مقدمة
ألحقت عقود من العنف والصراع والأزمات الإنسانية، إلى جانب العقوبات الدولية والإهمال المستمر للقطاع الصحي، أضراراً جسيمة بنظام الرعاية الصحية في العراق. ونتيجةً لذلك، غادر العديد من الأطباء المهرة، وغيرهم من الممارسين الطبيين البلاد، ما سبّب نقصاً في الكوادر الطبية. وعلاوة على ذلك، يضمر العراقيون درجةً كبيرةً من عدم الثقة في الحكومة ونظام الرعاية الصحية العامة، لا سيما بعد تفشي جائحة كوفيد-19 التي كشفت وفاقمت نقاط الضعف العديدة في البنية التحتية للرعاية الصحية العامة وتقديمها. وبعد أن كان نظام الرعاية الصحية مزدهراً ومتطوراً، أصبح العراق ينزف باطراد بسبب نقص الكفاءات. إذ يهاجر الكادر الطبي وغيره من ممارسي الرعاية الصحية بحثاً عن ظروف عمل أفضل في الخارج. وفي السياق نفسه، يسافر عدد كبير من العراقيين إلى دول الجوار الإقليمي للحصول على الرعاية الطبية، بما في ذلك لبنان وإيران والأردن وتركيا.
من الناحية المثالية، توفر الدولة السلامة الاجتماعية والرعاية الصحية كحقوق أساسية للجميع، لضمان الوصول العادل والتغطية الكاملة. ومع ذلك، لا يزال نظام الرعاية الصحية في العراق يعاني من أزمة حادة، ويتّسم بعدم التنظيم وسوء التخطيط، ونقص الموظفين والموارد، والتجزئة، وعدم كفاية التغطية، والفساد المستشري، ما يؤدي في المقابل إلى تآكل جودة خدمات الرعاية الصحية الأساسية والمتخصصة، والقدرة على تحمل تكاليفها، وإمكانية الوصول إليها بالنسبة إلى غالبية العراقيين. ويتسبب غياب السياسات الصحية المستدامة طويلة الأجل، بتوسيع نطاق عدم المساواة بين العراقيين؛ فتنتشر أنظمة الرعاية الصحية الخاصة واسعة النطاق التي تعمل كبديل للنظام الصحي العام، بمعدل ثابت في جميع أنحاء البلاد، ما يخلق نظام رعاية صحية "من مستويين" - أي نظام رعاية صحية من مستويين - أحدهما لمن يستطيع تحمّل تكاليف خدمات الرعاية الصحية الخاصة، والآخر لمن لا يستطيع تحمّلها. كما أن المشهد الحالي يتيح ويوسّع الفجوة في الفوارق الصحية بين العراقيين.
تعتمد هذه الورقة على الوثائق والتقارير والدراسات، بالإضافة إلى التجارب السابقة الحديثة على أرض الواقع من جهة برامج إدارة المالية العامة والمالية العامة والسياسة العامة الإقليمية. كما ستستعرض الورقة تاريخ أزمة الرعاية الصحية في العراق، وتأثير العقوبات على التغطية الصحية، فضلاً عن الضغط الذي فرضته جائحة كوفيد-19 على تقديم الخدمات. ثم ستبني الورقة حالة لخطة تأمين صحي تعاوني، كاستجابة وسيطة للاستفادة من نقاط القوة في القطاعين العام والخاص في العراق. والأهم، لتخفيف الاحتياجات الفورية للرعاية الصحية لسكان البلاد. وأخيراً، ستوضح الورقة توصيات السياسة العامة لتحقيق هذه الغاية، ولمنظومة الرعاية الصحية العراقية بشكلٍ عام.
الجزء الأول: الخلفية والسياق: محدودية نظام الحماية الاجتماعية في العراق
في السابق، كان الضمان الاجتماعي في العراق، بما في ذلك التأمين الاجتماعي ومخصصات رعاية الأطفال والمعاشات التقاعدية، مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتوظيف في القطاع العام. زادت جائحة كوفيد-19 معدلات الفقر والبطالة، وانعدام الأمن الغذائي بشكلٍ كبير. ويُعتبر نقص فرص العمل لسكانه المتزايدين السبب الرئيسي لفقر الموارد في العراق.. فاليوم، لا يملك نحو 96 في المئة من العراقيين تأميناً صحياً. وبالتالي، يعتمد معظم العراقيين على نظام الرعاية الصحية العامة الذي تديره الحكومة المركزية، وهو يعاني من ضعف التمويل ومحدودية خيارات العلاج. ونظراً إلى محدودية القطاع العام في توفير الرعاية الصحية الشاملة للمواطنين العراقيين، ثبتت الحاجة إلى نهج أكثر تعاوناً بين الكيانات العامة والخاصة للمساعدة في تأمين هذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان. فالعراق بلد غني بالنفط، ما سمح له بالحصول على مرتبة الشريحة العليا من الدخل المتوسط، على الرغم من أن مؤسساته ونتائجه الاجتماعية والاقتصادية لا ترقى إلى المستوى نفسه. ودعت المذكرات الاقتصادية القطرية المتتالية للبنك الدولي إلى إجراء إصلاحات لتحسين ظروف ومستويات المعيشة، وأبرزها: الانتقال من (أ) النزاع إلى إعادة التأهيل، (ب) هيمنة الدولة إلى التوجه نحو السوق، (ج) الاعتماد على النفط إلى التنويع، (د) العزلة إلى الاندماج العالمي والإقليمي في أعقاب التدهور الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19. واعتمدت الحكومة العراقية كتاباً أبيض حول الإصلاح الاقتصادي في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 حدد اعتماد العراق الشديد على النفط، وقطاع الدولة المتضخم، والبنية التحتية غير الكافية، كعقبات هيكلية رئيسية يجب معالجتها لتحقيق اقتصاد عراقي فعال، يشمل جميع الركائز الأربع التي دعت إليها ورقة العمل المشتركة، فنموذج التأمين الصحي التعاوني الجديد الموصى به في هذه الورقة سيضع الحكومة أمام مسؤوليتها عن إمكانية الوصول إلى نظام الرعاية الصحية وجودته، مع تفويض الإدارة إلى القطاع الخاص.
البرامج العامة للحماية الاجتماعية في العراق وتحدياتها وأوجه القصور فيها
تتخذ المساعدات الاجتماعية في العراق أشكالاً متعددة، ينتج عنها عدم تنسيق المسؤوليات بين مختلف الهيئات والسلطات، ويخلق مشهداً مجزأً للحماية الاجتماعية. ونتيجةً لعدم وجود رؤية وطنية موحدة، تعجز السلطات المختلفة عن التعاون في ما بينها، ما يؤدي إلى ازدواجية بعض استحقاقات الحماية الاجتماعية، وانعدام بعضها الآخر. تتوفر أربعة أنظمة رئيسية ضمن إطار الحماية الاجتماعية، وهي: نظام التقاعد للموظفين الحكوميين، والضمان الاجتماعي للعمال، ونظام البطاقة التموينية، وشبكة الحماية الاجتماعية. ويعمل كل نظام بشكل مستقل عن الآخر، ما يسبب تداخلاً و/أو عدم اكتمال قاعدة البيانات.
أُنشئت هيئة الحماية الاجتماعية للإشراف على المساعدات الاجتماعية في العراق، بموجب قانون الحماية الاجتماعية (قانون 11) الذي دخل حيّز التنفيذ عام 2014. وهدفت خارطة الطريق الاستراتيجية للحماية الاجتماعية في العراق التي أُطلقت في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه، إلى وضع نظام كامل ومتكامل وفعال للحماية الاجتماعية في العراق، يشمل شبكات الأمان الاجتماعي، والتأمين الاجتماعي، وبرامج سوق العمل. ومع ذلك، لا تزال شريحة كبيرة من سكان العراق - بمن فيهم العديد من الفئات الأكثر ضعفاً - غير مؤمّن عليها سواء في إطار البرامج القائمة أو غير القائمة على الاشتراكات. قبل عام 2014، اعتمد برنامج الضمان الاجتماعي الأساسي في العراق على فئات محددة مسبقاً على أساس العمر والإعاقة، وعوامل أخرى قد تكون أو لا تكون مرتبطة بالفقر والضعف. ونتيجة لذلك، لم تستفد غالبية الفقراء والضعفاء من هذا البرنامج. في عام 2012، صنف 18.9 في المئة من العراقيين على أنهم فقراء، وارتفع هذا الرقم إلى 22.5 في المئة نتيجةً للصراع الداخلي وانهيار أسعار النفط عام 2014. بدأت الحكومة في إعطاء الأولوية للحماية الاجتماعية بشكل أكبر بعد عام 2014، وأصدرت قوانين تركز على إصلاح برامج المساعدة الاجتماعية الأساسية وإنشاء شبكة الحماية الاجتماعية الحالية.
وحدث تطور مهم في شباط/ فبراير 2023، إذ قررت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية تقييم أوضاع 180 ألف نازحٍ عراقي يعيشون في 24 مخيماً في كردستان العراق، وأعطت أولوية خاصة لحالات النازحين والعائدين في إقليم كردستان للتسجيل في برنامج الحد من الفقر "شبكة الأمان الاجتماعي". وكان مقرراً تنفيذ ذلك بغض النظر عن حالة تسجيل الأفراد في نظام التسجيل الإلكتروني لوزارة العمل والشؤون الذي يعد شرطاً لأي مواطن عراقي يدّعي استيفاء معايير شبكة الأمان الاجتماعي. وبناءً على ذلك، سيستفيد النازحون الذين يتبين أنهم يستوفون معايير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الخاصة بالضعفاء، من دفعات نقدية شهرية لمساعدتهم على تلبية احتياجاتهم الفورية (بمعدل 85/125,000 دينار عراقي للشخص الواحد شهرياً). وسيتلقى الأفراد والأسر المستضعفة، بمن فيهم الأسر التي تعيلها النساء والأشخاص ذوو الإعاقة، مساعدات نقدية إضافية. ومنذ بداية حملة التسجيل التي نفذتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وحتى 5 آب /أغسطس2023،سجّلت نحو 5,490 أسرة في مخيمات دهوك و900 أسرة في المخيمات التي تديرها أربيل لدى شبكة الأمان الاجتماعي. وبدأ العديد منهم في تلقي المنح النقدية من شبكة الأمان الاجتماعي منذ بداية شهر تموز/ يوليو 2023.
نظام الحماية الاجتماعية الرسمي وغير الرسمي في العراق
البرامج الرسمية للحماية الاجتماعية
يتألف نظام التأمينات الاجتماعية القائم على الاشتراكات في العراق من صندوقين: نظام التقاعد الحكومي (يشمل موظفي الخدمة المدنية والموظفين في المؤسسات المملوكة للدولة)، ونظام التأمينات الاجتماعية الذي أنشأه قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014، وهو يوفر معاشات تقاعدية في حالة الشيخوخة أو العجز أو الوفاة. تُقدم استحقاقات المرض والأمومة مباشرةً من قبل الإدارة إلى موظفي القطاع العام وفقاً لقانون موظفي الخدمة المدنية. وبموجب قانون الضمان الاجتماعي رقم 39 لعام 1971، يتمتع العاملون في القطاع الخاص بالحماية عبر التأمين الاجتماعي. وعلى الرغم من أن القانون ينص على استحقاقات الضمان الاجتماعي الشاملة، بما فيها المرض والأمومة، إلا أن نظام المعاشات التقاعدية هو الوحيد المتاح حالياً للعاملين في القطاع الخاص.
علاوة على ذلك، يوجد برنامجان رئيسيان للمساعدات الاجتماعية الممولة من الضرائب في العراق. وهما: نظام التوزيع العام الذي يوفر حصصاً غذائية لجميع الأسر في البلاد تقريباً، وشبكة الأمان الاجتماعي، وهي عبارة عن تحويلات نقدية مشروطة تستهدف الفقر وتغطي نحو 1.2 مليون أسرة عراقية. ويواجه كلا البرنامجين سلسلة من التحديات، مع وجود تنسيق ضئيل للغاية بينهما، ما يُضعف نظام المساعدة الاجتماعية العام. وفي حين تضع برامج الحماية الاجتماعية عبئاً كبيراً على ميزانية الحكومة، يبقى تأثيرها غير كافٍ لتحقيق الأهداف التنموية المتمثلة في حماية الناس خلال مراحل الانتقال من الحياة والعمل، وتعزيز إضفاء الطابع الرسمي وتنقّل العمالة، وتعزيز التحول إلى نموذج نمو شامل بقيادة رأس المال البشري ذي الإنتاجية الأعلى. وفي اللحظة التي تتعرض فيها المالية العامة للضغط، ستتعرّض بقية الاقتصاد للضغط.
البرامج غير الرسمية للحماية الاجتماعية
يستهدف نظام الحماية الاجتماعية غير الحكومية (أو غير الرسمية) في المقام الأول الأشخاص غير المشمولين في البرامج التي تمولها وتشرف عليها الحكومة. وهو قريب من نظام المساعدات الاجتماعية والإنسانية. ويتوفر في العراق العديد من المنظمات غير الحكومية التي يشارك بعضها في الحماية الاجتماعية (على سبيل المثال، رعاية المعوزين والأيتام والأرامل والمطلقات والنازحين). ويشمل هذا النظام منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدينية. وفي حين تتنوع أنشطة منظمات المجتمع المدني، تركز نسبة كبيرة منها على تقديم الدعم والمساعدة للفقراء والضعفاء، عبر المنح النقدية والخدمات العينية مثل المشورة القانونية؛ إلا أن وظائفها تكرر غالباً الوظائف التي تغطيها الحكومة، وإن كان بموارد أقل. وظهرت مؤسسات دينية باسم جهات وهيئات دينية تنشط في المجتمع المحلي. كما تندرج أشكال مختلفة من الأعمال الخيرية الإسلامية، مثل الزكاة والخُمس والصدقات، ضمن هذا النطاق من العمل. ووفرت هذه المؤسسات الملاذ الأساسي للأفراد المستضعفين في العراق، خلال سنوات العقوبات الاقتصادية وإهمال الدولة. كما قدمت المنظمات الدينية أيضاً خدمات اجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم. بالإضافة إلى ذلك، واصلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عملها في تعزيز الخدمات العامة القائمة في إقليم كردستان العراق، بهدف توفير الحماية والدعم للعراقيين واللاجئين على حد سواء، مشيرةً إلى الانتقال من الاستجابة الإنسانية إلى نهج يركز على التنمية.
نظام الضمان الاجتماعي في العراق
يتألف نظام الضمان الاجتماعي العراقي من مكوّن للعاملين في القطاع العام، وآخر للقطاع الخاص. ينجح الصندوق المخصص للقطاع العام في تحقيق تغطية عالية نسبياً، تصل إلى نحو 50 في المئة من القوى العاملة في القطاع؛ غير أن مستويات الاستحقاقات محددة بمستويات عالية جداً، وتُعتبر على نطاق واسع غير مستدامة مالياً. ويغطي الصندوق المخصص للعاملين في القطاع الخاص ما بين 13 في المئة و16 في المئة فقط من القوى العاملة فيه. ويوفر مجموعة محدودة من المزايا، مع إبقاء مسؤولية أصحاب العمل عن الأمومة وإصابات العمل والعجز، بينما لا تتوفر إعانة بطالة. على المستوى الوطني، وضع العراق استراتيجية الحد من الفقر 2018-2022 التي تحدد بناء نظام حماية اجتماعية فعال كهدف استراتيجي. وشكّل إقرار قانون الحماية الاجتماعية رقم 11 لعام 2014 علامةً فارقة. كما وُضعت خارطة الطريق الاستراتيجية للحماية الاجتماعية في العراق 2015-2019، للمساعدة في تنفيذ قانون 2014. كان الهدف منها أن يمتلك العراق نظام حماية اجتماعية شاملاً، يتضمن ثلاث ركائز أساسية: شبكات الأمان الاجتماعي، التأمين الاجتماعي، وإصلاحات سوق العمل.
الجزء الثاني: التحديات وأوجه القصور في برامج شبكات الأمان الاجتماعي العراقية: التأثير على التغطية الصحية
واجه نظام الضمان الاجتماعي العراقي صعوبات عديدة وكبيرة، خصوصاً مع العقوبات (1990-2003) المفروضة على العراق واستنفاد الأموال المخصصة. وتعرّض هذا النظام لضغوطات كبيرة لا سيما بعد تفشي جائحة كوفيد-19.
تطور نظام الرعاية الصحية في العراق (1970-2024)
ينبغي فهم الوضع الراهن للنظام الصحي العراقي، ووضعه في سياقه عبر تاريخ البلاد الطويل من الصراع الذي يمتد إلى ثلاثة عقود. إذ أدت قرارات السياسة الداخلية والخارجية، طوال فترة حكم صدام حسين وما تلاها، إلى إضعاف الخدمات الحكومية تدريجياً، في حين أصبحت الظروف الاجتماعية والاقتصادية أكثر هشاشة. وتُعدّ الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات، وحرب الخليج (1990-1991)، والعقد اللاحق من العقوبات الاقتصادية التي فرضها عليه مجلس الأمن الدولي، والغزو الأميركي عام 2003، عوامل بارزة حددت أزمة العراق الإنسانية التي دمرت التنمية الاجتماعية في البلاد، إلى جانب نظام الصحة العامة الذي كان يتمتع به سابقاً.
فقبل عام 1990، استفاد العراقيون من بعض أرقى مستويات الحياة في الشرق الأوسط، بفضل البنية التحتية الاجتماعية المتطورة في البلاد، ومجموعة مختارة من المرافق الطبية من الدرجة الأولى. وبالفعل، تمكن العراق من تطوير نظام رعاية صحية متقدّم، مع مستشفيات كبيرة ومجهزة جيداً، باستخدام أموال النفط التي كانت تشكل 60 في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي. وعلى وجه التحديد، كان النظام الصحي العراقي ومناهج التعليم الطبي في العراق يحاكيان النظام الصحي في المملكة المتحدة. فكان العديد من الأطباء المقبلين على التخرج يكتسبون كفاءاتهم في الخارج، في أوروبا وخصوصاً في المملكة المتحدة وألمانيا. كما اتسم نظام الرعاية الصحية العراقي الذي ظهر في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، بمستوى عالٍ من المركزية ونموذج الرعاية العلاجية القائم على رأس المال في المستشفيات، بدلاً من نهج الرعاية القائم على السكان، وضرورة الاستيراد المستمر على نطاق واسع للأدوية والمعدات الصيدلانية، والتركيز على تقديم عمليات طبية متخصصة على يد خبراء مدربين. ومع ذلك، كان النظام الصحي مدعوماً بالكامل، وكان بالإمكان تقديم خدمات الرعاية الصحية عالية الجودة مجاناً إلى العراقيين في جميع أنحاء البلاد، في 172 مستشفى، و1200 عيادة رعاية صحية أولية، بينما كان القطاع الصحي الخاص ضعيفاً نسبياً.
لكن في ظل نظام صدام حسين، حُوّلت الأموال بعيداً عن قطاع الرعاية الصحية الذي تعرض إلى ضربة كبيرة خلال العقد الأخير من حكم صدام حسين. إذ خُفِّض التمويل الصحي العام بنسبة 90 في المئة. وأدت الحرب بين إيران والعراق (1980-1988) إلى تفاقم مشكلة وصول المدنيين إلى الأطباء والرعاية الطبية. قبل آب/أغسطس 1990، أشارت التقديرات إلى أن 97 في المئة من سكان المدن في العراق، و71 في المئة من سكان الريف، كانوا يحصلون على خدمات الرعاية الصحية الأولية. لكن، وكرد فعل على غزو الجيش العراقي للكويت في 2 آب/ أغسطس 1990 ، ما أطلق سلسلة من الأحداث التي تطورت إلى حرب الخليج (1990-1991)، فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على العراق، قيّدت وصول السلع الأساسية، بما فيها الأدوية. ونتيجة لذلك، انخفضت واردات الغذاء والدواء بنسبة تراوح بين 85 و90 في المئة. ومع الأضرار الواسعة التي لحقت بالبنية التحتية، ارتفعت معدلات الوفيات بين الرضّع بنسبة 17 في المئة، بينما ارتفعت معدلات وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 11 في المئة، مقارنةً بمعدلاتها قبل الحرب والعقوبات.
أُطلق برنامج النفط مقابل الغذاء في عام 1996 للتخفيف من الظروف المعيشية المتدهورة بسرعة للمواطنين العراقيين. إذ بِيعَ النفط العراقي تحت إشراف الأمم المتحدة، لتوفير الأموال اللازمة لشراء السلع الأساسية والمساعدات الإنسانية. ونجح البرنامج في جمع أكثر من 25 مليار دولار أميركي، خُصص3.3 مليارات دولار أميركي منها للقطاع الصحي لهذا الغرض. وعلى الرغم من تزايد توافر الأدوية الأساسية، وإمكانية الحصول عليها، استمرت البنية التحتية الصحية في التدهور التدريجي؛ وبالفعل، وبحلول عام 2003، كانت الرعاية الصحية في العراق تعاني من أزمةٍ عميقة وسوء إدارة. ولم تكن مجهزة تماماً للصمود في وجه الغزو الأميركي الذي بدأ في العام نفسه. فأدى هذا الغزو إلى تدمير 12 في المئة من مستشفيات العراق، ومختبرات الصحة العامة. وفي عام 2002، لم يستطع العراق تخصيص سوى 22 مليون دولار من ميزانية الدولة الوطنية للرعاية الصحية، مقارنةً بـ450 مليون دولار في عام 1990؛ بالإضافة إلى ذلك أصبح العراق ضحية هجرة الأدمغة من مختلف الكوادر الصحية المؤهلة. إذ قدّرت منظمة الصحة العالمية أن عدد الأطباء في العراق لم يكن يتجاوز الـ55 طبيباً لكل 100 ألف شخص في عام 1998.
وعلى الرغم من زيادة الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية من 2.99 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2003 إلى 3.77 في المئة في عام 2010، إلا أن جودة وتوافر خدمات الرعاية الصحية والمرافق والموظفين والأدوية لم تعكس هذه الاستثمارات. كما أن التوزيع غير المتكافئ للمراكز الصحية والمستشفيات، يمنع العديد من العراقيين، خصوصاً سكان المناطق النائية والنازحين قسراً، من الحصول على الرعاية الطبية الكافية. ويعاني العراق حتى الآن من نقص في الكوادر الطبية، بعد أن هاجر العديد منهم بحثاً عن ظروف عمل أفضل. كما أن قطاع الصحة العامة في حالة سيئة حالياً، فأعداد المهنيين والمراكز الصحية منخفضة للغاية، ولا تتناسب مع الزيادة في عدد السكان. وهناك نقص في الإمدادات الطبية، وسوء إدارة للموارد البشرية، وقائمة الانتظار في المستشفيات العامة طويلة للغاية. ويلجأ المرضى الذين يستطيعون تحمل التكاليف غالباً إلى القطاع الخاص للحصول على الرعاية. كما لا تتوفر مبادئ توجيهية للعلاج، أو الصرف الصحي السليم، أو التخلص من النفايات. يركز القطاع الصحي في العراق حالياً، إلى حدٍ كبير، على الاستجابة لحالات الطوارئ والأزمات المخصصة، بدلاً من استخدام نهج تخطيط استراتيجي منهجي واستباقي للتنمية طويلة الأجل. فالخدمات العامة الرديئة مثل الكهرباء، وإمدادات المياه، والتخلص من النفايات وغيرها، لها آثار خطيرة على الصحة.
جرت الموافقة على قانون التأمين الصحي العراقي، أو القانون رقم 22 "IHIL" في تشرين الأول/ أكتوبر 2020. وهو ينص على إجراء تعديلات هيكلية عدة على وزارة الصحة، بما فيها إنشاء هيئة الصحة لإسناد عمليات الرعاية الصحية من المستشفيات الحكومية إلى مقدمي الرعاية الصحية من القطاع الخاص، ما يمثل في الواقع خطوة نحو خصخصة الرعاية الصحية. ومع ذلك، ستخضع العقود بين شركات التأمين وهيئة الصحة إلى رقابة مشددة للحد من التجاوزات المحتملة. وستصبح التغطية التأمينية إلزامية لموظفي الحكومة، والعمال الأجانب الوافدين، على أن يدفع المؤمّن عليهم نسبة لا تتجاوز الـ25 في المئة من تكاليف الأدوية، والمختبرات، والأشعة السينية، وخدمات طب الأسنان، كتأمين مشترك. وعلى الرغم من أنها خطوة مرحب بها نحو حماية جودة الخدمات عبر المنافسة، وإتاحة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية وتغطيتها بشكلٍ عام، إلا أنها تواجه تحديات عدة، أبرزها عدم تطبيق القانون خلال المدة القانونية (6 أشهر بعد إقراره)، بسبب الأزمات التي شهدها العراق طوال تلك الفترة. وسلط نقيب الأطباء العراقيين جاسم العزاوي الضوء على الصعوبات التي تعيق تنفيذ القانون، وهي: الحاجة إلى تثقيف وتوعية واسعة النطاق بالقانون في وسائل الإعلام، والتزام الحكومة بتوفير التمويل اللازم، فعملية التنفيذ ستجري على ثلاث مراحل. بدأت الأولى في كانون الثاني/يناير 2023، ومن المتوقع أن تنتهي جميع الإجراءات خلال 5 سنوات، بحسب العزاوي.
نظام التأمين الصحي التعاوني في العراق
يمثل القطاع العام نحو 60 في المئة من العاملين في القطاع الرسمي، وتوفر الحكومة العراقية 40 في المئة من تلك الوظائف. وحتى عام 2016، كانت الحماية الاجتماعية متاحة فقط لموظفي القطاع العام، ما أدى إلى تثبيط التوظيف والنمو في القطاع الخاص. يوجد في العراق الآن نظام تأمين اجتماعي يغطي العاملين في القطاع الخاص، ويشمل الحماية الاجتماعية المتعلقة بالشيخوخة والمرض والعجز والإعاقة وإصابات العمل وإجازة الأمومة. ومع ذلك، حتى لو كان نحو 56 في المئة من الأشخاص الذين تخطوا سن التقاعد يحصلون على معاشٍ تقاعدي، فإن 3 في المئة فقط من موظفي القطاع الخاص مؤهلون للحصول على معاش تقاعدي.
ولا يغطي نظام التأمين الاجتماعي الحالي في القطاع الخاص الرعاية الطبية، ما يعني أن النفقات الصحية المرتفعة لا تزال عاملاً حاسماً في الضعف والفقر. فنحو 96 في المئة من العراقيين لا يملكون تأميناً صحياً، وبالتالي يعتمد معظم العراقيين على نظام الرعاية الصحية العامة الذي تديره الحكومة المركزية، وهو يعاني من ضعفٍ في التمويل وفي تنوع خيارات العلاج. وتفشل خطط الحماية الاجتماعية الحالية في تغطية العاطلين عن العمل، واللاجئين، والنازحين داخلياً، ومن لا يملكون وثائقهم المدنية. وأدى الفساد وسوء الخيارات السياسية إلى إعاقة الاستثمارات في تقديم الخدمات.
هناك أسباب عدة لتطبيق نظام تأمين صحي تعاوني في العراق، أبرزها: (أ) الزيادة الكبيرة في معدل النمو السكاني، والحاجة إلى ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية؛ (ب) نقاط الضعف التي كشفت عنها الجائحة في تقديم الرعاية الطبية، والحاجة إلى التأهب لها في المستقبل؛ (ج) الحاجة إلى الحفاظ على جودة الخدمات الصحية عبر توفير مصدر للتمويل، وتخفيف الضغط على خدمات المؤسسات الصحية العامة؛ (د) الحاجة إلى تخفيف الضغط على المرافق العامة التي لم تعد قادرة على الاستمرار، في ظل السياق الحالي للعراق، خصوصاً أنها في حاجةٍ ماسة إلى الإصلاح.
كما يجب أن يكون هذا النظام التعاوني مدركاً للتحديات الرئيسية التي تواجه التأمين الصحي الخاص، وهو يشمل:
- مشهد الحماية الاجتماعية المجزّأ الذي يفشل في تلبية احتياجات الفقراء والضعفاء بشكل كافٍ.
- عدم تطبيق مواد قانون التأمين الصحي لعام 2005، لا سيما المادة 13 والمادة 14 المتعلقة باشتراكات الشركات العراقية، وتسجيلها في غرفة التجارة العراقية.
- عدم إشراك القطاع الخاص وعدم الاستثمار في التأمين الصحي وشركات التأمين الصحي خصوصاً.
- بنية تحتية ضعيفة لشركات التأمين، والتأمين الصحي خصوصاً، ما يحد من قدرتها على تقديم الخدمات الكافية للمؤمن عليهم، ويعيق التغطية والحماية.
- هشاشة بيئة الأعمال العراقية خصوصاً بالنسبة إلى الاستثمار الأجنبي الذي يمكن أن يلعب دوراً في تنشيط القطاع الخاص العراقي، وبالتالي تنشيط قطاع التأمين.
الجزء الثالث: الخاتمة والتوصيات
بشكلٍ عام، يواجه نظام الضمان الاجتماعي في العراق تحديات وأوجه قصور كبيرة، لا سيما في سياق التغطية الصحية. وأثر السياق التاريخي، بما في ذلك فترات النزاع والعقوبات الاقتصادية، بشكلٍ كبيرٍ على تطوير نظام الرعاية الصحية وبنيته التحتية. إذ يُفضّل أن توفر الدولة الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، كحقوق أساسية للجميع، لضمان الوصول العادل والتغطية الشاملة. ومع ذلك، وبالنظر إلى المشهد السياسي والاقتصادي المعقد في العراق، والمسار التاريخي لنظام الرعاية الصحية فيه، والتحديات المؤسسية والمالية الكثيرة التي يواجهها، فإن الاعتماد على القطاع العام وحده غير عملي في الوقت الحالي. ويكمن الحل الأمثل في الاستثمار بكثافة في النظام، مع وضع إطار عمل تعاوني بين القطاعين العام والخاص. ويُعد هذا النهج التعاوني إجراءً مؤقتاً، لكنه ضروري لتحقيق الاستقرار وتحسين توفير الرعاية الصحية، إلى أن تصبح الإصلاحات الجذرية طويلة الأجل ممكنة. ومن خلاله، يمكن للعراق إنشاء بنية تحتية متينة تدعم إصلاحات الرعاية الصحية الشاملة في المستقبل، وتحافظ عليها.
وعلى الرغم من اتخاذ بعض الخطوات الإيجابية في السنوات الأخيرة لتحسين الوصول إلى الحماية الاجتماعية، إلا أن الاستثمار في تدابير إضافية، مثل الاستثمار في نظام تعاوني لا يستفيد من نقاط القوة في القطاعين العام والخاص فحسب، بل يمهد الطريق لإنشاء بنية تحتية للرعاية الصحية أكثر مرونة وكفاءة. يمكن لهذا النهج أن يلبي الاحتياجات الفورية للرعاية الصحية، ويزيد من التغطية التأمينية، ويحسن النتائج الصحية بينما يمهد الطريق لتغييرات أكثر عمقاً ونظامية. إن الجهود المبذولة لتعزيز قطاع التأمين الصحي الخاص، وتحسين بيئة الأعمال، وتشجيع الاستثمار، ستكون حيويةً في بناء نموذج تأمين صحي تعاوني مستدام، يلبي احتياجات الرعاية الصحية للسكان بشكلٍ فعال. وسيساهم ذلك في نهاية المطاف في تحسين الظروف المعيشية، ومستويات المعيشة في العراق بشكلٍ عام.
توصيات للنظام الصحي العام
- زيادة عدد الكوادر الطبية العاملة في المرافق العامة، لتلبية احتياجات الشعب العراقي. على الحكومة الاستثمار في تدريب الكوادر الطبية وتعليمها، مع تلبية الحاجة الفورية والمؤقتة إليهم عبر الشراكات مع الدول الأخرى، والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات الدولية غير الحكومية. وتُعد اتفاقيات التعاون بين العراق ولبنان بشأن تبادل الخبرات الطبية الصحية مقابل النفط، على غرار اتفاقية عام 2021، أحد أمثلة النجاح على هذا المستوى.
- إنشاء كليات تعليمية وشهادات وبرامج تدريب للأطباء والممرضين، وموظفي المستشفيات المقبلين، بما يتماشى مع المعايير الدولية التي تؤدي إلى تخريج مهنيين ذوي مهارات عالية.
- التعاون مع المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي، لتقديم الدعم لتحسين الخدمات العامة، شرط فرض مطالب إيجابية لضمان السيطرة على تحديات الحوكمة.
- وضع استراتيجية وطنية لرقمنة الرعاية الصحية، ترتبط بخطة تنفيذ ملموسة مع تخصيص ميزانية، وقوى عاملة مخصصة لها. يركز القطاع الصحي في العراق حالياً في معظمه على الاستجابة لحالات الطوارئ، والأزمات المخصصة، بدلاً من استخدام نهج تخطيط استراتيجي منهجي واستباقي للتطوير على المدى الطويل. فرقمنة سجلات المرضى، وتطوير الهوية الصحية، يمكّنان مقدمي الخدمات الصحية من الوصول بسهولة إلى معلومات دقيقة ومحدّثة عن المرضى. وهو أمر ضروري للتشخيص الدقيق، وتقليل الأخطاء الطبية.
- تطبيق نظام تتبع للأدوية لإدارة استهلاكها، ومنع التهريب والتخزين. واليوم، يزعم مسؤولو الصحة العامة أن أكثر من 40 في المئة من الأدوية الموجودة في السوق تُهرّب من دول مثل تركيا وإيران والأردن ولبنان والهند والصين. ويُعد إدخال نظام الباركود في المستشفيات والصيدليات لتتبع الأدوية المستوردة بطريقة مشروعة، إحدى وسائل مكافحة التهريب.
- تحسين إمكانية الحصول على أدوية عالية الجودة وآمنة وفعالة وبأسعار معقولة، وغيرها من التكنولوجيات الصحية، من خلال بناء القدرات للإنتاج المحلي، ونقل التكنولوجيا بشروط طوعية ومتفق عليها مع البلدان الأخرى، ودعم تطوير مجمعات براءات الاختراع الطوعية، وغيرها من المبادرات الطوعية، وتعزيز المنافسة الجنيسة.
- تأسيس مراكز للتطبيب عن بُعد في المناطق الريفية، في جميع أنحاء البلاد، لتوفير سهولة الوصول إلى الرعاية الصحية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها. ويشمل التطبيب عن بُعد: الاستشارات عن بُعد، عقد المؤتمرات عبر الفيديو، ومراقبة المرضى عن بُعد. ويحصل المرضى عادةً على التطبيب عن بُعد في مستشفى أو عيادة أو صيدلية أو كشك محلي، حيث يتشاور العاملون المحليون في مجال الرعاية الصحية مع الأطباء أو الأخصائيين حول خيارات التشخيص والعلاج.
توصيات تستهدف على وجه التحديد دعم نموذج الرعاية الصحية التعاونية الشاملة
- تطوير نظام جديد للتأمين الصحي بالتعاون مع القطاع الخاص، لضمان الرعاية الصحية الشاملة لجميع أفراد المجتمع. إذ تضمن الحكومة إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية، بينما يتولى القطاع الخاص الإدارة والتشغيل. وينبغي أن يجري ذلك على عدة مراحل:
- أولاً، ينبغي بذل الجهود لدمج وتوحيد برامج المساعدة الاجتماعية المجزأة وبياناتها وأساليب تنفيذها في برنامج واحد يعالج فئات مختلفة، ما يساعد على تقليل الإنفاق الوطني، لأنه سيحد من الازدواجية، ويسمح باتباع نهج استهداف أكثر استراتيجية للتأكد من الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً، ويسهّل المهام الإدارية.
- ثانياً، على الحكومة أن تستثمر في إصلاحات مناخ الأعمال لحشد مشاركة القطاع الخاص عبر الاستثمارات المباشرة والمشتركة بين القطاعين العام والخاص، أو هياكل الشراكة بين هذين القطاعين في جميع القطاعات ذات الأولوية، وتحديداً قطاع الصحة. وأقر مجلس الوزراء العراقي مشروع قانون بشأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في آب/ أغسطس 2019، لزيادة التعاون بين الهيئات الحكومية وقطاع الأعمال. وتتمثل المرحلة التالية في مصادقة البرلمان على هذا القانون، كخطوة أولى نحو تهيئة بيئة أعمال مواتية للاستثمار الخاص، فضلاً عن استحداث إطار قانوني للمسؤولية الاجتماعية للشركات، يسمح بمساءلة القطاع الخاص في ضوء هذه الشراكات.
- ثالثاً، تقديم اتفاقيات تعاون مع شركات التأمين العالمية، لوضع خارطة طريق استراتيجية لقطاع التأمين الصحي في العراق، وتبادل أفضل الممارسات.
- تعزيز القطاعات الإنتاجية وتطويرها بهدف التنويع الاقتصادي ونمو فرص العمل.
- تطبيق قانون التأمين الصحي لعام 2005، وإلزام الشركات بالتسجيل لدى مكتب التأمين الصحي، ومنع الشركات غير المسجلة من العمل في سوق التأمين العراقي.
- اعتماد قانون يلزم جميع المواطنين العراقيين بالتأمين الصحي، بينما توفر شركات التأمين الخاصة مستويات وحزم مختلفة من التغطية الصحية. والهدف من ذلك إتاحة حزمة المنافع القانونية الأساسية لجميع المواطنين العراقيين بأسعارٍ معقولة. كما يجب إلزام الشركات بشراء التأمين لموظفيها. أما بالنسبة إلى العاطلين عن العمل، أو أصحاب الدخل المنخفض نسبياً الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التأمين الخاص، فينبغي أن تمول وزارة الصحة العراقية تأمينهم. ويمكن أن يساعد التعاون مع المؤسسات الدولية المانحة، على المدى القصير فقط، في توفير الأموال اللازمة للتغطية الشاملة. لذلك، من الضروري توحيد جميع البيانات في قاعدة بيانات واحدة. وستقوم الوزارة بتمويل التأمين الخاص بها، بينما تقوم الشركات الخاصة بتوفيره.
- الانتقال، على المدى المتوسط والطويل، بنظام التأمين الصحي هذا نحو التحول إلى نظام تأمين صحي عام، يموّل من خلال المساهمات الاجتماعية، والإصلاحات الضريبية التصاعدية، مع التركيز بشكلٍ خاص على الضرائب على الدخل والثروة. كما ينبغي زيادة حصة أصحاب العمل من المساهمات في التأمين الاجتماعي مع مرور الوقت.
- تنظيم حملات توعية عامة في المناطق ذات الدخل المنخفض لشرح معنى شراء التأمين، وتثقيف السكان بشأن سياسة التأمين الجديدة.
المراجع:
عبد الله سلام، "العراق يعلن تفعيل قانون الضمان الصحي لتحسين الواقع الطبي.... ما نجاحه؟" 2023، متاح على الرابط:
عبد الرزاق الساعدي ومرام حداد، التحديات التي يواجهها القطاع الصحي العراقي في الاستجابة لجائحة كوفيد-19، أطباء من أجل حقوق الإنسان، نيسان/أبريل 2021، متاح على الرابط:
علي الدباغ، لمحة عامة عن قانون التأمين الصحي العراقي الجديد، متاح على الرابط:.
أمل بورهوس وآخرون، "التحديات الاجتماعية والاقتصادية وحالة الخدمات العامة"، الإصلاح داخل النظام: الحوكمة في العراق ولبنان، معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، 2021، متاح على الرابط:
كريستين عزيز، "الكفاح من أجل إعادة بناء نظام الرعاية الصحية في العراق. لقد تركت الحرب والعقوبات وسوء الإدارة النظام الصحي في حالة من الفوضى"، The Lancet 362، رقم 9392، (2003)، متاح على الرابط:
إليسا دريسدن وآخرون، "الرعاية الصحية في العراق"، "الرعاية الصحية في العراق"، توقعات التمريض 51، رقم. 4،(2003)، متاح على الرابط:
جيلبرت برنهام وآخرون، "الخدمات الصحية في العراق"، مجلة لانسيت 381، رقم 9870، (2003)، متاح على الرابط:
هيثم نعمان وآخرون، "نتائج خدمات التطبيب عن بُعد لمرضى كوفيد-19 في محافظة "الأنبار" غرب العراق"، مجلة طب الطوارئ والصدمات والرعاية الحادة 2021، رقم 3، (2021)، متاح على الرابط:
حسن لطيف وواثق قاسم جابر، نظم التأمين الصحي وتطبيقه المقترح في العراق، مجلة مراجعات نقدية 7، العدد 13، (2020)، متاح على الرابط:
حسن لطيف الزبيدي، الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان في العراق، معهد الدراسات الإنمائية، كانون الأول/ ديسمبر 2015، متاح على الرابط:
هيلين فرانكيش، "صحة الشعب العراقي معلقة في الميزان"، مجلة لانسيت 361، رقم 9358 (2003)، متاح على الرابط:
منظمة العمل الدولية، الملف القطري: العراق، متاح على الرابط:
مؤسسة البحوث العراقية للتحليل والتنمية، الرعاية الصحية في العراق، متاح على الرابط:
خوان دياز وريتشارد غارفيلد، موجز مراقبة القطاع الاجتماعي في العراق - الصحة والتغذية، اليونيسف، 2003، متاح على الرابط:
مكتبة الكونغرس قسم البحوث الفيدرالية، الملف القطري: العراق، آب/ أغسطس 2006، متاح على الرابط:
سمير، حيدر والجميلي، علي عزيز. (2023). الأثر المتوقع لبرنامج التأمين الصحي العراقي الجديد والتحديات التي تواجه تنفيذه: وجهة نظر الأطباء. 65. 34-44. 10.32007/jfacmedbagdad.6511993.
الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي، تحليل الفقر متعدد الأبعاد: العراق 2022، 2022، متاح على الرابط:
The Arab Weekly، "لبنان يتفق مع العراق على مبادلة الخبرات الطبية بالنفط"، 3 نيسان/ أبريل 2021، متاح على الرابط:
مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، شمول النازحين داخلياً في شبكة الأمان الاجتماعية، آب/ أغسطس 2023، متاح على الرابط:
مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في العراق، دعم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للخدمات العامة لحكومة إقليم كردستان العراق 2023-2024، شباط/ فبراير 2024، متاح على الرابط:
الأمم المتحدة في العراق، ورقة موقف: بناء أرضية الحماية الاجتماعية في العراق - إطار العمل والتوصيات، آب/ أغسطس 2022، متاح على الرابط:
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تأثير جائحة كوفيد-19 على الحماية الاجتماعية في العراق، كانون الثاني/ يناير 2021، متاح على الرابط:
مجموعة البنك الدولي، الخروج من الهشاشة: مذكرة اقتصادية قطرية للتنويع والنمو في العراق، 2020، متاح على الرابط:
مجموعة البنك الدولي، النفقات الصحية الحالية (% من الناتج المحلي الإجمالي) - العراق، 2023، متاح على الرابط:
منظمة الصحة العالمية - المرصد الصحي الإقليمي لشرق المتوسط، العراق: لمحة عن النظم الصحية، 2018، متاح على الرابط.
ويل كريسب، "الأزمات والاحتجاجات تحد من الشراكات بين القطاعين العام والخاص في العراق"، مجلة ميد 29 آب/ أغسطس 2020، متاح على الرابط
هيثم نعمان وآخرون، "نتائج خدمات التطبيب عن بُعد لمرضى كوفيد-19 في محافظة ’الأنبار‘ غرب العراق"، مجلة طب الطوارئ والصدمات والرعاية الحادة 2021، رقم 3, (2021)، (2021)، متاح على الرابط
تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.