29حزيران/ يونيو
2018
اجتماع المبادرة مع خبراء دوليين لمناقشة الأطر الأمنية والتحولات الديمقراطية الشاملة

جمعت مبادرة الإصلاح العربي في تونس، وفي يوم 29 حزيران/يونيو، 30 من المتحدثين الدوليين البارزين، وكبار ممثلي المنظّمات الدولية، ومسؤولين حكوميّين، وكبار الباحثين، من أجل استشراف الأنماط والاتجاهات الناشئة في العالم العربي ومناقشة الخبرات في مجالات الوساطة وتسوية النزاعات.

وشكّل الاجتماع فرصةً لعرض أعمال مبادرة الإصلاح العربي ذات الصلة حول إعادة بناء الأمن وتعزيز التحوُّلات الديموقراطية الشاملة. وتمّت مناقشة مساهماتها المميِّزة وتأثيرها في مجال البحث وتمكين وإشراك المجتمعات العربية. كما تضمَّن الاجتماع، بالإضافة إلى حلقتَي نقاش، كلمة رئيسيّة للممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة.

في حلقة النقاش الأولى، التي عُقدت تحت عنوان "تحوُّلات السلفيّة على المستوى الإقليمي"، استعرض جعفر الشايب وناصر جابي التغيّرات الداخلية في المملكة العربية السعودية وتأثيرها على ديناميّات الحركات الاجتماعية السلفية في شمال أفريقيا. فاستأثر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بآلية تحديث المجتمع السعودي وفي الحد من تأثير المجموعات الدينية، ممّا أدّى إلى تهميش المؤسّسة الدينية في المملكة. وشُبِّه هذا التغيير بتداعي "جدار برلين" الداعم للسلفية. نتج عن ذلك أن تزعزعَ استقرارُ العديد من أتباع السلفيّة في شمال أفريقيا. كما أن وقف الدعم المالي سوف يؤثِّر على الشبكات والحركات الاجتماعية والرفاه الاقتِصادي لأتباع السلفية ويفتح الباب أمام قوى اجتماعية-دينية أخرى للحصول على موطئ قدم في المنطقة وخارجها، غالباً ما يكون بعيداً عن سيطرة الحكومات.

أما في الحلقة الثانية حول "المرأة في الصراع: تحدِّيات التطرُّف وإعادة بناء المجتمعات"، والتي أدارتها كل من عزّة كامل المقهور وأروى عثمان، تمت مناقشة دور المرأة في صراعات المنطقة، وتأثير العمليّة السياسيّة والعسكرة والتطرُّف على بناء مساواة في الأطر الجنسويّة في ليبيا واليمن. وتسعى الجماعات المتطرِّفة في ليبيا للحدِّ من توسيع حقّ المواطنة الكاملة للنساء، وذلك من خلال استعمال العنف كوسيلة للتأثير على المقترحات التشريعية. وفي اليمن، دُفعت النساء إلى الانضمام الى الميليشيات، بحكم العسكرة المتزايدة للبلاد، والتشابك المتأصِّل بين الإسلام والبداوة والطائفية، وتأثير الفقر المدقع الذي همش المرأة اليمنيّة سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً.

وقدّم غسان سلامة في خطابه رؤية ثاقبة لتعقيدات الحرب الأهلية الليبية، وعملية الوساطة عبر منظومة الأمم المتَّحدة، والتدابير والخبرات اللازمة لتطوير استراتيجيّة ملائمة لحلِّ النزاعات. ناهيك عن جهوده لدفع عملية تشاور واسعة تنطلق من داخل المجتمعات. كما تحدَّث أيضاً عن أهميّة التمييز بين الصراعات في بلدان ذات اقتصادات ريعية وأخرى منتجة، وكيف أصبح اللاعبون المحليّون والدوليّون أصحاب المصالح الراسخة محرِّكات هامّة في الصراع.

وفي ختام الاجتماع، تناقشت بسمة قضماني، المديرة التنفيذية لمبادرة الإصلاح العربي، وغسان سلامة، حول ضرورة إعادة النظر في الأطر الحالية لإعادة الإعمار ما بعد الصراع، نظراً لواقع النزاعات في ليبيا وسوريا واليمن. هل من المحبَّذ تأسيس اتّفاقات أمنيّة قبل التوصّل إلى اتّفاق سياسي، وهل ينبغي إقامة حكم القانون قبل المشاورات الشعبية؟ وفي حين اتَّفق كلاهما على الحاجة إلى زيادة الإبداع والاجتهاد في مساعي الوساطة الأممية، وخاصّة في حالات الاقتصادات الريْعيّة ، شدَّد غسان سلامة على أهميّة القيمة الرمزيّة للانتِخابات والدساتير بالنسبة للمواطن العادي.