيادة التعاون: توصي الورقة بزيادة التعاون بين الجمعيات الخيرية والمؤسسات الحكومية لتعزيز فعالية برامج الحماية الاجتماعية. يجب تشجيع الجمعيات على العمل كشركاء داعمين بدلاً من الاعتماد عليها كبديل للمؤسسات الرسمية.
- زيادة الدعم: ينبغي على الحكومة والمؤسسات المعنية زيادة الدعم المادي والتقني للجمعيات الخيرية لضمان قدرتها على تلبية احتياجات الفئات الضعيفة بشكل أفضل.
- المراقبة وتقييم
- آلية للمراقبة والتقييم: توصي الورقة بإنشاء آلية لمراقبة وتقييم أداء الجمعيات الخيرية لضمان عدم وجود تحيزات سلبية في تقديم الخدمات. ينبغي على الجهات المعنية صاحبة الاختصاص كوزارة التنمية الاجتماعية، وزارة الداخلية، وزارة الأوقاف وغيرها، وضع معايير واضحة وتدابير رقابية لمراجعة أنشطة الجمعيات.
- تعزيز الوعي:
- الانخراط في نظم الحماية الاجتماعية: يجب على الجهات المعنية وخاصة مؤسسات الضمان الاجتماعي، زيادة الوعي حول أهمية الانخراط في نظم الحماية الاجتماعية الرسمية وتوضيح الفوائد المتوقعة من الاشتراك فيها، وباعتباره حقا من الحقوق، مما قد يقلل من احتمالية التهرب منها.
- الإدارة والحكومة:
- تعزيز الأطر القانونية والإجرائية: بما يضمن الحوكمة الكاملة لكافة أعمال وأنشطة الجمعيات الأهلية، ويعزز الشفافية والإفصاح والمساءلة.
- تحسين الشفافية: ضرورة تحسين الشفافية في الإدارة ونشر المعلومات والتقارير المالية لجميع الجمعيات. ينبغي على الجمعيات الصغيرة تعزيز جهودها في نشر البيانات وتقديم تقارير دورية لتعزيز ثقة المتبرعين والمجتمع المحلي.
- تحديد الأولويات المجتمعية: دعوة الجمعيات إلى عدم الاكتفاء بلعب دور الوسيط فقط فيما بين المنظمات الدولية والمجتمعات المحلية، بل التأكد من جدوى وفعالية ومدى أولوية البرامج التي تنفذها هذه المنظمات، وانعكاسها الإيجابي على المجتمع المحلي وتعزيز الحماية الاجتماعية، مع أهمية متابعة هذه البرامج والمشاريع وقياس أثرها، بما يضمن ديمومتها وتوسع أنشطتها.
- قياس الأثر: دعوة الجمعيات وكافة الجهات ذات العلاقة، إلى ضرورة اجراء دراسات قياس الأثر، للوقوف الفعلي على أثر البرامج التي تنفذها هذه الجمعيات على المجتمعات المحلية عموما، وعلى تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية على وجه الخصوص.
استخدام التكنولوجيا: تشجيع الجمعيات على استخدام التكنولوجيا في إدارة وتنفيذ البرامج، بما في ذلك إنشاء مواقع إلكترونية رسمية ونظم إدارة معلومات، لزيادة الكفاءة والشفافية.
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.