الأنماط البديلة الناشئة للحراك الاجتماعي في مصر ما بعد 2013

هذا المشروع هو تتمّة لمشروع بحثيّ متعدّد المراحل نفّذته مبادرة الإصلاح العربي بين عامَي 2014 و2016 بعنوان "من الحركات الاجتماعية إلى التنظيم السياسي"، والذي قام بتوثيق مجموعة واسعة من المبادرات المدنيّة التي سادت في الفضاء العام في مصر في أعقاب انتفاضة 2011. ولهذه الغاية، درست  المبادرة ثلاث عشرة حالة من الحركات الاجتماعية، تمّ نشر ثمانٍ منها في كانون الثاني/يناير عام 2018 في كتاب إلكتروني شامل، بالإضافة إلى  ستِّ أوراقِ سياسات قدّمت توصيات محدّدة لمختلف القطاعات.

منذ عام 2013، تصاعد مستوى القمع ضدّ الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في مصر إلى مستويات غير مسبوقة. وفرضت السلطات قبضة مُحكمة على الفضاء العام فشنّت حرباً على عدّة مستويات ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، منها حظرُ السفر وتجميدُ الأصول المالية وتقييدُ الحقّ في التجمع وإصلاح قانون العقوبات المصري. باتَ هذا الأخير يُجرّم عملَ المنظّمات غير الحكومية الكبرى والمزيدَ من الاستراتيجيّات الكلاسيكيّة للتخويف والتهديد. وقلّص ذلك  بشكل كبير من إآليّات العمل المدنيّ وإمكانيات التنظيم، ممّا أجبر العديدَ من المنظّمات على الحدّ من أنشطتِها أو حتى تجميدها.

ومع ذلك، أظهرت نتائج مشروع البحث المذكور "من الحركات الاجتماعية إلى التنظيم السياسي" أنّ  ثمة جيوباً للنشاط المدني وسبلاً فعلية لتحقيق تغيير ذي مغزى لا تزال موجودة. لقد وجد أصحاب المشاريع الاجتماعيّة والسياسيّة والنشطاء الثقافيّون طرقاً بديلة جادة للالتزام بالقضايا العامة، فخلقوا مساحات لتوجيه الممارسات الديمقراطية نحو العدالة الاجتماعية. يحمل هؤلاء الفاعلون الجدد رؤية فعلية، ولكنهم يفتقرون لمحاورين أو  شركاء، مما يضعفهم ويخفف من ثقتهم بإنجاح مساعيهم.

في هذا السياق، يسعى هذا المشروع إلى:

  • توثيق تطوّر أشكال المشاركة ووالحراك الاجتماعي ، وكذلك الممارسات السياسية الجديدة والأماكن والنماذج التنظيمية والأطراف المعنيّة التي تساهم في إعادة صياغة السياسات التشاركيّة أو تنطوي على تحوّل ملحوظ في السياسة التقليدية.
  • البحث في الكيفية التي تعيد فيها تلك المجموعات النظر في العلاقات بين منظمات المجتمع المدني والدوائر الشعبية التي تمثّلها، من جانب، وبين صنع السياسات على مستوى الدولة والمستويات المحلية، من جانب آخر، وكذلك في السبل التي تتحدّى فيها تلك المجموعات إيديولوجيات الدولة أو الأحزاب.
  • تحديد القضايا التي تعيق تطوّرَ الحركات الاجتماعية المختلفة، كالحاجة لعلاقات مُستدامة بين مجموعات/منظّمات المجتمع المدني وقواعدها، وتمكين منظَّمات المجتمع المدنيّ من تلبية الاحتياجات المحليّة، أو توسيع إطار المطالب الاجتماعية الاقتصادية الأساسية باتجاه المطالب الحقوقية.

وثائقي ومنصّة رقمية (Webdoc)

بالإضافة إلى ذلك، سيتمُّ إنتاجُ فيلم وثائقيّ عن الأشكال الجديدة لنشاط الشباب من خلالِ مشروع آخر ينفِّذه برنامج "الشباب العربيُّ كفاعل سياسيّ" في مبادرة الإصلاح العربيّ (ARI) إلى جانب منصّة تفاعُليّة رقمية على شبكة الإنترنت.

سيوضّح الفيلم الوثائقي مختلفَ الأبحاث التي أُجرِيَت في هذا المجال ويصوّر طرق المشاركة الجديدة في مناطقَ مختلفة من الشرق الأوسط. وسيكون المنتَج عبارةً عن فيلم وثائقيّ مدَّته 50 دقيقة وسلسلةً من مقاطع الفيديو القصيرة لتشكّل منصّة تفاعليّة رقميّة (webdoc). ستعمل مقاطعُ الفيديو القصيرة هذه كسلسلةٍ من النصائح لشتّى الناشطين. وسيُشرف على إخراج هذا المنتج المسموع والمرئي مُخرجان من برشلونة، هما مارك ألمودوفار وأندرو روس.

يسرد الفيلم الوثائقي قصة الشابات والشبّان العرب الناشطون، باعتبارهم فاعلين سياسيّين يمارسون أشكالاً جديدة من السياسة بطرق غير تقليدية. يتقصّى الفيلم الأساليب البديلة التي يحقّق فيها الشباب أهدافهم ، وكيف يَبنون ويؤسّسون الحراك وإن في أُطرضيقة جداً، سيوثق الفيلم نظرة الشبيبة إلى الفجوة بين الأجيال،  سواء في فهم "السياسة" أو في النشاط على الأرض. كذلك سيتطرّق الوثائقي إلى الأشكال التنظيميّة الجديدة بما في ذلك العلاقات الأفقية، وفي شعور الأمل والإيجابية التي تولدهما مشاركتهم. وبالتالي، سيركّز الفيلم الوثائقي على الرؤية الأخرى التي يكوّنها الشباب والناشطون المشاركين في المشروع  عن السياسةَ . كما سيعرض  الأدوات والاستراتيجيات والنماذج التنظيمية المختلفة التي يتبناها هؤلاء الناشطون الشباب لتوليد التغيير السياسي والاجتماعي، وسيُظهر كيف تتعارض أسالبيهم في العمل الجماعي مع الأعراف والمنظومة الاجتماعية والسياسية التقليدية.