آثار مكافحة الوباء على حركات التغيير

لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بالتأثير الكامل لوباء “كورونا” الذي ينتشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن هناك ثلاث قضايا تستحق الاهتمام. كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالفعل أكثر المناطق التي تعاني من اللامساواة مقارنة بباقي الأجزاء من العالم.

لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بالتأثير الكامل لوباء “كورونا” الذي ينتشر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لكن هناك ثلاث قضايا تستحق الاهتمام. كانت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالفعل أكثر المناطق التي تعاني من اللامساواة مقارنة بباقي الأجزاء من العالم.

رغم أن الفيروس لا يميّز بين الأشخاص على أساس ثروتهم، فأن مستوى الدخل يؤثّر على آليّات التكيّف المتاحة. إذ لا يتمتّع العمّال ذوي الدخل المنخفض، في جميع أنحاء المنطقة، بالقدرة على إنجاز عملهم عن بُعد (في المنزل) ولا يحصلون على رواتبهم إذا تغيّبوا عن عملهم. ومع استمرار الحجر المنزلي ودخول الاقتصادات في مرحلة الركود، ستتضرّر شرائح المُجتمع الأكثر فقرًا – التي تشكّل غالبيّة المواطنين – بشكلٍ غير متساوٍ. إذ سيجد اللاجئون والعمّال المُهاجرون أيضًا أنّه من المستحيل التعامل مع تداعيات هذا الوضع. ومع ذلك، لا يبدو أن أيًّا من حكومات المنطقة لديها خطّة حول كيفيّة تقليل الضرر الاقتصادي أو معالجة الانقسام المتزايد في مجتمعاتها.

سيكون  لفيروس “كورونا” أيضًا تأثير سياسي أبعد بكثير ممّا يمكن أن يتوقّعه المرء في أجزاء أخرى من العالم. فقد نجح الوباء في تفريغ شوارع المتظاهرين في الجزائر ولبنان والعراق، ورأينا جُيوش المنطقة تستعيد الساحات العامّة بحجة تنفيذ إجراءات “الحجر المنزلي”. والخوف يكمن في أن تستخدم الأنظمة الاستبداديّة الوباء لتعزيز السيطرة الاجتماعيّة من خلال الإجراءات التي يتمّ الترويج لها تحت ضغط الضرورة للسيطرة على الفيروس، لتتتبّع أيضًا حركة المتظاهرين والمعارضين.

 أخيرًا، لا تزال المنطقة تعاني من ثلاثة صراعات نشطة في ليبيا وسوريا واليمن، والتي دمّرت بدورها البنى التحتيّة الصحيّة وأدّت إلى تشريد الملايين، وفي حال انتشار الفيروس في هذه البلدان، سيعمّ الخراب. يمكن للمرء الذي يواجه هذا العدو غير المرئي الاعتقاد بأن الأطراف المتحاربة وداعميها الإقليميين والدوليين سيغتنمون اللّحظة لمُحاولة إنهاء الصراعات. قد يبدو هذا ساذجًا بشكلٍ ميؤوس منه، لكن ربما سينجح الفيروس في تركيز عقول “أمراء الحرب” في المنطقة بطرق لم تتمكّن معاناة الشعوب لسنوات طويلة من أن تحقّقه.

نشر هذا المقال أولا في جريدة الشرق الاوسط وعلى موقع معهد عصام فارس للسياسات

تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مبادرة الإصلاح العربي، أو فريق عملها، أو أعضاء مجلسها.